فارسی
يكشنبه 30 ارديبهشت 1403 - الاحد 10 ذي القعدة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

الدعاء 50

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمد لله المدعو رهبا المسوول رغبا، والصلاه والسلام على نبيه المجتبى ‌و‌ آله الطاهرين اهل العبا.
 ‌و‌ بعد: فهذه الروضه الخمسون ‌من‌ رياض السالكين تتضمن شرح الدعاء الخمسين ‌من‌ صحيفه سيدالعابدين صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الخلفاء الراشدين.
 املاء راجى فضل ربه السنى على الصدر الحسينى الحسنى جعله الله ‌من‌ دعاته ‌و‌ تجاوز عن تبعاته.
 
رهب رهبا ‌من‌ باب- تعب-: خاف، ‌و‌ الاسم الرهبه.
 ‌و‌ قال الراغب: الرهبه ‌و‌ الرهب مخافه مع تحرز ‌و‌ اضطراب ‌و‌ منه الترهب للتعبد لاستعمال الرهبه فيه، ‌و‌ الرهبانيه غلو ‌من‌ تحمل التعبد ‌من‌ فرط الرهبه.
 ‌و‌ قال بعض العارفين: الرهبه انصباب الى جهه الهرب بل هى الهرب، رهب ‌و‌ هرب مثل جبذ ‌و‌ جذب فصاحبهما يهرب ابدا لتوقع العقوبه، ‌و‌ ‌من‌ اوصافها ‌و‌ علاماتها حركه القلب الى الانقباض ‌من‌ داخل، ‌و‌ هربه ‌و‌ انزعاجه عن انبساطه حتى انه يكاد بلغ الرهابه ‌فى‌ الباطن مع ظهور الكمود ‌و‌ الكابه على الظاهر، انتهى.
 ‌و‌ الرهابه: كسحابه، عظم ‌فى‌ الصدر مطل على البطن كانه طرف لسان الكلب.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: الرغبه: ‌ان‌ تستقبل بطن كفيك الى السماء، ‌و‌ الرهبه: ‌ان‌ تجعل ظهر كفيك الى السماء.
 
قال الشيخ بيان الحق ابوالقاسم محمود ‌بن‌ ابى الحسن النيسابورى: ‌لا‌ يكون خالص الدعاء الا مع الاعتراف بالذله ‌و‌ النقص ‌و‌ الاضطرار ‌و‌ العجز عقدا ‌و‌ لسانا ‌و‌ هيئه ‌و‌ نصبه، ‌و‌ انه ‌لا‌ فرج له الا بسيده ‌و‌ ‌لا‌ خير له الا ‌من‌ عنده قولا ‌و‌ ضميرا فينردد لسانه بانواع التضرع ‌و‌ الجوار ‌و‌ تتصرف يداه نحو السماء ‌فى‌ ضروب ‌من‌ الشكل ‌و‌ الحركات.
 كما يروى عن جعفر ‌بن‌ محمد الصادق عليهماالسلام انه قال: هكذا الرغبه ‌و‌ ابرز بطن راحته الى السماء، ‌و‌ هكذا الرهبه ‌و‌ جعل ظاهر كفه الى السماء، ‌و‌ هكذا التضرع ‌و‌ حرك اصابعه يمينا ‌و‌ شمالا، ‌و‌ هكذا التبتل ‌و‌ رفع اصابعه مره ‌و‌ وضعها اخرى، ‌و‌ هكذا الابتهال ‌و‌ مد يديه تلقاء وجهه الى القبله ‌و‌ كان لايبتهل حتى يذرى دموعه ‌و‌ يشخص بصره، ‌و‌ هل اخلاص العباده الا هذه الاحوال؟ انتهى.
 ‌و‌ هذا الحديث عن الصادق عليه السلام رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بتغيير يسير ‌فى‌ الفاظه.
 ‌و‌ روى ‌فى‌ معناه عده اخبار عنه عليه السلام.
 ‌و‌ لعل السر ‌فى‌ هذه الضروب ‌من‌ الحركات ‌ان‌ الراغب لما كان طالبا ناسب حاله ‌ان‌ يبسط كفيه الى السماء ليوضع مطلوبه فيهما، ‌و‌ الراهب لما كان خائفا ناسب حاله ‌ان‌ يجعل ظهر كفيه الى السماء ‌و‌ بطنهما الى الارض اشعارا بانه القى نفسه على الارض تذللا، ‌او‌ بانه مع الخوف ‌من‌ التقصير كيف يتوقع اخذ شى ء منه تعالى ‌و‌ المتضرع راج، ‌و‌ خائف فناسب ‌ان‌ يحرك اصابعه يمينا ‌و‌ شمالا اشعارا بانه لايدرى هل ‌هو‌ ‌من‌ اصحاب اليمين ‌ام‌ ‌من‌ اصحاب الشمال، ‌و‌ المتبتل المنقطع الى الله عمن سواه فيرفع اصابعه مره ‌و‌ يضعها اخرى ايذانا بان الروح يجرنى اليك ‌و‌ التعلق  الجسمانى يجذبنى الى اسفل ‌و‌ ‌لا‌ يمكننى الانقطاع اليك الا بجذبه ‌من‌ جذباتك، ‌و‌ المبتهل لما كان مجتهدا ‌فى‌ الطلب مبالغا ‌فى‌ السئوال ناسب ‌ان‌ يمد يديه لتناول مطلوبه كانه قد اعطيه، ‌و‌ لذلك كان لايبتهل حتى يذرى دموعه لان البكاء ‌و‌ الدمعه ‌من‌ حالات الاجابه.
 كما روى عنه عليه السلام انه قال: اذا اقشعر جلدك ‌و‌ دمعت عيناك فدونك دونك فقد قصد قصدك، ‌و‌ الله اعلم.
 
تاكيد الجمله بان لكون مضمونها عن اعتقاد ‌و‌ صميم القلب ‌او‌ لكمال العنايه ‌و‌ الاهتمام، ‌او‌ لكونه رائجا مقبولا عند المخاطب.
 ‌و‌ الخلق: ايجاد الشى ء على تقدير.
 ‌و‌ السوى: فعيل بمعنى مفعول ‌من‌ سواه تسويه ‌اى‌ عدله فاستوى، ‌اى‌ اعتدل.
 قال الجوهرى: رجل سوى الخلق ‌اى‌ مستو.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: سواه تسويه ‌و‌ اسواه جعله سويا.
 
و قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: رزقك الله ولدا سويا لاداء ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ عيب.
 ‌و‌ فسر قوله تعالى: «فتمثل لها بشرا سويا» ‌اى‌ كامل الخلق ‌و‌ البنيه لم ينتقص ‌من‌ صور الادميه شيئا. ‌و‌ قيل: حسن الصوره مستوى الخلق.
 ‌و‌ قال الراغب: السوى يقال: فيما يصان عن الافراط ‌و‌ التفريط ‌من‌ حيث القدر ‌و‌ الكيفيه، ‌و‌ رجل سوى استوت اخلاقه ‌و‌ خلقته عن الافراط ‌و‌ التفريط، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ عباره الدعاء حال لازمه ‌من‌ ضمير المتكلم لدلاله عاملها على تجدد صاحبها ‌و‌ حدوثه مثله ‌فى‌ قوله تعالى: «و خلق الانسان ضعيفا»، فضعيفا حال لازمه ‌من‌ الانسان لان خلق الذى ‌هو‌ العامل يدل على تجدد المخلوق ‌و‌ حدوثه، ‌و‌ قول بعضهم: انه ‌فى‌ الدعاء ثانى مفعولى خلق لانه بمعنى صير ‌و‌ ‌لا‌ يجوز نصبه على الحال لان الاستواء بعد الخلق، ‌و‌ ‌هو‌ صريح، فان الخلق المتقدم على التسويه انما ‌هو‌ الخلق بمعنى التقدير، ‌لا‌ الخلق بمعنى الايجاد ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا ‌و‌ التسويه مقارنه له بهذا المعنى فتعين كونه حالا.
 ‌و‌ التربيه: انشاء الشى ء حالا فحالا الى ‌حد‌ التمام يقال: ربا الصغير يربو ‌من‌ باب- علا- اذا نشا ‌و‌ يعدى بالتضعيف فيقال: ربيته تربيه فتربى. قال تعالى: «و ‌قل‌ رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا».
 ‌و‌ «الرزق» لغه: العطاء الجارى دنيويا كان ‌او‌ اخرويا، ‌و‌ منه ‌فى‌ الدنيوى: «و مما رزقناهم ينفقون»، ‌و‌ ‌فى‌ الاخروى: «بل احياء عند ربهم يرزقون» ‌اى‌ تفيض عليهم النعم الاخرويه، ‌و‌ ‌فى‌ العرف ‌ما‌ يتغذى ‌به‌ الحيوان، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا  المعنى اللغوى ‌او‌ الاعم، ‌اى‌ ‌و‌ اجريت على رزقك ‌و‌ عطاءك حال كونى مكفيا مونه طلبه، ‌و‌ تحمل المشقه ‌و‌ الجهد ‌فى‌ تحصيله، ‌و‌ ‌من‌ توهم ‌ان‌ مكفيا هنا مفعول ثان لرزقتنى ‌او‌ حال ‌من‌ الرزق فقد ابعد.
 
و وجدت الشى اجده ‌من‌ باب- وعد- وجدانا ‌و‌ وجودا: ‌اى‌ حصلت عليه ‌و‌ ادركته اما باحدى الحواس الخمس، ‌او‌ بالعقل.
 ‌و‌ «ما» موصوله، ‌و‌ مفعول انزلت محذوف، ‌و‌ ‌هو‌ عائد الموصول ‌اى‌ فيما انزلته.
 ‌و‌ «من»: بيانيه.
 ‌و‌ بشرت الرجل بكذا تبشيرا: اخبرته بخبر سار بسط بشره وجهه، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ النفس اذا سرت انتشر الدم ‌فى‌ الجسد انتشار الماء ‌فى‌ الشجر.
 ‌و‌ «ان»: مصدريه ‌فى‌ محل نصب بوجدت، ‌و‌ التقدير: وجدت قولك، ‌و‌ جمله قوله تعالى: «يا عبادى» الى آخره ‌فى‌ محل نصب على انها مفعول القول، ‌و‌ هل هى مفعول ‌به‌ ‌او‌ مفعول مطلق نوعى كالقرفصاء ‌فى‌ قعد القرفصاء اذ هى داله على نوع خاص ‌من‌ القول فيه مذهبان:
 الاول: قول الجمهور.
 ‌و‌ الثانى: اختيار ابن الحاجب.
 ‌و‌ قد تقدم الكلام على ذلك مبسوطا فليرجع اليه.
 ‌و‌ العباد: قيل: عام، ‌و‌ قيل: خاص بالمومنين على ‌ما‌ ‌هو‌ عرف القران الكريم ‌فى‌ اضافه العباد لتخصيصه بالمومنين.
 ‌و‌ على الاول: فالاسراف: يعم الشرك ‌و‌ ‌لا‌ نزاع ‌فى‌ ‌ان‌ عدم القنوط ‌من‌ الرحمه، ‌و‌ حصول الغفران حينئذ مشروط بالتوبه ‌و‌ الايمان.
 ‌و‌ على الثانى: فالاسراف، اما بالصغائر ‌و‌ ‌لا‌ خلاف ‌فى‌ انها مكفره باجتناب الكبائر، ‌و‌ اما بالكبائر ‌و‌ حينئذ يبقى النزاع بين المعتزله ‌و‌ غيرهم فالمعتزله شرطوا التوبه ‌و‌ غيرهم ‌من‌ الاماميه، ‌و‌ الاشاعره اطلقوا لان القيد ‌و‌ الشرط خلاف الظاهر
 
كيف ‌لا‌ ‌و‌ قوله تعالى: «ان الله لايغفر ‌ان‌ يشرك ‌به‌ ‌و‌ يغفر مادون ذلك» ظاهر ‌فى‌ الاطلاق فيما عدا الشرك.
 ‌و‌ عن ابى جعفر عليه السلام: ‌فى‌ شيعه ولد فاطمه انزل الله هذه الايه خاصه.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام ‌فى‌ حديث ابى بصير قال: لقد ذكركم الله ‌فى‌ كتابه اذ يقول: «يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لاتقنطوا ‌من‌ رحمه الله ‌ان‌ الله يغفر الذنوب جميعا انه ‌هو‌ الغفور الرحيم» ‌و‌ الله ‌ما‌ اراد بهذا غيركم.
 ‌و‌ الاسراف: الافراط ‌و‌ مجاوزه الحد ‌و‌ القصد ‌فى‌ كل فعل يفعله الانسان، ‌و‌ السرف بفتحتين اسم منه.
 ‌و‌ القنوط: الياس، ‌و‌ قيل: يختص بالياس ‌من‌ الخير ‌اى‌ ‌يا‌ عبادى الذين افرطوا ‌فى‌ الجنايه على انفسهم لاتياسوا ‌من‌ مغفره الله اولا ‌و‌ تفضله ثانيا لانه يغفر الذنوب جميعا، ‌و‌ لم يثبت ‌فى‌ النسخ المشهوره ‌من‌ الصحيفه الشريفه تتمه الايه ‌و‌ ‌هو‌ قوله تعالى: «انه ‌هو‌ الغفور الرحيم»، ‌و‌ قد ثبت ‌فى‌ نسخه قديمه ‌و‌ ‌هو‌ اولى.
 قال العلامه النيسابورى: ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ما‌ ‌فى‌ الايه ‌من‌ موكدات الرحمه:
 اولها: تسميه المذنب عبدا، ‌و‌ العبوديه تشعر بالاختصاص مع الحاجه، ‌و‌ اللائق بالكريم الرحيم افاضته الجود ‌و‌ الرحمه على المساكين.
 ‌و‌ ثانيها: ‌من‌ جهه الاضافه الموجبه للتشريف.
 ‌و‌ ثالثها: ‌من‌ جهه وصفهم بقوله: «الذين اسرفوا على انفسهم» كانه قال: يكفيهم ‌من‌ تلك الذنوب عود مضرتها عليهم ‌لا‌ على.
 
و رابعها: نهيهم عن القنوط، ‌و‌ الكريم اذا امر بالرجاء فلا يليق ‌به‌ الا الكرم.
 ‌و‌ خامسها: قوله: «من رحمه الله» مع امكان الاقتصار على الضمير بان يقول: «من رحمتى»، فايراد اشرف الاسماء ‌فى‌ هذا المقام يدل على اعظم انواع الكرم ‌و‌ اللطف.
 ‌و‌ سادسها: تكرير اسم الله تعالى ‌فى‌ قوله: «ان الله يغفر الذنوب» مع تصدير الجمله بان ‌و‌ مع ايراد صيغه المضارع المنبئه عن الاستمرار، ‌و‌ مع تاكيد الذنوب بقوله: «جميعا» ‌اى‌ حال كونها مجموعه.
 ‌و‌ سابعها: ارداف الجمله بقوله: «انه ‌هو‌ الغفور الرحيم» مع ‌ما‌ فيه ‌من‌ انواع الموكدات انتهى.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: ‌ما‌ احب ‌ان‌ لى الدنيا ‌و‌ ‌ما‌ فيها بهذه الايه. ‌و‌ عن اميرالمومنين عليه السلام انه قال: ‌ما‌ ‌فى‌ القرآن آيه اوسع من: «يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم» الايه.
 قوله عليه السلام: «و قد تقدم منى» الى آخره. «الواو»: عاطفه للجمله بعدها على جمله «وجدت».
 ‌و‌ «قد»: للتحقيق، ‌و‌ ايراد المسند اليه موصولا ‌فى‌ الموضعين للتفخيم، ‌و‌ التهويل، ‌اى‌ ‌ما‌ علمت ‌من‌ المعاصى الخارجه عن ‌حد‌ العد ‌و‌ الوصف فلا مجال لتعدادها ‌و‌ بيانها الا باحالتها على علمه تعالى، ‌و‌ لما كان ‌هو‌ ايضا عالما بها ‌فى‌ الجمله اكد التفخيم ‌و‌ التهويل بقوله عليه السلام: «و ‌ما‌ انت اعلم ‌به‌ منى تجهيلا لنفسه
 
و تعظيما لخطره، اى: ‌و‌ ‌ما‌ انت اعلم ‌به‌ منى كما ‌و‌ كيفا ‌و‌ قبحا ‌و‌ شناعه ‌و‌ ‌ما‌ يترتب عليه ‌من‌ عظيم الجزاء ‌و‌ المواخذه الى غير ذلك مما ‌هو‌ غافل عنه ‌او‌ ناس له ‌و‌ لذلك قال: «فياسواتا مما احصاه على كتابك».
 ‌و‌ «الفاء»: لترتب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها.
 ‌و‌ السواه بالفتح: ‌ما‌ يغم الانسان ‌و‌ يسووه، ‌و‌ لذلك كنى بها عن الفرج ‌و‌ الفضيحه ‌و‌ كل فعل ‌او‌ قول يستحيا منه اذا ظهر.
 قال ‌فى‌ الكشاف: السوءه: الفضيحه لقبحها، قال:
 ‌يا‌ لقوم للسواه السواء
 ‌اى‌ للفضيحه العظيمه.
 ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المراد هنا، اى: ‌يا‌ فضحتا ‌و‌ هى منادى مندوب متوجع منه لكونها سبب الم، كقولهم: ‌وا‌ مصيبتا ‌وا‌ اسفا، ‌و‌ الغرض: الاعلام بعظمه المصاب ‌من‌ الفضيحه ‌و‌ المصيبه ‌و‌ نحوهما.
 قال الجزولى: المندوب منادى سواء كان متفجعا عليه نحو ‌وا‌ محمداه ‌او‌ متوجعا منه نحو ‌يا‌ ويلا ‌و‌ ‌وا‌ حزنا فكانك تنادى ‌و‌ تقول: ‌يا‌ محمد تعال فانا مشتاق اليك، ‌و‌ ‌يا‌ ويل احضر حتى يتعجب ‌من‌ عظمك ‌و‌ فظاعتك، ‌و‌ الدليل على انه مدعو قوله تعالى: «لاتدعوا اليوم ثبورا واحدا ‌و‌ ادعوا ثبورا كثيرا» امرهم بقول ‌وا‌ ثبورا.
 ‌و‌ ذهب الجمهور، الى ‌ان‌ صوره المندوب صوره المنادى ‌و‌ ليس منادى، اذ لايتصور خطابه ‌و‌ اقباله ‌و‌ ‌من‌ ثم منعوا ‌فى‌ النداء ‌يا‌ غلامك لان خطاب احد المسميين يناقض خطاب الاخر ‌و‌ ‌لا‌ يجمع بين خطابين، ‌و‌ اجازوا ‌فى‌ الندبه ‌و‌ اغلامك ‌و‌ الاول ‌هو‌ ظاهر كلام سيبويه، ‌و‌ الالف ‌فى‌ ‌يا‌ اسفاه ‌و‌ نحوه ‌من‌ كل مندوب زائده
 
تسمى الف الندبه الحقت باخره لقصد تطويل الصوت ليكون اظهر ‌فى‌ تحصيل الغرض ‌من‌ ندبه المندوب ‌و‌ الاصل: ‌يا‌ اسفى بياء ساكنه مضاف اليها المندوب فلما الحقت الالف حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
 ‌و‌ قيل: ‌يا‌ اسفا، ‌و‌ قد يزاد بعدها هاء السكت ‌فى‌ الوقف فيقال ‌وا‌ اسفاه فان وصلت حذفتها الا ‌فى‌ الضروره فيجوز اثباتها كقول المتنبى:
 ‌وا‌ حر قلباه ممن قلبه شيم
 ‌و‌ يجوز حينئذ ضمها تشبيها بهاء الضمير، ‌و‌ كسرها على اصل التقاء الساكنين.
 ‌و‌ اجاز الفراء اثباتها ‌فى‌ الوصل بالوجهين.
 قال المرادى: ‌و‌ ‌هو‌ عند الجمهور ‌من‌ اجراء الوصل مجرى الوقف.
 قلت: ‌و‌ عليه يحمل ‌ما‌ يوجد ‌فى‌ بعض نسخ الصحيفه الشريفه ‌من‌ اثباتها كنسخه الشيخ تقى الدين الكفعمى كما حملت عليه قراءه بعضهم ‌يا‌ حسرتا على العباد باجراء الوصل مجرى الوقف.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله عليه السلام مما احصاه متعلق بالسوءه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه: فياسوء ‌ما‌ احصاه على كتابك باضافه السوء بالضم بمعنى القبح الى ‌ما‌ الموصوله.
 ‌و‌ احصاه: ضبطه ‌و‌ احاط به.
 ‌و‌ المراد بكتابه تعالى: كتاب الاعمال الذى اثبتت فيه اعمال العباد ‌و‌ ‌هو‌ المشار اليه بقوله تعالى: «و يقولون ‌يا‌ ويلتنا ‌ما‌ لهذا الكتاب لايغادر صغيره ‌و‌ ‌لا‌ كبيره الا احصاها»، ‌و‌ اضافته اليه تعالى باعتبار انه كتب بامره تعالى، ‌او‌ للتعظيم نحو
 
بيت الله.
 
و المواقف: جمع موقف ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل موضع الوقوف ‌و‌ المراد بها هنا مظان العفو على الاستعاره بجامع الحصول فيها ‌و‌ عائد الموصول محذوف ‌و‌ التقدير اومل فيها ‌من‌ عفوك ‌و‌ نظيره حذف عائد الموصوف ‌فى‌ قوله تعالى: «و اتقوا يوما لاتجزى نفس» ‌اى‌ فيه.
 ‌و‌ «من»: ابتدائيه، ‌و‌ «الذى» نعت لعفوك.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه قديمه: «فلولا المرافق التى اومل ‌من‌ عفوك فيها الذى شمل» الى آخره.
 ‌و‌ المرافق بتقديم الفاء على القاف: جمع مرفق كمنبر ‌و‌ مسجد ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يرتفق به، ‌اى‌ ينتفع ‌و‌ يستعان ‌به‌ ‌و‌ منه قوله تعالى: «و يهى ء لكم ‌من‌ امركم مرفقا»، ‌و‌ فسر باللطف فيكون المراد بالمرافق الالطاف، ‌و‌ الذى على هذه النسخه ‌فى‌ محل نصب مفعول لاومل ‌و‌ التقدير، اومل ‌من‌ عفوك فيها العفو الذى شمل كل شى ء، ‌و‌ كونه صفه للعفو مع الفصل بالاجنبى بعيد.
 ‌و‌ شملنا الله بعفوه شملا ‌من‌ باب- تعب-: عمنا، ‌و‌ شملنا شمولا ‌من‌ باب- قعد- لغه، ‌و‌ باللغتين وردت الروايه ‌فى‌ الدعاء.
 قوله عليه السلام: «لالقيت بيدى» اللام: جواب لولا، ‌و‌ القيت الشى ء القاءا: طرحته.
 قال الراغب: الالقاء: طرح الشى ء حيث تلقاه، ثم صار ‌فى‌ التعارف اسما لكل طرح.
 ‌و‌ «الباء»: مزيده ‌فى‌ المفعول، ‌و‌ المراد باليد: النفس ‌من‌ باب اطلاق الجزء على
 
الكل باعتبار ‌ان‌ اكثر ظهور افعال النفس باليد ‌اى‌ لطرحت نفسى، كقوله تعالى: « ‌و‌ ‌لا‌ تلقوا بايديكم الى التهلكه» ‌اى‌ لاتطرحوا انفسكم ‌و‌ توقعوها ‌فى‌ الهلاك ‌و‌ قيل: المراد لاتلقوا انفسكم الى التهلكه بايديكم فحذف المفعول، ‌و‌ الباء للاله كما فى: كتبت بالقلم، ‌و‌ عليه فتقدير عباره الدعاء: «لالقيت نفسى بيدى»، قال بعضهم: الالقاء باليد: عباره عن الاستسلام للوقوع ‌فى‌ الهلكه، ‌و‌ قيل: معنى القيت بيدى: اهلكت نفسى لان طرح الشى ء ‌و‌ عدم الاعتداد ‌به‌ يفضى الى هلاكه، ‌و‌ على كل تقدير فالمراد بقوله عليه السلام: «لالقيت بيدى»: لايست ‌من‌ رحمتك ‌و‌ عفوك اذ كان الياس ‌من‌ رحمته تعالى ‌هو‌ الهلاك الاكبر.
 ‌و‌ بهذا المعنى فسر البراء ‌بن‌ عازب ‌و‌ عبيده السلمانى قوله تعالى: «و ‌لا‌ تلقوا بايديكم الى التهلكه» قالا: عنى ‌به‌ لاتركبوا المعاصى بالياس عن المغفره، نقله امين الاسلام الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان، ‌و‌ الله اعلم.
 «لو»: شرطيه.
 واحد: اصله وحد، فابدلت الواو همزه ‌و‌ يقع على الذكر ‌و‌ الانثى، ‌و‌ ‌هو‌ هنا بمعنى انسان ‌او‌ بمعنى واحد، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون بمعنى شى ء عند ‌من‌ اجاز وقوعه بهذا
 
المعنى ‌فى‌ الاثبات ‌و‌ لم يشترط النفى.
 قال الفيومى ‌فى‌ المصباح: ‌و‌ يكون بمعنى شى ء ‌و‌ عليه قراءه ابن مسعود: ‌و‌ ‌ان‌ فاتكم احد ‌من‌ ازواجكم ‌اى‌ شى ء، انتهى.
 ‌و‌ «ان»: موصول حرفى ‌و‌ احد اسمها.
 قوله: «استطاع الهرب» خبرها، ‌و‌ هى وصلتها بعد لو ‌فى‌ محل رفع عند الجميع لانها موضوعه لتكون بتاويل مصدر خبرها مضافا الى اسمها ثم اختلفوا ‌فى‌ الرفع.
 فقال سيبويه: بالابتداء ‌و‌ لايحتاج الى خبر لاشتمال صلتها على المسند ‌و‌ المسند اليه.
 ‌و‌ قيل: على الابتداء، ‌و‌ الخبر محذوف، ثم قيل: يقدر مقدما ‌و‌ التقدير فيما نحن فيه: ‌و‌ لو ثابته استطاعه احد الهرب على حد: «و آيه لهم انا حملنا» ‌و‌ قال ابن عصفور: بل يقدر موخرا، ‌اى‌ ‌و‌ لو استطاعه احد الهرب ثابته ‌و‌ قال المبرد ‌و‌ الزجاج ‌و‌ الزمخشرى ‌و‌ الكوفيون: انه على الفاعليه يثبت مقدرا بعد لو ‌و‌ الدال عليه ان، فانها تعطى معنى الثبوت، ‌و‌ التقدير: لو ثبت استطاعه احد الهرب، ‌و‌ رجح بان فيه ابقاء لو على الاختصاص بالفعل.
 ‌و‌ الهرب بفتحتين: الفرار، قال تعالى: «و لن نعجزه هربا».
 ‌و‌ قوله: «من ربه»: ‌اى‌ ‌من‌ مالكه الحقيقى ‌و‌ ‌هو‌ الله تعالى ‌و‌ ايراده بعنوان الربوبيه مع الاضافه الى ضمير المخبر عنه للاشعار بغلبه الربوبيه ‌و‌ المالكيه لكل احد، ‌و‌ حمل الرب على ‌ما‌ ‌هو‌ اعم ‌من‌ الرب الحقيقى باطل كما لايخفى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه: «و لو ‌ان‌ احدا استطاع الهرب منك» بكاف الخطاب بدل
 
من ربه ‌و‌ ‌هو‌ يعين ‌ما‌ قلناه، ‌و‌ قوله عليه السلام «لكنت انا احق بالهرب منك» جواب لو.
 ‌و‌ انا: ضمير فصل ‌لا‌ محل له ‌من‌ الاعراب عند الجمهور، ‌و‌ قيل: له محل، فقال الفراء: محله بحسب ‌ما‌ قبله.
 ‌و‌ قال الكسائى: بحسب ‌ما‌ بعده، ‌و‌ فائدته الدلاله على ‌ان‌ الوارد بعده خبر لاصفه، ‌و‌ التوكيد ‌و‌ ايجاب ‌ان‌ فائده المسند ثابته للمسند اليه دون غيره، ‌و‌ يحتمل كونه تاكيدا لاسم كان ‌و‌ احق بالنصب على ‌ما‌ وقع ‌فى‌ نسخه قديمه، ‌و‌ يوجد ‌فى‌ بعض النسخ المتداوله خبر كان ‌و‌ اما بالرفع على ‌ما‌ ضبط ‌فى‌ جميع النسخ المشهوره فهو على انه خبر لانا، فانا ‌فى‌ محل رفع على الابتداء ‌و‌ احق: خبره، ‌و‌ الجمله خبر كنت، ‌و‌ كثير ‌من‌ العرب ‌من‌ يجعل ضمير الفصل مبتدا مخبرا عنه بما بعده.
 ‌و‌ حكى الجرمى: انها لغه بنى تميم.
 ‌و‌ حكى عن ابى زيد انه سمعهم يقراون «تجدوه عند الله ‌هو‌ خير ‌و‌ اعظم» بالرفع، ‌و‌ قرى ء ‌فى‌ الشواذ قوله تعالى «كنت انت الرقيب عليهم» برفع الرقيب على انه خبر لانت، ‌و‌ الجمله خبر لكان، ‌و‌ مثله قول الشاعر:
 ‌و‌ كنت عليها بالملا انت اقدر
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و انت لاتخفى عليك خافيه ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء».
 «الواو»: للابتداء، ‌و‌ الجمله تذييل لما قبلها مقرره لمضمونه ‌من‌ عدم استطاعه احد ‌ان‌ يهرب منه ‌و‌ صيغه المضارع للدلاله على الاستمرار التجددى، ‌و‌ شائع النسخ ضبطه بالبناء للمعلوم ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه ضبطه بالبناء للمجهول.
 ‌و‌ الخافيه: اسم لما يخفى كالغائبه اسم لما يغيب ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌ما‌ ‌من‌ غائبه ‌فى‌ السماء ‌و‌ الارض الا ‌فى‌ كتاب مبين».
 
قال الزمخشرى: سمى الشى ء الذى يغيب ‌و‌ يخفى غائبه ‌و‌ خافيه فكانت التاء فيهما للنقل ‌من‌ الوصفيه الى الاسميه كالنطيحه ‌و‌ الذبيحه، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكونا صفتين ‌و‌ تاوهما للمبالغه كالراويه ‌فى‌ قوله: ويل للشاعر ‌من‌ راويه السوء، كانه قال: ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ شى ء شديد الغيبوبه ‌و‌ الخفاء الا ‌و‌ قد اثبته الله ‌و‌ احاط ‌به‌ ‌و‌ اثبته ‌فى‌ اللوح المبين انتهى ملخصا.
 ‌و‌ كلمه «فى» ‌من‌ قوله: «فى الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء» متعلقه بمحذوف وقع صفه لخافيه موكدا لعمومها المستفاد ‌من‌ وقوعها ‌فى‌ سياق النفى، ‌اى‌ لاتخفى عليك خافيه ‌ما‌ كائنه ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء اعم ‌من‌ ‌ان‌ يكون ذلك بطريق الاستقرار فيهما ‌او‌ الجزئيه منهما ‌و‌ يحتمل تعلقها بتخفى ‌و‌ توسيط حرف النفى بين الارض ‌و‌ السماء للدلاله على الترقى ‌من‌ الادنى الى الاعلى باعتبار القرب ‌و‌ البعد المستدعيين للتفاوت بالنسبه الى علومنا، ‌و‌ الغرض: لاتخفى عليك خافيه ‌فى‌ العالم ‌و‌ انما عبر بهما عنه لانهما قطراه كما قال تعالى: «ان الله لايخفى عليه شى ء ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء» مع ‌ما‌ ‌فى‌ ذلك ‌من‌ تقرير كمال علمه تعالى ‌فى‌ الافهام فان ذلك عند ذكر الارض ‌و‌ السماء يكون اقوى لعظمتها ‌فى‌ الحس، ‌و‌ الحس متى اعان العقل على المطلوب كان الفهم اتم ‌و‌ الادراك اكمل، ‌و‌ هذه فائده ضرب الامثله ‌فى‌ العلوم.
 قوله عليه السلام: «الا اتيت بها» ‌اى‌ احضرتها يوم القيامه كما قال تعالى: «و ‌ان‌ كان مثقال حبه ‌من‌ خردل اتينا بها ‌و‌ كفى بنا حاسبين» ‌و‌ عبر بالماضى عن المستقبل لتحقق وقوعه نحو اتى امر الله ‌اى‌ الساعه بدليل فلا تستعجلوه، ‌و‌ ‌فى‌ هذا الاستثناء ‌من‌ الاشكال ‌ما‌ ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌ما‌ يعزب عن ربك ‌من‌ مثقال ذره ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء ‌و‌ ‌لا‌ اصغر ‌من‌ ذلك ‌و‌ ‌لا‌ اكبر الا ‌فى‌ كتاب مبين» اذا
 
فسر يعزب بمعنى يغيب ‌و‌ يبعد عن عمله تعالى، ‌و‌ جعل قوله: ‌و‌ ‌لا‌ اصغر ‌من‌ ذلك ‌و‌ ‌لا‌ اكبر عطفا على مثقال اذ يصير التقدير ‌فى‌ الدعاء: لاتخفى عليك خافيه الا حال اتيانك بها فتخفى، ‌و‌ ‌فى‌ الايه: «و ‌ما‌ يعزب عنه شى ء الا ‌فى‌ كتاب» فيعزب ‌و‌ هذا فاسد لايصح ‌و‌ لذلك.
 قال الزمخشرى ‌و‌ ‌فى‌ العطف على محل «من مثقال ذره» ‌او‌ على لفظ «مثقال ذره» فتحا ‌فى‌ موضع الجر لامتناع الصرف اشكال لان قولك: «لايعزب عنه الا ‌فى‌ كتاب» مشكل انتهى.
 قال السراج الفارسى ‌فى‌ الكشف: ‌و‌ يسهل الاشكال بجعل الاستثناء منقطعا فيصير موكدا لقوله: لايعزب عنه كانه قيل: كيف يعزب عنه ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ كتاب مبين، على ‌ان‌ الاتصال له وجه مرضى لاسيما اذا فسر الكتاب المبين بعلم الله تعالى، ‌و‌ يكون المعنى: ‌لا‌ يغيب عنه شى ء الا ‌فى‌ علمه، ‌و‌ معلوم ‌ان‌ غيبه الشى ء ‌فى‌ العلم عين كشفه فهو ‌من‌ باب قوله تعالى: «الا ‌ما‌ قد سلف» ‌و‌ نظيره قولك: فلان لاينسى الا ‌فى‌ حفظه، ‌و‌ ‌ان‌ فسر باللوح المحفوظ ايضا فلا باس لانه محل صور معلوماته انتهى، ‌و‌ قس على ذلك الكلام ‌فى‌ عباره الدعاء ‌و‌ بيانه على جعل الاستثناء منقطعا ‌ان‌ المعنى: كيف تخفى عليك خافيه ‌و‌ انت آت بها ‌و‌ الاصل لاتخفى عليك خافيه لكن اتيت بها ‌اى‌ انت آت بها فكيف تخفى عليك، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ الاستثناء المنقطع للاستدراك ‌و‌ الا فيه بمعنى لكن، ‌و‌ لذلك يقدر كل منقطع بلكن ‌و‌ الغرض منه التاكيد ‌و‌ وجهه ‌ان‌ ذكر اداته قبل ذكر ‌ما‌ بعدها يوهم اخراجه مما قبلها، فاذا وليها شى ء يقرر ‌ما‌ قبلها جاء التاكيد، ‌و‌ اما على جعله متصلا ‌من‌ باب قوله تعالى: «الا ‌ما‌ قد سلف» فالمعنى ‌ان‌ امكن ‌ان‌ تخفى عليك خافيه ففى حال اتيانك بها
 
و ذلك غير ممكن، لانه اذا كان آتيا بها فخفاوها عليه محال كما ‌ان‌ معنى قوله تعالى: «و ‌لا‌ تنكحوا ‌ما‌ نكح آباوكم ‌من‌ النساء الا ‌ما‌ قد سلف»، ‌ان‌ امكن ‌ان‌ تنكحوا ‌ما‌ قد سلف فانكحوا فلا يحل لكم غيره ‌و‌ ذلك غير ممكن، ‌و‌ حاصله انه ‌من‌ باب اخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال ‌و‌ المعلق بالمحال محال، ‌و‌ الغرض المبالغه ‌فى‌ نفى الخفاء ‌و‌ التحريم على ‌حد‌ قول الشاعر:
 ‌و‌ ‌لا‌ عيب فيهم غير ‌ان‌ سيوفهم
 بهن فلول ‌من‌ قراع الكتائب
 قال ‌فى‌ الكشف: ‌و‌ تحقيقه انه ‌من‌ باب استعاره اسم احد الضدين للاخر ‌و‌ ادخاله فيه ثم اخراجه عنه باداه استثناء.
 فان قلت ‌ما‌ محل الجمله بعد الا ‌من‌ قوله: «الا اتيت بها»؟.
 قلت: ‌ان‌ جعلت الاستثناء منقطعا فهى ‌فى‌ محل نصب على الاستثناء المنقطع ‌و‌ العامل للنصب ‌هو‌ الا عند سيبويه ‌و‌ جماعه ‌من‌ المحققين ‌و‌ ‌ان‌ جعلته متصلا فهى ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ ضمير المخاطب ‌فى‌ «عليك» ‌او‌ «من خافيه» على راى، ‌و‌ الاستثناء مفرغ ‌من‌ اعم الاحوال، ‌و‌ التقدير لاتخفى عليك خافيه ‌فى‌ حال ‌من‌ احوالك ‌او‌ حال ‌من‌ احوالها الا حال اتيانك بها، ‌و‌ ‌لا‌ يجوز كونها صفه لخافيه مستثناه ‌من‌ اعم الاوصاف على تقدير لاتخفى عليك خافيه موصوفه بوصف ‌من‌ اوصافها الا بانك اتيت بها، لان التفريغ ‌فى‌ الصفات غير جائز، الا على راى ابى البقاء ‌و‌ الزمخشرى، دون سائر النحويين كما نص عليه ابن هشام ‌فى‌ المغنى.
 ‌و‌ اما قول السعد التفتازانى ‌فى‌ شرح المفتاح: ‌لا‌ خلاف ‌فى‌ جريان الاستثناء المفرغ ‌فى‌ الصفه مثل ‌ما‌ جاءنى الا كريم فهو سهو ظاهر.
 
فان قلت: كيف تكون جمله «الا اتيت» حالا ‌و‌ قد ذكرت ‌ان‌ الماضى فيها معبر ‌به‌ عن المستقبل لتحقق وقوعه، فالاتيان واقع يوم القيامه؟ ‌و‌ المراد بنفى الخفاء انتفاوه ‌فى‌ الدنيا فلا يقترن زمان الحال بزمان عاملها.
 قلت: هى ‌من‌ الحال المقدره ‌و‌ هى المستقبله التى يكون زمان عاملها قبل زمانها، ‌و‌ التقدير لاتخفى عليك خافيه الا مقدرا اتيانك بها كقوله تعالى: «ادخلوها خالدين» ‌اى‌ مقدرين خلودكم فيها لان زمن الخلود لايتصور مقارنته للدخول.
 قوله عليه السلام: «و كفى بك جازيا ‌و‌ كفى بك حسيبا» اعتراض تذييلى لتقرير اتيانه تعالى بكل خافيه، ‌و‌ تكرير الفعل ‌فى‌ الجملتين لتقويه استقلالهما المناسب للاعتراض ‌و‌ تاكيد كفايته تعالى ‌فى‌ كل ‌من‌ الجزاء ‌و‌ المحاسبه.
 ‌و‌ «الباء» ‌فى‌ الموضعين زائده ‌و‌ مجرورها فاعل كفى، ‌و‌ المعنى كفيت جازيا ‌و‌ كفيت حسيبا ‌و‌ نصب جازيا ‌و‌ حسيبا على الحال، ‌و‌ قد تقدم الكلام على نظير هذه العباره مبسوطا ‌فى‌ الروضه السادسه ‌فى‌ شرح دعاء الصباح فليرجع اليه.
 ‌و‌ جازيا بالجيم ‌و‌ الزاى: اسم فاعل ‌من‌ جزاء على فعله يجزيه جزاء ‌اى‌ كافاه كجازاه مجازاه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «خازنا» بالخاء المعجمه ‌و‌ النون بعد الزاى اسم فاعل ‌من‌ خزنت الشى ء خزنا ‌من‌ باب- قتل-: اذا جعلته ‌فى‌ الخزانه حفظا له، ثم استعمل ‌فى‌ مطلق الحفظ ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا، ‌اى‌ ‌و‌ كفى بك حافظا، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌ما‌ انتم له بخازنين» ‌اى‌ حافظين.
 ‌و‌ الحسيب: فسر بالكافى ‌و‌ بالمقتدر ‌و‌ بالرقيب ‌و‌ بالعالم ‌و‌ بالمحاسب. قال تعالى: «و كفى بالله حسيبا».
 
قوله عليه السلام: «اللهم انك طالبى ‌ان‌ انا هربت».
 الطلب: الفحص عن وجود الشى ء عينا كان ‌او‌ معنى.
 ‌و‌ ان: شرطيه.
 ‌و‌ انا: مرفوع بفعل شرط مضمر يفسره الظاهر ‌لا‌ بالابتداء لان «ان» لاتدخل الا على الفعل، ‌و‌ التقدير: ‌ان‌ هربت هربت فلما اضمر الفعل انفصل الضمير، ‌و‌ جواب الشرط محذوف وجوبا لدلاله ‌ما‌ تقدم عليه، ‌اى‌ ‌ان‌ هربت فانت طالبى، ‌و‌ ليس المتقدم بجواب عند جمهور البصريين لان اداه الشرط لها الصدر فلا يتقدم عليها خلافا للكوفيين ‌و‌ المبرد ‌و‌ ابى زيد
 وقس على ذلك قوله عليه السلام: «و مدركى ‌ان‌ انا فررت».
 ‌و‌ ادركت الشى ء ادراكا: اذا طلبته فلحقته، وفر فرا ‌من‌ باب- ضرب-، ‌و‌ فرارا بالكسر: هرب.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فها انا ذا»: سببيه، ‌و‌ ‌ها‌ حرف تنبيه صدرت ‌به‌ الجمله لكمال العنايه ‌و‌ الاهتمام بمضمونها.
 «و اناذا»: مبتدا ‌و‌ خبر، ‌و‌ مناط الافاده اختلاف الصفات المنزل منزله اختلاف الذات، ‌و‌ المعنى: انا بعد ذلك ذا المشاهد الموصوف.
 ‌و‌ قوله: «بين يديك» بيان للوصف، ‌اى‌ واقف بين يديك ‌و‌ ‌هو‌ خبر بعد خبر ‌او‌ خبر لذا، ‌و‌ الجمله خبر لانا.
 ‌و‌ قد تقدم نظير هذه العباره غير مره.
 ‌و‌ خاضع ‌و‌ ‌ما‌ بعده اخبار متعدده.
 ‌و‌ الراغم: اسم فاعل ‌من‌ رغم انفه رغما ‌من‌ باب- قتل- ‌و‌ ‌فى‌ لغه ‌من‌ باب- تعب- اذا وقع ‌فى‌ الرغام بالفتح ‌و‌ ‌هو‌ التراب كنى ‌به‌ عن الذل ‌و‌ المهانه كانه لصق بالتراب هوانا.
 قوله عليه السلام: «ان تعذبنى فانى لذلك اهل» جمله مستانفه مقرره لمضمون
 
ما قبلها ‌من‌ الاستسلام ‌و‌ الخضوع ‌و‌ الذل ‌و‌ المهانه كاشفه عن جليه ‌ما‌ اعترف ‌به‌ بانه ليس له ‌من‌ الامر ‌فى‌ نفسه شى ء لعجزه عن جلب نفع اليها ‌او‌ دفع ضر عنها، بل ‌هو‌ عبد ذليل مجرم جار عليه حكم سيده بما شاء ‌من‌ انتقام ‌او‌ عفو، يقال: فلان اهل لكذا ‌اى‌ مستحق له، ‌و‌ الضمير ‌من‌ قوله ‌و‌ ‌هو‌ عائد الى التعذيب المتضمن له.
 قوله عليه السلام: «ان تعذبنى» كقوله تعالى: «اعدلوا ‌هو‌ اقرب للتقوى» فانه عائد الى العدل المتضمن له اعدلوا.
 ‌و‌ «من» ابتدائيه متعلقه بعدل، ‌و‌ التقديم لمراعاه السجع، ‌و‌ يحتمل تعلقها بمحذوف وقع حالا ‌من‌ الضمير ‌اى‌ ‌و‌ ‌هو‌ حال كونه منك عدل.
 ‌و‌ قديما: نصب على الظرفيه بما بعده ‌و‌ ‌هو‌ صفه لزمان اقيمت مقامه، ‌اى‌ زمانا قديما شملنى عفوك ‌و‌ نظيره حديثا ‌فى‌ قول الشاعر:
 الا قالت الخنساء يوم لقيتها
 اراك حديثا ناعم البال افرغا
 ‌اى‌ زمانا حديثا فحذف الموصوف ‌و‌ اقيمت الصفه مقامه فنصبت على الظرفيه، ‌و‌ تقديمه ‌فى‌ الدعاء للاهتمام ‌لا‌ للقصر اعتدادا بسابق رحمته له ‌و‌ فضله عليه.
 ‌و‌ شمله الامر شملا ‌من‌ باب- قتل- عمه ‌و‌ احاط به.
 ‌و‌ الباس العافيه: استعاره مكنيه ‌او‌ تبعيه، ‌و‌ قد مر نظيرها غير مره ‌و‌ الله اعلم.
 
«الفاء»: فصيحه ‌اى‌ اذا كان حالى على ‌ما‌ شرحت، فاسالك مستحلفا بالمخزون ‌من‌ اسمائك، ‌و‌ توسيط النداء لمزيد التضرع.
 
و «الباء» للقسم الاستعطافى، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يجاب بالطلب، ‌او‌ بالا كما وقع هنا، ‌او‌ بلما بمعناها، ‌و‌ يسمى قسم الطلب ‌و‌ قسم السئوال.
 ‌و‌ المخزون: المصون المحفوظ ‌من‌ خزنته اذا وضعته ‌فى‌ المخزن صونا له عن ‌ان‌ تناله يد ‌او‌ يتسلط عليه احد، ‌و‌ المراد بالمخزون ‌من‌ اسمائه تعالى ‌ما‌ استاثر بعلمه ‌و‌ حجبه عن خلقه، فلا يعلمه الا هو، كما ورد ‌فى‌ دعاء آخر: «و بالاسماء التى استاثرت بها ‌فى‌ علم الغيب عندك» ‌و‌ وردت بذلك اخبار كثيره منها:
 ‌ما‌ رواه رئيس المحدثين ‌فى‌ كتاب التوحيد بسنده عن الصادق عليه السلام، ‌و‌ ملخصه ‌ان‌ الله تعالى خلق اسماءه بالحروف فجعلها اربعه اجزاء معا ليس منها واحد قبل الاخر فاظهر منها ثلاثه لفافه الخلق اليها، ‌و‌ حجب واحدا منها ‌و‌ ‌هو‌ الاسم المكنون المخزون، ‌و‌ جعل لكل اسم ‌من‌ الاسماء الظاهره اربعه اركان، فذلك اثنا عشر ركنا، ثم جعل لكل ركن منها ثلاثين اسما منسوبا اليها، فذلك ثلاثمائه ‌و‌ ستون اسما فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارى ء المصور ‌و‌ هكذا حتى تتم ثلاثمائه ‌و‌ ستين اسما ‌من‌ الاسماء الحسنى، ‌و‌ ذلك قوله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «قل ادعوا الله ‌او‌ ادعوا الرحمن ايا ‌ما‌ تدعوا فله الاسماء الحسنى».
 ‌و‌ روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: «ان لله تعالى اربعه آلاف اسم الف لايعلمها الا الله، ‌و‌ الف لايعلمها الا الله ‌و‌ الملائكه، ‌و‌ الف لايعلمها الا الله ‌و‌ الملائكه ‌و‌ النبيون، ‌و‌ اما الالف الرابع فالمومنون يعلمونه فثلاثمائه ‌فى‌ التوراه، ‌و‌ ثلاثمائه ‌فى‌ الانجيل، ‌و‌ ثلاثمائه ‌فى‌ الزبور، ‌و‌ مائه ‌فى‌ القرآن، تسعه ‌و‌ تسعون ظاهره ‌و‌ واحد منها مكتوم ‌من‌ احصاها دخل الجنه».
 ‌و‌ روى ابوجعفر الصفار ‌فى‌ بصائر الدرجات بسنده عن ابى جعفر عليه السلام
 
قال: «ان اسم الله الاعظم على ثلاثه ‌و‌ سبعين حرفا ‌و‌ انما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم ‌به‌ فخسف بالارض ‌ما‌ بينه ‌و‌ بين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الارض كما كانت اسرع ‌من‌ طرفه عين، ‌و‌ عندنا نحن ‌من‌ الاسم اثنان ‌و‌ سبعون حرفا ‌و‌ حرف عند الله استاثر ‌به‌ ‌فى‌ علم الغيب عنده، ‌و‌ ‌لا‌ حول ‌و‌ ‌لا‌ قوه الا بالله العلى العظيم».
 ‌و‌ ‌فى‌ هذا المعنى اخبار اخر قال بعض اصحابنا: قوله عليه السلام «على ثلاثه ‌و‌ سبعين حرفا» ‌اى‌ على ثلاثه ‌و‌ سبعين لغه مثل قوله عليه السلام: نزل القرآن على سبعه احرف. فان المراد انه نزل على سبع لغات ‌من‌ لغات العرب كلغه قريش ‌و‌ لغه هذيل ‌و‌ لغه هوازن ‌و‌ لغه اليمن ‌و‌ غيرها، ‌او‌ على ثلاثه ‌و‌ سبعين وجها ‌و‌ جانبا مثل قوله تعالى «و ‌من‌ الناس ‌من‌ يعبد الله على حرف» ‌اى‌ على وجه واحد ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يعبده ‌فى‌ السراء دون الضراء ‌و‌ المراد حينئذ ‌ان‌ الاسم الاعظم له جهات متعدده ‌و‌ وجوه مختلفه يحصل ‌من‌ كل وجه غير ‌ما‌ يحصل ‌من‌ الوجه الاخر، ‌و‌ اما القول بانه مركب ‌من‌ حروف التهجى على هذا العدد فبعيد، انتهى.
 قوله عليه السلام: «و بما وارته الحجب ‌من‌ بهائك» ‌و‌ اريت الشى ء مواراه: اذا استرته، ‌و‌ توارى استتر، ‌و‌ منه: «حتى توارت بالحجاب».
 ‌و‌ الحجب: جمع حجاب ككتب ‌و‌ كتاب ‌و‌ ‌هو‌ الستر، ‌من‌ حجبه حجبا ‌من‌ باب- قتل- ‌اى‌ منعه لانه يمنع المشاهده، ‌و‌ الاصل فيه جسم حاجزين عينين ثم استعمل ‌فى‌ المعانى فقيل: المعصيه حجاب بين العبد ‌و‌ ربه.
 
و البهاء: الحسن ‌و‌ الجمال.
 ‌و‌ «من»: بيانيه ‌فى‌ الموضعين، ‌و‌ هى ‌و‌ مخفوضها ‌فى‌ محل نصب على الحال.
 قيل: المراد بالحجب انوار عزه ‌و‌ جلاله ‌و‌ عظمته ‌و‌ كبريائه.
 كما ورد ‌فى‌ حديث آخر ‌فى‌ وصفه تعالى حجابه النور، اشاره الى ‌ان‌ حجابه تعالى خلاف الحجب المعهوده فهو محتجب عن خلقه بانوار عزه، ‌و‌ ‌هو‌ الحجاب الذى تدهش دونه العقول ‌و‌ تذهب الابصار ‌و‌ تنحصر البصائر، ‌و‌ لو كشف ذلك الحجاب فتجلى للخلق ‌ما‌ وراءه ‌من‌ حقائق الصفات، ‌و‌ عظمه الذات لم يبق مخلوق الا احترق ‌و‌ ‌لا‌ مصنوع الا اضمحل.
 كما ورد ‌فى‌ الحديث المشهور ‌ان‌ لله سبعين الف حجاب ‌من‌ نور ‌و‌ ظلمه لو كشفها لاحرقت سبحات وجهه ‌ما‌ انتهى اليه بصره.
 ‌و‌ سبحات بضم السين ‌و‌ الباء الموحده قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: هى جمع سبحه كغرفه ‌و‌ غرفات: ‌و‌ هى الانوار التى اذا رآها الراون ‌من‌ الملائكه سبحوا ‌و‌ هللوا لما يروعهم ‌من‌ جلال الله ‌و‌ عظمته.
 ‌و‌ قال غيره هى محاسنه تعالى ‌و‌ بهاوه لانك اذا رايت الوجه الحسن قلت: سبحان الله.
 ‌و‌ المراد بالوجه: الذات، ‌و‌ بما انتهى اليه بصره: جميع المخلوقات لان بصره محيط بجميعها، ‌اى‌ لو زالت الموانع ‌من‌ رويته لاحرق نوره ‌و‌ جلاله جميع المخلوقات لضعف تركيبهم كما اندك الجبل ‌و‌ خر موسى صعقا.
 ‌و‌ ‌فى‌ حديث آخر ‌ان‌ جبرئيل عليه السلام قال: لله دون العرش سبعون حجابا
 
لو دنونا ‌من‌ احدها لاحرقتنا سبحات وجه ربنا.
 ‌و‌ قد تقدم ‌فى‌ الروضه الثالثه كلام مبسوط على الحجب ‌و‌ ذكرنا ‌ما‌ ورد فيها ‌من‌ الاخبار ‌و‌ نقلنا مجمل ‌ما‌ قيل ‌فى‌ هذا الحديث فمن اراده فليرجع اليه.
 قوله عليه السلام: «الا رحمت هذه النفس الجزوعه» هذا جواب القسم صدرت جملته بالا الاستثنائيه لقصد المبالغه كقول الشاعر:
 بالله ربك الا قلت صادقه
 ‌و‌ الاستثناء مفرغ ‌و‌ المستثنى ‌فى‌ محل نصب على المفعوليه به، ‌و‌ المعنى: ‌ما‌ اسالك الا رحمتك فالمثبت لفظا منفى معنى ‌و‌ لذلك تاتى التفريغ، ‌و‌ وجهه انك اذا قسمت على غيرك قسم طلب فقد ضيقت عليه الامر ‌فى‌ فعل مطلوبك فكانك قلت: ‌ما‌ اطلب منك الا فعلك، فالفعل الماضى ‌فى‌ هذا التركيب موول بالمصدر لتاتى المفعوليه، ‌و‌ انما جعل فعلا ماضيا لقصد المبالغه ‌فى‌ الطلب حتى كان المخاطب فعل ‌ما‌ طلب منه ‌و‌ صار ماضيا.
 فان قلت: تاويل الفعل بالمصدر بدون سابك ليس قياسا فيلزم الشذوذ مثل تسمع بالمعيدى برفع الفعل، ‌اى‌ سماعك ‌و‌ ادعاء الشذوذ ‌ها‌ هنا غير متات لاطراد مثل التركيب ‌و‌ فصاحته.
 قلت: لانسلم ‌ان‌ تاويل الفعل بالمصدر ‌و‌ بدون حرف مصدرى شاذ مطلقا، ‌و‌ انما يشذ اذا لم يطرد ‌فى‌ باب، اما اذا طرد ‌فى‌ باب ‌و‌ استمر فيه فلا يكون شاذا كالجمله التى يضاف اليها اسم الزمان مثلا: نحو: جئتك يوم ركب الامير: ‌اى‌ يوم
 
ركوبه، ‌و‌ «هذا يوم ينفع الصادقين»: ‌اى‌ يوم نفع الصادقين، فهذا مطرد، ‌و‌ مثله: سواء على اقمت ‌ام‌ قعدت، ‌اى‌ قيامك ‌و‌ قعودك، فهو موول بالمصدر دون سابك ‌فى‌ باب التسويه، ‌و‌ ‌لا‌ يعد مثل هذا شاذا لاطراده ‌فى‌ بابه ‌و‌ ‌ما‌ وقع ‌فى‌ بعض التراجم ‌من‌ ‌ان‌ الاستثناء ‌فى‌ قوله الا رحمت مفرغ ‌من‌ اعم الاوقات ‌و‌ ‌ان‌ المعنى سالك دائما الا وقت رحمتك فانى اقطع مسالتك حينئذ فغير صحيح، لان القسم الاستعطافى لايناسب هذا المعنى اذ يكون الكلام حينئذ خبرا محضا، ‌و‌ الغرض منه هنا الطلب قطعا على ‌ان‌ جعل المستثنى هنا ظرفا تحكم بحت لامقتضى له اصلا.
 ‌و‌ الاشاره بهذه النفس الى نفسه الشريفه قال فيها للعهد الحضورى.
 ‌و‌ الجزوعه: المبالغه ‌فى‌ الجزع المكثره منه، يقال: جزع الرجل جزعا ‌من‌ باب- تعب- فهو جزع ‌و‌ جزوع للمبالغه اذا ضعفت همته عما نزل ‌به‌ ‌و‌ لم يجد صبرا على تحمله.
 ‌و‌ الرمه بالكسر: العظام الباليه ‌و‌ اراد بها جسده الشريف ‌و‌ التعبير عنه بها اما ‌من‌ باب تسميه الشى ء بما يوول اليه مثل «ارانى اعصر خمرا» ‌او‌ ‌من‌ باب الاستعاره بجامع الضعف، ‌و‌ لعل هذا اولى، لما روى ‌من‌ انهم عليهم السلام لايبقون ‌فى‌ الارض اكثر ‌من‌ ثلاثه ايام ‌و‌ ‌ان‌ اولياء الله لايبلون ‌فى‌ قبورهم.
 ‌و‌ الهلوعه: المبالغه ‌فى‌ الهلع، يقال: هلع هلعا ‌من‌ باب- تعب- اذا جزع اشد الجزع.
 قال ‌فى‌ القاموس: الهلع محركه افحش الجزع، ‌و‌ الهلوع: ‌من‌ يجزع ‌و‌ يفزع ‌من‌ الشر ‌و‌ يحرص ‌و‌ يشح على المال ‌او‌ الضجور لايصبر على المصائب انتهى.
 
 
و التفسير الاول ‌هو‌ قول اهل البيان ‌ان‌ الهلوع تفسيره ‌ما‌ بعده ‌فى‌ قوله تعالى: «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا ‌و‌ اذا مسه الخير منوعا» فكان الهلع سرعه الجزع عند مس المكروه ‌و‌ سرعه المنع عند مس الخير.
 قال ابوالعباس احمد ‌بن‌ يحيى ثعلب: قال لى محمد ‌بن‌ عبدالله ‌بن‌ طاهر: ‌ما‌ الهلع؟ فقلت: قد فسره الله تعالى.
 قالوا: ‌و‌ مثله قول الشاعر:
 الالمعى الذى يظن بك الظن
 كان قد راى ‌و‌ قد سمعا
 فان ‌ما‌ بعد الالمعى وصف له مفسر لمعناه.
 ‌و‌ قد حكى عن الاصمعى انه سئل عن الالمعى فانشد هذا البيت ‌و‌ لم يزد عليه.
 فان قلت: نص علماء العربيه على ‌ان‌ هولاء اذا كان بمعنى فاعل لاتلحقه تاء التانيث بل يستوى فيه المذكر ‌و‌ المونث كرجل صبور ‌و‌ شكور بمعنى صابر ‌و‌ شاكر، ‌و‌ امراه صبور ‌و‌ شكور بمعنى صابره ‌و‌ شاكره، فكيف قال: «النفس الجزوعه ‌و‌ الرمه الهلوعه» ‌و‌ هى بمعنى الجازعه ‌و‌ الهالعه.
 قلت: ليست التاء فيهما للتانيث بل هى للمبالغه ‌فى‌ الوصف حتى لو وصف بهما المذكر ‌و‌ قصد زياده المبالغه لقيل: رجل بزوعه ‌و‌ هلوعه كما قالوا: رجل ملول ‌و‌ ملوله ‌و‌ امراه ملول ‌و‌ ملوله ‌و‌ لو كانت للتانيث لم تلحق وصف المذكر، ‌و‌ اما حمله على الشذوذ كعدوه فيما لاينبغى ارتكابه على انهم قالوا: ‌ان‌ عدوه محمول على صديقه ‌و‌ ‌هو‌ مفقود هنا.
 
قوله عليه السلام: «التى لاتستطيع حر شمسك فكيف تستطيع حر نارك» «الفاء»: لترتيب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها.
 ‌و‌ كيف: منصوب بالفعل بعده قدم عليه للزومه الصدريه بالاستفهام، ‌و‌ اختلفوا ‌فى‌ نصبه، فقيل: على الحاليه، ‌اى‌ على ‌اى‌ حال تستطيع، ‌و‌ قيل: على الظرفيه ‌اى‌ ‌فى‌ ‌اى‌ حال تستطيع. ‌و‌ قيل: على المفعوليه المطلقه، ‌اى‌ اى استطاعه تستطيع، ‌و‌ الاستفهام لانكار الاستطاعه ‌و‌ نفيها، ‌و‌ ‌فى‌ توجيه الانكار الى كيفيه الاستطاعه ‌من‌ المبالغه ‌ما‌ ليس ‌فى‌ توجيهه الى نفسها بان يقال فلا تستطيع حر نارك لما ‌ان‌ كل موجود يجب ‌ان‌ يكون وجوده على حال ‌من‌ الاحوال ‌و‌ كيفيه ‌من‌ الكيفيات قطعا، فاذا انتفى وجوده ‌من‌ جميع الجهات فقد انتفى وجوده بالطريق البرهانى. ‌و‌ قوله عليه السلام: «و التى لاتستطيع صوت رعدك» ‌اى‌ سماع صوت رعدك فكيف تستطيع سماع صوت غضبك، فحذف المضاف لدلاله المضاف اليه عليه.
 روى ‌ان‌ بعض المترفين سمع قصفه رعد هائله فلم يتمالك ‌ان‌ انكب على وجهه خوفا ‌و‌ فزعا، فقال له بعض الحاضرين: هذا صوت رحمته فكيف صوت غضبه.
 ‌و‌ ‌فى‌ معنى هذا الفصل ‌من‌ الدعاء قول اميرالمومنين صلوات الله عليه ‌فى‌ خطبه له: يجزع احدكم ‌من‌ الشوكه تصيبه ‌و‌ العثره تدميه ‌و‌ الرمضاء تحرقه فكيف اذا كان ‌فى‌ طابقين ‌من‌ نار ضجيع حجر ‌و‌ قرين شيطان، نعوذ بالله ‌من‌ ذلك.
 
«الفاء» الاولى لترتيب ‌ما‌ بعدها ‌من‌ سئوال الرحمه على ‌ما‌ قبلها ‌من‌ وصف حاله بالجزع ‌و‌ الهلع ‌و‌ العجز، ‌و‌ الثانيه للتعليل، ‌اى‌ لانى امرو حقير.
 قال الجوهرى: المرء: الرجل، يقال: هذا مرء صالح ‌و‌ مررت بمرء صالح ‌و‌ رايت
 
مرءا صالحا، ‌و‌ ضم الميم لغه ‌و‌ هما مرءآن صالحان، ‌و‌ ‌لا‌ يجمع على لفظه، فان جئت بالف الوصل كان فيه ثلاث لغات: فتح الراء على كل حال، حكاها الفراء، ‌و‌ ضمها على كل حال ‌و‌ اعرابها على كل حال، تقول: هذا امرو ‌و‌ رايت امرءا ‌و‌ مررت بامرء معربا ‌من‌ مكانين ‌و‌ ‌لا‌ جمع له ‌من‌ لفظه، ‌و‌ هذه امراه مفتوحه الراء على كل حال، انتهى.
 ‌و‌ الحقير: الذليل الصغير.
 ‌و‌ خطر الرجل محركه: قدره ‌و‌ منزلته.
 ‌و‌ اليسير: القليل ‌و‌ الهين. ‌و‌ منه: «ذلك كيل يسير».
 ‌و‌ ليس: فعل جامد، ‌و‌ ‌من‌ ثم ادعى قوم حرفيته، ‌و‌ معناه نفى مضمون الجمله بعده.
 ‌و‌ «من» ‌فى‌ قوله: «مما يزيد ‌فى‌ ملكك»: تبعيضيه، ‌اى‌ بعض ‌ما‌ يزيد ‌فى‌ ملكك.
 ‌و‌ يزيد: مضارع زاد المتعدى يقال: زاد الشى ء وزدته انا يستعمل لازما ‌و‌ متعديا، ‌و‌ مفعوله مثقال ذره، ‌اى‌ وزنها.
 ‌و‌ الذره: النمله الصغيره، ‌و‌ قيل: ‌ما‌ يرى ‌فى‌ شعاع الشمس ‌من‌ الهباء.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و لو ‌ان‌ عذابى مما يزيد ‌فى‌ ملكك»: جمله مستانفه سيقت
 
لتقرير ‌ما‌ قبلها ‌من‌ حكمه بان عذابه لايعود بمنفعه عليه تعالى. ‌و‌ مفعول يزيد هنا محذوف للعلم به، ‌اى‌ يزيد ‌فى‌ ملكك شيئا ‌او‌ مثقال ذره، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون ‌فى‌ زائده ‌فى‌ المفعول كقوله تعالى: «اركبوا فيها».
 ‌و‌ «اللام» ‌فى‌ قوله عليه السلام: «لسالتك الصبر عليه» جواب لو، ‌اى‌ لطلبت منك توفيقى للصبر على العذاب، ‌و‌ لم يقل لصبرت عليه لان الصبر انما يكون بتوفيق الله تعالى ‌و‌ تثبيته، كما قال لنبيه صلى الله عليه ‌و‌ آله «و اصبر ‌و‌ ‌ما‌ صبرك الا بالله» ‌اى‌ بتوفيقه ‌و‌ تيسيره.
 ‌و‌ احببت: ‌اى‌ آثرت ‌و‌ اخترت ‌ان‌ يكون ذلك ‌اى‌ عذابى.
 ‌و‌ «اللام» ‌فى‌ قوله: «لك» للتخصيص، ‌اى‌ مختصا بك فتستقل ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ يشاركك فيه احد.
 قوله عليه السلام: «و لكن سلطانك اللهم اعظم ‌و‌ ملكك ادوم» قال الرضى: الواو الداخله على لكن مخففه ‌و‌ مشدده يجوز كونها عاطفه جمله على جمله، ‌و‌ جعلها اعتراضيه اظهر ‌من‌ حيث المعنى.
 ‌و‌ لكن بسكون النون مخففه ‌من‌ الثقيله ‌و‌ ارتفاع ‌ما‌ بعدها على الابتداء لاهمالها بالتخفيف، ‌و‌ ضبطت ‌فى‌ بعض النسخ مشدده ‌و‌ نصب الاسم بعدها، ‌و‌ مفادها هنا توكيد ‌ما‌ افادته لو ‌من‌ الامتناع مع الاستدراك، ‌و‌ ‌هو‌ رفع توهم يتولد ‌من‌ الكلام السابق. فان قوله عليه السلام: «و لو ‌ان‌ عذابى مما يزيد ‌فى‌ ملكك» الى آخره ربما يوهم ‌ان‌ عذابه بالخصوص ‌لا‌ يزيد ‌فى‌ ملكه فرفع ذلك الوهم بقوله، ‌و‌ لكن سلطانك الى آخره ‌اى‌ سلطانك ابعد ‌من‌ ‌ان‌ تزيد فيه طاعه المطيعين ‌او‌ تنقص منه معصيه
 
العاصين لفرط عظمه، ‌و‌ ملكك كذلك لفرط دوامه. فمن المذكوره ليست الجاره للمفضول ‌فى‌ نحو: زيد افضل ‌من‌ عمرو، اذ ‌لا‌ معنى لتفضيل السلطان ‌و‌ الملك ‌فى‌ العظم ‌و‌ الدوام على الزياده ‌و‌ النقصان، بل هى مثلها ‌فى‌ نحو بعدت منه تعلقت بافعل لماضمته ‌من‌ معنى البعد، ‌لا‌ لما فيه ‌من‌ معنى التفضيل، ‌و‌ هى هنا متعلقه بالاسمين على طريق التنازع، ‌و‌ المفضل عليه متروك ابدا مع افعل ‌فى‌ هذا التركيب ‌و‌ نحوه لقصد التعميم، ‌و‌ قد مرت له نظائر بسطنا الكلام عليه ‌فى‌ الروضه السادسه عشر فليرجع اليه، ‌و‌ انما افرد الضمير ‌فى‌ قوله: «فيه ‌و‌ منه» مع ‌ان‌ المذكور شيئان فكان حقه ‌ان‌ يقول: فيهما لان السلطان ‌و‌ الملك بمعنى فهو ‌من‌ باب قوله تعالى: «و الله ‌و‌ رسوله احق ‌ان‌ يرضوه» لان رضا احدهما رضا الاخر.
 ‌و‌ «او» ‌فى‌ قوله: «او تنقص منه معصيه المذنبين» للايذان بتساوى الزياده ‌و‌ النقصان ‌فى‌ بعد سلطانه ‌و‌ ملكه عنهما على ‌حد‌ «و ‌لا‌ تطع منهم آثما ‌او‌ كفورا».
 قال ‌فى‌ الكشاف: «او»: ‌فى‌ اصلها لتساوى الشيئين فصاعدا ‌فى‌ الشك ثم اتسع فيها فاستعيرت للتساوى ‌فى‌ غير الشك. ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌لا‌ تطع منهم آثما ‌او‌ كفورا» ‌اى‌ الاثم ‌و‌ الكفور متساويان ‌فى‌ وجوب العصيان، انتهى.
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون ذلك ‌من‌ باب دلاله النص على معنى: ‌ان‌ سلطانه ‌و‌ ملكه اذا كانا ابعد ‌من‌ واحد ‌من‌ الزياده ‌و‌ النقصان فكونهما ابعد منهما معا اولى، ‌و‌ عليه حمل صاحب الكشاف الايه ‌فى‌ سوره الانسان فقال: انما ذكر باو لان الناهى عن طاعه احدهما يكون عن طاعتهما انهى.
 
«و الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام «فارحمنى» فصيحه ‌اى‌ اذا كان الامر هكذا
 
فارحمنى. ‌و‌ لما كانت الرحمه سابقه على كل تفضل منه سبحانه قدم طلبها ‌فى‌ الذكر على طلب التجاوز ‌و‌ التوبه فانه ‌ما‌ لم يرحم لايتجاوز ‌و‌ لايتوب، يقال: تجاوز الله عن المسى ء ‌و‌ تجاوز عن ذنبه: ‌اى‌ عفا عنه ‌و‌ صفح ‌و‌ لم يواخذه عليه ‌و‌ اصله ‌من‌ تجاوزت المكان اذا تعديته.
 ‌و‌ تاب الله على عبده: رجع عن عقوبته الى اللطف ‌به‌ ‌و‌ التفضل عليه.
 ‌و‌ قيل: وفقه للتوبه. ‌و‌ قيل: قبل توبته ‌و‌ انقذه ‌من‌ المعاصى ‌و‌ غفر له.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «انك انت التواب الرحيم» تعليل لاستدعاء التوبه عليه ‌و‌ اجابه المسوول اى: انك انت المختص المستاثر ببلوغ الغايه القصوى ‌من‌ التوبه ‌و‌ الرحمه، ‌و‌ تاكيد الجمله لغرض كمال قوه يقينه بمضمونها ‌و‌ ‌هو‌ اقتباس ‌من‌ قوله تعالى حكايه عن ابراهيم ‌و‌ اسماعيل «وتب علينا انك انت التواب الرحيم».
 هذا آخر الروضه الخمسين ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيد العابدين وفق الله سبحانه لاتمامها ‌لا‌ جنتان زهرات اكمامها صبيحه يوم الجمعه لثلاث بقين ‌من‌ شهر شعبان المكرم سنه ست ‌و‌ مائه ‌و‌ الف ‌و‌ لله الحمد.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5
اسناد الصحیفه السجادیه- 1
الدعاء 1- 3
الدعاء 3- 1
الدعاء 31- 2
الدعاء 48- 2
الدعاء 6- 2

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^