فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 47- 9

اوجدته الشى ء فوجده: جعلته واجدا له، ‌اى‌ مدركا له ‌و‌ ظافرا به.


 ‌و‌ البرد: خلاف الحر، ‌و‌ يعبر ‌به‌ عن الطيب ‌و‌ اللذه، فيقال: برد العيش: ‌اى‌ طيبه ‌و‌ لذته، ‌و‌ عيش بارد: ‌اى‌ طيب هنى ء.
 قال بعضهم: ‌و‌ العرب تصف سائر ‌ما‌ يستلذ بالبروده يشهد لذلك قوله عليه السلام: «من وجد برد حبنا على قلبه فليحمد الله»، اراد لذه حبنا.
 
قال الراغب: ‌و‌ ذلك اعتبار بما يجده الانسان ‌من‌ اللذه ‌فى‌ الحر ‌من‌ البرد ‌و‌ لما يجده ‌من‌ السكون.
 ‌و‌ قال الزمخشرى: الاصل ‌فى‌ وقوع البرد عباره عن الطيب ‌و‌ الهناءه: ‌ان‌ الهواء ‌و‌ الماء لما كان طيبهما ببردهما خصوصا ‌فى‌ بلاد تهامه ‌و‌ الحجاز قيل: هواء بارد ‌و‌ ماء بارد على سبيل الاستطابه، ثم كثر حتى قيل: عيش بارد ‌و‌ غنيمه بارده ‌و‌ برد امرنا. انتهى.
 ‌و‌ برد العفو ‌و‌ طيبه عباره عن ترك المعاقبه بلا عتاب ‌و‌ ‌لا‌ سوء حساب، ‌او‌ ‌هو‌ تبديل السيئه بالحسنه كما ورد ‌فى‌ الحديث ‌فى‌ معنى كرم عفوه: انه اذا عفا عن السيئه بدلها حسنه.
 ‌و‌ الحلاوه: خلاف المراره شبه عليه السلام الرحمه بالعسل ‌فى‌ ميل الطبع اليه ‌و‌ رغبته فيه فاثبت لها الحلاوه على طريق الاستعاره المكنيه التخييليه ‌و‌ يجوز جعله ‌من‌ باب التشبيه كلجين الماء، ‌اى‌ اوجدنى رحمتك التى هى ‌فى‌ اللذه ‌و‌ ميل النفس اليها كالحلاوه.
 ‌و‌ الروح بالفتح: الراحه ‌و‌ هى زوال المشقه ‌و‌ التعب.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الهواء الذى تستلذه النفس ‌و‌ يزيل عنها الهم.
 ‌و‌ الريحان: الرزق، قيل لاعرابى الى اين؟ قال اطلب ‌من‌ ريحان الله ‌اى‌ ‌من‌ رزقه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الريحان المشموم ‌من‌ ريحان الجنه يوتى ‌به‌ عند الموت فيشمه.
 روى ‌ان‌ المومن لايخرج ‌من‌ الدنيا الا ‌و‌ يوتى بريحان ‌من‌ الجنه يشمه.
 
و قيل: ‌هو‌ كل نباهه ‌و‌ شرف.
 ‌و‌ قيل: الروح: النجاه ‌من‌ النار، ‌و‌ الريحان: الدخول ‌فى‌ دار القرار.
 ‌و‌ اختلف ‌فى‌ لفظ ريحان فقال الاكثر ‌هو‌ ‌من‌ بنات الواو ‌و‌ اصله ريوحان بياء ساكنه، ثم واو مفتوحه لكنه ادغم ثم خفف بدليل تصغيره على رويحين.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌من‌ بنات الياء كشيطان ‌و‌ لم يدخله تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل شيطان ‌و‌ شياطين.
 ‌و‌ جنه النعيم: اسم للدار الاخره التى وعد المتقون سميت بذلك لما تضمنه ‌من‌ الانواع التى يتنعم بها ‌من‌ الماكول ‌و‌ المشروب ‌و‌ الملبوس ‌و‌ الصور الحسنه ‌و‌ الروائح الطيبه ‌و‌ المناظر البهجه ‌و‌ المساكن العاليه ‌و‌ اللذه ‌و‌ البهجه ‌و‌ السرور ‌و‌ قره الاعين ‌و‌ غير ذلك ‌من‌ النعيم الظاهر ‌و‌ الباطن ‌و‌ اضافتها الى كاف الخطاب ‌من‌ باب حب رمان زيد فان القصد الى اضافه الجنه المضافه الى النعيم بكونها لله تعالى ‌لا‌ اضافه الجنه الى النعيم المختص بكونه لله، ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء تلميح الى قوله تعالى: «فاما ‌ان‌ كان ‌من‌ المقربين فروح ‌و‌ ريحان ‌و‌ جنه نعيم».
 قال بعض ارباب القلوب: ‌اى‌ فلروحه روح الاطمئنان ‌و‌ راحه السكون عند الحق ‌و‌ برد اليقين، ‌و‌ لقلبه ريحان ‌من‌ رزق معلوم يفوح ‌من‌ رائحه اليقين التى بها قوت القلوب، ‌و‌ لنفسه جنه نعيم تسرح فيها ‌و‌ ترتع ‌فى‌ رياضها قضاء لشهواتها الحيوانيه، فيها ‌ما‌ تشتهى الانفس ‌و‌ تلذ الاعين.
 ‌و‌ قيل: روح ‌فى‌ القبر، ‌و‌ ريحان ‌فى‌ البعث، ‌و‌ جنه نعيم عند الدخول ‌فى‌ دار القرار.
 ‌و‌ الذوق: ادراك طعم الشى ء باللسان يقال: ذقت الطعام اذوقه ذوقا ‌و‌ مذاقا ‌و‌ يتعدى الى ثان بالهمزه فيقال: اذقته.
 
و الطعم بالفتح: ‌ما‌ يوديه الذوق، فيقال: طعمه حلو ‌او‌ حامض، شبه الفراغ بالمطعوم اللذيذ بجامع اللذه ‌و‌ الطيب ‌و‌ طوى ذكر المشبه ‌به‌ على اسلوب الاستعاره بالكنايه ‌و‌ اثبت له الطعم تخييلا ‌و‌ ذكر الاذاقه ترشيحا.
 ‌و‌ الفراغ: الخلاص ‌من‌ الاشغال ‌و‌ المهام.
 ‌و‌ اللام ‌من‌ قوله: «لما تحب» متعلقه بالفراغ ‌و‌ مفعول تحب ضمير محذوف، ‌اى‌ لما تحبه ‌و‌ تريده ‌من‌ الطاعات فان المحبه اذا تعلقت بالفعل فمعناها الاراده.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «بسعه» للاستعانه ‌او‌ للسببيه متعلقه باذقنى.
 ‌و‌ السعه: الغنى، ‌و‌ اصلها ‌من‌ السعه خلاف الضيق.
 ‌و‌ الاجتهاد بالخفض عطف على الفراغ، ‌و‌ اجتهد ‌فى‌ الامر: بذل جهده ‌و‌ طاقته فيه .
 ‌و‌ يزلف لديك: ‌اى‌ يقرب ‌من‌ الزلفه بالضم ‌و‌ هى القربه.
 ‌و‌ «لدى» ‌و‌ «عند» كلاهما ظرف مكان بمعنى واحد الا ‌ان‌ «عند» امكن ‌من‌ «لدى» ‌من‌ وجهين:
 احدهما: ‌ان‌ «عند» تكون ظرفا للاعيان ‌و‌ المعانى بخلاف «لدى».
 الثانى: ‌ان‌ «عند» تستعمل ‌فى‌ الحاضر ‌و‌ الغائب ‌و‌ ‌لا‌ تستعمل «لدى» الا ‌فى‌ الحاضر ذكرهما ابن الشجرى ‌و‌ غيره.
 ‌و‌ للوجه الاول جمع عليه السلام بينهما.
 ‌و‌ اتحفته بالشى ء اتحافا: بررته ‌به‌ ‌و‌ اطرفته، ‌و‌ التحفه بالضم- كرطبه-: البر ‌و‌ اللطف ‌و‌ الطرفه، ‌و‌ قيل: اصلها ‌و‌ حفه بالواو فابدلت تاء كتراث ‌و‌ تجاه، ‌و‌ تحفاته تعالى: خصائص بره ‌و‌ لطفه.
 
و ‌فى‌ الحديث النبوى: ‌ما‌ ‌من‌ يوم ‌و‌ ليله الا ولى فيها تحفه ‌من‌ الله ‌عز‌ ‌و‌ جل.
 
و التجاره: التصدى للبيع ‌و‌ الشراء طلبا للربح، ‌و‌ ‌هو‌ الزياده الحاصله ‌فى‌ المبايعه استعار عليه السلام التجاره لتحصيل الثواب بالطاعه كما ‌فى‌ قوله تعالى: «يرجون تجاره لن تبور» ‌و‌ هى استعاره مكنيه ‌و‌ ذكر الربح ترشيح ‌و‌ اسناده اليها ‌و‌ ‌هو‌ لصاحبها على التوسع لتلبسها بالفاعل ‌او‌ لمشابهتها له ‌من‌ حيث انها سبب للربح ‌و‌ الخسران.
 ‌و‌ الكره: الرجعه ‌من‌ ‌كر‌ كرا ‌من‌ باب- قتل- ‌اى‌ عاد ‌و‌ رجع، ‌و‌ فيه تلميح الى قوله تعالى: «قالوا تلك اذا كره خاسره» ‌و‌ المراد بها الرجعه الى الحاله الاولى ‌و‌ هى الحياه المتعلقه بهذا الجسم، ‌و‌ خاسره ‌اى‌ ذات خسران.
 قال العلامه الطبرسى: ‌و‌ معناه ‌ان‌ اهلها خاسرون لانهم نقلوا ‌من‌ نعيم الدنيا الى عذاب النار، ‌و‌ الخاسر الذاهب راس ماله، انتهى.
 ‌و‌ معنى قول الكفار: «تلك اذا كره خاسره» انها ‌ان‌ صحت فنحن اذا خاسرون لتكذيبنا بها.
 ‌و‌ اخفته اخافه: صيرته خائفا غير آمن، ‌و‌ تعديته الى الثانى على اسقاط الجار، ‌اى‌ ‌من‌ مقامك، ‌و‌ مقامه تعالى: موقف الحساب الذى يقف ‌به‌ عباده يوم القيامه، ‌و‌ اضافه اليه تعالى كما اضافه الى نفسه ‌فى‌ قوله: «ذلك لمن خاف مقامى».
 ‌و‌ قوله: «و لمن خاف مقام ربه جنتان» ‌و‌ قوله: «و اما ‌من‌ خاف مقام ربه» لانهم يقومون فيه بامره، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المقام مصدرا، ‌اى‌ قيامه تعالى  عليه بالحفظ ‌و‌ المراقبه كقوله: «افمن ‌هو‌ قائم على كل نفس» ‌او‌ قيامه سبحانه بالعدل ‌و‌ الصواب مثل: «قائما بالقسط».
 ‌و‌ قيل: المقام مقحم ‌و‌ المراد خوفه تعالى مثل: سلام الله على المجلس العالى. ‌و‌ الشوق: اهتياج القلب الى لقاء المحبوب، ‌و‌ يتعدى بالتضعيف فيقال: شوقته تشويقا ‌و‌ تعديته الى الثانى على اسقاط الجار ايضا، ‌اى‌ شوقى الى لقائك.
 ‌و‌ لقاوه تعالى: عباره عن لقاء ثوابه خاصه هنا لامتناع لقائه تعالى على الحقيقه اجماعا ‌و‌ الله اعلم.
 التوبه ‌فى‌ اللغه: الرجوع، يقال: تاب العبد الى ربه: ‌اى‌ رجع عن معصيته الى طاعته، ‌و‌ تاب الله على عبده: ‌اى‌ رجع عن عقوبته الى اللطف ‌به‌ بانقاذه ‌من‌ المعاصى ‌و‌ قبول توبته ‌و‌ غفران ذنوبه.
 ‌و‌ ‌فى‌ الصحاح ‌و‌ القاموس: تاب الله عليه: وفقه للتوبه.
 ‌و‌ «الهاء» ‌فى‌ التوبه: لتانيث المصدر، ‌و‌ قيل: للوحده كالضربه.
 ‌و‌ النصوح المبالغه ‌فى‌ النصح لصاحبها عن ‌ان‌ يعود الى ‌ما‌ تاب عنه ‌او‌ الخالصه ‌من‌ الريب ‌من‌ قولهم: «عسل نصوح» اذا كان خالصا ‌من‌ الشمع، ‌او‌ هى ‌من‌  النصاحه ‌و‌ هى الخياطه بمعنى انها تنصح ‌من‌ الدين ‌ما‌ مزقته الذنوب ‌او‌ تجمع بين صاحبها ‌و‌ بين اولياء الله ‌و‌ احبائه كما يجمع الخياط بين قطع الثوب.
 ‌و‌ قد اسلفنا الكلام على ذلك بابسط ‌من‌ هذا ‌فى‌ الروضه الخامسه ‌و‌ الاربعين فليرجع اليه.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «لا تبق معها» جمله دعائيه وقعت نعتا للتوبه محكيه بقول محذوف ‌هو‌ النعت ‌فى‌ الحقيقه، ‌و‌ التقدير مقولا فيها ‌لا‌ تبق معها لان الجمله الدعائيه انشائيه ‌و‌ هى لاتقع نعتا لاشتراطهم الخبريه فيها، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون استئنافيه منقطعه عما قبلها فلا محل لها ‌من‌ الاعراب.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه: لاتبقى بالياء على ‌ان‌ ‌لا‌ نافيه فيتعين كونها نعتا للتوبه ‌من‌ غير تاويل، ‌و‌ هى على ذلك ‌فى‌ محل نصب على الوصفيه.
 ‌و‌ صغيره: بالنصب نعت للذنوب للتاويل بالجماعه.
 ‌و‌ ‌لا‌ كبيره: عطف عليها ‌و‌ ‌لا‌ زائده لتاكيد النفى، ‌و‌ قد تقدم الكلام على الصغائر ‌و‌ الكبائر ‌من‌ الذنوب ‌فى‌ الروضه السادسه.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و ‌لا‌ تذر» بالجزم عطف على قوله لاتبق.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و ‌لا‌ تذر» بالضم على ‌ان‌ ‌لا‌ نافيه.
 ‌و‌ علن الامر علونا ‌من‌ باب- قعد- ‌و‌ علن علنا ‌من‌ باب- تعب-: ظهر ‌و‌ انتشر فهو عالن ‌و‌ علن، ‌و‌ الاسم العلانيه مخففه كثمانيه.
 قال اللحيانى: ‌و‌ يقال: رجل علانيه ‌و‌ ‌هو‌ الظاهر الامر الذى امره علانيه.
 ‌و‌ السريره ‌و‌ السر: بمعنى، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يكتم، ‌و‌ المراد ‌ما‌ ظهر ‌من‌ الذنوب ‌و‌ ‌ما‌ خفى منها.
 ‌و‌ نزعت الشى ء نزعا ‌من‌ باب- ضرب- قلعته ‌من‌ مكانه ‌و‌ اخرجته ‌من‌ مقره.
 
و الغل بالكسر: الحقد، ‌و‌ ‌هو‌ الانطواء على العداوه ‌و‌ البغضاء قال تعالى: «و نزعنا ‌ما‌ ‌فى‌ صدورهم ‌من‌ غل» اى: ازلنا ‌ما‌ فيها ‌من‌ الاحقاد فلم يكن بينهم الا التواد ‌و‌ التعاطف.
 ‌و‌ عطف الشى ء عطفا ‌من‌ باب- ضرب- ثنيته ‌و‌ املته فعطف ‌هو‌ عطوفا مال، ثم استعير لميل القلب ‌و‌ الشفقه اذا عدى بعلى، فقيل: عطف عليه اذا حن عليه ‌و‌ مال بقلبه اليه ‌و‌ عطفته عليه الرحم اوجبت عطفه عليه ‌و‌ ميله اليه.
 ‌و‌ «الباء»: ‌من‌ قوله «بقلبى» اما زائده للتاكيد ‌و‌ هى كثيرا ‌ما‌ تزاد ‌فى‌ المفعول نحو: «و هزى اليك بجذع النخله» «فليمدد بسبب الى السماء» «و ‌من‌ يرد فيه بالحاد» ‌و‌ اما على معنى افعل العطف ‌به‌ بان نزل اعطف مع كونه متعديا منزله اللازم للمبالغه نحو: فلان يعطى ‌و‌ يمنع ثم عدى كما يعدى اللازم كقوله:
 يجرح ‌فى‌ عراقيبها نصلى
 ‌اى‌ يفعل الجرح ‌فى‌ عراقيبها، ‌و‌ قد تقدم نظير ذلك غيره مره.
 ‌و‌ الخشوع: الاخبات ‌و‌ التواضع، ‌و‌ المراد بعطف قلبه عليهم جعله مائلا اليهم محبا لهم، فان المرء مع ‌من‌ احب، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون الغرض ‌من‌ ذلك القربه الى الله بمحبتهم، فان محبتهم ‌من‌ محبته تعالى.
 ‌و‌ ‌كن‌ لى ‌اى‌ ‌دم‌ ‌و‌ استمر لى ‌من‌ كان التامه فالظرف ‌من‌ قوله: «لى» لغو متعلق ‌به‌ ‌و‌ «اللام» تفيد الايثار ‌و‌ النفع ‌من‌ قولهم: «كان له ‌و‌ كان عليه» ‌فى‌ ‌ان‌ المراد بالاول النفع ‌و‌ بالثانى المضره.
 قال صاحب المحكم: يقولون هذا لك ‌و‌ هذا عليك فيستعمل اللام فيما يوثره  و على فيما يكرهه. قالت الخنساء:
 ساحمل نفسى على آله
 فاما عليها ‌و‌ امالها
 ‌و‌ قال الاخر:
 فيوما علينا ‌و‌ يوما لنا
 ‌و‌ يوما نساء ‌و‌ يوما نسر
 ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء: «اللهم ‌كن‌ لى ‌و‌ ‌لا‌ تكن على»، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون ‌من‌ كان الناقصه ‌و‌ الظرف ‌هو‌ الخبر على تقدير كون خاص ‌هو‌ الخبر ‌فى‌ الحقيقه، ‌اى‌ ‌كن‌ عونا لى ‌و‌ نظيره قولهم: «من لى بكذا» ‌اى‌ ‌من‌ يكفل لى بكذا، ‌و‌ اشتراط النحويين الكون المطلق انما ‌هو‌ لجواز الحذف ‌لا‌ لوجوبه.
 ‌و‌ قوله: «كما تكون للصالحين» ‌فى‌ محل نصب صفه لمصدر محذوف ‌اى‌ كونا مثل كونك للصالحين، ‌و‌ معناه: ‌دم‌ نافعا لى مثل ‌ما‌ تدوم نافعا للصالحين، ‌و‌ ‌ان‌ حملتها على انها ناقصه فالمعنى اعنى مثل ‌ما‌ تعين الصالحين.
 قال الرضى: اذا كانت الافعال الناقصه طلبيه مع اخبارها اكتفى بالطلب فيها عن الطلب ‌فى‌ اخبارها ‌ان‌ كان الطلبان متساويين اذ الطلب فيها طلب ‌فى‌ اخبارها تقول: ‌كن‌ قائما، ‌اى‌ قم، ‌و‌ هل تكون قائما، ‌اى‌ هل تقوم انتهى.
 ‌و‌ حليته احليه تحليه: البسته الحليه بالكسر، ‌و‌ هى اسم لكل ‌ما‌ يتزين ‌به‌ ‌من‌ مصاغ الذهب ‌و‌ الفضه، ‌و‌ تطلق الحليه على الصفه ‌و‌ النعت ايضا ‌و‌ المعنيان محتملان هنا ‌و‌ الغرض سئوال اعداده للاتصاف بما اتصف ‌به‌ المتقون ‌من‌ التقوى التى هى عباره عن كمال التوقى عما يضر ‌فى‌ الاخره، ‌و‌ قد سبق الكلام عليها ‌و‌ على تفصيل  مراتبها فلا نعيد.
 قوله عليه السلام: «و اجعل لى لسان صدق ‌فى‌ الغابرين» اقتباس ‌من‌ قوله تعالى: حكايه عن ابراهيم عليه السلام ‌فى‌ الشعراء: «و اجعل لى لسان صدق ‌فى‌ الاخرين».
 قال العلامه الطبرسى: ‌اى‌ ثناء حسنا ‌فى‌ آخر الامم، ‌و‌ ذكرا جميلا ‌و‌ قبولا عاما ‌فى‌ الذين ياتون بعدى الى يوم القيامه، ‌و‌ العرب تضع اللسان موضع القول على الاستعاره لان القول يكون بها، ‌و‌ يقولون: «جائنى لسان فلان» ‌اى‌ مدحه ‌و‌ ذمه ‌و‌ قال:
 قال:
 انى اتتنى لسان ‌لا‌ اسربها
 ‌من‌ علو ‌لا‌ عجب منها ‌و‌ ‌لا‌ سخر
 ‌و‌ قيل: ‌ان‌ معناه ‌و‌ اجعل لى ولد صدق ‌فى‌ آخر الامم يدعو الى الله ‌و‌ يقوم بالحق ‌و‌ ‌هو‌ محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله، انتهى.
 ‌و‌ قد تقدم غير مره ‌ان‌ المراد بالصدق ‌فى‌ مثل هذا المقام مطلق الجوده ‌و‌ الحسن ‌لا‌ الصدق ‌فى‌ الحديث ‌و‌ ‌ان‌ كان اصله ذلك، لان الصدق ‌فى‌ الحديث مستحسن جيد عندهم حتى صاروا يستعملونه ‌فى‌ مطلق الجوده، فيقال: رجل صدق، ‌و‌ قدم صدق، ‌و‌ مقعد صدق ‌و‌ معنى كل ذلك جيد مستحسن.
 قال الرضى: ‌و‌ الاضافه ‌فى‌ نحو رجل صدق: للملابسه، ‌و‌ ‌هم‌ كثيرا ‌ما‌ يضيفون الموصوف الى مصدر الصفه نحو خبر السوء ‌اى‌ الخبر السى ء انتهى.
 ‌و‌ الغابرين جمع غابر بمعنى الباقى ‌من‌ غبر غبورا ‌من‌ باب- قعد- ‌اى‌ بقى قال:
 خير البرايا ‌من‌ مضى ‌و‌ ‌من‌ غبر
 ائمه عدتهم اثنى عشر
 
و معنى كونهم غابرين: ‌اى‌ باقين انهم لم ياتوا بعد ‌و‌ لم يخلقوا ‌و‌ ‌هو‌ معنى الاخرين ‌فى‌ الايه الشريفه.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و ذكرا ناميا ‌فى‌ الاخرين» تاكيد لما قبله فان المراد بالذكر الصيت الحسن ‌و‌ الذكر الجميل.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز لفلان ذكر ‌فى‌ الناس ‌اى‌ صيت ‌و‌ شرف ‌و‌ منه: «و انه لذكر لك ‌و‌ لقومك».
 ‌و‌ ناميا: ‌اى‌ رفيعا عاليا ‌من‌ نمى الشى ء ينمى ‌من‌ باب- رمى- نماء بالفتح ‌و‌ المد: ارتفع ‌و‌ علا، ‌او‌ كثيرا زائدا ‌من‌ نمى ينمى نماء ايضا، ‌و‌ ‌فى‌ لغه ينمو نموا ‌من‌ باب- قعد- اذا كثر ‌و‌ زاد، ‌و‌ ‌فى‌ الفقرتين دلاله على ‌ان‌ الذكر الجميل مرغوب فيه، لعموم اثره ‌و‌ شموله كل زمان ‌و‌ كل مكان بخلاف الحياه المستعاره، فان اثرها لايجاوز مسكن الحى، ‌و‌ لذلك قيل: الذكر الجميل حياه ثانيه. ‌و‌ قال الشاعر:
 ‌هو‌ الموت فاختر ‌ما‌ حلالك ذكره
 ‌و‌ لم يمت الانسان ‌ما‌ حيى الذكر
 ‌و‌ وافيت به: جئت به، ‌من‌ وافيت القوم: ‌اى‌ جئتهم ‌و‌ اتيتهم.
 ‌و‌ العرصه بفتح العين: كل بقعه واسعه ليس فيها بناء، ‌و‌ المراد بها هنا البقعه التى يقف فيها الاولون ‌من‌ ارض المحشر، ‌اى‌ اوصلنى اليها ‌و‌ احضرنى فيها ليكون حشرى معهم، ‌و‌ قيل: عرصه الدار ساحتها.
 ‌و‌ قال صاحب المحكم: عرصه الدار وسطها.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: العرصه ارض الدار ‌و‌ حيث بنيت.
 قال النضر: لو جلست ‌فى‌ بيت ‌من‌ بيوت الدار كنت جالسا ‌فى‌ العرصه بعد ‌ان‌ ‌لا‌ تكون ‌فى‌ العلو، انتهى.
 
و على هذا فيكون المراد بعرصه الاولين: مجتمعهم ‌فى‌ بحبوحه الجنه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و اوف بى» ‌و‌ هى بمعنى واف بى.
 قال ‌فى‌ القاموس: وافيت القوم اتيتهم كاوفيتهم.
 ‌و‌ المراد بالاولين المشار اليهم بقوله تعالى: «و السابقون الاولون ‌من‌ المهاجرين ‌و‌ الانصار». قال على ‌بن‌ ابراهيم: ‌هم‌ النقباء ‌و‌ ابوذر ‌و‌ المقداد ‌و‌ سلمان ‌و‌ عمار، ‌و‌ ‌من‌ آمن ‌و‌ صدق ‌و‌ ثبت على ولايه اميرالمومنين عليه السلام.
 ‌و‌ ‌فى‌ نهج البيان عن الصادق عليه السلام: انها نزلت ‌فى‌ على عليه السلام ‌و‌ ‌من‌ تبعه ‌من‌ المهاجرين ‌و‌ الانصار.
 ‌و‌ ‌فى‌ مجمع البيان: روى ابوالقاسم الحسكانى مرفوعا الى عبدالرحمان ‌بن‌ عوف ‌فى‌ قوله تعالى: «و السابقون الاولون» قال: ‌هم‌ عشره ‌من‌ قريش اولهم اسلاما على ‌بن‌ ابى طالب (عليه السلام).
 قال النيسابورى: ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ الايه عامه ‌فى‌ كل ‌من‌ سبق الى الهجره ‌و‌ النصره.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى: السابقون الاولون ‌هم‌ السابقون الى الايمان ‌و‌ الى الطاعات، ‌و‌ انما مدحهم بالسبق، لان السابق الى الشى ء يتبعه غيره فيكون متبوعا ‌و‌ غيره تابع فهو امام وداع له الى الخير يسبقه اليه. قال: ‌و‌ ‌فى‌ هذه الايه دلاله على فضل السابقين ‌و‌ مزيتهم على غيرهم لما لحقهم ‌من‌ انواع المشقه ‌فى‌ نصره الدين، فمنها: مفارقه العشائر ‌و‌ الاقربين، ‌و‌ منها: مباينه المالوف ‌من‌ الدين، ‌و‌ منها: نصره  الاسلام مع قله العدد ‌و‌ كثره العدو، ‌و‌ منها: السبق الى الايمان ‌و‌ الدعاء اليه انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه «و اوف ‌بى‌ عرصه الاوابين» ‌و‌ ‌هو‌ جمع اواب صيغه مبالغه ‌من‌ الاوب، ‌و‌ ‌هو‌ الرجوع باراده ‌و‌ قصد.
 قال الراغب: الاوب: ضرب ‌من‌ الرجوع، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ الاوب لايقال: الا ‌فى‌ الحيوان الذى له اراده، ‌و‌ الرجوع يقال فيه ‌و‌ ‌فى‌ غيره يقال: آب يوب اوبا ‌و‌ مابا ‌و‌ الاواب كالتواب ‌و‌ ‌هو‌ الراجع الى الله بترك المعاصى ‌و‌ فعل الطاعات ‌و‌ منه: قيل للتوبه اوبه، انتهى.
 ‌و‌ بذلك فسر قوله تعالى: «انه اواب».
 قال مجاهد ‌و‌ ابن زيد: ‌اى‌ راجع عن كل ‌ما‌ يكره الله الى كل ‌ما‌ يحب.
 ‌و‌ عن ابن عباس: انه المطيع، ‌و‌ فسره سعيد ‌بن‌ جبير بالمسبح ‌من‌ التاويب ‌و‌ ‌هو‌ التسبيح، ‌و‌ منه: «يا جبال اوبى معه» ‌اى‌ سبحى.
 ‌و‌ ‌من‌ العجيب ‌ما‌ وقع لبعضهم ‌فى‌ تفسير هذه الفقره ‌من‌ الدعاء ‌ان‌ المعنى كثر ‌بى‌ عرصه الاولين كانه اراد كثره الاولاد ‌او‌ اتمم ‌بى‌ عرصتهم لاكون آخرهم، ‌او‌ وفقنى لاستيفاء حقوقهم، انتهى ‌و‌ كل ذلك بعيد عن مدلول الكلام ‌و‌ الله اعلم.
 
قوله عليه السلام: «و تمم سبوغ نعمتك على» تمام الشى ء: انتهاوه الى ‌حد‌ لايحتاج الى شى ء خارج عنه.
 
و سبغت النعمه سبوغا ‌من‌ باب- قعد- اتسعت قال تعالى: «و اسبغ عليكم نعمه ظاهره ‌و‌ باطنه» قالوا الظاهره ‌ما‌ يقف عليها الانسان، ‌و‌ الباطنه ‌ما‌ لايعرفها .
 ‌و‌ ظاهرت الشى ء: تابعته ‌و‌ واليته كانه ‌من‌ المظاهره ‌و‌ هى التقويه ‌و‌ المعاونه، ‌اى‌ وال ‌و‌ تابع كرامات نعمتك عندى.
 ‌و‌ الكرامات: جمع كرامه، ‌و‌ هى الاسم ‌من‌ الاكرام ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يوصل الى الانسان نفع لايلحقه فيه غضاضه، ‌او‌ جعل ‌ما‌ يوصل اليه شيئا شريفا يوجب تشريفه ‌و‌ اعزازه ‌و‌ الله اعلم.
 الجمله الاولى مستانفه استينافا بيانيا ‌و‌ ‌ما‌ بعدها معطوف عليها كانه عليه السلام سئل كيف اتمم سبوغ نعمتى عليك ‌و‌ اظاهر كراماتها لديك؟ فقال: املا ‌من‌ فوائدك يدى وسق كرائم مواهبك الى الى آخره.
 ‌و‌ ملات الاناء ملا ‌من‌ باب «نفع» مهموز الاخر جعلت فيه مقدار ‌ما‌ ياخذه، ‌و‌ ملا اليد مجاز عن كثره العطاء، يقال: ملا يده بنواله اذا اجزل له العطيه ‌و‌ اكثر له المنحه، ‌و‌ ‌لا‌ يقصد ‌من‌ يتكلم ‌به‌ ملا ‌و‌ ‌لا‌ يدا بل ‌هو‌ ‌و‌ ‌ما‌ وقع مجازا عنه كانهما كلامان معتقبان على حقيقه واحده حتى انه يستعمل، ‌و‌ لو كان النوال اضعاف ‌ما‌ يملا اليدين بل لو كان المعطى اقطع اليدين فاعطاه معط عطاء جزلا لقالوا ملا بعطيته يده، ‌و‌ نظير ذلك بسط اليد ‌و‌ قبضها ‌فى‌ المجاز عن الجود ‌و‌ البخل، ‌و‌ قد سبق
 
شرحه فليقس عليه.
 ‌و‌ ساق الله اليه خيرا: منحه اياه ‌و‌ اوصله اليه ‌من‌ سوق الدابه ‌و‌ ‌هو‌ بعثها على السير.
 ‌و‌ كرائم المواهب: نفائسها ‌و‌ خيارها، ‌و‌ العرب تجعل الكرم صفه مدح لكل ممدوح، ‌و‌ نفيه ذما لكل مذموم تقول: ‌هو‌ سمين كريم ‌و‌ ‌ما‌ هذه الدار بواسعه ‌و‌ ‌لا‌ كريمه.
 ‌و‌ جاوره مجاوره صار جارا له ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ يقرب مسكنه منك.
 ‌و‌ «الباء» ‌فى‌ «جاور بى» للتعديه بمعناها الخاص، ‌و‌ هى المعاقبه للهمزه ‌فى‌ تصيير الفاعل مفعولا كذهب ‌به‌ بمعنى اذهبه، ‌اى‌ صير ‌بى‌ جارا للاطيبين جمع اطيب افعل تفضيل ‌من‌ طاب يطيب طيبا: اذا تعرى ‌من‌ دنس الجهل ‌و‌ الفسق، ‌و‌ طهر ‌من‌ نجاسه الخطايا ‌و‌ قبيح الاعمال، ‌و‌ لذلك تقول لهم الملائكه «سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين».
 قال جار الله: اراد ‌و‌ اطبتم ‌من‌ دنس المعاصى ‌و‌ طهرتم ‌من‌ خبث الخطايا، ‌و‌ لذلك عقبه بقوله: «فادخلوها خالدين» ليعلم ‌ان‌ الطهاره ‌من‌ المعاصى هى السبب ‌فى‌ دخول الجنه ‌و‌ الخلود فيها لانها دار طهرها الله ‌من‌ كل دنس فلا يدخلها الا ‌من‌ ‌هو‌ موصوف بصفتها.
 رزقنا الله بعميم فضله ‌و‌ حسن توفيقه.
 ‌و‌ قوله: «من اوليائك» بيان للاطيبين، ‌اى‌ الذين ‌هم‌ اولياوك ‌و‌ يحتمل التبعيض.
 
و الاولياء: جمع ولى فعيل بمعنى فاعل، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ توالت طاعته لله تعالى ‌من‌ غير ‌ان‌ يخللها عصيان ‌او‌ بمعنى مفعول ‌من‌ توالى عليه احسان الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌و‌ افضاله ‌و‌ قد مر الكلام عليه مبسوطا.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله عليه السلام: «فى الجنان»: اما لغو متعلق بجاور ‌او‌ مستقر حال ‌من‌ الاطيبين.
 ‌و‌ زينتها: ‌اى‌ خلقتها مزينه.
 قال الراغب: تزيين الله تعالى للاشياء قد يكون بابداعها مزينه ‌و‌ ايجادها كذلك ‌و‌ تزيين الناس للشى ء تزويقهم له.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ارض الجنه ‌من‌ ورق ‌و‌ ترابها مسك ‌و‌ اصول اشجارها ذهب ‌و‌ افنانها لولو ‌و‌ زبرجد ‌و‌ ياقوت ‌و‌ الورق ‌و‌ الثمر تحت ذلك ‌و‌ النصوص ‌من‌ القرآن ‌و‌ السنه ‌فى‌ هذا المعنى اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى.
 ‌و‌ الاصفياء: جمع صفى ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ اصطفاه الله تعالى ‌من‌ عباده، ‌اى‌ اختاره منهم ‌و‌ اصطفاوه تعالى يعود الى افاده الكمالات ‌و‌ المعارف عليهم بحسب ‌ما‌ وهبت لهم العنايه الالهيه ‌من‌ القبول ‌و‌ الاستعداد.
 ‌و‌ قال بعضهم: اصطفاء الله بعض عباده قد يكون باتخاذه اياه صافيا عن الشوب الموجود ‌فى‌ غيره ‌و‌ قد يكون باختياره ‌و‌ حكمه ‌و‌ ‌ان‌ لم يتخذه كذلك ‌من‌ الاول قال تعالى: «الله يصطفى ‌من‌ الملائكه رسلا ‌و‌ ‌من‌ الناس».
 ‌و‌ جلل الارض المطر بالتثقيل: عمها ‌و‌ طبقها فلم يدع شيئا الا غطى عليه ‌و‌ منه: «جللت الشى ء» اذا غطيته، يقال: جلله الله نعمه: ‌اى‌ غطاه بها ‌و‌ البسه اياها.
 
و الشرائف: جمع شريفه، ‌و‌ هى العاليه القدر الرفيعه المنزله، ‌و‌ اصلها ‌من‌ الشرف ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ علا ‌من‌ الارض.
 ‌و‌ النحل: جمع نحله بالكسر، ‌و‌ هى العطاء بغير عوض، يقال: نحلته انحله بفتحتين نحلا بالضم: اذا اعطيته تبرعا ‌و‌ ابتداء ‌من‌ غير عوض.
 ‌و‌ المقامات: جمع مقامه بالفتح.
 قال المطرزى: هى مفعله ‌من‌ القيام يقال: مقام ‌و‌ مقامه كمكان ‌و‌ مكانه ‌و‌ هما ‌فى‌ الاصل اسمان لموضع القيام الا انهم اتسعوا فيهما فاستعملوهما استعمال المكان ‌و‌ المجلس قال الله تعالى: «خير مقاما ‌و‌ احسن نديا» قال الشاعر:
 ‌و‌ كالمسك ترب مقاماتهم
 ‌و‌ ترب قبورهم اطيب
 انتهى.
 فالمراد بالمقامات الاماكن ‌و‌ المجالس.
 ‌و‌ المعده: المهياه، ‌من‌ اعددت الشى ء اعدادا: ‌اى‌ هياته بحيث يتناول وقت الحاجه اليه.
 ‌و‌ الاحباء: جمع حبيب، فعيل بمعنى مفعول ‌او‌ بمعنى فاعل، ‌و‌ اطلاقه بالمعنى الاول اشهر، ‌و‌ منه: «نحن ابناء الله ‌و‌ احباوه».
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الحبيب المحب.
 قالوا: محبه الله للعبد انعامه عليه، ‌و‌ محبه العبد له طلب الزلفى لديه، ‌و‌ قد سبق الكلام على ذلك ‌ما‌ يغنى عن الاعاده.
 
و المقيل: المكان الذى يووى اليه راحه للاسترواح الى الازواج ‌و‌ التمتع بمغازلتهن
 
و ملامستهن، سمى بذلك لان التمتع ‌به‌ يكون غالبا وقت القيلوله، ‌و‌ هى النوم نصف النهار.
 ‌و‌ قال الازهرى: القيلوله عند العرب الاستراحه نصف النهار اذا اشتد الحر ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن مع ذلك نوم، ‌و‌ الدليل على ذلك قوله تعالى: «اصحاب الجنه يومئذ خير مستقرا ‌و‌ احسن مقيلا» ‌و‌ الجنه ‌لا‌ نوم فيها.
 ‌و‌ عن ابنى عباس ‌و‌ مسعود: لاينتصف النهار يوم القيامه حتى يقيل اهل الجنه ‌فى‌ الجنه ‌و‌ اهل النار ‌فى‌ النار.
 ‌و‌ آوى الى منزله ياوى ‌من‌ باب- ضرب- اويا على فعول بالضم: انضم اليه ‌و‌ نزله ‌و‌ سكنه ‌و‌ اقام ‌به‌ ‌و‌ ربما عدى بنفسه فقيل: آوى منزله ‌و‌ جمله آوى اليه ‌فى‌ محل نصب صفه لمقيلا.
 ‌و‌ مطمئنا حال ‌من‌ الضمير ‌فى‌ آوى، ‌و‌ الاطمئنان: سكون النفس بعد الانزعاج ‌و‌ اطمان بالموضع اقام ‌به‌ ‌و‌ اتخذه وطنا.
 ‌و‌ المثابه مفعله ‌من‌ الثوب: ‌و‌ ‌هو‌ الرجوع، يقال: ثاب فلان الى داره يثوب ثوبا ‌من‌ باب- قال- اذا رجع ‌اى‌ مكانه ارجع اليها، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و اذ جعلنا البيت مثابه للناس» ‌اى‌ مكانا يثوب اليه الناس على مرور الاوقات، ‌و‌ قيل: مكانا يكتسب فيه الثواب.
 ‌و‌ تبوا المكان: ‌حل‌ ‌به‌ ‌و‌ اقام فيه.
 ‌و‌ قر عينا يقر ‌من‌ باب ضرب ‌و‌ تعب قره بالضم ‌و‌ تفتح ‌و‌ قرورا: ‌سر‌ ببلوغ امنيته، ‌و‌ اقر الله عينه سره، ‌و‌ قره العين: كل ‌ما‌ تسر ‌به‌ النفس ‌من‌ ولد ‌و‌ زوجه ‌و‌ مال.
 
قيل: اصله ‌من‌ القر بالضم ‌و‌ ‌هو‌ البرد، ‌و‌ جعل ذلك كنايه عن السرور لان للسرور دمعه بارده، ‌و‌ للحزن دمعه حاره ‌و‌ لذلك يقال: فيمن يدعى عليه اسخن الله عينه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌من‌ القرار ‌و‌ ‌هو‌ السكون، ‌و‌ معنى اقر الله عينه اعطاه ‌ما‌ تقر ‌و‌ تسكن ‌به‌ عينه فلا تطمح الى غيره.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «و اقر عينا» ‌فى‌ محل نصب اما على انها عطف على الجمله قبلها ‌و‌ هى ‌فى‌ محل نصب صفه لمثابه، ‌و‌ اما على انها حال ‌من‌ فاعل اتبوءها ‌و‌ ‌هو‌ ضمير المتكلم، ‌و‌ عينا منصوب على التمييز المحول عن الفاعل ‌و‌ اصله: ‌و‌ تقر عينى فحول الاسناد الى نفسه، ‌و‌ نصب عينا على التمييز مبالغه ‌و‌ توكيدا لان ذكر الشى ء مبهما، ثم مفسرا اوقع ‌فى‌ النفس ‌من‌ ذكره ‌من‌ اول الامر مفسرا.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه قديمه ‌و‌ ‌فى‌ بعض النسخ المتداوله: ضبط «و اقر» بالنصب، ‌و‌ وجهه انه عطف على مقيلا ‌او‌ مثابه فهو ‌من‌ باب نصب المضارع بعد واو العطف بان مضمره لعطفه على اسم صريح كقولها:
 ‌و‌ لبس عباءه ‌و‌ تقر عينى
 احب الى ‌من‌ لبس الشفوف
 ‌و‌ التقدير ‌و‌ قره عين، ‌و‌ انما قلنا انه عطف على مقيلا ‌او‌ مثابه لاختلافهم ‌فى‌ نحو: بكر ‌من‌ جائنى زيد ‌و‌ عمرو، ‌و‌ بكر هل ‌هو‌ معطوف على الاول ‌او‌ على الثانى ‌و‌ رجح بعض المتاخرين الاول ‌و‌ الله اعلم.
 قست الشى ء بالشى ء ‌و‌ عليه اقيسه قيسا ‌من‌ باب- باع- ‌و‌ قايسته ‌به‌ مقايسه ‌و‌ قياسا ‌من‌ باب- قاتل-: قدرته على مثاله، ‌و‌ المقياس المقدار، ‌اى‌ لاتجعل عقوبتى  بمقدار عظيمات الجرائر منى، ‌او‌ عظيمات جرائرى عند ‌من‌ جوز نيابه ال عن ضمير الحاضر المضاف اليه.
 ‌و‌ الجرائر جمع جريره ‌و‌ هى ‌ما‌ يجره الانسان ‌من‌ ذنب، فعيله بمعنى مفعوله، ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء القدسى: «و ‌لا‌ تقايسنى بسريرتى» ‌اى‌ ‌لا‌ تقدرنى عليها فتعاملنى بقبحها، ‌و‌ قول بعض مترجمى العجم معنى قوله: «لاتقايسنى» غير ظاهر، لكن قد جاء القيس بمعنى الشده فيكون المعنى ‌لا‌ تشدد على بسبب عظيمات الجرائر ‌لا‌ يلتفت اليه.
 قال الكفعمى ‌و‌ فيه نسخه: «لا تفاتشنى» بالفاء ‌و‌ التاء المثناه ‌و‌ الشين المعجمه مفاعله ‌من‌ الفتش كالضرب ‌و‌ ‌هو‌ طلب مع بحث.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ثالثه: «و ‌لا‌ تناقشنى» ‌من‌ المناقشه، ‌و‌ هى الاستقصاء ‌فى‌ الحساب، ‌و‌ النسخه الاولى المشهوره ‌و‌ هى المقايسه لابن السكون ‌و‌ الثانيه لابن ادريس ‌و‌ الثالثه لغيرهما.
 ‌و‌ الهلاك هنا بمعنى العذاب، ‌و‌ ‌هو‌ الهلاك الاكبر الذى ‌دل‌ عليه النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله بقوله: ‌لا‌ ‌شر‌ كشر بعده النار.
 ‌و‌ منه: «فهل يهلك الا القوم الفاسقون».
 قوله عليه السلام: «يوم تبلى السرائر» اقتباس ‌من‌ قوله تعالى ‌فى‌ سوره الطارق: «انه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر».
 قال النيسابورى اى: يمتحن ‌ما‌ اسر ‌فى‌ القلوب ‌من‌ العقائد ‌و‌ النيات ‌و‌ ‌ما‌ اخفى ‌من‌ الاعمال الحسنه ‌او‌ القبيحه ‌و‌ حقيقه البلاء ‌فى‌ حقه تعالى يرجع الى الكشف
 
و الاظهار كقوله تعالى «و نبلوا اخباركم» ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يعود البلاء الى المكلف لقوله تعالى: «هنالك تبلو كل نفس ‌ما‌ اسلفت انتهى.
 ‌و‌ قال الامين الطبرسى: السرائر: اعمال بنى آدم ‌و‌ الفرائض التى اوجبت عليه ‌و‌ هى سرائر بين الله ‌و‌ العبد ‌و‌ «تبلى»: ‌اى‌ تختبر تلك السرائر يوم القيامه حتى يظهر خيرها ‌من‌ شرها ‌و‌ موداها ‌من‌ مضيعها روى ذلك مرفوعا عن ابى الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ضمن الله خلقه اربع خصال: الصلاه ‌و‌ الزكاه ‌و‌ صوم رمضان ‌و‌ الغسل ‌من‌ الجنابه ‌و‌ هى السرائر التى قال الله تعالى «يوم تبلى السرائر». ‌و‌ عن معاذ ‌بن‌ جبل: قال: سالت رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌ما‌ هذه السرائر التى تبلى بها العباد ‌فى‌ الاخره؟ فقال: سرائركم هى اعمالكم ‌من‌ الصلاه ‌و‌ الصيام ‌و‌ الزكاه ‌و‌ الوضوء ‌و‌ الغسل ‌من‌ الجنابه ‌و‌ كل مفروض لان الاعمال كلها سرائر خفيه فان شاء قال الرجل: صليت ‌و‌ لم يصل ‌و‌ ‌ان‌ شاء قال: توضات ‌و‌ لم يتوضا فذلك قوله: «يوم تبلى السرائر» ‌و‌ قيل: يظهر الله اعمال كل احد لاهل القيامه حتى يعلموا على ‌اى‌ شى ء اثابه، ‌و‌ يكون فيه زياده سرور له، ‌و‌ ‌ان‌ يكن ‌من‌ اهل العقوبه يظهر عمله ليعلموا على ‌اى‌ شى ء عاقبه ‌و‌ يكون ‌فى‌ ذلك زياده ‌غم‌ له، ‌و‌ السرائر: ‌ما‌ اسره ‌من‌ خير ‌و‌ ‌شر‌ ‌و‌ ‌ما‌ اضمر ‌من‌ ايمان ‌و‌ كفر.
 ‌و‌ روى عن عبدالله ‌بن‌ عمر انه قال: يبدى الله يوم القيامه كل ‌سر‌ ‌و‌ يكون زينا ‌فى‌ الوجوه ‌و‌ شينا ‌فى‌ الوجوه انتهى.
 ‌و‌ الشك: الارتياب ‌و‌ ‌هو‌ خلاف اليقين.
 ‌و‌ الشبهه: بالضم الالتباس سميت بذلك لانها تشبه الحق ‌و‌ تلتبس به، ‌و‌ قد مضى الكلام عليهما مبسوطا.
 
و ‌فى‌ نسخه قديمه: «و ادرا عنى كل ‌شك‌ ‌و‌ شبهه» ‌اى‌ ادفع عنى ‌من‌ درات الشى ء درا ‌من‌ باب- نفع- مهموز الاخر: ‌اى‌ دفعته.
 ‌و‌ الطريق: السبيل الذى يطرق بالارجل: ‌اى‌ يضرب ثم استعير لكل مسلك يسلكه الانسان ‌فى‌ ‌حق‌ ‌او‌ باطل.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «من كل رحمه» ‌اى‌ بسبب كل رحمه لك ‌او‌ طريقا كائنا ‌من‌ كل رحمه ‌او‌ طريقا الى كل رحمه عند ‌من‌ اثبت «من» بمعنى «الى» ‌و‌ ‌هم‌ الكوفيون، ‌و‌ اختاره ابن مالك ‌فى‌ التسهيل ‌و‌ شرحه ‌و‌ استدل له بصحه قولك تقربت منه ‌و‌ ‌هو‌ بمعنى تقربت اليه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «من كل وجهه» ‌و‌ ‌هو‌ الانسب.
 ‌و‌ الوجهه بكسر الواو: الجهه، ‌و‌ قيل: هى كل مكان استقبلته.
 ‌و‌ اجزل له العطاء: اذا اوسعه ‌و‌ اكثره، ‌و‌ اصله ‌من‌ جزل الحطب بالضم جزاله اذا عظم ‌و‌ غلظ فهو جزل.
 ‌و‌ القسم جمع قسمه كسدره ‌و‌ سدر ‌و‌ هى اسم ‌من‌ قسمت الشى ء قسما ‌من‌ باب- ضرب- اذا جعلته حصصا ‌و‌ اجزاء ‌و‌ تطلق على النصيب ايضا.
 ‌و‌ المواهب: جمع موهبه ‌و‌ هى العطيه.
 ‌و‌ النوال: العطاء اسم ‌من‌ نولته المال تنويلا: ‌اى‌ اعطيته اياه.
 ‌و‌ وفرت عليه حقه توفيرا: اعطيته اياه جميعه ‌و‌ لم انقص منه شيئا.
 ‌و‌ الحظوظ: جمع حظ كفلس ‌و‌ فلوس، ‌و‌ ‌هو‌ النصيب.
 ‌و‌ الافضال: التفضل، ‌و‌ ‌هو‌ الاعطاء الذى لايلزم المعطى.
 
و وثقت ‌به‌ اثق بكسر هما ثقه ‌و‌ وثوقا: اعتمدت عليه ‌و‌ سكنت اليه.
 ‌و‌ الهم: عقد القلب على فعل شى ء قبل ‌ان‌ يفعل، خيرا كان ‌او‌ شرا قال:
 
هممت ‌و‌ لم افعل ‌و‌ كدت ‌و‌ ليتنى
 تركت على عثمان تبكى حلائله
 ‌و‌ استفرغت الشى ء استقصيته، ‌و‌ منه: استفرغ مجهوده ‌فى‌ كذا: اذا بذل جهده ‌و‌ طاقته فيه، ‌اى‌ اجعل همى جميعه مبذولا لما ‌هو‌ لك ‌من‌ الطاعه ‌و‌ العباده حتى ‌لا‌ اهم ‌و‌ ‌لا‌ اعقد قلبى على شى ء غيره ‌و‌ الله اعلم.
 استعملته: جعلته عاملا كاعملته، نحو استخرجته: بمعنى اخرجته، غير ‌ان‌ ‌فى‌ استفعل زياده مبالغه اذ لابد للزياده ‌من‌ معنى.
 ‌و‌ خالصه الرجل: ‌من‌ خالصه الود ‌و‌ صافاه المحبه، يقال: ‌هم‌ خالصتى. ‌و‌ التاء: فيها للدلاله على الجمع، نحو: سائله ‌و‌ وارده ‌و‌ شاربه.
 قال الرضى: ‌و‌ التاء ‌فى‌ مثل ذلك صفه الجماعه تقديرا. كانه قيل: جماعه خالصه فحذف الموصوف لزوما للعلم به.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «خاصتك» بدل «خالصتك» ‌و‌ المعنى واحد.
 ‌و‌ الاشراب: افعال ‌من‌ الشرب، يقال: شرب ‌هو‌ ‌و‌ اشربته انا اذا حملته على الشرب، ‌و‌ جعلته شاربا ‌و‌ اشرب الزرع: سقى ‌و‌ اشرب فلان حب فلان: ‌اى‌ خالطه كانه سقيه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و اشربوا ‌فى‌ قلوبهم العجل».
 قال الراغب: ‌من‌ عادتهم اذا ارادوا مخامره حب ‌او‌ بغض ‌فى‌ القلب ‌ان‌ يستعيروا لها اسم الشراب اذ ‌هو‌ ابلغ منجاع ‌فى‌ البدن لذلك قالت الاطباء: الماء مطيه  الاغذيه ‌و‌ الادويه ‌و‌ بركوبها يبلغ اقاصى الامكنه قال:
 تغلغل حيث لم يبلغ شراب
 ‌و‌ ‌لا‌ حزن ‌و‌ لم يبلغ سرور
 انتهى.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌من‌ قولهم اشرب الثوب الصبغ، ‌و‌ ثوب مشرب حمره اذا تداخل الصبغ اجزاءه ‌و‌ علت الحمره بياضه.
 قال ابن الاثير: اشرب قلبه كذا: ‌اى‌ ‌حل‌ محل الشراب ‌او‌ اختلط كما يختلط الصبغ بالثوب.
 ‌و‌ المعنى: اجعل قلبى شاربا طاعتك نافذه فيه نفوذ الماء فيما تغلغل فيه ‌او‌ متداخله اجزاوه مختلطه بها كما يتداخل الصبغ اجزاء الثوب ‌و‌ يختلط بها.
 ‌و‌ ذهل يذهل بفتحتين ذهولا غفل.
 ‌و‌ قيل: الذهول شغل يورث حزنا ‌و‌ نسيانا.
 ‌و‌ العقول جمع عقل ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا قوه ادراك الخير ‌و‌ الشر ‌و‌ التمييز بينهما ‌و‌ التمكن ‌من‌ معرفه اسباب الامور ذات الاسباب ‌و‌ ‌ما‌ يودى اليها ‌و‌ ‌ما‌ يمنع منها ‌و‌ ‌هو‌ بهذا المعنى مناط التكليف ‌و‌ الثواب ‌و‌ العقاب، ‌و‌ قد يطلق ‌و‌ يراد ‌به‌ معان اخر مذكوره ‌فى‌ مظانها.
 ‌و‌ الغنى يقال على معان:
 احدها: عدم الحاجه مطلقا، ‌و‌ ليس ذلك الا لله تعالى ‌و‌ ‌هو‌ المذكور ‌فى‌ قوله تعالى: «ان الله ‌هو‌ الغنى الحميد».
 
و الثانى: قله الحاجه ‌و‌ ‌هو‌ المذكور ‌فى‌ قوله عليه السلام الغنى غنى النفس ‌و‌ قول الشاعر:
 ‌ان‌ الغنى بالنفس ‌يا‌ هذه
 ليس الغنى بالثوب ‌و‌ الدرهم.
 ‌و‌ الثالث: كثره المال بحسب ضروب الناس ‌و‌ ‌هو‌ المراد ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌من‌ كان غنيا فليستعفف» ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا المعنى الثانى ‌و‌ اما المعنى الثالث فقد عبر عنه عليه السلام بالسعه ‌و‌ سياتى.
 ‌و‌ العفاف: حصول حاله للنفس تمتنع بها عن غلبه الشهوات يقال: عف يعف ‌من‌ باب- ضرب-: عفه بالكسر ‌و‌ عفافا بالفتح، ‌و‌ اصله الاقتصار على تناول القليل الجارى مجرى العفافه ‌و‌ هى البقيه ‌من‌ الشى ء.
 ‌و‌ الدعه: الراحه ‌و‌ خفض العيش ‌و‌ الهاء عوض ‌من‌ الواو يقال: ودع الرجل بضم الدال ‌و‌ فتحها ‌و‌ داعه بالفتح.
 ‌و‌ المعافاه: مصدر عافاه الله معافاه: ‌اى‌ محاعنه الاسقام ‌و‌ ازال عنه المرض.
 ‌و‌ الصحه بالكسر: حاله طبيعيه ‌فى‌ البدن تجرى افعاله معها على المجرى الطبيعى.
 ‌و‌ السعه: بسطه الرزق ‌و‌ كثره المال، ‌و‌ منه: «لينفق ذو سعه ‌من‌ سعته».
 ‌و‌ الطمانينه: سكون القلب ‌و‌ عدم قلقه ‌و‌ انزعاجه.
 ‌و‌ العافيه: دفع جميع المكروهات ‌فى‌ البدن ‌و‌ الباطن ‌فى‌ الدين ‌و‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 
قال بعضهم هى لفظ جامع لانواع خير الدارين.
 ‌و‌ لذلك ورد ‌فى‌ الحديث «ما سئل الله شيئا احب اليه ‌من‌ ‌ان‌ يسال العافيه».
 
و احبط الله عمله ابطله، ‌و‌ قد تقدم الكلام على معنى الاحباط ‌فى‌ هذه الروضه عند قوله عليه السلام «و طوقنى طوق الاقلاع عما يحبط الحسنات» فليرجع اليه.
 ‌و‌ شابه يشوبه شوبا: خلطه مثل شوب اللبن بالماء فهو مشوب، ‌و‌ المراد بالمعصيه التى يحبط بشوبها الحسنه: ‌ما‌ يفوت ثوابها كالصدقه المشوبه بالرياء، ‌او‌ المن ‌و‌ الاذى كما قال تعالى: «و ‌لا‌ تبطلوا صدقاتكم بالمن ‌و‌ الاذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس» فلاينافيه قوله تعالى «و آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا ‌و‌ آخر سيئا عسى الله ‌ان‌ يتوب عليهم ‌ان‌ الله غفور رحيم» فان المراد بهذا الخلط انهم تعاطوا هذا مره ‌و‌ ذلك مره ‌و‌ لم يشب العمل الصالح ‌ما‌ يفوت ثوابه حتى يحبطه، ‌و‌ قد علمت ‌ان‌ معنى احباط الحسنه عندنا فعلها على الوجه الذى لاينتهض سببا للثواب ‌لا‌ اسقاط ‌ما‌ تقدم ‌من‌ ثوابها بالمعصيه المتاخره، ‌و‌ لعل هذا ‌هو‌ السر ‌فى‌ التعبير بالواو دون الباء ‌فى‌ الايه الشريفه، فان قولك خلطت الماء باللبن يقتضى ايراد الماء على اللبن دون العكس، ‌و‌ قولك: «خلطت الماء ‌و‌ اللبن» معناه ايقاع الخلط بينهما ‌من‌ غير اختصاص احدهما بكونه مخلوطا ‌و‌ الاخر بكونه مخلوطا به، ‌و‌ ترك تلك الدلاله للدلاله على جعل كل منهما متصفا بالوصفين جميعا، ‌و‌ ذلك بورود كل ‌من‌ العملين على الاخر مره بعدا اخرى على ‌ما‌ قرره بعض المحققين ‌من‌ المفسرين.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى: ‌و‌ ‌فى‌ هذه الايه دلاله على بطلان القول بالاحباط،
 
لانه لوصح الاحباط لكان احد العملين اذا طرا على الاخر احبطه ‌و‌ ابطله فلم يجتمعا فلايكون لقوله: «خلطوا» معنى. قال: ‌و‌ قد يستعمل لفظ الخلط ‌فى‌ الجمع ‌من‌ غير امتزاج، يقال: خلطت الدراهم ‌و‌ الدنانير انتهى.
 قلت: ‌و‌ ‌من‌ هنا يظهر ايثار التعبير بالشوب دون الخلط ‌فى‌ عباره الدعاء اذ لابد ‌فى‌ الشوب ‌من‌ الامتزاج ‌و‌ ‌هو‌ الذى يكون سببا للاحباط بمعنى تفويته للثواب على ‌ما‌ عرفت، ‌و‌ بالجمله فالمراد بالشوب ‌فى‌ الدعاء غير الخلط ‌فى‌ الايه فلا منافاه بينهما.
 ‌و‌ الخلوات: جمع خلوه، ‌و‌ هى لغه الانفراد، يقال: خلا الرجل بنفسه ‌و‌ خلوت بزيد خلوه: ‌اى‌ انفردت ‌به‌ ‌و‌ اصطلاحا محادثه السر مع الحق بحيث لايرى غيره هذا حقيقه الخلوه ‌و‌ معناها، ‌و‌ اما صورتها فهو ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى هذا المعنى ‌من‌ التبتل الى الله تعالى ‌و‌ الانقطاع اليه.
 ‌و‌ عرض له عارض ‌من‌ باب ضرب: منعه مانع ظهر له يقال: سرت فعرض لى ‌فى‌ الطريق عارض ‌من‌ جبل ‌و‌ نحوه: ‌اى‌ مانع يمنعنى ‌من‌ المضى.
 ‌و‌ النزغات: جمع نزغه فعله ‌من‌ النزغ ‌و‌ ‌هو‌ دخول امر ‌فى‌ امر لافساده، يقال: نزغ الشيطان بين القوم: ‌اى‌ دخل بينهم فافسد امرهم ‌و‌ منه «من بعد ‌ان‌ نزغ الشيطان بينى ‌و‌ بين اخوتى».
 ‌و‌ الفتنه: البلاء ‌و‌ الامتحان، ‌و‌ اصلها ‌من‌ الفتن ‌و‌ ‌هو‌ ادخال الذهب النار لتظهر جودته ‌و‌ رداءته، ‌و‌ تستعمل الفتنه فيما يدفع اليه الانسان ‌من‌ شده ‌و‌ رخاء لامتحان صبره ‌و‌ شكره قال تعالى: «و نبلوكم بالشر ‌و‌ الخير فتنه».
 قال الراغب: الفتنه ‌فى‌ الشده: اظهر معنى ‌و‌ اكثر استعمالا ‌و‌ هى ‌من‌ الافعال التى تكون ‌من‌ الله ‌و‌ ‌من‌ العبد كالبليه ‌و‌ المصيبه ‌و‌ القتل ‌و‌ العذاب ‌و‌ غير ذلك ‌من‌
 
الافعال الكريهه، ‌و‌ متى كانت ‌من‌ الله تكون على وجه الحكمه ‌و‌ متى كانت ‌من‌ الانسان بغير امر الله تكون بضد ذلك، ‌و‌ لهذا يذم الله تعالى الانسان بايقاع الفتنه ‌فى‌ كل مكان نحو: ‌و‌ الفتنه اشد ‌من‌ القتل انتهى ‌و‌ المعنى لاتبطل خلواتى بما يمنعنى منها ‌من‌ دخول امر يفسدها ‌من‌ محنه ‌او‌ منحه قدرتها على لتمتحن بها صبرى ‌او‌ شكرى ‌و‌ الله اعلم.
 صانه صونا ‌من‌ باب- قال-: حفظه.
 ‌و‌ طلبت الى زيد اطلب ‌من‌ باب- قتل- طلبا محركه: رغبت اليه، ‌اى‌ سالته.
 ‌و‌ «من»: للتبعيض كما صرح ‌به‌ صاحب الكشاف ‌فى‌ قوله تعالى: «ما سبقكم بها ‌من‌ احد ‌من‌ العالمين».
 ‌و‌ المراد بالعالمين ‌فى‌ الدعاء: عالمى زمانه عليه السلام.
 ‌و‌ المراد بالدين هنا: الطاعه ‌و‌ الايمان ‌و‌ كمال العبوديه، ‌و‌ التماس الشى ء: طلبه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و ذبنى» بضم الذال المعجمه ‌و‌ فتح الباء الموحده المشدده ‌من‌ الذب: ‌و‌ ‌هو‌ الدفع.
 ‌و‌ الفاسقين: جمع فاسق، اسم فاعل ‌من‌ فسق فسوقا ‌من‌ باب- قعد-: خرج عن الطاعه، ‌و‌ الاسم الفسق بالكسر ‌و‌ يفسق بالكسر لغه حكاها الاخفش فهو  فاسق.
 قال ابن الاعرابى: ‌و‌ لم يسمع فاسق ‌فى‌ كلام الجاهليه مع انه عربى فصيح ‌و‌ نطق ‌به‌ الكتاب العزيز، ‌و‌ اصله خروج الشى ء ‌من‌ الشى ء على وجه الفساد يقال: فسقت الرطبه اذا خرجت ‌من‌ قشرها ‌و‌ كذلك كل شى ء خرج ‌من‌ قشره فقد فسق.
 ‌و‌ الفسق ‌فى‌ العرف: اعم ‌من‌ الكفر يقع بالقليل ‌و‌ الكثير ‌من‌ الذنوب لكن تعورف فيما كانت كثيره، ‌و‌ اكثر ‌ما‌ يقال الفاسق فيمن التزم حكم الشرع ‌و‌ اقربه ثم اخل بجميع احكامه ‌او‌ بعضها، قال تعالى: «و ‌من‌ كفر بعد ذلك فاولئك ‌هم‌ الفاسقون» ‌اى‌ ‌من‌ يستر نعمه الله فقد خرج عن طاعته ‌و‌ انما قيل: للكافر الاصلى فاسق لانه خرج عما التزمه العقل ‌و‌ اقتضته الفطره قال تعالى: «افمن كان مومنا كمن كان فاسقا» فقابل ‌به‌ الايمان فالفاسق اعم ‌من‌ الكافر، ‌و‌ الظالم اعم ‌من‌ الفاسق.
 ‌و‌ قال بعضهم: الفسق الخروج عن طاعه الله بارتكاب الكبيره التى ‌من‌ جملتها الاصرار على الصغائر ‌و‌ له طبقات ثلاث:
 الاولى: التغابى ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يرتكبها احيانا مستقبحا لها.
 ‌و‌ الثانيه: الانهماك: ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يعتاد ارتكابها غير مبال بها.
 ‌و‌ الثالثه: الجحود: ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يرتكبها مع جحود قبحها، ‌و‌ هذه الطبقه ‌من‌ مراتب الكفر فما لم يبلغها الفاسق لايسلب عنه اسم المومن لاتصافه بالتصديق الذى يدور عليه الايمان، ‌و‌ لقوله تعالى: «و ‌ان‌ طائفتان ‌من‌ المومنين اقتتلوا».
 
 
و المعتزله: لما قالوا الايمان: عباره عن مجموع التصديق ‌و‌ الاقرار ‌و‌ العمل، ‌و‌ الكفر: تكذيب الحق ‌و‌ جحوده ‌و‌ جعلوا الفسق قسما ثالثا سموه المنزله بين المنزلتين لمشاركته كلا ‌من‌ الايمان ‌و‌ الكفر ‌فى‌ بعض احكامه ‌و‌ جعلوا الفاسق نازلا بين منزلتى المومن ‌و‌ الكافر ‌و‌ انما سال عليه السلام اولا صيانه وجهه عن الطلب الى احد ‌من‌ العالمين لما ‌فى‌ سئوال الناس ‌من‌ الذل ‌و‌ الدنيه، ‌و‌ امتهان النفس مع كراهيه الله سبحانه للمساله منهم كما وردت ‌به‌ الاخبار عنهم عليهم السلام.
 فعن ابى عبدالله عليه السلام اياكم ‌و‌ سئوال الناس فانه ذل ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ فقر تعجلونه ‌و‌ حساب طويل يوم القيامه.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: رحم الله عبدا عف ‌و‌ تعفف ‌و‌ ‌كف‌ عن المساله فانه يتعجل الدنيه ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ ‌لا‌ يغنى الناس عنه شيئا.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى عليه ‌و‌ آله: ‌ان‌ الله تبارك ‌و‌ تعالى: احب شيئا لنفسه ‌و‌ ابغضه لخلقه ابغض لخلقه المساله، ‌و‌ احب لنفسه ‌ان‌ يسال، ‌و‌ ليس شى ء احب الى الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌من‌ ‌ان‌ يسال فلا يستحى احدكم ‌ان‌ يسال الله ‌من‌ فضله ‌و‌ لو شسع نعل.
 ‌و‌ عن ابى جعفر عليه السلام: لو يعلم السائل ‌ما‌ ‌فى‌ المساله ‌ما‌ سال احد احدا ‌و‌ لو يعلم المعطى ‌ما‌ ‌فى‌ العطيه ‌ما‌ ‌رد‌ احد احدا ‌و‌ الروايات ‌فى‌ هذا المعنى كثيره ‌و‌ سال عليه السلام ثانيا صيانه دينه عن التماس ‌ما‌ عند الفاسقين لما ‌فى‌ ذلك ‌من‌ المنافاه للدين ‌من‌ المعصيه ‌و‌ قله الورع ‌و‌ التعرض لمقت الله سبحانه ‌و‌ سخطه كما تظافرت ‌به‌ الاخبار عنهم صلوات الله عليهم.
 
فعن الصادق عليه السلام: اتقوا الله ‌و‌ صونوا دينكم بالورع ‌و‌ قووه بالتقيه ‌و‌ الاستغناء بالله انه ‌من‌ خضع لصاحب سلطان ‌و‌ لمن يخالفه على دينه طلبا لما ‌فى‌ يديه ‌من‌ دنياه اخمله الله ‌و‌ مقته عليه ‌و‌ وكله اليه فان ‌هو‌ غلب على شى ء ‌من‌ دنياه فصار اليه منه شى ء نزع الله البركه منه ‌و‌ لم ياجره على شى ء ينفقه ‌فى‌ ‌حج‌ ‌و‌ ‌لا‌ عتق ‌و‌ ‌لا‌ بر.
 ‌و‌ عن جهم ‌بن‌ حميد قال: قال لى ابوعبدالله عليه السلام: اما تغشى سلطان هولاء؟ قال: قلت: لاقال: ‌و‌ لم؟ قلت: فرارا بدينى قال: ‌و‌ عزمت على ذلك؟ قلت: نعم، قال: الان سلم لك دينك.
 ‌و‌ عن فضيل ‌بن‌ عياض قال: سالت ابا عبدالله عليه السلام عن الورع ‌من‌ الناس؟ قال: الذى يتورع عن محارم الله ‌و‌ يتجنب هولاء، ‌و‌ اذا لم يتق الشبهات وقع ‌فى‌ الحرام ‌و‌ ‌هو‌ ‌لا‌ يعرفه، ‌و‌ قد اسلفنا فيما تقدم ايراد اخبار كثيره ‌فى‌ هذا المعنى.
 
و الظالمون: جمع ظالم، ‌و‌ ‌هو‌ فاعل الظلم.
 قال الراغب: الظلم يقال: ‌فى‌ مجاوزه الحق الذى يجرى مجرى النقطه ‌من‌ الدائره، ‌و‌ يقال فيما يكثر ‌و‌ يقل ‌من‌ التجاوز ‌و‌ لهذا يستعمل ‌فى‌ صغير الذنوب ‌و‌ كبيرها.
 قال بعض الحكماء الظلم ثلاثه انواع:
 الاول: بين الانسان ‌و‌ بين الله تعالى ‌و‌ اعظمه الكفر ‌و‌ الشرك ‌و‌ النفاق ‌و‌ لذلك قال تعالى: «ان الشرك لظلم عظيم» ‌و‌ اياه قصد سبحانه بقوله: «الا لعنه الله على الظالمين».
 ‌و‌ الثانى: ظلم بينه ‌و‌ بين الناس ‌و‌ اياه قصد بقوله تعالى «انما السبيل على الذين  يظلمون الناس».
 ‌و‌ الثالث: ظلم بينه ‌و‌ بين نفسه ‌و‌ اياه قصد بقوله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ «فمنهم ظالم لنفسه» ‌و‌ قوله: ‌و‌ «لا تقربا هذه الشجره فتكونا ‌من‌ الظالمين» اى: ‌من‌ الظالمين انفسهم، ‌و‌ كل هذه الثلاثه ‌فى‌ الحقيقه ظلم للنفس فان الانسان اول ‌ما‌ يهم بالظلم فقد ظلم نفسه فاذا الظالم ابدا مبتدا بنفسه ‌فى‌ الظلم فلهذا قال ‌فى‌ غير موضع: «و ‌ما‌ ظلمهم الله ‌و‌ لكن كانوا انفسهم يظلمون» انتهى.
 اذا عرفت ذلك: فالمراد بالظالمين ‌فى‌ الدعاء ‌ما‌ يتناول الانواع الثلاثه ‌من‌ الظلم.
 ‌و‌ الظهير المعين ‌اى‌ لاتجعلنى معينا للظالمين لاجل ظلمهم، لان ترتب الحكم على الوصف مشعر بالعليه كما تقرر ‌فى‌ الاصول فلا ينافيه قوله عليه السلام: ‌و‌ انصر اخاك ظالما ‌او‌ مظلوما فقيل: كيف ينصره ظالما؟ قال: يكفه عن الظلم.
 ‌و‌ انما سمى الكف عن الظلم نصرا لانه ينصره بذلك على الشيطان الذى يغويه ‌و‌ على نفسه التى تامر بالسوء.
 ‌و‌ المحو: الازاله ‌و‌ اذهاب الاثر يقال: محاه محوا ‌من‌ باب- قتل-: اذا ازاله ‌و‌ اذهب اثره ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا ابطال احكام الكتاب العزيز ‌و‌ عدم العمل ‌به‌ باوامره ‌و‌ نواهيه.
 ‌و‌ يدا: ‌اى‌ معينا ‌و‌ مقويا لهم على ذلك، ‌و‌ اصله ‌من‌ اليد بمعنى الجارحه لما لها ‌من‌ القوه.
 ‌و‌ النصير: فعيل بمعنى فاعل ‌من‌ نصرته نصرا ‌من‌ باب- قتل-: ‌اى‌ اعنته ‌و‌ قويته. ‌و‌ حاطه حوطا ‌من‌ باب- قال- ‌و‌ حيطه ‌و‌ حياطه: حفظه ‌و‌ صانه.
 ‌و‌ حيث: عباره عن مكان مبهم يشرح بالجمله التى بعده، ‌اى‌ احفظنى ‌من‌ حيث  لا اعلم ‌ما‌ يرادنى ‌و‌ كانه تلميح الى قوله تعالى: «سنستدرجهم ‌من‌ حيث لايعلمون».
 قال الطبرسى: المعنى سنستدرجهم قليلا قليلا الى الهلاك حتى يقعوا فيه بغته ‌من‌ حيث لايعلمون ‌ما‌ يراد بهم.
 ‌او‌ ‌من‌ حيث ‌لا‌ اعلم انى ماخوذ منه، فان الانسان اذا علم ‌من‌ حيث يوتى اتقاه ‌و‌ تحرز منه، ‌و‌ اذا لم يعلم لم يتحرز منه حتى يقع فيه كما قال:
 ارى الشى ء مما اتقى فاخافه
 ‌و‌ مالا ارى مما يقى الله اكثر
 ‌و‌ قيل: المعنى حطنى ‌من‌ حيث ‌لا‌ اعلم كيف احوط نفسى ‌او‌ حطنى بدون علم منى.
 ‌و‌ قوله: تقينى بها: ‌اى‌ كل سوء فحذف المفعول للتعميم مع الاختصار بقرينه ‌ان‌ المقام مقام المبالغه ‌فى‌ طلب الوقايه.
 ‌و‌ فتح ابواب التوبه ‌و‌ الرحمه ‌و‌ الرافه ‌و‌ الرزق: عباره عن الاعداد للوصول اليها ‌و‌ ‌هو‌ استعاره مكنيه تخييليه مرشحه.
 ‌و‌ الرافه: ادق ‌من‌ الرحمه، ‌و‌ ‌لا‌ تكاد تقع ‌فى‌ المكروه ‌و‌ الرحمه قد تقع ‌فى‌ المكروه للمصلحه.
 ‌و‌ جمله: «انى اليك ‌من‌ الراغبين» تعليل للسئوال، ‌او‌ لاعطاء المسوول.
 ‌و‌ اتمام الانعام قيل: عباره عن فعل ‌ما‌ يقتضيه ‌و‌ تبقيته على صاحبه ‌و‌ الزياده فيه.
 ‌و‌ قيل: اسداوه ‌من‌ غير نقص.
 
و قيل: اتمام الانعام: دخول الجنه.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «انك خير المنعمين» تعليل للدعاء، ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه، فان كونه خير المنعمين مقتض لافاضه الانعام ‌و‌ اتمامه ‌و‌ الله اعلم.
 
باقى العمر: ‌ما‌ تاخر منه ‌و‌ ‌هو‌ خلاف ماضيه ‌من‌ قولهم: بقى ‌من‌ الدين كذا ‌من‌ باب- تعب-: ‌اى‌ فضل ‌و‌ تاخر ‌و‌ لم يقض.
 ‌و‌ اصل الحج: القصد، ‌و‌ خص ‌فى‌ عرف الشرع بقصد بيت الله الحرام اقامه للنسك.
 ‌و‌ العمره: اسم ‌من‌ الاعتمار، ‌و‌ ‌هو‌ الزياره لان فيها عماره الود ‌و‌ خصت ‌فى‌ عرف الشرع، زياره البيت بشروط مخصوصه مذكوره ‌فى‌ محلها، ‌و‌ تسمى الحج الاصغر.
 ‌و‌ ابتغاء الشى ء: الاجتهاد ‌فى‌ طلبه.
 ‌و‌ وجهه تعالى: عباره عن رضوانه ‌و‌ ثوابه، لانه الجهه التى امر بابتغائها، ‌اى‌ اجعل ‌ما‌ بقى ‌من‌ عمرى مصروفا ‌فى‌ الحج ‌و‌ العمره لاجل طلب رضوانك ‌و‌ ثوابك.
 ‌و‌ النداء: لاظهار مزيد الضراعه، ‌و‌ استدعاء الاجابه.
 ‌و‌ ختم الدعاء بالصلاه على محمد ‌و‌ آله لما مر مرارا ‌من‌ ‌ان‌ الدعاء لايزال محجوبا حتى يصلى على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد صلوات الله ‌و‌ سلامه عليهم.
 ‌و‌ الابد: الدهر الطويل الذى ليس بمحدود.
 ‌و‌ قال الراغب: الابد: عباره عن مده الزمان الممتد الذى لايتجزى كما يتجزى الزمان ‌و‌ ذلك انه يقال: زمان كذا، ‌و‌ ‌لا‌ يقال: ابد كذا.
 
و قالت الحكماء: الابد: استمرار الوجود ‌فى‌ ازمنه مقدره غير متناهيه ‌فى‌ جانب المستقبل، كما ‌ان‌ الازل: استمرار الوجود ‌فى‌ ازمنه مقدره غير متناهيه ‌فى‌ جانب الماضى، ‌و‌ الابدى ‌ما‌ ‌لا‌ يكون منعدما.
 ‌و‌ معنى ابد الابدين: مده بقاء الباقين على الابد.
 قال الجوهرى: يقال: ‌لا‌ افعله ابد الابدين كما يقال: دهر الداهرين ‌و‌ عوض العائضين، ‌و‌ عوض: معناه الابد.
 قال الرضى: معنى الداهر ‌و‌ العائض الذى يبقى على وجه الدهر فكان المعنى ‌ما‌ بقى على الدهر داهر. ‌و‌ الله اعلم.
 هذا آخر الروضه السابعه ‌و‌ الاربعين ‌من‌ رياض السالكين ‌و‌ قد وفق الله سبحانه بمنه ‌و‌ انعامه لاتمامها.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^