فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 47- 2

حواه يحويه حوايه: ضمه ‌و‌ جمعه.


 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «لا يحوزك» ‌من‌ حازه يحوزه حوزا ‌و‌ حيازه: بمعنى ضمه ‌و‌ جمعه ايضا.
 ‌و‌ المكان ‌فى‌ اللغه: الموضع الحاوى للشى ء، ‌و‌ عند الحكماء: ‌هو‌ السطح الباطن الحاوى المماس للسطح الظاهر ‌من‌ الجسم المحوى.
 ‌و‌ قال بعضهم: انه عرض ‌و‌ ‌هو‌ اجتماع جسمين: حاو ‌و‌ محوى، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ يكون سطح الجسم الحاوى محيطا بالجسم المحوى، فالمكان ‌هو‌ المناسبه بين هذين الجسمين، ‌و‌ عند المتكلمين: ‌هو‌ الفراغ المتوهم الذى يشتغل الجسم ‌و‌ تنفذ فيه ابعاده ‌و‌ لما كان تعالى مبرء عن الجسميه ‌و‌ لو احقها ‌و‌ كل ‌ما‌ كان كذلك فهو برى عن المكان ‌و‌ لو احقه فينتج انه برى ء عن المكان ‌و‌ لو احقه فصدق انه ‌لا‌ يحويه مكان ‌و‌ لم يقم لسلطانك سلطان: ‌اى‌ لم يطقه ‌و‌ لم يقدر على مقاومته.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌ما‌ قام له ‌و‌ ‌لا‌ يقوم له اذا لم يطقه.
 
و السلطان: التسلط ‌و‌ القهر ‌و‌ الغلبه، ‌اى‌ لم يطق ‌ان‌ يضاهى ‌او‌ يدافع قهرك ‌و‌ غلبتك قهر ‌و‌ غلبه لغيرك، لان كل ‌ما‌ سواه مقهور تحت اقتداره ‌و‌ سلطانه ‌و‌ غلبته، خاضع بذل الافتقار اليه، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون المراد بالسلطان هنا: الحجه، ‌اى‌ لم يقدر على دفع حجتك ‌و‌ مقاومتها حجه.
 وعى بالامر ‌و‌ عن حجته يعيا ‌من‌ باب- تعب- عيا: عجز عنه، ‌و‌ اعياه اعياء: اعجزه.
 ‌و‌ ‌فى‌ الصحاح: عييت بامرى اذا لم تهتد لوجهه، ‌و‌ اعيانى هو.
 ‌و‌ البرهان: الحجه الواضحه.
 ‌و‌ البيان: ‌فى‌ الاصل اسم ‌من‌ بان الشى ء يبين فهو بين، ‌و‌ ابان ابانه ‌و‌ بين ‌و‌ استبان كلها بمعنى الوضوح ‌و‌ الانكشاف، ‌و‌ جميعها يستعمل لازما ‌و‌ متعديا الا الثلاثى فلا يكون الا لازما، ثم خص بايضاح المتكلم المراد للسامع، ‌و‌ اظهار المعنى ‌و‌ كشفه، ‌و‌ قد يفسر باخراج الشى ء ‌من‌ حيز الاشكال الى ‌حد‌ التجلى، ‌و‌ المعنى انه تعالى لم يعجزه اقامه برهان ‌و‌ حجه على احد ‌و‌ ‌لا‌ بيان ‌ما‌ اراد بيانه ‌و‌ ايضاحه لبرائته ‌من‌ العجز عن شى ء.
 
قوله عليه السلام: «و احصيت كل شى ء عددا» اقتباس ‌من‌ قوله تعالى ‌فى‌ سوره الجن: «و احاط بما لديهم ‌و‌ احصى كل شى ء عددا» يقال: احصيت كذا احصاء: اذا حصلته بالعدد، ‌و‌ اصله ‌من‌ لفظ الحصى، ‌و‌ ذلك انهم كانوا يعتمدونه بالعدد كاعتمادنا فيه على الاصابع.
 ‌و‌ قيل: كانوا اذا بلغ الحساب عقدا معينا ‌من‌ عقود الاعداد كالعشره ‌و‌ المائه ‌و‌ الالف وضعوا حصاه ليحفظوا بها كميه ذلك العقد فيبنى عليه حسابه، ‌و‌ احصى كل شى ء: ‌اى‌ حصله ‌و‌ احاط به.
 قال ابن عباس: ‌اى‌ احصى ‌ما‌ خلق ‌و‌ عرف عدد ‌ما‌ خلق لم يفته علم شى ء حتى مثاقيل الذر ‌و‌ الخردل.
 ‌و‌ قيل: معناه عد جميع المعلومات المعدومه ‌و‌ الموجوده عدا، فعلم صغيرها ‌و‌ كبيرها، ‌و‌ قليلها ‌و‌ كثيرها، ‌و‌ ‌ما‌ كان ‌و‌ ‌ما‌ ‌لا‌ يكون ‌و‌ ‌ما‌ كان لو لم يكن كيف كان ‌و‌ ‌ما‌ لم يكن لو كان كيف كان.
 ‌و‌ قيل: معناه ‌لا‌ شى ء يعلمه عالم ‌او‌ يذكره ذاكر الا ‌و‌ ‌هو‌ تعالى عالم ‌به‌ ‌و‌ محص له.
 ‌و‌ قال صاحب الكشاف: احصى كل شى ء ‌من‌ القطر ‌و‌ الرمل ‌و‌ ورق الاشجار ‌و‌ زبد البحار.
 ‌و‌ قال الجبائى: الاحصاء فعل فلا يجوز ‌ان‌ يقال احصى ‌ما‌ ‌لا‌ يتناهى كما ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يقال: علم ‌ما‌ ‌لا‌ يتناهى، فان حمل على العلم تناول جميع المعلومات، ‌و‌ ‌ان‌ حمل على العد تناول جميع الموجودات.
 ‌و‌ قوله: «عددا» ‌اى‌ فردا فردا، ‌و‌ ‌هو‌ تمييز منقول ‌من‌ المفعول ‌به‌ كقوله تعالى: «و فجرنا الارض عيونا» ‌و‌ الاصل: احصى عدد كل شى ء.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ حال، ‌اى‌ ضبط كل شى ء معدودا محصورا.
 ‌و‌ قيل: مصدر بمعنى احصاء لان احصى بمعنى عد، ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و جعلت لكل شى ء امدا» اى: غايه ينتهى اليها يقال: بلغ امده: ‌اى‌ غايته، ‌و‌ المراد بالشى ء هنا كل موجود سواه تعالى بقضيه العقل لاستحاله انتهائه سبحانه الى غايه، فقوله: «لكل شى ء» عام مخصص بمنفصل
 
كقوله تعالى: «خالق كل شى ء» لاستحاله كونه تعالى مخلوقا، ‌و‌ المعنى انه سبحانه جعل لكل موجود غايه ينتهى اليها وجوده، فلا يتجاوزها حتى اذا انتهى اليها فنى ‌و‌ عدم، كما وردت الاشاره اليه ‌فى‌ القرآن المجيد بقوله تعالى: «كل ‌من‌ عليها فان ‌و‌ يبقى وجه ربك ذو الجلال ‌و‌ الاكرام» ‌و‌ قوله: «كل شى ء هالك الا وجهه» ‌و‌ قوله: «هو الذى يبدوا الخلق ثم يعيده» ‌و‌ معلوم ‌ان‌ الاعاده انما تكون بعد العدم، ‌و‌ كل ذلك صريح ‌فى‌ ‌ان‌ لكل شى ء امدا ينتهى اليه ‌فى‌ وجوده ثم يعدمه الله سبحانه ‌و‌ يفنيه، ‌و‌ ليس بدائم الوجود غير منته الى غايه لامتناع عدمه، ‌و‌ ‌هو‌ الذى اتفق عليه اهل الحق ‌من‌ الاسلاميين ‌و‌ غيرهم، ‌و‌ اجمعوا على القضاء بصحه فناء العالم ‌و‌ اجزائه ‌و‌ جواهره ‌و‌ اعراضه ‌و‌ فيه ‌رد‌ على الفلاسفه ‌و‌ الفرق الزائغه.
 فذهب الفلاسفه الى ‌ان‌ اجسام الافلاك ‌و‌ نفوسها ‌و‌ العقول التى هى مباديها ‌و‌ الجسم المشترك بين العناصر ‌و‌ النفوس الانسانيه ‌لا‌ غايه لبقائها ‌و‌ ‌لا‌ يتصور عليها الفناء ‌و‌ العدم، ‌و‌ اما الازمنه ‌و‌ الحركات الدوريه الفلكيه فان آحاد اشخاصها ‌و‌ ‌ان‌ تصور عليها الفناء ‌و‌ العدم ‌و‌ كان لكل منها غايه ‌و‌ امد فلا يتصور الفناء ‌و‌ العدم على جملتها، بمعنى انه ‌ما‌ ‌من‌ زمان ‌و‌ ‌لا‌ حركه الا ‌و‌ بعده زمان ‌و‌ حركه.
 ‌و‌ ذهب الجاحظ ‌و‌ ابن الراوندى ‌و‌ جماعه ‌من‌ الكراميه الى ‌ان‌ ‌ما‌ وجد ‌من‌ الجواهر ‌لا‌ يتصور عدمه مطلقا ‌و‌ ‌ان‌ الله تعالى لو اراد اعدامه لم يكن ذلك مقدورا له فلا يكون لوجوده امد ‌و‌ غايه ينتهى اليها تعالى الله عما يقول الجاحدون علوا كبيرا.
 قوله عليه السلام: «و قدرت كل شى ء تقديرا» ‌اى‌ جعلت كل شى ء بمقدار معلوم حسب ‌ما‌ اقتضته الحكمه ‌و‌ المصلحه، ‌و‌ قد مر الكلام على ذلك ‌فى‌ شرح هذا الدعاء فلا نعيده.
 
قصرت الاوهام: ‌اى‌ عجزت، يقال: قصرت عن الشى ء قصورا ‌من‌ باب- قعد- ‌اى‌ عجزت.
 غير ‌ان‌ اكثر النسخ المشهوره على ضبط قصرت بالضم ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ قصر خلاف طال، ‌و‌ مصدره القصر كعنب، فالمعنى على هذا ‌ان‌ الاوهام تناهت ‌و‌ انقطعت عن ادراك ذاتيتك.
 ‌و‌ ذاتيته تعالى: عباره عن كنهه ‌و‌ حقيقته القائمه بذاتها، فان ياء النسبه اذا لحقتها (لحفتها) التاء افادت معنى المصدريه كالالوهيه ‌و‌ الربوبيه، ‌و‌ انما قصرت الاوهام عن ادراك ذاتيته تعالى، لان الوهم انما يتعلق بالامور المحسوسه ‌و‌ ذات الصور ‌و‌ الاحياز، حتى انه ‌لا‌ يدرك نفسه الا ‌و‌ يقدرها ذات مقدار ‌و‌ حجم، فلو ادرك ذاتيته تعالى لادركها ‌فى‌ جهه ‌و‌ حيز ذات مقدار، ‌و‌ صوره شخصيه متعلقه بالمحسوس، ‌و‌ كل ذلك ‌فى‌ ‌حق‌ الواجب المنزه عن شوائب الكثره محال، ‌و‌ يمكن ‌ان‌ يراد بالوهم: النفس ‌و‌ قواها لان النفس ‌فى‌ معرفه الواجب كالوهم، ‌و‌ قد سبق الكلام على هذا المطلب بابسط ‌من‌ هذا.
 ‌و‌ الافهام: جمع فهم ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل بمعنى تصور المعنى ‌من‌ لفظ المخاطب، ثم اطلق على قوه النفس الفاهمه.
 قال الراغب: ‌و‌ قد يطلق على العقل ‌و‌ ‌ان‌ كانت مرتبته دون مرتبه العقل، فقوه الفهم ‌ان‌ يدرك الاشياء الجزئيه، ‌و‌ العقل يدرك كلياتها ‌و‌ معنى ذلك ‌ان‌ العقل يعرف ‌ان‌ العداله حسنه، ‌و‌ الظلم قبيح ‌و‌ الفهم يميز ‌و‌ يدبر كل واحد ‌من‌ الفعل هل ‌هو‌ عدل ‌او‌ ظلم.
 ‌و‌ المراد بكيفيته تعالى: ‌ما‌ ينبغى له ‌من‌ الصفات اللائقه ‌به‌ المخصوصه ‌به‌ التى ‌لا‌ يعلم حقيقتها غيره تعالى، ‌و‌ اطلاق لفظ الكيفيه عليها على سبيل التوسع ‌و‌ التجوز لتعاليه ‌جل‌ شانه عما يتبادر الى الاذهان ‌من‌ اطلاق هذا اللفظ ‌و‌ غيره ‌من‌ الالفاظ المشتركه، مثل الذات ‌و‌ الموجود ‌و‌ العالم ‌و‌ القادر ‌و‌ السميع ‌و‌ البصير، فيجب حملها عند اطلاقها عليه على المعنى الذى يليق بشانه، ‌و‌ اعتقاد ‌ان‌ ذاته ‌و‌ وجوده ‌و‌ علمه ‌و‌ قدرته ‌و‌ سمعه ‌و‌ بصره ليست كذواتنا ‌و‌ وجودنا ‌و‌ علمنا ‌و‌ قدرتنا ‌و‌ سمعنا ‌و‌ بصرنا، ‌و‌ ‌ان‌ المراد منها ‌فى‌ شانه ‌ما‌ ‌هو‌ اعلى ‌و‌ اشرف مما يصل الى عقولنا، ‌و‌ ‌ان‌ الاشتراك ليس الا بمجرد اللفظ فقط ‌من‌ غير اشتراك ‌فى‌ المعنى بوجه ‌من‌ الوجوه، فاستعمالها ‌فى‌ حقه تعالى كاستعمال الالفاظ ‌فى‌ مجازاتها.
 هذا ‌و‌ اطلاق الكيفيه عليه سبحانه بهذا المعنى وقع ‌فى‌ حديث رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى ‌فى‌ باب اطلاق القول بانه شى ء عن ابى عبدالله عليه السلام حيث قال: ‌و‌ لكن لابد ‌من‌ اثبات ‌ان‌ له كيفيه ‌لا‌ يستحقها غيره ‌و‌ ‌لا‌ يشاركه فيها ‌و‌ ‌لا‌ يحاط بها ‌و‌ ‌لا‌ يعلمها غيره انتهى.
 فقوله عليه السلام: «لا يستحقها غيره» الى آخره احتراز عن توهم ‌ان‌ المراد بالكيفيه المعنى المعروف لغه ‌و‌ عرفا ‌و‌ هى الهيئه الحاصله للشى ء باعتبار اتصافه بالصفات التابعه للحدوث الموجبه لتغير موصوفاتها ‌و‌ تاثر موضوعاتها، فان هذا المعنى محال ‌فى‌ شان الواجب بالذات ‌جل‌ جلاله، ‌و‌ قد وقع التصريح بنفيها عنه تعالى ‌فى‌  غير موضع ‌من‌ كلامهم عليهم السلام.
 فمنه قول اميرالمومنين صلوات الله عليه ‌من‌ خطبه له: ‌لا‌ تقع الاوهام له على صفه، ‌و‌ ‌لا‌ تعقد القلوب منه على كيفيه.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «ما وحده ‌من‌ كيفه» ‌اى‌ وصفه بكيفيه.
 ‌و‌ قول الباقر عليه السلام: ليس لكونه كيف، ‌و‌ ‌لا‌ له اين كان اولا بلا كيف ‌و‌ يكون آخرا بلا اين.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: كيف اصف ربى بالكيف، ‌و‌ الكيف مخلوق، ‌و‌ الله ‌لا‌ يوصف بخلقه، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ اخبارهم عليهم السلام كثير جدا.
 قال بعض علمائنا: قول اميرالمومنين عليه السلام: «ما وحده ‌من‌ كيفه» ‌دل‌ بالمطابقه على سلب التوحيد له عمن وصفه بالكيفيه ‌و‌ بالالتزام على انه ‌لا‌ يجوز تكيفه لمنافاه ذلك للتوحيد. ‌و‌ بيانه: انهم رسموا الكيفيه بانها: هيئه قاره ‌فى‌ المحل ‌لا‌ يوجب اعتبار وجودها فيه نسبه الى امر خارج عنه ‌و‌ ‌لا‌ قسمه ‌فى‌ ذاته ‌و‌ ‌لا‌ نسبه واقعه ‌فى‌ اجزائه.
 فتبين ‌ان‌ وصفه بها يستلزم تثنيته اذ هى صفه زائده على الذات، ‌و‌ ‌هو‌ تعالى ليس له صفه تزيد على ذاته فينافى اثباتها له توحيده تعالى.
 هذا ‌و‌ لك حمل الكيفيه ‌فى‌ عباره الدعاء على هذا المعنى الذى رسموا الكيفيه به، فيكون نفيها عنه تعالى ‌من‌ باب نفى الشى ء بلازمه، لان معنى عجز الافهام عن كيفيه نفى ادراكها لكيفيته ‌و‌ نفى ادراكها لكيفيته لنفى كيفيته، اذ ‌لا‌ كيفيه له تعالى بهذا المعنى.
 
و الحاصل: انه ‌لا‌ كيفيه فلا ادراك كقول الشاعر:
 على لاحب ‌لا‌ يهتدى بمناره
 نفى الاهتداء لنفى المنار ‌اى‌ ‌لا‌ منار فلا اهتداء ‌و‌ يسمى هذا القسم ‌من‌ النفى نفى الشى ء بايجابه ايضا، ‌و‌ قد تقدم له نظائر.
 قوله عليه السلام: «و لم تدرك الابصار موضع اينيتك» الاينيه حاله تعرض للشى ء بسبب حصوله ‌فى‌ المكان، سميت بذلك لان اين اسم موضع للاستفهام ‌به‌ عن المكان، ‌و‌ انما لم تدرك الابصار موضع اينيته تعالى لانه ‌لا‌ اينيه له لتنزهه عن الجسميه ‌و‌ لواحقها، ‌و‌ الحصول ‌فى‌ المكان تابع للجسميه، فالاينيه محال عليه سبحانه.
 ‌و‌ قيل: يحتمل ‌ان‌ يراد باينيته تعالى اينيته غير الاين اللازم للمحدث ‌او‌ الملزوم له، بل معنى يليق بشانه على نحو ‌ما‌ قيل ‌فى‌ الكيفيه، ‌و‌ الاولى ‌ان‌ هذه الفقره ‌من‌ باب نفى الشى ء بلازمه ‌لا‌ غير.
 
حد الشى ء لغه: منتهاه كحد الدار ‌و‌ نحوها، ‌و‌ عرفا: ‌ما‌ يشرح حقيقه ذات الشى ء، ‌و‌ يدل على ماهيته، ‌و‌ ‌هو‌ سبحانه منزه عن الحد بالمعنيين.
 اما الاول: فلانه ‌من‌ لواحق الامتداد، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ لوازم الجسميه.
 ‌و‌ اما الثانى: فلان الحقيقه انما تعلم ‌من‌ جهه ‌ما‌ هى، ‌و‌ يشير العقل الى كنهها، اذ كانت مركبه، ‌و‌ قد ثبت بالبرهان تنزهه عن الجسميه ‌و‌ التركيب.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ‌ان‌ رجلا قال للرضا عليه السلام حده؟ قال: لاحد له، قال: ‌و‌ لم؟ قال: لان كل محدود متناه الى حد، ‌و‌ اذا احتمل التحديد احتمل الزياده، ‌و‌ اذا احتمل الزياده احتمل النقصان، فهو غير محدود ‌و‌ ‌لا‌ متزايد ‌و‌ ‌لا‌ متناقص ‌و‌ ‌لا‌
 
متجزء ‌و‌ ‌لا‌ متوهم.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فتكون» للسببيه، ‌و‌ الفعل بعدها منصوب بان مقدره لسبقها بنفى محض، ‌و‌ المقصود نفى كونه تعالى محدودا لنفى حده.
 قوله عليه السلام: «و لم تمثل فتكون موجودا» ‌اى‌ مدركا بالتمثيل ‌من‌ مثله اذا جعل له مثلا، ‌و‌ الغرض نفى وجدانه تعالى بالتمثيل، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ كل ماله مثل فليس بواجب الوجود لذاته، لان المثليه اما ‌ان‌ تتحقق ‌من‌ كل وجه فلا تعدد اذن، لان التعدد يقتضى المغايره بوجه ما، ‌و‌ ذلك ينافى الاتحاد ‌و‌ المثليه ‌من‌ كل وجه، هذا خلف، ‌و‌ اما ‌ان‌ يتحقق ‌من‌ بعض الوجوه ‌و‌ حينئذ مابه التماثل اما الحقيقه ‌او‌ جزوها ‌او‌ امر خارج عنها، فان كان الاول كان مابه الامتياز عرضيا للحقيقه لازما ‌او‌ زائلا لكن ذلك باطل، لان المقتضى لذلك العرضى، اما الماهيه فيلزم ‌ان‌ يكون مشتركا بين المثلين لان مقتضى الماهيه الواحده ‌لا‌ يختلف، فمابه الامتياز لاحد المثلين ‌من‌ الاخر حاصل للاخر، هذا خلف، ‌او‌ غيرها فتكون ذات واجب الوجود مفتقره ‌فى‌ تحصيل ‌ما‌ يميزها عن غيرها الى غير خارجى، هذا محال.
 ‌و‌ اما ‌ان‌ كان مابه التماثل ‌و‌ الاتحاد جزءا ‌من‌ المثلين لزم كون كل منهما مركبا فكل منهما ممكن، هذا خلف، فبقى ‌ان‌ يكون التماثل بامر خارج عن حقيقتهما مع اختلاف الحقيقتين، لكن ذلك باطل.
 اما اولا: فلامتناع وصف واجب الوجود بامر خارج عن حقيقته لاستلزام اثبات الصفه الخارجه عنه له تثنيته ‌و‌ تركيبه.
 ‌و‌ اما ثانيا: فلان ذلك الامر الخارجى المشترك ‌ان‌ كان كمالا لذات واجب الوجود فواجب الوجود مستفيد للكمال ‌من‌ غيره، هذا خلف ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن كمالا كان نقصانا، لان الزياده على الكمال نقصان فثبت ‌ان‌ كل ماله مثل فليس بواجب لذاته، فلم يكن تعالى موجودا بالتمثيل.
 ‌و‌ هذه الفقره ‌من‌ الدعاء كقول جده سيد الاوصياء صلوات الله عليه: ‌و‌ ‌لا‌ حقيقته اصاب ‌من‌ مثله، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد بتمثيله تصويره ‌من‌ مثلث الشى ء تمثيلا اذا صورته فيكون المعنى انه سبحانه لم تتصوره العقول ‌و‌ الاوهام فيتعقل ‌او‌ يتوهم له صوره، فيكون حاصلا عندها ‌و‌ موجودا فيها بصورته، ‌و‌ ذلك لتنزهه تعالى عن الصوره بانواعها، نوعيه كانت ‌او‌ جسميه ‌او‌ شخصيه، لاستلزامها المحل ‌و‌ التركيب ‌و‌ ‌هو‌ تعالى منزه عن ذلك لانه وحده مجرده، ‌و‌ بساطه محضه ‌لا‌ كثره ‌و‌ ‌لا‌ اثنينيه فيه اصلا.
 قوله عليه السلام: «و لم تلد فتكون مولودا» ولد يلد ‌من‌ باب- وعد- اذا حصل منه ولد.
 قال المفسرون: انما لم يلد لانه ‌لا‌ يجانسه شى ء ليمكن ‌ان‌ يكون له ‌من‌ جنسه صاحبه فتوالدا كما نطق ‌به‌ قوله تعالى: «انى يكون له ولد ‌و‌ لم تكن له صاحبه» ‌و‌ ‌لا‌ يحتاج الى ‌ما‌ يعينه ‌و‌ يخلفه فيحتاج الى ‌ان‌ يلد لاستحاله الحاجه ‌و‌ الفناء عليه.
 ‌و‌ قال الحكماء: ‌ما‌ تولد عنه مثله تكون ماهيه مشتركه بينه ‌و‌ بين غيره، ‌و‌ كل ‌ما‌ كانت ماهيته مشتركه بينه ‌و‌ بين غيره فلا يتشخص الا بواسطه الماده ‌و‌ علاقتها، ‌و‌ كل ‌ما‌ كان ماديا ‌لا‌ تكون ماهيته هويته لكن واجب الوجود ماهيته هويته، فاذا ‌لا‌ يتولد غيره، ‌و‌ لما كانت الوالديه ‌و‌ المولوديه امرين متلازمين عرفا اذ المعهود ‌ان‌ ‌ما‌ يلد يولد ‌و‌ مالا فلا، رتب عليه قوله: «فتكون مولودا» ‌اى‌ فبسبب ذلك لم تكن مولودا، ‌و‌ ايضا لما لم يكن ماده لغيره لما علمت، فقد انتفت عنه الماديه فلا تكون  متولدا عن غيره، اذ المتولد عن غيره لابد ‌ان‌ يكون ماديا، ‌و‌ هذه الفقره بعينها وقعت ‌فى‌ خطبه لاميرالمومنين عليه السلام.
 قال الشيخ العلامه كمال الدين قدس سره: يحتمل ‌ان‌ يريد بكونه مولودا ‌ما‌ ‌هو‌ المتعارف، ‌و‌ يكون قد سلك ‌فى‌ ذلك مسلك المعتاد الظاهر ‌فى‌ بادى النظر ‌و‌ بحسب الاستقراء: ‌ان‌ كل ماله ولد فانه يكون مولودا ‌و‌ ‌ان‌ لم يجب ذلك ‌فى‌ العقل، ‌و‌ قد علمت ‌ان‌ الاستقراء مما يستعمل ‌فى‌ الخطابه ‌و‌ يحتج بها فيكون مقنعا اذ كان غايتها الاقناع، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يريد ‌ما‌ ‌هو‌ اعم ‌من‌ المفهوم المتعارف اعنى التولد عن آخر مثله ‌من‌ نوعه، فان ذلك غير واجب كما ‌فى‌ اصول انواع الحيوان الحادثه، ‌و‌ حينئذ يكون بيان الملازمه على الاحتمال الاول ظاهرا.
 ‌و‌ اما على التقدير الثانى فبيانها ‌ان‌ مفهوم الولد ‌هو‌ الذى يتولد ‌و‌ ينفصل عن آخر مثله ‌من‌ نوعه، لكن اشخاص النوع الواحد ‌لا‌ تتعين ‌فى‌ الوجود ‌و‌ تتشخص الا بواسطه الماده ‌و‌ علاقتها على ‌ما‌ علم ذلك ‌فى‌ مظانه ‌من‌ الحكمه، ‌و‌ كل ‌ما‌ كان ماديا ‌و‌ له علاقه بالماده كان متولدا عن غيره ‌و‌ ‌هو‌ مادته ‌و‌ صورته ‌و‌ اسباب وجوده ‌و‌ تركيبه، فثبت انه تعالى لو كان له ولد كان مولودا.
 ‌و‌ قال ابن ابى الحديد: لقائل ‌ان‌ يقول: كيف يلزم ‌من‌ كونه والدا كونه مولودا ‌و‌ آدم والد ‌و‌ ليس بمولود؟.
 ‌و‌ جوابه: ‌ان‌ المراد انه يلزم ‌من‌ فرض صحه كونه والدا صحه كونه مولودا، ‌و‌ التالى محال فالمقدم مثله، ‌و‌ انما قلنا بلزوم ذلك لانه لو صح ‌ان‌ يكون والدا على التفسير المفهوم ‌من‌ الوالديه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يتصور ‌من‌ بعض اجزائه حى آخر ‌من‌ نوعه على سبيل الاستحاله لذلك الجزء كما تعقله ‌فى‌ النطفه المنفصله ‌من‌ الانسان المستحيله الى صوره اخرى حتى يكون منها بشر آخر ‌من‌ نوع الاول يصح عليه ‌ان‌ يكون ‌هو‌
 
مولودا ‌من‌ والد آخر قبله، ‌و‌ ذلك لان الاجسام متماثله ‌فى‌ الجسميه، ‌و‌ قد ثبت ذلك بدليل عقلى واضح ‌فى‌ مواضعه التى هى املك به، ‌و‌ كل مثلين فان احدهما يصح عليه ‌ما‌ يصح على الاخر، فلو صح كونه ولدا صح كونه مولودا ‌و‌ اما بيان انه ‌لا‌ يصح كونه مولودا، فلان كل مولود متاخر عن والده بالزمان ‌و‌ كل متاخر عن غيره بالزمان محدث، فالمولود محدث ‌و‌ البارى تعالى قد ثبت انه قديم ‌و‌ ‌ان‌ الحدوث عليه محال فاستحال ‌ان‌ يكون مولودا، ‌و‌ تم الدليل.
 
الضد: المنازع المساوى ‌فى‌ القوه.
 ‌و‌ عانده عنادا ‌و‌ معانده: عارضه، ‌و‌ فعل مثل فعله.
 قال الازهرى: المعاند: المعارض بالخلاف، ‌و‌ قد يكون العناد مباراه بغير خلاف، انتهى.
 ‌و‌ لما كان سبحانه واجب الوجود لذاته ‌و‌ ‌ما‌ سواه ممكن، ‌و‌ الواجب لذاته اقوى ‌من‌ الممكن لذاته استحال ‌ان‌ يكون له منازع مساو ‌فى‌ القوه فيعارضه بالخلاف ‌او‌ يباريه ‌فى‌ فعله، ‌و‌ ايضا فجميع ‌ما‌ ‌فى‌ الوجود معلوله، منه مبدوه ‌و‌ اليه معاده، فانى يكون له ‌ضد‌ بهذا المعنى.
 ‌و‌ قد يقال: الضدان للذاتين المتعاقبتين على موضوع ‌او‌ محل واحد، كالسواد ‌و‌ البياض ‌و‌ بينهما غايه الخلاف، ‌و‌ الواجب لذاته تعالى ‌لا‌ محل له فلا ‌ضد‌ له بهذا المعنى ايضا.
 ‌و‌ العدل، بفتح العين ‌و‌ كسرها: المثل ‌و‌ النظير كالعديل، ‌و‌ قيل: عدل الشى ء بالكسر مثله ‌من‌ جنسه ‌او‌ مقداره.
 
قال ابن فارس: العدل الذى يعادل ‌فى‌ الوزن ‌و‌ القدر، ‌و‌ عدله بالفتح ‌ما‌ يقوم مقامه ‌من‌ غير جنسه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «او عدل ذلك صياما» ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل مصدر، يقال: عدلت هذا بهذا عدلا ‌من‌ باب- ضرب-: اذا جعلته مثله ‌او‌ قائما مقامه قال تعالى: «ثم الذين كفروا بربهم يعدلون» اى: يجعلون له عديلا.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: تقول العرب: اللهم لاعدل لك ‌اى‌ ‌لا‌ مثل لك.
 ‌و‌ كاثره مكاثره: غالبه ‌فى‌ الكثره.
 ‌و‌ قال الراغب: المكاثره المباراه ‌فى‌ كثره المال ‌و‌ العز.
 ‌و‌ لما لم يكن تعالى داخلا تحت جنس لبراءته ‌من‌ التركيب المستلزم للامكان، ‌و‌ ‌لا‌ تحت نوع لافتقاره بالتخصيص بالعوارض الى غيره، ‌و‌ ‌لا‌ بذى ماده لاستلزامها التركيب لاجرم لم يكن له عدل ‌و‌ ‌لا‌ مثل ‌فى‌ شى ء ‌من‌ الامور المذكوره، ‌و‌ لما كانت المكاثره انما يتصور وقوعها ‌من‌ مثل الشى ء ‌و‌ نظيره رتب نفيها على نفى المثل ‌و‌ اذ ‌لا‌ عدل فلا مكاثره.
 ‌و‌ الند: المثل، قال الاكثرون: ‌و‌ ‌لا‌ يقال الا للمثل المنادى المخالف ‌من‌ ناددته: خالفته ‌و‌ نافرته، ‌و‌ ند ندودا اذا نفر، ‌و‌ معنى قول الموحدين: ليس لله ‌ضد‌ ‌و‌ ‌لا‌ ند، نفى ‌ما‌ يسد مسده، ‌و‌ نفى ‌ما‌ ينافيه.
 ‌و‌ قال الراغب: ند الشى ء مشاركه ‌فى‌ جوهره ‌و‌ ذلك ضرب ‌من‌ المماثله فان المثل يقال ‌فى‌ ‌اى‌ مشاركه كانت، فكل ند مثل ‌و‌ ليس كل مثل ندا.
 
و عارضه معارضه: فعل مثل فعله كان عرض فعله كعرض فعله ‌و‌ قد يقال: عارضه بمعنى جانبه ‌و‌ عدل عنه، ‌و‌ قد يراد بالمعارضه المقابله على سبيل الممانعه. ‌و‌ هذه المعانى كلها يمكن حمل عباره الدعاء على كل منها، ‌و‌ اذ قد ثبت ‌و‌ صح نفى الند له تعالى سواء حملته على المثل المنادى ‌او‌ على المشارك ‌فى‌ الجوهر ثبت نفى معارضته اياه باى معنى كان لترتيبه له على نفى النديه.
 قال جدنا العلامه السيد نظام الدين احمد (قدس سره) ‌فى‌ رسالته لاثبات الواجب: لو كان للواجب مثل لكان ممكنا معلولا له لامتناع تعدد الواجب، ‌و‌ ‌لا‌ يمكن ذلك لامتناع عليه احد المثلين للاخر، اذ العله لابد ‌ان‌ تكون اقوى ‌من‌ المعلول فانه ظل للعله ‌لا‌ يقال: يجوز ‌ان‌ يكون ذلك المثل معلولا لمعلوله ‌لا‌ معلوله بلا واسطه، لانا نقول المحذور حينئذ افحش كما ‌لا‌ يخفى على اولى النهى.
 ‌و‌ قد تقدم بيان نفى المثل له تعالى بوجوه غير واحده فليرجع اليه.
 
الابتداء: ‌هو‌ الايجاد الذى لم يوجد الموجد قبله مثله.
 ‌و‌ الاختراع: ‌هو‌ الايجاد لامن شى ء.
 ‌و‌ الاستحداث: ‌هو‌ الايجاد الذى لم يسبق ‌به‌ غير الموجد الى ايجاد مثله.
 ‌و‌ الابتداع: ‌هو‌ الايجاد ‌لا‌ لعله.
 ‌و‌ قال الراغب: الابداع اذا استعمل ‌فى‌ الله فهو ايجاد الشى ء بغير آله ‌و‌ ‌لا‌ مكان ‌و‌ ليس ذلك الا لله تعالى.
 ‌و‌ قال المتكلمون: الابداع ‌و‌ الابتداع: ايجاد الشى ء غير مسبوق بماده ‌و‌ ‌لا‌ زمان كالعقول، ‌و‌ ‌هو‌ يقابل التكوين لكونه مسبوقا بالماده ‌و‌ الاحداث لكونه مسبوقا بالزمان، ‌و‌ هذه تخصيصات عرفيه ‌و‌ الا فلا فرق ‌فى‌ اللغه بين الابتداء ‌و‌ الاستحداث
 
و ‌لا‌ بين الاختراع ‌و‌ الابتداع، ‌و‌ لم يذكر مفعول شى ء ‌من‌ الافعال الاربعه:
 اما للتعميم ‌و‌ الاختصار كقوله تعالى: «و الله يدعو الى دار السلام» ‌اى‌ كل شى ء ‌و‌ كل احد
 ‌و‌ اما التنزيل المتعدى منزله اللازم لقصد نفس الفعل كقوله تعالى: «هل يستوى الذين يعلمون ‌و‌ الذين ‌لا‌ يعلمون» ‌اى‌ انت الذى وجد لك حقيقه الابتداء ‌و‌ الاختراع ‌و‌ الاستحداث ‌و‌ الابتداع ‌من‌ غير ابتداء اعتبار قيد ‌و‌ تعلق ‌و‌ عموم ‌و‌ خصوص، كما ‌ان‌ معنى الايه ‌لا‌ يستوى ‌من‌ وجد له حقيقه العلم ‌و‌ ‌من‌ ‌لا‌ يوجد ‌من‌ غير اعتبار تعلقه بمعلوم عام ‌او‌ خاص ‌و‌ ‌لا‌ اعتبار عموم ‌فى‌ افراده ‌و‌ ‌لا‌ خصوص.
 ‌و‌ صنع الشى ء ‌من‌ باب- منع- صنعا بالضم: عمله.
 ‌و‌ قال الراغب: الصنع اعاده الفعل، ‌و‌ كل صنع فعل، ‌و‌ ليس كل فعل صنعا، ‌و‌ ‌لا‌ ينسب الى الحيوانات ‌و‌ الجمادات كما ينسب اليها الفعل، قال تعالى: «صنع الله الذى اتقن كل شى ء».
 ‌و‌ احسانه تعالى صنع ‌ما‌ صنع عباره عن احكامه له ‌و‌ اتقانه اياه ‌او‌ جعل كل شى ء خلقه ‌و‌ صنعه حسنا، ‌اى‌ احسن خلقه ‌و‌ رتبه على ‌ما‌ اقتضته الحكمه، ‌و‌ ‌او‌ جبته المصلحه فكل ‌ما‌ صنعه ‌و‌ ‌او‌ جده فيه وجه ‌من‌ وجوه الحكمه حتى انه جعل الكلب حسنا لانه احسن خلقه ‌من‌ جهه الحكمه فجميع المخلوقات حسنه ‌و‌ ‌ان‌ تفاوت الى حسن ‌و‌ احسن كما قال تعالى: «و لقد خلقنا الانسان ‌فى‌ احسن تقويم» ‌او‌ علمه
 
بصنيع ‌ما‌ صنع قبل صنعه كيف يصنعه ‌من‌ قولهم: قيمه المرء ‌ما‌ يحسن، ‌اى‌ يحسن معرفته ‌و‌ يعرفه معرفه حسنه بتحقيق ‌و‌ اتقان، ‌و‌ بكل ذلك فسر قوله تعالى: «الذى احسن كل شى ء خلقه» ‌و‌ ‌فى‌ عباره الدعاء تلميح اليه، ‌و‌ الله اعلم.
 
سبحانك: علم للتسبيح، ‌و‌ ‌هو‌ التنزيه كعثمان، علما للرجل، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ مصدر كغفران بمعنى التنزه، ‌و‌ قد سبق الكلام عليه مستوفى.
 ‌و‌ المعنى انزهك ‌او‌ تنزهت عن صفات المخلوقين ‌او‌ عما يتوهمه العادلون بك.
 ‌ما‌ اجل شانك: ‌اى‌ ‌ما‌ اعظم امرك العظيم، فان الشان ‌لا‌ يقال الا فيما يعظم ‌من‌ الامور، ‌و‌ المراد ‌به‌ ‌ما‌ عم ‌من‌ صفاته ‌و‌ افعاله.
 ‌و‌ ‌ما‌ اسنى: ‌اى‌ ‌ما‌ ارفع ‌من‌ السناء بالمد ‌و‌ ‌هو‌ الرفعه ‌و‌ العلو.
 ‌و‌ الاماكن: جمع مكان، ‌و‌ ‌هو‌ لغه: الموضع الحاوى للشى ء، ‌و‌ وزنه فعال.
 ‌و‌ قال الخليل: ‌هو‌ مفعل ‌من‌ الكون ‌و‌ لكثرته ‌فى‌ الكلام اجرى مجرى «فعال» فقيل منه: تمكن ‌و‌ استمكن.
 ‌و‌ لما كان تعالى منزها عن المكان بالمعنى المذكور لبراءته عن الجسميه ‌و‌ لواحقها كما تقدم بيانه فالمراد بمكانه تعالى مرتبته العقليه التى هى مرتبه علوه المطلق الذى كل عال بالنسبه اليه سافل، لما علمت سابقا ‌ان‌ علوه بحسب الرتبه ‌و‌ العليه لانه مبدا كل موجود حسى ‌و‌ عقلى ‌و‌ اليه ينتهى سلسله العليه ‌فى‌ الممكنات، لاجرم كانت مرتبته اعلى المراتب العقليه على الاطلاق ‌و‌ له العلو المطلق ‌فى‌ الوجود العارى عن امكان ‌ان‌ يكون ‌فى‌ مرتبته ‌او‌ فوق مرتبته شى ء ‌و‌ لذلك عبر عليه السلام
 
عن جلالتها ‌و‌ عظمتها بصيغه التعجب الذى ‌هو‌ استعظام زياده وصف خفى سببها.
 ‌و‌ صدع بالحق: جهر ‌به‌ ‌و‌ اظهره فارقا بينه ‌و‌ بين الباطل، ‌و‌ منه قوله تعالى: «فاصدع بما تومر» ‌اى‌ اجهر ‌به‌ ‌و‌ اظهره ‌و‌ اصله ‌من‌ الصدع ‌و‌ ‌هو‌ الشق الظاهر ‌فى‌ الاجسام كلها.
 ‌و‌ الحق: لغه: ‌هو‌ الثابت الذى ‌لا‌ يسوغ انكاره، ‌و‌ عرفا: ‌هو‌ الحكم المطابق للواقع، يطلق على الاقوال ‌و‌ العقائد ‌و‌ الاديان ‌و‌ المذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك، ‌و‌ يقابله الباطل.
 ‌و‌ الفرقان: قيل: مصدر فرق بين الشيئين فرقا ‌و‌ فرقانا كالغفران مصدر غفر.
 ‌و‌ قال الراغب: الفرقان ابلغ ‌من‌ الفرق لانه يستعمل ‌فى‌ الفرق بين الحق ‌و‌ الباطل، ‌و‌ تقديره تقدير قنعان يقنع ‌به‌ ‌فى‌ الحكم ‌و‌ ‌هو‌ اسم ‌لا‌ مصدر فيما قيل، ‌و‌ الفرق يستعمل ‌فى‌ ذلك ‌و‌ ‌فى‌ غيره، انتهى.
 ‌و‌ منه سمى القرآن فرقانا لغايه فرقه بين الحق ‌و‌ الباطل باحكامه، ‌او‌ بين المحق ‌و‌ المبطل باعجازه.
 ‌و‌ الظرف ‌فى‌ الفقرتين ‌من‌ قوله: «فى الاماكن» ‌و‌ «بالحق» متعلق بفعل التعجب ‌و‌ ‌هو‌ «اسنى» ‌فى‌ الاولى ‌و‌ «اصدع» ‌فى‌ الثانيه، ‌و‌ لذلك جاز الفصل ‌به‌ بينه ‌و‌ بين معموله ‌و‌ لو ‌لا‌ ذلك لم يجز على ‌ان‌ المساله محل خلاف.
 قال الرضى: ‌و‌ اما الفصل بين الفعلين ‌و‌ المتعجب منه فان لم يتعلق الظرف بهما فلا يجوز اتفاقا للفصل بين المعمول ‌و‌ عامله الضعيف بالاجنبى، فلا يجوز لقيته فما احسن امس زيدا، على ‌ان‌ يتعلق امس بلقيت، ‌و‌ كذا ‌ان‌ تعلق بهما ‌و‌ كان غير ظرف نحو: ‌ما‌ احسن قائما زيدا، ‌و‌ ذلك لانه نوع تصرف ‌فى‌ علم التعجب ‌و‌ ‌ان‌ كان
 
بين الفعل ‌و‌ الفضله.
 ‌و‌ اما بالظرف: فمنعه الاخفش ‌و‌ المبرد ‌و‌ اجازه الفراء ‌و‌ الجرمى ‌و‌ ابوعلى ‌و‌ المازنى نحو: ‌ما‌ احسن بالرجل ‌ان‌ يصدق، ‌و‌ احسن اليوم بزيد، انتهى.
 ‌و‌ قال ابن مالك: ‌و‌ ‌فى‌ الفصل بين المتعجب منه ‌و‌ فعل التعجب خلاف، ‌و‌ الصحيح جوازه لثبوت ذلك عن العرب نثرا ‌و‌ نظما.
 فمن النثر قول معدى كرب: ‌ما‌ احسن ‌فى‌ الهيجاء لقاءها، ‌و‌ اكثر ‌ما‌ ‌فى‌ الكربات عطاءها، ‌و‌ اثبت ‌فى‌ الكرمات بقاءها.
 ‌و‌ ‌من‌ النظم قول الشاعر:
 خليلى ‌ما‌ احرى بذى اللب ‌ان‌ يرى
 صبورا ‌و‌ لكن ‌لا‌ سبيل الى الصبر
 ‌و‌ ساق غير ذلك ‌من‌ الشواهد، ثم قال: ‌و‌ اما صحه ذلك قياسا فلان الظرف ‌و‌ المجرور يفتقر الفصل بهما بين المضاف ‌و‌ المضاف اليه مع انهما كالشى ء الواحد ‌و‌ هنا احق ‌و‌ اولى.
 ‌و‌ قال ابوعلى الشلوبين: حكى الضميرى ‌ان‌ مذهب سيبويه منع الفصل بالظرف بين فعل التعجب ‌و‌ معموله، ‌و‌ الصواب ‌ان‌ ذلك جائز ‌و‌ ‌هو‌ المشهور ‌و‌ المنصور، هكذا قال الاستاذ ابوعلى ‌و‌ ‌هو‌ المنتهى ‌فى‌ المعرفه بهذا الفن نقلا فيها، انتهى.
 ‌و‌ كفى شاهدا على جوازه وروده ‌فى‌ كلامه عليه السلام.
 
«من»: بيانيه.
 ‌و‌ اللطف ‌فى‌ اللغه: خلاف الضخامه، يقال: لطف الشى ء يلطف لطفا ‌و‌ لطافه ‌من‌ باب- قرب-: اذا صغر جسمه ‌و‌ ‌قل‌ حجمه، ‌و‌ قد يعبر ‌به‌ عن الحركه الخفيفه ‌و‌ عن
 
تعاطى الامور الدقيقه ‌و‌ اذا وصف ‌به‌ البارى ‌جل‌ شانه فليس المراد ‌به‌ احد هذه المعانى لاستلزامها الجسميه ‌و‌ الامكان ‌و‌ ‌هو‌ منزه عن ذلك، بل اطلاقه عليه تعالى اما باعتبار رفقه بعباده ‌من‌ حيث ايصاله اليهم ‌ما‌ يفتقرون اليه ‌و‌ ينتفعون ‌به‌ ‌فى‌ الدارين ‌و‌ تهيئته لهم ‌ما‌ يهتدون ‌به‌ الى المصالح ‌من‌ حيث ‌لا‌ يعلمون، ‌او‌ باعتبار علمه بدقائق الامور ‌و‌ ذوات الاشياء اللطيفه الصغيره ‌و‌ صفاتها ‌و‌ افعالها ‌و‌ حركاتها، كما ورد ‌فى‌ الحديث: سميناه لطيفا لعلمه بالشى ء اللطيف، ‌او‌ باعتبار تنزهه عن ادراك الحواس، ‌او‌ باعتبار تصرفه ‌فى‌ الذوات ‌و‌ الصفات تصرفا خفيا بفعل الاسباب المعده لها لافاضه كمالاتها عليها.
 ‌و‌ قيل: لطفه تعالى عباره عن اجراء القضاء على وفق الاراده ‌و‌ ايصال نفع فيه دقه.
 ‌و‌ الرافه: الرحمه، ‌و‌ قيل: ابلغ ‌من‌ الرحمه لانها ‌لا‌ يكاد تقع فيما يكره، ‌و‌ الرحمه يقع فيه للمصلحه. ‌و‌ قد سبق الكلام على ذلك.
 ‌و‌ الحكيم: قيل: ‌هو‌ ‌من‌ الحكم بمعنى القضاء، ‌اى‌ القاضى بالحق ‌و‌ قيل: ‌من‌ الاحكام ‌و‌ ‌هو‌ الاتقان ‌اى‌ الذى احكم الاشياء ‌و‌ اتقنها، ‌و‌ قيل: ‌من‌ الحكمه بمعنى العلم.
 ‌و‌ قال الراغب: الحكمه: اصابه الحق بالعلم ‌و‌ العمل، فالحكمه ‌من‌ الله تعالى معرفه الاشياء ‌و‌ ايجادها على غايه الاحكام، ‌و‌ ‌من‌ الانسان معرفه الموجودات ‌و‌ فعل الخيرات، فاذا قيل ‌فى‌ الله تعالى ‌هو‌ حكيم: فمعناه بخلاف معناه اذا وصف ‌به‌ الانسان انتهى.
 
تنبيه
 
 اجمع النحاه على اشتراط كون الفعل المبنى منه صيغه التعجب قابلا للكثره فلا يبنى ‌من‌ نحو مات ‌و‌ فنى اذ ‌لا‌ مزيه لبعض فاعليه على بعض.
 قال ابوحيان فشذ على هذا قولهم: ‌ما‌ اعظم الله ‌و‌ ‌ما‌ اقدره لعدم قبول صفات الله الكثره.
 قال الحافظ السيوطى ‌فى‌ الجمع ‌و‌ شرحه ‌و‌ المختار وفاقا للسبكى ‌و‌ جماعه كابن السراج ‌و‌ ابى البركات ‌و‌ ابن الانبارى ‌و‌ الضميرى جوازه، ‌و‌ المعنى ‌فى‌ ‌ما‌ اعظم الله انه ‌فى‌ غايه العظمه، ‌و‌ معنى التعجب فيه انه ‌لا‌ ينكر لانه مما تحتار فيه العقول ‌و‌ اعظامه تعالى ‌و‌ تعظيمه الثناء عليه بالعظمه ‌و‌ اعتقادها ‌و‌ كلاهما حاصل ‌فى‌ الموجب له امر عظيم، ‌و‌ الدليل على جواز اطلاق صيغه التعجب ‌فى‌ صفاته تعالى قوله سبحانه: «ابصر ‌به‌ ‌و‌ اسمع» ‌اى‌ ‌ما‌ ابصره ‌و‌ ‌ما‌ اسمعه، ‌و‌ روى ابن اسحاق ‌فى‌ السيره ‌اى‌ رب ‌ما‌ احلمك، انتهى.
 قلت: ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ ادعيه اهل البيت عليهم السلام اكثر ‌من‌ ‌ان‌ يحصى.
 
المليك فعيل ‌من‌ الملك بالضم ‌و‌ ‌هو‌ التصرف ‌فى‌ الامر ‌و‌ النهى ‌فى‌ الناس، يقال: ملك على الناس امرهم ‌من‌ باب- ضرب- اذا تولى التصرف فيهم فهو ملك- بكسر اللام ‌و‌ تسكن- ‌و‌ مليك، ‌و‌ الاسم الملك بالضم، ‌و‌ يعبر عنه بالسلطان ‌و‌ السلطنه، ‌و‌ ملكه تعالى عباره عن سلطانه القاهر، ‌و‌ استيلائه الباهر، ‌و‌ غلبته التامه، ‌و‌ قدرته الكامله على التصرف الكلى ‌فى‌ الامور العامه بالامر ‌و‌ النهى.
 ‌و‌ منع مناعه كضخم ضخامه، ‌و‌ ‌هو‌ منيع: اذا ‌عز‌ ‌و‌ قوى فلا يقدر عليه ‌من‌ يريده.
 
و قال ‌فى‌ الاساس: منع فلان مناعه صار ممنوعا محميا.
 ‌و‌ لما كان المتصف بالملك تلزمه المناعه ‌و‌ الحمايه تعجب ‌من‌ مناعته تعالى.
 قال الزمخشرى: معنى التعجب ‌فى‌ مثل هذا المقام: تعظيم الامر ‌فى‌ قلوب السامعين، لان التعجب ‌لا‌ يكون الا ‌من‌ شى ء خارج عن نظائره ‌و‌ اشكاله.
 ‌و‌ الجواد: اسم فاعل بالمعنى اللغوى ‌من‌ جاد يجود ‌من‌ باب- قال- جودا بالضم: اذا بذل ماله فهو جواد، وجوده تعالى عباره عن افاضه الخير ‌من‌ غير بخل ‌و‌ منع ‌و‌ تعويق على كل قابل له بقدر قابليته.
 ‌و‌ قال الشيخ الرئيس ‌فى‌ الاشارات: الجود ‌هو‌ افاده ‌ما‌ ينبغى ‌لا‌ لعوض، ‌و‌ لعل ‌من‌ يهب السكين لمن ‌لا‌ ينبغى له ليس بجواد، ‌او‌ لعل ‌من‌ يهب ليستعيض معامل ‌و‌ ليس بجواد، ‌و‌ ليس العوض كله عينا بل ‌و‌ غيره حتى الثناء ‌و‌ المدح ‌و‌ التخلص ‌من‌ المذمه ‌و‌ التوصل الى ‌ان‌ يكون على الاحسن ‌او‌ على ‌ما‌ ينبغى، فمن جاد ليشرف ‌او‌ ليحمد ‌او‌ ليحسن ‌به‌ ‌ما‌ يفعل فهو مستعيض غير جواد، فالجواد الحق ‌هو‌ الذى تفيض منه الفوائد ‌لا‌ لشوق منه ‌و‌ طلب قصدى لشى ء يعود اليه.
 ‌و‌ قال الراغب: وصف تعالى بالجواد لما نبه عليه بقوله: «اعطى كل شى ء خلقه ثم هدى».
 ‌و‌ السعه: خلاف الضيق، ‌و‌ تضاف تاره الى العلم كقوله تعالى: «وسع كل شى ء علما»، ‌و‌ تاره الى الجود ‌و‌ الاحسان كقوله تعالى: «و انا لموسعون» ‌اى‌ انا لذو سعه لخلقنا قادرون على رزقهم، ‌و‌ الواسع ‌من‌ اسمائه تعالى ‌هو‌ الذى يسع ‌ما‌ يسال، ‌و‌ وسع غناه كل فقير، ‌و‌ وسع رزقه جميع خلقه ‌و‌ الغرض تعظيم سعه جوده
 
و فيض كرمه تعالى.
 ‌و‌ الرفيع: الشريف ‌من‌ رفع الرجل ‌فى‌ حسبه ‌و‌ نسبه فهو رفيع مثل شرف فهو شريف وزنا ‌و‌ معنى، ‌و‌ الرفاعه بالكسر: اسم منه، ‌و‌ اذا وصف ‌به‌ تعالى فالمراد شرف ذاته ‌و‌ جلالته تعالى ‌و‌ مجده ‌و‌ عظم شانه.
 ‌و‌ ‌من‌ العجب ‌ما‌ وقع ‌فى‌ جنه الامان للكفعمى «رحمه الله» ‌ان‌ الفرق بين العلى ‌و‌ الرفيع، ‌ان‌ العلى: قد يكون بمعنى الاقتدار، ‌و‌ بمعنى علو المكان، ‌و‌ الرفيع: ‌من‌ رفع المكان ‌لا‌ غير، ‌و‌ لذلك ‌لا‌ يوصف تعالى ‌به‌ بل يوصف بانه رفيع القدر ‌و‌ الشان، ‌و‌ ‌هو‌ كلام خارج عن التحصيل.
 ‌و‌ قوله ذو البهاء خبر مبتدا محذوف، ‌اى‌ انت ذو البهاء ‌و‌ هاتان الفقرتان تقدمتا ‌فى‌ صدر الدعاء ‌و‌ ‌لا‌ توجدان ‌فى‌ بعض النسخ القديمه هنا
 
بسط اليد: مجاز عن محض الجود ‌من‌ غير قصد ‌فى‌ ذلك الى اثبات يد ‌و‌ بسط، الا ترى انهم يستعملونه حيث ‌لا‌ يتصور فيه ذلك كما ‌فى‌ قوله:
 جاد الحمى بسط اليدين بوابل
 شكرت نداه تلاعه ‌و‌ وهاده
 ‌و‌ اصله كنايه فيمن يجوز عليه اراده المعنى الحقيقى كما مر بيانه فيما سبق.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفايق: جعل بسط اليدين كنايه عن الجود، حتى قيل الملك الذى يطلق عطاياه بالاوامر ‌و‌ الاشاره: مبسوط اليد، ‌و‌ ‌ان‌ كان لم يعط شيئا منها بيده، ‌و‌ ‌لا‌ بسطها ‌به‌ اليد ‌و‌ كذا المراد بقوله تعالى: «بل يداه مبسوطتان» الجود ‌و‌ الانعام ‌لا‌ غير، ‌من‌ غير تصور يد ‌و‌ ‌لا‌ بسطها، لان قولهم: مبسوط اليد ‌و‌ جواد عبارتان متعقبتان على معنى واحد انتهى.
 
فقوله عليه السلام: «بسطت بالخيرات يدك» عباره عن افاضته لها ‌و‌ بذله اياها.
 ‌و‌ الهدايه: الدلاله بلطف على ‌ما‌ يوصل الى المطلوب ‌و‌ لذلك اختصت بالخير.
 قال العلماء: ‌و‌ هدايته تعالى تتنوع الى انواع غير محصوره لكنها منحصره ‌فى‌ اجناس مترتبه.
 منها: انفسيه، كافاضه القوى الطبيعيه ‌و‌ الحيوانيه التى بها يصدر عن المرء افاعيله الطبيعيه ‌و‌ الحيوانيه، ‌و‌ القوى المدركه ‌و‌ المشاعر الظاهره ‌و‌ الباطنه التى بها يتمكن ‌من‌ اقامه مصالحه المعاشيه ‌و‌ المعاديه.
 ‌و‌ منها: آفاقيه، فاما تكوينيه: معربه عن الحق بلسان الحال ‌و‌ هى نفس الادله المودعه ‌فى‌ كل فرد ‌من‌ افراد العالم كما قيل:
 ‌و‌ ‌فى‌ كل شى ء له آيه
 تدل على انه واحد
 ‌و‌ اما تنزيليه: مفصحه عن تفاصيل الاحكام النظريه ‌و‌ العمليه بلسان المقال بارسال الرسل ‌و‌ انزال الكتب المنطويه على فنون الهدايات التى ‌من‌ جملتها الارشاد الى مسالك الاستدلال بتلك الدلائل التكوينيه الافاقيه ‌و‌ الانفسيه ‌و‌ التنبيه على مكانها كما اشير اليه مجملا ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌فى‌ الارض آيات للموقنين ‌و‌ ‌فى‌ انفسكم افلا تبصرون» ‌و‌ ‌فى‌ قوله تعالى: «ان ‌فى‌ اختلاف الليل ‌و‌ النهار ‌و‌ ‌ما‌ خلق الله ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض لايات لقوم يتقون».
 ‌و‌ منها: الهدايه الخاصه: ‌و‌ هى كشف الاسرار على قلوب المهديين بالوحى ‌او‌ الالهام ‌و‌ اليها اشاره بقوله تعالى: «اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»
 
و لكل مرتبه ‌من‌ هذه المراتب صاحب ينتجيها ‌و‌ طالب يستدعيها ‌و‌ كلها على تفاوتها انما عرفت ‌من‌ عنده تعالى ‌و‌ هاتان الفقرتان تلميح الى قوله تعالى: «اعطى كل شى ء خلقه ثم هدى» اى: اعطى مخلوقاته كل شى ء تحتاج هى اليه ‌و‌ تقوم به، ‌و‌ انما قدم المفعول الثانى للاهتمام به، ‌و‌ الى هذا وقع التلميح بالفقره الاولى ‌و‌ هى قوله عليه السلام: «بسطت بالخيرات يدك»، فان ‌من‌ اعطى خلقه كل شى ء فقد بسط بالخيرات يده، ‌و‌ قوله: «ثم هدى» ‌اى‌ الى طريق الانتفاع ‌و‌ الارتفاق بما اعطى ‌و‌ عرفه كيف يتوصل الى بقائه ‌و‌ كماله، اما اختيارا كما ‌فى‌ الحيوانات، ‌او‌ طبعا كما ‌فى‌ الجمادات ‌و‌ ذلك شامل للهدايه بانواعها، ‌و‌ الى هذا المعنى وقع التلميح بقوله عليه السلام «و عرفت الهدايه ‌من‌ عندك».
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام «فمن التمسك» فصيحه ‌اى‌ اذا كنت كذلك فمن طلبك ‌و‌ قصدك لتحصيل دين ‌او‌ دنيا وجدك، ‌اى‌ وجد ‌و‌ ادرك فضلك ‌و‌ احسانك كافلا بنيل طلبته كما قيل ‌فى‌ قوله تعالى: «فوجد الله عنده» ‌اى‌ وجد حكمه ‌و‌ قضاءه، ‌و‌ الله اعلم.
 
خضع: ‌اى‌ ذل ‌و‌ انقاد.
 ‌و‌ جرى ‌فى‌ علمك: ‌اى‌ حصل ‌و‌ وقع ‌من‌ قولهم: جرى الامر اذا وقع، ‌و‌ حيث عبر عليه السلام بمن المختصه بالعقلاء فالمراد ‌من‌ جرى ‌فى‌ علمه ‌من‌ الملائكه ‌و‌ الثقلين.
 ‌و‌ المراد بخضوعهم: اما كون جميعهم ‌فى‌ ملكه ‌و‌ تحت قدرته ‌لا‌ يمتنع عن تصرفه فيه كيف يشاء، ‌او‌ طاعتهم له ‌فى‌ الحياه ‌و‌ البقاء ‌و‌ الموت ‌و‌ البعث ‌و‌ ‌ان‌ عصوا ‌فى‌ العباده، ‌و‌ هذا مروى عن ابن عباس ‌فى‌ تفسير قوله تعالى: «و له ‌من‌ ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض
 
كل له قانتون» قال ‌اى‌ مطيعون فسئل ‌ما‌ بال الكفار؟ فاجاب انهم يطيعون يوم القيامه، ‌او‌ خضوع الجميع طوعا ‌و‌ كرها كما قال تعالى: «و له اسلم ‌من‌ ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض طوعا ‌و‌ كرها» ‌اى‌ اخلص له الانقياد، ‌و‌ خصص له الخضوع كل ‌من‌ ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض طائعين ‌و‌ كارهين، فالملائكه ‌و‌ المسلمون الصالحون ‌من‌ الثقلين ينقادون له طوعا فيما يتعلق بالدين، ‌و‌ ينقاد له الثقلان كرها ‌فى‌ غير الدين ‌من‌ الالام ‌و‌ المكاره التى تخالف طباعهم لانهم ‌لا‌ يمكنهم دفع قضائه ‌و‌ قدره، ‌و‌ اما الكافرون فينقادون ‌فى‌ الدين كرها بالسيف ‌و‌ معاينه ‌ما‌ يلجى الى الاسلام ‌و‌ الطاعه كنتق الجبل ‌و‌ ادراك الغرق ‌و‌ الاشراف على الموت، ‌و‌ مثل هذه قوله تعالى: «و لله يسجد ‌من‌ ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض طوعا ‌و‌ كرها».
 ‌و‌ خشع: ‌اى‌ تواضع، ‌و‌ قد تقدم الكلام على الفرق بين الخضوع ‌و‌ الخشوع فلا نعيد.
 ‌و‌ ‌ما‌ دون عرشك: ‌اى‌ ‌ما‌ تحته، ‌و‌ المراد ‌به‌ كل شى ء غيره تعالى كما قال اميرالمومنين عليه السلام: كل شى ء خاشع له.
 ‌و‌ العرش: يطلق على معنيين:
 احدهما: العلم المحيط بجميع الاشياء.
 ‌و‌ الثانى: الجسم المحيط بالكرسى ‌و‌ ‌ما‌ بينه، ‌و‌ الكرسى ‌هو‌ الجسم المحيط بالسموات السبع ‌و‌ ‌ما‌ بينهما، قيل: ‌و‌ لعل العرش ‌هو‌ الفلك المشهور بالفلك الاعظم، ‌و‌ الكرسى ‌هو‌ الفلك المشهور بفلك البروج، ‌و‌ على ‌اى‌ المعنيين للعرش حملت قوله عليه السلام: «ما دون عرشك» كان المراد بما دونه جميع الاشياء ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ سوى
 
الله تعالى لاحاطته بكل شى ء.
 قال العلامه ابن ميثم: ‌و‌ الخشوع هنا مراد بحسب الاشتراك اللفظى اذ الخشوع ‌من‌ الناس يعود الى تطامنهم ‌و‌ خضوعهم لله، ‌و‌ ‌من‌ الملائكه دووبهم ‌فى‌ عبادته ملاحظه لعظمته، ‌و‌ ‌من‌ سائر الممكنات انفعالها عن قدرته ‌و‌ خضوعها ‌فى‌ رق الامكان ‌و‌ الحاجه اليه، ‌و‌ المشترك ‌و‌ ‌ان‌ كان ‌لا‌ يستعمل ‌فى‌ جميع مفهوماته حقيقه فقد يجوز استعماله مجازا بحسب القرينه، ‌و‌ هى اضافته الى كل شى ء ‌و‌ اسناده الى مادون عرشه، ‌او‌ لانه ‌فى‌ قوه المتعدد لتعدد المسند اليه كقوله تعالى: «ان الله ‌و‌ ملائكته يصلون على النبى» انتهى.
 ‌و‌ الاولى ‌ان‌ يراد بالخشوع معنى مجازى عام يكون كل ‌من‌ معانى الخشوع المذكوره فردا حقيقيا له ‌و‌ ‌هو‌ الانقياد له تعالى، فان كلا ‌من‌ التطامن ‌و‌ الدووب ‌فى‌ العباده ‌و‌ الانفعال عن قدرته فرد حقيقى له، ‌و‌ كذا ‌فى‌ قوله تعالى: «ان الله ‌و‌ ملائكته يصلون على النبى» يراد بالصلاه معنى مجازى يكون كلا المعنيين للصلاه ‌و‌ هما الرحمه ‌من‌ الله ‌و‌ الاستغفار ‌من‌ الملائكه فردا حقيقيا له، ‌و‌ ‌هو‌ الاعتناء بما فيه خيره ‌و‌ صلاح امره، فيكون معنى يصلون يعتنون بما فيه خيره ‌و‌ صلاح امره، ‌و‌ ذلك ‌من‌ الله سبحانه بالرحمه ‌و‌ ‌من‌ الملائكه بالاستغفار، ‌و‌ بذلك يندفع استعمال اللفظ الواحد ‌فى‌ معنيين متغايرين اذ ‌لا‌ مساغ له عند المحققين.
 ‌و‌ انقاد فلان للامر: اذا اذعن ‌و‌ لم يستعص طوعا ‌او‌ كرها.
 ‌و‌ سلم له تسليما: بذل الطاعه لحكمه ‌و‌ مكنه ‌من‌ نفسه حيث ‌لا‌ مانع، ‌و‌ المراد هنا انقياد كل خلقه لاحداث ‌ما‌ اراده فيهم ‌من‌ احكام التكوين ‌و‌ الاعدام شاووا ‌ام‌ ابوا.
 
احس بالشى ء احساسا: ادركه بشى ء ‌من‌ حواسه الظاهره ‌او‌ الباطنه.
 قال بعض العلماء: ‌و‌ المراد انه ‌لا‌ يدرك بشى ء ‌من‌ المشاعر فيندرج فيها العقل، ‌و‌ ذلك لانه تعالى كما ‌لا‌ يقبل الاشاره الحسيه لكونها متعلقه بجسم ‌و‌ جسمانى ‌و‌ ماله وضع ‌و‌ هيئه كما بين ‌فى‌ موضعه، كذلك ‌لا‌ يقبل الاشاره العقليه لاستلزامها تحديد المشار اليه ‌و‌ توصيفه بصفات كليه ‌و‌ اوضاع عقليه، ‌و‌ انما غايه كمال العقل ‌فى‌ معرفته ‌جل‌ شانه ‌ان‌ يتصوره ‌من‌ جهه صفاته السلبيه ‌و‌ الاضافيه، ‌او‌ ‌من‌ جهه عنوانات صفاته الثبوتيه الذاتيه، لامن حيث انه عين تلك العنوانات ‌او‌ معروض لها، بل ‌من‌ حيث انه عين فرد منها ‌فى‌ الخارج، ‌و‌ يصدق بوجوده بالمشاهده الحضوريه، ‌و‌ البراهين القطعيه منزها له عما يتلقاه الحس ‌و‌ الوهم ‌من‌ توابع ادراكاتهما، مثل التعلق بالمواد ‌و‌ الوضع ‌و‌ الاين ‌و‌ المقدار ‌و‌ الاشاره ‌و‌ التحديد ‌و‌ غير ذلك.
 ‌و‌ جسه جسا ‌من‌ باب- قتل-: اذا مسه بيده يقال: جسه الطبيب اذا مسه ليعرف حرارته ‌من‌ برودته، ‌و‌ جس الشاه ليعرف سمنها ‌من‌ هزالها، ‌و‌ لما كان ذلك ‌من‌ لواحق الجسميه كان سبحانه منزها عنه لبراءته ‌من‌ الجسميه ‌و‌ لواحقها.
 ‌و‌ مسته مسا: ‌من‌ باب- تعب- ‌و‌ ‌فى‌ لغه ‌من‌ باب- قتل-: ‌اى‌ امضيت اليه بيدى ‌من‌ غير حائل هكذا قيدوه.
 ‌و‌ قال البيضاوى: المس اتصال الشى ء بالبشره بحيث تتاثر الحاسه ‌به‌ ‌و‌ اللمس كالطلب له ‌و‌ لذلك يقال: المسه فلا اجده.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى: المس نظير اللمس، ‌و‌ الفرق بينهما ‌ان‌ مع المس
 
احساسا، ‌و‌ اصله اللصوق وحده الجمع بين الشيئين على نهايه القرب انتهى.
 ‌و‌ بالجمله فعطف المس على الجس ‌من‌ باب عطف العام على الخاص، فان الجس ‌لا‌ يكون الا باليد، ‌و‌ المس الاتصال بالبشره مطلقا فكل جس مس ‌من‌ غير عكس، ‌و‌ كلاهما ممتنعان عليه تعالى لاستلزامهما الجسميه الممتنعه عليه سبحانه.
 ‌و‌ كاده كيدا ‌من‌ باب- باع-: خدعه ‌و‌ مكر به، ‌و‌ الاسم المكيده، ‌و‌ حقيقته ‌ان‌ يوهم صاحبه خلاف ‌ما‌ يريد ‌به‌ ‌من‌ المكروه ليوقعه فيه ‌من‌ حيث ‌لا‌ يحتسب ‌و‌ ذلك ‌لا‌ يصح عليه تعالى لان العالم الذى ‌لا‌ تخفى عليه خافيه ‌لا‌ يكاد ‌و‌ ‌لا‌ يخدع.
 ‌و‌ ماط يميط ميطا ‌من‌ باب- باء-: نحاه ‌و‌ ابعده كاماطه ‌و‌ منه: ادناها اماطه الاذى: ‌اى‌ تنحيته.
 ‌و‌ ‌فى‌ حديث خيبر: اخذ الرايه فهزها، ثم قال: ‌من‌ ياخذها بحقها؟ فجاء فلان فقال: امط، ‌اى‌ نح نفسك ‌و‌ اذهب.
 ‌و‌ ‌فى‌ حديث العقبه: امط عنا ‌يا‌ سعد، ‌اى‌ ابعد نفسك عنا ‌و‌ المعنى انه تعالى ‌لا‌ ينحيه ‌و‌ ‌لا‌ يبعده عنه ‌من‌ يريد تنحيته ‌و‌ ابعاده عنه ليفعل شيئا يخفيه عنه فلا يطلع عليه، بل ‌هو‌ سبحانه مع كل احد محيط بكل شى ء كما قال تعالى: «ما يكون ‌من‌ نجوى ثلاثه الا ‌هو‌ رابعهم ‌و‌ ‌لا‌ خمسه الا ‌هو‌ سادسهم ‌و‌ ‌لا‌ ادنى ‌من‌ ذلك ‌و‌ ‌لا‌ اكثر الا ‌هو‌ معهم اينما كانوا».
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و ‌لا‌ تماظ» بالظاء المعجمه المشدده ‌من‌ ماظظته مماظه ‌و‌ مظاظا: شاددته ‌و‌ الخصم لازمته.
 ‌و‌ نازعته نزاعا ‌و‌ منازعه: خاصمته ‌و‌ جادلته، ‌و‌ اصلها المجاذبه، يقال: نزع الشى ء
 
من يده ‌اى‌ جذبه.
 ‌و‌ جاراه مجاراه: جرى معه، ثم استعمل ‌فى‌ المعنى المناظره.
 ‌و‌ منه الحديث: ‌من‌ طلب العلم ليجارى ‌به‌ العلماء ‌اى‌ ليناظرهم يريد بذلك الرياء ‌و‌ السمعه.
 ‌و‌ ماراه مماراه ‌و‌ مراء: حاجه فيما فيه مريه، ‌اى‌ تردد، قال تعالى: «و ‌لا‌ تمار فيهم الا مراء ظاهرا».
 ‌و‌ خادعه مخادعه ‌و‌ خداعا كخدعه خدعا ‌و‌ خديعه ‌من‌ باب- منع-: اذا اظهر له خلاف ‌ما‌ يخفيه، ‌و‌ قيل: الخداع: انزال الغير عما ‌هو‌ بصدده بامر يبديه على خلاف ‌ما‌ يخفيه.
 قال صاحب المحكم: جاز خادع لغير اثنين لان هذا المثال يقع كثيرا للواحد نحو: عاقبت اللص، ‌و‌ طارقت النعل.
 ‌و‌ قال الفارسى: العرب تقول خادعت فلانا اذا كنت تروم خدعه، ‌و‌ خدعته: ظفرت به.
 ‌و‌ قوله تعالى: «يخادعون الله» قيل: اراد يخادعون رسوله فهو اما على حذف المضاف، ‌او‌ على ‌ان‌ معامله الرسول معامله الله ‌من‌ حيث انه خليفته كما قال: «ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله»، ‌و‌ قيل: اراد المعنى الحقيقى بناء على زعمهم الفاسد ‌و‌ اعتقادهم الباطل كانه قيل: يزعمون انهم يخادعون الله.
 ‌و‌ ماكره مماكره: مكر كل بصاحبه، ‌و‌ المكر: صرف الغير عما يقصده بحيله.
 
و وجه نفى جميع هذه الاحوال عنه تعالى ظاهره اذ المنازعه ‌و‌ المجاراه ‌و‌ المماراه انما تصح بين اثنين متساويين ‌فى‌ القوه، ‌و‌ الله سبحانه ‌لا‌ يساويه شى ء، لان ‌ما‌ سواه ممكن ‌و‌ الممكن ‌لا‌ يساوى الواجب ‌فى‌ شى ء، ‌و‌ المخادعه ‌و‌ المماكره انما تصح فيمن يخفى عليه ‌ما‌ يتحرى بالخداع ‌و‌ المكر ‌و‌ ‌لا‌ يطلع على ‌ما‌ يخفيه ‌و‌ يسره الخادع ‌و‌ الماكر، ‌و‌ ‌هو‌ سبحانه ‌لا‌ يخفى عليه شى ء فاستحالت مخادعته ‌و‌ مماكرته.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و ‌لا‌ تغالب» ‌من‌ الغلبه، ‌و‌ ‌فى‌ اخرى «و ‌لا‌ تماتن» ‌اى‌ ‌لا‌ تعارض ‌و‌ ‌لا‌ تمارى.
 قال ‌فى‌ الاساس: بينهما مماتنه: معارضه ‌فى‌ كل امر ‌و‌ مباراه، ‌و‌ ماتنه ايضا: باعده ‌فى‌ الغايه، ‌و‌ اصله ‌من‌ المتانه ‌و‌ هى الصلابه، يقال: متن متانه كفخم فخامه ‌اى‌ صلب ‌و‌ قوى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و ‌لا‌ تحاط» ‌من‌ الاحاطه ‌و‌ هى تستعمل تاره ‌فى‌ الاجسام فيقال: احاط القوم بالبلد: ‌اى‌ استداروا بجوانبه، ‌و‌ تاره ‌فى‌ العلم، يقال: احاط ‌به‌ علما: ‌اى‌ عرفه ظاهرا ‌و‌ باطنا، ‌و‌ هى بكلا المعنيين ممتنعه عليه سبحانه.
 اما الاول: فلاستلزام الجسميه الممتنعه عليه.
 ‌و‌ اما الثانى: فلانه لاحد لحقيقته لانه برى ء عن انحاء التركيب الخارجيه ‌و‌ العقليه، فهى منزهه عن اطلاع العقول عليها ‌و‌ ‌لا‌ نهايه لصفاته يقف عندها يقدر بها فلا تكون العقول محيطه بحقيقته تعالى. ‌و‌ قد سبق بيان ذلك مستوفى ‌فى‌ الروضه الاولى.
 
السبيل: الطريق يذكر ‌و‌ يونث.
 
قال ابن الاثير: ‌و‌ سبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سلك ‌به‌ طريق التقرب الى الله باداء الفرائض ‌و‌ النوافل ‌و‌ انواع التطوعات، انتهى.
 ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ المراد ‌به‌ هنا السبيل التى دعا الى سلوكها عباده عن السنه رسله ‌و‌ انبيائه، ‌و‌ ‌هو‌ دينه الذى ‌لا‌ يقبل ‌من‌ العباد غيره.
 ‌و‌ الجدد بفتحتين: الارض الصلبه المستويه، ‌و‌ منه المثل: ‌من‌ سلك الجدد امن العثار، ‌و‌ المعنى ‌ان‌ طريقك ‌لا‌ يعثر ‌من‌ سلكها، ‌و‌ هى استعاره محسوس لمعقول، ‌و‌ ذكر الجدد ترشيح مثل: «اهدنا الصراط المستقيم».
 ‌و‌ الامر: الشان ‌و‌ الطريقه.
 ‌و‌ قال الراغب: ‌هو‌ لفظ عام للافعال ‌و‌ الاقوال كلها، ‌و‌ منه: «و ‌ما‌ امر فرعون برشيد».
 ‌و‌ الرشد: بفتحتين ‌و‌ بالضم ‌و‌ السكون، ‌و‌ الرشاد: الهدى ‌و‌ الاستقامه ‌و‌ الحق ‌و‌ الصواب، ‌اى‌ شانك ‌و‌ طريقتك ‌و‌ اقوالك ‌و‌ افعالك هدايه ‌و‌ استقامه ‌و‌ ‌حق‌ ‌و‌ صواب، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يراد بامره تعالى هنا حكمه المتعلق بافعال المكلفين ‌و‌ ظاهر ‌ان‌ حكمه تعالى بما كلفهم ‌به‌ هدايه الى نجاتهم ‌و‌ ارشاد لهم الى ‌ما‌ ‌به‌ سعادتهم.
 ‌و‌ الحى: الباقى الذى ‌لا‌ سبيل للموت ‌و‌ الفناء عليه.
 ‌و‌ قال المتكلمون: ‌هو‌ الذى يصح ‌ان‌ يعلم ‌و‌ يقدر.
 ‌و‌ قال الغزالى: الحى ‌هو‌ الفعال الدراك اذ ‌من‌ ‌لا‌ فعل له ‌و‌ ‌لا‌ ادراك فهو ميت، ‌و‌ اقل درجات الادراك ‌ان‌ يشعر المدرك بنفسه فما ‌لا‌ يشعر بنفسه فهو الجماد ‌و‌ الميت، فالحى الكامل المطلق ‌هو‌ الذى يندرج جميع المدركات تحت ادراكه، ‌و‌ جميع
 
الموجودات تحت فعله حتى ‌لا‌ يشذ عن علمه مدرك ‌و‌ ‌لا‌ عن فعله مفعول، ‌و‌ ذلك الله تعالى فهو الحى المطلق ‌و‌ كل حى سواه فحياته بقدر ادراكه ‌و‌ فعله، انتهى.
 ‌و‌ فيه ‌ما‌ فيه فان اراد انه سبب اول لكل مفعول فحق، ‌و‌ ‌ان‌ اراد انه فاعل قريب لكل مفعول حتى افعال العباد فمردود عليه.
 ‌و‌ الصمد: ‌هو‌ الذى يصمد اليه ‌فى‌ الحوائج ‌و‌ يقصد اليه ‌فى‌ الرغائب، يقال صمد اليه اذا قصده فهو فعل بمعنى مفعول كالحلب بمعنى المحلوب ‌و‌ الخضد بمعنى المخضود ‌و‌ له نظائر، ‌و‌ قد استوفينا الكلام عليه فيما سبق.
 
قولك: ‌اى‌ كلامك كما قال: «انه لقول فصل» يعنى القرآن.
 ‌و‌ الحكم: الحكمه ‌اى‌ كلامك حكمه، ‌و‌ هى كل مانع ‌من‌ الجهل ‌و‌ القبيح ‌و‌ اصل الحكم المنع فكانه يمنع الباطل عن معارضه الحق.
 ‌و‌ قيل: الحكمه ‌من‌ القول: الكلام النافع المانع ‌من‌ الجهل ‌و‌ السفه، ‌و‌ منه الحديث: ‌ان‌ اولياء الله نطقوا فكان نطقهم حكمه.
 ‌و‌ فيه: ‌ان‌ ‌من‌ الشعر لحكما، اراد ‌به‌ المواعظ ‌و‌ الامثال التى ينتفع بها الناس ‌و‌ يروى «لحكمه» ‌و‌ هى بمعنى الحكم، ‌و‌ يطلق الحكم على العلم ‌و‌ الفقه ‌و‌ القضاء بالعدل ‌و‌ فصل الامر على ‌ما‌ يقتضيه الحق ‌و‌ الصواب.
 ‌و‌ قضاوه تعالى عباره عن حكمه بوجود ‌ما‌ يريد وجوده ‌و‌ ‌هو‌ الفصل بتمام الامر.
 ‌و‌ الحتم: الواجب الذى ‌لا‌ يسوغ خلافه، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: القضاء الابرام ‌و‌ اذا قضى الشى ء امضى فذلك ‌لا‌ مرد له.
 
و قال الراغب: القضاء ‌من‌ الله اخص ‌من‌ القدر لان القضاء الفصل ‌و‌ القدر ‌هو‌ التقدير، ‌و‌ ذكر بعض العلماء: ‌ان‌ القدر بمنزله المعد للكيل، ‌و‌ القضاء بمنزله الكيل ‌و‌ لهذا قال ابوعبيده لعمر لما اراد الفرار ‌من‌ الطاعون بالشام: اتفر ‌من‌ قضاء الله؟ قال: افر ‌من‌ قضاء الله الى قدر الله، تنبيها على ‌ان‌ القدر ‌ما‌ لم يكن قضاء فمرجو ‌ان‌ يدفعه الله فاذا قضى فلا مدفع له، ‌و‌ يشهد لذلك قوله تعالى: «و كان امرا مقضيا» ‌و‌ قوله: «و قضى الامر» ‌اى‌ فصل، تنبيها على انه صار بحيث ‌لا‌ يمكن تلافيه انتهى.
 ‌و‌ ارادته تعالى: ايجاده للاشياء بحسب اختياره كما روى عن ابى الحسن عليه السلام: ارادته احداثه ‌لا‌ غير.
 ‌و‌ العزم: مصدر عزم على الشى ء يعزم عزما ‌من‌ باب- ضرب- اذا اراد فعله ‌و‌ قطع عليه، ‌و‌ لما كانت الاراده ‌من‌ غيره تعالى قد تقترن بالعزم، ‌و‌ قد يتجرد عنه بحسب تصور المنفعه حكم بان ارادته تعالى ‌لا‌ تكون الا عزما، لانه متى اختار شيئا اوجده ‌من‌ غير توقف على شى ء، فارادته التى هى ايجاده ‌و‌ احداثه لما يشاء عين العزم كما قال سبحانه: «اذا قضى امرا فانما يقول له ‌كن‌ فيكون».
 ‌و‌ قيل: ارادته تعالى تعود الى اعتبار كونه تعالى عالما بما ‌فى‌ الفعل ‌من‌ الحكمه ‌و‌ المصلحه الذى ‌هو‌ مبدا فعله، ‌و‌ على هذا فمعنى كونها عزما ‌ان‌ وجود الممكنات ‌لا‌ يتخلف عنها.
 ‌و‌ قال بعض اصحابنا المتاخرين: معنى قوله عليه السلام: «قولك حكم ‌و‌ قضاوك حتم» ‌اى‌ ‌ان‌ قولك موصوف بالحكم ‌و‌ قضاءك موصوف بالحتم بمعنى ‌ان‌ الحكم ‌و‌ الحتم ثابتان لهما فلا ينافى ثبوت قضاء غير حتم، فتامل انتهى، ‌و‌ ‌هو‌ كلام لا يعود الى طائل ‌و‌ قد استوفينا الكلام على ذلك ‌فى‌ اوائل الروضه الاولى فليرجع اليه.

 


0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^