فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 48- 1

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمد لله الذى جعل ‌من‌ الايام جمعه ‌و‌ اضحى ‌و‌ اكرم بهما ‌من‌ امسى ‌فى‌ طاعته ‌و‌ اضحى، والصلاه والسلام على ‌من‌ طلع ‌فى‌ افق النبوه صبحا ‌و‌ على اهل بيته الذين اولى بولايتهم للراجين نجحا.
 ‌و‌ بعد: فهذه الروضه الثامنه والاربعون ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيدالعابدين ‌و‌ قره عين الناظرين صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الطاهرين املاء راجى فضل ربه السنى على الصدر الحسينى الحسنى اعانه الله على ‌ما‌ تولاه ‌و‌ كفاه المهم ‌فى‌ آخرته ‌و‌ اولاه.
 
يوم الاضحى: ‌هو‌ اليوم العاشر ‌من‌ ذى الحجه، ‌و‌ ‌هو‌ يوم العيد، ‌و‌ اول ايام النحر، سمى بذلك لوقوع الاضحى فيه، ‌و‌ ‌هو‌ جمع اضحاه لغه ‌فى‌ الاضحيه بضم الهمزه ‌و‌ كسرها اتباعا للحاء ‌و‌ الياء مخففه ‌و‌ الجمع اضاحى ‌و‌ يقال: ضحيه ايضا ‌و‌ الجمع ضحايا كعطيه ‌و‌ عطايا، ‌و‌ هى الشاه التى يضحى بها ‌اى‌ تذبح ضحوه، ‌و‌ يقال: الاضحى مرادا ‌به‌ اليوم ‌من‌ غير اضافه يوم اليه، ‌و‌ ‌هو‌ يذكر ‌و‌ يونث حينئذ فمن ذكر ذهب الى اليوم ‌و‌ ‌من‌ انث لاحظ معنى الجمع ‌لا‌ معنى الساعه كما زعمه بعض المتاخرين.
 قال الفارابى ‌فى‌ ديوان الادب: الاضحى جمع اضحاه ‌و‌ هى الشاه التى يضحى بها ‌و‌ منها سمى يوم الاضحى ‌و‌ لذلك يجوز تانيثه فيقال: ‌و‌ اتت الاضحى.
 قال: هشام: ‌و‌ التانيث ‌فى‌ الاضحى اكثر ‌من‌ التذكير.
 
و انشد النووى ‌فى‌ تانيثه:
 قد جاءت الاضحى ‌و‌ ‌ما‌ لى فلس
 ‌و‌ قد خشيت ‌ان‌ تسل النفس.
 ‌و‌ الجمعه: اسم ‌من‌ الاجتماع سمى بذلك لاجتماع الناس فيه، ‌و‌ قد تقدم الكلام عليه ‌فى‌ اول الروضه السادسه ‌و‌ الاربعين فليرجع اليه.
 
البركه: الزياده ‌و‌ النماء ‌من‌ حيث لايوجد بالحس ظاهرا مكشوفا يشار اليه فاذا عهد ‌من‌ الشى ء هذا المعنى خافيا عن الحس قيل: هذه بركه، ‌و‌ اشتقاقها ‌من‌ البروك ‌و‌ ‌هو‌ اللزوم ‌و‌ الثبوت لثبوتها ‌فى‌ الشى ء ‌و‌ يوصف بها كل شى ء لزمه ‌و‌ ثبت فيه خير الهى ‌و‌ ليس لضدها اسم معروف ‌و‌ كذلك يقال: قليل البركه، ‌و‌ ‌لا‌ يسند فعل البركه الا الى الله تعالى لكون الخير الالهى يفيض ‌و‌ يصدر ‌من‌ حيث لايحص فلايقال: باركت انا ‌فى‌ الشى ء ‌و‌ ‌لا‌ بارك زيد فيه ‌و‌ انما يقال: بارك الله فيه فهو مبارك، ‌و‌ الاصل مبارك فيه ‌و‌ كل ‌ما‌ وجد فيه خير الالهى غير محسوس ‌و‌ زياده خافيه عن الحس فهو مبارك، ‌و‌ الى هذه الزياده اشير بما روى: «لاينقص مال ‌من‌ صدقه» ‌لا‌ الى النقصان المحسوس حسب ‌ما‌ قال بعض الخاسرين حيث قيل له ذلك فقال: بينى ‌و‌ بينكم الميزان ‌و‌ انما وصف اليوم بكونه مباركا لما خص ‌به‌ ‌من‌ نماء الاعمال ‌و‌ زياده الثواب ‌فى‌ الطاعات ‌و‌ اجابه الدعوات الواقعه فيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: ميمون: اسم مفعول ‌من‌ اليمن بالضم ‌و‌ السكون ‌و‌ ‌هو‌ عباره عن
 
تيسر ‌ما‌ ينبغى ‌و‌ يراد ‌من‌ غير قصد ‌و‌ اراده لحصوله، فاذا اعتيد ذلك ‌من‌ شى ء حتى كانه سبب ظاهر ‌فى‌ نيل مامول ‌و‌ ادراك محبوب قالوا: ‌هو‌ ميمون ‌و‌ فلان ميمون الناصيه يقال: يمن الرجل على قومه بالبناء للمفعول فهو ميمون ‌و‌ انما جعل الفعل على ‌ما‌ لم يسهم فاعله لانه شى ء موصول ‌به‌ ‌من‌ غير ارادته ‌و‌ اختياره فان اسند الى فاعل فلايسند الا الى الله تعالى فيقال: يمنه الله ييمنه يمنا ‌من‌ باب- قتل-: اذا جعله ميمونا، ‌و‌ ضده الشوم.
 قال بعضهم: اليمن ‌و‌ الشوم قوتان علويتان يصحبان مزاجين مختلفين فاذا اعتيد منهما هذان الغرضان اللذان يصدران عن هاتين القوتين العلويتين، قيل: فلان ميمون، ‌و‌ فلان مشووم، انتهى.
 ‌و‌ وصف اليوم بكونه ميمونا لما اعتيد فيه ‌من‌ نيل المامولات الدينيه ‌و‌ ادراك المحبوبات الاخرويه ‌و‌ التقرب بالطاعات الالهيه الى غير ذلك ‌من‌ موجبات القربه ‌و‌ الزلفى اليه تعالى.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله: «فيه» مستقر حال ‌من‌ المسلمين، ‌اى‌ كائنين فيه.
 ‌و‌ اجتمع القوم اجتماعا: انضم بعضهم الى بعض.
 ‌و‌ الاقطار: جمع قطر بالضم كقفل ‌و‌ اقفال ‌و‌ ‌هو‌ الجانب ‌و‌ الناحيه ‌و‌ الظرف لغو متعلق بمجتمعون.
 ‌و‌ يشهد اى: يحضر ‌من‌ شهدت المجلس اشهده ‌من‌ باب- علم- شهودا اذا احضرته فانا شاهد ‌و‌ شهيد، ‌و‌ الاصل يشهد فيه السائل ‌و‌ الطالب، ‌اى‌ يحضر فيه كقوله تعالى: «فمن شهد منكم الشهر» ‌اى‌ حضر ‌فى‌ الشهر ‌و‌ لم يكن مسافرا ‌و‌ انما حذف متعلق الفعل للعلم ‌به‌ مع قصد الاختصار، ‌و‌ الجمله تفسيريه مبينه  لقوله: «مجتمعون» ‌او‌ مستانفه وقعت جوابا عن سئوال ينساق اليه الذهن كانه قيل: كيف يجتمعون فقيل: يشهد السائل منهم ‌و‌ الطالب، ‌و‌ على التقديرين ‌لا‌ محل للجمله ‌من‌ الاعراب.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: تشهد السائل منهم ‌و‌ الطالب بتاء الخطاب، ‌و‌ نصب السائل ‌و‌ الطالب ‌و‌ ‌ما‌ بعدهما على المفعوليه، ‌و‌ الجمله على هذه الروايه ‌فى‌ محل نصب على الحاليه، ‌و‌ المعنى مجتمعون ‌فى‌ اقطار ارضك ‌فى‌ حال شهودك لهم، ‌اى‌ علمك بهم ‌و‌ حضورك لديهم ‌و‌ ‌فى‌ اسمائه تعالى الشهيد الذى لايغيب عنه شى ء، ‌و‌ «شهد الله انه ‌لا‌ اله الا هو» اى: علم.
 ‌و‌ «من» ‌فى‌ قوله عليه السلام: «منهم» للتبيين، ‌و‌ الفرق بين السئوال ‌و‌ الطلب ‌ان‌ السئوال: يكون بالقول، ‌و‌ الطلب: يكون بالقول ‌و‌ الفعل، ‌و‌ السئوال يستدعى جوابا اما باللسان ‌او‌ باليد، ‌و‌ الطلب قد يفتقر الى جواب ‌و‌ قد لايفتقر ‌و‌ ‌ان‌ كل سئوال طلب ‌و‌ ليس كل طلب سئوالا.
 ‌و‌ الرغبه: الاتساع ‌فى‌ الاراده ‌من‌ رغب الشى ء يرغب رغبا ‌من‌ باب- تعب- ‌اى‌ اتسع، ‌و‌ منه: حوض رغيب اى: متسع.
 ‌و‌ الرهبه: خوف مع تحرز ‌و‌ اضطراب.
 ‌و‌ الناظر ‌فى‌ حوائجهم، ‌اى‌ المدبر لها ‌من‌ نظرت ‌فى‌ الامر اذا تدبرته، ‌و‌ معنى تدبيره تعالى تقديره ‌و‌ قضاوه كما قال سبحانه: «يدبر الامر ‌من‌ السماء الى الارض» اى: يقدره ‌و‌ يقتضيه على حسب ارادته، ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل نصب على الحال الى ‌و‌ الحال انك انت الناظر ‌فى‌ حوائجهم، ‌اى‌ فيما يفتقرون اليه جمع حاجه، ‌و‌ فيه شاهد على صحه هذا الجمع ‌و‌ فصاحته خلافا لمن انكر ذلك كما تقدم بيانه.
 
«الفاء» لترتيب السئوال على ‌ما‌ ذكر ‌من‌ بركه اليوم ‌و‌ يمنه ‌و‌ اجتماع المسلمين فيه.
 ‌و‌ نظر الله تعالى ‌فى‌ حوائجهم فان ذلك ‌من‌ دواعى السئوال ‌و‌ البواعث عليه.
 ‌و‌ الباء: للاستعطاف ‌او‌ للسببيه.
 ‌و‌ الجود: افاده ‌ما‌ ينبغى بلا غرض.
 قال الراغب: ‌و‌ وصفه تعالى بالجواد لما نبه عليه قوله ‌عز‌ ‌و‌ علا: «اعطى كل شى خلقه ثم هدى».
 ‌و‌ الكرم: ايثار الغير بالخير، ‌و‌ قيل: الكرم اذا وصف ‌به‌ الله تعالى فهو اسم لاحسانه ‌و‌ نعمه المتظاهره.
 ‌و‌ قيل: الفرق بين الجود ‌و‌ الكرم: ‌ان‌ الجود بذل المقتنيات، ‌و‌ الكرم الاخلاق ‌و‌ الافعال المحموده.
 ‌و‌ هان عليه الامر هونا ‌من‌ باب- قال-: اذا سهل ‌و‌ لم يصعب عليه ‌و‌ كان الهوان اسم منه كالدوام ‌من‌ دام يدوم، ‌و‌ الرواج ‌من‌ راج يروج.
 
و ‌فى‌ الصحاح: اهانه: استخف به، ‌و‌ الاسم الهوان ‌و‌ المهانه، ‌و‌ عليه فالمراد بهوان ‌ما‌ ساله عليه تعالى: حقارته عنده تعالى ‌و‌ قلته لديه بالنسبه الى عظيم جوده ‌و‌ وافر كرمه.
 ‌و‌ بدا عليه السلام بسئوال الصلاه على محمد ‌و‌ آله لما ورد ‌من‌ استحباب تقديمه صلى الله عليه ‌و‌ آله بين يدى كل حاجه بمعنى ‌ان‌ لايسال العبد ربه شيئا حتى يبدا بالنبى صلى الله عليه ‌و‌ آله فيصلى عليه ثم يسال الله حوائجه،  و تصدير مقدمه السئوال بالنداء للتضرع ‌و‌ تكريره لكمال الخضوع ‌و‌ الابتهال ‌و‌ عرض للاعتراف بربوبيته تعالى مع الايمان ‌به‌ ‌و‌ تاكيد المسوول ‌به‌ بان للايذان بصدور المقال عنه بوفود الرغبه ‌و‌ كمال النشاط ‌و‌ صدق الاعتراف بمضمونه، ‌اى‌ اسالك بكون الملك ‌و‌ الحمد لك لان «ان» المفتوحه موضوعه لتكون بتاويل مصدر خبرها مضافا الى اسمها، فمعنى بلغنى ‌ان‌ زيدا قائم بلغنى قيام زيد، ‌و‌ علمت ‌ان‌ زيدا ‌فى‌ الدار علمت كونه فيها لان الخبر ‌فى‌ الحقيقه متعلق الظرف ‌و‌ ‌هو‌ كائن، ‌و‌ تقديم الظرف لافاده اختصاص الامرين ‌به‌ ‌من‌ حيث الحقيقه ‌و‌ ذلك لان الملك على الحقيقه له لانه مبدى كل شى ء ‌و‌ مبدعه ‌و‌ القائم ‌به‌ ‌و‌ المهيمن عليه، ‌و‌ كذلك اصول النعم ‌و‌ فروعها منه فلا يستحق الحمد غيره ‌و‌ اما ملك غيره فبتسليط منه ‌و‌ استرعاء ‌من‌ جنابه ‌و‌ حمد غيره اعتداد بان نعمه الله جرت على يده.
 ‌و‌ جمله قوله: «لا اله الا انت» حاليه، ‌اى‌ متفردا بالالوهيه فهى ‌فى‌ محل نصب، ‌او‌ مستانفه مقرره لاختصاص الملك ‌و‌ الحمد ‌و‌ مزيحه لما عسى ‌ان‌ يتوهم ‌ان‌ ‌فى‌ الوجود الها آخر لكن لايختص الملك ‌و‌ الحمد به.
 
و الحلم ‌فى‌ الانسان: عدم انفعال نفسه عن المكروهات الموجبه للغضب ‌و‌ الاضطراب، ‌و‌ اما ‌فى‌ حقه تعالى فيعود الى اعتبار عدم انفعال عن مخالفه عبيده امره ‌و‌ نهيه ‌و‌ كونه لايستخفه عند عصيانهم غضب ‌و‌ ‌لا‌ يستفزه الى تعجيل الانتقام منهم مع كمال قدرته على ‌ما‌ يشاء غيظ ‌و‌ ‌لا‌ طيش، ‌و‌ الفرق بينه تعالى ‌و‌ بين العبد ‌فى‌ هذا الوصف ‌ان‌ سلب الانفعال عنه سلب مطلق ‌و‌ سلبه عن العبد سلب عما ‌من‌ شانه ‌ان‌ يكون له ذلك الشى ء فكان عدم الانفعال عنه سبحانه ابلغ ‌و‌ اتم ‌من‌ عدمه عن العبد، ‌و‌ بهذا الاعتبار كان حلمه ‌جل‌ شانه اعظم.
 ‌و‌ لما وصفه تعالى بالحلم اردفه بوصفه بالكرم الذى ‌هو‌ كثيرا ‌ما‌ يعبر ‌به‌ عن ايثار الصفح عن الجانى ‌و‌ الاحسان الى المسى ء لاستلزام عظمه الحلم له.
 ‌و‌ الحنان: الكثير الرحمه لعباده، ‌من‌ حنين المراه لولدها.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: معناه الرحيم ‌او‌ الذى يقبل على ‌من‌ اعرض عنه.
 ‌و‌ المنان: الكثير المن، ‌و‌ ‌هو‌ النعمه الثقيله ‌و‌ العطاء الواسع.
 ‌و‌ ذو الجلال ‌و‌ الاكرام: اى: صاحب العظمه ‌و‌ الكبرياء ‌و‌ الاحسان ‌و‌ الانعام.
 ‌و‌ قيل: الذى عنده الجلال ‌و‌ الاكرام للمخلصين ‌من‌ عباده ‌و‌ قد اسلفنا الكلام عليه مبسوطا.
 ‌و‌ بديع السموات ‌و‌ الارض: ‌اى‌ مبدعهما ‌و‌ موجدهما ‌من‌ غير مثال سابق.
 ‌و‌ قيل: بل ‌هو‌ ‌من‌ قبيل الوصف بحال المتعلق نحو: حسن الغلام ‌اى‌ بديعه سماواته ‌و‌ ارضه بمعنى عديمه النظير لان مجيى ء فعيل بمعنى مفعل لم يثبت ‌فى‌ اللغه ‌و‌ ‌ان‌ ورد فشاذ، ‌و‌ الحق ثبوته ‌و‌ وروده شائعا لوروده ‌فى‌ الاسماء الحسنى ‌و‌ الادعيه الماثوره ‌من‌ غير اضافه ‌و‌ ‌هو‌ يعين كونه بمعنى مبدع، فالمعنى الاول ‌هو‌ المعول عليه، ‌و‌ ارتفاع هذه الصفات على انها اخبار متعدده لمبتدا محذوف، ‌اى‌ انت الحليم الكريم الى آخره
 
و مهما: كلمه بسيطه ‌لا‌ مركبه ‌من‌ «مه» ‌و‌ «ما» الشرطيه خلافا للاخفش ‌و‌ الزجاج ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ «ما» الشرطيه. ‌و‌ «ما» الابهاميه اتصلت بها لزياده التعميم كما ‌فى‌ كيفما ‌و‌ اينما ثم ابدلت الهاء ‌من‌ الالف الاولى دفعا للتكرار خلافا للخليل، ‌و‌ هى اسم لما لايعقل ضمن معنى الشرطيه ‌لا‌ حرف شرط عند الجمهور بدليل عود الضمير اليها ‌فى‌ قوله تعالى: «مهما تاتنا ‌به‌ ‌من‌ آيه» فالضمير المجرور ‌فى‌ ‌به‌ عائد اليها ‌و‌ ‌لا‌ يعود الضمير الا الى الاسم.
 ‌و‌ زعم السهيلى ‌و‌ ابن يسعون انها تاتى حرفا، ‌و‌ اما معناها فهى موضوعه لزياده التعميم بمعنى ‌اى‌ شى ء ‌من‌ الاشياء حقير ‌او‌ خطير قليل ‌او‌ كثير بحيث لايخرج عنه البعض ‌و‌ ‌لا‌ يستثنى.
 قال التفتازانى: وجه كونها اعم ‌هو‌ الموضع ‌و‌ المناسبه- على ‌ما‌ قيل ‌ان‌ الزياده ‌فى‌ البناء للزياده ‌فى‌ المعنى- ‌و‌ هى ‌من‌ كلم المجازات الجازمه لفعلين شرطا ‌و‌ جوابا تقول: مهما تفعل افعل ‌اى‌ اى شى ء تفعل افعل، ‌و‌ هى ‌فى‌ عباره الدعاء ‌فى‌ محل نصب بقسمت ‌و‌ ‌هو‌ شرطها ‌و‌ جوابها محذوف لدلاله المتقدم عليه ‌و‌ ‌هو‌ اسالك مثله ‌فى‌ نحو: اقوم مهما قمت، ‌و‌ ليس ‌هو‌ الجواب لفظا عند جمهور البصريين خلافا للكوفيين ‌و‌ المبرد ‌و‌ ابى زيد لان اداه الشرط لها صدر الكلام فلا يتقدم عليها الجواب، ‌و‌ لان الفعل مرفوع ‌و‌ ‌هو‌ ينافى جعله جوابا ‌من‌ حيث اللفظ ‌و‌ ‌ان‌ كان جوابا ‌من‌ حيث المعنى ‌و‌ ‌لا‌ يقدر معه جواب آخر لانه كالعوض منه فاغنى عنه.
 ‌و‌ «من» ‌فى‌ قوله عليه السلام: «من خير ‌او‌ عافيه» بيانيه مثلها ‌فى‌ قوله تعالى: «مهما تاتنا ‌به‌ ‌من‌ آيه» ‌و‌ انما عطف الاشياء المذكوره على الخير ب«او» دون  الواو لان الطالب لاحدهما يكون لجميعها اطلب فهو ‌من‌ قبيل دلاله النص.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «تهديهم به» مستانفه للتعليل، ‌اى‌ لتهديهم ‌به‌ فلا محل لها ‌من‌ الاعراب، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون بدلا ‌من‌ تمن ‌به‌ عليهم، ‌او‌ عطف بيان لها فمحلها الخفض.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «ان توفر حظى ‌و‌ نصيبى منه» ‌فى‌ محل نصب مفعول ثان لاسالك، ‌و‌ اكثر النسخ لاتوجد فيها هذه الفقره ‌و‌ عليها فالمفعول الثانى لاسالك محذوف للعلم ‌به‌ ‌و‌ ‌هو‌ مضمون هذه الفقره ‌او‌ نحوه لان السئوال عند قسمه الخير يعين كون المسوول ‌من‌ جنسه ‌و‌ الله اعلم.
 
يقال: قوى على الامر يقوى ‌من‌ باب- علم-: اذا طاقه، ‌و‌ استطاعه ‌و‌ الاسم القوه، ‌و‌ ليس له ‌به‌ قوه، ‌اى‌ طاقه.
 ‌و‌ الاحصاء: التحصيل بالعدد، ‌و‌ منه: «و احصى كل شى ء عددا» ‌اى‌ حصله ‌و‌ احاط به.
 ‌و‌ اشركته ‌فى‌ الامر اشراكا: جعلته شريكا، ‌و‌ اما شركته ‌من‌ غير الف اشركه ‌من‌ باب- تعب- فمعناه صرت له شريكا.
 
و قوله عليه السلام: «فى صالح ‌من‌ دعاك» اما على حذف المضاف اليه ‌اى‌ ‌فى‌ صالح دعاء ‌من‌ دعاك كما يوجد كذلك ‌فى‌ بعض النسخ القديمه ‌او‌ على حذف الموصوف، ‌اى‌ الدعاء الصالح فاستغنى عن الموصوف بصفته ثم اضافها الى الداعى.
 ‌و‌ ‌من‌ عبادك المومنين: بيان لمن دعاك.
 ‌و‌ غفران الله لعبده صونه ‌من‌ ‌ان‌ يمسه العذاب ‌و‌ اصله ‌من‌ الغفر ‌و‌ ‌هو‌ الباس الشى ء ‌ما‌ يصونه عما يفسد ‌و‌ ‌من‌ المغفر بالكسر ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يلبس عند القتال تحت البيضه.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «انك على كل شى ء قدير» تعليل للدعاء ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه فان كمال قدرته تعالى على جميع الاشياء مقتض لسئواله كل شى ء ‌و‌ اجابته كل دعاء اذ ‌لا‌ يعجز عن مسوول ‌و‌ ‌لا‌ يعز عليه انجاح مطلوب.
 ‌و‌ الشى ء بحسب مفهومه اللغوى: يقع على كل ‌ما‌ يصح ‌ان‌ يعلم ‌و‌ يخبر عنه كائنا ‌ما‌ كان، على انه ‌فى‌ الاصل مصدر شاء، ‌و‌ اطلق على المفعول ‌و‌ اكتفى ‌فى‌ ذلك باعتبار تعلق المشيئه ‌به‌ ‌من‌ حيث العلم ‌و‌ الاخبار عنه، ‌و‌ قد خص هاهنا بالممكن موجودا كان ‌او‌ معدوما بقضيه اختصاص تعلق القدره ‌به‌ لما انها عباره عن التمكن ‌من‌ الايجاد ‌و‌ الاعدام الخاصين به.
 ‌و‌ القادر: ‌هو‌ الذى ‌ان‌ شاء فعل ‌و‌ ‌ان‌ لم يشا لم يفعل.
 ‌و‌ القدير: ‌هو‌ الفعال لكل ‌ما‌ يشاء، ‌و‌ لذلك ‌لا‌ يوصف ‌به‌ غير البارى ‌جل‌ جلاله ‌و‌ الله اعلم.
 
عمدت الشى ء عمدا ‌من‌ باب- ضرب- ‌و‌ عمدت اليه ‌و‌ له ‌و‌ تعمدته ‌و‌ اعتمدته:
 
قصدته ‌و‌ تقديم الجار ‌و‌ المجرور ‌فى‌ الفقرتين للقصر، ‌اى‌ اليك قصدت بحاجتى ‌لا‌ الى غيرك ‌و‌ بك انزلت فقرى ‌لا‌ بغيرك.
 ‌و‌ «الباء»: ‌من‌ بحاجتى للملابسه اى: تعمدت ملتبسا بحاجتى.
 ‌و‌ النزول ‌فى‌ الاصل: انحطاط ‌من‌ علو، يقال: نزل عن دابته ‌و‌ نزل ‌فى‌ مكان كذا، ‌اى‌ حط رحله فيه، ‌و‌ انزله غيره انزالا ‌و‌ نزل بهم ‌و‌ عليهم، ‌اى‌ ‌حل‌ عندهم ‌و‌ ‌فى‌ مكانهم ثم استعمل ‌فى‌ المعانى فقيل: نزل ‌به‌ مكروه: ‌اى‌ اصابه ‌و‌ انزلت حاجتى بزيد ‌و‌ عليه ‌اى‌ سالتها منه.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز انزلت حاجتى على كريم.
 فالباء ‌من‌ قوله عليه السلام: «و بك انزلت» اما بمعنى «على» ‌اى‌ ‌و‌ عليك انزلت، ‌او‌ للالصاق مثلها ‌فى‌ بك مررت ‌و‌ بك حللت ‌من‌ قولهم: «نزل عليه ضيف ‌و‌ نزل ‌به‌ ضيف» اذا نزل عنده فيكون انزلته بك بمعنى جعلته نازلا عندك، ‌و‌ ايا ‌ما‌ كان فهى اما للاستعلاء المجازى ‌او‌ الالصاق المجازى.
 ‌و‌ الفقر: فقد ‌ما‌ يحتاج اليه الانسان.
 ‌و‌ الفاقه: الحاجه ‌و‌ افتاق افتياقا: اذا احتاج، ‌و‌ ‌هو‌ ذو فاقه.
 ‌و‌ المسكنه، مفعله ‌لا‌ فعلله على الاصح، ‌و‌ هى حاله المسكين.
 قال العلامه الطبرسى: هى مصدر المسكين.
 
يعنى انها مشتقه ‌من‌ لفظه المسكين كما يشتق ‌من‌ الجمل نحو: البسمله ‌من‌ بسم الله ‌و‌ الحوقله ‌من‌ ‌لا‌ حول ‌و‌ ‌لا‌ قوه الا بالله، ‌و‌ المسكنه اسوء ‌من‌ الفقر لان المسكين اسوء حالا ‌من‌ الفقير على اصح الاقوال.
 لما ورد ‌فى‌ الصحيح عن الصادق جعفر ‌بن‌ محمد عليهماالسلام ‌فى‌ قوله تعالى: «انما الصدقات للفقراء ‌و‌ المساكين» ‌ان‌ الفقير الذى لايسال الناس ‌و‌ المسكين اجهد منه ‌و‌ البائس اجهدهم.
 ‌و‌ قد بسطنا الكلام على ذلك فيما تقدم فليرجع اليه.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «و انى بمغفرتك ‌و‌ رحمتك اوثق منى بعملى» اما حاليه ‌او‌ اعتراض.
 ‌و‌ «منى» متعلق باوثق ‌و‌ كذا «الباء» ‌فى‌ الموضعين ‌من‌ قوله: «بمغفرتك ‌و‌ بعملى» ‌و‌ جاز تعلق حرفين متخذين لفظا ‌و‌ معنى بعامل واحد لدلاله افعل التفضيل على اصل الفعل ‌و‌ زياده، فجرى مجرى عاملين كانه قال: وثوقى بمغفرتك ‌و‌ رحمتك زائد على وثوقى بعملى ‌و‌ جاز تفضيل نفسه على نفسه لكونه باعتبارين فهو باعتبار وثوقه بالمغفره ‌و‌ الرحمه فاضل ‌و‌ باعتبار وثوقه بعمله مفضول، ‌و‌ قد تقدم لهذه العباره نظائر.
 ‌و‌ «اللام» ‌من‌ قوله: «و لمغفرتك» للابتداء، ‌و‌ فائدتها تحقيق مضمون الجمله ‌و‌ تاكيده.
 ‌و‌ قول بعضهم: هى لام قسم مقدر غلط صريح.
 ‌و‌ اوسع اى: اكثر، ‌من‌ قولهم: «وسع الشى ء بالضم ‌و‌ اتسع» اى: كثر.
 ‌و‌ تولى الامر قام ‌به‌ ‌و‌ تقلده اى: قم بقضاء كل حاجه هى لى ‌و‌ هى مبتدا ولى
 
خبره ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل خفض نعت لحاجه.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله عليه السلام «بقدرتك» للسببيه ‌او‌ للاستعطاف.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فانى» للتعليل.
 ‌و‌ قط بفتح القاف ‌و‌ ضم الطاء المشدده على افصح اللغات: ظرف مبنى موضوع لاستغراق جميع ‌ما‌ مضى ‌من‌ الازمنه الماضيه فاذا قلت: ‌ما‌ فعلته قط كان معناه ‌فى‌ جميع ‌ما‌ مضى ‌من‌ الزمان قالوا: ‌و‌ اصلها مصدر ‌و‌ ‌هو‌ القط بمعنى القطع نقلت الى الظرف لان معنى ‌ما‌ رايته قط ‌ما‌ رايته فيما انقطع ‌و‌ مضى ‌من‌ عمرى: ‌و‌ هى مختصه ‌فى‌ الغالب بالنفى ‌و‌ قد تستعمل بدونه نحو: هل رايت الذئب قط، ‌و‌ العامه تقول: ‌لا‌ افعله قط ‌و‌ ‌هو‌ لحن لانها لاتستعمل ‌فى‌ المستقبل، ‌و‌ الصواب ‌لا‌ افعله عوض بالضاد المعجمه المبنيه على الضم لان عوض تقابل قط فتكون لاستغراق جميع ‌ما‌ يستقبل ‌من‌ الازمنه.
 ‌و‌ اختلف ‌فى‌ سبب بناء قط فقيل: لشبهها بالحرف ‌فى‌ ابهامه لوقوعها على كل ‌ما‌ تقدم ‌من‌ الزمان.
 ‌و‌ قيل لشبهها بالفعل الماضى لانها لزمانه.
 ‌و‌ قيل: لتضمنها معنى «فى» ‌و‌ «من» الاستغراقيه على سبيل اللزوم.
 ‌و‌ قال ابن هشام: بنيت لتضمنها معنى «مذ» ‌و‌ «الى» اذ المعنى مذ ‌ان‌ خلقت الى الان ‌و‌ على حركه لئلا يلتقى ساكنان ‌و‌ كانت الحركه ضمه تشبيها بالغايات، ‌و‌ قد تكسر على اصل التقاء الساكنين، ‌و‌ قد تتبع قافه طاءه ‌فى‌ الضم ‌و‌ قد تخفف طاوه مع ضمها ‌و‌ اسكانها، انتهى.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «الا منك» الاستثناء مفرغ، ‌و‌ الظرف مستقر متعلق بمحذوف حال ‌من‌ الخير، ‌و‌ التقدير لم اصب خيرا ‌فى‌ حال ‌من‌ الاحوال الا حال كونه منك، ‌و‌ الله اعلم.
 
اصل التهيئه: احداث هيئه الشى ء ‌و‌ هى الحاله الظاهره يقال: هيئته للامر فتهيا كانه احدث له حاله تليق بذلك الامر فاتصف بها ‌و‌ تهيا هيئه حسنه اذا صار اليها، ‌و‌ تهيا فلان للسفر: جعل نفسه على حاله يقتضيها السفر.
 ‌و‌ تعبا للامر بمعنى تهيا ‌و‌ اصله ‌من‌ عبات الطيب عباء ‌من‌ باب- نفع- اذا صنعته ‌و‌ خلطت اجزاءه، فهو ‌من‌ باب عطف الشى ء على مرادفه لغرض التاكيد لان ذكر الشى ء مرتين يفيد تاكيده.
 ‌و‌ اعددت الشى ء اعدادا احضرته ‌و‌ جعلته بحيث يتناول بحسب الحاجه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و اعدوا لهم ‌ما‌ استطعتم ‌من‌ قوه ‌و‌ ‌من‌ رباط الخيل».
 قال العلامه الطبرسى: الاعداد، اتخاذ الشى ء لغيره مما يحتاج اليه ‌فى‌ امره.
 ‌و‌ لما كان الغرض التعميم ‌فى‌ المفعول لم يذكره اى: اعد كل ‌ما‌ يحتاج اليه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون مما نزل فيه الفعل منزله اللازم فيكون الغرض اثبات الاعداد ‌من‌ غير اعتبار عموم ‌فى‌ افراده ‌و‌ ‌لا‌ خصوص ‌و‌ ‌من‌ غير تعلقه بمعد عام ‌او‌ خاص، ‌و‌ المعنى
 
من فعل الاعداد ‌و‌ اوجد حقيقته كقولهم: فلان يعطى ‌اى‌ يفعل الاعطاء ‌و‌ يوجد هذه الحقيقه.
 ‌و‌ استعد للامر: ‌اى‌ تاهب ‌و‌ اخذ له عدته.
 ‌و‌ الوفاده بالكسر ‌و‌ تفتح: اسم ‌من‌ وفد القوم عليه وفدا ‌من‌ باب- وعد- ‌و‌ وفودا: ‌اى‌ قدموا ‌و‌ وردوا فهو وافد، ‌و‌ ‌هم‌ وفد ‌و‌ وفود.
 ‌و‌ قال الراغب: الوفد: ‌هم‌ الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج.
 ‌و‌ رجاء رفده: ‌اى‌ لاجل رجاء رفده، فهو منصوب على المفعول لاجله معمول للوفاده.
 ‌و‌ الرفد بالكسر: العطيه ‌و‌ المعونه، اسم ‌من‌ رفده رفدا ‌من‌ باب- ضرب- ‌اى‌ اعطاه ‌و‌ اعانه.
 ‌و‌ النوافل: جمع نافله ‌و‌ هى الهبه ‌و‌ العطيه تفضلا ‌و‌ تبرعا ‌من‌ حيث ‌لا‌ تجب، ‌و‌ منه نافله الصلاه.
 ‌و‌ طلب نيله: بالنصب عطف على رجاء رفده اى: ‌و‌ لاجل طلب نيله، ‌اى‌ معروفه.
 قال ‌فى‌ الاساس: ‌ما‌ اصبت منه نيلا: ‌اى‌ معروفا.
 ‌و‌ الجائزه: العطاء.
 قال الجوهرى: اجازه بجائزه سنيه: ‌اى‌ بعطاء، ‌و‌ يقال: ‌ان‌ اصل الجوائز ‌ان‌ قطن ‌بن‌ عبدعوف ‌من‌ بنى هلال ‌بن‌ عامر ‌بن‌ صعصعه ولى فارس لعبد الله ‌بن‌ عامر فمر ‌به‌ الاحنف ‌بن‌ قيس ‌فى‌ جيشه غازيا الى خراسان فوقف لهم على قنطره فقال: اجيزوهم فجعل ينسب الرجل فيعطيه على قدر حسبه، قال الشاعر:
 
فدى للاكرمين بنى هلال
 على علاتهم اهلى ‌و‌ مالى
 ‌هم‌ سنوا الجوائز ‌فى‌ معد
 فصارت سنه اخرى الليالى
 انتهى.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: اجازه بجائزه سنيه ‌و‌ بجوائز، ‌و‌ اصله ‌من‌ اجازه ماء يجوز ‌به‌ الطريق ‌اى‌ سقاه، ‌و‌ اسم ذلك الماء الجواز: قال:
 ‌يا‌ قيم الماء فدتك نفسى
 عجل جوازى ‌و‌ اقل حسبى
 انتهى، ‌و‌ يسمى ذلك الماء جائزه ايضا. قال القطامى:
 ظللت اسال اهل الماء جائزه
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فاليك» رابطه لشبه الجواب بشبه الشرط، فان المبتدا الذى ‌هو‌ «من» الموصوله كالشرط ‌فى‌ كون مضمونه ملزوما لمذكور، ‌و‌ الخبر الذى ‌هو‌ متعلق الظرف كالجواب الذى تدخله الفاء ‌فى‌ كون مضمونه لازما لمذكور ‌و‌ تقديم الظرف لافاده الاختصاص.
 
و توسيط النداء ‌من‌ قوله: «اللهم فصل» لمزيد الضراعه ‌فى‌ استدعاء الاجابه.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ «فصل» لترتب المسوول على ‌ما‌ ذكر كانه قيل: اذا كانت اليوم تهياتى ‌و‌ تعباتى اليك ‌لا‌ الى غيرك رجاء عفوك ‌و‌ نائلك ‌و‌ جائزتك فصل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ ‌لا‌ تخيب ذلك ‌اى‌ رجائى المذكور، ‌و‌ ‌ما‌ ‌فى‌ الاشاره ‌من‌ معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه للايذان بعلو شانه ‌و‌ كونه ‌فى‌ الغايه القصوى ‌من‌ الفضل ‌و‌ ‌من‌ رجائى بيان للمشار اليه، ‌و‌ ‌فى‌ التعبير باسم الاشاره ثم بيان المشار اليه بمن البيانيه ليحصل البيان بعد الابهام تفخيم ‌و‌ تعظيم آخر كما قرر ‌فى‌ محله، ‌و‌ كل ذلك لفرط عنايته ‌و‌ اهتمامه بما ذكره ‌من‌ الرجاء الذى كل رجاء غيره كلا شى ء.
 
و احفيت فلانا ‌فى‌ السئوال الحفت ‌فى‌ الطلب منه ‌و‌ شددت ‌فى‌ المساله حتى شق عليه ‌و‌ تاذى به.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: احفى زيدا الح عليه ‌و‌ برح ‌به‌ ‌فى‌ الالحاح.
 ‌و‌ المعنى لايشق عليه ‌و‌ ‌لا‌ يبرح ‌به‌ سئوال سائل.
 ‌و‌ نقصت الشى ء نقصا ‌من‌ باب قتل: اذهبت منه شيئا بعد تمامه.
 ‌و‌ النائل: العطاء، ‌اى‌ لاينقص ‌ما‌ عنده عطاء، ‌و‌ تنكير السائل ‌و‌ النائل لافاده الاستغراق ‌اى‌ كل سائل ‌و‌ كل نائل، لان النكره ‌فى‌ سياق النفى تفيد الاستغراق.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله عليه السلام: «فانى لم آتك ثقه» للتعليل، ‌و‌ نصب ثقه يحتمل المصدريه ‌و‌ الحاليه ‌و‌ المفعول لاجله، ‌اى‌ اثق ثقه ‌او‌ اتيان ثقه ‌او‌ واثقا ‌او‌ للثقه كما قالوه ‌فى‌ نحو: جاء زيد رغبه لكن عطف شفاعه عليها يعين الثالث لوجوب مشاركه المعطوف ‌و‌ المعطوف عليه ‌فى‌ الجهه التى تنسب بها المعطوف عليه الى عامله لكونه فاعلا ‌او‌ مفعولا ‌او‌ مضافا اليه، ‌و‌ نصب شفاعه هنا ‌لا‌ يحتمل سوى المفعوليه لاجله، ‌اى‌ ‌و‌ ‌لا‌ لشفاعه مخلوق فتعين كون ثقه مفعولا لاجله للعله المذكوره.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «الا شفاعه محمد» استثناء متصل ‌و‌ نصب شفاعه على الاستثناء.
 ‌و‌ اهل بيت محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله عندنا معشر الاماميه على ‌و‌ فاطمه ‌و‌ الحسنان ‌و‌ تطلق تغليبا على باقى الائمه عليهم السلام.
 ‌و‌ قال جمهور العامه: نساوه صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌من‌ اهل بيته ‌و‌ قد وقفت على حديث رواه الحافظ السيوطى الشافعى ‌فى‌ الجامع الصغير عن ابن عساكر عن واثله ‌هو‌ نص على مذهب الاماميه ‌من‌ ‌ان‌ نساءه صلى الله عليه ‌و‌ آله لسن ‌من‌ اهل بيته. ‌و‌ ‌هو‌
 
قوله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم: اول ‌من‌ يلحقنى ‌من‌ اهلى انت ‌يا‌ فاطمه ‌و‌ اول ‌من‌ يلحقنى ‌من‌ ازواجى زينب ‌و‌ هى اطولكن كفا.
 هذا نص الحديث ‌و‌ ‌هو‌ كما تراه صريح ‌فى‌ المطلوب ‌و‌ لم يستدل بهذا الحديث على ذلك احد قبل هذا فهو ‌من‌ خواص هذا الكتاب «و الله يقول الحق ‌و‌ ‌هو‌ يهدى السبيل».
 
الجمله الاولى استيناف مبين لكيفيه اتيانه ‌لا‌ لاجل ثقه بعمل صالح قدمه كانه سئل اذا لم تات ثقه بعمل صالح قدمته فكيف اتيت؟ فقال: اتيتك مقرا بالجرم ‌اى‌ بالذنب ‌و‌ اكتساب الاثم، يقال: جرم جرما ‌من‌ باب- ضرب- اذا اذنب ‌و‌ اكتسب الماثم، ‌و‌ الاسم منه جرم بالضم.
 ‌و‌ اسات اليه اساءه ‌ضد‌ احسنت ‌و‌ لما كان الاقرار ‌من‌ موجبات العفو جعل عليه السلام اتيانه حال اقراره وسيله الى طلب العفو ‌من‌ ربه.
 قال بعض العلماء: ‌من‌ اقر فقد استوجب العفو لحسن ظنه بك.
 ‌و‌ عن ابى جعفر صلوات الله عليه قال: ‌و‌ الله ‌ما‌ ينجو ‌من‌ الذنب الا ‌من‌ اقربه.
 
و عنه عليه السلام: ‌لا‌ ‌و‌ الله ‌ما‌ اراد الله ‌من‌ الناس الا خصلتين ‌ان‌ يقروا له بالنعم فيزيدهم ‌و‌ بالذنوب فيغفرها لهم.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «اتيتك ارجو عظيم عفوك» اما استيناف مبين لكيفيه اتيانه مقرا بالجرم ‌او‌ بدل ‌من‌ الجمله قبلها لانها اوفى منها بتاديه المعنى المراد لدلالتها على صريح رجاء العفو الذى افهمه الاقرار، فان الاقرار طريق لايسلكه الا ‌من‌ جعل الرجاء له رفيقا، كما قال بعض الاكابر: تجاوز عن ذنب لم يسلك بالاقرار طريقا حتى اخذ ‌من‌ رجائك رفيقا.
 ‌و‌ جمله: ارجو ‌فى‌ محل نصب على الحاليه ‌من‌ ضمير المتكلم ‌و‌ ‌فى‌ التعبير بعظيم العفو دون مطلقه ايماء الى عظيم جرمه ‌و‌ اسائته فان عظيم العفو لايرجى الا بعظيم الجرم:
 كما قال صاحب البرده:
 ‌يا‌ نفس ‌لا‌ تقنطى ‌من‌ زله عظمت
 ‌ان‌ الكبائر ‌فى‌ الغفران كاللمم
 لعل رحمه ربى حين يقسمها
 تاتى على حسب العصيان ‌فى‌ القسم
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «به» اما للملابسه ‌او‌ للسببيه، ‌و‌ «ثم» لاستبعاد مضمون ‌ما‌ بعدها عن مضمون ‌ما‌ قبلها، فان عدم منع طول عكوف الخاطئين على عظيم الجرم له تعالى ‌من‌ عوده تعالى عليهم بالرحمه ‌و‌ المغفره مستبعد ‌من‌ العفو عنهم بشهاده بديهه العقل على ‌ان‌ الخاطى ء الذى عفى عنه فطال عكوفه على عظيم الجرم ينبغى ‌ان‌ يكون طول عكوفه مانعا لمن عفى عنه ‌من‌ عوده عليه بالرحمه فاذا لم يمنعه منه كان مستبعدا غير مناسب.
 
قال الرضى: ‌و‌ قد تجى ء ثم ‌فى‌ الجمل خاصه لاستبعاد مضمون ‌ما‌ بعدها عن مضمون ‌ما‌ قبلها ‌و‌ عدم مناسبته كقوله تعالى: «خلق السموات ‌و‌ الارض ‌و‌ جعل الظلمات ‌و‌ النور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون» فالاشراك بخالق السموات ‌و‌ الارض مستبعد غير مناسب ‌و‌ هذا المعنى فرع التراخى ‌و‌ مجازه انتهى.
 ‌و‌ العكوف: الاقبال على الشى ء ‌و‌ ملازمته يقال: عكف عليه يعكف عكوفا ‌و‌ عكفا ‌من‌ بابى- قعد- و- ضرب- ‌اى‌ لازمه ‌و‌ اقبل عليه لايصرف عنه وجهه، ‌و‌ باللغتين قرى ء ‌فى‌ السبعه قوله تعالى: «يعكفون على اصنام لهم».
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «ان عدت عليهم» ‌فى‌ محل نصب بنزع الخافض لان الاصل ‌من‌ «ان عدت عليهم» يقال: منعته ‌من‌ كذا اذا كففته عنه ‌و‌ لايقال: منعته كذا الا اذا حرمته اياه ‌و‌ المقصود هنا المعنى الاول دون الثانى، ‌و‌ حذف الخافض مطرد مع ‌ان‌ المشدده ‌و‌ ‌ان‌ المخففه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌ما‌ منع الناس ‌ان‌ يومنوا» ‌اى‌ ‌من‌ ‌ان‌ يومنوا به، ‌و‌ جوز سيبويه ‌ان‌ يكون المحل جرا فيكون ‌من‌ باب حذف الخافض ‌و‌ ابقاء عمله نحو قولهم: لاه ابوك.
 ‌و‌ عاد الله علينا برحمته: تفضل ‌و‌ عطف.
 
و «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فيامن رحمته واسعه» للدلاله على ترتب مضمون الجمله بعدها ‌و‌ ‌هو‌ وصفه تعالى بسعه الرحمه ‌و‌ عظم العفو على ‌ما‌ قبلها ‌من‌ عفوه عن الخاطئين، ثم عوده عليهم بالرحمه ‌و‌ المغفره مع عكوفهم على عظيم الجرم ‌و‌ عدم منع ذلك له عن التفضل ‌و‌ الاحسان، فان ذلك كله لايكون الا ممن اتسعت رحمته ‌و‌ عظم عفوه ‌و‌ لذلك ناداه تعالى بالموصول ليجعل الصله صريحه ‌فى‌ الحكم
 
بسعه رحمته ‌و‌ عظم عفوه، ‌و‌ توسيط النداء ‌و‌ تكريره لابراز مزيد الضراعه ‌و‌ التعرض لوصف العظم ‌و‌ الكرم لتحريك سلسله الاجابه ضروره ‌ان‌ العظيم يغفر العظيم ‌و‌ يهب العظيم ‌و‌ الكريم يوثر الغير بالخير ‌لا‌ لغرض ‌و‌ ‌لا‌ لعائده نفع تعود اليه.
 وعد على برحمتك ‌اى‌ تفضل على باحسانك ‌من‌ قولهم: عاد علينا فلان بمعروفه.
 ‌و‌ تعطف على بفضلك ‌اى‌ تحنن ‌و‌ ترحم على بافضالك ‌و‌ مزيد خيرك.
 ‌و‌ توسع على بمغفرتك: ‌اى‌ ‌كن‌ واسعا لى بمغفرتك ‌من‌ قوله تعالى: «ربنا وسعت كل شى ء رحمه ‌و‌ علما» ‌و‌ ايثار صيغه التفعل المبنيه للتكلف لافاده المبالغه ‌فى‌ السعه، فان الفعل متى تكلف فيه بولغ فيه قطعا، ‌و‌ تعديته بعلى لتضمينه معنى التفضل ‌اى‌ توسع متفضلا على بمغفرتك ‌و‌ الله اعلم.
 
المقام: مفعل ‌من‌ القيام، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل اسم لموضع القيام ثم اتسعوا فيه فاستعملوه استعمال المكان ‌و‌ المجلس قال تعالى: «خير مقاما ‌و‌ احسن نديا» ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا قيل: مقام صلاه الجمعه ‌او‌ العيد فيكون على معناه الاصلى ‌من‌ موضع القيام ‌لا‌ بمعنى المكان ‌و‌ المجلس ‌و‌ تكون الاشاره حسيه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد ‌به‌ مقام الامامه ‌و‌ الخلافه فيكون بمعنى المكان المعنوى ‌و‌ الاشاره اليه لتنزيله منزله المشاهد المحسوس بالحس البصرى.
 ‌و‌ عليه فوجه التعرض لمضمون هذا الفصل ‌من‌ الدعاء ‌فى‌ هذا اليوم:
 ‌ما‌ رواه شيخ الطائفه ‌فى‌ التهذيب بسنده عن عبدالله ‌بن‌ ذبيان، عن ابى جعفر
 
عليه السلام قال: قال: ‌يا‌ عبدالله ‌ما‌ ‌من‌ عيد للمسلمين اضحى ‌و‌ ‌لا‌ فطر الا ‌و‌ ‌هو‌ يجدد لال محمد فيه حزن قلت: ‌و‌ لم ذاك؟ قال: لانهم يرون حقهم ‌فى‌ يد غيرهم.
 ‌و‌ الخلفاء جمع خليفه بمعنى السلطان الاعظم لانه يخلف غيره ‌و‌ ينوب منابه، ‌و‌ ‌هو‌ فعيل: بمعنى فاعل ‌و‌ الهاء للمبالغه، ‌و‌ قيل: يجوز ‌ان‌ يكون بمعنى مفعول لان الله جعله خليفه.
 قال العلامه الطبرسى: الخليفه ‌و‌ الامام واحد الا ‌ان‌ بينهما فرقا فالخليفه ‌من‌ استخلف ‌فى‌ الامر مكان ‌من‌ كان قبله فهو ماخوذ ‌من‌ انه خلف غيره ‌و‌ قام مقامه، ‌و‌ الامام ماخوذ ‌من‌ التقدم فهو المتقدم فيما يقتضى وجوب الاقتداء ‌به‌ ‌و‌ فرض طاعته فيما تقدم فيه، انتهى.
 فان قلت: كيف جمع الخليفه على خلفاء ‌و‌ فعيله بالهاء لاتجمع على فعلاء؟.
 قلت: جمعوه على ذلك باعتبار الاصل ‌و‌ ‌هو‌ خليف كشريف ‌و‌ شرفاء ‌و‌ اذا اعتبر اللفظ قيل خلائف.
 قال الجوهرى: قالوا خلفاء ‌من‌ اجل انه ‌لا‌ يقع الا على مذكر ‌و‌ فيه الهاء جمعوه على اسقاط الهاء مثل: ظريف ‌و‌ ظرفاء.
 
و ‌فى‌ اضافه خلفاء الى كاف الخطاب ايذان بان خلافتهم له تعالى ‌و‌ ‌من‌ جهته سبحانه ‌فى‌ اجراء احكامه ‌و‌ تنفيذ اوامره بين الناس ‌و‌ سياسه الخلق لكن ‌لا‌ لحاجه ‌به‌ تعالى الى ذلك بل لقصور استعداد المستخلف عليهم ‌و‌ عدم لياقتهم لقبول الفيض بالذات ‌من‌ غير واسطه فاختص تعالى ‌من‌ شاء ‌من‌ عباده لخلافته ‌من‌ اجل ذلك.
 ‌و‌ الاصفياء: جمع صفى فعيل بمعنى مفعول ‌من‌ اصطفاه بمعنى اختاره ‌و‌ اصطفاوه تعالى يعود الى افاضه الكمال ‌و‌ الشرف عليهم بحسب ‌ما‌ وهبت لهم العنايه الالهيه ‌من‌ القبول ‌و‌ الاستعداد.
 ‌و‌ المواضع: جمع موضع بكسر الضاد ‌و‌ فتحها لغه بمعنى المكان مفعل ‌من‌ الوضع ‌و‌ ‌هو‌ القاء الشى ء.
 ‌و‌ الامناء: جمع امين فعيل بمعنى مفعول ‌من‌ امنته على الشى ء ‌و‌ ائتمنته: اذا وثقت ‌به‌ ‌و‌ ائتمانه تعالى لهم يعود الى افاضه العنايه الالهيه عليهم قوه يقدرون بها على تبليغ احكامه ‌و‌ اجراء اوامره ‌و‌ نواهيه على حسب ‌ما‌ القى اليهم ‌و‌ افيض عليهم ‌من‌ جهته سبحانه ‌من‌ غير تبديل ‌و‌ زياده ‌و‌ نقصان اذ كان الامين ‌هو‌ الحافظ لما كلف بحفظه على ‌ما‌ ‌هو‌ عليه ليوديه الى مستحقيه.
 ‌و‌ اتفقت النسخ المتداوله المشهوره ‌من‌ الصحيفه الشريفه على ضبط لفظ مواضع بالنصب الا ‌ما‌ وقفت عليه ‌فى‌ نسخه قديمه ‌من‌ ضبطه بالرفع فالنصب على انه عطف على اسم ‌ان‌ ‌و‌ ‌هو‌ المقام ‌و‌ خبره قوله عليه السلام: «قد ابتزوها» ‌و‌ التقدير ‌و‌ ‌ان‌ مواضع امنائك قد ابتزوها، ‌و‌ الرفع على انه مبتدا ‌و‌ جمله: «قد ابتزوها» الخبر، ‌و‌ الجملتان متعاطفتان ‌او‌ على انه عطف على خبر ‌ان‌ ‌و‌ ‌هو‌ متعلق الظرف ‌من‌ قوله: «لخلفائك» ‌و‌ التقدير اللهم ‌ان‌ هذا المقام كائن لخلفائك ‌و‌ اصفيائك ‌و‌ مواضع امنائك.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه: «اللهم ‌ان‌ هذا المقام مقام خلفائك ‌و‌ اصفيائك ‌و‌ مواضع
 
امنائك» فهو معطوف على مقام خلفائك، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ باب عطف احد الجزئين على الاخر، ‌و‌ انما جاز الاخبار بمواضع ‌و‌ ‌هو‌ جمع عن المقام ‌و‌ ‌هو‌ مفرد لان المقام مقام معنوى اعنى مقام الخلافه ‌و‌ مرتبه الرئاسه العامه، ‌و‌ ‌هو‌ يحتوى على درجات الشرف ‌و‌ منازل الكرامه التى اختص بها الله سبحانه امناءه، فهو ‌فى‌ المعنى كالجمع ‌و‌ ‌ان‌ كان مفردا ‌فى‌ اللفظ، ‌و‌ هذا تقول ‌فى‌ ظرف المكان الحقيقى مشيرا الى الارض ينزل بها قومك: هذه الارض منازل قومنا ‌و‌ مواضع رحالنا.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله عليه السلام: «فى الدرجه الرفيعه» مستقر ‌فى‌ محل نصب على الحاليه ‌من‌ مواضع امنائك ‌اى‌ كائنه ‌فى‌ الدرجه الرفيعه، ‌و‌ العامل ‌فى‌ الحال معنى الاشاره مثله ‌فى‌ قوله تعالى: «و هذا بعلى شيخا» ‌و‌ هذه الحال موكده لصاحبها اذ ليس الغرض الاشاره الى المواضع ‌فى‌ حال كونها ‌فى‌ الدرجه الرفيعه دون غيرها لانها ‌لا‌ تكون الا كذلك.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «قد ابتزوها» ‌فى‌ محل رفع على الخبريه لمواضع امنائك على روايه نصب مواضع كما ذكرناه، ‌و‌ اما على روايه الرفع فان جعلت مواضع مبتدا فهى ‌فى‌ محل رفع على الخبريه ايضا، ‌و‌ ‌ان‌ جعلته عطفا على خبر ‌ان‌ فهى جمله مستانفه استينافا بيانيا كانه سئل ‌ما‌ بال المواضع المذكوره؟ فقال: قد ابتزوها.
 فان قلت: هل يجوز حمل روايه الرفع ‌فى‌ مواضع على عطفها على محل اسم «ان» فيكون ‌من‌ باب العطف على المحل؟.
 قلت: لايجوز ذلك عند جمهور البصريين لاشتراطهم فيه وجود المحرز ‌اى‌ الطالب لذلك المحل، ‌و‌ الطالب لرفع اسم «ان» ‌هو‌ الابتداء ‌و‌ الابتداء ‌هو‌ التجرد، ‌و‌ التجرد قد زال بدخول «ان» ‌و‌ لذلك لم يجيزوا: ‌ان‌ زيدا قائم ‌و‌ عمر ‌و‌ قاعد على ‌ان‌
 
عمروا معطوف على المحل ‌لا‌ مبتدا بل حكموا بتعين رفعه على الابتداء دون العطف نعم ‌من‌ لم يشترط المحرز ‌فى‌ العطف على المحل اجاز ذلك ‌و‌ ‌هم‌ الكوفيون ‌و‌ بعض البصريين.
 ‌و‌ بزه ثوبه بزا ‌من‌ باب- قتل-: سلبه، يقال: ‌من‌ عزبز اى: ‌من‌ غلب سلب.
 ‌و‌ ابتزه: استلبه، ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: بزه ثيابه ‌و‌ ابتزه: سلبه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: البز اخذ الشى ء بجفاء ‌و‌ قهر كالابتزاز.
 ‌و‌ اتفقت النسخ المشهوره على ضبط ابتزوها بفتح التاء على البناء للفاعل فيكون الضمير المتصل ‌و‌ ‌هو‌ الواو ‌هو‌ الفاعل ‌و‌ ضمير المونث بعده ‌هو‌ المفعول ‌و‌ ‌هو‌ عائد الى المواضع ‌و‌ المعنى: قد استلبوها ‌و‌ اخذوها قهرا.
 فان قلت: الى ‌ما‌ يعود الضمير الذى ‌هو‌ الفاعل ‌و‌ لم يسبق له مفسرا؟.
 قلت: يعود الى سابق معنى ‌و‌ ‌هم‌ الاعداء المتصفون بالظلم ‌و‌ الكفر ‌و‌ الشقاق ‌و‌ النفاق لاستلزام سياق الكلام لذلك فان مواضع امناء الله لايبتزوها ‌و‌ يستلبها منهم الا عدو ظالم كافر بلغ ‌من‌ الشقاق ‌و‌ النفاق كل مبلغ فهو كقوله تعالى: «حتى توارت بالحجاب» اى: غربت الشمس ‌و‌ ‌ان‌ لم يسبق للشمس ذكر لكن ‌دل‌ عليها ذكر العشى ‌من‌ قوله تعالى:«اذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد» فاستلزم سياق الكلام توارى الشمس، ‌و‌ مثله: «اذا بلغت التراقى» اى: الروح.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه ابن ادريس «رحمه الله» ضبط ابتزوها بضم التاء بالبناء للمفعول، ‌اى‌ سلبوها بالبناء للمجهول، ‌و‌ ‌هو‌ على جعل ابتز متعديا، الى مفعولين
 
لانه بمعنى سلب، ‌و‌ سلب يتعدى الى مفعول واحد تاره نحو: سلبت زيدا، ‌و‌ الى مفعولين اخرى كقوله تعالى: «و ‌ان‌ يسلبهم الذباب شيئا لايستنقذوه».
 قال ابوالبقاء: يسلبهم يتعدى الى مفعولين ‌و‌ شيئا ‌هو‌ الثانى.
 ‌و‌ اذا عرفت ذلك فاصل ابتزوها بالبناء للمفعول ابتزوهموها بالبناء للفاعل ففيه ثلاثه ضمائر: مرفوع على الفاعليه ‌و‌ منصوبان على المفعوليه، فالمرفوع ‌هو‌ الواو الاولى ‌و‌ ‌هو‌ فاعل الابتزاز، ‌و‌ المنصوبان احدهما: «هم» ‌و‌ ‌هو‌ ضمير الامناء ‌و‌ دخلت الواو تتمه للميم ‌و‌ ‌هو‌ الاصل ‌فى‌ ميم الجمع ‌و‌ انما تحذف تخفيفا للعلم بها.
 ‌و‌ ثانيهما: «ها» ‌و‌ ‌هو‌ ضمير المواضع، ‌و‌ ‌هو‌ المفعول الثانى فلما حذف الفاعل للعلم ‌به‌ اناب المفعول الاول ‌و‌ ‌هو‌ «هم» مناب الفاعل، ‌و‌ اسند الفعل اليه فصار مرفوعا بعد ‌ان‌ كان منصوبا، ‌و‌ تحول واوا بعد ‌ان‌ كان هاء ‌و‌ ميما لان ضمير الغائبين اذا كان مرفوعا كان واوا ‌و‌ اذا كان منصوبا ‌او‌ مجرورا كان هاء تليها ميم فصار ابتزوها، «فالواو» نائبه عن الفاعل ‌و‌ «هاء» مفعول ثان ‌فى‌ محل نصب على حاله، ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «و ‌ما‌ يفعلوا ‌من‌ خير فلن يكفروه» فالواو ‌فى‌ يكفروه نائبه عن الفاعل، ‌و‌ الهاء مفعول ثان.
 قال التفتازانى: عدى تكفروا الى مفعولين احدهما ضمير المخاطبين القائم مقام الفاعل، ‌و‌ الاخر الضمير المنصوب لتضمينه معنى الحرمان ‌و‌ الاصل: لن يكفركموه، انتهى.
 ‌و‌ مما لايكاد يقضى منه العجب ‌ما‌ وقع لبعض اكابر الساده ‌فى‌ تعليقته ‌و‌ تبعه على ذلك بعض الافاضل ‌من‌ العجم ‌فى‌ تعليقه له ‌ان‌ «ها» على روايه البناء
 
للمجهول ‌فى‌ ابتزوها كلمه تنبيه ‌و‌ كلمه دعوه ‌لا‌ ضمير تانيث، انتهى، ‌و‌ ‌هو‌ كلام يحق ‌ان‌ ينشد عند سماعه:
 قد افسد القول حتى احمد الصمم
 ‌و‌ الله المستعان ‌و‌ كان الحامل له على هذا القول توهمه ‌ان‌ ابتز لايتعدى الى مفعولين ‌و‌ قد عرفت ثبوته.
 ‌و‌ ‌من‌ شواهده قول ابى داود ‌بن‌ حرير:
 الجود احسن مسا ‌يا‌ بنى مطر
 ‌من‌ ‌ان‌ يبتزكموها ‌كف‌ مستلب
 اى: يبتزكم الاموال ‌و‌ يسلبكموها.
 ‌و‌ قد وقفت على بحث نقله الحافظ السيوطى ‌فى‌ الاشباه ‌و‌ النظائر النحويه آثرت ايراده هنا ملخصا لمناسبه المقام اشد مناسبه ‌و‌ هو:
 قال الصلاح الصفدى: اختلفت انا ‌و‌ المولى شرف الدين حسين ‌بن‌ ريان ‌فى‌ قول الحريرى:
 فلم يزل يبتزه دهره
 ‌ما‌ فيه ‌من‌ بطش ‌و‌ عود صليب
 فذهب ‌هو‌ ‌فى‌ اعراب قوله: ‌ما‌ فيه الى انه ‌فى‌ موضع نصب على انه مفعول ثان ‌و‌ ذهبت انا الى انه بدل ‌من‌ الهاء ‌فى‌ يبتزه فكتب شرف الدين ‌فى‌ ذلك سئوالا جهزه الى الشيخ كمال الدين ‌بن‌ الزملكانى فكتب ‌فى‌ الجواب ‌ما‌ نصه: لكل ‌من‌ القولين مساغ ‌فى‌ النظر الصحيح، ‌و‌ لكن النظر انما ‌هو‌ ‌فى‌ الترجيح، ‌و‌ جعل ذلك مفعولا ثانيا اقوى توجيها ‌فى‌ الاعراب ‌و‌ ادق بحثا عند ذوى الاداب، اما ‌من‌ جهه الصناعه العربيه فلان المفعول متعلق الفعل بذاته التى بوقوعه عليه معينه ‌و‌ البدل مبين لكون
 
الاول مطرحا ‌فى‌ النيه، ‌و‌ هذا الفعل بهذا المعنى متعد الى مفعولين ‌و‌ ‌ما‌ فيه ‌من‌ بطش ‌هو‌ احد ذينك الاثنين لئلا يفوت متعلق الفعل المستقل، ‌و‌ البدل بيان يرجع الى توكيد بتاسيس لمعنى مخل، ‌و‌ اما ‌من‌ جهه المعنى فلان المقام مقام ‌شك‌ ‌و‌ اخذ بالقلوب ‌و‌ تمكن هذا المعنى اقوى اذا ذكرما سلب منه مع بيان انه المسلوب، فذكر المسلوب منه مقصود كذكر ‌ما‌ سلب، ‌و‌ ‌فى‌ ذلك ‌من‌ تمكين المعنى ‌ما‌ ‌لا‌ يخفى على ذوى الادب، انتهى.
 قال الصفدى: ‌لا‌ اعلم احدا ياتى بهذا الجواب غيره لمعرفته بدقائق النحو ‌و‌ غوامض علمى المعانى ‌و‌ البيان، انتهى.
 قلت: ‌و‌ بالتامل ‌فى‌ هذا الجواب يظهر رجحان روايه ابتزوها ‌فى‌ عباره الدعاء بالبناء للمجهول على الروايه المشهوره «و الله يقول الحق ‌و‌ ‌هو‌ يهدى السبيل».
 قوله عليه السلام: «و انت المقدر لذلك» «الواو» ابتدائيه، ‌و‌ الجمله اما حاليه ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ فاعل ابتزوها ‌او‌ ‌من‌ مفعوله، ‌اى‌ ‌و‌ الحال انك انت المقدر لذلك على تاويل مقدرا انت لهم ‌او‌ لها ذلك فهى كالحال السببيه نحو: مررت برجل قائما غلمانه، كما قال ابن جنى فى: جاء زيد ‌و‌ الشمس طالعه، ‌ان‌ التاويل جاء زيد طالعه الشمس عند مجيئه، ‌و‌ سيبويه ‌و‌ المتقدمون يقدرون واو الحال باذ ‌و‌ ‌لا‌ يريدون انها مرادفه لها اذ لايرادف الحرف الاسم بل انها ‌و‌ ‌ما‌ بعدها قيد للفعل السابق كما ‌ان‌ اذ كذلك.
 فقوله عليه السلام: «ابتزوها ‌و‌ انت المقدر لذلك» ‌فى‌ تقدير ابتزوها اذ انت المقدر لذلك.
 ‌و‌ اما مستانفه استينافا بيانيا نحويا فلا محل لها ‌من‌ الاعراب ‌و‌ كذلك جمله قوله
 
عليه السلام: «لا يغالب امرك» اما حاليه موكده لصاحبها، ‌و‌ ‌هو‌ الضمير البارز اعنى انت ‌او‌ المستتر ‌فى‌ اسم الفاعل الواقع خبرا.
 ‌و‌ اما استينافيه منقطعه عما قبلها لغرض الثناء عليه تعالى بنفاذ امره كيف شاء ‌او‌ لتقرير تقديره على تفسير الامر بالقدر كما سياتى.
 ‌و‌ غلبه غلبا ‌من‌ باب- ضرب-: قهره ‌و‌ الاسم الغلب بفتحتين ‌و‌ الغلبه ايضا، ‌و‌ ايثار صيغه المفاعله للمبالغه لما مر غير مره ‌من‌ ‌ان‌ الفعل متى غولب فيه بولغ فيه.
 ‌و‌ الامر اما بمعنى التقدم ‌ام‌ بمعنى الشان ‌من‌ قول ‌او‌ فعل، ‌و‌ قيل: المراد ‌به‌ هنا القدر النازل على وفق القضاء الالهى ‌و‌ ‌هو‌ تفصيل القضاء، ‌و‌ منه قول اميرالمومنين عليه السلام: «و ‌لا‌ يرد امرك»، ‌و‌ هذا المعنى انسب بالمقام.
 ‌و‌ جاوزت الشى ء: تعديته.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه: «و ‌لا‌ يتجاوز» ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ تجاوز بمعنى جاوز يقال: جاوزته ‌و‌ تجاوزته بمعنى.
 ‌و‌ المحتوم: اسم مفعول ‌من‌ حتمت الامر حتما ‌من‌ باب- ضرب- ‌اى‌ اوجبته ‌و‌ قضيت ‌به‌ جزما.
 ‌و‌ «من»: بيانيه.
 ‌و‌ التدبير ‌فى‌ الامر: التفكر ‌و‌ النظر ‌فى‌ دبره اى: ‌فى‌ عاقبته ‌و‌ ‌ما‌ يوول اليه. ‌و‌ تدبيره تعالى: قيل: يعود الى تصريفه لجميع الذوات ‌و‌ الصفات دائما تصريفا جزئيا ‌و‌ كليا على وفق حكمته ‌و‌ عنايته.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ عباره عن تقديره.
 ‌و‌ قيل: عن قضائه لاستحاله الفكر ‌و‌ النظر عليه سبحانه.
 قوله عليه السلام: «كيف شئت ‌و‌ انى شئت» على ‌اى‌ حال شئت، ‌و‌ ‌فى‌ ‌اى‌
 
وقت شئت، فكيف: لاستغراق الاحوال، ‌و‌ «انى»: لاستغراق الازمنه بمعنى متى، ‌و‌ مفعول المشيئه فيهما محذوف ‌و‌ التقدير كيف شئت التدبير ‌و‌ انى شئت التدبير، ‌و‌ كل ‌من‌ كيف ‌و‌ انى معمول لشئت بعده ‌و‌ هما ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ تدبيرك، ‌اى‌ كائنا على ‌اى‌ حال شئته ‌و‌ متى شئته، ‌و‌ انما حملنا انى على معنى متى ‌و‌ لم نحملها على معنى كيف مع ورودها بمعناها ايضا ترجيحا للتاسيس على التاكيد، لان حمل اللفظ على فائده جديده اولى ‌من‌ التاكيد، اذ كان وضع الكلام انما ‌هو‌ لافاده ‌ما‌ لم يكن مفادا، ‌و‌ لذلك تسمعهم يقولون التاسيس خير ‌من‌ التاكيد.
 فان قلت: ‌ما‌ الفرق بين كيف ‌و‌ انى حينئذ فقد صرح غير واحد بان كيف ظرف ايضا فان كانت ظرف زمان فقد اتحدا معنى ‌و‌ ‌ان‌ كانت ظرف مكان فليس معناها استغراق الاحوال؟.
 قلت: قال ابن مالك: لم يقل احد ‌ان‌ كيف ظرف اذ ليست زمانا ‌و‌ ‌لا‌ مكانا ‌و‌ لكنها لما كانت تفسر بقولك على ‌اى‌ حال سميت ظرفا، لانها ‌فى‌ تاويل الجار ‌و‌ المجرور، ‌و‌ اسم الظرف يطلق عليهما مجازا.
 قال ابن هشام: ‌و‌ ‌هو‌ حسن.
 ‌و‌ كذلك قال الرضى: انما عدت كيف ‌فى‌ الظروف لانها بمعنى على ‌اى‌ حال، ‌و‌ الجار ‌و‌ الظرف متقاربان، انتهى.
 فظهر الفرق بين كيف ‌و‌ انى ظرفا بمعنى متى ‌و‌ ‌لا‌ عبره بما وقع ‌فى‌ كلام بعضهم عن ‌ان‌ كيف ظرف زمان ‌او‌ ظرف مكان فانه كلام مبناه على غير تحقيق.
 فان قلت كيف ‌و‌ متى ‌لا‌ تكونان بمعنى استغراق الاحوال ‌و‌ استغراق الازمنه الا اذا وقعا شرطين يجازى بهما نحو كيف تصنع اصنع ‌و‌ انى تقم اقم ليحصل فيهما
 
معنى العموم الذى يعتبر ‌فى‌ كلمات الشرط فيقتضيان فعلين يكون احدهما شرطا ‌و‌ الاخر جوابا ‌و‌ ليس ‌فى‌ عباره الدعاء الافعل واحد فان اعتبر شرطا فاين الجواب؟
 قلت: الجواب محذوف يدل عليه ‌ما‌ قبله اى: كيف شئت دبرت ‌و‌ انى شئت دبرت ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «و ‌هو‌ الذى يصوركم ‌فى‌ الارحام كيف يشاء» ‌و‌ «فاتوا حرثكم انى شئتم».
 قال ابن هشام ‌فى‌ المعنى: قالوا ‌و‌ ‌من‌ ورود كيف شرطا «ينفق كيف يشاء» «يصوركم ‌فى‌ الارحام كيف يشاء» «فيبسطه ‌فى‌ السماء كيف يشاء» ‌و‌ جوابها ‌فى‌ ذلك كله محذوف لدلاله ‌ما‌ قبلها عليه لكنه قال هذا يشكل على اطلاقهم ‌ان‌ جواب كيف يجب مماثلته لشرطها فانهم اتفقوا على انها تقتضى فعلين متفقى اللفظ ‌و‌ المعنى نحو: كيف تصنع اصنع ‌و‌ ‌لا‌ يجوز كيف تذهب اجلس باتفاق انتهى.
 ‌و‌ الاشاره بهذا الى كون جواب كيف ‌فى‌ الايات المذكوره محذوفا لدلالته ‌ما‌ قبلها عليه ‌و‌ وجه الاشكال ‌ان‌ ‌ما‌ قبلها ليس بمماثل لما بعدها ‌من‌ الشرط ‌فى‌ اللفظ ‌و‌ المعنى، ‌و‌ انما قال على اطلاقهم لانه لايشكل اذا قيد الجواب بالمذكور دون المقدر المحذوف ‌و‌ بقى ‌فى‌ المقام كلام طويناه على غره.
 قوله عليه السلام «و لما انت اعلم به» هذا ‌من‌ باب دخول الواو على لام التعليل ‌من‌ غير ‌ان‌ يتقدمها معطوف عليه صريحا ‌و‌ لهم ‌فى‌ تخريج ذلك ‌و‌ جهان:
 احدهما: ‌ان‌ التعليل معلله محذوف مقدر ‌و‌ ‌هو‌ قول الفراء ‌و‌ اختاره الزمخشرى.
 ‌و‌ الثانى: انه معطوف على عله اخرى مضمره ليظهر صحه العطف.
 اذا عرفت ذلك فالتقدير ‌فى‌ عباره الدعاء على الوجه الاول ‌و‌ لما انت اعلم ‌به‌
 
قدرت ذلك لالامر آخر فاللام متعلقه بالمحذوف الموخر المقدر ‌و‌ الواو على ذلك قيل: عاطفه جمله على جمله.
 ‌و‌ قيل: استينافيه ‌و‌ قيل: اعتراضيه، ‌و‌ الجمله اعتراض مقرر لما قبلها ‌و‌ على الوجه الثانى ‌و‌ انت المقدر لذلك لابتلاء عبادك ‌و‌ امتحانهم ‌و‌ لما انت اعلم ‌به‌ ‌من‌ مقتضى حكمتك البالغه فاللام متعلقه باسم الفاعل ‌من‌ قوله المقدر لذلك، ‌و‌ الواو عاطفه للجمله على العله المضمره، ‌و‌ وقع ‌من‌ هذا الباب ‌فى‌ التنزيل عده آيات، منها ‌فى‌ البقره قوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر ‌و‌ لايريد بكم العسر ‌و‌ لتكملوا العده ‌و‌ لتكبروا الله «اى ‌و‌ لتكملوا العده شرع لكم ذلك، ‌او‌ شرع ذلك لكم ليسهل عليكم، ‌او‌ لتعلموا ‌ما‌ تعملون ‌و‌ لتكملوا العده.
 ‌و‌ منها ‌فى‌ الانعام: «و كذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات ‌و‌ الارض ‌و‌ ليكون ‌من‌ الموقنين» ‌اى‌ ‌و‌ ليكون ‌من‌ الموقنين ارينا ذلك ‌او‌ اريناه ليستدل ‌به‌ ‌و‌ ليكون ‌من‌ الموقنين.
 ‌و‌ منها ‌فى‌ الانفال: «و ‌ما‌ رميت اذ رميت ‌و‌ لكن الله رمى ‌و‌ ليبلى المومنين منه بلاء حسنا» ‌اى‌ ‌و‌ ليحسن الى المومنين بالنصر ‌و‌ الغنيمه فعل ‌ما‌ فعل ‌لا‌ لشى ء غير ذلك، ‌او‌ ‌و‌ لكن الله رمى ليمحق الكافرين ‌و‌ ليبلى المومنين منه بلاء حسنا، ‌و‌ ‌لا‌ اعجب مما وقع لبعضهم ‌فى‌ معنى عباره الدعاء حيث قال: ‌اى‌ ‌و‌ لما انت اعلم ‌به‌ ‌و‌ اقدر عليه تنتهى الامور فجعل اللام بمعنى الى ‌و‌ اخرج العباره عن المقصود بها.
 قطعا نسال الله السلامه ‌من‌ الالحاد ‌فى‌ كلام المعصومين عليهم السلام فانه نظير الالحاد ‌فى‌ آيات الله ‌و‌ الله المستعان.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «غير متهم على خلقك ‌و‌ ‌لا‌ ارادتك» غير: هنا للنفى المجرد
 
ك«لا» ‌و‌ لذلك تصلح موضعها، ‌اى‌ لامتهم، ‌و‌ المشهور ‌من‌ الروايه ‌فى‌ النسخ المتداوله ضم الراء ‌من‌ غير.
 قال بعضهم: ‌هو‌ خبر مبتدا محذوف، ‌اى‌ انت غير متهم، ‌و‌ الاولى ‌ان‌ يكون خبر ثان لانت ‌من‌ قوله: «و انت المقدر» ‌و‌ نظيره احد ‌من‌ قوله تعالى:«قل ‌هو‌ الله احد» اذا اعربنا الضمير مبتدا ‌و‌ الله خبره ‌و‌ احد خبر ثان.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس ‌و‌ نسخه اخرى قديمه «غير» بالنصب على انه حال ‌من‌ الضمير المستتر ‌فى‌ قوله عليه السلام: «و انت المقدر لذلك» ‌اى‌ انت الذى قدرته حال كونك غير متهم على خلقك ‌و‌ ‌لا‌ ارادتك، ‌اى‌ غير مظنون بك ظلم ‌او‌ جهل فيهما، يقال: اتهمته بكذا ‌او‌ اتهمته على كذا: ‌اى‌ ظننت ‌به‌ ‌و‌ شككت ‌فى‌ امره.
 قال الشاعر:
 ‌لا‌ اقول الله يظلمنى
 كيف اشكو غير متهم
 ‌و‌ قيل: الاتهام ‌ان‌ يجعل شخصا موضع الظن السى ء يقول: اتهمت زيدا، ‌اى‌ ظننت ‌به‌ انه فعل سيئا.
 ‌و‌ الخلق: اما بمعنى المخلوق، ‌و‌ المراد ‌به‌ جميع الخلائق ‌او‌ بمعنى التقدير ‌و‌ القضاء ‌و‌ منه: «لا تبديل لخلق الله» ‌اى‌ لما قدره ‌و‌ قضاه ‌و‌ ‌لا‌ مزيده لتاكيد ‌ما‌ افادته غير ‌من‌ معنى النفى كانه قيل: لامتهم على خلقك ‌و‌ ‌لا‌ على ارادتك ‌و‌ نظيره: «غير المغضوب عليهم ‌و‌ ‌لا‌ الضالين».
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: ‌و‌ لارادتك فاللام للتعليل ‌اى‌ ‌و‌ غير متهم لاجل ارادتك، ‌او‌ بمعنى على ‌اى‌ ‌و‌ على ارادتك، ‌و‌ منه: «يخرون للاذقان» «و ‌ان‌ اساتم فلها» ‌اى‌
 
عليها ‌و‌ قد اسلفنا ‌من‌ الكلام على معنى ارادته تعالى ‌ما‌ اغنى عن اعادته هنا فليرجع اليه.
 قوله عليه السلام: «حتى صار صفوتك ‌و‌ خلفاوك مغلوبين مقهورين مبتزين».
 «حتى»: هنا للغايه بمعنى «الى» ‌اى‌ الى ‌ان‌ صار صفوتك ‌اى‌ خالصتك، ‌و‌ ‌من‌ اصطفيتهم ‌من‌ خلقك.
 قال الجوهرى: صفوه الشى ء خالصه ‌و‌ محمد صفوه الله ‌و‌ مصطفاه انتهى.
 ‌و‌ حكى ‌فى‌ الصفوه التثليث، ‌و‌ يقال: ‌هو‌ صفوه الله ‌و‌ ‌هم‌ صفوه الله كما يقال: ‌هو‌ خالصتى ‌و‌ ‌هم‌ خالصتى لان الصفوه ‌فى‌ الاصل: مصدر «و التاء» فيه لتانيثه ‌و‌ لذلك يقال: صفو الشى ء ‌و‌ صفوته، ‌و‌ المصدر اذا وصف استوى فيه المفرد ‌و‌ الجمع ‌و‌ غيرهما كما يقال: ‌هو‌ خلق الله ‌و‌ ‌هم‌ خلق الله.
 ‌و‌ مبتزين جمع مبتز اسم مفعول ‌من‌ ابتزه كمضطر اسم مفعول ‌من‌ اضطره ‌و‌ الاصل فيهما مبتززو مضطرر على مفتعل بفتح ‌ما‌ قبل الاخر فسكن اول المثلين ‌و‌ ادغم ‌فى‌ الثانى لتماثلهما ‌و‌ كونهما ‌فى‌ كلمه واحده.
 قوله عليه السلام: «يرون حكمك مبدلا ‌و‌ كتابك منبوذا» الى آخره.
 الجمله مستانفه ‌لا‌ محل لها ‌من‌ الاعراب وقعت جوابا عن سئوال مقدر نشا ‌من‌ الكلام كانه قيل: كيف حالهم ‌فى‌ تضاعيف تلك الشده ‌و‌ صيرورتهم مغلوبين مقهورين مبتزين؟ فقال: يرون حكمك مبدلا الى آخره، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون مقرره لمضمون ‌ما‌ قبلها ‌من‌ صيرورتهم مغلوبين مقهورين.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^