فارسی
يكشنبه 30 ارديبهشت 1403 - الاحد 10 ذي القعدة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

الدعاء 51

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمد لله الذى اليه يتضرع المتضرعون ‌و‌ له يستكين المتورعون والصلاه والسلام على نبيه الذى ‌به‌ يتوسل المتذرعون ‌و‌ على اهل بيته الذين بحبلهم يتمسك المتشرعون.
 ‌و‌ بعد: فهذه الروضه الحاديه ‌و‌ الخمسون ‌من‌ رياض السالكين تتضمن شرح الدعاء الحادى والخمسين ‌من‌ ادعيه صحيفه سيدالعابدين صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الخلفاء الراشدين.
 املاء راجى فضل ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى شرح الله صدره لمراشد دينه ‌و‌ ثبته على جاده اخلاصه ‌و‌ يقينه.
 
التضرع: التذلل ‌و‌ الخضوع، ‌من‌ ضرع له يضرع بفتحتين ضراعه: ذل ‌و‌ خضع.
 ‌و‌ قال الجوهرى: تضرع الى الله: ‌اى‌ ابتهل.
 ‌و‌ قال الفراء: جاء فلان يتضرع اذا جاء يطلب اليك الحاجه.
 ‌و‌ قال الراغب: التضرع: اظهار الضراعه.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: التضرع: تحريك الاصابع يمينا ‌و‌ شمالا.
 ‌و‌ ‌فى‌ آخر: التضرع: تحريك السبابه اليمنى يمينا ‌و‌ شمالا. ‌و‌ قد مر الكلام على ذلك ‌فى‌ اول الروضه الخمسين.
 ‌و‌ الاستكانه: الخضوع. يقال: استكان يستكين استكانه: ‌اى‌ خضع ‌و‌ ذل. قال تعالى: «فما استكانوا لربهم ‌و‌ ‌ما‌ يتضرعون» ‌و‌ اختلفوا ‌فى‌ اشتقاقها، فقيل: ‌من‌  السكون كان المستكين سكن لصاحبه ليفعل ‌به‌ ‌ما‌ يريد، فوزن استكان افتعل زيدت الالف لاشباع الفتحه شذوذا كقولهم: ‌هو‌ منه بمنتزاح ‌اى‌ ببعيد يراد بمنتزح ‌من‌ النزوح، ‌و‌ قيل: ‌من‌ الكون كان المستكين يتغير ‌من‌ كون الى كون، ‌اى‌ ‌من‌ حال الى حال، فوزن استكان: استفعل ‌من‌ كان كقولهم: استحال ‌من‌ حال، ‌اى‌ تغير ‌من‌ حال الى حال ‌و‌ ‌هو‌ مختار الاثبات ‌من‌ علماء العربيه ‌و‌ قد مر الكلام على ذلك بابسط ‌من‌ هذا فليرجع اليه.
 
حذف حرف النداء استشعارا لكمال قربه تعالى، ‌و‌ ايثار صيغه الاستقبال للدلاله على التجدد ‌و‌ الاستمرار، ‌و‌ لم يقل حمدتك لئلا يتوهم الفراغ منه. ‌و‌ لم يوكد الجمله اشعارا بقصور حمده.
 ‌و‌ جمله قوله: «و انت للحمد اهل «يجوز ‌ان‌ تكون ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ ضمير المخاطب، ‌و‌ ‌ان‌ تكون اعتراضيه بين الفعل ‌و‌ متعلقه فلا محل لها ‌من‌ الاعراب ‌و‌ ‌هو‌ اولى لافادتها الدوام على تقدير الاعتراض دون الحال ‌و‌ النكته فيه الثناء عليه سبحانه باستحقاقه لجميع المحامد لان اللام ‌فى‌ الحمد للجنس ‌و‌ هى لاستغراق الافراد، فكانه قال: ‌و‌ انت لكل حمد اهل ‌و‌ تقديم المجرور على متعلقه للاهتمام.
 ‌و‌ قوله: «على حسن صنيعك» متعلق باحمدك.
 ‌و‌ الصنيع ‌و‌ الصنيعه: ‌ما‌ اسطنع ‌من‌ خير ‌و‌ معروف يقال: صنع الله اليه خيرا: ‌اى‌ فعله به.
 ‌و‌ سبوغ النعماء: سعتها ‌و‌ فيضها.
 ‌و‌ الجزيل: الكثير، ‌و‌ انما قال عندى ‌و‌ لم يقل لدى مع استدعاء رعايه السجع له  ليشمل العطاء صنفى الاعيان ‌و‌ المعانى ‌و‌ ‌ما‌ كان غائبا عنه ‌و‌ حاضرا لديه.
 قال السيوطى ‌فى‌ الاتقان ‌و‌ ابن هشام ‌فى‌ المغنى: «عند» امكن ‌من‌ «لدى» ‌من‌ وجهين انها تكون ظرفا للاعيان ‌و‌ المعانى بخلاف لدى، ‌و‌ عند تستعمل ‌فى‌ الحاضر ‌و‌ الغائب ‌و‌ لاتستعمل لدى الا ‌فى‌ الحاضر، ذكرهما ابن شجرى ‌و‌ غيره.
 قوله عليه السلام: «و على ‌ما‌ فضلتنى ‌من‌ رحمتك» عطف على حسن صنيعك، ‌و‌ اعاده الجار للتاكيد ‌و‌ اشعارا بتغاير الحمدين كانه استانف حمدا آخر.
 قال ابن جنى: اعاده الجار بمنزله اعاده العامل.
 ‌و‌ العائد على ‌ما‌ وقع محذوفا ‌فى‌ النسخ المشهوره ‌اى‌ على ‌ما‌ فضلتنى ‌به‌ ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «ذلك الذى يبشر الله عباده» ‌اى‌ يبشر الله ‌به‌ لكنهم صرحوا بان الموصول اذا جر بحرف ‌لا‌ يماثل الحرف الجار للعائد امتنع حذف العائد الا ‌فى‌ الضروره كقوله:
 فاصبح ‌من‌ اسماء قيس كقابض
 على الماء لايدرى بما ‌هو‌ قابض
 ‌اى‌ عليه.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ عباره الدعاء كذلك فان الموصول فيها مجرور بعلى، ‌و‌ العائد مجرور بالباء عكس ‌ما‌ ‌فى‌ البيت. ‌و‌ يمكن ‌ان‌ يخرج على انه محذوف على التدريج، ‌و‌ ذلك بان يكون حذف الجار اولا فكانه قال: على ‌ما‌ فضلتنيه ثم حذف العائد ثانيا ‌من‌ نصب ‌لا‌ ‌من‌ جر ‌و‌ حذف العائد المنصوب بالفعل كثير مطرد فلا يكون ضروره. ‌و‌ خرج بعضهم عليه الايه المذكوره ايضا.
 قال صاحب الكشاف: الاصل ذلك الثواب الذى يبشر الله ‌به‌ عباده فحذف  الجار كقوله تعالى: «و اختار موسى قومه» ثم حذف العائد الى الموصوف كقوله: «اهذا الذى بعث الله رسولا» انتهى.
 ‌و‌ وقفت على نسخه قديمه ‌من‌ الصحيفه الشريفه اثبت فيها العائد ‌و‌ هى احسن، ‌و‌ المعنى: ‌و‌ احمدك على ‌ما‌ جعلت لى ‌به‌ الفضل على غيرى ‌من‌ رحمتك، فمن بيان لما.
 ‌و‌ قوله: «و اسبغت على» عطف على فضلتنى، ‌اى‌ ‌و‌ على ‌ما‌ اسبغت ‌و‌ افضت على ‌من‌ نعمتك.
 قوله عليه السلام: «فقد اصطنعت عندى ‌ما‌ يعجز عنه شكرى» اى: صغت ‌و‌ ايثار صيغه الافتعال للمبالغه.
 ‌و‌ «الفاء» لترتيب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها لكن ‌لا‌ على انه شى ء مغاير له ‌فى‌ الحقيقه واقع عقيبه، ‌او‌ حاصل بسببه، بل على ‌ان‌ الثانى ‌هو‌ عين الاول حقيقه ‌و‌ انما الترتيب بحسب التغاير الاعتبارى ‌و‌ «قد» لتحقيق ذلك المعنى فان ‌ما‌ اصطنعته عنده مما يعجز عنه شكره ‌هو‌ عين ‌ما‌ حمده عليه ‌من‌ حسن صنيعه ‌و‌ سبوغ نعمائه ‌و‌ جزيل عطائه ‌و‌ رحمته التى فضله بها ‌و‌ نعمته التى اسبغها عليه لكنه لما كان مغايرا له ‌فى‌ المفهوم ‌و‌ اعظم منه حالا حيث عبر عنه بما يعجز عنه شكره ‌و‌ رتب عليه بالفاء ترتيب اللازم على الملزوم تفخيما لامره ‌و‌ تعظيما لشانه. ‌و‌ المعنى: لما حسن صنيعك الى ‌و‌ سبغت نعمتك على ‌و‌ جزل عطاءك عندى ‌و‌ فضلتنى برحمتك ‌و‌ اسبغت على نعمتك فقد اصطنعت عندى ‌ما‌ يعجز عنه شكرى ‌و‌ نظير ذلك قوله تعالى: «فقد جاءوا ظلما وزورا» بعد قوله: «و قال الذين كفروا ‌ان‌ هذا الا افك افتريه ‌و‌ اعانه عليه قوم آخرون»، فان ‌ما‌ جاء ‌من‌ الظلم ‌و‌ الزور ‌هو‌ عين ‌ما‌ حكى عنهم لكنه لما كان مغايرا له ‌فى‌ المفهوم ‌و‌ اظهر منه بطلانا رتب عليه بالفاء ترتيب اللازم  على الملزوم تهويلا لامره.
 
الظرفان ‌من‌ قوله: «الى ‌و‌ على» متعلقان بما قبلهما ‌من‌ المصدرين اعنى احسانك ‌و‌ سبوغ نعمائك، ‌و‌ لايجوز تعلقهما بمحذوف ‌اى‌ كائن الى ‌و‌ على لان خبر المبتدا بعد لولا واجب الحذف عند الجمهور ‌و‌ لهذا الحنوا المعرى ‌فى‌ قوله:
 فلو ‌لا‌ الغمد يمسكه لسالا  ‌و‌ خطاوا ابن الشجرى ‌فى‌ تعليقه الظرف ‌من‌ قوله تعالى: «و لو ‌لا‌ فضل الله عليكم » بمحذوف ‌اى‌ كائن عليكم. اذا عرفت ذلك فكل ‌من‌ خبرى احسانك ‌و‌ سبوغ نعمائك المرفوعين بالابتداء كون مطلق محذوف وجوبا، ‌و‌ التقدير: لولا احسانك الى كائن ‌و‌ سبوغ نعمائك على حاصل ‌ما‌ بلغت احراز حظى، ‌اى‌ ‌ما‌ ادركت ‌و‌ وصلت الى تحصيل نصيبى ‌من‌ الخير. يقال: احرز فلان نصيبه اذا حصله ‌و‌ ضمه الى نفسه.
 ‌و‌ الحظ: النصيب، ‌و‌ منه: «انه لذو حظ عظيم» ‌اى‌ نصيب وافر ‌من‌ المال.
 ‌و‌ اصلحت الشى ء اصلاحا: ازلت ‌ما‌ فيه ‌من‌ فساد بعد وجوده لكن المراد ‌من‌ اصلاح نفسه هنا انشاوها على صفه الصلاح ‌لا‌ ازاله ‌ما‌ فيها ‌من‌ فساد بعد وجوده فهو ‌من‌ باب:- سبحان ‌من‌ صغر جسم البعوضه ‌و‌ كبر جسم الفيل-، ‌و‌ ليس هنا نقل ‌من‌ كبر الى صغر ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ صغر الى كبر ‌و‌ انما المراد الانشاء على تلك الصفه، ‌و‌ قد مربيان ذلك ‌فى‌ نظير هذه العباره غير مره فليرجع اليه.
 
«و ابتداتنى بالاحسان»: ‌اى‌ احسنت الى ابتداء ‌من‌ نفسك قبل ‌ان‌ اسالك.
 ‌و‌ «الباء»: للملابسه.
 ‌و‌ الكفايه: ‌ما‌ حصل ‌به‌ ‌سد‌ الفقر ‌و‌ الحاجه ‌و‌ بلوغ المراد.
 ‌و‌ صرف الله عنه المكروه صرفا ‌من‌ باب- ضرب-: رده ‌و‌ دفعه عنه.
 ‌و‌ الجهد: المشقه.
 ‌و‌ البلاء: الاصابه بالمكروه، ‌و‌ قيل: الجهد اقصى المشقه ‌و‌ غايتها.
 ‌و‌ قال الفيومى: جهده الامر ‌و‌ المرض جهدا ‌من‌ باب- نفع-: بلغ منه المشقه، ‌و‌ منه: جهد البلاء.
 ‌و‌ قال ابن الاثير: جهد البلاء: الحاله الشاقه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: جهد البلاء: الحاله التى يختار عليها الموت، ‌او‌ كثره العيال ‌و‌ الفقر.
 ‌و‌ منع الله منه ‌و‌ عنه السوء منعا: كفه عنه.
 ‌و‌ المحذور: المخوف الذى يحترز منه، ‌من‌ حذرت الشى ء حذرا ‌من‌ باب- تعب-: ‌اى‌ خفته ‌و‌ احترزت منه.
 ‌و‌ القضاء لغه: الحكم، ‌و‌ اصطلاحا: حكم الله تعالى ‌فى‌ اعيان الموجودات على ‌ما‌ هى عليه ‌من‌ الاحوال الجاريه ‌فى‌ الازل الى الابد ‌و‌ اضافه المحذور اليه ‌من‌ اضافه الصفه الى الموصوف ‌اى‌ القضاء المحذور، ‌و‌ المعنى انه تعالى لم يقض عليه بما يحذره ‌و‌ يكرهه بل قضى عليه بما حسن موقعه عنده ‌و‌ الله اعلم.
 
«الفاء»: لترتيب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها ‌فى‌ الذكر ‌لا‌ ‌فى‌ الزمان فهو ‌من‌ باب عطف المفصل على المجمل، ‌و‌ المراد بالبلاء الاختبار بالمكروه ‌او‌ الاصابه.
 
و الجاهد: اسم فاعل، ‌من‌ جهده الامر: اذا بلغ منه المشقه ‌او‌ بلغ منه الطاقه.
 ‌و‌ قره العين تقر ‌من‌ باب- ضرب- قره بالضم ‌و‌ قرورا: سرت، ‌و‌ ‌فى‌ لغه ‌من‌ باب- تعب- ‌و‌ يعدى بالهمزه فيقال: اقر الله العين اقرارا.
 قال الراغب: قيل اصله ‌من‌ القر بالضم ‌و‌ ‌هو‌ البرد فقيل: معنى قرت عينه بردت فصحت. ‌و‌ قيل: بل لان للسرور دمعه قاره ‌اى‌ بارده، ‌و‌ للحزن دمعه حاره، ‌و‌ لذلك يقال: فيمن يدعى عليه: اسخن الله عينه، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌من‌ القرار، ‌و‌ المعنى اعطاه الله ‌ما‌ سكنت ‌به‌ عينه فلم تطمح الى غيره.
 ‌و‌ «كم»: خبريه مفيده للتكثير، ‌و‌ هى ‌فى‌ الموضعين ‌فى‌ محل نصب بمضمر يفسره ‌ما‌ بعد مميزها ‌من‌ الفعل.
 ‌و‌ الصنيعه: ‌ما‌ صنع ‌من‌ معروف. ‌و‌ «التاء» فيها للنقل ‌من‌ الوصفيه الى الاسميه.
 ‌و‌ الكريمه: الشريفه، ‌و‌ كل شى ء يشرف ‌فى‌ بابه فانه يوصف بالكرم.
 قال تعالى: «كم انبتنا فيها ‌من‌ كل زوج كريم» ‌و‌ قال: «انه لقرآن كريم»، ‌و‌ ‌كم‌ هنا ‌فى‌ محل رفع على الابتداء، ‌و‌ الخبر ‌هو‌ الظرف ‌من‌ قوله: «عندى»، ‌و‌ اما «لك» فهو صفه ثانيه للصنيعه، ‌او‌ حال منها فان الظرف بعد النكره الموصوفه محتمل للوصفيه ‌و‌ الحاليه، ‌و‌ ‌ما‌ وقع لبعضهم ‌من‌ ‌ان‌ الخبر مجموع لك عندى خبط صريح.
 
قوله عليه السلام: «انت الذى اجبت عند الاضطرار دعوتى» جمله مستقله ‌لا‌ محل لها ‌من‌ الاعراب مقرره لمضمون ‌ما‌ قبلها ‌من‌ كرائم صنائعه تعالى عنده.
 
و الاضطرار: افتعال ‌من‌ الضر ‌و‌ ‌هو‌ سوء الحال ‌فى‌ النفس ‌او‌ البدن ‌او‌ الحاله الظاهره كالفقر ‌و‌ الذل، يقال: اضطره: ‌اى‌ الجاه الى ‌ما‌ يضره.
 قال الراغب: الاضطرار ‌فى‌ التعارف حمل الانسان على ‌ما‌ يضره ‌و‌ يكرهه ‌و‌ ذلك على ضربين: احدهما اضطرار بسبب خارج كمن يضرب ‌او‌ يهدد حتى ينقاد، ‌او‌ يوخذ قهرا فيحمل على ذلك كما قال تعالى: «ثم اضطره الى عذاب النار».
 ‌و‌ الثانى: بسبب داخل ‌و‌ ذلك اما بقهر قوه له ‌لا‌ يناله بدفعه هلاك كمن غلب عليه شهوه خمر ‌او‌ قمار. ‌و‌ اما بقهر قوه يناله بدفعه الهلاك كمن اشتد ‌به‌ الجوع فاضطر الى اكل ميته، ‌و‌ على هذا قوله تعالى: «فمن اضطر غير باغ ‌و‌ ‌لا‌ عاد» ‌و‌ قوله تعالى: «امن يجيب المضطر اذا دعاه» عام ‌فى‌ كل ذلك، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الدعاء عام ايضا كما ‌فى‌ الايه، بل ‌هو‌ تلميح اليها.
 ‌و‌ اقال الله عثرته اقاله: دفعه ‌من‌ سقوطه ثم تجوز ‌به‌ عن الغفران ‌و‌ التجاوز عن الذنب.
 ‌و‌ العثار بالكسر: مصدر عثر الرجل ‌فى‌ مشيه ‌من‌ باب- قتل- و- ضرب- ‌اى‌ سقط ‌و‌ ‌هو‌ هنا مستعار للسقوط ‌فى‌ الاثم.
 ‌و‌ الزله بالفتح: اسم ‌من‌ زلت قدمه زللا ‌من‌ باب- تعب- اذا زلقت، ‌و‌ قيل: للذنب ‌من‌ غير قصد زله تشبيها بها، ‌و‌ منه قوله تعالى: «فان زللتم ‌من‌ بعد ‌ما‌ جاءتكم البينات» ‌و‌ قوله: «فازلهما الشيطان»، ‌و‌ المعنى: غفرت عند سقوطى ‌فى‌ الاثم ذنبى ‌و‌ تجاوزت عنه.
 ‌و‌ الظلامه بالضم: ‌ما‌ يطلبه المظلوم عند الظالم ‌و‌ «الباء» مزيده للتاكيد، ‌اى‌ اخذت ‌من‌ الاعداء ظلامتى.
 
وجدت الشى ء ‌من‌ باب- وعد- وجدانا بالكسر، ‌و‌ وجودا لقيته ‌و‌ ادركته اما بالحس الظاهرى كوجدان المبصرات ‌و‌ المسموعات ‌و‌ الطعوم ‌و‌ الروائح ‌و‌ الملموسات، ‌او‌ بالحس الباطنى كوجدان الشبع ‌و‌ الجوع ‌و‌ الالم، ‌او‌ بالعقل كمعرفه الله ‌و‌ سائر المعارف ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ البخيل: فعيل بمعنى فاعل ‌من‌ بخل بخلا ‌من‌ باب- قرب- ‌اى‌ منع ‌ما‌ عنده ‌من‌ لايحق منعه منه كالسائل ‌و‌ الفقير ‌و‌ ‌ان‌ لم يسال.
 ‌و‌ الانقباض: ‌ضد‌ الانبساط، يقال: وجدت فلانا منقبضا: اذا لم يكن مسرورا، ‌و‌ ‌لا‌ طيب النفس.
 ‌و‌ الاراده هنا: بمعنى القصد ‌و‌ الطلب، ‌اى‌ حين قصدتك ‌و‌ طلبتك، ‌و‌ ‌به‌ فسر قوله تعالى: «لا يريدون علوا ‌فى‌ الارض» ‌اى‌ لايقصدونه ‌و‌ لايطلبونه، ‌و‌ الكلام ‌من‌ باب التمثيل.
 ‌و‌ «بل»: حرف اضراب ‌و‌ معناه هنا: الانتقال ‌من‌ غرض الى آخر، ‌و‌ هل هى عاطفه ‌او‌ حرف ابتداء؟ خلاف تقدم ذكره، ‌و‌ الظروف الثلاثه متعلقه بما بعدها قدمها للاهتمام لانه بصدد تعداد صنائعه تعالى عنده ‌لا‌ للقصر.
 
و قوله: «فى كل شان ‌من‌ شانى»: يحتمل تعلقه بالاخير ‌من‌ الافعال، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون متعلقا بالافعال الثلاثه على طريق التنازع.
 ‌و‌ الشان: الحال ‌و‌ الامر.
 قال الراغب: ‌و‌ ‌لا‌ يقال الا فيما يعظم ‌من‌ الاحوال ‌و‌ الامور.
 ‌و‌ «من» ‌فى‌ قوله: «من شانى» اما بيانيه ‌او‌ ابتدائيه ‌اى‌ ‌فى‌ كل شان كائن ‌من‌ شوونى ‌و‌ انما لم يجمعه لاعتبار الاصل لانه ‌فى‌ الاصل مصدر بمعنى القصد، يقال: شان شانه: ‌اى‌ قصد قصده، سمى ‌به‌ الامر لما انه اثر للشان ‌و‌ نظيره توحيد السمع ‌فى‌ قوله تعالى: «ختم الله على قلوبهم ‌و‌ على سمعهم ‌و‌ على ابصارهم» ‌اى‌ اسماعهم. ‌و‌ كذلك قوله: «من زمانى» فان الزمان يشتمل بحسب التقسيط على اوقات يسمى كل منها زمان.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فاتت» للسببيه، ‌اى‌ فبسبب ذلك انت عندى محمود.
 ‌و‌ صنيعك: ‌اى‌ ‌ما‌ صنعته الى ‌من‌ خير عندى مبرور، ‌اى‌ مشكور لم يخالطه كفر له ‌و‌ ‌لا‌ غمط ‌و‌ ‌لا‌ احتقار كانه احسن اليه بشكره ‌و‌ اخلائه عن ذلك، ‌و‌ اصله ‌من‌ بره ‌اى‌ احسن اليه فهو مبرور، ‌و‌ منه «بر الله عمله» اذا قبله، كانه احسن الى عمله بان قبله ‌و‌ لم يرده.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث سئل: ‌اى‌ الكسب افضل؟ فقال: عمل الرجل بيده ‌و‌ كل بيع مبرور.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: البيع المبرور: ‌هو‌ الذى لم يخالطه كذب ‌و‌ ‌لا‌ شى ء ‌من‌ الماثم كان صاحبه احسن اليه باخلائه عن ذلك.
 
و جمله قوله عليه السلام: «تحمدك نفسى ‌و‌ لسانى ‌و‌ عقلى» استيناف وقع جوابا عن سئوال ينساق اليه الذهن مما سبق كانه قيل: كيف انا عندك محمود ‌و‌ صنيعى لديك مبرور؟ فقال: تحمدك... الى آخره. ‌و‌ لما كان غرضه عليه السلام بهذا الحمد الشكر كما بينه بقوله: «حمدا يبلغ الوفاء» ‌و‌ حقيقه الشكر ‌و‌ كان الشكر عباره عن مقابله النعمه بالثناء ‌و‌ آداب الجوارح ‌و‌ عقد الضمير على وصف المنعم بنعت الكمال كما قال ‌من‌ قال:
 افادتكم النعماء منى ثلاثه
 يدى ‌و‌ لسانى ‌و‌ الضمير المحجبا
 اسند عليه السلام فعل الحمد الى نفسه ‌و‌ اراد ‌به‌ العمل، ‌و‌ الى لسانه ‌و‌ اراد ‌به‌ الثناء، ‌و‌ الى عقله ‌و‌ اراد ‌به‌ الاعتقاد، ‌و‌ ايثار التعبير بالحمد لكونه ادخل شعب الشكر ‌فى‌ اشاعه النعمه ‌و‌ الاعتداد بشانها لما ‌فى‌ الاعتقاد ‌من‌ الخفاء، ‌و‌ ‌فى‌ العمل ‌من‌ الاحتمال ‌و‌ لذلك جعل الحمد راس الشكر ‌و‌ ملاكا لامره ‌فى‌ قوله صلى الله عليه ‌و‌ آله: «الحمد راس الشكر ‌ما‌ شكر الله عبد لم يحمده».
 ‌و‌ وفى الشى ء يفى وفاء: تم ‌و‌ لم يحتج الى مزيد، ‌اى‌ حمدا ينتهى الى ‌حد‌ التمام فلا يحتاج الى شى ء خارج عنه.
 ‌و‌ حقيقه الشكر: كنهه ‌و‌ اصله الذى يحق ‌و‌ يثبت به، ‌و‌ قيل: خالصه ‌و‌ محضه ‌و‌ قيل: كماله، ‌و‌ قيل: غايته ‌و‌ نهايته التى ينتهى اليها.
 ‌و‌ مبلغ الشى ء: منتهاه، ‌و‌ منه: «ذلك مبلغهم ‌من‌ العلم» ‌اى‌ حمدا يكون منتهى رضاك عنى.
 ‌و‌ «الفاء» للسببيه، ‌اى‌ فبسبب ذلك نجنى.
 ‌و‌ السخط: الغضب الشديد لاراده العقوبه.
 
و عند اسناده الى الله تعالى يراد ‌به‌ غايته بطريق اطلاق اسم السبب بالنسبه الينا على مسببه القريب ‌ان‌ اريد ‌به‌ اراده العقوبه، ‌و‌ على سببه البعيد ‌ان‌ اريد ‌به‌ نفس العقوبه، ‌و‌ الله اعلم.
 
الكهف: الغار المتسع ‌فى‌ الجبل، ‌و‌ انت كهفى، ‌اى‌ ملجاى على الاستعاره.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز فلان كهف قومه اى: ملجاهم تقول: اولئك معاقلهم ‌و‌ كهوفهم ‌و‌ اليهم ياوى ملهوفهم.
 ‌و‌ اعياه الامر اعياءا: اعجزه ‌و‌ لم يهتد لوجهه.
 ‌و‌ المذاهب: جمع مذهب، اما اسم مكان بمعنى الطريق ‌و‌ المسلك ‌او‌ مصدر ميمى بمعنى الذهاب ‌و‌ القصد ‌من‌ قولهم: ذهب مذهب فلان، اى: قصد قصده. ‌و‌ المعنى: ‌يا‌ ملجاى الذى اعتصم ‌به‌ اذا اعجزتنى الطرق فلم ادر ‌اى‌ طريق اسلكه منها يكون ‌به‌ نجاتى، ‌او‌ اذا اعجزتنى المقاصد فلم اهتد الى قصد اقصده لانجو ‌به‌ مما وقعت فيه ‌من‌ البلاء ‌و‌ وقعت اليه ‌من‌ الشده.
 ‌و‌ قيل: معناه ‌يا‌ ملجاى حين تتعبنى مسالكى الى الخلق ‌و‌ تردداتى اليهم.
 
و اقاله العثره: مجاز عن المسامحه ‌من‌ الذنب ‌و‌ الصفح عن الزله، ‌و‌ اصله: الرفع ‌من‌ السقوط، ‌و‌ منه: الاقاله ‌فى‌ البيع لانها رفع للعقد، يقال: اقال الله عثرته. ‌و‌ يعدى الى مفعولين ايضا، فيقال: اقاله الله عثرته نص عليه صاحب القاموس. ‌و‌ عبارته اقال الله عثرتك ‌و‌ اقالها.
 ‌و‌ الزمخشرى ‌فى‌ الاساس قال: اقال الله عثرتك ‌و‌ اقلته العثره.
 ‌و‌ ‌فى‌ الصحاح: اقلته البيع اقاله ‌و‌ ‌هو‌ فسخه ‌و‌ استقلته البيع فاقالنى اياه.
 اذا عرفت ذلك فمقيلى ‌فى‌ عباره الدعاء مصوغ ‌من‌ اقال المتعدى الى مفعولين احدهما هنا ضمير المتكلم المضاف اليه ‌و‌ الثانى: عثرتى. ‌و‌ اما ‌ما‌ وقع لبعض المترجمين ‌من‌ ‌ان‌ ياء المتكلم المضاف اليه اسم الفاعل ‌من‌ قوله: ‌يا‌ مقيلى عثرتى ‌لا‌ فاعل ‌و‌ ‌لا‌ مفعول بل الاضافه لادنى ملابسه، ‌او‌ ‌هو‌ مفعول فيكون عثرتى بدل اشتمال ‌و‌ منع ابدال الظاهر ‌من‌ غير ضمير الغائب مخصوص ببدل الكل خبط صريح لايلتفت اليه.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ بعض النسخ: ‌يا‌ مقيل عثرتى باضافه مقيل الى عثره ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ اقال المتعدى الى مفعول واحد.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فلولا سترك عورتى» للتعليل كانه قال: انما دعوتك بيا مقيلى عثرتى لانه لولا سترك عورتى الذى ‌هو‌ ‌من‌ اقاله العثره لكنت ‌من‌ المفضوحين كما يدل على ذلك صريحا قوله: «و ‌يا‌ مويدى بالنصر فلولا نصرك اياى لكنت ‌من‌ المغلوبين» ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون فيهما فصيحه منبئه عن محذوف كانه قال: «يا مقيلى عثرتى سترتنى فلولا سترك عورتى لكنت ‌من‌ المفضوحين ‌و‌ ‌يا‌ مويدى  بالنصر نصرتنى فلولا نصرك اياى لكنت ‌من‌ المغلوبين» لانهم عرفوا الفاء الفصيحه بانها الفاء التى دلت على محذوف غير شرط ‌هو‌ سبب لما بعد الفاء، ‌و‌ بعضهم لم يقيد المحذوف بكونه غير شرط.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه قديمه لولا بغير «فاء» ‌فى‌ الفقرتين ‌و‌ ‌هو‌ اولى.
 قوله عليه السلام: «و ‌يا‌ ‌من‌ وضعت له الملوك نير المذله على اعناقها» النير بكسر النون، ‌و‌ سكون الياء المثناه ‌من‌ تحت ‌و‌ الراء المهمله: الخشبه التى توضع معترضه ‌فى‌ عنق الثورين حال الحرث، ‌و‌ يجمع على نيران، ‌و‌ الكلام على التمثيل شبه الهيئه المنتزعه ‌من‌ اخبات الملوك ‌و‌ ذلهم له تعالى كارهين ‌و‌ مضطرين بما ينتزع ‌من‌ حال الثيران اذا وقعت ‌فى‌ اعناقها النيران. ‌و‌ طرفا التشبيه مركبان منتزعان ‌من‌ امور عده.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فهم ‌من‌ سطواته خائفون» لترتيب مضمون ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها، ‌اى‌ ‌هم‌ بسبب اضطرارهم الى المذله ‌و‌ الخضوع له ‌من‌ سطواته خائفون. ‌و‌ ايثار الجمله الاسميه للدلاله على استمرار حاله الخوف لهم.
 ‌و‌ اهل التقوى: ‌اى‌ حقيق بان يتقى عقابه ‌و‌ يومن ‌به‌ ‌و‌ يطاع كما قال سبحانه: «هو اهل التقوى ‌و‌ اهل المغفره».
 ‌و‌ الحسنى: تانيث الاحسن، ‌اى‌ الاسماء التى هى احسن الاسماء ‌و‌ اشرفها ‌و‌ معنى حسن الاسماء حسن معانيها ‌و‌ مفهوماتها لانها اسماء داله على معانى الكمال ‌و‌ نعوت الجلال، ‌و‌ تقديم الظرف للقصر، ‌اى‌ له الاسماء الحسنى ‌لا‌ لغيره.
 قال العلامه النيسابورى: ‌من‌ البين ‌ان‌ الاسماء الحسنى لاتكون الا لله تعالى لان كل الشرف ‌و‌ الجلاله يستلزم وجوب الوجود ‌و‌ كل نقص ‌و‌ خساسه فانه يعقب الامكان.
 
قوله عليه السلام: «اسالك ‌ان‌ تعفو عنى ‌و‌ تغفرلى» جمع بين سئوال العفو ‌و‌ المغفره للفرق بينهما، فان العفو: اسقاط العقاب، ‌و‌ المغفره: ‌ان‌ يستر عليه بعد ذلك جرمه صونا له عن عذاب التخجيل ‌و‌ الفضيحه، فان الخلاص ‌من‌ عذاب النار انما يطيب اذا حصل عقيبه الخلاص ‌من‌ عذاب الفضيحه، فالاول ‌هو‌ العذاب الجسمانى، ‌و‌ الثانى ‌هو‌ العذاب الروحانى، ‌و‌ ‌هو‌ اعظم ‌و‌ اشد ‌من‌ الاول، ‌و‌ بذلك يظهر ‌سر‌ تقديم سئوال العفو على المغفره فانه ‌من‌ باب الترقى ‌من‌ الاضعف الى الاشد.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فلست بريئا» للتعليل ‌و‌ ‌من‌ قوله: «فاعتذر» للسببيه، ‌و‌ الفعل بعدها منصوب بان مضمره وجوبا لسبقها بنفى محض كقوله تعالى: «لايقضى عليهم فيموتوا» ‌و‌ ‌لا‌ مزيده لتاكيد ‌ما‌ افادته ليس ‌من‌ معنى النفى. ‌و‌ «الباء» مزيده للتاكيد ايضا دخلت على المعطوف على الخبر الصالح للباء ‌و‌ ‌هو‌ خبر ليس، ‌و‌ الغرض المبالغه ‌فى‌ نفى القوه.
 ‌و‌ المفر بفتح الفاء: مصدر ميمى بمعنى الفرار كقوله تعالى: «يقول الانسان يومئذ اين المفر».
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «المفر» بكسر الفاء ‌و‌ ‌هو‌ موضع الفرار ‌و‌ ‌به‌ قرى ء ‌فى‌ غير السمع، ‌و‌ يحتمل كونه مصدرا ايضا كالمرجع.
 قال الفيومى ‌فى‌ المصباح: اذا كان الفعل ‌من‌ ذوات التضعيف على وزن- ضرب يضرب- فالمصدر بالكسر ‌و‌ الفتح معا نحو فر مفرا ‌و‌ مفرا، ‌و‌ بالفتح قرا السبعه ‌فى‌ قوله: «اين المفر» ‌و‌ الله اعلم.
 
استقال: سال الاقاله.
 ‌و‌ تنصل ‌من‌ ذنبه: خرج منه باعتذار ‌او‌ توبه ‌او‌ طلب عفو.
 
 
قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: نصل علينا فلان: اذا خرج عليك ‌من‌ طريق ‌او‌ ظهر ‌من‌ حجاب. ‌و‌ منه: تنصل ‌من‌ ذنبه.
 ‌و‌ عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: «من لم يقبل ‌من‌ متنصل صادقا كان ‌او‌ كاذبا لم يرد على الحوض».
 ‌و‌ اوبقه ايباقا: اتلفه ‌و‌ اهلكه.
 ‌و‌ قال الراغب ‌و‌ بق اذا تثبط فهلك.
 فالمعنى على هذا: التى تثبطتنى ‌و‌ حبستنى عن الوصول اليك فاهلكتنى.
 ‌و‌ لفظ الاحاطه حقيقه ‌فى‌ الاجسام احاطه السور بالبلد ‌و‌ الظرف بالمظروف، ‌و‌ استعمل ‌فى‌ الذنب ‌و‌ الخطيئه ‌و‌ هما عرض كما قال تعالى: «و احاطت ‌به‌ خطيئته» لمعنيين:
 احدهما: ‌ان‌ الكبيره تستر الطاعات كما ‌ان‌ المحيط يستر المحاط به.
 ‌و‌ الثانى: ‌ان‌ الكبيره تحيط بالطاعات، ‌و‌ تستولى عليها احاطه العدو بالانسان بحيث لايتمكن ‌من‌ الخلاص عنه، فمعنى احاطت بى: سترت طاعاتى ‌و‌ سدت على طرق النجاه.
 ‌و‌ قال الراغب ‌فى‌ قوله تعالى: «و احاطت ‌به‌ خطيئه» ابلغ استعاره ‌و‌ ذاك ‌ان‌ الانسان اذا ارتكب ذنبا ‌و‌ استمر عليه استجره الى معاوده ‌ما‌ ‌هو‌ اعظم منه فلا يزال يترقى ‌فى‌ الذنب حتى يطبع على قلبه فلا يمكنه ‌ان‌ يخرج عن تعاطيه.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله: «منها» متعلق بالفعل ‌و‌ تقديمه للقصر، ‌اى‌ منها ‌لا‌ ‌من‌ غيرها  فررت اليك. ‌و‌ الجمله استئناف وقع جوابا عن سئوال نشا ‌من‌ الكلام كانه قيل عند بيان حاله الهائل ‌من‌ ايباق الذنوب ‌و‌ احاطتها ‌به‌ ‌و‌ اهلاكها له فماذا صنعت عند ذلك فقال: منها فررت اليك، ‌و‌ توسيط النداء لاظهار مزيد الضراعه ‌و‌ التعرض لعنوان الربوبيه مع الاضافه الى ضميره للمبالغه ‌فى‌ التضرع ‌و‌ الابتهال.
 ‌و‌ تائبا: حال ‌من‌ الضمير ‌فى‌ فررت مبينه لهيئه صاحبها.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فتب على» للسببيه اى: فاقبل توبتى، ‌او‌ فارجع عن عقوبتى الى اللطف بى.
 ‌و‌ متعوذا: ‌اى‌ معتصما بك، ‌و‌ ‌هو‌ حال ‌من‌ ضمير المتكلم المجرور بعلى.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ فاعذنى للسببيه ايضا، ‌و‌ الغرض ترتيب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها فان توبه العبد الى ربه يترتب عليها توبه الرب على عبده، ‌و‌ تعوذه ‌به‌ يترتب عليه اعاذته، ‌و‌ قس على ذلك سائر الفاءات الاتيه.
 ‌و‌ خذله خذلا ‌من‌ باب- قتل-: ترك نصرته ‌و‌ اعانته. ‌و‌ الاسم الخذلان بالكسر.
 ‌و‌ حرمت زيدا كذا حرمانا بالكسر: منعته اياه. ‌و‌ احرمته بالالف لغه فيه.
 ‌و‌ اسلمه للهلكه اسلاما: لم يمنعه منها كانه اوصله اليها ‌و‌ مكنها منه بخذلانه اياه ‌من‌ قولهم: اسلمت الشى ء الى فلان اذا اوصلته اليه، ‌و‌ مكنته منه.
 ‌و‌ رددته ردا: صرفته، اى: فلا تصرفنى خائبا.
 ‌و‌ الخيبه: فوت المطلوب ‌و‌ عدم الظفر به، ‌و‌ قد تقدم ‌فى‌ الروضه التاسعه ‌و‌ الاربعين التنبيه على حسن اسلوب هذا النوع ‌من‌ العطف بالفاءات المترتب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها ‌فى‌ لغه العرب ‌و‌ ‌هو‌ نوع بديع ‌فى‌ كلامهم عزيز الوقوع ‌فى‌ خطبهم ‌و‌ اشعارهم ‌و‌ ذكرنا شواهد ‌من‌ النظم ‌و‌ كلام الله المجيد فليرجع اليه.
 
جمله «دعوتك»: مستانفه على وجه التعليل لما قبلها ‌من‌ سئوال عدم رده خائبا كانه قال: فلا تردنى خائبا لانى دعوتك ‌يا‌ رب مسكينا، ‌و‌ المنصوبات السبع احوال
 
محتمله للتعدد ‌و‌ التداخل، فالتعدد، على ‌ان‌ يكون عاملها الفعل ‌من‌ دعوتك ‌و‌ صاحبها فاعله ‌و‌ ‌هو‌ ضمير المتكلم، ‌و‌ التداخل على ‌ان‌ الاولى ‌من‌ ضمير المتكلم ‌و‌ عاملها دعوت، ‌و‌ الثانيه ‌من‌ ضمير الاولى ‌و‌ هى العامل، ‌و‌ الثالثه ‌من‌ ضمير الثانيه ‌و‌ هى العامل، ‌و‌ هلم جرا الى الاخر ‌و‌ ذلك واجب عند ‌من‌ منع تعدد الحال.
 ‌و‌ المسكين: بكسر الميم ‌و‌ فتحها لغه بنى اسد مشتق ‌من‌ السكون لسكونه الى الناس، قيل: ‌هو‌ اسوا حالا ‌من‌ الفقير. ‌و‌ قيل: بل الفقير اسوء حالا منه، ‌و‌ قيل: هما سواء ‌و‌ قد مر الكلام على ذلك.
 ‌و‌ قال بعضهم: اذا اطلق احدهما شمل الاخر، ‌و‌ اذا ذكرا فلكل معنى. ‌و‌ يطلق المسكين على الذليل المقهور ‌و‌ ‌ان‌ كان غنيا ‌و‌ منه: قوله تعالى: «ضربت عليهم الذله ‌و‌ المسكنه».
 ‌و‌ المستكين: اسم فاعل ‌من‌ استكان بمعنى ذل ‌و‌ خضع ‌و‌ قد ذكرنا اشتقاقه ‌فى‌ مفتتح هذه الروضه.
 ‌و‌ اشفق ‌من‌ كذا اشفاقا: حذر منه فهو مشفق.
 ‌و‌ الخائف: المتوقع للمكروه.
 ‌و‌ الوجل: اسم فاعل، ‌من‌ وجل وجلا ‌من‌ باب- تعب- ‌اى‌ خاف، ‌و‌ قيل: استشعر الخوف.
 ‌و‌ الفقير: فعيل: بمعنى فاعل ‌من‌ فقر يفقر ‌من‌ باب- تعب- فقرا اذا فقد ‌ما‌ يحتاج اليه.
 ‌و‌ المضطر: اسم مفعول ‌من‌ اضطره اليه، ‌اى‌ احوجه ‌و‌ الجاه اليه ‌و‌ ليس له منه بد.
 
و جمله «اشكو» ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌و‌ يجرى فيها الاحتمالان المذكوران ‌فى‌ الاحوال السابقه ‌من‌ التعدد ‌و‌ التداخل اى: شاكيا اليك ‌يا‌ الهى، ‌و‌ تحتمل الاستيناف.
 ‌و‌ الضعف بالفتح ‌فى‌ لغه تميم ‌و‌ بالضم ‌فى‌ لغه قريش خلاف القوه، ‌و‌ منهم ‌من‌ يجعل المفتوح ‌فى‌ الراى ‌و‌ المضموم ‌فى‌ الجسد.
 قال الراغب: ‌و‌ الضعف: قد يكون ‌فى‌ النفس ‌و‌ ‌فى‌ البدن ‌و‌ ‌فى‌ الحال.
 ‌و‌ سارع الى الامر مسارعه: بادر اليه.
 ‌و‌ «فى» ‌من‌ قوله: «فيما» بمعنى «الى» كقوله تعالى: «فردوا ايديهم ‌فى‌ افواههم» ‌اى‌ اليها، ‌و‌ المراد عدم المسارعه الى الاعمال الصالحه الموجبه لما وعده سبحانه اولياءه ‌فى‌ الدار الاخره ‌من‌ جنات النعيم ‌و‌ الفوز برضوانه الكريم كما قال سبحانه: «سابقوا الى مغفره ‌من‌ ربكم ‌و‌ جنه عرضها كعرض السماء ‌و‌ الارض».
 ‌و‌ المجانبه بالخفض: عطف على المسارعه، ‌اى‌ ‌و‌ عن المجانبه، ‌و‌ معناها: البعد عن الشى ء، يقال: جانبته مجانبه ‌و‌ اجتنبته اجتنابا ‌و‌ تجنبته تجنبا: ‌اى‌ بعدت عنه.
 قال بعضهم: ‌و‌ حقيقه المجانبه كون كل منهما ‌فى‌ جانب ‌و‌ لتضمنها معنى البعد عداها بعن، فقال: عما حذرته ‌و‌ الا فهى متعديه بنفسها كما رايت. ‌و‌ المراد مجانبتها للاعمال السيئه الموجبه لما حذره تعالى اعداءه ‌من‌ العذاب ‌و‌ الانتقام، ‌و‌ ايقاع المجانبه على نفس المحذر عنه، كايقاع المسارعه على نفس الموعود ‌به‌ ‌و‌ كلاهما ‌من‌ باب المجاز العقلى ‌فى‌ السبب الغائى، ‌او‌ بناء على تجسم الاعمال، ‌و‌ ‌ان‌ الثواب ‌و‌ العقاب نفس الاعمال الصالحه ‌و‌ السيئه كما قال تعالى: «و ‌لا‌ تجزون الا ‌ما‌ كنتم تعملون».
 
و قال صلى الله عليه ‌و‌ آله: «انما هى اعمالكم ترد عليكم». ‌و‌ ‌هو‌ الحق عند ارباب التحقيق كما تقدم الكلام عليه مبسوطا.
 ‌و‌ الهموم: جمع ‌هم‌ ‌و‌ ‌هو‌ الحزن الذى يذيب الانسان، ‌من‌ هممت الشحم هما: اذا اذبته.
 ‌و‌ الوسوسه: الخطره الرديه، يقال: وسوست اليه نفسه وسوسه اذا حدثته بما ‌لا‌ خير فيه، ‌و‌ الاسم: الوسواس بالفتح كالزلزال ‌من‌ الزلزله ‌و‌ الله اعلم.
 
«لم»: حرف جزم لنفى المضارع، ‌و‌ ظاهر مذهب سيبويه انها تدخل على لفظ المضارع فتصرف معناه الى المضى ‌و‌ ‌هو‌ مذهب المبرد ‌و‌ اكثر المتاخرين، ‌و‌ ذهب قوم منهم الجزولى الى انها تدخل على لفظ الماضى فتصرفه الى لفظ المضارع، ‌و‌ معنى المضى باق فيه ‌و‌ نسبه بعضهم الى سيبويه ‌و‌ حجتهم ‌ان‌ المحافظه على المعنى اولى ‌من‌ المحافظه على اللفظ.
 قال ابن ‌ام‌ قاسم ‌فى‌ الجنى الدانى: ‌و‌ الاول ‌هو‌ الصحيح لان له نظير ‌او‌ ‌هو‌ المضارع بعد لولا، ‌و‌ القول الثانى لانظير له.
 
و السريره: فعيله بمعنى مفعوله، ‌و‌ هى ‌ما‌ يسره الانسان ‌و‌ يضمره ‌فى‌ نفسه.
 ‌و‌ «الباء»: للسببيه، ‌و‌ المعنى: ‌ما‌ فضحتنى قبل هذا بسبب ‌ما‌ اسررته، ‌و‌ انطويت عليه ‌من‌ السوء.
 ‌و‌ الجريره: الذنب، ‌و‌ هى ايضا فعيله بمعنى مفعوله لان الانسان يجرها الى نفسه، ‌و‌ المعنى: ‌ما‌ عذبتنى عليها ‌و‌ ‌لا‌ اخذتنى بسببها.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «ادعوك فتجيبنى» مسوقه لتقرير ‌ما‌ يفيده الكلام قبلها ‌من‌ اللطف ‌به‌ ‌و‌ الاحسان اليه ‌و‌ بيان لكمال تفضله عليه ‌فى‌ اثناء عدم فضيحته بسريرته ‌و‌ اهلاكه بجريرته ‌و‌ ايثار صيغه الاستقبال للدلاله على التجدد ‌و‌ الاستمرار.
 ‌و‌ «الفاء»: للدلاله على ترتب الاجابه على دعائه ‌و‌ جواب ‌ان‌ الشرطيه مخذوف لدلاله قوله: «فتجيبنى عليه» ‌و‌ الجمله معطوفه على جمله مقدره مقابله لها ‌فى‌ الفحوى هى ‌فى‌ موضع الحال ‌من‌ مفعول الفعل السابق، اى: فتجيبنى ‌ان‌ لم اكن بطيئا ‌و‌ ‌ان‌ كنت بطيئا ‌اى‌ على كل حال مفروض، ‌و‌ قد حذفت الاولى ‌فى‌ الباب حذفا مطردا. لدلاله الثانيه عليها دلاله واضحه فان الشى ء اذا تحقق عند تحقق المانع ‌او‌ المانع القوى فلئن يتحقق عند عدمه ‌او‌ عند تحقق المانع الضعيف اولى، ‌و‌ على هذه النكته يدور ‌ما‌ ‌فى‌ ‌ان‌ ولوالوصليتين ‌من‌ التاكيد، ‌و‌ قد مر الكلام على نظير ذلك غير مره.
 ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ قوله عليه السلام: «كل ‌ما‌ شئت» نكره موصوفه بجمله شئت، ‌و‌ العائد محذوف، ‌اى‌ كل شى ء شئته. ‌و‌ مفاد كل استغراق افراد النكره.
 ‌و‌ ‌من‌ حوائجى: بيان لما.
 ‌و‌ حيث: ظرف مكان مبنى على الضم اتصلت بها «ما» الكافه لها عن الاضافه فضمنت معنى «ان» الشرطيه ‌و‌ جزمت فعلين، فقوله: «كنت» ‌فى‌ محل جزم بها.
 ‌و‌ قوله: «وضعت» جوابها، ‌و‌ هى منصوبه المحل على الظرفيه بكنت كقوله
 
تعالى: «ايا ‌ما‌ تدعوا فله الاسماء الحسنى» ‌و‌ المراد بوضع سره عنده تعالى نشره له ‌ما‌ ‌فى‌ نفسه ‌من‌ مهماته التى لايحب ‌ان‌ يطلع عليها احد ‌من‌ الناس.
 ‌و‌ ‌فى‌ وصيه اميرالمومنين صلوات الله عليه لابنه الحسن عليه السلام: «فاذا ناديته سمع نداك، ‌و‌ اذا ناجيته علم نجواك، فافضيت اليه بحاجتك، ‌و‌ ابثثته ذات نفسك» ‌اى‌ نشرت ‌و‌ كشفت له سرك الذى ‌فى‌ نفسك.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فلا ادعو سواك» للدلاله على سببيه ‌ما‌ قبلها لما بعدها، ‌اى‌ فبسبب ذلك ‌لا‌ ادعو سواك ‌و‌ ‌لا‌ ارجو غيرك فان ‌من‌ كفاه الله مهماته كيف يدعو ‌و‌ يرجو احدا ‌من‌ مخلوقاته.
 
اصل لبيك الب البابين لك، ‌اى‌ اقيم لخدمتك ‌و‌ امتثال امرك ‌و‌ ‌لا‌ ابرح عن مكانى كالمقيم ‌فى‌ مضوع ‌من‌ الب بالمكان، ‌اى‌ اقام به، ‌و‌ التثنيه للتكرير كما ‌فى‌ قوله تعالى: «ثم ارجع البصر كرتين» اى: رجعا كثيرا مكررا. ‌و‌ المعنى: البابا كثيرا متتاليا فحذف الفعل ‌و‌ اقيم المصدر مقامه بعد حذف زوائده ورده الى الثلاثى ثم حذف حرف الجر ‌من‌ المفعول ‌و‌ اضيف المصدر اليه ‌و‌ حذفت النون للاضافه ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون ‌من‌ لب بالمكان بمعنى الب فلا يكون محذوف الزوائد، ‌و‌ اما قولهم: لبيته
 
فهو مشتق ‌من‌ لبيك لان معناه قلت له لبيك كما ‌ان‌ معنى بسمل قال: بسم الله.
 ‌و‌ تمام الكلام عليه تقدم ‌فى‌ الروضه السادسه عشره فليرجع اليه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الب: اقام كلب، ‌و‌ منه: لبيك، ايانا مقيم على طاعتك البابا بعد الباب ‌و‌ اجابه بعد اجابه، ‌او‌ معناه اتجاهى ‌و‌ قصدى لك ‌من‌ دارى تلب داره ‌اى‌ تواجهها، ‌او‌ معناه محبتى لك ‌من‌ امراه لبه محبه لزوجها ‌او‌ معناه اخلاصى لك ‌من‌ حسب لباب خالص، انتهى.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «تسمع ‌من‌ شكا اليك»: استيناف ببيان المقتضى لخطابه تعالى بقوله: «لبيك لبيك» كانه قال اقيم على طاعتك ‌و‌ امتثال امرك مره بعد اخرى، ‌او‌ اقصد لك، ‌او‌ اخلص لك، ‌او‌ احبك كثيرا مكررا لانك تسمع ‌من‌ شكا اليك، ‌اى‌ تجيب دعاء ‌من‌ شكى اليك، كقوله تعالى: «قد سمع الله قول التى تجادلك ‌فى‌ زوجها ‌و‌ تشتكى الى الله» فقد نصوا على ‌ان‌ معنى سمعه تعالى لقولها اجابه دعائها ‌لا‌ مجرد علمه تعالى بذلك، كما ‌هو‌ المعنى بقوله تعالى: «و الله يسمع تحاوركما».
 ‌و‌ شكى امره الى الله شكوا: ‌من‌ باب- قتل- اظهره ‌و‌ بثه.
 قال الراغب: اصل الشكو فتح الشكوه ‌و‌ اظهار ‌ما‌ فيها ‌و‌ هى سقاء صغير يجعل فيه الماء ‌او‌ اللبن، فكانه ‌فى‌ الاصل استعاره كقولهم: بثثت له ‌ما‌ ‌فى‌ وعائى ‌و‌ نفضت ‌ما‌ ‌فى‌ جرابى اذا اظهرت ‌ما‌ ‌فى‌ قلبك.
 ‌و‌ لقيه يلقاه ‌من‌ باب- تعب- لقاء بالكسر مع المد ‌و‌ القصر ‌و‌ لقيا بالضم ‌و‌ التشديد، ‌و‌ الاصل على فعول: استقبله ‌و‌ واجهه، ‌و‌ المعنى: تلقا ‌من‌ توكل عليك بالعنايه ‌و‌ تستقبله ‌و‌ تواجهه سرورا بتوكله عليك، كما يستقبل الانسان ‌من‌ يوافيه
 
و يقصده اذا كان محبا له معتنيا بشانه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس ‌و‌ نسخه قديمه: ‌و‌ تكفى بدل تلقى ‌من‌ الكفايه بمعنى الاغناء، ‌اى‌ تغنى ‌من‌ توكل عليك عن غيرك.
 ‌و‌ التوكل: عباره عن اعتماد الانسان فيما يرجو ‌و‌ يخاف على غيره.
 ‌و‌ خلص الشى ء ‌من‌ التلف خلوصا ‌و‌ خلاصا ‌من‌ باب- قعد- سلم ‌و‌ نجا. ‌و‌ خلصته تخليصا: سلمته ‌و‌ نجيته.
 ‌و‌ اعتصم بالله اعتصاما: امتنع ‌به‌ ‌و‌ تمسك.
 ‌و‌ فرج الله عنك: كشف ‌ما‌ بك ‌من‌ غم، ‌و‌ الاسم: الفرج بفتحتين.
 ‌و‌ لاذ ‌به‌ يلوذ لوذا بالكسر ‌و‌ حكى التثليث: التجا اليه ‌و‌ ايثار صيغه الاستقبال ‌فى‌ الفقرات الاربع ايذانا بالتجدد ‌و‌ الاستمرار ‌و‌ ‌ان‌ ذلك ‌من‌ سنته تعالى.
 
و «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فلا تحرمنى» لترتيب الدعاء على الصفات المذكوره كانه قال: اذا كنت بهذه المثابه ‌من‌ الصفات العليا فلا تحرمنى خير الاخره، ‌و‌ الاولى الى آخره فانى قد شكوت اليك ‌و‌ توكلت عليك ‌و‌ اعتصمت بك ‌و‌ لذت بك.
 
و قوله عليه السلام: «ان تعذب»: مستانف، ‌و‌ مفعول تعذب محذوف للعلم ‌به‌ ‌اى‌ تعذبنى.
 ‌و‌ قوله: «فانا ظالم»: ‌اى‌ ظالم لنفسى بارتكاب المعصيه ‌او‌ مجاوزه الحق بتعدى حدود الله، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌لا‌ تقربا هذه الشجره فتكونا ‌من‌ الظالمين».
 ‌و‌ فرط ‌فى‌ الامر تفريطا: قصر فيه ‌و‌ توانى حتى فات.
 ‌و‌ ضيع الشى ء تضييعا: اهمله ‌و‌ لم يتفقده حتى تلف ‌و‌ هلك، ‌و‌ المراد تضييعه ‌و‌ اهماله ‌ما‌ يجب عليه القيام به.
 
و اثم اثما ‌من‌ باب- تعب- اذا فعل ‌ما‌ يبطى ء ‌به‌ عن نيل الخير ‌و‌ الثواب فهو آثم على فاعل، ‌و‌ الاسم اثم بكسر الهمزه.
 ‌و‌ قصر ‌فى‌ الامر تقصيرا: توانى فيه ‌و‌ لم يهتم به.
 ‌و‌ ضجع ‌فى‌ الامر تضجيعا: بمعنى قصر ايضا، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ عطف الشى ء على مرادفه لغرض التاكيد ‌و‌ اصل التضجيع ‌من‌ الضجوع ‌و‌ ‌هو‌ وضع الجنب على الارض، فاذا قيل: ضجع ‌فى‌ الامر فكان معناه القاه على الارض ‌و‌ لم يحتفل به، ‌و‌ تعديته بفى لتضمنه معنى التقصير.
 قال ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز ضجع ‌فى‌ الامر: قصر فيه.
 ‌و‌ اغفلت الشى ء اغفالا: تركته اهمالا ‌من‌ غير نسيان.
 ‌و‌ الحظ: النصيب، ‌و‌ متعلق تغفر محذوف للعلم به، ‌اى‌ ‌و‌ ‌ان‌ تغفر لى فانت ارحم الراحمين. ‌و‌ حاصل المعنى: ‌ان‌ تعذبنى فعدل ‌و‌ ‌ان‌ تغفر لى ففضل ‌و‌ الله اعلم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5
اسناد الصحیفه السجادیه- 1
الدعاء 1- 3
الدعاء 3- 1
الدعاء 31- 2
الدعاء 48- 2
الدعاء 6- 2

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^