فارسی
يكشنبه 30 ارديبهشت 1403 - الاحد 10 ذي القعدة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

الدعاء 54

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمد لله فارج الهم ‌و‌ كاشف الغم ‌و‌ مفيض النائل الجم، والصلاه والسلام على نبيه هادى الامه ‌و‌ امام الائمه ‌و‌ على اهل بيته دافعى الخطوب المهمه ‌و‌ بدور الليالى المدلهمه.
 ‌و‌ بعد: فهذه الروضه الرابعه والخمسون ‌من‌ رياض السالكين، تتضمن شرح الدعاء الرابع والخمسين، ‌من‌ ادعيه صحيفه سيدالعابدين ‌و‌ قره عين الناظرين صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الطاهرين.
 املاء راجى فضل ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى كشف الله غمه ‌و‌ همه ‌و‌ كفاه ‌ما‌ حزنه ‌و‌ اهمه.
 
الاستكشاف: طلب الكشف ‌و‌ اصله ‌فى‌ الاعيان، يقال: كشف الغطاء ‌و‌ نحوه كشفا ‌من‌ باب- ضرب- ‌اى‌ رفعه، ثم استعمل ‌فى‌ المعانى فقيل: كشف الله غمه: ‌اى‌ ازاله.
 ‌و‌ الهموم: جمع ‌هم‌ ‌و‌ ‌هو‌ الحزن، قيل: اشتقاقه ‌من‌ هممت الشحم اذا اذبته، سمى ‌به‌ الحزن لانه يذيب الانسان.
 ‌و‌ اعلم ‌ان‌ الهم قسمان: قسم يختص بالدنيا ‌و‌ علائق احوالها، ‌و‌ قسم يختص بالاخره.
 اما الذى يختص بالدنيا فهو الذى يجب التخلى عنه ‌و‌ الرغبه الى الله تعالى ‌فى‌ كشفه ‌و‌ ازالته اذ كان اعظم شاغل للعبد ‌و‌ قاطع له عن سلوك سبيل الحق ‌و‌ قصده، بل اشد مهلك جاذب له عن الترقى ‌فى‌ مدارج القرب الى الحضيض.
 ‌و‌ اما الذى يختص بالاخره فهو الذى يجب التحلى ‌به‌ ‌و‌ حمل النفس عليه، ‌و‌ عدم الانفكاك عنه اذ كان اعظم اخذ بزمام النفس الى سلوك سبيل الهدى، ‌و‌ اشد جاذب الى الوصول الى ساحل عزه ذى الجلال، ‌و‌ مطالعه انوار كبريائه كما اشار الى ذلك اميرالمومنين صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه ‌فى‌ خطبه له حيث قال: ‌ان‌ ‌من‌ احب  عباد الله اليه عبد اعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، ‌و‌ تجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى ‌فى‌ قلبه، الى ‌ان‌ قال: قد خلع سرابيل الشهوات، ‌و‌ تخلى ‌من‌ الهموم الا هما واحدا انفرد به، فخرج ‌من‌ صفه العمى ‌و‌ مشاركه اهل الهوى.
 فقوله عليه السلام: «و قد تخلى ‌من‌ ‌و‌ الهموم»: يريد ‌به‌ هموم الدنيا ‌و‌ علائقها، ‌و‌ قوله: «الا هما واحدا» يريد ‌به‌ ‌هم‌ الاخره ‌و‌ لذلك رتب عليه الخروج ‌من‌ صفه العمى ‌و‌ مشاركه اهل الهوى.
 ‌و‌ ‌فى‌ الصحيح عن ابى عبدالله عليه السلام: ‌من‌ اصبح ‌و‌ امسى ‌و‌ الدنيا اكبر همه جعل الله الفقر بين عينيه ‌و‌ شتت امره ‌و‌ لم ينل ‌من‌ الدنيا الا ‌ما‌ قسم له، ‌و‌ ‌من‌ اصبح ‌و‌ امسى ‌و‌ الاخره اكبر همه جعل الله الغنى ‌فى‌ قلبه ‌و‌ جمع له امره.
 اذا عرفت ذلك ظهر ‌ان‌ المراد بالهموم الذى كان عليه السلام يستكشفها بهذا الدعاء: الهموم الدنيويه التى قلما تخلو منها النفوس البشريه، ‌لا‌ ‌ما‌ يقتضيه لفظ الهموم ‌من‌ العموم ‌و‌ الله اعلم.
 
فرج الله الهم فرجا ‌من‌ باب- ضرب- ‌و‌ فرجه بالتشديد: لغتان صحيحتان بمعنى كشفه، ‌و‌ الثانيه اكثر ‌فى‌ الاستعمال ‌و‌ الاسم الفرج بفتحتين، ‌و‌ قد جمع الشاعر اللغتين ‌فى‌ قوله:
 ‌يا‌ فارج الكرب مشدودا عساكره
 كما يفرج ‌غم‌ الظلمه الفلق
 
و الهم ‌و‌ الغم: قيل: كلاهما بمعنى الحزن، ‌و‌ قيل: الغم: الكرب ‌و‌ ‌هو‌ الحزن الشديد فيكون اخص ‌من‌ الهم، ‌و‌ قيل: الهم: ‌ما‌ يقدر الانسان على ازالته كالافلاس، ‌و‌ الغم ‌ما‌ لايقدر على ازالته كموت الولد.
 ‌و‌ قيل: الهم: قبل نزول المكروه ‌و‌ لذلك يطرد النوم، ‌و‌ الغم بعده ‌و‌ لذلك يجلب النوم.
 ‌و‌ الرحمن ‌و‌ الرحيم: صفتان مبنيتان للمبالغه ‌من‌ رحم كالغضبان ‌من‌ غضب، ‌و‌ العليم ‌من‌ علم ‌و‌ اضافه كل منهما الى الدنيا ‌و‌ الاخره بمعنى ‌فى‌ كاضافه مالك الى اليوم ‌فى‌ «مالك يوم الدين» ‌و‌ المعنى: ‌يا‌ بالغا ‌من‌ الرحمه غايتها ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره، كما ‌ان‌ معنى مالك يوم الدين مالك امور العالمين كلها ‌فى‌ يوم الدين فهو كقولهم: ‌يا‌ سارق الليله اهل الدار.
 ‌و‌ ذهب بعضهم الى ‌ان‌ اضافه كل مظروف الى ظرفه بمعنى اللام فان ادنى ملابسه ‌و‌ اختصاص يكفى ‌فى‌ الاضافه بمعنى اللام فهو ‌من‌ باب الاضافه لادنى ملابسه.
 فان قلت: قد ورد ‌فى‌ بعض الادعيه: ‌يا‌ رحمن الدنيا ‌و‌ الاخره، ‌و‌ ‌فى‌ بعضها: ‌يا‌ رحمن الدنيا ‌و‌ الاخره، ‌و‌ رحيم الدنيا، ‌و‌ ورد ‌فى‌ هذا الدعاء ‌يا‌ رحمن الدنيا ‌و‌ الاخره ‌و‌ رحيمهما، فما وجه الاختلاف ‌فى‌ هذه العبارات؟.
 قلت: اختلاف العبارات باختلاف الاعتبارات فعند اعتبار الرحمن ابلغ ‌من‌ الرحيم لدلاله زياده المبانى على زياده المعانى، ‌و‌ اعتبار الا بلغيه فيه باعتبار الكميه نظرا الى كثره افراد المرحومين، عبر برحمن الدنيا ‌و‌ رحيم الاخره لشمول رحمه الدنيا للمومن ‌و‌ الكافر، ‌و‌ اختصاص رحمه الاخره بالمومن، ‌و‌ عند اعتبار الابلغيه باعتبار الكيفيه ‌و‌ هى جلاله الرحمه ‌و‌ دقتها بالنسبه الى كل ‌من‌ الرحمتين عبر برحمن الدنيا ‌و‌ الاخره ‌و‌ رحيم الدنيا، لجلاله رحمه الاخره باسرها بخلاف رحمه الدنيا، ‌و‌ باعتبار نسبه بعض افراد كل ‌من‌ رحمه الدنيا ‌و‌ الاخره الى بعض عبر برحمن الدنيا  و الاخره، ‌و‌ رحيمهما، لان بعضا ‌من‌ كل منهما اجل ‌من‌ البعض، ‌و‌ بعضا ‌من‌ كل منهما ادق ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و افرج همى ‌و‌ اكشف غمى» سئواله لكشف الغم بعد تفريح الهم اما ‌من‌ باب الترقى، سواء قلنا: انه اخص ‌من‌ الهم لكونه اشد، ‌او‌ قلنا: بالفريقين الاخرين المقدم ذكرهما ‌و‌ اما ‌من‌ باب التاكيد بعطف الشى ء على مرادفه نحو: «انما اشكوبثى ‌و‌ حزنى الى الله» على القول بعدم الفرق بينهما معنى.
 
و الواحد الاحد: صفتان دالتان على معنى الوحدانيه، فقيل: هما بمعنى واحد ‌و‌ اشتقاقهما ‌من‌ الوحده. فهمزه احد مبدله ‌من‌ الواو ‌و‌ اصله وحد.
 ‌و‌ قال مكى: اصل احد واحد فابدلت الواو همزه فاجتمع الفان لان الهمزه تشبه الالف فحذفت احداهما تخفيفا.
 ‌و‌ قيل: بينهما فرق ‌من‌ وجوه: احدها: ‌ان‌ الواحد يقتضى نفى الشريك ‌فى‌ الصفات ‌اى‌ ‌لا‌ مشارك له فيها، ‌و‌ الاحد يقتضى نفى الشريك ‌فى‌ الذات، فيقال: ‌هو‌ احدى الذات.
 الثانى: ‌ان‌ الواحد مقول بالتشكيك على ‌ما‌ لاينقسم اصلا ‌و‌ ‌ما‌ ينقسم عقلا ‌و‌ ‌ما‌ ينقسم حسا بالقوه، ‌و‌ ‌ما‌ ينقسم بالفعل ‌و‌ كل سابق اولى ‌من‌ اللاحق، ‌و‌ الاحد يختص بالاول فالواحد اعم ‌من‌ الاحد.
 الثالث: ‌ان‌ الواحد اعم موردا لكونه يطلق على ‌من‌ يعقل ‌و‌ غيره ‌و‌ ‌لا‌ يطلق الاحد الا على ‌من‌ يعقل، ‌و‌ هناك فروق اخر تقدم ذكرها.
 ‌و‌ الصمد: فعل بمعنى مفعول ‌من‌ صمد اليه، ‌اى‌ قصده فمعناه السيد المصمود اليه ‌فى‌ الحوائج المستغنى بذاته ‌و‌ كل ‌ما‌ عداه محتاج اليه ‌فى‌ جميع جهاته.
 
و قيل: ‌هو‌ الدائم الباقى الذى لم يزل ‌و‌ ‌لا‌ يزال.
 ‌و‌ قيل: الذى يفعل ‌ما‌ يشاء ‌و‌ يحكم ‌ما‌ يريد.
 ‌و‌ قيل: غير ذلك مما سبق ذكره ‌فى‌ الروضه الثامنه ‌و‌ العشرين.
 ‌و‌ قوله: «يا ‌من‌ لم يلد ‌و‌ لم يولد ‌و‌ لم يكن له كفوا احد» نفى لجميع الامثال عنه تعالى: فان مثل الشى ء اما ‌ان‌ يكون والدا له ‌او‌ ولدا له ‌او‌ كفوا له، فقوله: «لم يلد» نفى لكونه والدا لغيره، ‌و‌ قوله: «لم يولد» نفى لكونه ولدا لغيره، ‌و‌ قوله: «و لم يكن له كفوا احد» نفى للمكافى ‌و‌ المماثل له.
 ‌و‌ ‌ان‌ قيل: نفى الكفو يكفى مونه نفى الامثال مطلقا لان المماثل ‌فى‌ الماهيه اعم ‌من‌ الوالد ‌و‌ الولد فنفى الكفو كاف ‌فى‌ هذا الغرض.
 قلنا: المقصود تفصيل تنزيهه تعالى عن جميع وجوه الشركه ‌فى‌ الماهيه، ‌و‌ الشريك ‌فى‌ الماهيه ‌لا‌ يخلو عن احد الاقسام الثلاثه على ‌ان‌ فيه ردا على المبطلين المتوهمين خلاف ذلك حيث دعوا له الاولاد، ‌و‌ جعلوه ثالث ثلاثه، ‌و‌ لعل تقديم لم يلد لهذه النكته فانه لم يذهب احد ‌من‌ المبطلين الى اثبات الوالد له تعالى فلما قدم نفى الوالديه اقتضى ذلك اردافه بنفى الولديه ثم عقبه بنفى المكافى تتميما للتنزيه، ‌و‌ ايضا فنفى الاول نفى للمثل الذى ‌هو‌ مبدء له، ‌و‌ الثانى نفى للمثل المتاخر عنه، ‌و‌ الثالث نفى للمثل الذى يكون مقارنا له فقد افاد انه ‌لا‌ مثل له ‌لا‌ متقدما عليه ‌و‌ ‌لا‌ متاخرا ‌و‌ ‌لا‌ معا، ‌و‌ له صله كفوا قدمت عليه مع ‌ان‌ مقامها التاخر عنه للاهتمام بها لان المقصود نفى المكافاه عن ذاته تعالى، ‌و‌ جوز بعضهم ‌ان‌ يكون خبرا لاصله ‌و‌ يكون كفوا حالا ‌من‌ احد.
 ‌و‌ اما تاخير اسم كان ‌و‌ ‌هو‌ «احد» فلمراعاه الفواصل.
 
قوله عليه السلام: «اعصمنى ‌و‌ طهرنى ‌و‌ اذهب ببليتى» عصمه الله ‌من‌ المكروه يعصمه ‌من‌ باب- ضرب- حفظه ‌و‌ وقاه، ‌و‌ الاسم العصمه بالكسر، ‌و‌ عرفت بانها فيض الهى يقوى ‌به‌ العبد على تحرى الخير ‌و‌ تجنب الشر حتى يصير كمانع له ‌من‌ باطنه ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن منعا محسوسا.
 ‌و‌ طهر الشى ء: ‌من‌ بابى- قتل- و- قرب- طهاره تقى ‌من‌ الدنس ‌و‌ النجس، ‌و‌ يعدى بالتثقيل فيقال: طهرته تطهيرا، ‌و‌ المراد بتطهيره له عليه السلام: صيانته ‌و‌ وقايته له عن مقارفه الماثم ‌و‌ المعاصى كما قال تعالى: «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ‌و‌ يطهركم تطهيرا» ‌اى‌ ليجنبكم الذنوب ‌و‌ الماثم، ‌و‌ يقيكم منها كيلا تتلوثوا ‌و‌ تتدنسوا بها ‌و‌ ليس المراد التطهير بعد ملابسه الرجس كالمعروف ‌فى‌ تطهير الثوب ‌و‌ نحوه ‌من‌ ازاله ‌ما‌ لابسه ‌من‌ النجس فتنبه لذلك. ‌و‌ قد مرت الاشاره اليه غير مره. ‌و‌ اطلاق العصمه ‌و‌ التطهير عن متعلق ليتناولا كل ‌ما‌ ينبغى العصمه ‌و‌ التطهير منه.
 ‌و‌ ذهب بالشى ء: بمعنى اذهبه، ‌اى‌ ازاله، فالباء للتعديه المسماه باء النقل، ‌و‌ هى المعاقبه للهمزه ‌فى‌ تصيير الفاعل مفعولا.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: ‌و‌ اذهب ببليتى بقطع الهمزه مع الباء، ‌و‌ هى لغه حكاها صاحب القاموس حيث قال: ذهب به: ازاله كاذهبه به، ‌و‌ تخرج على زياده الباء ‌فى‌ المفعول للتاكيد كما خرج عليه قوله تعالى: «تنبت بالدهن» فيمن ضم اوله ‌و‌ كسر ثالثه
 ‌و‌ البليه: المحنه ‌و‌ ‌ما‌ يدفع اليه الانسان ‌من‌ شده ‌و‌ مكروه ‌و‌ قد يخص البلاء ‌و‌ البليه  بالغم ‌من‌ حيث انه يبلى الجسم، ‌و‌ اراده هذا المعنى هنا انسب كما لايخفى.
 ‌و‌ اقرا آيه الكرسى ‌و‌ المعوذتين ‌و‌ ‌قل‌ ‌هو‌ الله احد.
 قال بعض المترجمين: هذا قول الراوى قلت: بل الظاهر انه قول الامام صلوات الله عليه عند املائه الدعاء كما يشهد بذلك ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسنده عن اسماعيل ‌بن‌ جابر، عن ابى عبدالله عليه السلام ‌فى‌ الهم قال: تغتسل ‌و‌ تصلى ركعتين ‌و‌ تقول: ‌يا‌ فارج الهم ‌و‌ ‌يا‌ كاشف الغم ‌يا‌ رحمن الدنيا ‌و‌ الاخره ‌و‌ رحيمهما فرج همى ‌و‌ اكشف غمى ‌يا‌ الله الواحد الاحد الصمد الذى لم يلد ‌و‌ لم يولد ‌و‌ لم يكن له كفوا احد اعصمنى ‌و‌ طهرنى ‌و‌ اذهب ببليتى ‌و‌ اقرا آيه الكرسى ‌و‌ المعوذتين هذا نص الحديث ‌و‌ ‌هو‌ صريح فما ذكرناه.
 ‌و‌ آيه الكرسى سميت بذلك لاشتمالها على لفظ الكرسى ‌و‌ وصفه ‌من‌ قوله تعالى: «وسع كرسيه السماوات ‌و‌ الارض» ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ الالفاظ التى جاءت على لفظ المنسوب كجنتى ‌و‌ قلعى ‌و‌ خطمى ‌و‌ ليست الياء ‌فى‌ ذلك للنسب بل هى زائده بنيت الكلمه عليه.
 ‌و‌ قال الراغب: ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل منسوب الى الكرس بالكسر ‌و‌ ‌هو‌ التلبد.
 ‌و‌ ضم بعض الشى ء الى بعض لضم بعض اخشابه الى بعضها، ‌او‌ لضم الجالس اطرافه ‌و‌ ثيابه عليه ‌و‌ ضم كافه ‌من‌ تغيير النسب، ‌و‌ قد يقال: فيه كرسى بكسر الكاف على الاصل لكن لما كان معنى النسبه غير ملحوظه فيه بل متى اطلق اريد ‌به‌ مسماه ‌و‌ ‌هو‌ هذا الذى يقعد عليه حكموا بزياده يائه.
 قال امين الاسلام الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: اختلف ‌فى‌ معنى قوله تعالى: «وسع كرسيه السموات ‌و‌ الارض» على اقوال:
 
احدها: وسع علمه السماوات ‌و‌ الارض عن ابن عباس ‌و‌ مجاهد، ‌و‌ ‌هو‌ المروى عن ابى جعفر، ‌و‌ ابى عبدالله عليهماالسلام.
 ‌و‌ ثانيها: ‌ان‌ الكرسى هنا ‌هو‌ العرش ‌و‌ انما سمى كرسيا لتركيب بعضه الى بعض.
 ‌و‌ ثالثها: ‌ان‌ المراد بالكرسى هنا الملك ‌و‌ السلطان ‌و‌ القدره، فيكون معناه: احاط قدرته السماوات ‌و‌ الارض ‌و‌ ‌ما‌ فيهما.
 ‌و‌ رابعها: ‌ان‌ الكرسى سرير دون العرش ‌و‌ قد روى ذلك عن ابى عبدالله عليه السلام ، انتهى ملخصا.
 ‌و‌ قال الصدوق «قدس سره» ‌فى‌ كتاب الاعتقاد: اعتقادنا ‌فى‌ الكرسى انه وعاء جميع الخلق ‌و‌ العرش ‌و‌ السماوات ‌و‌ الارض ‌و‌ كل شى ء خلق الله ‌فى‌ الكرسى ‌و‌ ‌فى‌ وجه آخر العلم.
 ‌و‌ سئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: «وسع كرسيه السماوات ‌و‌ الارض» قال: علمه، انتهى.
 ‌و‌ قال بعض اصحابنا: لكل واحد ‌من‌ الكرسى ‌و‌ العرش معنيان:
 احدهما: العلم المحيط.
 ‌و‌ الثانى: الجسم المحيط بالسماوات السبع ‌و‌ ‌ما‌ بينها. ‌و‌ لعل العرش على المعنى الثانى ‌و‌ ‌هو‌ الفلك المشهور بفلك البروج، ‌و‌ الكرسى: ‌هو‌ الفلك الاعظم ‌او‌ بالعكس على اختلاف الروايات ‌فى‌ اعظميتهما، انتهى بالمعنى.
 
تنبيهات
 
 الاول: آيه الكرسى اولها الله ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ الحى القيوم الى قوله العلى العظيم نص على ذلك بعض اصحابنا المتاخرين ‌و‌ ‌هو‌ المشهور، ‌و‌ ‌هو‌ ظاهر حديث على ‌بن‌ الحسين عليهماالسلام: قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌من‌ قرا اربع آيات ‌من‌ اول البقره، ‌و‌ آيه الكرسى، ‌و‌ آيتين بعدها، ‌و‌ ثلاث آيات ‌من‌ آخرها، لم ير ‌فى‌ نفسه ‌و‌ ماله شيئا يكرهه ‌و‌ ‌لا‌ يقربه شيطان ‌و‌ ‌لا‌ ينسى القرآن.
 فقوله عليه السلام: «و آيتين بعدها» ظاهر ‌فى‌ ‌ان‌ ايه الكرسى الى العظيم، ‌و‌ الايتان بعدها ‌من‌ قوله: «لا اكراه ‌فى‌ الدين الى ‌هم‌ فيها خالدون».
 ‌و‌ اما ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الروضه بسند ضعيف عن ابى عبدالله عليه السلام: ‌ان‌ آخرها «و ‌هو‌ العلى العظيم» ‌و‌ الحمد لله رب العالمين ‌و‌ آيتين بعدها.
 فلا دليل فيه على ‌ان‌ آخر آيه الكرسى قوله خالدون لان الروايه وردت بنصب آيتين ‌و‌ ‌لا‌ وجه للنصب الا بعامل مقدر، ‌و‌ التقدير ‌و‌ اقرا آيتين بعدها فيكون الكلام قد تم عند قوله: «و الحمد لله رب العالمين» فيكون ذلك آخرها، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون خبر آخرها ‌و‌ قوله: «و ‌هو‌ العلى العظيم» ‌و‌ قوله: «الحمد لله رب العالمين» ‌فى‌ محل نصب على تقدير القول، ‌اى‌ ‌و‌ قل: «الحمد لله رب العالمين» ايضا ‌و‌ اقرا آيتين بعدها فلا يقطع بانه نص على ‌ان‌ آخرها ‌و‌ الحمد لله رب العالمين ايضا، ‌و‌ الله اعلم.
 الثانى: ورد ‌فى‌ فضل آيه الكرسى اخبار كثيره ‌من‌ الطريقين فعن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال لعلى عليه السلام: ‌يا‌ على علمها ولدك ‌و‌ اهلك ‌و‌ جيرانك، فما نزلت آيه اعظم منها.
 ‌و‌ عن ابى ‌بن‌ كعب قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌يا‌ ابا المنذر ‌اى‌  آيه ‌فى‌ كتاب الله اعظم؟ قلت: الله ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ الحى القيوم. قال: فضرب ‌فى‌ صدرى ثم قال: ليهنك العلم ‌و‌ الذى نفس محمد بيده ‌ان‌ لهذه الايه للسانا ‌و‌ شفتين تقدس الله عند ساق العرش.
 ‌و‌ تذاكر الصحابه افضل ‌ما‌ ‌فى‌ القرآن فقال لهم على عليه السلام: اين انتم عن آيه الكرسى ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌يا‌ على سيد البشر آدم ‌و‌ سيد العرب محمد ‌و‌ ‌لا‌ فخر، ‌و‌ سيد الكلام القرآن، ‌و‌ سيد القرآن البقره، ‌و‌ سيد البقره آيه الكرسى.
 قال ابن العربى: انما صارت آيه الكرسى اعظم الايات لعظم مقتضاها فان الشى ء انما يشرف بشرف ذاته ‌و‌ مقتضاه ‌و‌ متعلقاته ‌و‌ هى ‌فى‌ آى القرآن كسوره الاخلاص ‌فى‌ سوره الا ‌ان‌ سوره الاخلاص تفضلها بانها سوره ‌و‌ هذه آيه، ‌و‌ السوره اعظم لوقوع التحدى بها دون الايه.
 ‌و‌ قال الغزالى: انما كانت آيه الكرسى سيده الايات لانها اشتملت على ذات الله ‌و‌ صفاته ‌و‌ افعاله فقط ‌و‌ ليس فيها غير ذلك ‌و‌ معرفه ذلك هى المقصد الاقصى ‌فى‌ العلوم ‌و‌ ‌ما‌ عداه تابع ‌و‌ السيد اسم للمتبوع المقدم.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: «ان لكل شى ء ذروه، ‌و‌ ذروه القرآن آيه الكرسى».
 ‌و‌ عن ابى جعفر الباقر عليه السلام: ‌من‌ قرا آيه الكرسى مره صرف الله عند الف مكروه ‌من‌ مكاره الدنيا ‌و‌ الف مكروه ‌من‌ مكاره الاخره ايسر مكروه الدنيا
 
الفقر ‌و‌ ايسر مكروه الاخره عذاب القبر.
 ‌و‌ ‌فى‌ الفردوس ‌من‌ حديث ابى قتاده: ‌من‌ قرا آيه الكرسى عند الكرب اغاثه الله. ‌و‌ عن الحسن: ‌ان‌ النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: ‌ان‌ جبرئيل اتانى فقال: ‌ان‌ عفريتا ‌من‌ الجن يكيدك فاذا آويت الى فراشك فاقرا آيه الكرسى.
 ‌و‌ عن ابى امامه الباهلى انه سمع على ‌بن‌ ابى طالب عليه السلام يقول: ‌ما‌ ارى رجلا ادرك عقله الاسلام ‌او‌ ولد ‌فى‌ الاسلام يبيت ليله حتى يقرا هذه الايه: «الله ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ الحى القيوم» الى آخره ثم قال: لو تعلمون ‌ما‌ هى ‌او‌ قال: ‌ما‌ فيها لما تركتموها على حال، ‌ان‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله اخبرنى قال: اعطيت آيه الكرسى ‌من‌ كنز تحت العرش ‌و‌ لم يوتها نبى كان قبلى. قال على عليه السلام: فما بت ليله قط منذ سمعت هذا ‌من‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله حتى اقراها، ‌و‌ ‌لا‌ تركت منذ سمعت هذا الخبر ‌من‌ نبيكم صلى الله عليه ‌و‌ آله.
 ‌و‌ عن على صلوات الله عليه قال: سمعت نبيكم على اعواد المنبر يقول: ‌من‌ قرا آيه الكرسى ‌فى‌ دبر كل صلاه مكتوبه لم يمنعه ‌من‌ دخول الجنه الا الموت ‌و‌ لم يواظب عليها الا صديق ‌او‌ عابد ‌و‌ ‌من‌ قراها اذا اخذ مضجعه امنه الله على نفسه ‌و‌ جاره ‌و‌ جار جاره ‌و‌ الابيات حوله.
 قال العلامه التفتازانى ‌فى‌ شرح الكشاف: معنى قوله لم يمنعه ‌من‌ دخول الجنه  الا الموت انه لم يبق ‌من‌ شرائط دخول الجنه الا الموت فكان الموت يمنعه ‌و‌ يقول لابد ‌من‌ وقوعى لتدخل الجنه انتهى. ‌و‌ هذا نزر ‌من‌ جم ‌و‌ نهر ‌من‌ يم.
 الثالث: روى على ‌بن‌ ابراهيم ‌فى‌ تفسيره قال: حدثنى ابى، عن الحسين ‌بن‌ خالد انه قرا ابوالحسن الرضا عليه السلام الله ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ الحى القيوم لاتاخذه سنه ‌و‌ ‌لا‌ نوم له ‌ما‌ ‌فى‌ السماوات ‌و‌ ‌ما‌ ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌ما‌ بينهما ‌و‌ ‌ما‌ تحت الثرى عالم الغيب ‌و‌ الشهاده الرحمن الرحيم ‌من‌ ذا الذى يشفع عنده الا باذنه».
 ‌و‌ هذه الروايه اوردها ثقه الاسلام ‌فى‌ الروضه عن على ‌بن‌ ابراهيم بسند له آخر عن ابى الحسن عليه السلام ‌و‌ ‌هو‌ سند ضعيف.
 ‌و‌ على تقدير الصحه فلا يجوز قراءتها على هذا الوجه لقول الصادق عليه السلام: ‌كف‌ عن هذه القراءه ‌و‌ اقرا كما يقرا الناس حتى يقوم القائم.
 قوله عليه السلام: ‌و‌ المعوذتين بكسر الواو ‌لا‌ غير ‌و‌ ‌ما‌ اشتهر على السنه بعض الطلبه ‌من‌ فتح الواو فغلط فاحش.
 ‌و‌ هما سوره الفلق ‌و‌ سوره الناس، سميتا بذلك لان جبرئيل عليه السلام كان عوذبهما النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله حين وعك، روى على ‌بن‌ ابراهيم، عن ابيه، عن بكر ‌بن‌ محمد، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: كان سبب نزول المعوذتين انه وعك رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله فنزل جبرئيل عليه السلام بهاتين السورتين فعوذه بهما.
 ‌و‌ روى الفضيل ‌بن‌ يسار قال: سمعت اباجعفر عليه السلام يقول: ‌ان‌ رسول  الله صلى الله عليه ‌و‌ آله اشتكى شكوا شديدا ‌و‌ توجع وجعا شديدا فاتاه جبرئيل ‌و‌ ميكائيل عليهماالسلام فقعد جبرئيل عند راسه ‌و‌ ميكائيل عند رجليه فعوذه جبرئيل عند راسه بقل اعوذ برب الفلق ‌و‌ عوذه ميكائيل بقل اعوذ برب الناس.
 ‌و‌ روى ‌ان‌ جبرئيل اتاه ‌و‌ قال: ‌ان‌ عفريتا ‌من‌ الجن يكيدك فقل اذا اتيت فراشك اعوذ برب الفلق اعوذ برب الناس.
 ‌و‌ عن سعيد ‌بن‌ المسيب: ‌ان‌ قريشا قالوا: نتجوع فنعين محمدا ففعلوا ثم اتوه، ‌و‌ قالوا: ‌ما‌ اشد عضدك ‌و‌ اقوى ظهرك ‌و‌ انضر وجهك فانزل الله المعوذتين.
 ‌و‌ عن عقبه ‌بن‌ عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله انزلت على آيات لم ينزل مثلهن المعوذتان.
 ‌و‌ عنه قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌يا‌ عقبه الا اعلمك سورتين هما افضل القرآن ‌او‌ ‌من‌ افضل القرآن؟ قلت: بلى ‌يا‌ رسول الله. فعلمنى المعوذتين ثم قرابهما ‌فى‌ صلاه الغداه ‌و‌ قال لى: اقراهما كلما قمت ‌و‌ نمت.
 ‌و‌ روى انه دخل على عثمان ‌بن‌ مظعون فعوذه بقل ‌هو‌ الله احد ‌و‌ بهاتين السورتين ثم قال: تعوذ بهن فما تعوذت بخير منها.
 ‌و‌ روى عبدالله ‌بن‌ سنان، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: اذا قرات ‌قل‌ اعوذ  برب الفلق فقل ‌فى‌ نفسك اعوذ برب الفلق ‌و‌ اذا قرات ‌قل‌ اعوذ برب الناس فقل ‌فى‌ نفسك اعوذ برب الناس.
 روى على ‌بن‌ ابراهيم ‌فى‌ تفسيره، قال: حدثنا على ‌بن‌ الحسين، عن احمد ‌بن‌ عبدالله، عن على ‌بن‌ الحكم، عن سيف ‌بن‌ عميره عن ابى بكر الحضرمى قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: ‌ان‌ ابن مسعود كان يمحو المعوذتين ‌من‌ المصحف، فقال: كان ابى يقول: انما فعل ذلك ابن مسعود برايه ‌و‌ هما ‌من‌ القرآن.
 ‌و‌ تسمى المعوذتان المشقشقتين نص عليه صاحب جمال القراء ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ قولهم خطيب مشقشق تشبيها له بالفحل اذا شقشق ‌اى‌ هدر، ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و ‌قل‌ ‌هو‌ الله احد» يعنى الى آخرها ‌و‌ هى سوره الاخلاص، ‌و‌ الضمير للشان كقولك ‌هو‌ زيد منطلق ‌و‌ مدار وضعه موضعه مع عدم سبق ذكره الايذان بانه ‌من‌ الشهره ‌و‌ النباهه بحيث يستحضره كل احد، ‌و‌ اليه يشير كل مشير ‌و‌ يعود كل ضمير كما ينبى ء عنه اسمه الذى اصله القصد اطلق على المفعول مبالغه ‌و‌ ارتفاعه بالابتداء ‌و‌ خبره الجمله بعده ‌و‌ ‌لا‌ حاجه الى العائد لانها عين الشان الذى عبر عنه بالضمير فهى هو، ‌و‌ السرفى تصدير الجمله ‌به‌ التنبيه ‌من‌ اول الامر على فخامه مضمونها كما مر بيانه فيما سبق.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ضمير عائد الى المسوول عنه لما روى ‌ان‌ قريشا قالوا: ‌صف‌ لنا ربك الذى تدعونا اليه ‌و‌ انسبه فنزلت ‌اى‌ الذى سالتم عنه ‌هو‌ الله، فالضمير مبتدا، ‌و‌ الله خبره ‌و‌ احد بدل منه ‌او‌ خبر ثان ‌او‌ خبر مبتدا محذوف.
 ‌و‌ اهل العرفان: عدوا هذه اللفظه اعنى ‌هو‌ ‌من‌ عداد الاسماء الحسنى الالهيه  و قالوا انها تدل على نفس الذات ‌و‌ ‌من‌ هنا قال بعضهم: ‌ان‌ قوله «قل ‌هو‌ الله احد» يدل على الذات ‌و‌ الصفات جميعا، فلفظه «هو» تدل على نفس الذات ‌و‌ اسم «الله» يدل على مجامع الصفات الاضافيه لان الله اسم للمعبود بالحق ‌و‌ استحقاق العباده لايتجه الا اذا كان مبدا لجميع ‌ما‌ سواه عالما قادرا الى غير ذلك.
 ‌و‌ احد يدل على جميع المعانى السلبيه ككونه ليس بجوهر ‌و‌ ‌لا‌ عرض ‌و‌ ‌لا‌ متحيز ‌و‌ غير ذلك ‌و‌ لهذا قال بعضهم: لايوصف بالاحديه غير الله.
 ‌و‌ الاخبار الوارده ‌فى‌ فضل هذه السوره اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى ‌و‌ اشهر ‌من‌ ‌ان‌ تخفى ‌و‌ لشهرتها سميت باسام كثيره اشهرها الاخلاص لانها تخلص العبد ‌من‌ الشرك ‌او‌ ‌من‌ النار، ‌و‌ سوره التوحيد لاشتمالها على توحيد الله تعالى، ‌و‌ سوره النسبه لنزولها عند قول المشركين انسب لنا ربك، ‌و‌ سوره الاساس لقوله صلى الله عليه ‌و‌ آله: اسست السموات السبع ‌و‌ الارضون السبع على ‌قل‌ ‌هو‌ الله احد.
 قال بعض العلماء: ‌و‌ هذا قول معقول لان القول بالتثليث يوجب خراب السماوات ‌و‌ الارض، كما قال تعالى: «تكاد السماوات يتفطرن منه ‌و‌ تنشق الارض ‌و‌ تخر الجبال هدا ‌ان‌ دعوا للرحمن ولدا» فوجب ‌ان‌ يكون التوحيد سببا لعماره العالم ‌و‌ الله اعلم.
 
الاشتداد: افتعال ‌من‌ ‌شد‌ الشى ء يشد ‌من‌ باب- ضرب-: ‌اى‌ قوى فهو شديد، ‌و‌ الاسم: الشده بالكسر.
 ‌و‌ الفاقه: الحاجه.
 ‌و‌ القوه: تطلق على كمال القدره، ‌و‌ على شده الممانعه ‌و‌ الدفع، ‌و‌ يقابلها
 
الضعف بالمعنيين.
 ‌و‌ الذنوب: جمع ذنب.
 قال الراغب: ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل الاخذ بذنب الشى ء، يقال: ذنبته ذنبا اذا اخذت بذنبه، فاستعمل ‌فى‌ كل فعل يستوخم عقباه اعتبارا بذنبه الشى ء، ‌و‌ لهذا سمى ذنبا اعتبارا بما يحصل ‌من‌ عاقبته.
 ‌و‌ مراده عليه السلام باشتداد فاقته ‌و‌ اشتداد حاجته ‌و‌ فقره الى رحمته تعالى ‌و‌ رضاه.
 ‌و‌ بضعف قوته: ضعف كمال قدرته عن الوصول الى مطلوبه المذكور.
 ‌و‌ بكثره ذنوبه: الاعتراف بالعبوديه ‌و‌ ‌ان‌ البشر ‌فى‌ مظنه التقصير ‌و‌ الاساءه، ‌او‌ كثره ‌ما‌ يعده ‌هو‌ عليه السلام ذنبا ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن ذنبا ‌فى‌ نفسه ‌من‌ ملابسه المباحات ‌و‌ الاشتغال بما لابد للانسان منه ‌او‌ قيامه بما لايراه لائقا بجناب عظمته ‌من‌ العبادات ‌و‌ الحسنات كما ورد: حسنات الابرار سيئات المقربين ثم قصر عليه السلام ‌سد‌ فاقته ‌و‌ تقويه ضعفه ‌و‌ غفران ذنوبه عليه تعالى فقال: «سئوال ‌من‌ لايجد لفاقته مغيثا» الى آخره اذ لم تكن فاقته فاقه لامر دنيوى يمكن المخلوقين اغاثته فيه، ‌و‌ ‌لا‌ ضعف قوته عجزا عن الوصول الى مطلوب يتسنى تحصيله باعانه بشر مثله عليه، ‌و‌ ‌لا‌ ذنوبه ذنوبا الى مخلوق يتوصل بالشفاعه اليه ‌فى‌ التجاوز عنها، ‌و‌ اردف ذلك بقوله: «يا ذا الجلال ‌و‌ الاكرام» تحريكا لسلسله الاجابه ‌اى‌ ذا الاستغناء المطلق  و الفضل التام.
 ‌و‌ قيل: الذى عنده الجلال ‌و‌ الاكرام للمخلصين ‌من‌ عباده.
 ‌و‌ قيل: الجلال: عظمته ‌و‌ كبرياوه، ‌و‌ استحقاقه الحمد ‌و‌ المدح باحسانه. ‌و‌ الاكرام: اكرامه انبياءه ‌و‌ اولياءه بالطافه مع عظمته ‌و‌ جلاله، ‌و‌ على كل تقدير فهذه الصفه ‌من‌ جلائل صفاته ‌و‌ عظائم نعوته تعالى.
 ‌و‌ لقد روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: «الظوا بياذا الجلال ‌و‌ الاكرام».
 ‌و‌ عنه عليه السلام انه مر برجل ‌و‌ ‌هو‌ يصلى ‌و‌ يقول: ‌يا‌ ذا الجلال ‌و‌ الاكرام.
 فقال: استجيب لك.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: انه اسم الله الاعظم.
 العمل: كل فعل يكون عن قصد فهو اخص ‌من‌ الفعل، ‌و‌ يطلق على الصالح ‌و‌ السى ء. فقوله عليه السلام: «تحب ‌به‌ ‌من‌ عمل به» ‌فى‌ محل نصب نعت مخصص للعمل، ‌و‌ سئوال العمل عباره عن سئوال افاضته قوه على استعداده يقوى بها على العمل الموجب لمحبته تعالى للعامل به.
 ‌و‌ «الباء» الاولى سببيه، ‌و‌ الثانيه صله الفعل، ‌اى‌ تحب بسببه ‌من‌ عمل به، ‌و‌ كذا قوله: تنفع ‌به‌ ‌من‌ استيقن به، ‌و‌ ‌لا‌ توجد الاولى ‌فى‌ الموضعين ‌فى‌ بعض النسخ  القديمه، ‌و‌ محبته تعالى تعود الى افاضته الكمالات النفسانيه على نفس العبد بحسب قربه بالاستعداد لها الى جوده. ‌و‌ ‌فى‌ ايثار تخصيصه عليه السلام العمل بهذا الوصف دون ‌ان‌ يقول عملا تحبه ‌او‌ عملا ترضاه تلميح الى ‌ما‌ روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: ‌ان‌ الله يحب العبد ‌و‌ يبغض عمله ‌و‌ يحب العمل ‌و‌ يبغض بدنه.
 ‌و‌ مثله ‌ما‌ روى عن الصادق عليه السلام انه قال: ‌من‌ خلقه الله سعيدا لم يبغضه ابدا، ‌و‌ ‌ان‌ عمل شرا ابغض عمله، ‌و‌ ‌ان‌ كان شقيا لم يحبه ابدا ‌و‌ ‌ان‌ عمل صالحا احب عمله ‌و‌ ابغضه لما يصير اليه.
 فاحترز عليه السلام بهذا النعت عن عمل يحبه الله ‌و‌ ‌لا‌ يحب ‌من‌ عمل به، ‌و‌ الله اعلم.
 ‌و‌ اليقين لغه: العلم الذى ‌لا‌ ‌شك‌ معه، ‌و‌ اصطلاحا اعتقاد الشى ء بانه كذا مع اعتقاد انه لايمكن الا كذا مطابق الواقع غير ممكن الزوال، ‌و‌ القيد الاول جنس يشمل الظن ايضا ‌و‌ الثانى يخرجه، ‌و‌ الثالث يخرج الجهل، ‌و‌ الرابع يخرج اعتقاد المقلد للمصيب، ‌و‌ عند اهل الحقيقه رويه العيان بقوه الايمان ‌لا‌ بالحجه ‌و‌ البرهان.
 ‌و‌ قيل: مشاهده الغيوب بصفاء القلوب ‌و‌ ملاحظه الاسرار بمحافظه الافكار.
 ‌و‌ قيل: الاستعانه بالله ‌فى‌ كل حال ‌و‌ الرجوع الى الله ‌فى‌ كل امر ‌و‌ النظر الى الله ‌فى‌ كل شى ء، ‌و‌ لما كان لليقين مراتب ‌و‌ هى علم اليقين ‌و‌ عين اليقين ‌و‌ ‌حق‌ اليقين كما افصح عنها كلام الله المجيد حيث قال تعالى: «لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين» ‌و‌ قال: «ان هذا لهو ‌حق‌ اليقين»، ‌و‌ كانت هذه المراتب مرتبه ‌فى‌ الفضل قيد عليه السلام اليقين المسوول بقوله: « ‌من‌ استيقن  به ‌حق‌ اليقين» ‌و‌ ‌هو‌ اعلى المراتب ‌و‌ قد مثلوه ‌فى‌ مراتبه المذكوره بمراتب معرفه النار فالعلم بالنار بتوسط النور، ‌او‌ الدخان ‌هو‌ علم اليقين، ‌و‌ العلم بها بمعاينه جرمها المفيض للنور ‌هو‌ عين اليقين، ‌و‌ العلم بها بالوقوع فيها ‌و‌ معرفه كيفيتها التى لاتظهر بالتعبير ‌هو‌ ‌حق‌ اليقين.
 ‌و‌ بالجمله فعلم اليقين يحصل بالبرهان ‌و‌ الحجه ‌و‌ عين اليقين بالكشف ‌و‌ الشهود ، ‌و‌ ‌حق‌ اليقين بالحال ‌و‌ الاتصال المعنوى الذى لايدرك بالتعبير، ‌و‌ انتصاب ‌حق‌ اليقين بالمصدريه ‌و‌ العامل فيه استيقن كقوله تعالى: «لترونها عين اليقين».
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله: «استيقن به» زائده ‌فى‌ المفعول، لانه يقال: استيقنه كما قال تعالى: «و استيقنتها انفسهم» فزيدت «الباء» للتاكيد.
 قال ‌فى‌ القاموس: يقن الامر كفرح يقنا، ‌و‌ يحرك ‌و‌ ايقنه، ‌و‌ ‌به‌ تيقنه استيقنه ‌و‌ ‌به‌ علمه ‌و‌ تحققه، انتهى.
 ‌و‌ حملها بعضهم على السببيه ‌و‌ ‌هو‌ وهم، ‌و‌ ايثار التعبير باستيقن للمبالغه. قال صاحب الكشاف: الاستيقان ابلغ ‌من‌ الايقان.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «فى نفاذ امرك» لغو متعلق باستيقن، ‌اى‌ ايقن ‌به‌ ‌فى‌ نفاذ امرك ‌حق‌ اليقين، ‌و‌ يجوز كونه مستقرا على انه نعت ثانى ليقينا المعطوف على العمل ‌او‌ حال منه لتخصصه بالوصف بالجمله ‌اى‌ كائنا ‌فى‌ نفاذ امرك، ‌و‌ الظرفيه مجازيه.
 ‌و‌ نفاذ الامر: جريانه ‌و‌ وقوعه، يقال: نفذ امره ‌و‌ قوله: ينفذ نفوذا ‌من‌ باب- قعد- ‌و‌ نفاذا: اذا مضى ‌و‌ جرى ‌و‌ اطيع ‌و‌ لم يستطع رده. ‌و‌ المراد بامره تعالى هنا حكم  القدره الالهيه على كل مخلوق ‌و‌ مصنوع بما اقتضته حكمته الباهره ‌و‌ ارادته القاهره ‌و‌ ‌هو‌ المعبر عنه بقوله تعالى: «كن» ‌فى‌ قوله: «انما امره اذا اراد شيئا ‌ان‌ يقول له ‌كن‌ فيكون» ‌و‌ ‌فى‌ قوله: «كن هبه كل ‌ما‌ ينبغى لذلك المامور» ‌و‌ ‌ما‌ بعده لنفاذ امره بالكون ‌فى‌ الوجود ‌و‌ يجب عنه فكيف يمكن عدم نفاذه ‌و‌ اطاعته بل يكون كلمح البصر كما قال تعالى: «و ‌ما‌ امرنا الا واحده كلمح بالبصر».
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد بامره تعالى القدر النازل على وفق القضاء الالهى ‌و‌ ‌هو‌ تفصيل القضاء كما مر بيانه.
 ‌و‌ بنفاذه: وقوعه ‌و‌ حصوله سواء كان مكروها للخلق ‌او‌ محبوبا لهم ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المقصود بما ورد ‌فى‌ جمله ‌من‌ الاثار ‌و‌ الادعيه: «لا راد لامرك ‌و‌ ‌لا‌ معقب لحكمك».
 ‌و‌ ‌فى‌ خطبه لاميرالمومنين صلوات عليه ‌و‌ آله: «لايرد امرك ‌من‌ سخط قضاءك» ‌و‌ انما قيد عليه السلام اليقين المسوول بقوله تنفع ‌به‌ ‌من‌ استيقن ‌به‌ ‌و‌ لم يطلقه لان ‌من‌ اليقين ‌ما‌ ‌لا‌ ينفع الله ‌به‌ صاحبه الا ترى الى قوله تعالى: «فلما جاءتهم آياتنا مبصره قالوا هذا سحر مبين ‌و‌ جحدوا بها ‌و‌ استيقنتها انفسهم ظلما ‌و‌ علوا» اى: علمتها انفسهم علما يقينا ‌و‌ لو نفعهم الله باستيقانهم لها لم يجحدوا بها ‌و‌ انما خصصه بكونه ‌فى‌ نفاذ امره تعالى لاستلزام ذلك كمال العلم بتمام قدرته تعالى ‌و‌ كمال سلطانه فيفوض اليه امره ‌و‌ ينقطع الى جنابه لاجئا الى حوله ‌و‌ قوته غير منزعج مما يرد عليه ‌و‌ ‌لا‌ ساخط لما يسوقه القضاء اليه لان ‌من‌ ايقن ‌حق‌ اليقين بنفاذ امره تعالى اخبت له مستسلما ‌و‌ خضع له منقادا ‌و‌ القى بيده اليه مطمئنا، ‌و‌ الله اعلم  بمقاصد اوليائه.
 
قوله عليه السلام:«و اقبض على الصدق نفسى». قبضه الله قبضا ‌من‌ باب - ضرب -: اماته، ‌و‌ اصله ‌من‌ قبض الشى ء ‌و‌ ‌هو‌ تناوله بجميع الكف كنى ‌به‌ عن الموت كما كنى عنه بالامساك ‌فى‌ قوله تعالى: «فيمسك التى قضى عليها الموت».
 ‌و‌ الصدق لغه: مطابقه الحكم للواقع، ‌و‌ قد يطلق على الثبات ‌و‌ الاستقامه ‌فى‌ دين الله نيه ‌و‌ قولا ‌و‌ عملا، ‌و‌ ‌به‌ فسر اكثر المفسرين قوله تعالى: «يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ‌و‌ كونوا مع الصادقين»، قالوا: الصادقون: ‌هم‌ الذين صدقوا ‌فى‌ دين الله ‌و‌ فيما عاهدوا عليه ‌من‌ الطاعه نيه ‌و‌ قولا ‌و‌ عملا.
 ‌و‌ قال المحقق الطوسى: المراد بالصدق ‌فى‌ الايه: الصدق ‌فى‌ القول ‌و‌ الفعل ‌و‌ النيه ‌و‌ العزم ‌و‌ الوفاء بالعهد ‌و‌ الوعد ‌و‌ ‌فى‌ جميع الاحوال السانحه، ‌و‌ ‌من‌ حصلت فيه ملكه الصدق بهذا المعنى فهو صديق لايوجد منه ‌فى‌ شى ء خلاف ‌ما‌ ‌هو‌ عليه، انتهى.
 ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ قال بعض اهل العرفان: الصدق: ‌ان‌ لايكون ‌فى‌ احوالك شوب ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ اعتقادك ريب ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ اعمالك عيب.
 ‌و‌ عن الصادق عليه السلام: ادنى ‌حد‌ الصدق ‌ان‌ لايخالف اللسان القلب ‌و‌ ‌لا‌ القلب اللسان.
 ‌و‌ قال ابوسعيد القرشى: الصادق الذى يتهيا له ‌ان‌ يموت ‌و‌ ‌لا‌ يستحيى ‌من‌ سره لو كشف ‌و‌ ‌لا‌ يبالى ‌من‌ حسابه اذا بعث.
 
و الظرف ‌من‌ قوله عليه السلام: «على الصدق» مستقر ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ المفعول بعده، ‌و‌ التقدير: ‌و‌ اقبض نفسى كائنه على الصدق ‌اى‌ لازمه له لزوم الراكب لمركوبه فكان الصدق مركب لها ‌و‌ هى راكبه عليه ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «او ياخذهم على تخوف» ‌اى‌ كائنين على حاله التخوف ‌و‌ انما قدم الظرف ‌فى‌ الدعاء للاهتمام ‌به‌ مع رعايه الفاصله، ‌و‌ لايعد ‌فى‌ حمل التقديم على اراده الحصر ‌اى‌ على الصدق ‌لا‌ على غيره فان ‌من‌ قبض عليه قبض متصفا بحقيقه الايمان ‌و‌ نتيجته التقوى فائزا بعون الله ‌و‌ نصره ‌و‌ رضاه ‌و‌ شكره.
 قال الراغب: الصدق: ‌هو‌ اصل المحمودات ‌و‌ ركن النبوات ‌و‌ نتيجه التقوى ‌و‌ لولاه لبطل احكام الشرائع ‌و‌ لذلك قال تعالى: «يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ‌و‌ كونوا مع الصادقين».
 ‌و‌ قال بعض الاكابر: ‌من‌ احب ‌ان‌ يكون الله معه فليلزم الصدق فان الله مع الصادقين.
 ‌و‌ كان بعض المشايخ يقول: خص الانسان ‌من‌ جمله الحيوان، ‌و‌ المومنون ‌من‌ جمله الانسان، ‌و‌ الرجال ‌من‌ جمله المومنين، فقيل: «رجال صدقوا ‌ما‌ عاهدوا الله عليه»، فحقيقه الرجوليه الصدق ‌و‌ ‌من‌ لم يدخل ‌فى‌ ميدان الصدق خرج ‌من‌ ‌حد‌ الرجوليه.
 ‌و‌ قال الصادق عليه السلام: «حقيقه الصدق ‌ما‌ يقتضى تزكيه الله تعالى لعبده، كما ذكر عن صدق عيسى ‌بن‌ مريم عليه السلام ‌فى‌ القيامه فقال ‌عز‌ ‌و‌ جل: «هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم».
 
و بالجمله: فالصدق عماد كل خير، ‌و‌ قوام كل حسنه، ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و اقطع ‌من‌ الدنيا حاجتى».
 القطع: فصل الشى ء ‌و‌ ابانته عما اتصل ‌به‌ سواء كان مدركا بالبصر كالاجسام ‌او‌ مدركا بالبصيره كالاشياء المعقوله ‌و‌ منه عباره الدعاء ‌و‌ الحاجه: الفقر الى الشى ء مع محبته كما نص عليه الراغب ‌و‌ المعنى: اقطع ‌من‌ الدنيا فقرى اليها مع محبتى لها.
 ‌و‌ الرغبه ‌فى‌ الشى ء: كثره ارادته، ‌و‌ ‌ما‌ عنده تعالى كنايه عن الثواب الاخروى.
 ‌و‌ الشوق: نزوع النفس الى الشى ء ‌و‌ ‌هو‌ مفعول له معلل للجعل باعث عليه وغايه له اذ ‌هو‌ عله له ‌فى‌ التصور ‌و‌ معلول له ‌فى‌ الخارج.
 ‌و‌ لقاوه تعالى عباره عن المصير اليه ‌و‌ القدوم عليه، ‌و‌ تقديم الظرف للحصر، اى: فيما عندك ‌لا‌ ‌فى‌ غيره ‌و‌ انما كان الجعل المذكور عله الشوق الى اللقاء لان ‌من‌ رغب ‌فى‌ شى ء عند احد اشتاق الى لقائه ‌و‌ احب الوصول اليه ليحصل له ‌ما‌ رغب فيه ‌و‌ غرضه التوصل بذلك الى حب لقاء الله تعالى، ‌و‌ عدم الكراهه له ليكون ممن احب الله لقاءه ‌و‌ لم يكرهه، ‌و‌ على ‌ما‌ ورد ‌فى‌ الحديث: ‌من‌ احب لقاء الله احب الله لقاوه ‌و‌ ‌من‌ كره لقاء الله كره الله لقاءه.
 ‌و‌ لذلك ورد ‌فى‌ دفع المنافاه بين هذا الحديث ‌و‌ بين حديث: ‌ما‌ ترددت ‌فى‌ شى ء انا فاعله كترددى ‌فى‌ قبض روح عبدى المومن يكره الموت ‌و‌ اكره مساءته.
 ‌ان‌ وقت حب لقاء الله محمول على وقت الاحتضار كما روى انه قيل للنبى صلى الله عليه ‌و‌ آله عند سماع حديث اللقاء منه: ‌يا‌ رسول الله انا لنكره الموت، فقال: ليس ذلك ‌و‌ لكن المومن اذا حضره الموت بشر برضوان الله ‌و‌ كرامته فليس شى ء احب اليه مما امامه فاحب لقاء الله ‌و‌ احب الله لقاءه ‌و‌ ‌ان‌ الكافر اذا حضر
 
يبشر بعذاب الله فليس شى ء اكره اليه مما امامه كره لقاء الله فكره الله لقاءه فظهر ‌ان‌ الرغبه فيما عند الله موجبه للشوق الى لقائه.
 قوله عليه السلام: «وهب لى صدق التوكل عليك».
 صدق التوكل: ‌هو‌ صدق الانقطاع الى الله تعالى ‌و‌ صدق الانقطاع الى الله ‌هو‌ ‌ان‌ لايكون للعبد حاجه الى غير الله سبحانه. ‌و‌ قد بسطنا الكلام فيما سبق على التوكل ‌و‌ مراتبه ‌و‌ مقاماته فاغنى عن الاعاده.
 
كتبه كتبا ‌من‌ باب - قتل - ‌و‌ كتابا: خطه، فالكتاب ‌فى‌ الاصل مصدر ثم اطلق على المكتوب اطلاق المصدر على اسم المفعول، ‌و‌ عبر ‌به‌ عن الحكم لانه مما يكتب ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ خلا الشى ء يخلو ‌و‌ خلاء: مضى ‌و‌ سبق، ‌و‌ منه: قوله تعالى: «و ‌ان‌ ‌من‌ امه الا خلا فيها نذير»، ‌اى‌ اسالك ‌من‌ خير حكم قد مضى ‌و‌ اعوذ بك ‌من‌ ‌شر‌ حكم قد مضى ‌اى‌ سبق اثباته ‌فى‌ اللوح المحفوظ كما قال: «لولا كتاب ‌من‌ الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم»، ‌و‌ ‌فى‌ معنى هذه الفقره ‌من‌ الدعاء ‌ما‌ ورد ‌فى‌ الماثور: «و اعوذ بك ‌من‌ ‌شر‌ ‌ما‌ سبق ‌فى‌ الكتاب».
 قال بعض العلماء: المراد بالكتاب: اللوح المحفوظ، ‌و‌ العارف كما يستعيذ ‌من‌ نزول الشر كذلك يستعيذ ‌من‌ تقديره ‌فى‌ الازل، بل ‌هو‌ اولى بالاستعاذه، لانه الاصل الاول ثم تقديره قد يكون ‌فى‌ معرض البداء فيمكن دفعه بالدعاء،  انتهى.
 ‌و‌ اما حمل بعض المترجمين الكتاب على صحائف الاعمال حيث قال: ‌اى‌ اسالك ثواب اعمالى الحسنه ‌و‌ اعوذ بك ‌من‌ ‌شر‌ سيئاتى التى كتبها الكرام الكاتبون ‌من‌ قبل ‌فى‌ جريده اعمالى، فهو كما ترى عن الغرض بمعزل.
 ‌و‌ لما سال عليه السلام خير ‌ما‌ كتب ‌فى‌ الازل ‌و‌ استعاذ ‌من‌ شره اخذ ‌فى‌ السئوال لتوفيقه للاعمال الصالحه فقال: «اسالك خوف العابدين لك» الى آخره. ‌و‌ جاء بالجمله منقطعه عما قبلها لانها استيناف سئوال آخر.
 ‌و‌ الخوف: تالم النفس ‌من‌ العقاب المتوقع، ‌و‌ لما كان صدق الخوف ‌و‌ الرجاء لايتحقق الا اذا كان مقرونا بالعمل اضاف الخوف الى العابدين كما روى عن ابى عبدالله عليه السلام: انه قال: لايكون المومن مومنا حتى يكون خائفا راجيا ، ‌و‌ ‌لا‌ يكون خائفا راجيا حتى يكون عالما لما يخاف ‌و‌ يرجو.
 ‌و‌ حيث تضمن قوله عليه السلام: «اسالك خوف العابدين» سئوال العباده ضمنا سال عليه السلام اعلى مراتبها فقال: «و عباده الخاشعين لك» اذ كان الخشوع قوام العباده ‌و‌ مدارها ‌و‌ ‌هو‌ عباره عن التذلل ‌و‌ الاطمئنان بالقلب ‌و‌ القالب ‌و‌ الانقطاع اليه تعالى ‌و‌ ‌هو‌ ثمره الفكر ‌فى‌ جلال المعبود ‌و‌ ملاحظه عظمته ‌جل‌ شانه ‌و‌ ذلك روح العباده.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ‌ان‌ النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله راى رجلا يعبث بلحيته ‌فى‌ صلاته فقال: اما انه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه.
 قال بعض الشارحين: ‌فى‌ هذا دلاله على ‌ان‌ الخشوع ‌فى‌ الصلاه يكون ‌فى‌ القلب  و الجوارح، فاما ‌فى‌ القلب فهو ‌ان‌ يفرغ قلبه بجمع الهمه لها ‌و‌ الاعراض عما سواها فلا يكون فيه غير العباده ‌و‌ المعبود، ‌و‌ اما ‌فى‌ الجوارح فهو غض البصر ‌و‌ ترك الالتفات ‌و‌ العبث ‌و‌ سكون الاعضاء.
 قوله عليه السلام: «و يقين المتوكل عليك» لما كان صدق اليقين ناشئا عن صدق التوكل سال عليه السلام يقين المتوكلين ‌و‌ بيانه ‌ان‌ الانسان قبل التوكل يظن ‌ان‌ له مدخلا ‌فى‌ حصول مهماته فليس له يقين بالله ‌و‌ صفاته الذاتيه ‌و‌ الفعليه كما ‌هو‌ حقه ‌و‌ بعد اتصافه بالتوكل يرى ‌ان‌ مهماته تحصل ‌من‌ الله سبحانه على الوجه الاكمل الاحسن فيحصل له يقين كما ‌هو‌ حقه ‌و‌ لذلك ورد ‌فى‌ الحديث: «حد التوكل: اليقين» ‌اى‌ منتهى التوكل مقام اليقين ثم لما كان للتوكل مقامات ‌و‌ درجات على ‌ما‌ شرحنا ‌و‌ بيناه فيما سبق سال عليه السلام توكل المومنين عليه ليفوز باسنى مراتبه فان المراد بالمومنين ‌من‌ اتصف بحقيقه الايمان الكامل الذى لايتحقق الا باستقامه الجوارح الظاهره ‌و‌ المدارك الباطله ‌و‌ التحلى بالكمال ‌فى‌ خصاله كما روى عن ابى جعفر عليه السلام انه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌فى‌ بعض اسفاره اذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك ‌يا‌ رسول الله فقال: ‌ما‌ انتم؟ فقالوا: نحن مومنون ‌يا‌ رسول الله. قال: فما حقيقه ايمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله ‌و‌ التفويض الى الله، ‌و‌ التسليم لامر الله. فقال رسول الله: علماء حكماء كادوا ‌ان‌ يكونوا ‌من‌ الحكمه انبياء فان كنتم صادقين فلا تبنوا ‌ما‌ ‌لا‌ تسكنون ‌و‌ ‌لا‌ تجمعوا ‌ما‌ ‌لا‌ تاكلون ‌و‌ اتقوا الله الذى اليه ترجعون، انتهى.
 ‌و‌ على ذلك قرن الله تعالى التوكل بالايمان فقال: «و على الله فتوكلوا ‌ان‌ كنتم مومنين» ‌و‌ قال: «و على الله فليتوكل المومنون» ‌و‌ الله اعلم.
 
الاولياء جمع ولى: فعيل بمعنى فاعل ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ يتولى عباده الله ‌و‌ يوالى ‌و‌ يتابع طاعته ‌من‌ غير تخلل معصيه، ‌و‌ كلا الوصفين شرط ‌فى‌ الولايه.
 ‌و‌ قيل: بمعنى مفعول ‌و‌ ‌هو‌ الذى يتولى الله امره ‌و‌ حفظه كما قال تعالى: «و ‌هو‌ يتولى الصالحين» ‌و‌ قد بسطنا الكلام فيما سبق على مقام الولايه ‌و‌ صفات الاولياء.
 ‌و‌ سئواله عليه السلام: جعل رغبته ‌و‌ رهبته مثل رغبه اوليائه تعالى ‌و‌ رهبتهم لوجوه:
 احدها: انهم اكثر الناس رغبه ‌فى‌ الله ‌و‌ اشدهم رهبه منه، لان ‌من‌ صفا نفسه عن الكدورات الجسمانيه، ‌و‌ خلا ‌من‌ العوائق الظلمانيه ‌و‌ اتصل بعالم القدس، ‌و‌ شاهد جمال الحق ‌و‌ جلاله بعين البصيره كان اشد الناس رغبه فيه ‌و‌ رهبه منه.
 الثانى: ‌ان‌ رغبتهم ‌و‌ رهبتهم: ليست كرغبه سائر الناس ‌و‌ رهبتهم، فان اعظم رغبتهم ‌فى‌ شهود الحق ‌و‌ رهبتهم ‌من‌ حجابه ‌و‌ سائر الناس رغبتهم ‌فى‌ الثواب ‌و‌ رهبتهم ‌من‌ العقاب.
 الثالث: ‌ان‌ رغبتهم ‌و‌ رهبتهم يستلزمان دوام الجد ‌فى‌ العمل ‌و‌ الاعراض عن غرور الامل، لان مبداهما كما عرفت تصور عظمه الخالق ‌و‌ جماله ‌و‌ جلاله، ‌و‌ بحسب ذلك التصور يكون قوه الخوف ‌و‌ الرجاء، ‌و‌ بحسبهما يكون استفراغ الوسع ‌فى‌ العباده ‌و‌ بذل الجهد ‌فى‌ الطاعه ‌و‌ الله اعلم.
 
و استعملت زيدا ‌فى‌ كذا: جعلته عاملا فيه.
 ‌و‌ عملا: مفعول مطلق مبين لنوع عامله ‌و‌ ‌هو‌ استعملنى، ‌و‌ الجمله بعده ‌فى‌ محل نصب نعت له.
 ‌و‌ مخافه احد بالنصب مفعول لاجله، ‌اى‌ لاجل مخافتى احدا ‌من‌ خلقك، ‌و‌ غرضه عليه السلام افاضه يقين على نفسه الشريفه لايخشى ‌و‌ لايخاف معه الا الله فلا يترك شيئا ‌من‌ امور الدين خوفا ‌من‌ سطوه بشر، ‌او‌ اذيه مخلوق فان ‌من‌ كان موقنا بان النفع ‌و‌ الضر بيد الله لم يلتفت الى احد سواه ‌و‌ هذا اليقين ‌من‌ رسوخ الايمان بالله تعالى.
 كما روى عن اميرالمومنين عليه السلام انه قال: ‌لا‌ يجد عبد طعم الايمان حتى يعلم ‌ان‌ ‌ما‌ اصابه لم يكن ليخطئه ‌و‌ ‌ان‌ ‌ما‌ اخطاه لم يكن ليصيبه ‌و‌ ‌ان‌ الضار النافع ‌هو‌ الله.
 
قوله عليه السلام: «اللهم هذه حاجتى» ‌اى‌ ‌ما‌ احتاج اليه، ‌و‌ الاشاره الى ‌ما‌ ذكر ‌من‌ مسائله ‌فى‌ هذا الدعاء ‌و‌ الاخبار عنها بالمفرد مع تعددها لدخولها تحت نوع واحد ‌من‌ الحاجه.
 ‌و‌ اعظمت الشى ء اعظاما ‌و‌ عظمته تعظيما: ‌اى‌ فخمته ‌و‌ كبرته ‌اى‌ اجعل رغبتى فيها معظمه مقابله بالقبول ‌و‌ النجاح غير محتقره ‌و‌ ‌لا‌ مهانه بالرد ‌و‌ الحرمان.
 ‌و‌ العذر هنا: بمعنى دفع اللوم اسم ‌من‌ عذره عذرا ‌من‌ باب - ضرب - ‌اى‌ ترك لومه على ‌ما‌ صنع.
 قال بعضهم: ‌اى‌ اظهر بسببها عذر تقصيرى على الخلق يوم القيامه ‌و‌ ‌هو‌ كما تراه. ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ يكون المعنى اما جعل العذر ظاهرا باجابه رغبتى فيها لئلا يكون ترك الاجابه ‌و‌ عدم الانجاح باعثا على اللوم ‌فى‌ تقصير طلبها ‌و‌ اما جعل العذر ظاهرا  فى طلبها لشده افتقاره اليها، ‌اى‌ لاتلمنى على طلبها ‌من‌ جهه عدم استحقاقى لها ‌و‌ رغبتى فيما لست له باهل فان ‌من‌ طلب ‌ما‌ ليس له باهل ليم ‌و‌ انب على طلبه، ‌و‌ لذلك ورد ‌فى‌ الدعاء عنهم عليهم السلام: ‌ان‌ لم اكن اهلا ‌ان‌ ابلغ رحمتك فان رحمتك اهل ‌ان‌ تبلغنى.
 ‌و‌ يويد هذا المعنى قوله عليه السلام: «و لقنى فيها حجتى» ‌اى‌ فهمنى ‌ما‌ احتج ‌به‌ ‌فى‌ طلبها ‌و‌ الهمنى ‌ما‌ اعتذر ‌به‌ عن الاقدام على سئوالها ‌و‌ التلقين ‌من‌ الله تعالى عباره عن الالهام، ‌و‌ منه: لقنى حجتى يوم القاك.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و عاف فيها جسدى» ‌اى‌ ‌لا‌ تبلنى ‌فى‌ جسدى ببلاء تمتحنى ‌به‌ هل انا اهل لما سالت ‌ام‌ لا، ‌و‌ الله اعلم بمقاصد اوليائه.
 
من: شرطيه ‌و‌ التحقيق ‌ان‌ جواب الشرط محذوف ‌و‌ ليس ‌هو‌ قوله عليه السلام: «فقد اصبحت» لان الجواب مسبب عن الشرط، ‌و‌ اصباحه عليه السلام واثقا بالله تعالى ‌و‌ راجيا له ليس مسببا عن اصباح غيره ‌و‌ اثقا بغير الله ‌و‌ راجيا له، بل ‌هو‌ متحقق ثابت سواء اصبح غيره كذلك ‌ام‌ ‌لا‌ ‌و‌ انما الاصل: «من اصبح له ثقه ‌او‌ رجاء غيرك» فلست مثله فقد اصبحت ‌و‌ انت ثقتى ‌و‌ رجائى. فالفاء ‌من‌ قوله «فقد اصبحت» سببيه ‌لا‌ رابطه للجواب، ‌و‌ نظير ذلك قوله تعالى: «من كان يرجو لقاء  الله فان اجل الله لات» الاصل فيه ‌من‌ كان يرجو لقاء الله فليبادر العمل فان اجل الله لات لان اجل الله آت سواء اوجد الرجاء ‌ام‌ لم يوجد فلا يكون مسببا عنه لتكون جمله فان اجل الله ‌هو‌ الجواب ‌و‌ اطلاق الثقه ‌و‌ الرجاء على الموثوق به، ‌و‌ المرجو ‌من‌ باب اطلاق المصدر على المفعول مبالغه، كالخلق بمعنى المخلوق ‌و‌ القول بمعنى المقول.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فاقض» سببيه لافاده رتب ‌ما‌ بعدها على ‌ما‌ قبلها.
 ‌و‌ القضاء هنا: بمعنى الحكم ‌او‌ الحتم ‌و‌ الايجاب.
 ‌و‌ خير: افعل تفضيل اسقطت كل العرب الفه لكثره الاستعمال الا بنى عامر فانهم يقولون هذا اخير ‌من‌ ذاك بالالف.
 ‌و‌ عاقبه كل شى ء: آخره، ‌و‌ نصبها على التمييز.
 ‌و‌ الفتن: جمع فتنه بمعنى البلاء ‌و‌ الامتحان، ‌و‌ اصلها ‌من‌ فتنت الفضه اذا ادخلتها النار، ليتميز زيفها ‌من‌ جيدها، ‌و‌ لما كان ‌من‌ الفتنه ‌ما‌ ‌هو‌ خير ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ ‌شر‌ كما قال سبحانه: «و نبلوكم بالشر ‌و‌ الخير فتنه» سال عليه السلام النجاه ‌من‌ مضلات الفتن كما قال اميرالمومنين عليه السلام: «لايقولن احدكم اللهم انى اعوذ بك ‌من‌ الفتنه لانه ليس احد الا ‌و‌ ‌هو‌ مشتمل على فتنه ‌و‌ لكن فليستعذ ‌من‌ مضلات الفتن فان الله سبحانه يقول: «و اعلموا انما اموالكم ‌و‌ اولادكم فتنه».
 قال بعض الشارحين لكلامه عليه السلام: الفتنه اعم ‌من‌ الفتنه المستعاذ منها لصدقها على المال ‌و‌ البنين باعتبار ابتلاء الله تعالى ‌و‌ اختباره لهم بهما، ‌و‌ هما غير مستعاذ منهما اذا راعى العبد فيهما امر الله ‌و‌ لزم طاعته، ‌و‌ اما الفتنه المستعاذ منها فهى
 
التى يستلزم الوقوع فيها الضلال عن سبيل الله كالخروج ‌فى‌ المال عن واجب العدل ‌و‌ صرفه ‌فى‌ امداد الشهوات ‌و‌ اتباع الهوى، انتهى.
 ‌و‌ ‌ما‌ وقع لبعض المترجمين ‌من‌ ‌ان‌ اضافه المضلات الى الفتن ‌من‌ باب اضافه الصفه الى الموصوف ليس بشى ء بل ‌من‌ اضافه النوع الى الجنس كما ‌هو‌ صريح كلام اميرالمومنين عليه السلام،  و ختم الدعاء عليه السلام باستعطافه برحمته تعالى ‌و‌ ندائه باتصافه بنهايه الرحمه ثم بالصلاه على رسوله الذى ارسله رحمه للعالمين ‌و‌ آله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين مبالغه ‌فى‌ اقتضاء الاجابه ‌و‌ ايغالا ‌فى‌ تحريك سلسله الاستجابه ‌و‌ ‌لا‌ ريب ‌فى‌ حصول الاجابه ‌و‌ القبول كيف ‌لا‌ ‌و‌ الداعى اشرف سائل ‌و‌ المدعو اكرم مسوول ‌و‌ الله ولى العصمه ‌و‌ التوفيق ‌و‌ الهادى ‌فى‌ القول ‌و‌ العمل الى سواء الطريق.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5
اسناد الصحیفه السجادیه- 1
الدعاء 1- 3
الدعاء 3- 1
الدعاء 31- 2
الدعاء 48- 2
الدعاء 6- 2

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^