فارسی
يكشنبه 30 ارديبهشت 1403 - الاحد 10 ذي القعدة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

اسناد الصحیفه السجادیه- 2

هدايه

 اعلم: ‌ان‌ النفوس القدسيه النبويه مخالفه بماهيتها لسائر النفوس صفاء ‌و‌ نورا ‌و‌ انجذابا الى عالم الانوار، فلا جرم تجرى عليها الانوار الفائضه ‌من‌ المبادى العاليه اتم ‌من‌ سائر النفوس ‌و‌ اكمل، ‌و‌ لهذا بعثت مكمله للناقصين ‌و‌ معلمه للجاهلين ‌و‌ مرشده للطالبين ‌و‌ مصطفاه على العالمين.
 ‌و‌ لما كان صفاء جوهر نفس نبينا (صلى الله عليه ‌و‌ آله) اكمل تلك النفوس القدسيه ‌و‌ اقواها ‌و‌ اشدها اتصالا بالعقل الفعال المسمى بالعلم الاعلى ‌و‌ المعلم الشديد القوى، ‌و‌ ‌هو‌ المفيض للعلوم باذن الحى القيوم على الواح النفوس العقليه، فلا يبعد ‌ان‌ يكون المراد بمنامه (صلى الله عليه ‌و‌ آله): النشاه الباطنيه ‌و‌ بروياه: الرويا العقليه العلميه، ‌لا‌ ‌ما‌ ‌هو‌ الظاهر ‌من‌ معنى هذين اللفظين فان منامه (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ليس كمنام غيره الا ترى الى قوله المجمع عليه ‌من‌ الخاصه ‌و‌ العامه: «ان عينى تنام ‌و‌ قلبى ‌لا‌ ينام» ‌و‌ انما عبر عن ذلك بالمنام ‌و‌ الرويا لقصد التفهيم ‌و‌ التعليم فان اكثر الناس يعجز عن ادراك الامور العقليه الا بصفه الامور الحسيه، ‌و‌ الله اعلم.
 جبرئيل فيه لغات: فتح الجيم ‌و‌ الراء ‌و‌ همزه بعدها، ‌و‌ كسر الجيم ‌و‌ الراء ‌و‌ بعدها ياء ساكنه، ‌و‌ الثالثه كذلك الا ‌ان‌ الجيم مفتوحه، ‌و‌ فيه لغات اخرى قيل: ‌هو‌ اسم مركب ‌من‌ جبر ‌و‌ ‌هو‌ العبد، ‌و‌ ايل ‌و‌ ‌هو‌ اسم الله تعالى بالسريانيه ‌و‌ ‌هو‌ المسمى بروح القدس ‌و‌ المويد بالقاء الوحى الى الانبياء ‌و‌ ‌هو‌ الروح الامين ‌و‌ الرسول الكريم المنعوت بقوله تعالى: «انه لقول رسول كريم ذى قوه عند ذى العرش مكين مطاع ثم امين» ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ ذاته جوهر عقلى روحانى قدسى ‌ما‌ لم ينزل عن سماء تجرده ‌و‌ قربه فاذا نزل عنها تمثل ‌و‌ تصور بصوره تناسب المنزل عليه، ‌و‌ ‌هو‌ معنى نزوله على الرسول كما ‌فى‌ قوله تعالى: «فتمثل لها بشرا سويا» اى: ‌فى‌ اكمل صوره ‌و‌ اجملها ‌و‌ ‌ان‌ لم يتمثل ‌و‌ يتصور بل كلم الرسول ‌فى‌ باطن السر ‌و‌ العقل كان كلامه ‌و‌ حديثه كلاما عقليا ‌و‌ حديثا روحانيا، ‌و‌ لعل اتيانه الرسول (صلى الله عليه ‌و‌ آله) بهذه الايه كان ‌من‌ هذا القبيل حيث قال: «فاتاه»، ‌و‌ لم يقل فنزل.


 اكمال
 اختلفت الاراء ‌فى‌ حقيقه نزول الملك بالوحى على الرسول (صلى الله عليه ‌و‌ آله).
 فقال جمهور الحكماء ‌من‌ الفلاسفه: ‌ان‌ نفس النبى اذا فاض عليها معنى عقلى ارتسم ‌فى‌ خياله ‌و‌ حسه صوره مناسبه له فيبصره ‌و‌ يسمع كلامه، ‌و‌ هذا ‌فى‌ الحقيقه انكار لملك مجسم موجود ‌فى‌ الخارج ‌و‌ انكار كلام خارجى، ‌و‌ انما ‌هو‌ تقرير امور ‌و‌ صور ذهنيه ‌و‌ ظاهر الشرع ياباه.
 ‌و‌ قال جمهور المليين: ‌ان‌ الملك شخص سماوى متكون ‌من‌ جنس العناصر التى تكونت منها السماوات العنصريه فهو حى ناطق متحرك بالاراده مامور تابع للاوامر الالهيه فجبرئيل (عليه السلام) ملك كريم عليم، ‌و‌ العباره التى ينزل بها وحى يسمعه ‌فى‌ السماء العنصريه ‌او‌ يراها منقوشه ‌فى‌ لوح سماوى عنصرى فيقراها ‌و‌ يامره الله تعالى ‌ان‌ ينزل بها على النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) فياتيه ‌و‌ يخاطبه بها.
 هذا ‌ما‌ دلت عليه ظواهر الشرع.
 ‌و‌ قال جدنا الامير نظام الدين احمد (قدس سره): الاشبه عندى ‌ان‌ نزول الوحى ‌و‌ الملك على الانبياء (عليهم السلام) انما ‌هو‌ بان تتلقى نفس النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) اولا ‌ما‌ يوحى اليه ‌من‌ الملك الموحى ‌او‌ ‌من‌ الله تعالى تلقيا روحانيا، ثم يتمثل ‌و‌ يتصور ‌ما‌ يوحى اليه فقط، ‌او‌ مع الملك الموحى ‌فى‌ حسه المشترك، ثم ‌فى‌ حسه الظاهر، ثم ‌فى‌ الخارج، ثم ‌فى‌ الهواء المجاور له، بعكس ‌ما‌ يرى الشى ء الموجود ‌فى‌ الخارج اولا، فانه يتمثل اولا ‌فى‌ الحس الظاهر، ثم ‌فى‌ الحس المشترك، ثم ‌فى‌ القوه العقليه، لانه لو كان الوحى نزول ملك جسمانى يتكلم معه ‌فى‌ الخارج فقط ‌من‌ غير تلق روحانى لما عرض للنبى الموحى اليه حين نزول الوحى شبه غشى، ‌و‌ لحواسه الظاهره شبه دهشه على ‌ما‌ ‌هو‌ المشهور المنقول ‌من‌ حال النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) حين نزول الوحى عليه، بل كان ينبغى ‌ان‌ يكون توجه نفسه الكامله على هذا التقدير الى الظاهر اتم ‌و‌ اكمل، ‌و‌ تكون حواسه الظاهره اصح ‌و‌ اسلم.
 ‌و‌ مما يدل على ‌ما‌ قلناه ‌ما‌ نقله القاضى ‌فى‌ تفسير قوله تعالى: «فلما اتاها نودى ‌يا‌ موسى انى انا ربك» حيث قال قيل لما نودى: قال ‌من‌ المتكلم، قال: «انى انا الله» فوسوس اليه ابليس لعلك تسمع كلام شيطان فقال: انى عرفت انه كلام الله بانى اسمعه ‌من‌ جميع الجهات ‌و‌ بجميع الاعضاء.
 قال القاضى: ‌و‌ ‌هو‌ اشاره الى انه (عليه السلام) تلقى ‌من‌ ربه كلامه تلقيا روحانيا ثم تمثل ذلك الكلام لبدنه ‌و‌ انتقل الى الحس المشترك فانتقش ‌به‌ ‌من‌ غير اختصاص بعضو وجهه انتهى.
 ‌و‌ لو كان بالتلقى الروحانى ‌و‌ بالتمثل ‌فى‌ الحس المشترك فقط ‌من‌ غير ‌ان‌ يكون.
 ‌فى‌ الخارج شى ء على ‌ما‌ ‌هو‌ المشهور ‌من‌ راى الفلاسفه لما راى غير النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) احيانا الملك النازل بالوحى كما يروى ‌من‌ حديث الايمان، ‌و‌ ‌من‌ حكايه السامرى على ‌ما‌ يدل عليه قوله تعالى: «قال بصرت بما لم يبصروا ‌به‌ فقبضت قبضه ‌من‌ اثر الرسول». ‌و‌ لما تمثل ‌ما‌ يوحى اليه ‌فى‌ الخارج ايضا، كما يروى ‌فى‌ نزول التوراه المنقوشه ‌فى‌ الالواح، فالقول بان الموحى ‌و‌ صوره الملك ‌من‌ عمل المتخيله بان تحدثهما ‌فى‌ الحس المشترك كما ‌هو‌ المشهور عن الفلاسفه، مستبعد مستنكر جدا، ‌و‌ كذا كون الكلام المعجز ‌من‌ عملها.
 بل الحق ‌ان‌ المحدث لذلك كله ‌هو‌ الواجب الحق ‌جل‌ شانه يحدثه ‌فى‌ الحس المشترك اولا، ثم ‌فى‌ الخارج ‌و‌ ‌لا‌ استبعاد ‌فى‌ ذلك اصلا، ‌و‌ ‌لا‌ يبعد ‌ان‌ يكون للقوه المتخيله التى للنبى مدخل ‌ما‌ ‌فى‌ هذين الا حداثين بان تكون معده فقط على ‌ان‌ ظاهر قوله تعالى ‌فى‌ سوره البقره: «قل ‌من‌ كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك».
 ‌و‌ قوله ‌فى‌ الشعراء: «نزل ‌به‌ الروح الامين على قلبك».
 يدل على ‌ما‌ اخترناه ‌من‌ كيفيه نزول الوحى، ‌و‌ التاويل خلاف الظاهر، فما قاله بعض المفسرين: ‌ان‌ اكثر الامه على ‌ان‌ القرآن نزل على محمد (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ‌لا‌ على قلبه، لكن خص القلب بالذكر، لان السبب ‌فى‌ تمكنه ‌من‌ الاداء اثباته ‌فى‌ قلبه، فمعنى على قلبك: حفظك اياه ‌و‌ فهمك له.
 ‌و‌ قيل: ‌اى‌ جعل قلبك متصفا باخلاق القرآن ‌و‌ متادبا بادابه كما ‌فى‌ حديث عائشه كان خلقه القرآن، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ صرف لظاهر الايه، ‌و‌ ‌هو‌ خلاف الظاهر.
 ‌و‌ يويد ‌ما‌ اخترناه ايضا ‌ما‌ قاله القاضى ‌فى‌ تفسير آيه الشعراء المذكوره، ‌و‌ القلب: ‌ان‌ اراد ‌به‌ الروح فذاك، ‌و‌ ‌ان‌ اراد ‌به‌ العضو المخصوص فتخصيصه لان المعانى الروحانيه انما تنزل اولا على الروح ثم تنتقل منه الى القلب لما بينهما ‌من‌ التعلق ثم تصعد منه الى الدماغ فينتقش بها لوح المخيله، انتهى.
 ‌و‌ اعلم ‌ان‌ ‌ما‌ اخترناه ليس مخالفا ‌فى‌ الحقيقه لقول اكثر الامه بل ‌هو‌ قول بما قالوه مع زياده لم يصرحوا بها، انتهى كلام الجد قدس الله سره، ‌و‌ ضاعف يوم الجزاء بره.
 ‌و‌ قد وافقه على هذا التحقيق بعض المتالهين ‌من‌ علمائنا المتاخرين ‌و‌ ‌هو‌ مولانا صدرالدين الشيرازى قدس الله سره فقال ‌فى‌ معنى مشاهده الرسول لجبرئيل ‌و‌ سماع كلامه بسمعه الحسى: ‌ان‌ المعرفه العقليه اذا قويت ‌و‌ اشتدت تصورت بصوره مطابقه لها، ‌و‌ ربما تعدت ‌من‌ معدن الخيال الى مظهر خارجى كالهواء الصافى فيكون الهواء كالمراه لها فيراها النبى يكلمه معاينه ‌و‌ مشاهده ‌و‌ يسمع كلامها بجارحته السامعه، انتهى.
 قوله: «بهذه الايه» قال الجعبرى: ‌حد‌ الايه قرآن مركب ‌من‌ جمل ‌و‌ لو تقديرا، ‌و‌ مبدء ‌و‌ مقطع مندرج ‌فى‌ صوره ‌و‌ اصلها العلامه.
 ‌و‌ منه ‌ان‌ آيه ملكه لانها علامه للفصل ‌و‌ الصدق، ‌او‌ الجماعه لانها جماعه كلم.
 ‌و‌ قال غيره: الايه طائفه ‌من‌ القرآن منقطعه عما قبلها ‌و‌ ‌ما‌ بعدها.
 ‌و‌ قيل: هى الواحده ‌من‌ المعدودات ‌فى‌ السور، سميت آيه لانها علامه على صدق ‌من‌ اتى بها ‌و‌ على عجز المتحدى بها.
 ‌و‌ قيل: لانها علامه على انقطاع ‌ما‌ قبلها ‌من‌ الكلام ‌و‌ انقطاعه مما بعدها.
 قال الواحدى: ‌و‌ بعض اصحابنا يجوز على هذا القول تسميه اقل ‌من‌ الايه آيه لو ‌لا‌ ‌ان‌ التوقيف ورد بما هى عليه الان.
 قال بعضهم: الصحيح ‌ان‌ الايه انما تعلم بتوقيف ‌من‌ الشارع كمعرفه السوره.
 ‌و‌ قال الزمخشرى: الايات علم توقيفى ‌لا‌ مجال للقياس فيه.
 ‌و‌ اختلف ‌فى‌ وزنها فقال الفراء: وزنها: فعله بسكون العين ‌و‌ اصلها ايه بالتشديد فاستثقلوا التشديد فحذفوه ‌و‌ اشبعوا الفتحه التى قبله.
 ‌و‌ قال الخليل رحمه الله ‌و‌ اصحابه: وزنها فعله بفتح العين ‌و‌ الاصل اييه قلبت الياء الفا لتحركها ‌و‌ انفتاح ‌ما‌ قبلها.
 ‌و‌ قال الكسائى: اصلها آييه فاعله كضاربه، ‌و‌ كان يلزم اليائين الادغام على نحو دابه ‌و‌ خاصه ‌و‌ يكون مستثقلا فحذفوا احدى اليائين.
 قوله: «و ‌ما‌ جعلنا الرويا التى اريناك» اتفق المسلمون على ‌ان‌ الرويا التى يراها النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) بعد النبوه نوع ‌من‌ انواع الوحى.
 قيل: ‌و‌ هى اربعه عشر:
 الاول: الرويا ‌و‌ منه قول ابن ابراهيم (عليه السلام): «يا ابت افعل ‌ما‌ تومر» ‌فى‌ جواب قوله: «يا بنى انى ارى ‌فى‌ المنام انى اذبحك».
 الثانى: النفث ‌فى‌ الروع ‌و‌ منه قوله (صلى الله عليه ‌و‌ آله): ‌ان‌ روح القدس نفث ‌فى‌ روعى، ‌ان‌ نفسا لن تموت حتى تستكمل اجلها ‌و‌ رزقها فاتقوا الله ‌و‌ اجملوا ‌فى‌ الطلب.
 الثالث: ‌ما‌ ياتيه كصلصله الجرس ‌و‌ ‌هو‌ اشد عليه ‌و‌ كان كذلك ليستجمع عند تلك الحاله فيكون اوعى لما يسمع.
 الرابع: ‌ان‌ يتمثل له الملك رجلا كما كان ياتيه ‌فى‌ صوره دحيه الكلبى، ‌و‌ كان دحيه حسن الهيئه ‌و‌ الجمال.
 الخامس: ‌ان‌ يتراى له جبرئيل ‌فى‌ صورته التى خلق عليها، له ستمائه جناح ينتثر منها اللولو ‌و‌ الياقوت.
 السادس: ‌ان‌ ياتيه بمثال احيانا يسمع الصوت ‌و‌ يرى الضوء.
 السابع: ‌ان‌ يكشف له عن حقيقه ‌من‌ الحقائق فيشاهدها بروحه.
 الثامن: ‌ان‌ يسمع كلام الملك ‌و‌ ‌لا‌ يرى شيئا.
 التاسع: ‌ان‌ يكلمه الله ‌من‌ وراء حجاب ‌فى‌ اليقظه كما وقع ‌فى‌ ليله الاسراء.
 العاشر: ‌ان‌ يلقى ‌فى‌ قلبه معنى ‌من‌ المعانى كما قال تعالى: «ان ‌هو‌ الا وحى يوحى» ‌اى‌ الهام.
 الحادى عشر: ‌ان‌ يسمع كدوى النحل كما جاء ‌فى‌ الروايه ‌و‌ يفهم المراد منه.
 الثانى عشر: ‌ان‌ يكون على سبيل الاستنشاق ‌و‌ ‌هو‌ تنسم النفحات الالهيه ‌و‌ تنشق روائح الربوبيه ‌و‌ منه قوله (عليه السلام): «انى لاجد نفس الرحمن ‌من‌ قبل اليمن».
 الثالث عشر: ‌ان‌ يكون على سبيل الملامسه ‌و‌ ‌هو‌ بالاتصال بين النورين، كما روى عن ابن عباس انه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله): «وضع الله كفه بين كتفى فوجدت بردها بين ثديى فعلمت ‌ما‌ ‌فى‌ السماوات ‌و‌ ‌ما‌ ‌فى‌ الارض ثم تلاهذه الايه: «و كذلك نرى ابراهيم ملكوت السماوات ‌و‌ الارض ‌و‌ ليكون ‌من‌ الموقنين».
 الرابع عشر: ‌ما‌ نقل انه (عليه السلام) كان ‌و‌ كل ‌به‌ اسرافيل ثلاث سنين ‌و‌ ياتيه بالكلمه ‌من‌ الوحى ‌و‌ الشى ء ثم ‌و‌ كل ‌به‌ جبرئيل فجاءه بالقرآن.
 ‌و‌ هذا الحصر استقرائى، قال بعضهم: يحتمل ‌ان‌ تكون طرق الوحى سبعين مما وقفنا عليه ‌و‌ مما لم نقف، ‌و‌ يحمل عليه الحديث المشهور:
 «الرويا الصادقه (الصالحه) جزء ‌من‌ سبعين جزءا ‌من‌ النبوه» فتكون الرويا جزءا ‌من‌ ذلك العدد ‌من‌ اجزاء الوحى.
 قوله: «الا فتنه للناس» الفتنه: المحنه ‌و‌ الابتلاء ‌و‌ اصلها ‌من‌ فتنت الذهب ‌و‌ الفضه: اذا احرقتهما بالنار ليتبين الجيد ‌من‌ الردى، ‌و‌ تاتى بمعنى الضلال ‌و‌ العذاب ‌و‌ اختلاف الناس ‌و‌ الكفر ‌و‌ الفضيحه.
 قوله: «و الشجره الملعونه ‌فى‌ القرآن» فيه تقديم ‌و‌ تاخير ‌و‌ التقدير: ‌و‌ ‌ما‌ جعلنا الرويا التى اريناك ‌و‌ الشجره الملعونه ‌فى‌ القران الا فتنه للناس.
 ‌و‌ اللعن: الطرد ‌و‌ الابعاد، لعنه فهو لعين ‌و‌ ملعون اى: المطروده المبعده عن رحمه الله تعالى.
 قال الازهرى: ‌و‌ الشجره الملعونه هى التى كل ‌من‌ ذاقها كرهها ‌و‌ لعنها.
 قال الواحدى: ‌و‌ العرب تقول لكل طعام ضار: ملعون.
 ‌و‌ قرى ء الشجره الملعونه بالرفع على حذف الخبر كانه قيل: ‌و‌ الشجره الملعونه ‌فى‌ القرآن كذلك ‌اى‌ فتنه للناس، فلا يكون فيه تقديم ‌و‌ تاخير، ‌و‌ المراد بجعلها فتنه للناس اختبارهم بها هل يومنون بهذه الرويا فيخافون ‌و‌ يجتنبون هذه الشجره ‌ام‌ لا؟ قوله «و نخوفهم فما يزيدهم الا طفيانا كبيرا» اى: نخوفهم بانواع التخويف ‌من‌ الفتنه ‌و‌ غيرها.
 ‌و‌ الطغيان: مجاوزه الحد، ‌و‌ الغلو ‌و‌ الارتفاع ‌فى‌ الكفر ‌و‌ الاسراف ‌فى‌ المعاصى ‌و‌ الظلم.
 ‌و‌ كبيرا: ‌اى‌ متماديا متجاوزا للحد.
 قوله: «يعنى بنى اميه» تفسير للشجره الملعونه.
 ‌و‌ على هذا فلا يخفى ‌ما‌ ‌فى‌ قوله تعالى: «فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا» ‌من‌ اللطف.
 ‌و‌ اعلم: ‌ان‌ هذا الحديث ثابت الصحه متواتر النقل بين الفريقين، اما ‌من‌ طريق اهل البيت (عليهم السلام) فقد ثبت عند الخاصه ‌من‌ طرق كثيره.
 ‌و‌ اما ‌من‌ طريق الجمهور فقال الفخر الرازى ‌فى‌ تفسيره الكبير: قال سعيد ‌بن‌ المسيب: راى رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) بنى اميه ينزون على منبره نزو القرده فساءه ذلك.
 ‌و‌ قال البيضاوى ‌فى‌ تفسير الرويا: قيل راى قوما ‌من‌ بنى اميه يرقون منبره، ‌و‌ ينزون عليه نزو القرده، فقال: هذا حظهم ‌من‌ الدنيا يعطونه باسلامهم، ‌و‌ على هذا كان المراد بقوله: الا فتنه للناس ‌ما‌ حدث ‌فى‌ ايامهم انتهى.
 ‌و‌ روى الحاكم ‌فى‌ المستدرك: عن مسلم الربعى، عن العلا، عن ابيه، عن ابى هريره قال: ‌ان‌ النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) قال: «اريت ‌فى‌ منامى كان بنى الحكم ‌بن‌ ابى العاص ينزون على منبرى كما تنزو القرده فما روى النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) مستجمعا ضاحكا حتى مات.
 ثم قال صحيح الاسناد على شرط مسلم ذكر ذلك الدميرى ‌فى‌ حياه الحيوان.
 ‌و‌ قال الرازى: ‌فى‌ تفسير الشجره الملعونه: قال ابن عباس: الشجره الملعونه ‌فى‌ القران المراد بها: بنواميه الحكم ‌بن‌ ابى العاص ‌و‌ ولده، قال: راى رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ‌فى‌ المنام ‌ان‌ ولد مروان يتداولون منبره فقص روياه على ابى بكر ‌و‌ عمر ‌و‌ قد خلا ‌فى‌ بيته معهما فلما تفرقوا سمع رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) الحكم يخبر برويا رسول الله فاشتد عليه ذلك فاتهم عمر ‌فى‌ افشاء سره، ثم ظهر ‌ان‌ الحكم كان يتسمع اليهم فنفاه رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله)، قال: ‌و‌ مما يوكد هذا التاويل قول عائشه لمروان: لعن الله اباك ‌و‌ انت ‌فى‌ صلبه، فانت بعض ‌من‌ لعن الله.
 ‌و‌ قال النيسابورى، عن ابن عباس: الشجره الملعونه: بنواميه.
 ‌و‌ ‌فى‌ الكتاب الذى كتبه المعتضد بالله العباسى حين عزم على لعن معاويه ‌بن‌ ابى سفيان على المنابر ‌فى‌ سنه اربع ‌و‌ ثمانين ‌و‌ ماتين ‌و‌ ذكر فيه بنى اميه فقال: ثم انزل الله كتابا فيما انزله على رسوله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) يذكر فيه شانهم ‌و‌ ‌هو‌ قوله تعالى «و الشجره الملعونه ‌فى‌ القرآن» ‌و‌ ‌لا‌ خلاف بين احد انه تبارك ‌و‌ تعالى اراد بها بنى اميه، انتهى.
 العهد: الوقت ‌و‌ الزمان.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: كان ذلك على عهد فلان ‌و‌ هذا حين ذاك، ‌و‌ عهدانه اى: وقته.
 ‌و‌ «على» بمعنى: «فى» فهى ظرفيه كقوله تعالى: «و دخل المدينه على حين غفله» اى: ‌فى‌ حين غفله.
 ‌و‌ قوله: «و اتبعوا ‌ما‌ تتلوا الشياطين على ملك سليمان» ‌اى‌ ‌فى‌ زمن ملكه.
 قوله: «و ‌فى‌ زمنى» ‌من‌ باب عطف الشى ء على مرادفه تاكيدا ‌و‌ ‌هو‌ شائع ‌فى‌ كلامهم.
 قوله: «تدور رحى الاسلام» الرحى مقصوره مونثه: الطاحونه ‌و‌ الالف منقلبه عن ياء تقول: هما رحيان ‌و‌ كل ‌من‌ مد قال: رحاء ‌و‌ رحاء ‌ان‌ ‌و‌ ارحيه، مثل غطاء ‌و‌ غطاء ‌ان‌ ‌و‌ اعطيه.
 قال الجوهرى: ‌و‌ ‌لا‌ ادرى ‌ما‌ حجته ‌و‌ ‌ما‌ صحته؟.
 يقال: دارت رحى الحرب اذا قامت على ساقها، ‌و‌ ‌هو‌ كنايه عن الالتحام ‌و‌ الاشتداد. ‌و‌ المراد قوام امر الاسلام ‌و‌ ثباته على سنن الاستقامه ‌و‌ البعد عن احداثات الظلمه. ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ باب الاستعاره التحقيقيه المرشحه، شبه امر الاسلام القائم بصاحبه بالرحى القائمه على قطبها بجامع الاستقامه فاستعار له الرحى، ‌و‌ قرنها بمايلائم المستعار منه ‌و‌ ‌هو‌ الدوران ‌و‌ هذا ‌هو‌ الترشيح.
 قوله: «من مهاجرك» بفتح الجيم على صيغه اسم المفعول: اسم زمان اى: وقت هجرتك، ‌و‌ يرد بمعنى اسم المكان ايضا، لكن الاول ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ من: ابتدائيه ‌اى‌ ‌من‌ ابتداء وقت هجرتك.
 قال ابن عبدالبر ‌فى‌ الاستيعاب: اذن الله له ‌فى‌ الهجره الى المدينه يوم الاثنين، ‌و‌ كانت هجرته ‌فى‌ ربيع الاول ‌و‌ ‌هو‌ ابن ثلاث ‌و‌ خمسين سنه. ‌و‌ قدم المدينه يوم الاثنين قريبا ‌من‌ نصف النهار ‌فى‌ الضحى الاعلى ‌لا‌ ثنتى عشره خلت ‌من‌ ربيع الاول ‌و‌ قيل: غير ذلك.
 قوله: «فتلبث بذلك عشرا» لبث يلبث كسمع يسمع اى: مكث ‌و‌ مصدره اللبث بالضم ‌و‌ السكون، ‌و‌ ‌هو‌ نادر لان المصدر ‌من‌ فعل بالكسر قياسه اذا لم يتعد ‌ان‌ يكون بالتحريك كتعب تعبا، ‌و‌ الاشاره بذلك الى الدوران المفهوم ‌من‌ قوله: تدور رحى الاسلام.
 ‌و‌ الباء: للملابسه اى: متلبسه بذلك عشرا اى: عشر سنين هى مده حياته صلى الله عليه ‌و‌ آله بعد هجرته ‌من‌ مكه الى المدينه ‌و‌ زمان نبوته ‌فى‌ المدينه.
 روى ابومحمد عبدالله ‌بن‌ الخشاب ‌فى‌ كتاب تاريخ مواليد اهل البيت (عليهم السلام) ‌و‌ وفياتهم: باسناده عن ابى جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «قبض رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ ‌هو‌ ابن ثلاث ‌و‌ ستين سنه ‌فى‌ سنه عشر ‌من‌ الهجره فكان مقامه بمكه اربعين سنه ثم نزل عليه الوحى ‌فى‌ تمام الاربعين، ‌و‌ كان بمكه ثلاث عشره سنه، ثم هاجر الى المدينه ‌و‌ ‌هو‌ ابن ثلاث ‌و‌ خمسين سنه، ‌و‌ قبض صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌فى‌ شهر ربيع الاول يوم الاثنين لليلتين خلتا منه، انتهى.
 ‌و‌ ‌لا‌ ‌شك‌ ‌ان‌ رحى الاسلام لم تزل تدور ‌فى‌ زمانه ‌و‌ مده حياته ‌فى‌ دار هجرته ‌و‌ لم يحدث ‌فى‌ الاسلام حدث بل اظهره الله على الدين كله ‌و‌ لو كره المشركون.
 قوله: «ثم تدور رحى الاسلام» المعطوف عليه محذوف ‌و‌ التقدير: فتقف ثم تدور، ‌و‌ حذف المعطوف عليه ليس بعزيز، فقد قيل ‌فى‌ قوله تعالى: «فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت» ‌ان‌ التقدير: فضرب فانفجرت، بل جوزوا حذف اكثر ‌من‌ ذلك فقالوا ‌فى‌ قوله تعالى: «فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحى الله الموتى» ‌ان‌ التقدير: فضربوه فحيى، فقلنا: كذلك، ‌و‌ ‌فى‌ قوله تعالى «فقلنا اذهبا الى القوم الذين كذبوا باياتنا فدمرناهم» ‌ان‌ تقديره: فاتياهم فابلغاهم الرساله فكذبوهما فدمرناهم.
 قوله: «على راس خمس ‌و‌ ثلاثين ‌من‌ مهاجرك» اى: خمس ‌و‌ ثلاثين سنه هى مده كونه صلى الله عليه ‌و‌ آله بالمدينه ‌و‌ هى عشر سنين كما مر، ‌و‌ مده المتغلبين على الخلافه ‌و‌ هى خمس ‌و‌ عشرون سنه فتلك خمس ‌و‌ ثلاثون فان مده خلافه الاول كانت سنتين ‌و‌ سبعه اشهر، ‌و‌ مده خلافه الثانى عشر سنين ‌و‌ سته اشهر، ‌و‌ مده خلافه الثالث احدى عشره سنه واحد عشر شهرا، فهذه خمس ‌و‌ عشرون سنه تعطلت فيه رحى الاسلام اذ لم يكن لها قطب تدور عليه، ‌و‌ الى ذلك اشار اميرالمومنين (عليه السلام) بقوله ‌فى‌ الخطبه الشقشقيه: «و الله لقد تقمصها ابن ابى قحافه ‌و‌ انه ليعلم ‌ان‌ محلى منها محل القطب ‌من‌ الرحى».
 قوله: «فتلبث بذلك خمسا» هى مده خلافه اميرالمومنين صلوات الله عليه حيث رجع الحق الى نصابه ‌و‌ استقر الامر ‌فى‌ مستقره ‌و‌ استوت رحى الاسلام على قطبها.

و ‌فى‌ معنى هذا الحديث ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام باسناده عن ابى عبدالله (عليه السلام) ‌فى‌ قوله تعالى: «و حسبوا الا تكون فتنه» قال: حيث كان النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) بين اظهرهم فعموا ‌و‌ صموا حيث قبض (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ثم تاب الله عليهم حيث قام اميرالمومنين (عليه السلام) قال: ثم عموا ‌و‌ صموا الى الساعه.
 قوله: «ثم لابد» اى: ‌لا‌ محيد ‌و‌ ‌لا‌ محاله، ‌و‌ ‌لا‌ يعرف استعماله الا مقرونا بالنفى.
 قال الزمخشرى: ‌هو‌ فعل ‌من‌ التبديد ‌و‌ ‌هو‌ التفريق ‌و‌ معنى لابد انك تفعل كذا: ‌لا‌ بعد لك ‌من‌ فعله.
 قوله: «من رحى ضلاله هى قائمه على قطبها» قطب الرحى على وزن قفل. مسمارها الذى عليه تدور.
 ‌و‌ هذا اشاره الى ملك بنى اميه الذين اولهم معاويه ‌بن‌ ابى سفيان ‌و‌ آخرهم مروان ‌بن‌ محمد ‌بن‌ مروان المنبوز بالحمار، ‌و‌ كانوا اربعه عشر رجلا، ‌و‌ اليهم اشار اميرالمومنين (عليه السلام) بقوله ‌فى‌ نهج البلاغه: «و الله ‌لا‌ يزالون حتى ‌لا‌ يدعوا لله محرما الا استحلوه ‌و‌ ‌لا‌ عقدا الا حلوه ‌و‌ حتى ‌لا‌ يبقى بيت مدر ‌و‌ ‌لا‌ ‌و‌ ‌بر‌ الا دخله ظلمهم ‌و‌ نبا ‌به‌ سوء رعيهم ‌و‌ حتى يقوم الباكيان: باك يبكى لدينه ‌و‌ باك يبكى لدنياه».
 قوله: «ثم ملك الفراعنه» جمع فرعون، ‌و‌ ‌هو‌ اعجمى قيل: وزنه فعلون، ‌و‌ قيل: فعلول، ‌و‌ ‌هو‌ اسم التمساح بلغه القبط، ‌و‌ لقب ‌به‌ ثلاثه ‌من‌ ملوك مصر، ‌و‌ هم: فرعون الخليل ‌و‌ اسمه سنان، ‌و‌ فرعون يوسف ‌و‌ اسمه الريان ‌بن‌ الوليد، ‌و‌ فرعون موسى ‌و‌ اسمه: الوليد ‌بن‌ مصعب.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ لقب كل ‌من‌ ملك مصر، ‌و‌ يلقب ‌به‌ كل عات متمرد، ‌و‌ يقال منه. (تفرعن) اذا تخلق باخلاق الفراعنه، ‌و‌ ملك مرفوع على انه فاعل لفعل محذوف، ‌اى‌ ثم يكون ملك الفراعنه، ‌او‌ على انه مبتدا محذوف الخبر، ‌اى‌ ثم ملك الفراعنه كائن، ‌و‌ هذا اشاره الى ملك بنى العباس الذين اولهم عبدالله السفاح ‌بن‌ محمد ‌بن‌ على ‌بن‌ عبدالله ‌بن‌ العباس، ‌و‌ آخرهم ابواحمد عبدالله المستعصم ‌بن‌ ابى جعفر منصور المستنصر، ‌و‌ كانت عدتهم سبعه ‌و‌ ثلاثين رجلا، ‌و‌ مدتهم خمسمائه ‌و‌ اربعا ‌و‌ عشرين سنه. ‌و‌ كان انقضاء دولتهم سنه ست ‌و‌ خمسين ‌و‌ ستمائه، ‌و‌ انما لقبهم بالفراعنه لما كانوا عليه ‌من‌ العتو ‌و‌ التمرد ‌و‌ التفرعن.
 روى: ‌ان‌ سفيان الثورى قال يوما لجعفر ‌بن‌ يحيى وزير الرشيد: ‌يا‌ هامان فسمعها الرشيد فقال لجعفر: ‌و‌ الله ‌ما‌ جعلك هامان حتى جعلنى فرعون.
 مضمون هذا الحديث ورد ‌من‌ طريق العامه ايضا.
 قال الفخر الرازى ‌فى‌ تفسيره الكبير: روى القاسم ‌بن‌ الفضل، عن عيسى ‌بن‌ ماذره قال: قلت للحسن ‌يا‌ مسود وجوه المومنين عمدت الى هذا الرجل فبايعته يعنى معاويه فقال: ‌ان‌ رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ارى ‌فى‌ منامه بنى اميه يطاون منبره واحدا بعد واحد، ‌و‌ ‌فى‌ روايه ينزون على منبره نزو القرده، فشق ذلك عليه فانزل الله تعالى: «انا انزلناه ‌فى‌ ليله القدر» الى قوله «خير ‌من‌ الف شهر» يعنى: ملك بنى اميه، قال القاسم: فحسبنا ملك بنى اميه فاذا ‌هو‌ الف شهر ‌لا‌ يزيد ‌و‌ ‌لا‌ ينقص، انتهى.
 ‌و‌ قال ابن الاثير ‌فى‌ جامع الاصول: قد جاء ‌فى‌ متن الحديث ‌ان‌ مده ولايه بنى اميه كانت الف شهر ‌و‌ انما هى التى اراد الله تعالى بقوله:
 «ليله القدر خير ‌من‌ الف شهر» ‌و‌ الف شهر: هى ثلاث ‌و‌ ثمانون سنه ‌و‌ اربعه اشهر، ‌و‌ كان اول استقلال بنى اميه ‌و‌ انفرادهم بالامر منذ بيعه الحسن ‌بن‌ على (عليهماالسلام) لمعاويه ‌بن‌ ابى سفيان، ‌و‌ ذلك على راس اربعين سنه ‌من‌ الهجره ‌و‌ كان انقضاء دولتهم على يد ابى مسلم الخراسانى ‌فى‌ سنه اثنين ‌و‌ ثلاثين ‌و‌ مائه، ‌و‌ ذلك اثنتان ‌و‌ تسعون سنه تسقط منها خلافه عبدالله ‌بن‌ الزبير، ‌و‌ هى ثمان سنين ‌و‌ ثمانيه اشهر تبقى ثلاث ‌و‌ ثمانون سنه ‌و‌ اربعه اشهر ‌و‌ هى الف شهر، ‌و‌ كذلك قال ‌فى‌ الحديث: فحسبناها فلم تزد ‌و‌ لم تنقص، انتهى.
 قال الفخر الرازى: طعن القاضى ‌فى‌ هذا الوجه فقال: ‌ما‌ ذكر ‌من‌ الف شهر ليس ‌فى‌ ايام بنى اميه لانه تعالى ‌لا‌ يذكر فضلها بذكر الف شهر مذمومه ‌و‌ ايام بنى اميه مذمومه، قال: ‌و‌ هذا الطعن باطل لان ايام بنى اميه كانت اياما عظيمه بحسب السعادات الدنيويه فلا يمتنع ‌ان‌ يقول الله تعالى انى اعطيتك ليله هى ‌فى‌ السعادات الدينيه افضل ‌من‌ تلك الايام ‌فى‌ السعادات الدنيويه، انتهى.
 قوله: «انا انزلناه ‌فى‌ ليله القدر» الضمير ‌فى‌ انزلناه: للقرآن نوه بشانه باضماره ‌من‌ غير ذكر شهاده له بغايه شهرته ‌و‌ نباهته المغنيه عن التصريح حتى كانه حاضر ‌فى‌ جميع الاذهان كما عظمه باسناد انزاله الى نون العظمه المنبى ء عن كمال العنايه ‌به‌ ‌و‌ فخم الوقت الذى انزل فيه بقوله: ‌و‌ ‌ما‌ ادريك ‌ما‌ ليله القدر، لما فيه ‌من‌ الدلاله على ‌ان‌ علو قدرها خارج عن دائره درايه الخلق ‌لا‌ يدريها الا علام الغيوب، ‌و‌ المراد انزاله كله فيها الى السماء الدنيا على السفره ‌او‌ الى اللوح المحفوظ، ثم نزل ‌به‌ الروح الامين الى النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) نجوما ‌فى‌ مده ثلاث ‌و‌ عشرين سنه.
 قوله: «و ‌ما‌ ادريك ‌ما‌ ليله القدر» (ما) الاولى: مبتدا، ‌و‌ ادريك: خبره قدم للزومه الصدر بتضمنه الاستفهام، ‌و‌ ليله القدر: مبتدا ‌لا‌ بالعكس كما ‌هو‌ راى سيبويه، لان مناط الافاده بيان ‌ان‌ ليله القدر امر بديع كما يفيده كون (ما) خبرا، ‌لا‌ ‌ان‌ امرا بديعا ليله القدر كما يفيده كونها مبتدا ‌و‌ كون ليله القدر خبرا، ‌و‌ الاصل ‌ما‌ هى فوضع الظاهر موضع الضمير لكونه ادخل ‌فى‌ التفهيم ‌و‌ المعنى: ‌اى‌ شى ء اعلمك، ‌ما‌ ليله القدر؟ تعجيبا للسامع ‌من‌ شانها ‌فى‌ الفخامه ‌و‌ الشرف ببيان خروجها عن دائره علوم المخلوقين على معنى ‌ان‌ عظم شانها ‌و‌ مدى شرفها ‌لا‌ تكاد تبلغه درايه احد ‌و‌ ‌لا‌ ‌و‌ همه. ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل نصب بنزع الخافض لان ادرى يتعدى الى المفعول الثانى بالباء كقوله تعالى: «و ‌لا‌ ادريكم به» فلما وقعت جمله الاستفهام معلقه له كانت ‌فى‌ موضع المفعول الثانى ‌و‌ الله اعلم.
 قوله: «ليله القدر خير ‌من‌ الف شهر» اظهر ليله القدر هنا ايضا ‌و‌ لم يضمرها تاكيدا للتفخيم، ‌و‌ تحقيقا للتعظيم، ‌و‌ الجمله استيناف مسوق لبيان فضلها ‌و‌ شرفها وقع جوابا عن استفهام نشا عما قبله كانه قيل: ‌ما‌ هى؟ اى: ‌اى‌ شى ء هى ‌فى‌ حالتها ‌و‌ صفتها فان (ما) ‌و‌ ‌ان‌ كانت موضوعه لطلب الحقيقه ‌و‌ شرح الاسم لكنها قد يطلب بها الصفه ‌و‌ الحال نقول: ‌ما‌ زيد؟ فيقال: كاتب ‌او‌ شاعر، فقيل: ليله القدر خير ‌من‌ الف شهر، فبين فضلها ‌و‌ شرفها.
 ‌و‌ سنستوفى الكلام على ‌ما‌ يتعلق بليله القدر ‌فى‌ دعاء دخول شهر رمضان انشاء الله تعالى.
 قوله: «ليس فيها ليله القدر» جمله نعتيه لالف شهر، ‌او‌ حاليه اى: خير ‌من‌ الف شهر حال كونها خاليه ‌من‌ ليله القدر.
 قال بعضهم: يحتمل ‌ان‌ المراد انه ليس ‌فى‌ تلك الشهور ليله القدر ‌و‌ ‌ان‌ الله تعالى رفعها، ‌او‌ انها خير منها ‌ما‌ عدا ليله القدر.
 ‌و‌ الاول: اقرب الى اللفظ.
 ‌و‌ الثانى: اقرب باعتبار ‌ما‌ ‌دل‌ ‌من‌ الاحاديث على وجودها ‌فى‌ زمن كل امام، انتهى.
 ‌و‌ قيل: معناه ليس لبنى اميه فيها ليله القدر لاختصاصها برسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ‌و‌ باهل بيته ‌من‌ بعده بنزول الامر لهم فيها ‌و‌ بشيعتهم بتضاعف حسناتهم فيها، انتهى.
 قلت: ‌و‌ يويده ‌ما‌ روى عن ابى جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال: «و ايم الله ‌من‌ صدق بليله القدر ليعلم انها لنا خاصه»
 قوله: «تملك سلطان هذه الامه ‌و‌ ملكها» السلطان هنا: بمعنى الولايه ‌و‌ السلطنه، ‌و‌ يطلق على الشخص صاحب الولايه، ‌و‌ اشتقاقه ‌من‌ السليط بمعنى الدهن، لاضاءته ‌و‌ ظهوره، ‌و‌ الامه: اتباع النبى، ‌و‌ الجمع: امم، مثل غرفه ‌و‌ غرف.
 ‌و‌ الملك بالضم: اسم ‌من‌ ملك على الناس امرهم اذا تولى السلطنه عليهم فهو ملك بكسر اللام، ‌و‌ يخفف بالسكون.
 ‌و‌ المده بالضم: البرهه ‌من‌ الزمان تقع على القليل ‌و‌ الكثير.
 الفاء: سببيه اى: فبسبب ذلك لو طاولتهم الجبال الى آخره، لطالوا عليها.
 ‌و‌ المطاوله: مفاعله ‌من‌ الطول بالضم ‌و‌ ‌هو‌ الامتداد، ‌و‌ لما كانت الجبال يضرب بها المثل ‌فى‌ الطول كما قال تعالى: «انك لن تخرق الارض ‌و‌ لن تبلغ الجبال طولا».
 ‌و‌ قال اميرالمومنين (عليه السلام) ‌فى‌ وصفها: «و الجبال ذات الطول المنصوبه، فلا اطول ‌و‌ ‌لا‌ اعرض ‌و‌ ‌لا‌ اعلى ‌و‌ ‌لا‌ اعظم منها، ‌و‌ لو امتنع شى ء بطول ‌او‌ عرض ‌او‌ قوه ‌او‌ ‌عز‌ ‌لا‌ متنعن».
 جعل طولهم عليها لو طاولتهم: كنايه عن كمال اقتدارهم ‌و‌ شده تسلطهم ‌و‌ غلبتهم على ‌من‌ يغالبهم ‌فى‌ تلك المده، ‌و‌ عدى (طالوا) ب(على) مع ‌ان‌ المعروف طاولنى فطلته لتضمينه معنى ظهروا ‌او‌ قدروا اى: لطالوها ظاهرين ‌او‌ قادرين عليها.
 ‌و‌ اما ‌ما‌ قاله بعض طلبه العجم: ‌ان‌ المطاوله هنا ‌من‌ الطول بالفتح ‌و‌ ‌هو‌ الغنى ‌و‌ الثروه ‌و‌ السعه يعنى: ‌ان‌ ثروه بنى اميه ‌و‌ غناهم بحسب الدنيا كان اكثر ‌من‌ ثروه الجبال ‌و‌ غناها اى: ‌من‌ الثروه ‌و‌ الغنى الذين يحصلان لاصحاب المعادن النفيسه الواقعه ‌فى‌ الجبال ‌من‌ الفلزات ‌و‌ الجواهر، انتهى.
 فلا يخفى بعده ‌و‌ سخافته.
 قوله: «حتى ياذن الله بزوال ملكهم» اى: حتى يريده، ‌او‌ حتى يامر ‌به‌ على تفسير الاذن بالاراده، ‌او‌ بالامر، ‌و‌ صدق هذا الكلام ظاهر فانه لم يخرج عليهم خارج ‌و‌ ‌لا‌ قام لازاله ملكهم قائم الا ‌و‌ ظفروا عليه ‌و‌ قهروه حتى اراد الله زوال ملكهم، فاختلفت كلمتهم ‌و‌ تضعضع امرهم فزالت دولتهم ‌و‌ ذهبت كرماد اشتدت ‌به‌ الريح ‌فى‌ يوم عاصف.
 ‌و‌ ‌من‌ كلام اميرالمومنين (عليه السلام):
 «ان لبنى اميه مرودا يجرون فيه ‌و‌ لو قد اختلفوا بينهم، ثم كادتهم الضباع لغلبتهم».
 ‌و‌ المرود هنا: مفعل ‌من‌ الا رواد ‌و‌ ‌هو‌ الامهال ‌و‌ الانظار. شبه المهله التى ‌هم‌ فيها بالمضمار الذى يجرون فيه الى الغايه فاذا بلغوا منقطعها انقطع نظامهم.
 ‌فى‌ ذلك: ‌اى‌ ‌فى‌ المذكور ‌من‌ مده ملكهم.
 يستشعرون عداوتنا: ‌اى‌ يجعلونها شعارا لهم، ‌و‌ ‌هو‌ مايلى الجسد ‌و‌ يلاصقه ‌من‌ الثياب الذى ‌لا‌ ينزع اذا نزع ‌ما‌ فوقه ‌من‌ الدثار كانهم جعلوا عداوتهم ‌لا‌ صقه بهم ‌و‌ لازمه لهم.
 ‌او‌ ‌هو‌ ‌من‌ الشعار بمعنى العلامه اى: يجعلونها علامه لهم، ‌او‌ بمعنى يضمرون عداوتنا ‌من‌ قولهم: استشعر فلان خوفا اى: اضمره.
 قوله: «اهل البيت» منصوب على الاختصاص ‌و‌ ‌هو‌ مفعول ‌به‌ ‌و‌ ناصبه لفظ اخص محذوفا وجوبا حملا له على المنادى لشبهه له ‌فى‌ الجمله.
 قوله: «وشيعتهم» شيعه الرجل بالكسر: اتباعه ‌و‌ انصاره، ‌و‌ كل قوم اجتمعوا على امر فهم شيعه، ‌و‌ تطلق على الواحد ‌و‌ الاثنين ‌و‌ الجمع ‌و‌ المذكر، ‌و‌ قد غلب هذا الاسم على ‌من‌ يتوالى عليا ‌و‌ اهل بيته (عليهم السلام) حتى صار اسما لهم خاصا، فاذا قيل: فلان ‌من‌ الشيعه، عرف انه منهم. ‌و‌ ‌فى‌ مذهب الشيعه اى: مذهبهم.
 ‌و‌ مصداق هذا الخبر ‌ما‌ روى عن ابى جعفر محمد ‌بن‌ على الباقر (عليهماالسلام) انه قال ‌من‌ جمله حديث: لم نزل اهل البيت نستذل ‌و‌ نستضام ‌و‌ نقصى ‌و‌ نمتهن ‌و‌ نحرم ‌و‌ نقتل ‌و‌ نخاف ‌و‌ ‌لا‌ نامن على دمائنا ‌و‌ دماء اوليائنا، ‌و‌ وجد الكاذبون الجاحدون، لكذبهم ‌و‌ جحودهم موضعا يتقربون ‌به‌ الى اوليائهم ‌و‌ قضاه السوء ‌و‌ عمال السوء ‌فى‌ كل بلده، فحدثوهم بالاحاديث الموضوعه المكذوبه ‌و‌ رووا عنا ‌ما‌ لم نقله ‌و‌ لم نفعله ليبغضونا الى الناس، ‌و‌ كان عظم ذلك ‌و‌ كبره ‌فى‌ زمن معاويه بعد موت الحسن (عليه السلام) فقتلت شيعتنا بكل بلده ‌و‌ قطعت الايدى ‌و‌ الارجل على الظنه، ‌من‌ ذكر بحبنا ‌و‌ الانقطاع الينا سجن ‌او‌ نهب ماله ‌او‌ هدمت داره ثم لم يزل البلاء يشتد ‌و‌ يزداد الى زمان عبيدالله ‌بن‌ زياد قاتل الحسين (عليه السلام)، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله ‌و‌ اخذهم بكل ظنه حتى ‌ان‌ الرجل ليقال له زنديق ‌او‌ كافر احب اليه ‌من‌ ‌ان‌ يقال له: شيعه على، انتهى.
 ‌و‌ روى ابوالحسن ‌بن‌ محمد ‌بن‌ يوسف المدائنى ‌فى‌ كتاب الاحداث: قال:
 كتب معاويه نسخه واحده الى عماله بعد عام الجماعه: ‌ان‌ برئت الذمه ممن روى شيئا ‌من‌ فضل ابى تراب ‌و‌ اهل بيته، فقامت الخطباء ‌فى‌ كل كوره ‌و‌ على كل منبر يلعنون عليا ‌و‌ يبروون منه ‌و‌ يقعون فيه ‌و‌ ‌فى‌ اهل بيته، ‌و‌ كان اشد الناس بلاء حينئذ اهل الكوفه لكثره ‌من‌ بها ‌من‌ الشيعه فاستعمل عليهم زياد ‌بن‌ سميه، ‌و‌ ‌هو‌ بهم عارف لانه كان منهم ايام على (عليه السلام) فقتلهم تحت كل حجر ‌و‌ مدر ‌و‌ اخافهم ‌و‌ قطع الايدى ‌و‌ الارجل ‌و‌ سمل العيون ‌و‌ صلبهم على جذوع النخل ‌و‌ شردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم، ثم كتب الى عماله نسخه واحده الى جميع البلدان انظروا ‌من‌ قامت عليه البينه انه يحب عليا ‌و‌ اهل بيته فامحوه ‌من‌ الديوان ‌و‌ اسقطوا عطاءه ‌و‌ رزقه ‌و‌ شفع ذلك بنسخه اخرى ‌من‌ اتهمتموه لموالاه هولاء القوم فنكلوا ‌به‌ ‌و‌ اهدموا داره فلم يكن البلاء اشد ‌و‌ ‌لا‌ اكثر منه بالعراق ‌و‌ ‌لا‌ سيما بالكوفه حتى ‌ان‌ الرجل ‌من‌ الشيعه لياتيه ‌من‌ يثق ‌به‌ فيدخل بيته فيلقى اليه سره ‌و‌ يخاف ‌من‌ خادمه ‌و‌ مملوكه ‌و‌ ‌لا‌ يحدثه حتى ياخذ عليه الايمان الغليظه ليكتمن عليه فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن ‌بن‌ على (عليهماالسلام) فازداد البلاء ‌و‌ الفتنه فلم يبق احد ‌من‌ هذا القبيل الا خائف على دمه ‌او‌ طريد ‌فى‌ الارض، ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسين (عليه السلام)، ‌و‌ ولى عبدالملك ‌بن‌ مروان فاشتد على الشيعه، ‌و‌ ولى عليهم الحجاج ‌بن‌ يوسف ففعل الفواقر ‌و‌ الدواهى ‌و‌ تقرب اليه اهل النسك ‌و‌ الصلاح ببغض على ‌و‌ اهل بيته (عليهم السلام) ‌و‌ موالاه اعدائهم، حتى ‌ان‌ انسانا وقف له ‌و‌ يقال: انه جد الاصمعى عبدالملك ‌بن‌ قريب فصاح ‌به‌ ايها الامير: ‌ان‌ اهلى عقونى فسمونى عليا، ‌و‌ انى فقير بائس ‌و‌ انا الى صله الامير محتاج فتضاحك له الحجاج ‌و‌ قال للطف ‌ما‌ توسلت ‌به‌ قد وليتك موضع كذا، انتهى ملخصا.
 الم تر: الهمزه للتقرير، ‌و‌ معناه حمل المخاطب على الاقرار ‌و‌ الاعتراف بامر قد استقر عنده ثبوته ‌او‌ نفيه ‌و‌ ‌هو‌ هنا تقرير لمن سمع بقصتهم ‌من‌ اهل الكتاب ‌و‌ ارباب الاخبار ‌و‌ تعجيب ‌من‌ حالهم ‌و‌ شانهم البديع فان سماعهم لها بمنزله الرويه النظريه ‌او‌ العلميه ‌او‌ لكل احد ممن له حظ ‌فى‌ الخطاب ايذانا بان قصتهم ‌من‌ الشهره ‌و‌ الشياع بحيث يحق لكل احد ‌ان‌ يحمل على الاقرار برويتهم ‌و‌ سماع قصتهم ‌و‌ يعجب بها ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن ممن رآهم ‌او‌ سمع بقصتهم فان هذا الكلام قد جرى مجرى المثل ‌فى‌ مقام التعجب لما انه شبه حال غير الرائى بشى ء عجيب بحال الرائى له بناء على ادعاء ظهور امره ‌و‌ جلائه بحيث استوى ‌فى‌ ادراكه الشاهد ‌و‌ الغائب ثم اجرى الكلام معه كما يجرى مع الرائى قصد الى المبالغه ‌فى‌ شهرته ‌و‌ عراقته ‌فى‌ التعجب ‌و‌ تعديه الرويه ب(الى) على تقدير كونها بمعنى الابصار باعتبار معنى النظر ‌و‌ على تقدير كونها بمعنى العلم لتضمين معنى الوصول ‌و‌ الانتهاء على معنى: الم ينته علمك اليهم.
 ‌و‌ على هذا يجوز ‌ان‌ يكون النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) لم يعرف هذه القصه الا بهذه الايه ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يقال: كان العلم بها سابقا على نزول الايه، ثم انه تعالى انزل الايه على وفق ذلك.
 قوله تعالى: «بدلوا نعمه الله كفرا» اى: شكر نعمته بان وضعوا موضعه كفرا عظيما لان التنكير للتعظيم ‌او‌ بدلوا نفس النعمه كفرا فانهم لما كفروا بها سلبوها فصاروا مستبدلين بها كفرا.
 ‌و‌ احلوا اى: انزلوا قومهم الذين شايعوهم على الكفر بحملهم عليه، ‌و‌ عدم التعرض لحلولهم لدلاله الا حلال عليه اذ ‌هو‌ فرع الحلول كقوله تعالى: «يقدم قومه يوم القيامه فاوردهم النار»
 ‌و‌ البوار: الهلاك الذى ‌لا‌ هلاك وراءه.
 ‌و‌ جهنم: عطف بيان «لدار البوار» ‌و‌ ‌فى‌ الابهام، ثم البيان ‌ما‌ ‌لا‌ يخفى ‌من‌ التهويل ‌و‌ يصلونها: حال منها ‌او‌ ‌من‌ قومهم اى: داخلين فيها مقاسين لحرها، يقال: صلى النار ‌و‌ بها صليا، ‌من‌ باب تعب: اذا وجد حرها، ‌او‌ هى استيناف لبيان كيفيه الحلول، ‌او‌ مفسره لفعل يقدر ناصبا لجهنم، ‌و‌ بئس القرار: على حذف المخصوص بالذم اى: ‌و‌ بئس المقر جهنم، فيكون القرار مصدرا سمى به، ‌او‌ بئس القرار قرارهم فيها، ‌و‌ فيه بيان ‌ان‌ حلولهم ‌و‌ صليهم على وجه الدوام ‌و‌ الاستمرار.

هذا تفسير للنعمه المذكوره ‌فى‌ الايه، ‌و‌ النعمه بالكسر ‌فى‌ الاصل: الحاله التى يستلذ بها الانسان ‌من‌ النعمه بالفتح ‌و‌ هى اللين، ثم اطلقت لغه: على ‌ما‌ يستلذه الانسان ‌من‌ طيبات الدنيا، ‌و‌ عرفا: على المنفعه المقصود بها الاحسان.
 ‌و‌ اعلم ‌ان‌ نعم الله تعالى ‌و‌ ‌ان‌ كان احصاوها مستحيلا كما قال الله تعالى: «و ‌ان‌ تعدوا نعمه الله ‌لا‌ تحصوها» تنحصر ‌فى‌ جنسين: دنيوى ‌و‌ اخروى.
 ‌و‌ الاول: قسمان: ‌و‌ هبى ‌و‌ كسبى.
 ‌و‌ الوهبى ايضا قسمان: روحانى كنفخ الروح فيه ‌و‌ امداده بالعقل ‌و‌ ‌ما‌ يتبعه ‌من‌ القوى المدركه فانها مع كونها ‌من‌ قبيل الهدايات نعم جليله ‌فى‌ انفسها.
 ‌و‌ جسمانى: كتخليق البدن ‌و‌ القوى الحاله فيه ‌و‌ الهيئات العارضه له ‌من‌ الصحه ‌و‌ سلامه الاعضاء.
 ‌و‌ الكسبى: كتخليه النفس عن الرذائل ‌و‌ تحليتها بالفضائل ‌من‌ الاخلاق السنيه ‌و‌ الملكات البهيه ‌و‌ تزيين البدن بالهيئات المطبوعه ‌و‌ الحلى المرضيه ‌و‌ حصول الجاه ‌و‌ المال.
 ‌و‌ الثانى: مغفره ‌ما‌ فرط منه ‌و‌ الرضا عنه ‌و‌ تبويئه ‌فى‌ اعلا عليين مع الملائكه المقربين ابدا الابدين.
 ‌و‌ لكل ‌من‌ الجنسين اعنى: الدنيوى ‌و‌ الاخروى اصل، فاصل الدنيوى الوجود ‌و‌ الحياه المستتبعه لكل المنافع.
 ‌و‌ اصل الاخروى: الايمان المستلزم لجميع الخيرات ‌و‌ السعادات.
 اذا عرفت ذلك فمحمد ‌و‌ اهل بيته (عليهم السلام) سبب لكل واحد ‌من‌ هذين الاصلين.
 اما الاخروى الذى ‌هو‌ الايمان فظاهر.
 ‌و‌ اما الدنيوى الذى ‌هو‌ الوجود فلانهم السبب ‌فى‌ وجود الخلق لان الارض ‌و‌ ‌ما‌ فيها انما خلقت لاجلهم ‌و‌ ‌هم‌ غايه ذاتيه لخلقها كما ورد عنه عليه الصلاه ‌و‌ السلام انه قال: «لو ‌لا‌ انا ‌و‌ انت ‌يا‌ على ‌ما‌ خلق الله الخلق».
 ‌و‌ بيان ذلك اجمالا: انه تعالى جعل كل ‌ما‌ ‌هو‌ اشرف ‌و‌ اعلى ‌فى‌ الموجودات سببا كماليا ‌و‌ عله غائيه لما ‌هو‌ اخس ‌و‌ ادنى، فخلق الارض للنبات ‌و‌ النبات للحيوان، ‌و‌ الحيوان للانسان كما قال تعالى مخاطبا للانسان: «خلق لكم ‌ما‌ ‌فى‌ الارض جميعا».
 ‌و‌ آخر درجه الانسان الذى ‌هو‌ غايه هذه الاكوان ‌هو‌ الانسان الكامل الذى ‌هو‌ سلطان العالم الارضى ‌و‌ خليفه الله ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌هو‌ محمد (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ‌و‌ بعده اهل بيته ‌من‌ الائمه المعصومين (عليهم السلام) واحدا بعد واحد، ‌و‌ لذلك ورد عنهم (عليهم السلام): «لو بقيت الارض بغير امام لساخت» لانها انما خلقت لاجله ‌و‌ كلما خلق لاجله شى ء فمتى لم يكن لم يكن ذلك الشى ء.
 فظهر ‌ان‌ محمدا ‌و‌ اهل بيته صلوات الله عليهم نعمه الله التى ‌لا‌ يوازيها شى ء ‌من‌ نعمه لانها اصل كل نعمه ‌و‌ سبب كل احسان.
 قوله: «حبهم ايمان» الحب: ميل القلب الى ‌ما‌ يلائمه، ‌و‌ ‌هو‌ اما لحسنه ‌فى‌ الظاهر كالصور الجميله، ‌او‌ ‌فى‌ الباطن كحسن بواطن الصالحين ‌و‌ شرافه نفوسهم، ‌او‌ لاحسانه بجلب نفع ‌او‌ دفع ضر كاحسان الناس بعضهم الى بعض، ‌او‌ ‌لا‌ عظامه كاعظام الولد والده، ‌او‌ للاشفاق عليه بحسب الجبله ‌و‌ المشاكله كاشفاق الوالد على ولده، ‌و‌ قد اجتمع جميع هذه الاسباب فيهم (عليهم السلام) لما فيهم ‌من‌ جمال الظاهر ‌و‌ الباطن ‌و‌ احسانهم بالهدايه ‌و‌ الشفاعه ‌و‌ عظمه شانهم ‌و‌ انافه قدرهم على كل محسن ‌و‌ والد ‌و‌ ولد فكان حبهم على اكمل وجوه المحبه ‌و‌ اتمها، ‌و‌ ‌من‌ احبهم على هذا الوجه كان مومنا حقا، لان الايمان ‌هو‌ التصديق بما جاء ‌به‌ الرسول (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ‌من‌ معرفه الله ‌و‌ ملائكته ‌و‌ كتبه ‌و‌ رسله ‌و‌ خلافه الائمه ‌من‌ اهل بيته ‌و‌ اليوم الاخر ‌و‌ حبهم يستلزم الايمان بجميع ذلك فكان ايمانا بل فوق الايمان لان ‌من‌ محبتهم التمسك بطريقتهم ‌و‌ الاقتداء باخلاقهم ‌و‌ افعالهم ‌و‌ الوقوف عند حدودهم ‌و‌ نصره شريعتهم ‌و‌ الذب عن سنتهم ‌و‌ بذل النفس ‌و‌ المال دون مهجهم ‌و‌ اعانه اهل ملتهم.
 ‌و‌ بالجمله فالحسنات كلها منوطه بحبهم ‌و‌ الولايه لهم ‌و‌ السيئات جميعا ترجع الى بغضهم ‌و‌ انكار ولايتهم.
 قوله: «يدخل الجنه» جمله خبريه ‌من‌ باب تعدد الاخبار على راى ‌من‌ يجوز كون الخبر الثانى جمله كما ‌فى‌ قوله تعالى: «فاذا هى حيه تسعى» فالضمير ‌فى‌ يدخل: راجع الى حبهم، ‌او‌ نعتيه للايمان فيكون وصفه بذلك مع العلم بان الايمان يدخل الجنه لقصد المدح، ‌او‌ لبيان انه الايمان الذى يدخل الجنه ‌لا‌ انه طاعه ‌من‌ الطاعات على ‌ما‌ ذهب اليه بعضهم ‌من‌ ‌ان‌ كل طاعه ايمان، ‌او‌ استينافيه لبيان الايمان، ‌و‌ اسناد الا دخال الى حبهم، ‌او‌ الى الايمان مجاز حكمى ‌من‌ باب الاسناد الى السبب ‌و‌ كذا قوله: (يدخل النار).
 قوله: «و بغضهم كفر ‌و‌ نفاق» البغض بالضم: اسم ‌من‌ ابغضته ابغاضا ‌ضد‌ احببته.
 ‌و‌ الكفر: عدم الاعتقاد بجميع ‌ما‌ جاء ‌به‌ الرسول (عليه السلام) ‌او‌ بغضه ماخوذ ‌من‌ كفر الشى ء اذا غطاه ‌و‌ ستره لانه تغطيه للحق ‌و‌ ستر له.
 ‌و‌ النفاق: اظهار الاسلام ‌و‌ اضمار خلافه، ‌و‌ ‌هو‌ اسم اسلامى لم تكن العرب تعرفه بهذا المعنى قبل الاسلام ‌و‌ اشتقاقه اما ‌من‌ نفقت الدابه نفوقا ‌من‌ باب قعد اذا ماتت لان المنافق بنفاقه بمنزله الميت الهالك، ‌او‌ ‌من‌ نفقت السلعه اذا راجت ‌و‌ كثر طلابها لان المنافق يروج اسلامه ظاهرا، ‌و‌ يخفى كفره باطنا، ‌او‌ ‌من‌ النفق بفتحتين: ‌و‌ ‌هو‌ سرب ‌فى‌ الارض يكون له مخرج ‌من‌ موضع آخر، لان المنافق يستر كفره كما يستر السائر ‌فى‌ السرب نفسه، ‌او‌ ‌من‌ النافقاء ‌و‌ هى احدى حجرتى اليربوع يكتمها ‌و‌ يظهر غيرها، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ له حجرتين يقال لاحدهما النافقاء ‌و‌ للاخرى القاصعاء، فاذا اتى ‌من‌ قبل القاصعاء ضرب النافقاء براسه ‌و‌ خرج منها.
 ‌و‌ نافق اليربوع: اخذ ‌فى‌ نافقائه، ‌و‌ فيه تشبيه للمنافق باليربوع لانه يخرج ‌من‌ - الاسلام ‌من‌ غير الوجه الذى دخل فيه، ‌و‌ انما حكم بان بغضهم كفر ‌و‌ نفاق، لانه ‌ان‌ اظهره ‌و‌ اعلن ‌به‌ كان كفرا، ‌و‌ ‌ان‌ اضمره كان نفاقا.
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون الكفر راجعا الى بغض محمد (صلى الله عليه ‌و‌ آله) لان ‌من‌ ابغضه فقد انكر رسالته ‌و‌ ‌من‌ انكرها فلا اسلام له فضلا عن الايمان، ‌و‌ النفاق راجعا الى بغض اهل بيته لان ‌من‌ ابغضهم فقد اضمر الكفر، ‌و‌ ‌ان‌ اظهر الاسلام ‌و‌ جرى عليه احكام المسلمين لان الاسلام يجامع النفاق.
 فما نقل عن السيد المرتضى رضى الله عنه: انه حكم بكفر ‌ما‌ سوى الشيعه الاثنى عشريه ليس بذاك الا ‌ان‌ ياول كلامه بانه اراد بالكفر كفر الباطن، ‌او‌ منشا الخلود ‌فى‌ النار، ‌و‌ الحكم بان بغضهم (عليهم السلام) نفاق حكم ‌به‌ النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله).
 اخرج مسلم ‌فى‌ صحيحه عن على (عليه السلام) قال: «و الذى فلق الحبه ‌و‌ برا النسمه انه لعهد النبى الامى الى ‌ان‌ ‌لا‌ يحبنى الا مومن ‌و‌ ‌لا‌ يبغضنى الا منافق».
 ‌و‌ اخرج الترمذى عن ابى سعيد الخدرى قال: كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا (عليه السلام).
 قوله: «يدخل النار» لان مبغضهم ‌لا‌ ايمان له ‌و‌ ‌من‌ ‌لا‌ ايمان له فماواه النار.
 ‌و‌ بيانه: ‌ان‌ بغضهم انكار للنبوه ‌و‌ الامامه، ‌و‌ الايمان انما يتحقق باعتقادهما ‌و‌ ‌من‌ انكرهما ‌او‌ احديهما فلا ايمان له ‌و‌ ‌من‌ ‌لا‌ ايمان له، فهو كافر ظاهرا ‌او‌ باطنا، ‌و‌ الكافر ‌فى‌ النار.
 تتمه
 ‌ما‌ ذكره (عليه السلام) ‌من‌ ‌ان‌ الايه المذكوره انزلت ‌فى‌ بنى اميه وردت ‌به‌ روايات اخرى ‌من‌ طريق العامه ‌و‌ الخاصه.
 اما ‌من‌ طريق العامه فاخرج البخارى ‌فى‌ تاريخه، ‌و‌ ابن جرير، ‌و‌ ابن المنذر ‌و‌ ابن مردويه، عن عمر ‌بن‌ الخطاب ‌فى‌ قوله تعالى: «الم ‌تر‌ الى الذين بدلوا نعمه الله كفرا» قال: هما الافجران ‌من‌ قريش، بنوالمغيره ‌و‌ بنواميه فاما بنوالمغيره فقد كفيتموهم ‌فى‌ يوم بدر، ‌و‌ اما بنواميه فمتعوا حتى حين.
 ‌و‌ اخرج ابن جرير ‌و‌ ابن المنذر، ‌و‌ ابن ابى حاتم، ‌و‌ الطبرانى ‌فى‌ الاوسط، ‌و‌ الحاكم ‌و‌ صححه، ‌و‌ ابن مردويه ‌من‌ طريق على ‌بن‌ ابى طالب (عليه السلام) ‌فى‌ قوله تعالى: «الم ‌تر‌ الى الذين بدلوا نعمه الله كفرا» قال هما الافجران ‌من‌ قريش بنواميه ‌و‌ بنوالمغيره فاما بنوالمغيره فقطع الله دابرهم يوم بدر ‌و‌ اما بنواميه فمتعوا الى حين.
 ‌و‌ اخرج ابن مردويه عن على (عليه السلام) انه سئل عن «الذين بدلوا نعمه الله كفرا» قال: بنواميه، ‌و‌ بنومخزوم، رهط ابى جهل ذكر ذلك كله الحافظ السيوطى ‌فى‌ الدر المنثور.
 ‌و‌ اما ‌من‌ طريق الخاصه: فروى على ‌بن‌ ابراهيم عن ابيه، عن محمد ‌بن‌ ابى عمير، عن عثمان ‌بن‌ عيسى، عن ابى عبدالله (عليه السلام) قال: سالته عن قول الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «الم ‌تر‌ الى الذين بدلوا نعمه الله كفرا» قال: نزلت ‌فى‌ الافجرين بنى اميه، ‌و‌ بنى المغيره، فاما بنوالمغيره فقطع الله دابرهم يوم بدر، ‌و‌ اما بنواميه فمتعوا الى حين، ثم قال: ‌و‌ نحن ‌و‌ الله نعمه الله التى انعم بها على عباده ‌و‌ بنا يفوز ‌من‌ فاز.
 اسر اليه: ‌اى‌ اخبره سرا، يقال: اسررت الحديث اسرارا يتعدى بنفسه لانه بمعنى اخفيه.
 ‌و‌ اما قوله تعالى: «تسرون اليهم بالموده» فالمفعول محذوف ‌و‌ التقدير: تسرون اليهم اخبار رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) بسبب الموده التى بينكم ‌و‌ بينهم مثل قوله تعالى: «تلقون اليهم بالموده».
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون الباء زائده للتاكيد مثل: اخذت الحطام ‌و‌ اخذت به. ‌و‌ يقال: اسررته بمعنى اظهرته فهو ‌من‌ الاضداد.
 ‌و‌ روى عن اميرالمومنين (عليه السلام) انه قال: ‌و‌ الذى فلق الحبه ‌و‌ برا النسمه انه لعهد النبى الامى الى ‌ان‌ الامه ستغدربك ‌من‌ بعدى.
 قوله: «ما خرج ‌و‌ ‌لا‌ يخرج» المراد بالخروج هنا: القيام بالسيف ‌و‌ سمى خروجا لان صاحبه يخرج عن مكانه للحرب.
 ‌و‌ اهل البيت: منصوب على الاختصاص كما مر.
 قوله: «الى قيام قائمنا» اجمع جمهور الامه: على قيام قائم ‌من‌ اهل البيت ‌من‌ اولاد فاطمه (عليهاالسلام) يملا الارض قسطا ‌و‌ عدلا كما ملئت ظلما ‌و‌ جورا، ‌و‌ ‌هو‌ مهدى آخر الزمان لما تواترت ‌به‌ الاخبار عن النبى المختار ‌و‌ اهل بيته الاطهار ‌من‌ طريقى الخاصه ‌و‌ العامه، ‌و‌ هى ‌من‌ الكثره ‌من‌ كل ‌من‌ الطريقين بحيث لاتكاد تحصى، ‌و‌ لم يخالف ‌فى‌ ذلك الا شرذمه قليلون ‌و‌ ‌هم‌ فرقتان:
 فرقه انكرت ذلك جمله ‌و‌ لم يلتفت الى قولها احد ‌من‌ العلماء.
 ‌و‌ فرقه زعمت ‌ان‌ المهدى (عليه السلام): ‌هو‌ عيسى ‌بن‌ مريم (عليهماالسلام) لحديث رواه محمد ‌بن‌ خالد الجندى، عن ابان ‌بن‌ ابى عياش، عن الحسن، عن النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) انه قال: «لا مهدى الا عيسى ‌بن‌ مريم».
 قال المحدثون ‌من‌ العامه: انه حديث منكر، ‌و‌ ممن صرح بكونه منكر الامام ابوعبدالرحمن النسائى.
 ‌و‌ حكى الحافظ ابوبكر البيهقى عن شيخه الحاكم النيسابورى انه قال: الجندى مجهول، ‌و‌ ابن ابى عياش متروك، ‌و‌ هذا الحديث بهذا الاسناد منقطع، انتهى.
 اما الكربيه ‌و‌ الكيسانيه القائلون بانه محمد ‌بن‌ الحنفيه فبطلان قولهم واضح، ‌و‌ كفى شاهدا على بطلانه انقراضهم منذ العصر الاول حتى لم يبق ‌فى‌ الدنيا ‌من‌ يقول بقولهم ‌و‌ لو كان حقا لما جاز انقراضه.
 ‌و‌ اختلف الجمهور القائلون بانه فاطمى، فقالت الاشاعره ‌و‌ المعتزله: انه رجل ‌من‌ اولاد فاطمه سيوجد ‌فى‌ آخر الزمان ‌و‌ انه غير موجود الان.
 ‌و‌ قالت الاماميه الاثنى عشريه: انه محمد ‌بن‌ الحسن، ‌بن‌ على ‌بن‌ محمد ‌بن‌ على ‌بن‌ موسى، ‌بن‌ جعفر ‌بن‌ محمد، ‌بن‌ على، ‌بن‌ الحسين ‌بن‌ على ‌بن‌ ابى طالب (عليهم السلام) لما ثبت عندهم ‌من‌ نقل ثقاتهم عن ائمتهم (عليهم السلام).
 قال الشيخ المفيد ‌فى‌ كتابه الارشاد: كان الامام بعد ابى محمد الحسن ‌بن‌ على العسكرى (عليه السلام) ابنه المسمى باسم رسول الله المكنى بكنيته، ‌و‌ لم يخلف ابوه ولدا ظاهرا ‌و‌ ‌لا‌ باطنا غيره، ‌و‌ خلفه ابوه غائبا مستترا، ‌و‌ كان مولده ليله النصف ‌من‌ شعبان سنه خمس ‌و‌ خمسين ‌و‌ ماتين، ‌و‌ امه ‌ام‌ ولد يقال لها: نرجس ‌و‌ كان سنه عند وفاه ابيه خمس سنين اتاه الله الحكمه ‌و‌ فصل الخطاب ‌و‌ جعله آيه للعالمين، ‌و‌ آتاه الحكمه كما اتاها يحيى صبيا ‌و‌ جعله اماما ‌فى‌ حال الطفوليه الظاهره كما جعل عيسى ‌بن‌ مريم (عليهماالسلام) ‌فى‌ المهد نبيا، ‌و‌ قد سبق النص عليه ‌فى‌ مله الاسلام ‌من‌ نبى الهدى (عليه السلام)، ثم ‌من‌ اميرالمومنين على ‌بن‌ ابى طالب (صلوات الله عليه) ‌و‌ نص عليه الائمه (عليهم السلام) واحدا بعد واحد الى ابيه الحسن، ‌و‌ نص عليه ابوه عند ثقاته ‌و‌ خاصه شيعته، ‌و‌ كان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده، ‌و‌ بدولته مستفيضا قبل غيبته ‌و‌ ‌هو‌ صاحب السيف ‌من‌ ائمه الهدى ‌و‌ القائم بالحق المنتظر لدوله الايمان، ‌و‌ له قبل قيامه غيبتان احداهما اطول ‌من‌ الاخرى كما جاءت بذلك الاخبار، اما القصرى فمنذ وقت مولده الى انقطاع السفاره بينه ‌و‌ بين شيعته ‌و‌ عدم السفراء بالوفاه، ‌و‌ اما الطولى فهى بعد الاولى ‌و‌ ‌فى‌ آخرها يقوم بالسيف، انتهى.
 قلت: ‌و‌ انقطعت السفاره بموت ابى الحسن على ‌بن‌ محمد السمرى، ‌و‌ كانت وفاته سنه تسع ‌و‌ عشرين ‌و‌ قيل: ‌فى‌ النصف ‌من‌ شعبان سنه ثمان ‌و‌ عشرين ‌و‌ ثلاثمائه رحمه الله تعالى، ‌و‌ وافق الاماميه الاثنى عشريه، ‌من‌ الاشاعره على ذلك: الشيخ كمال الدين محمد ‌بن‌ طلحه الشافعى، ‌و‌ كان ‌من‌ اعيانهم ‌و‌ روسائهم، ‌و‌ الشيخ ابوعبدالله محمد ‌بن‌ يوسف الكنجى الشافعى، ‌و‌ الشيخ نورالدين على ‌بن‌ محمد ‌بن‌ الصباغ المكى المالكى.
 ‌و‌ ‌من‌ الصوفيه: الشيخ محى الدين ‌بن‌ العربى، ‌و‌ الشيخ عبدالوهاب الشعرانى، فقد نص عليه ‌فى‌ المنن الكبرى باسمه ‌و‌ نسبه المذكور.
 قوله: «او ينعش حقا» اى: يقيمه، يقال: نعشه الله كمنعه، ‌و‌ انعشه اى: اقامه.
 ‌و‌ انكر الجوهرى انعش ‌و‌ صححه غيره.
 ‌و‌ المراد بدفع الظلم ‌و‌ نعش الحق: الامر بالمعروف ‌و‌ النهى عن المنكر.
 قوله. «اصطلمته البليه» الاصطلام: افتعال ‌من‌ الصلم ‌و‌ ‌هو‌ القطع المستاصل، يقال: صلم اذنه ‌و‌ اصطلمها: اذا استاصلها قطعا، ‌و‌ اصل اصطلم: اصتلم- بالتاء- فقلبت طاء اذ لو بقيت لادى اما الى ادغامها، ‌و‌ الصاد ‌لا‌ تدغم ‌فى‌ التاء، لما فيها ‌من‌ الاطباق الذى يفوت بالادغام.
 ‌و‌ اما الى اظهارها فيعسر النطق بها، ‌و‌ هذا مطرد ‌فى‌ تاء افتعل اذا كانت فاوه احدى الحروف المطبقه، ‌و‌ قد يقلب الثانى الى الاول فيدغم فيه فيقال: اصلم ‌و‌ اصبر ‌و‌ ‌هو‌ شاذ، ‌و‌ الحروف المطبقه الصاد الى الظاء.
 ‌و‌ البليه: المحنه.
 قوله: «و شيعتنا» بالخفض على ضمير المتكلم مع غيره المخفوض بالاضافه ‌فى‌ مكروهنا، ‌و‌ فيه شاهد على جواز العطف على الضمير المخفوض ‌من‌ دون اعاده الخافض ‌و‌ ‌هو‌ مذهب الكوفيين قاطبه، ‌و‌ يونس ‌و‌ الاخفش ‌من‌ البصريين، خلافا لسائرهم ‌و‌ صححه ابن مالك ‌و‌ ابوحيان لثبوته ‌فى‌ فصيح الكلام.
 ‌و‌ ‌فى‌ عدم اعاده الخافض هنا نكته لطيفه ‌و‌ هى الاشعار بان مكروهم (عليهم السلام) ‌و‌ مكروه شيعتهم واحد، ‌و‌ ‌ان‌ المكروه مشترك بينهما.

الا ترى ‌ان‌ ائمه العربيه نصوا على ‌ان‌ الخافض اذا كان اسما ‌لا‌ يعاد على المعطوف على ضمير مجرور الا اذا لم يشك انه لم يعد الا لهذا الغرض ‌من‌ العطف ‌و‌ انه ‌لا‌ معنى له غير ذلك نحو: بينك ‌و‌ بين زيد اذ ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يكون هناك بينان، ‌و‌ اما اذا البس نحو: جائنى غلامك ‌و‌ غلام زيد ‌و‌ انت تريد غلاما واحدا مشتركا بينهما لم يجز.
 ‌و‌ ورد ‌فى‌ معنى هذا الخبر اخبار اخرى فروى ثقه الاسلام ‌فى‌ كتاب الروضه باسناده عن على ‌بن‌ الحسين (عليهماالسلام) انه قال: «و الله ‌لا‌ يخرج منا واحد قبل خروج القائم الا كان مثله مثل فرخ طار ‌من‌ وكره قبل ‌ان‌ يستوى جناحاه فاخذه الصبيان فعثوا به.
 تنبيه
 ‌دل‌ كلامه (عليه السلام) ‌من‌ روايه رويا النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله الى هنا انه انما ‌كف‌ ‌هو‌ ‌و‌ ابوه (عليهماالسلام) عن الخروج للامر بالمعروف ‌و‌ النهى عن المنكر ‌و‌ منعا الناس عنه لتخلف اقوى شرائطه ‌و‌ ‌هو‌ التمكن، ‌و‌ ‌ان‌ ‌لا‌ يكون على الامر ‌و‌ الناهى ‌و‌ ‌لا‌ على احد ‌من‌ المومنين بسببه مفسده، فلو ظن توجه الضرر اليه ‌او‌ الى احد ‌من‌ المومنين بسببه سقط الوجوب بالاجماع، فبين ‌ان‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله اخبر بان بنى اميه يملكون سلطان هذه الامه هذه المده، ثم ملك الفراعنه ‌و‌ اخباره (عليه السلام) ‌لا‌ خلف فيه.
 فتحقق عدم التمكن ‌و‌ توجه الضرر اليهما ‌و‌ الى شيعتهما لو قاما بذلك، فهذا وجه دعوتهما الناس الى الحياه ‌لا‌ ‌ما‌ توهمه يحيى ‌بن‌ زيد كما سبقت الاشاره اليه ‌و‌ هذا بعينه جواب الحسن ‌بن‌ على (عليهماالسلام) لمن لامه على صلح معاويه ‌و‌ نزوله عن الخلافه له كما تقدم.
 ‌و‌ روى ابوالفرج الاصبهانى باسناده الى سفيان ‌بن‌ ابى ليلى قال: اتيت الحسن ‌بن‌ على (عليهماالسلام) حين بايع معاويه فوجدته بفناء داره ‌و‌ عنده رهط فقلت: السلام عليك ‌يا‌ مذل المومنين، قال: ‌و‌ عليك السلام ‌يا‌ سفيان، فنزلت ‌و‌ عقلت راحلتى ‌و‌ اتيته فجلست اليه فقال: كيف قلت ‌يا‌ سفيان؟ قال: قلت: السلام عليك ‌يا‌ مذل المومنين فقال: ‌ما‌ جر هذا منك الينا، قلت: انت ‌و‌ الله بابى ‌و‌ امى اذللت رقابنا حين اعطيت هذا الطاغيه البيعه ‌و‌ سلمت الامر الى اللعين ابن آكله الاكباد، ‌و‌ معك مائه الف كلهم يموتون دونك، ‌و‌ قد جمع الله عليك امر الناس، فقال:
 ‌يا‌ سفيان انا اهل بيت اذا علمنا الحق تمسكنا ‌به‌ فانى سمعت رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) يقول: ‌لا‌ تذهب الايام ‌و‌ الليالى حتى يجتمع امر هذه الامه على رجل واسع البلعوم ياكل ‌و‌ ‌لا‌ يشبع ‌لا‌ ينظر الله اليه ‌و‌ ‌لا‌ يموت حتى ‌لا‌ يكون له ‌فى‌ السماء عاذر ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ الارض ناصر ‌و‌ انه لمعاويه ‌و‌ انى عرفت ‌ان‌ الله بالغ امره».
 قال بعضهم: قوله: «و ‌لا‌ ‌فى‌ الارض ناصر» اى: ناصر دينى يعنى انه ‌لا‌ يمكن احدا ‌ان‌ ينتصر له بتاويل دينى، اى: يتكلف ‌به‌ عذرا لافعاله، انتهى، فتامل.
 فان قلت: فقد كان الحسين (عليه السلام) عالما بذلك فكيف ساغ له الخروج حتى تم عليه ‌ما‌ تم.
 قلت: عن ذلك جوابان:
 احدهما: انه كان معهودا اليه بذلك، مامورا بالخروج مع العلم، فان افعالهم (عليهم السلام) كلها معهوده ‌من‌ الله تعالى، كما دلت عليه
 الروايات عنهم (عليهم السلام):
 منها: حديث الوصيه، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام باسناده عن معاذ ‌بن‌ كثير، عن ابى عبدالله (عليه السلام) قال: «ان الوصيه نزلت ‌من‌ السماء على محمد (صلى الله عليه ‌و‌ آله) كتابا لم ينزل على محمد (صلى الله عليه ‌و‌ آله) كتاب مختوم الا الوصيه، فقال جبرئيل: ‌يا‌ محمد هذه وصيتك ‌فى‌ امتك عند اهل بيتك، فقال رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله): ‌اى‌ اهل بيتى ‌يا‌ جبرئيل؟ قال: نجيب الله منهم ‌و‌ ذريته ليرثك علم النبوه كما ورثه ابراهيم (عليه السلام)، ‌و‌ ميراثه لعلى ‌و‌ ذريتك ‌من‌ صلبه، قال: ‌و‌ كان عليها خواتيم قال: ففتح على (عليه السلام) الخاتم الاول ‌و‌ مضى لما فيها ثم فتح الحسن (عليه السلام) الخاتم الثانى ‌و‌ مضى لما امر ‌به‌ فيها، فلما توفى الحسن (عليه السلام) ‌و‌ مضى، فتح الحسين (عليه السلام) الخاتم الثالث فوجد فيها ‌ان‌ قاتل فاقتل ‌و‌ تقتل ‌و‌ اخرج باقوام للشهاده ‌لا‌ شهاده لهم الا معك، قال: ففعل فلما مضى دفعها الى على ‌بن‌ الحسين (عليه السلام) قبل ذلك ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها ‌ان‌ اصمت ‌و‌ اطرق لما حجب العلم، فلما توفى ‌و‌ مضى دفعها الى محمد ‌بن‌ على (عليهماالسلام) قبل ذلك ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها ‌ان‌ فسر كتاب الله، ‌و‌ صدق اباك ‌و‌ ورث ابنك ‌و‌ اصطنع الامه، ‌و‌ قم بحق الله ‌و‌ ‌قل‌ الحق ‌فى‌ الخوف ‌و‌ الامن ‌و‌ ‌لا‌ تخش الا الله، ففعل ثم دفعها الى الذى يليه، قال: قلت له: جعلت فداك فانت هو؟
 قال فقال: ‌ما‌ ‌بى‌ الا ‌ان‌ تذهب ‌يا‌ معاذ فتروى على».
 فهذا الحديث صريح النص بانهم (عليهم السلام) لم يفعلوا امرا الا بعهد ‌من‌ الله تعالى، فسقط الاعتراض.
 الجواب الثانى: ‌ان‌ التكاليف الشرعيه بالنسبه اليهم مقصوره على ‌ما‌ يعلمونه بالعلوم الظاهريه دون العلوم الغيبيه، فالحسين (عليه السلام) لما ظهر له بذل الطاعه ‌من‌ اهل الكوفه ‌و‌ كاتبه وجوههم ‌و‌ اشرافهم ‌و‌ قراوهم مره بعد اخرى طائعين غير مكرهين، ‌و‌ مبتدئين غير مجيبين، لم يسعه ‌فى‌ الظاهر الا الخروج ‌و‌ القيام ‌فى‌ اعلاء دين الله ‌و‌ كلمته، الا تراه (عليه السلام) لما بلغه قتل مسلم ‌بن‌ عقيل ‌و‌ خذلان اهل الكوفه ‌هم‌ بالرجوع فلم يمكن.
 ‌و‌ كذلك كان حال الحسن (عليه السلام) فانه نهد اولا الى حرب معاويه ‌فى‌ شيعته ‌و‌ سار الى لقائه مع علمه ‌فى‌ الباطن بمصير الامر اليه لكن لم يثن ذلك ‌من‌ عزمه حتى ظهر له خذلان اصحابه ‌و‌ تفرق اهوائهم، ‌و‌ ميل اكثرهم الى معاويه طمعا ‌فى‌ دنياه، ‌و‌ تفاقم الامر الى ‌ان‌ جلس له بعضهم ‌فى‌ ساباط مظلم، ‌و‌ طعنه بمعول اصاب فخذه ‌و‌ شقه حتى وصل العظم فلما علم بالعلم الظاهر عدم تمكنه ‌و‌ توجه الضرر اليه ‌و‌ الى المومنين ‌من‌ شيعته نزع الى الصلح ‌و‌ ‌كف‌ عن الجهاد.
 ‌و‌ هكذا حال سائر الائمه (عليهم السلام) فانهم لو وجدوا ‌من‌ الانصار ‌من‌ يتمكنون بهم ‌من‌ الخروج لم يسعهم الا الخروج ‌و‌ القيام مع علمهم ‌فى‌ الباطن بحقيقه الحال، يدل على ذلك ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام باسناده الى سدير الصير ‌فى‌ قال: «دخلت على ابى عبدالله (عليه السلام) فقلت له: ‌و‌ الله ‌ما‌ يسعك القعود، فقال: ‌و‌ لم ‌يا‌ سدير؟ قلت: لكثره مواليك ‌و‌ شيعتك ‌و‌ انصارك، ‌و‌ الله لو كان لاميرالمومنين مالك ‌من‌ الشيعه ‌و‌ الانصار ‌و‌ الموالى ‌ما‌ طمع فيه تيم ‌و‌ ‌لا‌ عدى، فقال: ‌يا‌ سديروكم عسى ‌ان‌ يكون؟ قلت: مائه الف، قال: مائه الف؟ قلت: نعم ‌و‌ مائتى الف، فقال: مائتى الف؟ قلت: نعم ‌و‌ نصف الدنيا قال: فسكت عنى ثم قال: يخف عليك ‌ان‌ تبلغ معنا الى ينبع؟ قلت: نعم، فامر بحمار ‌و‌ بغل ‌ان‌ يسرجا فبادرت فركبت الحمار، فقال: ‌يا‌ سدير اترى ‌ان‌ توثرنى بالحمار؟ قلت: البغل ازين ‌و‌ انبل، قال: الحمار ارفق بى، فنزلت فركب الحمار ‌و‌ ركبت البغل فمضينا فحانت الصلاه فقال: ‌يا‌ سدير انزل بنا نصلى، ثم قال: هذه ارض سبخه ‌لا‌ تجوز الصلاه فيها، فسرنا حتى صرنا الى ارض حمراء، ‌و‌ نظر الى غلام يرعى جداء فقال: ‌و‌ الله ‌يا‌ سدير لو كان لى شيعه بعدد هذه الجداء ‌ما‌ وسعنى القعود، ‌و‌ نزلنا ‌و‌ صلينا فلما فرغنا ‌من‌ الصلاه عطفت على الجداء فعددتها فاذا هى سبعه عشر».
 ‌و‌ هذا الحديث صريح فيما ذكرنا، ‌و‌ ‌فى‌ هذا المعنى اخبار اخر ‌لا‌ نطول بذكرها ‌و‌ انما اختلفت اجوبتهم (عليهم السلام) ‌فى‌ العذر لانهم يكلمون الناس على قدر عقولهم، ‌و‌ يجيبون كل سائل بما تقتضيه المصلحه ‌فى‌ الجواب، ‌و‌ الله اعلم.
 امليت الكتاب على الكاتب املاء: القيته عليه، كامللته املالا، ‌و‌ قد تقدم الكلام عليه مفصلا.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: امله: قاله، فكتب عنه.
 ‌و‌ سقط سقوطا ‌من‌ باب قعد، ‌و‌ وقع اى: ذهب عن حفظى اوضاع منى.
 ‌و‌ النيف بفتح النون ‌و‌ تشديد المثناه ‌من‌ تحت مكسوره: على وزن سيد، ‌و‌ قد يخفف، ‌و‌ التثقيل افصح.
 ‌و‌ قال الازهرى ‌فى‌ التهذيب: تخفيف النيف لحن عند الفصحاء ‌و‌ ‌هو‌ بمعنى الزياده ‌من‌ ناف الشى ء ينوف نوفا اذا زاد، يقال: عشره ‌و‌ نيف، ‌و‌ كل ‌ما‌ زاد على العقد فنيف حتى يبلغ العقد الثانى.
 ‌و‌ قال ابوالعباس المبرد: الذى حصلناه ‌من‌ اقاويل حذاق البصريين، ‌و‌ الكوفيين ‌ان‌ النيف ‌من‌ واحد الى ثلاث، ‌و‌ البضع ‌من‌ اربع الى تسع، ‌و‌ ‌لا‌ يقال: نيف الا بعد عقد نحو عشره ‌و‌ نيف، ‌و‌ مائه ‌و‌ نيف. ‌و‌ الف ‌و‌ نيف.
 ثم المذكور ‌فى‌ نسخ الصحيفه انما ‌هو‌ اربعه ‌و‌ خمسون بابا ‌و‌ لعل الباقى سقط عن غيره ‌من‌ الرواه، ‌و‌ رايت على هامش نسخه مانصه المذكور اربعه ‌و‌ خمسون سقط منها عشره اخرى، ‌فى‌ روايه: على الاعلم، ‌و‌ الله اعلم.
 هذا تحويل ‌من‌ اسناد الى اسناد آخر، فالقائل ‌و‌ حدثنا: ‌هو‌ ابومنصور محمد العكبرى المعدل المذكور ‌فى‌ الاسناد الاول راويا عن ابى المفضل، ‌و‌ ‌هو‌ محمد ‌بن‌ عبدالله ‌بن‌ المطلب الشيبانى السابق الذكر.
 ‌و‌ الواو ‌فى‌ قوله: ‌و‌ حدتنى كما يوجد ‌فى‌ اكثر النسخ للعطف على قوله ‌فى‌ السند الاول: حدثنا الشريف ابوعبدالله جعفر الى آخره.
 ‌و‌ روزبه بضم الراء المهمله، ‌و‌ سكون الواو، ‌و‌ فتح الزاء ‌و‌ الباء الموحده، ‌و‌ بعدها هاء: معرب روزبه بضم الراء المهمله ‌و‌ سكون الواو ‌و‌ الزاى، ‌و‌ كسر الباء الموحده ‌و‌ بعدها هاء ساكنه، ‌و‌ هى كلمه فارسيه مركبه ‌من‌ (روز) بمعنى اليوم، ‌و‌ (به) بمعنى حسن اى: حسن اليوم على قاعدتهم ‌فى‌ تقديم المضاف اليه على المضاف ‌و‌ بهذا الاسم كان يسمى سلمان الفارسى (رضى الله عنه) قبل الاسلام ‌و‌ ‌هو‌ اسمه الذى سماه ‌به‌ ابواه، نص على ذلك ابن بابويه، ‌و‌ غيره.
 ‌و‌ المداينى بفتح الميم ‌و‌ الدال المهمله، ‌و‌ كسر الياء المثناه ‌من‌ تحت، ‌و‌ ‌فى‌ آخرها نون: نسبه الى مدائن كسرى قرب بغداد سميت بها لكبرها.
 قال ابن السمعانى: ‌و‌ هى بلده قديمه مبنيه على دجله ‌و‌ كانت دار مملكه الاكاسره على سبعه فراسخ ‌من‌ بغداد.
 ‌و‌ الرحبه بفتح الراء ‌و‌ الحاء المهملتين، ‌و‌ قيل: بسكون الحاء المهمله ‌و‌ الاول اكثر: البقعه المتسعه، سميت بها مواضع:
 منها: رحبه مالك ‌بن‌ طوف على الفرات، ‌و‌ محله بالكوفه، ‌و‌ موضع ببغداد، ‌و‌ اذا اطلقت، فالمراد بها الاولى.
 قال ابن السمعانى: هى بلده ‌من‌ بلاد الجزيره آخر حدها على اول ‌حد‌ الشام.
 ‌و‌ النسبه الى الجميع رحبى بالتحريك على ‌ما‌ ‌فى‌ القاموس.
 ‌و‌ جزم ابن السمعانى بان المنسوب الى المواضع ساكن الحاء، ‌و‌ المنسوب الى رحبه ‌بن‌ زرعه ‌و‌ هى قبيله ‌من‌ حمير- محرك-.
 ‌و‌ الراوى المذكور ليس له ‌فى‌ كتب الرجال ذكر، فهو مجهول، ‌و‌ حمله بعضهم على محمد ‌بن‌ الحسن البرانى المكنى بابى بكر الكاتب المذكور ‌فى‌ رجال الطوسى ‌فى‌ باب ‌من‌ لم يرو عن احدهم (عليهم السلام)، ‌و‌ ‌هو‌ رجم بالغيب.
 قوله: «فى داره» متعلق بحدثنى ‌و‌ ‌هو‌ قيد يشعر بتحقيق الضبط.
 نسبه الى احد اجداده ‌و‌ ‌هو‌ ايضا ‌لا‌ ذكر له ‌فى‌ الرجال.
 نعم ‌فى‌ رجال الطوسى: محمد ‌بن‌ احمد ‌بن‌ مطهر بغدادى تونسى.
 ‌و‌ ‌فى‌ الخلاصه للعلامه: بهذا العنوان ايضا ‌من‌ غير مدح ‌و‌ ‌لا‌ جرح.
 قال بعضهم: ‌و‌ لعله ‌هو‌ ‌و‌ ليس ببعيد، لما يدل عليه ثانى طريقى روايه الطوسى للصحيفه ‌و‌ قد ذكرنا هما ‌فى‌ اول الشرح.
 قوله: «الى رويا النبى (صلى الله عليه ‌و‌ آله) ينبغى ‌ان‌ يكون ‌ما‌ بعد (الى) داخلا ‌فى‌ حكم ‌ما‌ قبلها فتكون الرويا داخله ‌فى‌ الحديث المذكور بقرينه قوله فذكر الحديث بتمامه، ‌و‌ قد قالوا اذا دلت قرينه على دخول ‌ما‌ بعد (الى) نحو: قرات القرآن ‌من‌ اوله الى آخره، ‌او‌ على خروجه نحو: «ثم اتموا الصيام الى الليل» عمل بها ‌و‌ الا فلا يدخل لان الاكثر مع عدم القرينه عدم الدخول فيجب الحمل عليه عند التردد.
 ‌و‌ قيل: يدخل بدون قرينه ‌ان‌ كان ‌من‌ الجنس.
 ‌و‌ قيل: مطلقا.
 ‌و‌ الاول ‌هو‌ الصحيح لما ذكرنا.
 يعنى تعدادها.
 الروضه الاولى: ‌اى‌ الباب الاول: «و هى التحميد لله ‌عز‌ ‌و‌ جل» ‌فى‌ القاموس: التحميد: حمد الله مره بعد مره ‌و‌ انه لحماد لله ‌عز‌ ‌و‌ جل، ‌و‌ منه محمد كانه حمد مره بعد اخرى، انتهى.
 ‌و‌ قد يراد بالتحميد: قول الحمد لله كما يراد بالتسبيح: قول سبحان الله، ‌و‌ بالتهليل: قول ‌لا‌ اله الا الله، ‌و‌ بالتكبير: قول الله اكبر.
 الروضه الثانيه: ‌اى‌ الباب الثانى: «الصلاه على محمد ‌و‌ اله».
 الروضه الثالثه: ‌اى‌ الباب الثالث: «الصلاه على حمله العرش» الروضه الرابعه، ‌اى‌ الباب الرابع: «الصلاه على مصدق الرسل» اعلم ‌ان‌ قوله التحميد لله ‌عز‌ ‌و‌ جل، الصلاه على محمد ‌و‌ آله الى آخر ذكر الابواب، خبر لقوله: (و هى) ‌و‌ ليس ‌هو‌ ‌من‌ باب تعدد الخبر لمبتدا واحد كقوله تعالى: «و ‌هو‌ الغفور الودود ذوالعرش المجيد» كما توهم بعضهم، بل ‌هو‌ ‌من‌ باب تعدد الخبر لتعدد صاحبه نحو: الزيدون فقيه ‌و‌ كاتب ‌و‌ شاعر، لان هى ضمير راجع الى الابواب ‌و‌ هى متعدده.
 فان قلت: تعدد الخبر على هذا الوجه ‌لا‌ يجوز فيه الا العطف بالواو اجماعا.
 قلت: ‌هو‌ اما على تقديرها ‌و‌ ‌ان‌ كان قليلا، فقد حكى ابوزيد: اكلت خبزا، لحما، تمرا.
 ‌و‌ اما على الحكايه بان يكون قد وقع ‌فى‌ روايه المطهرى تعداد الابواب هكذا: التحميد ‌و‌ الصلاه الى آخره، ‌من‌ غير مبتدا فلما اخبر الراوى بذكر الابواب ‌فى‌ روايته جعل لها مبتدا فقال: ‌و‌ هى التحميد ‌و‌ الصلاه الى الاخر.
 الروضه الخامسه ‌اى‌ الباب الخامس: «دعاوه لنفسه ‌و‌ خاصته» خاصه الرجل: ‌من‌ يخصه ‌من‌ اصحابه.
 الروضه السادسه ‌اى‌ الباب السادس: «دعاوه عند الصباح ‌و‌ المساء» عند هنا: لزمان الحضور اى: وقت حضور الصباح ‌و‌ المساء.
 الروضه السابعه ‌اى‌ الباب السابع: «دعاوه ‌فى‌ المهمات» جمع مهمه ‌من‌ اهمه الامر: اذا حزنه ‌و‌ اقلقه.
 ‌و‌ فى: للظرفيه مجازا ‌او‌ على تقدير مضاف اى: وقت المهمات، ‌او‌ هى للتعليل اى: لاجل المهمات.
 الروضه الثامنه ‌اى‌ الباب الثامن: «دعاوه ‌فى‌ الاستعاذه» اى: الاعتصام بالله تعالى ‌من‌ المكاره ‌و‌ سيى ء الاخلاق ‌و‌ مذام الافعال.
 الروضه التاسعه ‌اى‌ الباب التاسع: «دعاوه ‌فى‌ الاشتياق» الى طلب المغفره ‌من‌ الله ‌جل‌ جلاله.
 الروضه العاشره ‌اى‌ الباب العاشر: «دعاوه ‌فى‌ اللجاء الى الله تعالى» اللجا بالتحريك مهموزا: الاعتصام ‌و‌ منه الجا امره الى الله: اسنده.
 الروضه الحاديه عشر ‌اى‌ الباب الحادى عشر: «دعاوه بخواتم الخير» جمع خاتمه بمعنى العاقبه، ‌و‌ الباء: للملابسه اى: متلبسا بطلب عواقب الخير كما يقال: دعوت الله بالمغفره، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون للسببيه.
 الروضه الثانيه عشر ‌اى‌ الباب الثانى عشر: «دعاوه ‌فى‌ الاعتراف ‌و‌ طلب التوبه» اى: ‌فى‌ الاقرار بالذنوب ‌و‌ طلب التوبه منها.

الروضه الثالثه عشر ‌اى‌ الباب الثالث عشر: «دعاوه ‌فى‌ طلب الحوائج» جمع حاجه على غير قياس كانهم جمعوا حائجه.
 قال الجوهرى: ‌و‌ كان الاصمعى ينكره ‌و‌ يقول انه مولد، ‌و‌ انما انكره لخروجه عن القياس ‌و‌ الا فهو كثير ‌فى‌ كلام العرب.
 الروضه الرابعه عشر، ‌اى‌ الباب الرابع عشر: «دعاوه ‌فى‌ الظلامات» جمع ظلامه بالضم كتمامه ‌و‌ هى: ‌ما‌ يطلبه المظلوم عند الظالم، ‌و‌ مثلها المظلمه بكسر اللام ‌و‌ فتح الميم.
 الروضه الخامسه عشر ‌اى‌ الباب الخامس عشر: «دعاوه عند المرض» ‌و‌ ‌هو‌ حاله خارجه عن الطبع ضاره بالفعل، ‌و‌ يعلم ‌من‌ هذا ‌ان‌ الالام اعراض عن المرض.
 الروضه السادسه عشر: ‌اى‌ الباب السادس عشر: «دعاوه ‌فى‌ الاستقاله» ‌اى‌ طلب الاقاله ‌من‌ ذنوبه يعنى التجاوز عنها.
 الروضه السابعه عشر ‌اى‌ الباب السابع عشر: «دعاوه على الشيطان» ‌و‌ الاستعاذه منه ‌و‌ ‌من‌ كيده.
 الروضه الثامنه عشر ‌اى‌ الباب الثامن عشر: «دعاوه ‌فى‌ المحذورات» ‌اى‌ المخوفات اذا دفعت عنه.
 الروضه التاسعه عشر ‌اى‌ الباب التاسع عشر: «دعاوه ‌فى‌ الاستسقاء» ‌اى‌ طلب السقيا عند الجدب.
 الروضه العشرون ‌اى‌ الباب العشرون: «دعاوه ‌فى‌ مكارم الاخلاق ‌و‌ مرضى الافعال» ‌اى‌ ‌فى‌ طلبها.
 الروضه الحاديه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الحادى ‌و‌ العشرون: «دعاوه اذا حزنه امر» بالنون ‌من‌ الحزن.
 ‌فى‌ نسخه ابن ادريس حزبه بالموحده بعد الزاى اى: نابه ‌و‌ اشتد عليه.
 الروضه الثانيه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الثانى ‌و‌ العشرون: «دعاوه عند الشده ‌و‌ الجهد» ‌و‌ تعسر الامور.
 الروضه الثالثه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الثالث ‌و‌ العشرون: «دعاوه بالعافيه» اذا سالها ‌و‌ شكرها.
 الروضه الرابعه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الرابع ‌و‌ العشرون «دعاوه لابويه» ‌اى‌ ابيه ‌و‌ امه، ثنيا بلفظ الاب لكونه اشرف.
 الروضه الخامسه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الخامس ‌و‌ العشرون: «دعاوه لولده» بفتحتين ‌و‌ بالحركات الثلاث ‌فى‌ اوله مع سكون ثانيه، يطلق على الذكر ‌و‌ الانثى ‌و‌ المثنى ‌و‌ المجموع.
 الروضه السادسه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب السادس ‌و‌ العشرون: «دعاوه لجيرانه ‌و‌ اوليائه» جمع جار ‌و‌ ‌هو‌ المجاور ‌فى‌ المسكن، ‌و‌ المستجير ‌و‌ الحليف ‌و‌ الناصر.
 ‌و‌ الاولياء: جمع ولى ‌و‌ ‌هو‌ المحب ‌و‌ النصير.
 الروضه السابعه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب السابع ‌و‌ العشرون: «دعاوه لاهل الثغور» جمع ثغر ‌و‌ ‌هو‌ مايلى دار الحرب ‌و‌ موضع المخافه ‌من‌ فروج البلدان.
 الروضه الثامنه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب الثامن ‌و‌ العشرون: «دعاوه ‌فى‌ التفزع» الى الله تعالى اى: الالتجاء اليه سبحانه، ‌من‌ فزع اليه: اذا لجا.
 الروضه التاسعه ‌و‌ العشرون ‌اى‌ الباب التاسع ‌و‌ العشرون: «دعاوه اذا قتر عليه الرزق» قتر بالبناء للمفعول بمعنى: ضيق، ‌من‌ قتر على عياله قترا ‌و‌ قتورا ‌من‌ بابى ضرب ‌و‌ قتل اى: ضيق عليهم ‌فى‌ النفقه.
 الروضه الثلاثون ‌اى‌ الباب الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ المعونه على قضاء الدين» اى: ‌فى‌ طلب المعونه ‌و‌ هى اسم ‌من‌ الاستعانه.
 الروضه الحاديه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الحادى ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه بالتوبه» تاب ‌من‌ ذنبه توبا ‌و‌ توبه اذا اقلع عنه ‌و‌ عرفت بانها الرجوع الى الله تعالى بحل عقده الاصرار عن القلب ثم القيام بكل حقوق الرب.
 الروضه الثانيه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الثانى ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ صلاه الليل» ‌اى‌ بعد الفراغ منها كما سياتى ‌فى‌ عنوان الدعاء.
 الروضه الثالثه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الثالث ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ الاستخاره» ‌و‌ هى سئوال الله تعالى ‌ان‌ يختار له خير الامرين.
 الروضه الرابعه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الرابع ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه اذا ابتلى ‌او‌ راى مبتلى بذنب» ابتلى بالبناء للمفعول اى: امتحن.
 الروضه الخامسه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الخامس ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ الرضا بالقضاء» الرضا: لغه خلاف السخط، ‌و‌ عرفا قيل: رفع الاختيار.
 ‌و‌ قيل: سكون النفس تحت مجارى القدر.
 ‌و‌ قيل: غير ذلك.
 ‌و‌ القضاء لغه: الحكم ‌و‌ اصطلاحا: عباره عن الحكم الالهى ‌فى‌ اعيان الموجودات على ماهى عليه ‌من‌ الاحوال الجاريه ‌من‌ الازل الى الابد، ‌و‌ ستسمع ‌فى‌ هذا المقام كلاما يزيدك اعلاما عند شرح الدعاء انشاء الله تعالى.
 الروضه السادسه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب السادس ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه اذا نظر الى السحاب ‌و‌ البرق ‌و‌ سمع صوت الرعد».
 الروضه السابعه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب السابع ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ الشكر اذا اعترف بالتقصير عن تاديته».
 الروضه الثامنه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب الثامن ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ الاعتذار» ‌من‌ تبعات العباد ‌و‌ ‌من‌ التقصير ‌فى‌ حقوقهم، ‌و‌ ‌فى‌ فكاك رقبته ‌من‌ النار.
 الروضه التاسعه ‌و‌ الثلاثون ‌اى‌ الباب التاسع ‌و‌ الثلاثون: «دعاوه ‌فى‌ طلب العفو ‌و‌ الرحمه».
 الروضه الاربعون ‌اى‌ الباب الاربعون: «دعاوه عند ذكر الموت ‌او‌ نعى اليه ميت».
 الروضه الحاديه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الحادى ‌و‌ الاربعون: «دعاوه ‌فى‌ طلب الستر ‌و‌ الوقايه» ‌اى‌ ستر ‌ما‌ ‌لا‌ يحب كشفه، ‌و‌ الوقايه ‌من‌ نشره ‌و‌ اعلانه كما يدل عليه متن الدعاء.
 الروضه الثانيه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الثانى ‌و‌ الاربعون: «دعاوه عند ختمه القرآن» ‌اى‌ عند اتمامه ‌و‌ تلاوته.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ختم القرآن، ‌و‌ كل عمل: اذا اتمه.
 الروضه الثالثه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الثالث ‌و‌ الاربعون: «دعاوه اذا نظر الى الهلال» ‌هو‌ غره القمر ‌او‌ الى ليلتين ‌او‌ الى ثلاث، ‌و‌ سياتى الكلام عليه مستوفى انشاء الله تعالى.
 الروضه الرابعه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الرابع ‌و‌ الاربعون: «دعاوه لدخول شهر رمضان» اللام يحتمل ‌ان‌ تكون للتعليل ‌اى‌ لاجل دخوله، ‌و‌ ‌ان‌ تكون بمعنى عند، ‌و‌ تسمى لام الاختصاص نحو: كتبته لغره كذا.
 الروضه الخامسه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الخامس ‌و‌ الاربعون: «دعاوه لوداع شهر رمضان» بفتح الواو ‌من‌ ودع ‌و‌ ‌هو‌ اسم ‌من‌ توديع المسافر كالسلام ‌و‌ التسليم.
 الروضه السادسه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب السادس ‌و‌ الاربعون: «دعاوه للعيدين ‌و‌ الجمعه» اى: عيد الفطر ‌و‌ الاضحى، ‌و‌ ذلك اذا انصرف ‌من‌ الصلاه.
 الروضه السابعه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب السابع ‌و‌ الاربعون: «دعاوه ‌فى‌ يوم عرفه» ‌و‌ ‌هو‌ اليوم التاسع ‌من‌ ذى الحجه.
 الروضه الثامنه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب الثامن ‌و‌ الاربعون: «دعاوه ‌فى‌ يوم الاضحى ‌و‌ الجمعه» يوم الاضحى بفتح الهمزه اول ايام النحر.
 الروضه التاسعه ‌و‌ الاربعون ‌اى‌ الباب التاسع ‌و‌ الاربعون: «دعاوه ‌فى‌ دفع كيد الاعداء ورد باسهم».
 الروضه الخمسون ‌اى‌ الباب الخمسون: «دعاوه ‌فى‌ الرهبه» اى: الخوف ‌من‌ الله تعالى.
 الروضه الحاديه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب الواحد ‌و‌ الخمسون: «دعاوه ‌فى‌ التضرع ‌و‌ الاستكانه» اى: الخضوع لله تعالى.
 الروضه الثانيه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب الثانى ‌و‌ الخمسون: «دعاوه ‌فى‌ الالحاح على الله تعالى» اى: المبالغه ‌فى‌ الدعاء، ‌و‌ الرغبه اليه سبحانه.
 الروضه الثالثه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب الثالث ‌و‌ الخمسون: «دعاوه ‌فى‌ التذلل لله ‌عز‌ ‌و‌ جل» تدلل له: خضع، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ الذل بالضم خلاف العز.
 الروضه الرابعه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب الرابع ‌و‌ الخمسون: «دعاوه ‌فى‌ استكشاف الهموم» اى: طلب كشفها ‌و‌ ازالتها.
 الروضه الخامسه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب الخامس ‌و‌ الخمسون: «دعاوه للضروره» هى اسم ‌من‌ الاضطرار بمعنى الاحتياج الى الشى ء، ‌و‌ تطلق على المشقه، ‌و‌ هذا الدعاء ‌و‌ الذى بعده غير موجودين ‌فى‌ نسخ الصحيفه فهما ‌من‌ جمله ‌ما‌ سقط عن الراوى.
 الروضه السادسه ‌و‌ الخمسون ‌اى‌ الباب السادس ‌و‌ الخمسون: «دعاوه عند اليقظه» بفتح الياء ‌و‌ القاف محركه، مصدر يقظ ‌من‌ باب تعب ‌و‌ كرم: يقظا ‌و‌ يقظه- محركتين- خلاف نام.
 اى: ‌ما‌ بقى بمعنى فضل ‌من‌ ترجمه كل باب مما لم يذكر ‌فى‌ هذا الفهرس، ‌و‌ ذكر ‌فى‌ عنوان كل دعاء ‌من‌ قوله: ‌و‌ كان ‌من‌ دعائه (عليه السلام) الى آخره، فهو بلفظ ابى عبدالله اى: مروى بلفظه حال روايه الصحيفه عنه كما يدل عليه قوله.
 قال ابن خلكان: لقب بالصادق لصدقه ‌فى‌ مقاله ‌و‌ كان سفيان الثورى اذا حدث عنه يقول: سمعت اباعبدالله جعفر ‌بن‌ محمد الصادق، ‌و‌ كان ‌و‌ الله صادقا كما سمى.
 ‌و‌ الوجه عندنا ‌فى‌ تسميته (عليه السلام) بالصادق ‌ما‌ رواه ابوخالد الكابلى قال: قلت لعلى ‌بن‌ الحسين (عليه السلام) ‌من‌ الامام بعدك؟ قال:
 «محمد ابنى يبقر العلم بقرا، ‌و‌ ‌من‌ بعد محمد جعفر اسمه عند اهل السماء الصادق قال: قلت: كيف اسمه الصادق ‌و‌ كلكم الصادقون؟ قال:
 حدثنى ابى عن رسول الله (صلى الله عليه ‌و‌ آله) قال: اذا ولد ابنى جعفر ‌بن‌ محمد ‌بن‌ على ‌بن‌ الحسين ‌بن‌ على ‌بن‌ ابى طالب (عليهم السلام) فسموه الصادق، فان الخامس ‌من‌ ولده الذى اسمه جعفر يدعى الامامه اجتراء منه على الله ‌و‌ كذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب المفترى على الله، ثم بكى زين العابدين (عليه السلام) فقال: كانى بجعفر الكذاب ‌و‌ قد حمل طاغيه زمانه على تفتيش امر ولى الله ‌و‌ الحبيب ‌فى‌ حفظ الله فكان كما ذكر» انتهى.
 ‌و‌ جعفر الكذاب ‌هو‌ اخو الامام ابى محمد الحسن العسكرى (عليه السلام).
 ‌هو‌ زين العابدين ‌و‌ سيد الزاهدين ‌و‌ قدوه المقتدين ‌و‌ امام المومنين، ابوالحسن، ‌و‌ ابومحمد على ‌بن‌ الحسين، ‌بن‌ على ‌بن‌ ابى طالب (عليهم السلام). امه: شاه زنان، بنت يزدجرد، ‌بن‌ شهريار، ‌بن‌ كسرى.
 ‌و‌ قيل: كان اسمها شهربانويه، ‌و‌ فيه يقول ابوالاسود الدئلى:
 ‌و‌ ‌ان‌ غلاما بين كسرى ‌و‌ هاشم
 لاكرم ‌من‌ نيطت عليه التمائم
 ولد بالمدينه سنه ثمان ‌و‌ ثلاثين ‌من‌ الهجره قبل وفاه جده اميرالمومنين (عليه السلام) بسنتين، فبقى مع جده سنتين، ‌و‌ مع عمه الحسن (عليه السلام) اثنتى عشر سنه، ‌و‌ مع ابيه الحسين (عليه السلام) ثلاثا ‌و‌ عشرين سنه ‌و‌ بعد ابيه اربعا ‌و‌ ثلاثين سنه، ‌و‌ توفى بالمدينه سنه خمس ‌و‌ تسعين للهجره، ‌و‌ له يومئذ سبع ‌و‌ خمسون سنه، ‌و‌ دفن بالبقيع ‌فى‌ القبر الذى فيه عمه الحسن (عليه السلام) ‌فى‌ القبه التى فيها العباس ‌بن‌ عبدالمطلب رضى الله عنه، ‌و‌ كان يقال له: ذو الثفنات، جمع ثفنه بكسر الفاء: ‌و‌ هى ‌من‌ الانسان الركبه ‌و‌ مجتمع الساق ‌و‌ الفخذ، لان طول السجود اثر ‌فى‌ ثفناته.
 قال الزهرى: ‌ما‌ رايت هاشميا افضل ‌من‌ على ‌بن‌ الحسين.
 ‌و‌ عن ابى جعفر (عليه السلام) قال: «كان على ‌بن‌ الحسين (عليه السلام) يصلى ‌فى‌ اليوم ‌و‌ الليله الف ركعه، ‌و‌ كانت الريح تميله بمنزله السنبله».
 ‌و‌ «كان اذا توضا للصلاه يصفر لونه فيقول له اهله: ‌ما‌ هذا الذى يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تدرون بين يدى ‌من‌ اريد ‌ان‌ اقوم؟».
 ‌و‌ قال ابن عائشه: سمعت اهل المدينه يقولون ‌ما‌ فقدنا صدقه السر حتى مات على ‌بن‌ الحسين (عليهماالسلام). ‌و‌ لما مات (عليه السلام) ‌و‌ جردوه للغسل جعلوا ينظرون الى آثار ‌فى‌ ظهره فقالوا: ‌ما‌ هذا؟ قيل: كان يحمل جربان الدقيق على ظهره ليلا ‌و‌ يوصلها الى فقراء المدينه سرا. ‌و‌ كان يقول: ‌ان‌ صدقه السر تطفى ء غضب الرب.
 ‌و‌ عن على ‌بن‌ ابراهيم عن ابيه قال: ‌حج‌ على ‌بن‌ الحسين (عليه السلام) ماشيا فسار ‌من‌ المدينه الى مكه عشرين يوما ‌و‌ ليله.
 ‌و‌ عن زراره ‌بن‌ اعين قال: سمع سائل ‌فى‌ جوف الليل ‌و‌ ‌هو‌ يقول: اين الزاهدون ‌فى‌ الدنيا، الراغبون ‌فى‌ الاخره؟ فهتف ‌به‌ هاتف ‌من‌ ناحيه البقيع يسمع صوته ‌و‌ ‌لا‌ يرى شخصه: ذاك على ‌بن‌ الحسين.
 ‌و‌ عن طاووس: انى لفى الحجر ليله، اذ دخل على ‌بن‌ الحسين فقلت: رجل صالح ‌من‌ اهل بيت النبوه لاسمعن دعاءه، فسمعته يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك. فقيرك بفنائك. قال: فما دعوت بهن ‌فى‌ كرب الا فرج عنى.
 ‌و‌ حكى الزمخشرى ‌فى‌ ربيع الابرار قال: لما وجه يزيد ‌بن‌ معاويه مسلم ‌بن‌ عقبه لاستباحه اهل المدينه، ضم على ‌بن‌ الحسين الى نفسه اربعمائه منافيه بحشمهن، يعولهن الى ‌ان‌ تقوض جيش مسلم، فقالت امراه منهن: ‌ما‌ عشت ‌و‌ الله بين ابوى بمثل ذلك الشريف.
 ‌و‌ كان (عليه السلام) كثير البربامه، فقيل له: انك ابر الناس بامك، ‌و‌ لسنا نراك تاكل معها ‌فى‌ صحفه؟ فقال: اخاف ‌ان‌ تسبق يدى الى ‌ما‌ سبقت اليه عينها، فاكون قد عققتها.
 ‌و‌ قيل له: كيف اصبحت؟ فقال: اصبحنا خائفين برسول الله، ‌و‌ اصبح جميع اهل الاسلام آمنين.
 ‌و‌ كان يقال له: ادم بنى حسين، لانه الذى تشعبت منه افنانهم، ‌و‌ تفرعت عنه اغصانهم، ‌و‌ مناقبه ‌و‌ فضائله اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى.
 قال الجاحظ ‌فى‌ رساله صنفها ‌فى‌ فضائل بنى هاشم: ‌و‌ اما على ‌بن‌ الحسين فلم ار الخارجى ‌فى‌ امره الا كالشيعى، ‌و‌ لم ار الشيعى الا كالمعتزلى، ‌و‌ لم ار المعتزلى الا كالعامى، ‌و‌ لم ار العامى الا كالخاصى، ‌و‌ لم ار احدا يتمارى ‌فى‌ تفضيله ‌و‌ يشك ‌فى‌ تقديمه، انتهى.
 متعلق باملى، ‌و‌ اجمعين: تاكيد للضمير المجرور، ‌و‌ فيه شاهد على جواز التاكيد باجمع دون (كل) اختيارا خلافا لمن منع ذلك.
 ‌و‌ السلام ‌فى‌ الاصل: السلامه، يقال: سلم يسلم سلاما ‌و‌ سلامه، ‌و‌ منه دار السلام للجنه، لانها دار السلامه ‌من‌ الافات، ‌و‌ المراد الدعاء باعطاء السلامه، ‌اى‌ التعرى ‌من‌ المكروه ‌و‌ الافات، ‌و‌ الغالب ‌فى‌ كلامهم ‌ان‌ يقولوا للميت ‌و‌ الغائب: عليه السلام بتقديم الضمير، ‌و‌ للحاضر: السلام عليك بتاخيره، ‌و‌ وجهه: ‌ان‌ المسلم على القوم يتوقع الجواب بان يقال له: عليك السلام فلما كان الميت ‌و‌ الغائب ‌لا‌ يتوقع منهما جواب، جعلوا السلام عليهما كالجواب، ‌و‌ الله الهادى الى سبيل الصواب.
 ثم شرح اسناد الصحيفه الكامله بعون الله تعالى ‌و‌ عنايته الشامله ‌و‌ لله الحمد، ‌و‌ رقمه مولفه عفا الله عنه بمنه.


0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5
اسناد الصحیفه السجادیه- 1
الدعاء 1- 3
الدعاء 3- 1
الدعاء 31- 2
الدعاء 48- 2
الدعاء 6- 2

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^