فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 9

بسم الله الرحمن الرحيم


 اللهم ‌يا‌ ‌من‌ الى طلب مغفرته يشتاق المذنبون، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ الى غيث رحمته يفتاق المجدبون، نحمدك على ‌ان‌ دعوتنا الى محبوبك ‌من‌ التوبه، ‌و‌ نشكرك على ‌ان‌ نهيتنا عن مكروهك ‌من‌ الاصرار على الحوبه، ‌و‌ نصلى على نبيك الصادق الامين الذى ارسلته رحمه للعالمين ‌و‌ على آله ائمه الدين ‌و‌ عترته الهداه المهتدين.


 ‌و‌ بعد فهذه الروضه التاسعه ‌من‌ رياض السالكين تتضمن شرح الدعاء التاسع ‌من‌ ادعيه صحيفه سيد العابدين.
 املاء العبد الفقير الى ربه الغنى على صدرالدين ‌بن‌ احمد الحسينى الحسنى، كتبه الله ‌فى‌ صحيفه ثوابه، ‌و‌ جعله نورا بين يديه يوم حسابه.
 
الاشتياق: اهتياج القلب الى لقاء المحبوب.
 ‌و‌ المغفره: اسم ‌من‌ غفر الله له غفرا - ‌من‌ باب ضرب - ‌و‌ غفرانا، ‌و‌ اصل الغفر الستر، فلذلك قيل: المغفره هى ‌ان‌ يستر القادر القبيح الصادر ممن ‌هو‌ تحت قدرته، حتى ‌ان‌ العبد اذا ستر عيب سيده مخافه عقابه ‌لا‌ يقال غفر له.
 ‌و‌ ‌جل‌ الشى ء يجل بالكسر: عظم فهو جليل، ‌و‌ جلال الله تعالى عظمته. ‌و‌ ‌فى‌ نسخه بدل هذا العنوان: «و كان ‌من‌ دعائه عليه السلام ‌فى‌ الاعتراف ‌و‌ طلب التوبه الى الله ‌عز‌ ‌و‌ جل».
 قال صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الطاهرين:
 
افتتح الدعاء بالصلاه على محمد ‌و‌ آله عليهم السلام ايجابا للاجابه كما مر مرارا.
 
و صار زيد غنيا: انتقل الى حاله الغنى بعد ‌ان‌ لم يكن عليها، ‌و‌ صار الى كذا: رجع اليه.
 ‌و‌ اليه مصيره: ‌اى‌ مرجعه ‌و‌ ماله. ‌و‌ يتعدى ‌فى‌ المعنيين بالتثقيل، فيقال: صيرته تصييرا.
 فصيرنا الى محبوبك ‌من‌ التوبه اى: انقلنا اليه، ‌او‌ اجعل مصيرنا ‌و‌ مالنا اليه.
 ‌و‌ المحبوب: مفعول ‌من‌ حبه يحبه - ‌من‌ باب ضرب - ‌و‌ الاكثر احبه بالالف ‌و‌ ‌ان‌ لم يقل منه محب الا نادرا، كما ذكرناه ‌فى‌ اوائل شرح السند.
 ‌و‌ معنى محبته تعالى للتوبه: ارادته الثواب عليها ‌و‌ الاكرام لفاعلها.
 ‌و‌ التوبه لغه: الرجوع، ‌و‌ تنسب الى العبد ‌و‌ الى الرب سبحانه، ‌و‌ معناها على الاول: الرجوع عن المعصيه الى الطاعه. ‌و‌ على الثانى: الرجوع عن العقوبه الى اللطف ‌و‌ التفضل، ‌و‌ ‌فى‌ الاصطلاح: الندم على الذنب لكونه ذنبا، فخرج الندم على شرب الخمر مثلا لمضرته بالجسم.
 ‌و‌ قيل: هى عباره عن انزجار النفس العاقله عن متابعه النفس الاماره بالسوء لجاذب الهى، اطلعت معه على قبح ‌ما‌ كانت عليه ‌من‌ اتباع شياطينها.
 ‌و‌ قيل: التوبه ترك الذنب لقبحه ‌و‌ منعه ‌من‌ الوصول الى الحق، ‌و‌ الندم على ‌ما‌ فرط، ‌و‌ العزم على ترك المعاوده، ‌و‌ تدارك ‌ما‌ امكن تداركه ‌من‌ الاعمال، ‌و‌ ‌رد‌ المظلمه الى صاحبها ‌او‌ تحصيل البراءه منه، فمتى اجتمعت هذه الامور تحققت حقيقه التوبه ‌و‌ كملت شرائطها ‌و‌ تاب الى الله تعالى، ‌و‌ هى ‌من‌ اهم قواعد الاسلام ‌و‌ اول مقامات سالكى الاخره.
 ‌و‌ قد اتفق اهل الاسلام على وجوبها فورا، ‌و‌ منافعها كثيره:
 
منها: انها شفاء ‌من‌ مرض الذنب.
 ‌و‌ منها: انها تخلع ثوب الدنس ‌و‌ تقطع عرق النجس.
 ‌و‌ منها: انها تورث محبه الرب ‌و‌ رضوانه ‌و‌ المصير الى جنانه. قال تعالى: «ان الله يحب التوابين»، ‌و‌ كفى بذلك شرفا ‌و‌ فضلا، فان محبه الحق اعلى مقاصد السالكين.
 ‌و‌ عن الباقر عليه السلام: ‌ان‌ الله اشد فرحا بتوبه عبده ‌من‌ رجل اظل راحلته ‌و‌ مزاده ‌فى‌ ليله ظلماء فوجدها، فالله اشد فرحا بتوبه عبده ‌من‌ ذلك الرجل براحلته.
 ‌و‌ الى هذا المعنى اشار سيد العابدين عليه السلام ‌فى‌ الدعاء بقوله: «محبوبك ‌من‌ التوبه». ‌و‌ لو لم يرد ‌فى‌ فضل التوبه غير هذا الحديث الشريف لكفى. كيف ‌و‌ الايات ‌و‌ الاخبار فيه اكبر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى، ‌و‌ سياتى تمام الكلام على التوبه ‌فى‌ الروضه الحاديه ‌و‌ الثلاثين ‌ان‌ شاء الله تعالى.
 زال ‌من‌ مكانه يزول زوالا: تحول ‌و‌ انتقل، ‌و‌ يتعدى بالهمزه كثيرا فيقال: ازلته، ‌و‌ بالتضعيف قليلا فيقال: زولته.
 ‌و‌ كراهته تعالى للاصرار يعود الى علمه بعدم استحقاق الثواب عليه، ‌و‌ يلزمها اراده اهانه فاعله ‌و‌ تعذيبه.
 ‌و‌ الاصرار: الاقامه على الذنب ‌من‌ غير استغفار، ‌و‌ قد سبق الكلام عليه مبسوطا ‌فى‌ شرح الدعاء الذى قبل هذا فليرجع اليه.
 
النقص: الخسران ‌فى‌ الحظ.
 ‌و‌ او: هنا للتفصيل، كقوله:
 ‌و‌ قالوا لنا ثنتان لابد منهما
 صدور رماح اشرعت ‌او‌ سلاسل
 اى: نقص ‌فى‌ دين ‌او‌ نقص ‌فى‌ دنيا، فهو تفصيل لاجمال الشى ء.
 ‌و‌ دنيا: تانيث الادنى، ‌و‌ قد وردت على خلاف القياس، لانسلاخها عن معنى الوصفيه ‌و‌ اجرائها مجرى الاسماء ‌و‌ هى ممنوعه الصرف لالف التانيث.
 ‌و‌ قال صاحب القاموس: الدنيا نقيض الاخره ‌و‌ قد تنون انتهى.
 قال الدمامينى ‌فى‌ شرح التسهيل: حكى ابن الاعرابى صرف دنيا على وجه الشذوذ، ‌و‌ ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ تكون الالف للتانيث مع الصرف، فتجعل اذ ذاك للالحاق انتهى.
 ‌و‌ المعنى: انه متى وقع منا تقصير نستوجب ‌به‌ الوقوف بين خسران ‌فى‌ الدين ‌و‌ خسران ‌فى‌ الدنيا.
 اى: فاجعل ذلك الخسران ‌فى‌ الدنيا المشار اليها بالاسرع فناء، لان النقص ‌فى‌ الفانى السريع الفناء ‌لا‌ نسبه له الى النقص ‌فى‌ الباقى الطويل البقاء.
 ‌و‌ افعل التفضيل هنا مجرد عن معنى التفضيل، اى: بالسريع منهما فناء، لان الدنيا ‌و‌ الدين ‌لا‌ يشتركان ‌فى‌ سرعه الفناء حتى يصح التفضيل، فهو كقولهم:
 
الناقص ‌و‌ الاشج اعدلا بنى مروان، اى: عادلاهم.
 المراد بالتوبه: التوبه المنسوبه الى الرب، ‌و‌ هى رجوعه تعالى عن العقوبه الى اللطف ‌و‌ التفضل، اى: اجعل رجوعك عن العقوبه لنا بالخسران الى اللطف بنا ‌و‌ التفضل علينا ‌فى‌ الدين المشار اليه بالاطول بقاء.
 ‌و‌ الحاصل: انه لما كان ‌من‌ الذنوب ‌و‌ المعاصى ‌ما‌ يستلزم اما خسرانا ‌فى‌ الدنيا، كما قال تعالى: «و ‌ما‌ اصابكم ‌من‌ مصيبه فبما كسبت ايديكم». ‌و‌ كما روى عن اميرالمومنين عليه السلام انه قال: ‌و‌ ايم الله ‌ما‌ كان قوم قط ‌فى‌ خفض عيش فزال عنهم الا بذنوب اجترحوها.
 ‌او‌ خسرانا ‌فى‌ الدين، كما روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: ‌ان‌ العبد ليذنب الذنب فينسى ‌به‌ العلم الذى كان قد علمه، ‌و‌ ‌ان‌ العبد ليذنب الذنب فيمتنع ‌به‌ ‌من‌ قيام الليل.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: ‌ان‌ الرجل ليذنب الذنب فيحرم صلاه الليل.
 سال عليه السلام ربه ‌ان‌ يوقع الخسران ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ يتوب عليه ‌من‌ الخسران ‌فى‌ الدين.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: بين تقصير ‌فى‌ دين ‌او‌ دنيا «واو» على ‌ما‌ مر.
 
و المعنى: متى اذا وقفنا بين تقصير ‌فى‌ دين ‌و‌ تقصير ‌فى‌ دنيا، نستوجب ‌به‌ النقص ‌فى‌ احدهما، فاوقع النقص ‌فى‌ اسرعهما فناء الى آخره.
 ‌و‌ قال بعض المعاصرين: معنى هذه العباره اذا وقفنا بين تقصير ‌فى‌ دين يكون باعثا على عدم التقصير ‌فى‌ الدنيا ‌او‌ بسببه، ‌او‌ تقصير ‌فى‌ دنيا يكون باعثا على عدم التقصير ‌فى‌ الدين ‌او‌ بسببه، فاوقع النقص باسرعهما فناء ‌و‌ ‌هو‌ الدنيا، ليكون تقصيرنا فيها ‌لا‌ ‌فى‌ الدين.
 ‌و‌ ‌فى‌ اتيانه عليه السلام ب«او» تنبيه على عدم امكان الجمع بين الرغبه ‌فى‌ الدين ‌و‌ الدنيا، كما ضرب اميرالمومنين عليه السلام مثلا للدنيا ‌و‌ الاخره بالضرتين، ‌و‌ انه ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ ترضى احداهما الا باسخاط الاخرى، ‌و‌ بكفتى الميزان فان احداهما ‌لا‌ ترفع الا بوضع الاخرى، ‌و‌ بالمشرق ‌و‌ المغرب فانه كلما ازداد قربا ‌من‌ احدهما ازداد بعدا ‌من‌ الاخر.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و اجعل التوبه ‌فى‌ اطولهما بقاء» معناه - ‌و‌ الله اعلم -: اجعل التوبه ‌فى‌ الدين ‌لا‌ ‌فى‌ الدنيا، بمعنى ‌ان‌ التوبه تكون ثمرتها ‌و‌ فائدتها بالدين ‌لا‌ بالدنيا، فان التوبه فيما يتعلق بالدنيا ‌لا‌ فائده فيها.
 قال: ‌و‌ يحتمل وجها اخر لعله اقرب ‌من‌ الاول، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يكون المراد وقوع النقص ‌فى‌ التقصير ‌فى‌ الدين ‌لا‌ ‌فى‌ التقصير ‌فى‌ الدنيا.
 ‌و‌ المراد بالنقص: رفعه بالكليه، فان الناقص ياتى بمعنى الساقط ‌و‌ الزائل ‌و‌ نحو ذلك، ‌و‌ اذا استعمل فيما نقص منه شى ء فباعتبار نقصه ‌من‌ التقصيرين.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله عليه السلام: «باسرعهما» بالباء دون «فى» افاده نقصه كله، ‌و‌ فناء التقصير ‌فى‌ الدنيا باعتبار عدمه ‌فى‌ الدنيا، ‌و‌ ‌لا‌ يلزم ‌من‌ كونه سريع الفناء ثبوت
 
الفناء لغيره، ‌و‌ التفضيل ‌فى‌ اطولهما ظاهر.
 ‌و‌ اسرعهما بمعنى سريعهما، كما ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌هو‌ اهون عليه»، ‌و‌ يمكن ‌فى‌ اطولهما ايضا ليتناسبا.
 ‌و‌ يحتمل اعتبار التفضيل فيهما، فتدبر، انتهى كلامه. ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ما‌ فيه ‌من‌ التمحل ‌و‌ التكلف.
 ‌و‌ قال بعضهم: معنى هذا الكلام انه متى توجه الينا نقصان ‌فى‌ دين ‌او‌ ‌فى‌ دنيا فاجعل النقصان دنيويا ‌لا‌ اخرويا، ‌و‌ وفقنا للتوبه قبل ‌ان‌ يصل الينا النقصان الاخروى، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ اقرب ‌من‌ الوجهين المذكورين قبله.
 ‌و‌ لبعض المترجمين ‌فى‌ حمل هذه الفقرات كلام يضحك الثكلى، اضربنا عن ذكره لسفسطته.
 
هم بالامر: اذا قصده ‌و‌ عزم عليه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ اول العزم، ‌و‌ قد يطلق على العزم القوى.
 ‌و‌ قال الامين الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: الهم ‌فى‌ اللغه على وجوه:
 منها: العزم على الفعل، كقوله تعالى: «اذ ‌هم‌ قوم ‌ان‌ يبسطوا اليكم ايديهم»، اى: ارادوا ذلك ‌و‌ عزموا عليه.
 ‌و‌ منها: خطور الشى ء بالبال ‌و‌ ‌ان‌ لم يقع العزم عليه، كقوله تعالى: «اذ همت
 
طائفتان منكم ‌ان‌ تفشلا ‌و‌ الله وليهما». يعنى: ‌ان‌ الفشل خطر ببالهما، ‌و‌ لو كان الهم هنا عزما لما كان الله وليهما، لان العزم على المعصيه معصيه، ‌و‌ ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يكون الله سبحانه ولى ‌من‌ عزم على الفرار عن نصره نبيه.
 ‌و‌ منها: ‌ان‌ يكون بمعنى المقاربه، قالوا: ‌هم‌ فلان ‌ان‌ يفعل كذا، اى: كاد يفعله.
 ‌و‌ منها: الشهوه ‌و‌ ميل الطبع، يقول القائل فيما يشتهيه ‌و‌ يميل اليه طبعه: هذا اهم الاشياء الى، ‌و‌ ‌فى‌ ضده: ليس هذا ‌من‌ همى انتهى ملخصا.
 ‌و‌ قال غيره: الهم على ثلاثه انواع:
 احدها: العزم ‌و‌ ‌هو‌ التصميم.
 ‌و‌ الثانى: الخطره التى ‌لا‌ تقصد ‌و‌ ‌لا‌ تستقر.
 الثالث: حديث النفس اختيار ‌ان‌ تفعل ‌ما‌ يوافقها ‌او‌ يخالفها ‌او‌ ‌ان‌ ‌لا‌ تفعل.
 فان قلت: ‌ما‌ المراد بالهم هنا؟ ‌و‌ ‌اى‌ معنى ‌من‌ هذه المعانى ينبغى حمل الهم عليه ‌فى‌ الدعاء؟
 قلت: ينبغى ‌ان‌ يحمل على المعنى الاول، ‌و‌ ‌هو‌ القصد ‌و‌ العزم ‌و‌ توطين النفس على الفعل ‌او‌ الترك، لانه الذى يترتب عليه رضا الله تعالى ‌فى‌ الطاعه ‌و‌ سخطه ‌فى‌ المعصيه.
 ‌و‌ اما بمعنى الخطره ‌او‌ حديث النفس، فان كان طاعه فلا مانع ‌من‌ ‌ان‌ يترتب عليه رضاه تعالى، كما جرت عليه عادته ‌فى‌ عموم الفضل ‌و‌ الاحسان، ‌و‌ ‌ان‌ كان
 
معصيه فقد انعقد الاجماع ‌من‌ الامه على ‌ان‌ ‌لا‌ مواخذه به.
 ‌و‌ على هذا المعنى للهم حمل جماعه ‌من‌ العلماء. ‌ما‌ رواه ‌فى‌ الكافى عن زراره عن احدهما عليهماالسلام قال: ‌ان‌ الله تعالى جعل لادم ‌فى‌ ذريته ‌من‌ ‌هم‌ بحسنه ‌و‌ لم يعملها كتبت له حسنه، ‌و‌ ‌من‌ ‌هم‌ بحسنه ‌و‌ عملها كتبت له عشر، ‌و‌ ‌من‌ ‌هم‌ بسيئه ‌و‌ لم يعملها لم تكتب عليه، ‌و‌ ‌من‌ عمل بها كتبت عليه سيئه.
 ‌و‌ عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ‌ان‌ المومن ليهم بالحسنه ‌و‌ ‌لا‌ يعمل بها فتكتب له حسنه، فان ‌هو‌ عملها كتبت له عشر حسنات، ‌و‌ ‌ان‌ المومن ليهم بالسيئه ‌ان‌ يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه.
 ‌و‌ روى البخارى ‌و‌ مسلم ‌فى‌ صحيحيهما عن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله فيما يروى عن ربه تبارك ‌و‌ تعالى - قال: ‌ان‌ الله كتب الحسنات ‌و‌ السيئات ثم بين ذلك، فمن ‌هم‌ بحسنه فلم يعملها كتبها الله عنده حسنه كامله، ‌و‌ ‌ان‌ ‌هم‌ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات الى سبع مائه ضعف الى اضعاف كثيره، ‌و‌ ‌ان‌ ‌هم‌ بسيئه فلم يعملها كتبها الله عنده حسنه كامله، ‌و‌ ‌ان‌ ‌هم‌ بها فعملها كتبها الله سيئه واحده.
 فالهم ‌فى‌ هذه الاخبار محمول على معنى الخطور ‌و‌ حديث النفس الذى ‌لا‌ استقرار معه.
 ‌و‌ اما العزم ‌و‌ التصميم على المعصيه فهو ‌فى‌ نفسه معصيه، فان عملها كانت
 
معصيه ثانيه، هذا ‌ما‌ ذهب اليه اكثر المحدثين ‌و‌ المتكلمين ‌و‌ جمهور العامه ‌و‌ جماعه ‌من‌ اصحابنا منهم امين الاسلام الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان ‌و‌ الشريف المرتضى قدس سره. قال ‌فى‌ تنزيه الانبياء: اراده المعصيه ‌و‌ العزم عليها معصيه، ‌و‌ قد تجاوز ذلك قوم حتى قالوا: ‌ان‌ العزم على الكبيره كبيره ‌و‌ على الكفر كفر انتهى.
 ‌و‌ استدلوا على ذلك بقوله تعالى: «ان الذين يحبون ‌ان‌ تشيع الفاحشه ‌فى‌ الذين آمنوا لهم عذاب اليم». ‌و‌ قوله تعالى: «اجتنبوا كثيرا ‌من‌ الظن».
 ‌و‌ بالاخبار المستفيضه الداله على حرمه الحسد ‌و‌ احتقار الناس ‌و‌ اراده المكروه بهم. ‌و‌ يويد ‌ما‌ ذهبوا اليه ظاهر عباره الدعاء.
 ‌و‌ قال كثير ‌من‌ الاصحاب: انه غير مواخذ به، لظاهر الاخبار المتقدمه. ‌و‌ اجابوا على الايتين بانهما مخصصتان باظهار الفاحشه ‌و‌ المظنون كما ‌هو‌ الظاهر ‌من‌ سياقهما.
 ‌و‌ عن الثالث: ‌ان‌ العزم المختلف فيه ماله صوره ‌فى‌ الخارج كالزنا ‌و‌ شرب الخمر، ‌و‌ اما ‌ما‌ ‌لا‌ صوره له ‌فى‌ الخارج كالاعتقاديات ‌و‌ خبائث النفس مثل الحسد ‌و‌ غيره فليس ‌من‌ صور محل الخلاف فلا حجه فيه على ‌ما‌ نحن فيه.
 ‌و‌ اما احتقار الناس ‌و‌ اراده المكروه بهم فاظهارهما حرام يواخذ به، ‌و‌ ‌لا‌ نزاع فيه، ‌و‌ بدونه اول المساله.
 قال بعض المحققين: ‌و‌ الحق ‌ان‌ المساله محل اشكال.
 
مال ‌به‌ الى كذا: صرفه اليه.
 ‌و‌ الباء: للتعديه، اى: جعل الفعل متعديا ‌و‌ تحويله باحداث معنى التصيير ‌فى‌ مفهومه ‌من‌ اللزوم الى التعدى، ‌و‌ هذا المعنى مما انفردت ‌به‌ الباء عن سائر حروف الجر.
 ‌و‌ اما التعديه بمعنى ايصال معنى الفعل الى شى ء بواسطه حرف الجر فهو جار ‌فى‌ حروف الجر كلها.
 ‌و‌ المعنى: ايدنا منك بعنايه نستعد بها لقصر الهم على ‌ما‌ يرضيك عنا.
 ‌و‌ وهن يهن وهنا - ‌من‌ باب وعد -: ضعف، ‌و‌ اوهنه: اضعفه، ‌و‌ عداه ب«عن» لتضمنه معنى المنع.
 ‌و‌ المراد بالقوه هنا: المعنى الذى يتمكن ‌به‌ الحيوان ‌من‌ مزاوله الافعال الشاقه ‌من‌ باب الحركات، ‌و‌ هى التى يقابلها الوهن ‌و‌ الضعف، ‌و‌ قد تطلق على جنس القدره ‌و‌ هى الصفه الموثره ‌فى‌ الغير، ‌و‌ على القدره نفسها.
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد بالقوه هنا: القوه الباعثه، ‌و‌ هى قوه تحمل القوه الفاعله على تحريك الاعضاء عند ارتسام صوره امر مطلوب ‌او‌ مهروب عنه ‌فى‌ الخيال، فهى ‌ان‌ حملتها على التحريك طلبا لتحصيل الشى ء الملائم عند المدرك، سواء كان ذلك الشى ء نافعا بالنسبه اليه ‌فى‌ نفس الامر ‌او‌ ضارا، تسمى قوه شهوانيه. ‌و‌ ‌ان‌ حملتها على التحريك طلبا لدفع الشى ء المنافى عند المدرك، ضارا كان ‌فى‌ نفس الامر ‌او‌ نافعا، تسمى قوه غضبيه.
 ‌و‌ المراد بايهان القوه عما يسخطه تعالى عدم الاعداد للمعاصى الموجبه لسخطه سبحانه، ‌و‌ سخطه تعالى على العبد يعود الى علمه بمخالفه اوامره ‌و‌ عدم
 
طاعته له، ‌و‌ يلزمه كراهيته لثوابه، ‌و‌ كراهته تعود الى علمه بعدم استحقاقه للثواب ‌و‌ انه ‌لا‌ مصلحه ‌فى‌ ثوابه، ‌و‌ يلزمها اراده اهانته ‌و‌ تعذيبه.
 
خليت بين زيد ‌و‌ عمرو تخليه: ‌اى‌ تركته ‌و‌ اياه.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: خليته ‌و‌ خليت عنه: ارسلته، ‌و‌ خليت فلانا ‌و‌ صاحبه ‌و‌ خليت بينهما انتهى.
 فقوله: ‌لا‌ تخل يجب ضبطه بضم التاء ‌و‌ كسر اللام المشدده.
 ‌و‌ اما ضبطه بفتح التاء ‌و‌ فتح اللام ‌و‌ جعله ‌من‌ تخليته بمعنى خليته فلم اقف عليه ‌فى‌ شى ء ‌من‌ كتب اللغه، ‌و‌ ‌ان‌ حكاه بعض المحشين فالعهده عليه.
 ‌و‌ اعلم ‌ان‌ المحقفين على ‌ان‌ النفس الانسانيه- اعنى النفس الناطقه- شى ء واحد، فاذا مالت الى العالم العلوى كانت مطمئنه، ‌و‌ اذا مالت الى الشهوه ‌و‌ الغضب سميت اماره، ‌و‌ هذا ‌فى‌ اغلب احوالها لالفها بالعالم الحسى ‌و‌ قرارها فيه، فلا جرم اذا خليت ‌و‌ طباعها انجذبت الى هذه الحاله، فلهذا قيل: انها ‌من‌ حيث هى اماره بالسوء.
 ‌و‌ ‌ان‌ كانت منجذبه تاره الى العالم العلوى ‌و‌ تاره الى العالم السفلى سميت لوامه.
 ‌و‌ منهم ‌من‌ ذهب الى ‌ان‌ النفس المطمئنه هى الناطقه بالعلوم، ‌و‌ النفس الاماره منطبعه ‌فى‌ البدن تحمله على الشهوه ‌و‌ الغضب ‌و‌ سائر الاخلاق الرذيله.
 
و الفاء ‌من‌ قوله: «فانها» للسببيه، تعليل لسوال عدم التخليه بينها ‌و‌ بين اختيارها.
 ‌و‌ قوله: «مختاره للباطل اماره بالسوء» اى: مياله الى القبائح راغبه ‌فى‌ المعاصى الا ‌ما‌ وقيت ‌و‌ ‌ما‌ رحمت، اى: الا البعض الذى وقيته ‌و‌ رحمته بالعصمه كالملائكه ‌و‌ الانبياء عليهم السلام.
 ف«ما» ‌فى‌ الموضعين موصوله، ‌او‌ المراد انها مختاره للباطل اماره بالسوء ‌فى‌ كل وقت ‌و‌ اوان الا وقت وقايتك ‌و‌ رحمتك. ف«ما» مصدريه زمانيه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون الاستثناء منقطعا، اى: ولكن وقايتك ‌و‌ رحمتك هما اللتان تصرفان الباطل ‌و‌ السوء. ‌و‌ ‌هو‌ محمول على منح الالطاف منه تعالى، فلا دليل فيه على ‌ان‌ صرف النفوس عن الباطل ‌و‌ السوء بخلق الله ‌و‌ تكوينه كما ‌هو‌ مذهب الاشاعره.
 
فيه اشاره الى قوله تعالى: «الله الذى خلقكم ‌من‌ ضعف»، اى: جعل الضعف اساس امر الانسان اما بحسب الخلقه ‌و‌ البنيه فلانه خلقه ‌من‌ اصل ضعيف ‌هو‌ النطفه، ‌و‌ اما بحسب الاخلاق فلانه خلق ضعيفا عن مخالفه هواه ‌و‌ مقاتله دواعيه ‌و‌ قواه، حيث ‌لا‌ يصبر عن اتباع الشهوات ‌و‌ ‌لا‌ يستخدم قواه ‌فى‌ مشاق الطاعات، كما قال سبحانه: «و خلق الانسان ضعيفا».
 فان المراد بالضعف فيه: الضعف عن مخالفه الهوى، لانها جمله وقعت اعتراضا تذييليا مسوقه لتقرير ‌ما‌ قبله ‌من‌ التخفيف بالرخصه ‌فى‌ نكاح الاماء،
 
و ليس لضعف البنيه مدخل ‌فى‌ ذلك، ‌و‌ ‌ان‌ ذهب اليه بعض المفسرين فان المقام ‌لا‌ يساعده.
 ‌و‌ الوهن: الضعف، جعله اساسا لما طبع عليه الانسان ‌من‌ الاخلاق ‌و‌ ‌ما‌ طبع منه ‌من‌ الاركان، فاستعار له البناء ايذانا بغايه لزومه له ‌و‌ عدم انفكاكه عنه، ‌و‌ لك تخصيص الضعف بالاخلاق ‌و‌ الوهن بالخلقه ‌او‌ بالعكس، تفاديا ‌من‌ التاكيد ‌و‌ ذهابا الى التاسيس الذى ‌هو‌ خير منه.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله عليه السلام: «و ‌من‌ ماء مهين ابتداتنا» اشاره الى قوله تعالى ‌فى‌ سوره السجده: «و بدا خلق الانسان ‌من‌ طين ثم جعل نسله ‌من‌ سلاله ‌من‌ ماء مهين». ‌و‌ قوله تعالى ‌فى‌ المرسلات: «الم نخلقكم ‌من‌ ماء مهين».
 ‌و‌ المهين: الحقير الذى ‌لا‌ يعبا به، ‌و‌ ‌هو‌ فعيل ‌من‌ مهن بضم العين مهانه: حقر فهو مهين.
 ‌و‌ المراد بالماء: النطفه.
 قال بعض العلماء: ‌و‌ ‌فى‌ خلق الانسان ضعيفا حكمه بالغه، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ الخلقه الانسيه لو لم تكن ذات وهن ‌و‌ قصور ‌فى‌ البنيه، لما انتبه الانسان ‌فى‌ احتياجه ‌فى‌ الحالات كلها الى خالقه، ‌و‌ لو لم ينتبه ‌فى‌ احتياجه اليه لما احبه ‌و‌ لما خشيه ‌و‌ لما استعان ‌به‌ ‌و‌ استعاذ ‌به‌ ‌و‌ التجا اليه، ‌و‌ لصارت ابواب المعاونات ‌و‌ اوجه المواساه منقطعه بين الخليقه، ‌و‌ لما تدرج الانسان بمساعيه الحميده الى اكتساب الفضائل ‌و‌ لما استحق بها المحمده، فسبحان ‌من‌ جعل الانسان بقصور بنيته فائزا باوفى غبطته.
 
الحول هنا: بمعنى الحركه، اى: ‌لا‌ حركه لنا ‌فى‌ تحصيل خير الا بقوتك، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون بمعنى الاحتيال ‌من‌ حال حولا بمعنى احتال اذا قدر على التصرف، اى: ‌لا‌ قدره لنا على التصرف الا بقوتك.
 ‌و‌ القوه: تطلق على كمال القدره ‌و‌ يقابلها الضعف، ‌و‌ لما ثبت انه تعالى مستند جميع الموجودات ‌و‌ المفيض على كل قابل ‌ما‌ يستعد له ‌و‌ يستحقه، فهو المعطى لكل ضعيف عادم القوه ‌من‌ نفسه كماله ‌و‌ قوته، لم يكن للانسان قدره على الحركه ‌او‌ التصرف الا بقوته سبحانه، ‌و‌ ‌لا‌ قوه له الا بافاضه قوه استعداد يقوى ‌به‌ عقله على القيام باوامره تعالى ‌و‌ الاجتناب عن نواهيه، ‌و‌ ‌هو‌ معنى قوله: «الا بعونك».
 
التاييد: التقويه ‌من‌ الايد بمعنى القوه، ‌و‌ تاييده تعالى للعبد تقويه امره ‌من‌ داخل بالبصيره، ‌و‌ ‌من‌ خارج بقوه الاعضاء ‌و‌ الجوارح على العمل بطاعته سبحانه.
 ‌و‌ قد مر معنى التوفيق، ‌و‌ ‌هو‌ جعل اراده الانسان ‌و‌ فعله موافقا لقضائه تعالى ‌و‌ قدره، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ كان ‌فى‌ الاصل موضوعا على وجه يصح استعماله ‌فى‌ السعاده ‌و‌ الشقاء فقد صار متعارفا ‌فى‌ السعاده فقط، ‌و‌ ‌هو‌ مما ‌لا‌ يستغنى الانسان عنه ‌فى‌ كل حال.
 كما قيل لحكيم: ‌ما‌ الشى ء الذى ‌لا‌ يستغنى عنه ‌فى‌ كل حال؟ فقال: التوفيق.
 ‌و‌ سدده تسديدا: قومه ‌و‌ وفقه للسداد، اى: الصواب ‌من‌ القول ‌و‌ العمل.
 ‌و‌ قيل: تسديده تعالى للعبد عباره عن تقويم ارادته ‌و‌ حركاته نحو الغرض
 
المطلوب له، ليهجم اليه ‌فى‌ اسرع مده.
 قال بعض العلماء: ‌و‌ اعلم ‌ان‌ توفيقه ‌و‌ تاييده ‌و‌ تسديده تعالى للعبد يكون بما يخوله ‌من‌ الفهم الثاقب، ‌و‌ السمع الواعى، ‌و‌ القلب المراعى، ‌و‌ تقييض المعلم الناصح، ‌و‌ الرفيق الموافق، ‌و‌ امداد ‌من‌ المال بما ‌لا‌ يقعد ‌به‌ عن مغزاه قلته ‌و‌ ‌لا‌ يشغله عنه كثرته، ‌و‌ ‌من‌ العشيره ‌و‌ العز ‌ما‌ يصونه عن سفه السفهاء ‌و‌ عن الغض منه ‌من‌ جهه الاغنياء، ‌و‌ ‌ان‌ يخوله ‌من‌ كبر الهمه ‌و‌ قوه الغزيمه ‌ما‌ يحفظه عن التسفف للدنيه ‌و‌ التاخر عن بلوغ المنزله السنيه.
 العمى كما يطلق على ذهاب بصر العين يطلق على ذهاب بصر القلب.
 قال ‌فى‌ المحكم: عمى: ذهب بصره كله، ‌و‌ العمى ايضا ذهاب بصر القلب انتهى.
 ‌و‌ قال غيره: ‌هو‌ للقلب مستعارا ‌من‌ عمى العين.
 ‌و‌ الابصار: جمع بصر محركه، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ العين النور الذى تدرك ‌به‌ المبصرات، ‌و‌ ‌من‌ القلب النور الذى يرى ‌به‌ حقائق الاشياء ‌و‌ بواطنها، بمثابه البصر للجارحه ترى ‌به‌ صور الاشياء ‌و‌ ظواهرها.
 قال ‌فى‌ القاموس: البصر محركه حس العين، ‌و‌ ‌من‌ القلب نظره ‌و‌ خاطره.
 ‌و‌ المراد باعماء ابصار القلوب عما خالف محبته تعالى منعها عن الالتفات الى
 
الشرور ‌و‌ المعاصى بعدم اعدادها لها.
 ‌و‌ الجوارح: جمع جارحه، ‌و‌ هى الاعضاء كاليد ‌و‌ الرجل.
 ‌و‌ نفذ ‌فى‌ الامر ‌و‌ القول نفوذا ‌و‌ نفاذا: مضى. ‌و‌ الغرض سوال حفظه تعالى ‌و‌ عصمته عن اكتساب معصيته بشى ء ‌من‌ الجوارح ‌و‌ الاعضاء.
 ‌و‌ ‌ما‌ قيل: انه ‌من‌ باب القلب ‌لا‌ ‌من‌ الالباس، اى: ‌لا‌ تجعل لمعصيتك نفوذا ‌فى‌ شى ء ‌من‌ جوارحنا، فظاهر الفساد، لان المعصيه ‌لا‌ فعل لها ‌فى‌ الجوارح حتى تكون هى النافذه فيها، ‌و‌ انما الفعل للجارحه لاكتسابها للمعصيه، فهى النافذه ‌فى‌ المعصيه باكتسابها لها، ‌و‌ ‌ما‌ ادرى ‌ما‌ الحامل لهذا القائل على جعله ‌من‌ باب القلب، مع تصريحهم بانه ‌من‌ الضرورات التى ‌لا‌ ينبغى حمل الكلام الفصيح عليها؟.
 
همس الكلام- ‌من‌ باب ضرب-: اخفاه، اى: ‌ما‌ تخفيه قلوبنا.
 ‌و‌ الاعضاء: جمع عضو بكسر العين ‌و‌ ضمها ‌و‌ ‌هو‌ الاشهر، ‌و‌ ‌هو‌ كل عظم وافر بلحمه، كذا ‌فى‌ المحكم.
 ‌و‌ ‌فى‌ مختصر العين: العضو كل عظم وافر ‌من‌ الجسد.
 ‌و‌ لمح البصر: امتد الى الشى ء، ‌و‌ لمح اليه لمحا- ‌من‌ باب نفع-: نظر اليه باختلاس البصر.
 
و اللهجات: جمع لهجه بفتح الهاء ‌و‌ سكونها لغه.
 قال اصحاب اللغه: هى اللسان.
 ‌و‌ قيل: طرفه، ‌و‌ لاخفاء بان اراده هذا المعنى غير صحيحه هنا، بل المراد ‌ما‌ تلفظ ‌به‌ الالسن.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: ‌و‌ قيل: لهجه اللسان: ‌ما‌ ينطق ‌به‌ ‌من‌ الكلام، ‌و‌ انها ‌من‌ لهج بالشى ء، ‌و‌ نظيرها قول بعضهم ‌فى‌ اللغه: انها ‌من‌ لغى بالشى ء اذا عزى انتهى.
 ‌و‌ عن الازهرى: فلان صحيح اللهجه، اى: اللغه. ‌و‌ ‌لا‌ مانع ‌من‌ اراده هذا المعنى هنا.
 ‌و‌ فى: للظرفيه المجازيه.
 ‌و‌ موجبات الثواب: ‌ما‌ يوجبه ‌من‌ الاعمال الصالحه.
 حتى: هنا للتعليل بمعنى كى، اى: ‌كى‌ ‌لا‌ تفوتنا حسنه.
 وفاته الامر فوتا ‌و‌ فواتا: ذهب عنه.
 ‌و‌ الحسنه: ‌ما‌ ندب اليه الشارع، ‌و‌ تقابلها السيئه ‌و‌ هى ‌ما‌ نهى عنه.
 ‌و‌ استحق الشى ء: استوجبه.
 ‌و‌ الجزاء: المكافاه على الشى ء.
 ‌و‌ ‌لا‌ تبقى لنا سيئه، اى: ‌لا‌ تفضل، ‌من‌ قولهم: بقى ‌من‌ الدين كذا، اى: فضل
 
و تاخر. ‌و‌ الغرض سوال التوفيق للاتيان بجميع الطاعات ‌و‌ التوقى عن جميع المعاصى، ‌و‌ ذلك انما يكون عن فيض الهى ‌و‌ عنايه الهيه، يقوى بهما الانسان على تحرى الخير ‌و‌ تجنب الشر.
 جعلنا الله تعالى ‌من‌ الملحوظين بعين عنايته ‌و‌ المهتدين بنور هدايته.
 ‌و‌ كان الفراغ ‌من‌ تاليف هذه الروضه عصر يوم السبت لخمس عشر خلون ‌من‌ شهر ربيع الثانى سنه الف ‌و‌ ثمانيه ‌و‌ تسعين، ‌و‌ الحمد لله رب العالمين، ‌و‌ الصلاه على محمد ‌و‌ على آله اجمعين ‌و‌ سلم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^