فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 10

بسم الله الرحمن الرحيم ‌و‌ ‌به‌ نستعين


 اللهم ‌يا‌ ‌من‌ اليه يلجا المضطرون، ‌و‌ بكرمه يلوذ المعترون، نحمدك على ‌ان‌ جعلت لنا الى طلب عفوك سبيلا، ‌و‌ سقيتنا ‌من‌ رجاء رحمتك ‌و‌ مغفرتك سلسبيلا، ‌و‌ نصلى ‌و‌ نسلم على نبيك الذى شرعت بشرعه النهج القويم ‌و‌ اهل بيته الذين هديث بهم الى الصراط المستقيم.


 ‌و‌ بعد فهذه الروضه العاشره ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيد العابدين، املاء العبد الراجى عفو ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى، اصلح الله اعماله ‌و‌ بلغه ‌فى‌ الدارين آماله.
 
لجات اليه بالهمزه لجا بالتحريك- ‌من‌ بابى نفع ‌و‌ تعب- ‌و‌ ملجا ‌و‌ التجات اليه: اعتصمت ‌به‌ ‌و‌ استندت اليه، ‌و‌ ‌هو‌ لجاى محركه ايضا ‌و‌ ملجاى.
 ‌و‌ اما اللجاء بالمد- كما حكاه بعض المحشين- فلم اقف عليه فيما يحضرنى ‌من‌ كتب اللغه فليحرز.
 
مفعول تشا ‌فى‌ الفقرتين محذوف لغرض البيان بعد الابهام، ‌و‌ التقدير: ‌ان‌ تشا العفو عنا تعف عنا، ‌و‌ ‌ان‌ تشا عذابنا تعذبنا، ‌و‌ حذف المفعول بعد فعل المشيئه ‌و‌ الاراده كثير مطرد، لدلاله الجواب عليه ‌و‌ بيانه له.
 ‌و‌ منه قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم اجمعين»، اى: لو شاء هدايتكم لهداكم اجمعين، فانه متى قيل: لو شاء ‌و‌ ‌ان‌ تشا علم السامع ‌ان‌ هناك شيئا علقت المشيئه عليه لكنه مبهم عنده، فاذا جى ء بجواب الشرط صار مبينا ‌و‌ هذا اوقع ‌فى‌ النفس، ‌و‌ يستثنى ‌من‌ ذلك فعل المشيئه الذى يكون تعلقه لمفعوله غريبا،
 
نحو: ‌و‌ لو شئت ‌ان‌ ابكى دما لبكيته، فان تعلق فعل المشيئه الذى يكون تعلقه ببكاء الدم غريب، فلا ‌بد‌ ‌من‌ ذكر المفعول لتتقرر ‌فى‌ نفس السامع ‌و‌ يانس به.
 ‌و‌ تعف ‌و‌ تعذب: مجزومان جزاء للشرط.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله «فبفضلك»: فصيحه، اى: ‌ان‌ عفوت فالعفو بفضلك.
 ‌و‌ كذا قوله «فبعدلك»، ‌و‌ ‌لا‌ يصح كون «تعف ‌و‌ تعذب» بدلى اشتمال ‌من‌ تشا ‌فى‌ الفقرتين ‌و‌ الفاء رابطه للجواب، لعدم فهم معناهما لو حذفا، ‌و‌ بدل الاشتمال شرط صحته فهم معناه عند حذفه.
 كما نص عليه ابن مالك ‌فى‌ شرح الكافيه ‌و‌ التسهيل، فمن توهم انهما ‌من‌ باب بدل الفعل ‌من‌ الفعل بدل اشتمال نحو «و ‌من‌ يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب».
 ‌و‌ قول الشاعر:
 متى تاتنا تلمم بنا ‌فى‌ ديارنا
 تجد حطبا جزلا ‌و‌ نارا تاججا
 فقد اخطا، الا ترى انك لو حذفت تعف ‌و‌ تعذب، فقلت: ‌ان‌ تشاء فبفضلك ‌و‌ ‌ان‌ تشاء فبعدلك لم يصح، بخلاف الايه ‌و‌ البيت، فانك لو حذفت فيهما البدلين فقلت: ‌و‌ ‌من‌ يفعل ذلك يلق آثاما، ‌و‌ متى تاتنا ‌فى‌ ديارنا تجد حطيا جزلا، صح الاستغناء عن البدل بالمبدل منه ‌و‌ حسن الكلام.
 ‌و‌ تقديم المغفره على التعذيب للايذان بسبق رحمته غضبه، ‌و‌ لانها ‌من‌
 
مقتضيات الذات دونه فانه ‌من‌ مقتضيات سيئات العصاه، ‌و‌ هذا صريح ‌فى‌ نفى وجوب التعذيب. ‌و‌ التقييد بالتوبه ‌و‌ عدمها كالمنافى له.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه ابن ادريس تعذبنا بالرفع.
 قال بعضهم: وجهه غير ظاهر.
 قلت: بل ‌هو‌ ظاهر، ‌و‌ ‌هو‌ مثل قوله تعالى: «افغير الله تامرونى اعبد».
 ‌و‌ قول الشاعر:
 الا ‌اى‌ هذا الزاجرى احضر الوعى
 برفع اعبد ‌و‌ احضر ‌و‌ وجهه ‌ان‌ الاصل ‌ان‌ تشا ‌ان‌ تعذبنا، ‌و‌ تامرونى ‌ان‌ اعبد، ‌و‌ الزاجرى ‌ان‌ احضر، فحذفت ‌ان‌ الناصبه ‌و‌ ارتفع المضارع على الاصل، لان العامل اذا نسخ عاملا ‌و‌ حذف رجع الاول، لان لفظه ‌هو‌ الناسخ، ‌و‌ على هذه الروايه تكون الفاء ‌من‌ قوله «فبعدلك» رابطه للجواب، ‌و‌ المعنى ‌و‌ ‌ان‌ تشا تعذبنا فذلك بعدلك.
 ‌و‌ الفضل: الاحسان.
 ‌و‌ العدل: الانصاف. ‌و‌ ‌لا‌ ‌شك‌ ‌ان‌ مشيئته سبحانه للعفو تفضل منه ‌و‌ احسان ‌لا‌ باستحقاق ‌من‌ العبد.
 ‌و‌ مشيئته للعذاب ‌و‌ العقاب انما ‌هو‌ جزاء للمعاقب بما عمله، ‌لا‌ بظلم منه له ‌و‌ جور عليه، كما قال تعالى: «ثم توفى كل نفس ‌ما‌ كسبت ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يظلمون».
 
سهل الله الشى ء تسهيلا: يسره، ‌و‌ تسهيل العفو عباره عن التكرم ‌به‌ على
 
العبد ‌من‌ غير مداقه ‌و‌ مناقشه ‌فى‌ الحساب، ‌او‌ مخالطته بشى ء ‌من‌ العذاب ‌و‌ العقاب.
 ‌و‌ المن: مصدر ‌من‌ عليه بالعتق ‌و‌ غيره منا- ‌من‌ باب قتل- انعم عليه به، ‌و‌ الاسم المنه بالكسر.
 ‌و‌ اجاره ‌من‌ السوء: حفظه بشى ء منه، ‌و‌ اجاره مما يخاف: آمنه.
 ‌و‌ تجاوز عنه: عفا ‌و‌ صفح.
 الطاقه: اسم ‌من‌ اطقت الشى ء اطاقه قدرت عليه فانا مطيق، مثل الطاعه اسم ‌من‌ اطاع.
 ‌و‌ النجاه: مصدر نجا ‌من‌ الهلاك ينجو اى: خلص، ‌و‌ الاسم النجاء بالمد ‌و‌ قد يقصر.
 ‌و‌ دون بالضم: نقيض فوق، ‌و‌ اتسع فيه فاستعمل ‌فى‌ كل تجاوز امر الى امر، كقوله:
 ‌يا‌ نفس مالك دون الله ‌من‌ واق
 اى: تجاوزت وقايته ‌و‌ لم تبالها لم يقك غيره، ‌و‌ ‌هو‌ هنا بهذا المعنى، اى: ‌لا‌ نجاه لاحد منا اذا تجاوزنا عفوك، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون المعنى قبل الوصول الى عفوك.
 ‌و‌ منه: ‌ان‌ دون غد لليله، اى: قبله.
 ‌و‌ ‌فى‌ معنى قول هذا الدعاء قول اميرالمومنين عليه السلام: اللهم احملنى على عفوك ‌و‌ ‌لا‌ تحملنى على عدلك. سال عليه السلام ‌ان‌ يحمله على عفوه فيما عساه
 
صدر عنه ‌من‌ ذنب، ‌و‌ ‌لا‌ يحمله على عدله فيجزيه بما فعل حرمانا ‌و‌ عقوبه.
 قال بعضهم: ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ لطيف ‌ما‌ تعده النفس لاستنزال الرحمه الالهيه.
 
كونه تعالى غنيا يعود الى عدم حاجته ‌فى‌ شى ء ‌ما‌ الى شى ء ما، فغناه عباره عن سلب مطلق الحاجه، ‌و‌ اضافته الى الاغنياء على معنى كبيرهم ‌و‌ رئيسهم، كما يقال ملك الملوك ‌و‌ سيد السادات ‌و‌ عظيم العظماء ‌و‌ مولى الموالى.
 ‌و‌ ها: للتنبيه، ‌و‌ فيه شاهد لدخوله على الجمله الاسميه الخاليه ‌من‌ اسم الاشاره.
 ‌و‌ قال الرضى: لم اعثر لذلك على شاهد. ‌و‌ كفى بكلام المعصوم شاهدا.
 ‌و‌ قد حكى الزمخشرى ‌فى‌ المفصل دخوله على الاسميه ‌و‌ الفعليه الخاليتين ‌من‌ اسم الاشاره، فقال: يقال: ‌ها‌ ‌ان‌ زيدا منطلق، ‌و‌ ‌ها‌ افعل كذا.
 ‌و‌ نحن: مبتدا، ‌و‌ عبادك: خبره.
 ‌و‌ بين يديك: اما ‌فى‌ محل نصب على الحال، اى: ماثلين بين يديك، ‌و‌ العامل فيها حرف التنبيه، ‌او‌ ‌فى‌ محل رفع على انه خبر بعد خبر.
 فان قلت: قد قرروا ‌ان‌ معنى التنبيه ايقاظ السامع ‌و‌ تنبيهه ‌من‌ سنه الغفله، لتتمكن الجمله ‌فى‌ ذهنه، ‌و‌ يتفطن لما يقال له ‌و‌ يلقى اليه فلا يغفل عنه، ‌و‌ هذا المعنى مستحيل ‌فى‌ خطاب الله تعالى، فكيف جاء بحرف التنبيه ‌فى‌ خطابه تعالى؟
 
قلت: لما كان التنبيه يستلزم اهتمام المتكلم بالمقصود، كان الغرض ‌من‌ المجى ء بحرفه ‌فى‌ خطابه سبحانه اظهار الاهتمام بالمقصود، فهو ‌من‌ قبيل التضرع ‌و‌ الالحاح المطلوب ‌فى‌ الدعاء ‌لا‌ تتبيه المخاطب ‌و‌ ايقاظه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
 ‌و‌ بين اليدين: عباره عن الامام، لان ‌ما‌ بين يدى الانسان امامه
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الكشاف: حقيقه قولهم: جلست بين يدى فلان ‌ان‌ تجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه ‌و‌ شماله قريبا منه حتى تنطر اليه ‌من‌ غير تقليب حدقه، فسميت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا، كما يسمى الشى ء باسم غيره اذا جاوره ‌و‌ اذا داناه ‌فى‌ غير موضع انتهى.
 ‌و‌ قد جرت هذه العباره هاهنا على سنن التمثيل الذى يسميه اهل البيان تمثيلا تخييليا، فانه مثل حضور عباده تعالى ‌فى‌ علمه سبحانه بحال حضور قوم ماثلين امام ‌من‌ يكون له جهتان مسامتتان ليمينه ‌و‌ شماله قريبا منه، ‌من‌ غير ‌ان‌ يذهب بها الى جهه حقيقه بالنسبه الى الله تعالى كما يذهب اليه المجسمه، ‌او‌ مجاز بان يراد باليد القدره.
 ‌و‌ انما المراد بالمفردات ‌فى‌ مثل ذلك حقائقها ‌فى‌ نفسها، كما ‌فى‌ قولهم: اراك تقدم رجلا ‌و‌ توخر اخرى، على ‌ما‌ سبق بيانه مبسوطا ‌فى‌ الروضه السادسه ‌فى‌ شرح دعاء الصباح، عند قوله عليه السلام: «اصبحنا ‌فى‌ قبضتك»، فليرجع اليه.
 
قوله: «و انا افقر الفقراء اليك» يجب ‌ان‌ يحمل الفقر على ‌ما‌ ‌هو‌ اعم ‌من‌ الفقر المتعارف، ‌و‌ ‌هو‌ مطلق الحاجه، ليعم التمجيد.
 جبر الله مصيبته- ‌من‌ باب قتل-: ‌اى‌ ‌رد‌ عليه ‌ما‌ ذهب منه ‌او‌ عوضه عنه، ‌و‌ جبر الفقير: احسن اليه ‌او‌ اغناه بعد فقره، ‌و‌ جبرت فلانا: نعشته، ‌و‌ اصله ‌من‌ جبر العظم الكسير ‌و‌ ‌هو‌ اصلاحه.
 ‌و‌ الفاقه: الحاجه ‌و‌ الفقر.
 ‌و‌ الوسع بالضم: الغنى ‌و‌ الجده، ‌و‌ ‌فى‌ الاسماء الحسنى «الواسع»: الكثير العطاء الذى يسع لما يسال، ‌او‌ الذى وسع غناه كل فقير ‌و‌ رحمته كل شى ء.
 ‌و‌ قطع رجاءه: ابطله ‌و‌ اياسه.
 ‌و‌ المنع: الحرمان، ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء «اللهم ‌من‌ منعته فهو ممنوع» اى: ‌من‌ حرمته فهو محروم ‌و‌ ‌لا‌ يعطيه احد غيرك، ‌و‌ ‌فى‌ اسمائه تعالى «المانع».
 قيل: معناه يمنع ‌من‌ يريد ‌من‌ خلقه ‌ما‌ يريد ‌و‌ يعطيه ‌ما‌ يريد.
 ‌و‌ قيل: يمنع عن اهل طاعته ‌و‌ يحوطهم ‌و‌ ينصرهم فلا يكون مما نحن فيه.
 الفاء: للسببيه، ‌و‌ المضارع منصوب بعدها بان مضمره لسبقها بالطلب، ‌و‌ ‌هو‌ قوله: ‌لا‌ تقطع.
 ‌و‌ استسعد: طلب السعاده، ‌و‌ الباء ‌من‌ بك: اما للاستعانه ‌او‌ السببيه.
 
و حرمت زيدا كذا حرما ‌و‌ حرمانا- ‌من‌ باب ضرب- يتعدى الى مفعولين. ‌و‌ انما حذف احدهما لان الغرض الاخبار بوقوع الحرمان ‌لا‌ حرمان شى ء مخصوص، ‌و‌ قد تقدم بيان نحو ذلك.
 ‌و‌ استرفد: طلب الرفد ‌و‌ ‌هو‌ العطاء ‌و‌ الصله.
 ‌و‌ الفضل: الخير ‌و‌ الاحسان.
 
اى: حين اذا شقيت ‌من‌ استسعد بك، ‌و‌ حرمت ‌من‌ استرفد فضلك، حذفت الجمله كلها للعلم بها ‌و‌ عوض عنها التنوين، ‌و‌ مثله قوله تعالى: «و انتم حينئذ تنظرون»، اى: حين اذ بلغت الروح الحلقوم.
 قال ابوحيان: ‌و‌ الذى يظهر ‌من‌ قواعد العربيه ‌ان‌ هذا الحذف جائز ‌لا‌ واجب، ‌و‌ تكسر ذالها حينئذ لالتقاء الساكنين على الاصل، ‌و‌ ‌من‌ العرب ‌من‌ يفتحها تخفيفا فيقولون يومئذ ‌او‌ حينئذ. ‌و‌ المنقلب بفتح اللام: مصدر ميمى بمعنى الانقلاب ‌و‌ ‌هو‌ الرجوع مطلقا، اى: مرجعنا عنك. ‌و‌ ذهب ذهابا ‌و‌ ذهوبا ‌و‌ مذهبا: مضى، اى: الى اين مضينا عن بابك؟ ‌و‌ الاستفهام ‌فى‌ ذلك للانكار الابطالى، ‌و‌ المعنى فيه على النفى ‌و‌ ‌ما‌ بعده منفى، كقوله تعالى: «فمن يهدى ‌من‌ اضل الله»، اى: ‌لا‌ يهدى. ‌و‌ المعنى: ‌لا‌ منقلب لنا عنك ‌و‌ ‌لا‌ مذهب لنا عن بابك.
 نزهه سبحانه عما ‌لا‌ يليق بفضله ‌و‌ كرمه وسعه رحمته، اى: انزهك عما ‌لا‌ يليق بشانك الاقدس ‌من‌ الامور التى ‌من‌ جملتها اشقاء ‌من‌ استسعد بك ‌و‌ حرمان ‌من‌ استرفد فضلك. ثم قال: «نحن المضطرون الى آخره» اشاره الى قوله تعالى: «امن يجيب المضطر اذا دعاه ‌و‌ يكشف السوء». ‌و‌ الاضطرار: افتعال ‌من‌ الضروره، ‌و‌ المضطر: الذى احوجه مرض ‌او‌ فقر ‌او‌ نازله ‌من‌ نوازل الايام الى التضرع الى الله. يقال: اضطر الانسان الى كذا، ‌و‌ الفاعل ‌و‌ المفعول مضطر. ‌و‌ عن ابن عباس: المضطر ‌هو‌ المجهود. ‌و‌ عن السدى: ‌من‌ ‌لا‌ حول له ‌و‌ ‌لا‌ قوه. ‌و‌ قيل: ‌هو‌ المذنب. ‌و‌ دعاوه: استغفاره. ‌و‌ السوء: ‌ما‌ يعترى الانسان مما يسوه. قال بعضهم: انما عبر عليه السلام ‌فى‌ الاول بالايجاب ‌و‌ ‌فى‌ الثانى بالوعد، ‌من‌ حيث ‌ان‌ الله تعالى اخبر باجابه دعاء المضطر، ‌و‌ كشف السوء وقع الوعد ‌به‌ بعد ذلك، فناسب الاول الايجاب ‌و‌ الثانى الوعد، فليفهم. انتهى. ‌و‌ قال بعض المفسرين: قوله تعالى: «و يكشف السوء» كالبيان لقوله: «يجيب المضطر».
 حكى ‌ان‌ امراه جاءت الى الجنيد فقالت: ادع الله لى فان ابنى ضاع، فقال: اذهبى ‌و‌ اصبرى، تفعل ذلك مرارا ‌و‌ الجنيد يقول: اصبرى، فقالت: عيل صبرى، ‌و‌ اندفعت تعول ‌و‌ تولول، فقال الجنيد: اذهبى فقد رجع ابنك، فعادت تشكر ‌و‌ تدعو له، فقيل للجنيد: بم عرفت ذلك؟ فقال: بقوله تعالى: «امن يجيب المضطر اذا دعاه ‌و‌ يكشف السوء».

اشبه: هنا افعل تفضيل ‌من‌ قولهم: اشبه الولد اباه اذا شاركه ‌فى‌ صفه ‌من‌ صفاته، ‌و‌ بناوه ‌من‌ باب افعل قياس عند سيبويه مع كونه ذا زياده.
 قال الرضى: ‌و‌ يويده كثره السماع، كقولهم: ‌هو‌ اعطاهم للدينار، ‌و‌ اولاهم للمعروف، ‌و‌ انت اكرم لى ‌من‌ فلان، ‌و‌ ‌هو‌ كثير، ‌و‌ مجوزه قله التغيير، لانك تحذف منه الهمزه ‌و‌ ترده الى الثلاثى، ثم تبنى منه افعل التفضيل، فتخلف همزه التفضيل همزه الافعال، ‌و‌ ‌هو‌ عند غيره سماعى مع كثرته.
 ‌و‌ قد علمت ‌ان‌ للمشيئه معنيين:
 احدهما: كون ذاته سبحانه بحيث يختار ‌ما‌ ‌هو‌ الخير ‌و‌ الصلاح، فهى نفس علمه الحق بالمصالح ‌و‌ الخيرات ‌و‌ عين ذاته الاحديه، ‌و‌ هى بهذا المعنى ‌من‌ صفات الذات.
 ‌و‌ الثانى: ايجاده الاشياء ‌و‌ احداثه لها بحسب اختياره، ‌و‌ هى بهذا المعنى ‌من‌ صفات الفعل.
 
اذا عرفت ذلك فقوله عليه السلام: «و اشبه الاشياء بمشيتك» ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يراد بالمشيئه المعنى الاول الا على حذف مضاف، تقديره: ‌و‌ اشبه الاشياء بمقتضى مشيئتك، اى: ‌ما‌ يقتضيه علمك بالمصالح ‌و‌ الخيرات.
 ‌و‌ حذف المضاف كثير واقع ‌فى‌ فصيح الكلام، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و جاء ربك ‌و‌ الملك»، اى: امر ربك، «و اسئل القريه»، اى: اهلها.
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يراد بها المعنى الثانى على معنى ‌ان‌ اشبه الاشياء باحداثك الافعال ‌و‌ ايجادك اياها احداثك رحمه ‌من‌ استرحمك، ‌و‌ انما قال ذلك لما ثبت ‌من‌ ‌ان‌ مشيئته تعالى ‌لا‌ تتعلق الا بكل خير ‌و‌ مصلحه ‌و‌ نظام ‌فى‌ العالم، ‌و‌ اما ‌ما‌ يرى فيه ‌من‌ الشرور فهى شرور قليله لازمه لبعض الخيرات، لو لم توجد لاجلها كان يلزم شرور كثيره، فهذه الشرور ‌و‌ الافات التى ‌فى‌ عالمنا هذا داخله ‌فى‌ مشيئه الله الازليه بالعرض ‌و‌ على سبيل التبع، ‌لا‌ بالذات ‌و‌ على سبيل القصد الاول.
 ‌و‌ اولى: ‌اى‌ احرى ‌و‌ اخلق.
 ‌و‌ ‌فى‌ عظمتك: حال ‌من‌ ضمير المخاطب ‌فى‌ «بك».
 ‌و‌ فى: للظرفيه المجازيه، اى: متمكنا ‌فى‌ عظمتك تمكن الحال ‌فى‌ المحل، فهو على سبيل الاستعاره التبعيه.
 ‌و‌ عظمته تعالى تجاوز قدره حدود العقول حتى ‌لا‌ تتصور الاحاطه بكنهه ‌و‌ حقيقته، ‌و‌ انما كان اولى الامور ‌به‌ تعالى رحمه ‌من‌ استرحمه، لان الرحمه ‌من‌ مقتضيات ذاته المقدسه، بخلاف الغضب ‌و‌ السخط ‌و‌ نحوهما، فانه ‌من‌ مقتضيات
 
الذنوب ‌و‌ المعاصى كما تقدم.
 ضرع له يضرع بفتحتين ضراعه: ذل ‌و‌ خضع، ‌و‌ تضرع الى الله ابتهل، اى: تذلل ‌و‌ بالغ ‌فى‌ السوال.
 ‌و‌ اغاثه: اذا اعانه، ‌و‌ اغاثهم الله برحمته: كشف شدتهم.
 ‌و‌ طرحه طرحا- ‌من‌ باب نفع-: رمى ‌به‌ ‌و‌ القاه، ‌و‌ طرح الانفس بين يديه تعالى عباره عن غايه الاخبات له، اعنى الخضوع ‌و‌ الخشوع ‌و‌ التواضع بجميع الاعضاء له سبحانه، فهو ‌من‌ باب التمثيل التخييلى كما مربيانه.
 ‌و‌ اذ ‌فى‌ «اذ طرحنا» للتعليل، اى: لاجل طرحنا. ‌و‌ هل هى حرف بمنزله لام التعليل، ‌او‌ ظرف ‌و‌ التعليل مستفاد ‌من‌ قوه الكلام ‌لا‌ ‌من‌ اللفظ، فانه اذا قيل: ضربته اذ اساء ‌و‌ اريد الوقت اقتضى ظاهر الحال ‌ان‌ الاساءه سبب الضرب؟ قولان، ‌و‌ الجمهور على الثانى.
 
الشماته: فرح العدو بمصيبه تنزل بمن يعاديه، شمت ‌به‌ يشمت- ‌من‌ باب علم-.
 ‌و‌ شايعته على الامر مشايعه: مثل تابعته متابعه وزنا ‌و‌ معنى. ‌و‌ لما كان الشيطان ظاهر العداوه لادم ‌و‌ ذريته، كما قال سبحانه: «و ‌لا‌ تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين انما يامركم بالسوء ‌و‌ الفحشاء ‌و‌ ‌ان‌ تقولوا على الله ‌ما‌ ‌لا‌ تعلمون»، ‌و‌ قد قال هو: «فبعزتك لاغوينهم اجمعين»، «لا قعدن لهم
 
صراطك المستقيم ثم لاتينهم ‌من‌ بين ايديهم ‌و‌ ‌من‌ خلفهم ‌و‌ عن ايمانهم ‌و‌ عن شمائلهم»، فمتى تابعه الانسان على معصيه الله تعالى، علم انه قد نفذ فيه كيده، ‌و‌ عملت فيه حيلته، ‌و‌ نزلت ‌به‌ مصيبه العصيان ‌من‌ فساد اعتقاده ‌او‌ عمله، ففرح لذلك لما يترتب عليه ‌من‌ غضب الله تعالى ‌و‌ سخطه ‌و‌ عذابه ‌و‌ عقابه، كما ‌هو‌ شان العدو مع ‌من‌ يعاديه، اعاذنا الله بحوله ‌و‌ ايده ‌من‌ عداوه الشيطان ‌و‌ كيده.
 اشمت الله ‌به‌ العدو: انزل ‌به‌ مصيبه يشمت لها به.
 ‌و‌ تركت الرجل: فارقته.
 ‌و‌ رغب عن الشى ء: اذا لم يرده، اى: ‌لا‌ تنزل بنا مصيبه يفرح الشيطان بها بعد مفارقتنا اياه ‌و‌ عدم ارادتنا له منيبين اليه.
 ‌و‌ المصيبه هى اما عدم التجاوز ‌و‌ العفو ‌و‌ قبول التوبه ‌و‌ الانابه، ‌و‌ اما عدم حسم اسباب المعاصى الموجبه لمتابعته ‌و‌ الرجوع الى مشايعته مره اخرى، فيكون الغرض اما طلب حسن التجاوز ‌و‌ المغفره لما سلف، ‌او‌ التوفيق للاستمرار على الطاعه ‌و‌ عدم نقض التوبه، ‌و‌ الله اعلم.
 ‌و‌ كان الفراغ ‌من‌ تحرير هذه الروضه راد الضحى ‌من‌ يوم الثلاثاء لاربع بقين ‌من‌ شهر ربيع الثانى احد شهور سنه ثمان ‌و‌ تسعين ‌و‌ الف ‌من‌ الهجره احسن الله ختامها.
 ‌و‌ الحمد لله اولا ‌و‌ آخرا، ‌و‌ صلى الله على سيدنا محمد ‌و‌ آله الطاهرين كثيرا.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^