فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 1
100% این مطلب را پسندیده اند

الدعاء 14

بسم الله الرحمن الرحيم.


 الحمد لله ناصر المظلومين ‌و‌ قاهر الظالمين، ‌و‌ الصلاه ‌و‌ السلام على ‌من‌ ارسله رحمه للعالمين ‌و‌ على آله ‌و‌ عترته الهداه العالمين.


 ‌و‌ بعد فهذه الروضه الرابعه عشر ‌من‌ رياض السالكين، تتضمن شرح الدعاء الرابع عشر ‌من‌ صحيفه سيدالعابدين، املاء راجى فضل ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى، احسن الله تعالى اليه ‌و‌ افاض سجال نعمته عليه.
 
عدا عليه عدوا ‌و‌ عدوا مثل فلس ‌و‌ فلوس، ‌و‌ عدوانا بالضم، ‌و‌ عداء بالفتح ‌و‌ المد، ‌و‌ اعتدى اعتداء، ‌و‌ تعدى تعديا: ظلمه ‌و‌ تجاوز الحد.
 ‌و‌ قوله تعالى: «فاعتدوا عليه بمثل ‌ما‌ اعتدى عليكم» ‌من‌ باب المشاكله سمى جزاء الاعتداء اعتداء، كما سمى جزاء السيئه سيئه ‌فى‌ قوله تعالى: «و جزوا سيئه سيئه مثلها»، لوقوعه ‌فى‌ صحبته ‌و‌ الا فجزاء الاعتداء ‌و‌ السيئه ‌لا‌ يكون اعتداء ‌و‌ سيئه.
 ‌و‌ قال ابن سيده ‌فى‌ المحكم: سمى مجازاه الاعتداء بمثل اسمه، لان صوره الفعلين واحده ‌و‌ ‌ان‌ كان احدهما طاعه ‌و‌ الاخر معصيه، ‌و‌ العرب تقول: ظلمنى فلان فظلمته، اى: جازيته بظلمه.
 ‌لا‌ وجه للظلم اكثر ‌من‌ هذا، ‌و‌ قوله تعالى: «لا يحب المعتدين» اى: المجاوزين لما امروا به.
 ‌و‌ الظلم قيل: ‌هو‌ وضع الشى ء ‌فى‌ غير موضعه المخصوص به.
 
و قيل: ‌هو‌ التصرف ‌فى‌ ‌حق‌ الغير.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ مجاوزه الحد. ‌و‌ على كل تفسير فلابد فيه ‌من‌ تعدى ضرر، ‌و‌ ‌هو‌ اما عائد على نفس الظالم كالشرك العائد ‌و‌ باله على المشرك، ‌و‌ اما على نفسه ‌و‌ غيره كالعدوان على الخلق، فان الظالم لغيره ‌لا‌ يكون ظالما له حتى يظلم اولا لنفسه.
 فالمراد بقوله: «او راى ‌من‌ الظالمين ‌ما‌ ‌لا‌ يحب» ‌هو‌ الضرر المتعدى منهم عليه ‌او‌ على احد ‌من‌ شيعته عليه السلام.
 ‌و‌ اما الضرر العائد منهم على انفسهم ‌و‌ ‌ان‌ كان مما ‌لا‌ يحبه ايضا، الا ‌ان‌ الظاهر انه ليس بمراد هنا على ‌ما‌ تقتضيه عباره الدعاء.
 
الانباء: جمع نبا محركه مهموزه، كخبر ‌و‌ اخبار وزنا ‌و‌ معنى.
 قال الراغب ‌فى‌ المفردات: النبا خبر ذو فائده عظيمه يحصل ‌به‌ علم ‌او‌ غلبه ظن، ‌و‌ ‌لا‌ يقال للخبر نباء حتى يتضمن هذه الاشياء الثلاثه، ‌و‌ ‌حق‌ الخبر الذى يقال فيه نبا ‌ان‌ يتعرى عن الكذب كالمتواتر ‌و‌ خبر الله ‌و‌ خبر النبى انتهى.
 ‌و‌ على هذا فاستعماله ‌فى‌ خبر المتظلمين لتعريته عن الكذب غالبا.
 ‌و‌ تظلم زيد ‌من‌ عمرو: شكى ‌من‌ ظلمه. ‌و‌ عبر عن علمه تعالى بقوله: «لا يخفى عليه» ايذانا بان انباء المتظلمين ‌و‌ ‌ان‌ كان منها ‌ما‌ يخفى، فان علمه سبحانه ليس ‌من‌ شانه ‌ان‌ يكون على وجه يمكن ‌ان‌ يقارنه شائبه خفاء بوجه ‌من‌ الوجوه كما ‌فى‌ علوم المخلوقين، بل ‌هو‌ ‌فى‌ غايه الوضوح ‌و‌ الجلاء.
 
و قصصت الخبر- ‌من‌ باب قتل-: حدثته على وجهه، ‌و‌ الاسم القصص بفتحتين،
 
و اشتقاقه ‌من‌ قص اثره اذا تبعه، لان ‌من‌ يقص الحديث يتبع ‌ما‌ حفظه منه شيئا فشيئا.
 ‌و‌ قيل: القصص بفتحتين فعل بمعنى مفعول كالنبا ‌و‌ الخبر.
 ‌و‌ قيل: مصدر سمى ‌به‌ المفعول، فهو بمعنى الخبر المقصوص.
 ‌و‌ الشهاده لغه: اسم ‌من‌ المشاهده، ‌و‌ هى الاطلاع على الشى ء عيانا.
 ‌و‌ شرعا: الاخبار عن عيان بلفظ الشهاده ‌فى‌ مجلس الحكم، ‌و‌ انما لم يحتج تعالى الى شهاده الشاهدين، لانه محيط بظواهر الامور ‌و‌ بواطنها عالم بحقائقها، ‌و‌ انما يحتاج الى الشهاده ‌فى‌ اثبات الدعوى ‌من‌ تخفى عليه جليه الامر فلا يعلم حقيقته ‌من‌ بطلانه.
 
النصره بالضم: اسم ‌من‌ نصره ينصره على عدوه نصرا- ‌من‌ باب قتل- اذا اعانه ‌و‌ قواه عليه.
 ‌و‌ المراد بقرب النصره هنا: قرب حصولها للمظلومين، كما قال تعالى: «ان رحمت الله قريب ‌من‌ المحسنين».
 
و ببعد العون: عدم حصوله للظالمين، فانهم قد يعبرون بالبعد عن العدم، فيقال: هذا الامر بعيد، اى: غير حاصل.
 قال الشاعر:
 بلى كل شى ء ‌لا‌ ينال بعيد
 ‌و‌ نظيره تعبيرهم بالقله عن العدم، يقال: فلان قليل الخير، اى: ‌لا‌ يكاد يفعله، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون ‌من‌ باب التمثيل، شبه نصرته للمظلومين بمن قرب مكانه فاذا دعى اجاب ‌و‌ ‌ان‌ نودى اقبل، ‌و‌ كذلك مثل عونه عن الظالمين بمن بعد مكانه فاذا دعى لم يسمع ‌و‌ اذا نودى لم يقبل.
 
و الالف ‌و‌ اللام اذا دخلت على الجمع افادت الاستغراق، فالمراد بالمظلومين كل مظلوم ‌و‌ لو كان كافرا، ‌و‌ بالظالمين كل ظالم ‌و‌ لو كان مومنا.
 ففى الحديث عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ‌ان‌ الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ اوحى الى نبى ‌من‌ الانبياء ‌فى‌ مملكه جبار ‌ان‌ ائت هذا الجبار فقل له: انى لم استعملك على سفك الدماء ‌و‌ اتخاذ الاموال، ‌و‌ انما استعملتك لتكف عنى اصوات المظلومين، فانى لم ادع ظلامتهم ‌و‌ ‌ان‌ كانوا كفارا.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: كان ابى يقول: اتقوا الظلم فان دعوه المظلوم تصعد الى السماء.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌من‌ عذر ظالما بظلمه سلط الله عليه ‌من‌ يظلمه، ‌و‌ ‌ان‌ دعا لم يستجب له ‌و‌ لم ياجره الله على ظلامته.
 ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره.
 
قد: للتحقيق، اى: قد تحقق علمك ‌و‌ وقع بما نالنى.
 ‌و‌ ناله يناله نيلا: اصابه.
 ‌و‌ فلان ابن فلان: كنايه عن نحو زيد ‌بن‌ عمر.
 ‌و‌ قال الرضى: يكنى بفلان ‌و‌ فلانه عن اعلام الاناسى خاصه، فيجريان مجرى المكنى عنه اى: يكونان كالعلم، فلا يدخلهما اللام، ‌و‌ يمتنع صرف فلانه، كما يجرى افعل بمعنى احمق مجرى المكنى عنه ‌فى‌ الامتناع ‌من‌ الصرف، ‌و‌ ‌لا‌ يجوز تنكير فلان كسائر الاعلام، فلا يقال: جاءنى فلان ‌و‌ فلان آخر، اذ ‌هو‌ موضوع للكنايه
 
عن العلم، ‌و‌ اذا كنى عن الكنى قيل: ابوفلان ‌و‌ ‌ام‌ فلان، ‌و‌ اذ اكنى بفلان ‌و‌ فلانه عن اعلام البهائم اسماء كانت ‌او‌ كنى ادخل عليهما لام التعريف، فيقال: الفلان ‌و‌ الفلانه ‌و‌ ابوالفلان ‌و‌ ‌ام‌ الفلانه لقصد الفرق، ‌و‌ كان كنايه اعلام البهائم اولى باللام ‌من‌ كنايه اعلام الاناسى، لان انس الانسان بجنسه اكثر، فهى عنده اشهر ‌من‌ اعلام البهائم، فكان فيها نوع تنكير انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ عباره الدعاء دليل على استعمال فلان ‌فى‌ غير الحكايه، خلافا لابن السراج ‌و‌ ابن الحاجب حيث قالا: لم يثبت استعمالها الا ‌فى‌ الحكايه، تقول: قال زيد جاءنى فلان، ‌و‌ ‌لا‌ تقول ابتداء: جاءنى فلان ‌من‌ غير ‌ان‌ تحكى ذلك عن احد.
 ‌و‌ يدل على خلاف قولهما ايضا ‌ما‌ رواه الاصمعى ‌من‌ قول مرار العبسى:
 ‌و‌ اذا فلان مات عن اكرومه
 رقعوا معاوز فقده بفلان
 ‌و‌ قال معن ‌بن‌ اوس: ورد فلان حاجتى ‌و‌ فلان.
 ‌و‌ حظره حظرا- ‌من‌ باب قتل-: منعه.
 ‌و‌ انتهك الرجل الحرمه: تناولها بما ‌لا‌ يحل، ‌و‌ اصله ‌من‌ النهك ‌و‌ ‌هو‌ المبالغه ‌فى‌ كل شى ء.
 ‌و‌ الحجز ‌و‌ الحجر بالمعجمه ‌و‌ المهمله كلاهما: بمعنى المنع، ‌و‌ قد وردت الروايه ‌فى‌ الدعاء بالوجهين، ‌و‌ فعلا هما معا ‌من‌ باب قتل.
 ‌و‌ البطر محركه: الطغيان بالنعمه ‌و‌ التجبر ‌و‌ سوء احتمال الغنى.
 ‌و‌ الاغترار بالشى ء: عدم الخوف منه ‌و‌ ترك التحفظ منه.
 
قال الفيومى ‌فى‌ المصباح: اغتررت به: ظننت الامن فلم اتحفظ.
 فمعنى اغترارا بنكيرك: امنا بنكيرك ‌و‌ عدم تحفظ منه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون معناه اجتراء على نكيرك ‌من‌ قولهم: ‌ما‌ غرك به.
 قال الجوهرى ‌فى‌ الصحاح ‌و‌ الفارابى ‌فى‌ ديوان الادب ‌و‌ الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌ما‌ غرك بفلان اى: كيف اجترات عليه.
 ‌و‌ النكير: فعيل بمعنى الانكار، تقول: انكرت عليه فعله اذا نهيته عنه ‌او‌ عاقبته عليه.
 ‌و‌ نصب بطرا ‌و‌ اغترارا يحتمل المصدريه ‌و‌ الحاليه ‌و‌ المفعول لاجله. ‌و‌ التقدير على الاول: يبطر بطرا ‌و‌ يغتر اغترارا، ‌او‌ نيل بطر ‌و‌ انتهاك اغترار ‌و‌ ابن مالك يمنع الاول، لمنعه حذف عامل المصدر الموكد الا فيما استثنى. ‌و‌ ابن الحاجب يمنع الثانى، لانه يودى الى اخراج الابواب عن حقائقها.
 ‌و‌ على الثانى: بطرا ‌و‌ مغترا.
 ‌و‌ على الثالث: لاجل البطر ‌و‌ الاغترار.
 
خذه عن ظلمى: ‌اى‌ احبسه ‌و‌ امنعه، يقال: اخذته عنه اى: حبسته، ‌و‌ اصله ‌من‌ اخذ الخطام اى: امسكه.
 ‌و‌ فل ‌حد‌ السيف: ثلمه، اى: كسره، ‌و‌ ‌فى‌ الكلام استعاره مكنيه تخييليه، شبه العدو بالسيف ‌فى‌ الاضرار، فاثبت له الحد الذى ‌لا‌ يكمل ذلك الا به، تحقيقا
 
للمبالغه ‌فى‌ التشبيه، فتشبيه العدو بالسيف استعاره بالكنايه، ‌و‌ اثبات الحد له استعاره تخييليه، ‌و‌ يحتمل انه شبه ‌حد‌ العدو، ‌اى‌ حدته ‌و‌ سوره غضبه، بالسيف، فرشحه بذكر الفل الذى يلائم السيف.
 ‌و‌ وليه يليه بكسرتين وليا كفلس: ‌اى‌ قرب منه، تقول: جلست فيما يليه، اى: يقاربه، هذه هى اللغه الفصحى المشهوره. ‌و‌ ‌فى‌ لغه ولاه يليه- ‌من‌ باب وعد- ‌و‌ هى قليله الاستعمال، اى: اجعل له شغلا فيما يقرب منه ‌و‌ يدانيه ليشتغل ‌به‌ عنى، فالضمير ‌فى‌ يليه راجع الى العدو.
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المعنى: فيما تكون له الولايه عليه، ‌من‌ ولى الامر يليه بكسرتين ايضا ‌و‌ ولى البلد ولايه، اى: صار واليا عليه، فيكون الضمير ‌فى‌ يليه عائدا الى ‌ما‌ الموصوله المجروره ب«فى».
 ‌و‌ العجز: عدم القدره عما ‌من‌ شانه ‌ان‌ يقدر، فلا يقال للجدار مثلا انه عاجز.
 ‌و‌ ناواه مناواه بالهمزه- ‌من‌ باب قاتل-، ‌و‌ يجوز التسهيل فيقال: ناواه مناواه، ‌و‌ ‌به‌ وردت الروايه ‌فى‌ الدعاء، اى: عاداه.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ناوات الرجل عاديته، ‌و‌ معناه ناهضته للعداوه انتهى.
 يريد ‌ان‌ اصله ‌من‌ ناء بالحمل اذا نهض به.
 ‌و‌ قال ‌فى‌ النهايه: اصله ‌من‌ ناء اليك ‌و‌ نوت اليه اذا نهضتما.
 فان قلت: فعلى هذا كان ينبغى ‌ان‌ يقول: ‌و‌ عجزا عمن يناويه ب«من» التى للعقلاء دون «ما» التى هى لغيرهم، لان المناواه ‌و‌ المناهضه للعداوه ‌لا‌ تكون الا بين عاقلين.
 
قلت: ‌هو‌ اما بناء على القول بان ‌ما‌ تستعمل للعقلاء كما تستعمل لغيرهم، نحو: ‌ما‌ سمع، سبحان ‌ما‌ سخركن، سبحان ‌ما‌ سبح الرعد بحمده، «و السماء ‌و‌ ‌ما‌ بنها» الايه.
 ‌و‌ اما بناء على ‌ما‌ عليه جماعه ‌من‌ المحققين، ‌من‌ ‌ان‌ التفرقه بين ‌من‌ ‌و‌ ‌ما‌ ‌فى‌ اختصاص الاولى بذوى العلم، ‌و‌ اختصاص الثانيه ‌او‌ غلبتها ‌فى‌ غيرهم، انما هى اذا اريد الذات. اما اذا اريد الوصف، كما تقول ‌فى‌ الاستفهاميه: ‌ما‌ زيد؟ اى: افاضل ‌ام‌ كريم؟، ‌و‌ ‌فى‌ الموصوله: اكرم ‌ما‌ شئت ‌من‌ هولاء الرجال اى: القائم ‌او‌ القاعد، ‌او‌ نحو ذلك، فهو بكلمه «ما» دون «من» بحكم الوضع، على ‌ما‌ ذكره الزمخشرى ‌و‌ السكاكى ‌و‌ غيرهما، ‌و‌ ‌ان‌ انكره قوم.
 ‌و‌ ‌من‌ ثم قال ‌فى‌ الكشاف ‌فى‌ تفسير قوله تعالى: «فانكحوا ‌ما‌ طاب لكم ‌من‌ النساء»: ‌و‌ قيل: «ما» ذهابا الى الصفه. فاشار بقوله «ذهابا الى الصفه» الى ‌ان‌ المراد فانكحوا الموصوفه باى صفه شئتم، ‌من‌ البكر ‌و‌ الثيب ‌و‌ الشابه ‌و‌ الجميله ‌و‌ النسيبه ‌و‌ اضداد ذلك، الى غير ذلك ‌من‌ الاوصاف. اذا عرفت ذلك فقوله : «و عجزا عما يناويه» اراد ‌به‌ معنى الوصفيه، اى: عجزا عن الموصوف باى صفه كانت يريد مناواته ‌و‌ عداوته، ‌من‌ صغير ‌و‌ كبير ‌و‌ شريف ‌و‌ وضيع ‌و‌ بعيد ‌و‌ قريب، الى غير ذلك.
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون معنى يناويه: يحاوله ‌و‌ يطلبه، ‌من‌ نويت الشى ء اذا جديت ‌فى‌ طلبه، ‌و‌ منه ماورد ‌فى‌ الحديث: ‌من‌ ينو الدنيا تعجزه.
 قال الزركشى: ‌اى‌ ‌من‌ يسع لها يخب، ‌من‌ نويت الشى ء اذا جديت ‌فى‌
 
 
طلبه انتهى.
 فيكون يناويه بمعنى ينويه، ‌و‌ اتى ‌به‌ ‌من‌ باب المفاعله للمبالغه.
 قال الرضى: سافرت بمعنى سفرت، اى: خرجت الى السفر، ‌و‌ لابد ‌فى‌ سافرت ‌من‌ المبالغه انتهى.
 ‌و‌ قد اتى فاعل بمعنى فعل كثيرا، فمنه حاول الشى ء بمعنى طلبه، ‌و‌ ناوله بمعنى اعطاه، ‌و‌ عافاه بمعنى شفاه، الى غير ذلك، فتكون «ما» ‌فى‌ قوله: «و عجزا عما يناويه» على بابها.
 
لا تسوغ له ظلمى: ‌اى‌ ‌لا‌ تسهله ‌و‌ تيسره عليه، ‌من‌ ساغ الشراب ‌و‌ الطعام يسوغ سوغا- ‌من‌ باب قال-: سهل مدخله ‌فى‌ الحلق، ‌و‌ ‌من‌ هنا قيل: ساغ فعل الشى ء بمعنى الاباحه، ‌و‌ سوغته: ‌اى‌ ابحته ‌و‌ جوزته.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز: ‌لا‌ يسوغ لك ‌ان‌ تفعل كذا: لايجوز، ‌و‌ سوغته ‌ما‌ اصابه: جوزته له انتهى.
 ‌و‌ حمل التسويغ هنا بمعنى التجويز كما فعل بعضهم ‌لا‌ وجه له، لان الله تعالى ‌لا‌ يجوز لاحد الظلم حتى يطلب منه عدم التجويز له، بل المراد لاتجعل ظلمى له سائغا، اى: سهلا يسيرا، فيتمادى ‌فى‌ ظلمه لى ‌و‌ يصر عليه، بل عجل عليه النكير ‌و‌ خذه بالعقوبه كيما يكف ‌و‌ يتناهى عن ظلمى.
 ‌و‌ احسن عليه عونى: العون هنا: اسم بمعنى المعونه، اى: اوقع معونتى عليه على
 
الوجه الذى تقتضيه مصلحتى ‌من‌ الانتصار عليه ‌و‌ عدم التضرر بظلمه، اذ الاحسان ‌فى‌ الفعل ايقاعه على ‌ما‌ ينبغى.
 ‌و‌ عصمه يعصمه عصما- ‌من‌ باب ضرب-: منعه ‌و‌ وقاه، ‌و‌ اعتصمت بالله اى: امتنعت به، اى: امنعنى وقنى بعدم الاعداد لارتكاب مثل افعاله، ‌و‌ احسم عنى الاسباب التى اصير بها ‌فى‌ مثل حاله، ‌من‌ ظلم العباد ‌و‌ تعاطى العدوان ‌و‌ الفساد، ‌كى‌ ‌لا‌ اكون ‌من‌ المنكرين للمنكر الفاعلين له.
 
اعداه عليه: نصره ‌و‌ اعانه، ‌و‌ العدوى بالفتح: النصره ‌و‌ المعونه.
 قال ‌فى‌ المحكم ‌و‌ قال ابن فارس ‌و‌ الجوهرى: العدوى طلبك الى وال ليعديك على ‌من‌ ظلمك، اى: ينتقم منه باعتدائه عليك. انتهى.
 ‌و‌ المعنى الاول اظهر، اى: انصرنى عليه نصره حاضره، اى: حاصله الان، غير غائبه انتظر حضورها ‌و‌ حصولها. ‌و‌ جمله تكون ‌فى‌ محل نصب صفه ثانيه للعدوى.
 ‌و‌ ‌من‌ ‌فى‌ قوله: «من غيظى»: متعلقه بشفاء، ‌و‌ ‌فى‌ قوله: «من حنقى» متعلقه بوفاء، اى: تكون شفاء ‌من‌ غيظى ‌به‌ ‌و‌ وفاء ‌من‌ حنقى عليه.
 ‌و‌ الغيظ: الغضب الشديد، ‌و‌ ‌هو‌ مصدر ‌من‌ غاظه الامر- ‌من‌ باب سار-.
 قال بعضهم: ‌و‌ ‌لا‌ يكون الغيظ الا بوصول مكروه الى المغتاظ، ‌و‌ لما كان الغضب الكامن كالداء، فاذا زال ‌ما‌ يطلبه الانسان ‌من‌ عدوه ‌و‌ زال غيظه به، كان كانه برى ء ‌من‌ دائه، فلذلك جعل العدوى شفاء، ‌و‌ اصله ‌من‌ شفى الله المريض، يشفيه- ‌من‌ باب رمى-: شفاء: ‌اى‌ ابراه ‌من‌ مرضه.
 
و الحنق محركه: الغيظ، ‌و‌ قيل: شدته، حنق حنقا- ‌من‌ باب تعب-.
 ‌و‌ الوفاء: مصدر وفاه حقه اذا اعطاه اياه وافيا، كاوفاه ايفاء، اى: تكون وفاء لحقى ‌من‌ شده غيظى عليه.
 
عوضته تعويضا: اذا اعطيته بدل ‌ما‌ ذهب منه.
 ‌و‌ ابدلته بكذا ابدالا: نحيت الاول ‌و‌ جعلت الثانى مكانه، اى: اعطنى بدل ‌ما‌ ذهب منى بظلمه عفوك عنى، ‌و‌ اجعل رحمتك لى مكان سوء صنيعه بى.
 قال ‌فى‌ القاموس: صنع اليه معروفا كمنع صنعا بالضم، ‌و‌ صنع ‌به‌ صنيعا قبيحا: فعله.
 ‌و‌ قال الجوهرى: الصنع بالضم مصدر قولك صنع اليه معروفا ‌و‌ صنع ‌به‌ صنيعا قبيحا، اى: فعل انتهى.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فكل مكروه»: للسببيه، اى: لان كل مكروه جلل دون سخطك.
 ‌و‌ الجلل محركه: الامر العظيم، ‌و‌ الهين: اليسير ضده، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا المعنى الثانى.
 ‌و‌ منه قول العباس:
 القتل جلل ‌ما‌ عدا محمدا، اى: هين يسير
 ‌و‌ قول الشاعر:
 الا كل شى ء سواه جلل
 
اى: كل مكروه هين غير سخطك، ‌او‌ ‌ما‌ لم يتجاوز الى سخطك.
 ‌و‌ قد تقدم الكلام على تحقيق معنى دون، فليرجع اليه.
 ‌و‌ المرزئه بفتح الميم ‌و‌ كسر الزاى مهموزه: المصيبه.
 ‌و‌ سواء بالفتح ‌و‌ المد على ‌ما‌ ‌فى‌ النسخ المشهوره: ‌اى‌ سهله، ‌من‌ قولهم: ارض سواء، اى: مستويه يسهل سلوكها، ‌و‌ منه ارض الكوفه ارض سواء سهله معروفه. ‌او‌ ‌هو‌ على تقدير حذف المعطوف، اى: كل مرزئه سواء ‌و‌ العدم مع كل موجدتك، يقال: مررت برجل سواء ‌و‌ العدم، اى: وجوده ‌و‌ عدمه سواء. ‌و‌ دليل التقدير ‌فى‌ عباره الدعاء ‌ان‌ الاستواء ‌لا‌ يكون الا بين شيئين، كما قيل ‌فى‌ قوله تعالى: «لا يستوى منكم ‌من‌ انفق ‌من‌ قبل الفتح ‌و‌ قتل»، اى: ‌و‌ ‌من‌ انفق ‌من‌ بعده، فحذف المعطوف لدلاله الاستواء على تقديره. ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: ‌و‌ كل مرزئه شوى بالشين المعجمه ‌و‌ القصر، اى: هين يسير.
 قال الجوهرى: ‌و‌ الشوى ‌هو‌ الشى ء الهين اليسير.
 ‌و‌ الموجده بفتح الميم ‌و‌ كسر الجيم: الغضب، وجد عليه وجدا بالفتح ‌و‌ موجده: ‌اى‌ غضب.
 ‌و‌ قيل: الموجده: حال دون الغضب ‌و‌ فوق العتب، ‌و‌ العتب دون الغضب. ‌و‌ مع هنا لمجرد الاجتماع ‌من‌ غير ملاحظه الزمان ‌و‌ المكان، اى: كل مصيبه سهل، ‌او‌ عدمه ‌و‌ وجوده سواء ‌لا‌ يعبا به، ‌او‌ ‌هو‌ هين حقير مع حصول غضبك. ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: مع مغفرتك، فالمعنى كل مصيبه هينه على مع حصول مغفرتك لى، اى: ‌لا‌ ابالى بالمصائب اذا غفرت لى.
 
كره الشى ء اليه تكريها: ‌اى‌ مكروها، ‌من‌ كرهه ‌ضد‌ احبه، ‌و‌ لما كان ‌فى‌ التكريه معنى انهاء الكراهه ‌و‌ ايصالها اليه استعملها بكلمه الى.
 ‌و‌ الروايه المشهوره ببناء اظلم الاول للمفعول ‌و‌ الثانى للفاعل، اى: كما بغضت الى ‌ان‌ يظلمنى احد فاحفظنى ‌من‌ ‌ان‌ اظلم احدا، ‌و‌ ‌فى‌ روايه بالعكس، ‌و‌ المعنى ظاهر.
 
حصر عليه السلام شكواه اليه تعالى ‌و‌ استعانته به، استنزالا لرحمته سبحانه بالالتجاء بمقام الصبر، الذى ‌هو‌ ترك الشكوى الى الخلق ‌و‌ الاستعانه بهم، ‌و‌ دفعا لتوهم السامعين منافاه دعائه على ظالمه للصبر المحمود ‌من‌ مثله، فان الشكوى الى الله تعالى ‌و‌ الاستعانه ‌به‌ دون احد ‌من‌ الخلق ‌هو‌ عين الصبر على البلوى حتى ياذن الله بازاله الشكوى.
 ‌و‌ هذا كما حكى الله تعالى عن يعقوب عليه السلام حين قالوا له: «تالله تفتوا تذكر يوسف حتى تكون حرضا ‌او‌ تكون ‌من‌ الهلكين قال انما اشكوا بثى ‌و‌ حزنى الى الله»، فانهم لما قالوا له عجبا ‌من‌ دعواك الصبر، ‌و‌ انت ‌لا‌ تزال تذكر يوسف سرا ‌و‌ علانيه حتى تكون دنف الجسم مخبول العقل ‌او‌ تكون ميتا ‌من‌ الهالكين، قال: هذا الحزن ‌و‌ الذكر ‌لا‌ ينافيان الصبر، لانه ترك الشكوى الى الخلق، ‌و‌ انا ‌لا‌ اشكو الى الخلق ‌و‌ انما اشكو بثى ‌و‌ حزنى الى الله، ليزيل عنى الشكوى ‌و‌ يرحمنى.
 ‌و‌ قوله: «حاشاك»: ‌اى‌ سبحانك، اى: انزهك تنزيها لائقا بك عن ‌ان‌ استعين بحاكم غيرك، ‌و‌ قد مر نظير ذلك ‌فى‌ الدعاء الثانى عشر.
 
وصل الشى ء بالشى ء وصلا- ‌من‌ باب وعد-: جعله متصلا به.
 ‌و‌ قرنه ‌به‌ قرنا- ‌من‌ باب قتل- بمعناه، لكن المضبوط ‌فى‌ نسخ الصحيفه ‌و‌ اقرن بكسر الراء- ‌من‌ باب ضرب- ‌و‌ لم اجد ‌من‌ نص عليه ‌فى‌ كتب اللغه، ‌و‌ انما المنصوص عليه انه ‌من‌ باب قتل، الا ‌ان‌ يحمل على ‌ما‌ حكاه ابوحيان عن بعض اصحابه، ‌من‌ ‌ان‌ الفعل المتعدى الصحيح جميع حروفه اذا لم يكن للمبالغه ‌و‌ ‌لا‌ حلقى عين ‌و‌ لام، فانت ‌فى‌ مستقبله بالخيار ‌ان‌ شئت قلت: يفعل بضم العين، ‌و‌ ‌ان‌ شئت قلت: يفعل بكسرها، سواء سمع فيه الضم ‌او‌ الكسر ‌او‌ لم يسمعا.
 ‌و‌ حكى عن ابى زيد انه قال: طفت سافله قيس ‌و‌ عليا تميم، فما رايت احدا منهم يفصل بينهما، ‌و‌ لم اجد لذلك حصرا، ‌و‌ كل يتكلم ‌به‌ على ‌ما‌ يريد ‌من‌ ضم المضارع ‌او‌ كسره.
 ثم وقفت ‌فى‌ كتاب تهذيب اللغات ‌و‌ الاسماء للنووى على ‌ما‌ نصه: يقال: قرنت بين الشيئين اقرن بضم الراء ‌فى‌ المضارع هذه اللغه الفصيحه، ‌و‌ يقال بكسرها ‌فى‌ لغه قليله.
 ‌و‌ غيرت الشى ء تغييرا: ازلته عما كان عليه فتغير هو. ‌و‌ المعنى ‌و‌ اجعل دعائى متصلا بالاجابه حتى ‌لا‌ تكون بينهما فتره ‌و‌ اجعل شكايتى مقرونه بازالتها، ‌و‌ الغرض سئوال تعجيل اجابه دعائه ‌و‌ سرعه ازاله شكايته.
 
الفتنه: المحنه ‌و‌ الابتلاء بخير ‌او‌ شر، قال تعالى: «و نبلوكم بالشر ‌و‌ الخير
 
فتنه»، ‌و‌ اصله ‌من‌ فتنت الذهب بالنار اذا احرقته ليعلم انه خالص ‌او‌ مشوب.
 ‌و‌ القنوط: الياس.
 ‌و‌ الانصاف: مصدر انصفت الرجل اذا عاملته بالعدل ‌و‌ القسط، ‌و‌ الاسم النصفه بفتحتين.
 ‌و‌ الامن: عدم توقع مكروه، فهو بمعنى الاطمينان، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد ‌به‌ هنا معنى السلامه، ‌من‌ امن زيد الاسد ‌و‌ امن منه بمعنى سلم منه وزنا ‌و‌ معنى.
 ‌و‌ الانكار هنا: مصدر انكرت عليه فعله اذا ذجرته عنه ‌و‌ عاقبته عليه، ‌و‌ ‌من‌ المنكر قول بعض المترجمين: الانكار هنا بمعنى الجهل ‌من‌ نكره بمعنى جهله، ‌و‌ الجهل كنايه عن تاخير العقوبه، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ جهل صريح، ‌و‌ المعنى ‌لا‌ تمتحنى بالياس ‌من‌ انصافك لى منه، ‌و‌ ‌لا‌ تمتحنه بعدم الخوف ‌او‌ بالسلامه ‌من‌ عقوبتك ‌و‌ انتقامك.
 ‌و‌ استشكل بعضهم ذلك بان عدم انصاف المظلوم ‌من‌ الظالم محال على الله تعالى، فكيف يجوز الياس ‌من‌ انصافه سبحانه؟.
 ‌و‌ اجاب بحمله على الياس منه ‌فى‌ الدنيا.
 ‌و‌ قال آخر: القنوط ‌من‌ انصافه تعالى عباره عن طول مده الظلم ‌و‌ تماديه، فكانه عليه السلام سال ‌ان‌ ‌لا‌ يبتليه بامتداد الظلم ‌و‌ تاخير الانتقام ‌من‌ ظالمه. ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ان‌ الاستشكال ساقط راسا، لان القنوط ‌من‌ انصاف الله تعالى كفر، ‌و‌ ‌لا‌ مانع ‌من‌ ‌ان‌ يدعو الانسان ربه ‌ان‌ ‌لا‌ يبتليه بالكفر، فان كان الاستشكال نظرا الى منصب الامامه ‌و‌ مقام الداعى عليه السلام، المقطوع له بان الله ‌لا‌ يبتليه بذلك ابدا، فغير ممتنع ‌ان‌ يدعو النبى ‌او‌ الامام بان يفعل الله ‌به‌ ‌ما‌ يعلم انه لابد ‌من‌ ‌ان‌ يفعله، كقوله
 
تعالى: «قل رب احكم بالحق»، ‌و‌ بان ‌لا‌ يفعل ‌به‌ ‌ما‌ يعلم انه واجب ‌ان‌ ‌لا‌ يفعله تعالى، كقول ابراهيم عليه السلام: «و ‌لا‌ تخزنى يوم يبعثون»، ذلك كله على سبيل الانقطاع اليه تعالى ‌و‌ اظهار الفقر الى مسالته ‌و‌ الاستعانه ‌به‌ على كل حال، فلا اشكال اصلا.
 قوله عليه السلام: «فيصر على ظلمى ‌و‌ يحاصرنى بحقى» الفاء: سببيه عاطفه، ‌و‌ المضارع بعدها منصوب بان مضمره وجوبا، لوقوعه بعد فاء السببيه مسبوقه بطلب محض، ‌و‌ ‌ان‌ وصلتها ‌فى‌ تاويل مصدر معطوف على مصدر متصيد ‌من‌ الفعل السابق، ‌و‌ التقدير: ‌لا‌ يكن منك فتنه له بالامن ‌من‌ انكارك، فاصرار منه على ظلمى ‌و‌ محاصره بحقى، هذا قول الجمهور.
 ‌و‌ اختار الرضى ‌ان‌ تكون الفاء للسببيه دون العطف، لان فاء العطف ‌لا‌ تفيد السببيه الا اذا عطفت جمله على جمله، ‌و‌ قال: ‌ان‌ ‌ما‌ بعد الفاء ‌من‌ ‌ان‌ وصلتها ‌فى‌ تاويل مصدر مبتدا محذوف الخبر وجوبا.
 ‌و‌ التقدير: ‌لا‌ تكن منك فتنه له بالامن فاصراره على ظلمى ثابت.
 ورد بانه يلزم عليه حذف الخبر وجوبا ‌من‌ غير شى ء يسد مسده، ‌و‌ ‌هو‌ ممتنع.
 ‌و‌ اصر على فعله اصرارا: داومه ‌و‌ لازمه، اى: فيدوم على ظلمى ‌و‌ يلازمه.
 ‌و‌ يحاضرنى: يروى بالحاء المهمله ‌و‌ الضاد المعجمه ‌من‌ المحاضره.
 قال ‌فى‌ القاموس: ‌و‌ المحاضره المجادله ‌و‌ المجاثاه عند السلطان، ‌و‌ ‌ان‌ يغالبك على حقك فيغلبك، انتهى.
 ‌و‌ كل ‌من‌ هذه المعانى محتمل هنا، ‌و‌ الاخير انسب. ‌و‌ ‌فى‌ روايه يحاصرنى بالحاء ‌و‌ الصاد المهملتين، ‌من‌ الحصر بمعنى التضييق ‌و‌ الحبس، ‌و‌ منه محاصره العدو.
 
و ‌فى‌ روايه يخاضرنى بالخاء ‌و‌ الضاد المعجمتين، اى: يذهب بحقى باطلا، ‌من‌ قولهم: ذهب دمه خضرا مضرا بكسر هما ‌و‌ ككتف اى: هدرا باطلا اى: لاقود فيه، ‌او‌ ياخذه بلاعوض ‌من‌ قولهم: اخذه خضرا مضرا اى: بغير ثمن.
 ‌و‌ يروى يخاصرنى بالخاء المعجمه ‌و‌ الصاد المهمله، ‌من‌ المخاصره ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ ياخذ صاحبك ‌فى‌ طريق ‌و‌ تاخذ انت ‌فى‌ غيره حتى تلقيا ‌فى‌ مكان، اى: ياخذ ‌هو‌ ‌فى‌ طريق الظلم بحقى ‌و‌ آخذ انا ‌فى‌ طريق الانظلام حتى نلتقى ‌فى‌ المحشر.
 ‌او‌ ‌هو‌ ‌من‌ خاصر الرجل صاحبه اذا اخذ بيده ‌فى‌ المشى ‌او‌ مشى الى جنبه، اى: ياخذ بيدى مماشيا لى ‌و‌ ‌هو‌ ملتبس بحقى، ‌او‌ يمشى الى جنبى ‌و‌ ‌لا‌ استطيع الانتقام منه.
 عرفه الامر تعريفا اعلمه اياه، ‌و‌ معنى عرفه ‌ما‌ اوعدت الظالمين اى: اذقه اياه ‌و‌ انزله ‌به‌ ليعرفه ‌و‌ يعلمه يقينا.
 ‌و‌ عما قليل: ‌اى‌ عن زمان قليل قصير، ‌و‌ ما: مزيده بين الجار ‌و‌ المجرور لتاكيد معنى القله.
 ‌و‌ قيل: هى نكره موصوفه، اى: عن شى ء قليل.
 ‌و‌ قيل: بمعنى زمن، ‌و‌ قليل بدل منها.
 ‌و‌ اوعدت الظالمين: ‌اى‌ تهددتهم ‌من‌ العذاب ‌و‌ العقاب، ‌و‌ قد تقدم الكلام على الفرق بين الايعاد ‌و‌ الوعد. ‌و‌ ‌من‌ اعظم ‌ما‌ توعد الله ‌به‌ الظالمين ‌و‌ تهددهم، قوله تعالى: «و سيعلم الذين ظلموا ‌اى‌ منقلب ينقلبون»، فانه تاكيد شديد ‌و‌ وعيد اكيد، لما ‌فى‌ «سيعلم» ‌من‌ تهويل متعلقه، ‌و‌ ‌فى‌ «الذين ظلموا» ‌من‌ الاطلاق ‌و‌ التعميم، ‌و‌ ‌فى‌ «اى منقلب ينقلبون» ‌من‌ الابهام ‌و‌ التهويل.
 
قال الزمخشرى ‌فى‌ الكشاف: انها آيه ناطقه بما ‌لا‌ شى ء اهيب منه ‌و‌ اهول ‌و‌ ‌لا‌ انكى لقلوب المتاملين ‌و‌ ‌لا‌ اصدع لاكباد المتدبرين، ‌و‌ كان السلف يتواعظون بها ‌و‌ يتناذرون شدتها، ‌و‌ معناه ‌ان‌ الذين ظلموا يطمعون ‌ان‌ ينفلتوا ‌من‌ عذاب الله، ‌و‌ سيعلمون ‌ان‌ ليس لهم وجه ‌من‌ وجوه الانقلاب ‌و‌ ‌هو‌ النجاه.
 ‌و‌ وعده ‌فى‌ اجابه المضطرين اشاره الى قوله تعالى: «امن يجيب المضطر اذا دعاه ‌و‌ يكشف السوء»، فانه تعالى لما انكر كون هذه الصفه ‌و‌ القدره لغيره، كانه وعد المضطرين بانه المتكفل المتفرد باجابتهم.
 
و وفقنى: ‌اى‌ اجعلنى موافقا غير مخالف لقبول ‌ما‌ حكمت ‌و‌ قدرت.
 ‌و‌ قبول الشى ء: الرضا ‌به‌ ‌و‌ تحيته ‌و‌ الميل اليه.
 ولى ‌و‌ على: عباره عما يوثره ‌و‌ يكرهه، يقولون: هذا لك ‌و‌ هذا عليك، فتستعمل اللام فيما يوثر، ‌و‌ على فيما يكره.
 قال الشاعر:
 فيوم علينا ‌و‌ يوم لنا
 ‌و‌ يوم نساء ‌و‌ يوم نسر
 ‌و‌ انما استعملت على ذلك لان الكلف ‌و‌ المشاق تخفض الانسان ‌و‌ تضعه، فكانها تعلوه ‌و‌ تتفرعه، اى: وفقنى للرضا بما قضيته مما احبه ‌و‌ اكرهه.
 ‌و‌ رضنى: ‌اى‌ اجعلنى راضيا بما اخذت لى ‌من‌ غيرى، ‌و‌ اخذت منى مما ‌لا‌ احب اخذه منى، حتى اكون راضيا بالقضاء ‌فى‌ السراء ‌و‌ الضراء. ‌و‌ الاخذ ‌و‌ العطاء:
 ‌و‌ ‌هو‌ سئوال لمقام الرضا بالقضاء الذى ‌هو‌ راس الطاعه ‌و‌ ارفع مقامات السالكين .
 
فعن على ‌بن‌ الحسين عليهماالسلام- ‌و‌ ‌هو‌ صاحب الدعاء-: الصبر ‌و‌ الرضا عن الله راس طاعه الله.
 ‌و‌ عن الصادق عليه السلام: راس طاعه الله الصبر ‌و‌ الرضا عن الله فيما احب العبد ‌او‌ كره.
 ‌و‌ عن على ‌بن‌ الحسين عليهماالسلام: الزهد عشره اجزاء، اعلى درجه الزهد ادنى درجه الورع، ‌و‌ اعلى درجه الورع ادنى درجه اليقين، ‌و‌ اعلى درجه اليقين ادنى درجه الرضا.
 فاشار عليه السلام الى ‌ان‌ الرضا فوق الجميع، ‌و‌ ‌من‌ ثم كان مقام الرضا فوق جميع مقامات السالكين.
 
 تنبيهان
 
 الاول: اعلم ‌ان‌ رضاء العبد ‌و‌ محبته لما يوثره ‌و‌ يحبه سهل، لانه موافق لطبعه ، ‌و‌ اما رضاه بما يكره فصعب، لانه مخالف لطبعه ‌و‌ ميله الى شى ء، ‌و‌ ضده مشكل.
 ‌و‌ ‌من‌ ثمه ذهب جماعه الى ‌ان‌ الرضا بما يستكرهه الطبع ‌و‌ يخالف هوى النفس كالمحن ‌و‌ المصائب غير ممكن، ‌و‌ غايه ‌ما‌ يمكن ‌هو‌ الصبر عليه.
 ‌و‌ اجيب بان الرضا ثمره المحبه الكامله، ‌و‌ محبه العبد للرب اذا بلغت ‌حد‌ الكمال يمكن ‌ان‌ يرجح ارادته على اراده نفسه، بل يمكن ‌ان‌ ‌لا‌ يرى لنفسه مرادا غير مراده تعالى، لاستقراره ‌فى‌ بحر المحبه، ‌او‌ لان فعل المحبوب مثله محبوب، ‌او‌ لانه ‌لا‌ يجد ‌فى‌
 
نفسه الم ‌ما‌ يكرهه، لاستغراق قلبه ‌فى‌ محبته تعالى ‌و‌ غفلته عن نفسه فضلا عن الامور الموافقه ‌او‌ المخالفه لها، كما ‌ان‌ المجاهد لتوغله ‌فى‌ الجهاد قد ‌لا‌ يجد الم الجراح.
 ‌و‌ بالجمله: ‌هو‌ امر ممكن الا انه صعب نادر.
 الثانى: الرضا بالشى ء ‌لا‌ ينافى الدعاء لرفعه، خلافا لطائفه ‌من‌ المتصوفه المبتدعه حيث قالوا: ‌ان‌ شرط الرضا ترك الدعاء لرفع البلاء ‌و‌ طلب النعماء، لان طلب رفع امر وارد منه تعالى ‌و‌ حصول غيره ينافى الرضا بما حكم به. ‌و‌ هولاء ‌فى‌ طرف الافراط، كما ‌ان‌ الجماعه الاولى ‌فى‌ طرف طلب التفريط.
 ‌و‌ اجيب عنه اولا: بالنقض، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ دعاء الانبياء ‌و‌ الاوصياء ‌و‌ حثهم عليه امر مشهور، ‌و‌ ‌فى‌ الكتب السماويه ‌و‌ غيرها مسطور مذكور ‌لا‌ ينكره احد ‌من‌ اهل الاسلام.
 ‌و‌ ثانيا: بالمنع، لانا ‌لا‌ نسلم ‌ان‌ الطلب المذكور ينافى الرضا، ‌و‌ انما المنافى له استكراه النفس للواردات ‌من‌ عندالله تعالى، ‌و‌ الطلب ‌لا‌ يستلزم الاستكراه.
 ‌و‌ ثالثا: بالحل، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ الدعاء عباده امر الله تعالى بها غير مره، لتضمنها انكسار القلب ‌و‌ تواضعه ‌و‌ خشوعه، ‌و‌ مخالفه امر الله تعالى تنافى الرضا، ‌و‌ سياتى تمام الكلام على الرضا ‌فى‌ محله ‌ان‌ شاء الله تعالى.
 قوله عليه السلام: «اهدنى للتى هى اقوم» اى: للحاله ‌او‌ الخصله ‌او‌ الطريقه ‌او‌ الحكمه التى هى اقوم الحالات ‌او‌ الخصال ‌او‌ الطرائق ‌او‌ الحكم، اى: اعدلها ‌و‌ اكثرها استقامه ‌من‌ قام الامر ‌و‌ استقام بمعنى اعتدل. ‌و‌ ‌فى‌ حذف الموصوف فخامه ‌و‌ بلاغه ‌لا‌ توجد مع الاثبات، لما ‌فى‌ ابهام الموصوف بخلافه ‌من‌ التعميم ‌و‌ ذهب الوهم كل مذهب ‌و‌ ذلك مفقود مع ايضاحه، ‌و‌ ‌هو‌ اقتباس ‌من‌ قوله تعالى: «ان هذا القرءان يهدى للتى هى اقوم».
 
و قوله: «و استعملنى بالذى ‌هو‌ اسلم» اى: اجعلنى عاملا بالعمل الذى ‌هو‌ اكثر الاعمال سلامه ‌من‌ الافات المبطله للعمل. ‌و‌ حذف الموصوف هنا ليس لقصد التعميم كما ‌فى‌ الفقره السابقه، بل للايذان بالغنى عن التصريح ‌به‌ لغايه ظهوره، ‌لا‌ سيما بعد ذكر الاستعمال.
 
الخيره بكسر الخاء ‌و‌ سكون الياء المثناه ‌من‌ تحت: اسم ‌من‌ الاختيار، كالفديه اسم ‌من‌ الافتداء، ‌و‌ بفتح الياء بمعنى الاختيار.
 ‌و‌ قيل: هى بالسكون اسم ‌من‌ خار الله لك اى: اعطاك ‌ما‌ ‌هو‌ خير لك، ‌و‌ بالفتح اسم ‌من‌ اختاره الله.
 ‌و‌ قيل: هما بمعنى واحد، اى: ‌ان‌ كان الخير لى ‌او‌ الاختيار لى عندك، اى: ‌فى‌ حكمك.
 قال الفيومى ‌فى‌ المصباح: ‌و‌ تكون عند بمعنى الحكم، يقال: هذا عندى افضل ‌من‌ هذا، اى: ‌فى‌ حكمى.
 ‌فى‌ تاخير الاخذ لى: ‌اى‌ استرجاع حقى منه ‌او‌ عقابه لاجلى، ‌من‌ اخذه الله بذنبه عاقبه عليه.
 ‌و‌ ترك الانتقام: ‌اى‌ اسقاط المعاقبه. ‌و‌ اصل الترك استعماله ‌فى‌ الاعيان، يقال : تركت المنزل تركا: رحلت عنه، ‌و‌ تركت الرجل: فارقته، ثم استعير للاسقاط ‌فى‌ المعانى، فقيل: ترك حقه: اذا اسقطه، ‌و‌ ترك ركعه ‌من‌ الصلاه: لم يات بها، فانه اسقاط لما ثبت شرعا.
 
و يوم الفصل: يوم القيامه، لان الله تعالى يفصل فيه الحكم بين الخلائق، ‌او‌ لوقوع الفصل فيه بين الحق ‌و‌ الباطل، ‌او‌ للفصل فيه بين اعمال الخير ‌و‌ اعمال الشر.
 ‌و‌ المجمع: محل الجمع ‌او‌ زمانه.
 ‌و‌ الخصم: المدعى على غيره حقا ‌من‌ الحقوق المنازع له فيه، ‌و‌ يعبر ‌به‌ عن الواحد ‌و‌ الاثنين ‌و‌ الجماعه بلفظ واحد، لان اصله المصدر، فيقال: رجل خصم ‌و‌ رجلان خصم ‌و‌ رجال خصم، ‌و‌ ‌فى‌ لغه يطابق ‌فى‌ التثنيه ‌و‌ الجمع فيقال: خصمان، ‌و‌ خصوم ‌و‌ قد ورد التنزيل ‌فى‌ اللغتين.
 قال تعالى: «و هل اتئك نبوءا الخصم اذ تسوروا المحراب اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا ‌لا‌ تخف خصمان بغى بعضنا على بعض».
 ‌و‌ المراد ‌به‌ ‌فى‌ الدعاء الجماعه، اى: مجمع الخصوم.
 ‌و‌ التاييد: التقويه، ‌و‌ تاييد الله تعالى عبده تقويته امره ‌من‌ داخل بالبصيره ‌و‌ ‌من‌ خارج بقوه البطش، ‌و‌ الاول ‌هو‌ المطلوب هنا.
 ‌و‌ منه قوله تعالى: «اذ ايدتك بروح القدس».
 ‌و‌ النيه بالتشديد: اسم ‌من‌ نواه ينويه، اى: قصده.
 ‌و‌ التخفيف لغه فيها، حكاه الازهرى ‌و‌ اللحيانى، ‌و‌ هى على حذف اللام ‌و‌ تعويض الهاء عنها، كما قيل ‌فى‌ ثبه وظبه، ثم خصت النيه ‌فى‌ غالب الاستعمال بعزم القلب على امر ‌من‌ الامور.
 ‌و‌ صادقه: ‌اى‌ حسنه جميله، ‌و‌ يعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا ‌و‌ باطنا بالصدق، لان الصدق ‌فى‌ الحديث مستحسن جيد، فصاروا يستعملونه ‌فى‌ مطلق الجوده، ‌و‌ منه
 
رجل صدق ‌و‌ لسان صدق ‌و‌ مقعد صدق. اى: قونى منك بعزم حسن على الكف عن طلب حقى منه الى ذلك اليوم، فلا تنازعنى نفسى الى طلبى له ‌فى‌ الدنيا.
 ‌و‌ الصبر: حبس النفس عن الجزع.
 ‌و‌ الدائم: الثابت ‌من‌ دام يدوم دوما ‌و‌ دواما ثبت. اى: ‌و‌ ايدنى بصبر ثابت على ظلمه لى فلا اجزع منه.
 
عاذ بالله: اعتصم ‌و‌ امتنع، ‌و‌ اعاذه الله: عصمه ‌و‌ منعه.
 ‌و‌ ساء الشى ء يسوء سوء بالضم: قبح.
 ‌و‌ الرغبه: السئوال ‌و‌ الطلب، ‌و‌ منه كيف انتم اذا مرج الدين ‌و‌ ظهرت الرغبه.
 قال ابن الاثير ‌فى‌ النهايه: ‌اى‌ قلت العفه ‌و‌ كثر السئوال، يقال: رغب يرغب اذا حرص على الشى ء ‌و‌ طمع فيه، ‌و‌ الرغبه السئوال ‌و‌ الطلب انتهى.
 ‌و‌ قد تطلق الرغبه على الشره ‌و‌ الحرص، ‌و‌ منه الرغب شوم، اى: الشره ‌و‌ الحرص على الدنيا. ‌و‌ قيل: سعه الامل ‌و‌ طلب الكثير.
 ‌و‌ الهلع بالتحريك: الحرص، ‌و‌ قيل: الجزع ‌و‌ قله الصبر.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ اشد الجزع ‌و‌ الضجر.
 ‌و‌ الحرص بالكسر: الاجتهاد ‌فى‌ الطلب ‌و‌ الرغبه المذمومه. اى: ‌و‌ افض على منك قوه باطنيه اقوى بها على الامتناع ‌من‌ قبيح الطلب ‌و‌ ‌سى‌ ء الرغبه ‌و‌ السئوال ‌و‌ شده الجزع ‌و‌ الضجر، كما يفعله ارباب الحرص المجتهدون ‌فى‌ طلب الدنيا.
 صورت الشى ء: مثلت صورته ‌و‌ شكله.
 
و المراد بالقلب هنا: العقل، لانه محل التصور، ‌و‌ كثيرا ‌ما‌ يطلق عليه لغه ‌و‌ عرفا.
 ‌و‌ المثال بالكسر: ‌فى‌ الاصل اسم ‌من‌ ماثله مماثله اذا شابهه، ثم استعمل بمعنى الصوره ‌و‌ الشكل، فقالوا: هذا مثاله اى: صورته ‌و‌ شكله.
 ‌و‌ ادخرت الشى ء على افتعلت: ‌اى‌ ذخرته اذا اعددته لوقت الحاجه اليه.
 ‌و‌ اعددته اعدادا: هياته.
 ‌و‌ قنع بالشى ء- ‌من‌ باب تعب- قناعه: رضى به.
 ‌و‌ وثق ‌به‌ يثق بكسر هما ثقه ‌و‌ وثوقا: اعتمد على وفائه.
 ‌و‌ تخير الشى ء: اختاره.
 ‌و‌ المعنى: اجعل صوره ‌ما‌ اعددته لى وقت الحاجه اليه ‌من‌ ثوابك ‌و‌ جزائك على الصبر على مظلمتى، ‌و‌ هياته لظالمى ‌من‌ عقابك ‌و‌ انتقامك، حاصله ‌فى‌ عقلى، ‌و‌ صير ذلك سببا لحصول رضاى بالذى قضيته ‌و‌ حكمت ‌به‌ لى، ‌و‌ اعتمادى على ‌ما‌ اخترته لى ‌من‌ تاخير الاخذ لى ‌و‌ ترك الانتقام ممن ظلمنى، الى يوم الفصل ‌و‌ مجمع الخصم.
 حكى الزمخشرى ‌فى‌ ربيع الابرار: ‌ان‌ عامر ‌بن‌ بهدله مر برجل قد صلبه الحجاج، فقال: ‌يا‌ رب ‌ان‌ حلمك عن الظالمين قد اضر بالمظلومين، فراى ‌فى‌ منامه ‌ان‌ القيامه قد قامت، ‌و‌ كانه قد دخل الجنه فراى المصلوب فيها ‌فى‌ اعلى عليين، ‌و‌ اذا مناد ينادى: حلمى عن الظالمين احل المظلومين ‌فى‌ اعلى عليين.
 
اى: افعل ذلك ‌او‌ استجب ‌و‌ اعطنا ‌ما‌ سالناك ‌او‌ كذلك فافعل- على الخلاف ‌فى‌ معناها كما مر- ‌يا‌ رب العالمين.
 ‌و‌ حذف حرف النداء استشعارا لاقباله تعالى عليه، ‌او‌ لقربه منه اذا كان اقرب ‌من‌ حبل الوريد. ‌و‌ قد اسلفنا الكلام مبسوطا على هذه العباره ‌فى‌ آخر الروضه الثانيه
 
عشره.
 تعليل للدعاء ‌و‌ السئوال، ‌او‌ لاعطاء المسوول ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه.
 ‌و‌ ذو: بمعنى صاحب اى: صاحب الفضل العظيم، لكن ذو تقتضى تعظيم ‌ما‌ اضيفت اليه ‌و‌ الموصوف بها، بخلاف صاحب فيهما.
 ‌و‌ الفضل: الاحسان ابتداء، ‌و‌ لما كان كل خير منه تعالى، ‌و‌ احسان ‌فى‌ الدين ‌و‌ الدنيا ابتداء منه ‌و‌ تفضلا ‌من‌ غير استحقاق ‌من‌ المحسن اليه، صدق انه ذو الفضل العظيم ‌و‌ المن الجسيم.
 ‌و‌ قوله: «و انت على كل شى ء قدير» تعليل لاعطاء المسئوول، فان اتصافه سبحانه بالقدره الذاتيه الشامله لجميع المقدورات، بحيث ‌لا‌ يشذ ‌من‌ ملكه شى ء ‌من‌ الاشياء، يستدعى اندراج قدرته على اعطاء هذا المسوول ‌و‌ ابلاغ هذا المامول ‌فى‌ تلك الكليه، فلا غرو ‌ان‌ اجاب ‌و‌ اعطى ‌و‌ اثاب، ‌و‌ الله تعالى اعلم.
 هذا آخر الروضه الرابعه عشره ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيدالعابدين، وفق الله تعالى لاتمامها ‌و‌ اقتطاف ورود اكمالها ‌من‌ اكمامها، آخر يوم السبت لتسع خلون ‌من‌ محرم الحرام مفتتح عام تسع ‌و‌ تسعين ‌و‌ الف، ‌و‌ لله الحمد.
 

0
100% (نفر 1)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^