فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 15

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمدلله المحمود ‌فى‌ العافيه ‌و‌ البلاء، المشكور على اللاواء ‌و‌ الالاء، ‌و‌ الصلاه ‌و‌ السلام على نبيه اشرف الادلاء ‌و‌ على آله ‌و‌ عترته الساده الاجلاء.


 ‌و‌ بعد فهذه الروضه الخامسه عشره ‌من‌ رياض السالكين، تتضمن شرح الدعاء الخامس عشر ‌من‌ صحيفه سيدالعابدين صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الطاهرين، املاء راجى فضل ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى، بلغه الله تعالى غايات آماله، ‌و‌ وقاه ‌شر‌ نفسه ‌و‌ سيئات اعماله.
 
مرض الحيوان مرضا- ‌من‌ باب تعب-، ‌و‌ المرض قيل: حاله خارجه عن الطبع ضاره بالفعل، ‌و‌ يعلم ‌من‌ هذا ‌ان‌ الالام اعراض عن المرض.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌ما‌ يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ هيئه بدنيه تكون الافعال بها لذاتها مووفه، ‌و‌ لابد ‌من‌ كون الافه محسوسه، لان الاحساس بضرر الفعل شرط ‌فى‌ كون الهيئه مرضا، ‌و‌ الا كان جميع الناس ‌فى‌ مرض دائما بالقياس الى افضل الهيئات.
 ‌و‌ الكرب: الهم ياخذ بالنفس، ‌و‌ كربه الامر يكربه- ‌من‌ باب قتل-: شق عليه ‌و‌ اهمه، ‌و‌ ‌هو‌ رجل مكروب: مهموم، ‌و‌ الكربه بالضم اسم منه.
 ‌و‌ البليه: البلاء، ‌و‌ ‌هو‌ الاصابه بالمكروه.
 
قدم الجار ‌و‌ المجرور ‌و‌ الذى ‌هو‌ خبر ‌من‌ قوله «لك الحمد» ‌فى‌ الموضعين للحصر، اى: لك الحمد وحدك ‌من‌ غير شريك اصلا ‌و‌ ‌لا‌ مدخل فيه لاحد.
 
و لم ازل: ‌اى‌ لم ابرح، يقال: مازال يفعل كذا مثل ‌ما‌ برح وزنا ‌و‌ معنى ‌و‌ المراد بها ملازمه الشى ء ‌و‌ الحال الدائم، ‌و‌ لذلك قيل: هى لثبوت خبرها لاسمها على الاستمرار مذ قبله.
 ‌و‌ اتصرف: ‌اى‌ اتقلب.
 قال ‌فى‌ القاموس: صرفته ‌فى‌ الامر تصريفا فتصرف: قلبته فتقلب.
 ‌و‌ من: ‌فى‌ الموضعين بيانيه.
 ‌و‌ السلامه لغه: الخلوص ‌من‌ الافات، ‌و‌ اصطلاحا: هيئه يكون بها بدن الانسان ‌فى‌ مزاجه ‌و‌ تركيبه بحيث يصدر عنه الافعال كلها صحيحه، فهى بهذا المعنى مرادفه للصحه.
 ‌و‌ حدث الشى ء حدوثا- ‌من‌ باب قعد-: تجدد وجوده بعد ‌ان‌ لم يكن فهو حادث ‌و‌ حديث، ‌و‌ منه يقال: حدث ‌به‌ عيب اذا تجدد ‌و‌ كان معدوما، ‌و‌ يتعدى بالالف فيقال: احدثته.
 ‌و‌ العله: عباره عن معنى يحل بالمحل فيتغير ‌به‌ حال المحل، ‌و‌ منه سمى المرض عله، لانه بحلوله يتغير حال الشخص ‌من‌ القوه الى الضعف.
 ‌و‌ البدن ‌و‌ الجسد قيل: هما مترادفان بمعنى جسم الانسان. قال الجوهرى: بدن الانسان: جسده، ‌من‌ الجسد: ‌و‌ قال صاحب العين- ‌و‌ تبعه صاحب القاموس-: البدن ‌من‌ الجسد: ‌ما‌ سوى الشوى ‌و‌ الراس، ‌و‌ الشوى كالنوى: اليدان ‌و‌ الرجلان ‌و‌ كل ‌ما‌ ليس مقتلا كالقوائم.
 ‌و‌ قال ‌فى‌ البارع: ‌لا‌ يقال الجسد الا للحيوان العاقل ‌و‌ ‌هو‌ الانسان ‌و‌ الملائكه
 
و الجن، ‌و‌ ‌لا‌ يقال لغيره جسد
 
الفاء: للترتيب الذكرى.
 ‌و‌ المراد ‌به‌ كون ‌ما‌ بعدها كلاما مرتبا على ‌ما‌ قبلها، ‌لا‌ ‌ان‌ مضمون ‌ما‌ بعدها عقيب مضمون ‌ما‌ قبلها ‌فى‌ الزمان، فان التردد ‌فى‌ حال السلامه ‌و‌ العله ‌و‌ وقتيهما ايهما احق بالشكر ‌و‌ اولى بالحمد يصح بعد جرى ذكرهما.
 ‌و‌ درى دريا- ‌من‌ باب رمى- ‌و‌ درايه: علمه.
 ‌و‌ ‌اى‌ اسم استفهام ‌و‌ ‌هو‌ مبتدا، ‌و‌ احق خبره، ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل نصب مفعولا لادرى، لان وقوعه- اعنى ادرى- قبل ‌ما‌ له صدر الكلام ‌و‌ ‌هو‌ استفهام هنا اوجب تعليقه، اى: ابطال عمله لفظا مع بقائه محلا.
 ‌و‌ قولهم: ‌هو‌ احق بكذا ‌و‌ اولى بكذا يستعمل بمعنيين.
 احدهما: اختصاصه بذلك ‌من‌ غير مشاركه، نحو زيد احق ‌او‌ اولى بماله، اى: ‌لا‌ ‌حق‌ لغيره فيه.
 ‌و‌ الثانى: ‌ان‌ يكون افعل تفضيل، فيقتضى اشتراكه مع غيره ‌و‌ ترجيحه على غيره، كقولهم: زيد احسن وجها ‌من‌ فلان، ‌و‌ معناه ثبوت الحسن لهما ‌و‌ ترجيحه للاول، قاله الازهرى ‌و‌ غيره.
 ‌و‌ المعنى الثانى ‌هو‌ المراد هنا. ‌و‌ انما تردد عليه السلام ‌فى‌ ترجيح احد الحالين ‌و‌ وقتيهما على الاخر ‌فى‌ الشكر ‌و‌ الحمد، لاقتضاء كل منهما شكره تعالى ‌و‌ حمده لما ترتب عليه ‌من‌ الرغائب ‌و‌ الفوائد، كما شرحه عليه السلام بقوله.
 
وقت: مرفوع على البدليه ‌من‌ قوله: «و ‌اى‌ الوقتين»، ‌و‌ ‌هو‌ بدل كل ‌من‌ كل، ‌و‌ قرن بهمزه الاستفهام لتضمن المبدل منه معناها.
 قال ابن مالك ‌فى‌ التسهيل: ‌و‌ يقرن البدل بهمزه الاستفهام ‌ان‌ تضمن متبوعه معناها.
 ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ان‌ البدل ‌فى‌ الحقيقه ‌هو‌ مجموع المعطوف ‌و‌ المعطوف عليه- اعنى قوله : «اوقت الصحه ‌ام‌ وقت العله»- لاكل واحد ‌من‌ شقى التفصيل، كما توهمه عباره النحويين ‌من‌ قولهم: بدل الكل يطابق متبوعه ‌فى‌ الافراد ‌و‌ ضديه، ‌ما‌ لم يقصد التفصيل كمررت برجلين قائم ‌و‌ قاعد، ‌و‌ ‌ان‌ قائم ‌و‌ قاعد مجموعهما ‌هو‌ البدل لاكل منهما، فالمطابقه حاصله مع التفصيل ايضا.
 لكن قال الدمامينى ‌فى‌ شرح التسهيل: ‌و‌ ياتى هنا بحث ‌و‌ ‌هو‌ انه اذا كان مجموعهما ‌هو‌ البدل، فما ‌هو‌ العامل ‌فى‌ كل واحد منهما مع انه بمفرده غير بدل؟ ‌و‌ هذا ‌فى‌ البدل كقولهم ‌فى‌ الخبر: الرمان حلو حامض انتهى
 ‌و‌ هنانى الطعام يهنونى- ‌من‌ باب نفع-: ساغ ولذ، ‌و‌ هناه بالتثقيل: سوغه.
 ‌و‌ طيبات الرزق: مستلذاته، ‌و‌ فسر قوله تعالى: «كلوا ‌من‌ طيبت ‌ما‌ رزقنكم» بالشهى اللذيذ، ‌و‌ قيل: المباح الحلال.
 ‌و‌ قيل: المباح الذى يستلذ اكله.
 ‌و‌ الضمير المونث ‌من‌ قوله «فيها» يحتمل عوده الى الوقت، لاكتسابه
 
التانيث ‌من‌ المضاف اليه، كقول الشاعر:
 طول الليالى اسرعت ‌فى‌ نقضى
 ‌و‌ قول الاخر:
 ‌و‌ ‌ما‌ حب الديار شغفن قلبى
 ‌و‌ ‌هو‌ كثير ‌فى‌ فصيح الكلام. ‌و‌ يحتمل كونه للصحه.
 قال ابن هشام ‌فى‌ المغنى: ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون ‌من‌ ذلك «و كنتم على شفا حفره ‌من‌ النار فانقذكم منها» اى: ‌من‌ الشفا، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ الضمير للنار.
 ‌و‌ نشط ينشط- ‌من‌ باب تعب-: خف ‌و‌ اسرع ‌و‌ طابت نفسه لعمله، ‌و‌ يتعدى بالتثقيل فيقال: نشطه تنشيطا.
 ‌و‌ الباء ‌من‌ «بها»: اما للظرفيه ‌او‌ للسببيه ‌او‌ الاستعانه.
 ‌و‌ بغيت الشى ء ابغيه بغيا ‌و‌ ابتغيته ابتغاء: طلبته.
 ‌و‌ المرضاه: الرضوان، كالمغفره بمعنى الغفران.
 ‌و‌ الفضل: هنا بمعنى الخير ‌و‌ الرزق، ‌و‌ فسر قوله تعالى: «فاذا قضيت الصلوه فانتشروا ‌فى‌ الارض ‌و‌ ابتغوا ‌من‌ فضل الله»، اى: ‌و‌ اطلبوا الرزق ‌فى‌ الشراء ‌و‌ البيع.
 ‌و‌ عن الحسن ‌و‌ ابن جبير: المراد بقوله: «و ابتغوا ‌من‌ فضل الله» طلب العلم، ‌و‌ قيل: صلاه التطوع.
 
و عن ابن عباس: لم يومروا بطلب شى ء ‌من‌ الدنيا، انما ‌هو‌ عياده المرضى ‌و‌ حضور الجنائز ‌و‌ زياره اخ ‌فى‌ الله.
 ‌و‌ روى عمر ‌بن‌ يزيد عن ابى عبدالله عليه السلام قال: انى لاركب ‌فى‌ الحاجه التى كفاها الله ‌ما‌ اركب فيها الا التماس ‌ان‌ يرانى الله اضحى ‌فى‌ طلب الحلال، اما تسمع قول الله ‌عز‌ اسمه: «فاذا قضيت الصلوه فانتشروا ‌فى‌ الارض ‌و‌ ابتغوا ‌من‌ فضل الله».
 ‌و‌ قويتنى معها: ‌اى‌ مقارنا لها، اى: لوقت الصحه ‌او‌ للصحه. ‌و‌ «ام» متصله، لوقوعها بعد همزه الاستفهام.
 ‌و‌ التمحيص: التخليص ‌من‌ الذنوب.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: محص الشى ء محصا ‌و‌ محصه تمحيصا: خلصه ‌من‌ كل عيب، ‌و‌ محص الذهب بالنار: خلصه مما يشوبه ‌و‌ ‌من‌ المجاز محص الله التائب ‌من‌ الذنوب ‌و‌ محص قلبه ‌و‌ تمحصت ذنوبه انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌ما‌ ‌من‌ مسلم عرض له مرض الا حط الله خطاياه كما تحط الشجره ورقها.
 ‌و‌ عن اميرالمومنين عليه السلام ‌ان‌ المرض يحط السيئات ‌و‌ يحتهاحت الاوراق.
 
و عن ابى عبدالله عليه السلام: حمى ليله كفاره لما قبلها ‌و‌ ‌ما‌ بعدها.
 ‌و‌ ‌فى‌ خبر: ‌ما‌ يزال الاوصاب ‌و‌ المصائب بالعبد حتى تتركه كالفضه المصفاه.
 ‌و‌ ‌فى‌ خبر آخر: ‌ان‌ المريض يخرج ‌من‌ مرضه نقيا ‌من‌ الذنوب كيوم ولدته امه، ‌و‌ يتساقط عنه خطاياه كما يتساقط الورق ‌من‌ الشجر ‌فى‌ الخريف.
 قال بعض العلماء: تمحيص الذنوب بالمرض باعتبار امرين:
 احدهما: ‌ان‌ المريض تنكسر شهوته ‌و‌ غضبه اللذان هما مبدا للذنوب ‌و‌ المعاصى ‌و‌ مادتها.
 ‌و‌ الثانى: ‌ان‌ ‌من‌ شان المرض ‌ان‌ يرجع الانسان فيه الى ربه بالتوبه ‌و‌ الندم على المعصيه ‌و‌ العزم على ترك مثلها، كما قال تعالى: «و اذا مس الانسن الضر دعانا لجنبه ‌او‌ قاعدا ‌او‌ قائما» الايه.
 فما كان ‌من‌ السيئات ‌و‌ الذنوب حالات غير متمكنه ‌من‌ جوهر النفس فانه يسرع زوالها منها، ‌و‌ ‌ما‌ صار ملكه فربما يزول على طول المرض ‌و‌ دوام الانابه الى الله تعالى انتهى.
 ‌و‌ اتحفتنى بها: ‌اى‌ بررتنى ‌و‌ اكرمتنى يقال: اتحفه اذا وصله بتحفه بالضم، ‌و‌ هى البر ‌و‌ اللطف.
 ‌و‌ اراد عليه السلام بالنعم: المثوبات ‌و‌ الاجور المترتبه على المرض المتسببه عنه.
 
و ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: ايكم يحب ‌ان‌ يصح فلا يسقم؟ قالوا كلنا ‌يا‌ رسول الله، قال: تحبون ‌ان‌ تكونوا كالحمير الصواله، الا تحبون ‌ان‌ تكونوا اصحاب بلايا ‌و‌ اصحاب كفارات؟ ‌و‌ الذى بعثنى بالحق ‌ان‌ الرجل ليكون له الدرجه ‌فى‌ الجنه فلا يبلغها بشى ء ‌من‌ عمله، فيبتليه الله ليبلغ درجه ‌لا‌ يبلغها بشى ء ‌من‌ عمله.
 ‌و‌ ‌فى‌ كلام بعض السلف: ‌ان‌ ‌فى‌ العلل لنعما ‌لا‌ ينبغى للعقلاء ‌ان‌ يجحدوها منها تمحيص الذنوب، ‌و‌ التعرض لثواب الصبر، ‌و‌ اليقظه ‌من‌ الغفله، ‌و‌ اذكار النعمه ‌فى‌ حال الصحه، ‌و‌ استدعاء التوبه وحثها على الصدقه.
 فان قلت: قد روى عن اميرالمومنين عليه السلام انه قال لبعض اصحابه ‌فى‌ عله اعتلها: جعل الله ‌ما‌ كان ‌من‌ شكواك حطا لسيئاتك فان المرض ‌لا‌ اجر فيه ‌و‌ لكنه يحط السيئات ‌و‌ يحتها حت الاوراق، ‌و‌ انما الاجر ‌فى‌ القول باللسان ‌و‌ العمل بالايدى ‌و‌ الاقدام، ‌و‌ ‌ان‌ الله يدخل بصدق النيه ‌و‌ السريره الصالحه ‌من‌ يشاء ‌من‌ عباده الجنه.
 فان هذا الكلام منه عليه السلام نص على انه ‌لا‌ مثوبه ‌و‌ ‌لا‌ اجر ‌فى‌ المرض، فكيف تترتب عليه المثوبات ‌و‌ تتسبب عنه الاجور التى عبر عنها بالنعم؟
 قلت: ترتب المثوبات ‌و‌ الاجور عليه يكون باحتساب المشقه فيه لله تعالى بصدق نيه العبد مع صلاح سريرته، فان ذلك يكون معدا الافاضه الاجر ‌و‌ الثواب عليه، ‌و‌ يدخل ذلك ‌فى‌ عداد الملكات المقرونه بنيه القربه الى الله تعالى. ‌و‌ الى هذا المعنى اشار عليه السلام بقوله: ‌و‌ ‌ان‌ الله يدخل بصدق النيه ‌و‌ السريره الصالحه ‌من‌
 
يشاء ‌من‌ عباده الجنه، ‌و‌ قد تتسبب ايضا عنه باعتبار الصبر عليه ‌و‌ التضرع الى الله تعالى فيه، كما ورد ‌فى‌ حديث آخر.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ روى عن ابى عبدالله عليه السلام عن ابيه عن جده عن مولانا الحسين ‌بن‌ على عليهماالسلام، قال: عاد اميرالمومنين عليه السلام سلمان الفارسى فقال: يابا عبدالله كيف اصبحت ‌من‌ علتك؟ فقال: ‌يا‌ اميرالمومنين احمد الله كثيرا ‌و‌ اشكو اليك كثره الضجر، قال: فلا تضجر يابا عبدالله، فما ‌من‌ احد ‌من‌ شيعتنا يصيبه وجع الا بذنب قد سبق منه ‌و‌ ذلك الوجع تطهير له، قال سلمان: فان كان الامر على ‌ما‌ ذكرت ‌و‌ ‌هو‌ كما ذكرت فليس لنا ‌فى‌ ذلك شى ء خلا التطهير، قال: بلى ‌يا‌ سلمان لكم الاجر بالصبر عليه ‌و‌ التضرع الى الله ‌عز‌ اسمه ‌و‌ الدعاء، بهما تكتب لكم الحسنات ‌و‌ ترفع لكم الدرجات، ‌و‌ اما الوجع خاصه فهو تطهير ‌و‌ كفاره، فقبل سلمان ‌ما‌ بين عينيه ‌و‌ بكى ‌و‌ قال: ‌من‌ كان يميز لنا هذه الاشياء لولاك ‌يا‌ اميرالمومنين.
 فهذا الحديث صريح ‌فى‌ المطلوب. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد بالنعم الالام التى هى اعراض عن العله، عدها نعما لما يترتب عليها ‌من‌ الفوائد، ‌من‌ تخفيف الذنوب ‌و‌ التطهير ‌من‌ السيئات ‌و‌ التنبيه على الانابه الى غير ذلك، كما اشار اليه عليه السلام بقوله.
 اى: لاجل التخفيف، فهو مفعول له، ‌و‌ يحتمل النصب على المصدريه، اى: تخفف تخفيفا ‌او‌ اتخاف تخفيف.
 
لايقال: هذا يعين كون المراد بالنعم الالام ‌و‌ الانتقام، لانها التى يحصل بها التخفيف ‌و‌ التطهير ‌و‌ التنبيه ‌و‌ التذكير ‌لا‌ المثوبات ‌و‌ الاجور.
 لانا نقول: المثوبات ‌و‌ الاجور تقتضى التخفيف ‌و‌ التطهير ايضا، كما قال تعالى: «ان الحسنات يذهبن السيئات» ‌و‌ بها يحصل التنبيه للانابه ‌و‌ التذكير لمحو الخطيئه ايضا، فان ‌من‌ صبر على بلواه محتسبا اجره عندالله فلابد ‌ان‌ يتنبه للتوبه على ‌ما‌ فرط منه، ‌و‌ بتذكر قديم نعمه الله عليه ‌من‌ العافيه فيتدارك سيئاته بالندم عليها ‌و‌ الرجوع عنها.
 ‌و‌ اللام ‌فى‌ قوله عليه السلام «لما ثقل» يحتمل ‌ان‌ تكون للتعليل، اى: تخفيفا عنى لاجل ‌ما‌ ثقل على ظهرى، ‌و‌ ‌ان‌ تكون مقويه للعامل لكونه فرعا ‌فى‌ العمل، مثل ضربى لزيد حسن.
 ‌و‌ جمله الصله ‌من‌ قوله: «ثقل على ظهرى» استعاره تمثيليه، مثل حاله ‌فى‌ تحمل الخطيئات بحال ‌من‌ حمل على ظهره اعباء ثقيله فثقلت عليه، ‌و‌ التخفيف ‌من‌ ترشيح الاستعاره.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله «لما انغمست» محتمله للتعليل ايضا، ‌اى‌ تطهيرا لى لاجل ‌ما‌ انغمست فيه، ‌و‌ ‌ان‌ تكون بمعنى من، اى: تطهيرا مما انغمست فيه.
 ‌و‌ اما التقويه فبعيده، لان التطهير ‌لا‌ يكون لما انغمس فيه الا اذا اريد ‌به‌ معنى الازاله. ‌و‌ اصل الانغماس ‌فى‌ الماء، استعاره لارتكاب الذنوب ‌و‌ السيئات بجامع التوغل ‌فى‌ التلبس، ‌و‌ هى استعاره تبعيه تصريحيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله «لتناول التوبه» اما للتعليل ايضا، اى: تنبيها لى لاجل تناول التوبه، ‌و‌ اما بمعنى على، اى: تنبيها على تناول التوبه.
 
و ‌فى‌ قوله: «لمحو الحوبه» للتعليل، ‌و‌ الحوبه بالفتح: الخطيئه ‌من‌ حاب حوبا- ‌من‌ باب قال- اذا اكتسب الاثم، ‌و‌ الاسم الحوب بالضم.
 ‌و‌ قيل المضموم ‌و‌ المفتوح لغتان، فالضم لغه الحجاز ‌و‌ الفتح لغه تميم.
 ‌و‌ الباء ‌من‌ قوله «بقديم النعمه»: متعلقه بالتذكير، اى: تذكير بقديم النعمه لاجل محو الحوبه.
 يقال: ذكرته ‌ما‌ كان ‌و‌ ذكرته بما كان، قال تعالى «و ذكرهم بايم الله».
 ‌و‌ المراد بقديم النعمه: العافيه المتقدمه على المرض، لان الانسان ‌لا‌ يذكر العافيه ‌و‌ لايعرف قدرها الا عند المرض، كما ورد ‌فى‌ الحديث: نعمتان مجهولتان الامن ‌و‌ العافيه.
 ‌و‌ قيل: مراره السقم توجد حلاوه العافيه.
 ‌و‌ لما كان جهل النعمه خطيئه ‌و‌ كفرا بها، ‌و‌ كان ذكرها شكرا لها ‌و‌ ازاله للجهل بها، كان التذكير بها سببا لمحو الحوبه التى هى عباره عن جهلها.
 قال عمر لاويس القرنى رضى الله عنه: اخرج بك وضح فدعوت الله ‌ان‌ ‌لا‌ يذهبه عنك، ‌و‌ قلت: اللهم دع ‌فى‌ جسدى ‌ما‌ اذكر ‌به‌ نعمك على، قال: ‌و‌ ‌ما‌ ادراك ‌و‌ ‌ما‌ اطلع على هذا بشر؟. قال: اخبرنا رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم.
 ‌و‌ اما ‌ما‌ قيل: ‌ان‌ الباء ‌من‌ قوله: «بقديم النعمه» للسببيه، ‌و‌ هى متعلقه بقوله «اتحفتنى بها» اى: اتحفتنى بتلك النعم بسبب نعمتك القديمه ‌و‌ قول آخر: هى متعلقه بمحو التوبه، اى: بقديم النعمه التى وفقتنى بها لدفع الشبهات، ‌و‌ قول ‌من‌ قال: ‌ان‌
 
المراد بقديم النعمه العنايات المندرجه ‌فى‌ هذه المحنه، لانها نعمه قديمه مقدره ‌من‌ الازل، فهى اقوال ‌لا‌ تصيب شاكله الصواب ‌و‌ لايكشف لها عن وجه القبول حجاب.
 
وقت: مرفوع على البدليه ‌من‌ قوله: «و ‌اى‌ الوقتين»، ‌و‌ ‌هو‌ بدل كل ‌من‌ كل، ‌و‌ قرن بهمزه الاستفهام لتضمن المبدل منه معناها.
 قال ابن مالك ‌فى‌ التسهيل: ‌و‌ يقرن البدل بهمزه الاستفهام ‌ان‌ تضمن متبوعه معناها.
 ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ان‌ البدل ‌فى‌ الحقيقه ‌هو‌ مجموع المعطوف ‌و‌ المعطوف عليه- اعنى قوله : «اوقت الصحه ‌ام‌ وقت العله»- لاكل واحد ‌من‌ شقى التفصيل، كما توهمه عباره النحويين ‌من‌ قولهم: بدل الكل يطابق متبوعه ‌فى‌ الافراد ‌و‌ ضديه، ‌ما‌ لم يقصد التفصيل كمررت برجلين قائم ‌و‌ قاعد، ‌و‌ ‌ان‌ قائم ‌و‌ قاعد مجموعهما ‌هو‌ البدل لاكل منهما، فالمطابقه حاصله مع التفصيل ايضا.
 لكن قال الدمامينى ‌فى‌ شرح التسهيل: ‌و‌ ياتى هنا بحث ‌و‌ ‌هو‌ انه اذا كان مجموعهما ‌هو‌ البدل، فما ‌هو‌ العامل ‌فى‌ كل واحد منهما مع انه بمفرده غير بدل؟ ‌و‌ هذا ‌فى‌ البدل كقولهم ‌فى‌ الخبر: الرمان حلو حامض انتهى
 ‌و‌ هنانى الطعام يهنونى- ‌من‌ باب نفع-: ساغ ولذ، ‌و‌ هناه بالتثقيل: سوغه.
 ‌و‌ طيبات الرزق: مستلذاته، ‌و‌ فسر قوله تعالى: «كلوا ‌من‌ طيبت ‌ما‌ رزقنكم» بالشهى اللذيذ، ‌و‌ قيل: المباح الحلال.
 ‌و‌ قيل: المباح الذى يستلذ اكله.
 ‌و‌ الضمير المونث ‌من‌ قوله «فيها» يحتمل عوده الى الوقت، لاكتسابه
 
التانيث ‌من‌ المضاف اليه، كقول الشاعر:
 طول الليالى اسرعت ‌فى‌ نقضى
 ‌و‌ قول الاخر:
 ‌و‌ ‌ما‌ حب الديار شغفن قلبى
 ‌و‌ ‌هو‌ كثير ‌فى‌ فصيح الكلام. ‌و‌ يحتمل كونه للصحه.
 قال ابن هشام ‌فى‌ المغنى: ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون ‌من‌ ذلك «و كنتم على شفا حفره ‌من‌ النار فانقذكم منها» اى: ‌من‌ الشفا، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ الضمير للنار.
 ‌و‌ نشط ينشط- ‌من‌ باب تعب-: خف ‌و‌ اسرع ‌و‌ طابت نفسه لعمله، ‌و‌ يتعدى بالتثقيل فيقال: نشطه تنشيطا.
 ‌و‌ الباء ‌من‌ «بها»: اما للظرفيه ‌او‌ للسببيه ‌او‌ الاستعانه.
 ‌و‌ بغيت الشى ء ابغيه بغيا ‌و‌ ابتغيته ابتغاء: طلبته.
 ‌و‌ المرضاه: الرضوان، كالمغفره بمعنى الغفران.
 ‌و‌ الفضل: هنا بمعنى الخير ‌و‌ الرزق، ‌و‌ فسر قوله تعالى: «فاذا قضيت الصلوه فانتشروا ‌فى‌ الارض ‌و‌ ابتغوا ‌من‌ فضل الله»، اى: ‌و‌ اطلبوا الرزق ‌فى‌ الشراء ‌و‌ البيع.
 ‌و‌ عن الحسن ‌و‌ ابن جبير: المراد بقوله: «و ابتغوا ‌من‌ فضل الله» طلب العلم، ‌و‌ قيل: صلاه التطوع.
 
و عن ابن عباس: لم يومروا بطلب شى ء ‌من‌ الدنيا، انما ‌هو‌ عياده المرضى ‌و‌ حضور الجنائز ‌و‌ زياره اخ ‌فى‌ الله.
 ‌و‌ روى عمر ‌بن‌ يزيد عن ابى عبدالله عليه السلام قال: انى لاركب ‌فى‌ الحاجه التى كفاها الله ‌ما‌ اركب فيها الا التماس ‌ان‌ يرانى الله اضحى ‌فى‌ طلب الحلال، اما تسمع قول الله ‌عز‌ اسمه: «فاذا قضيت الصلوه فانتشروا ‌فى‌ الارض ‌و‌ ابتغوا ‌من‌ فضل الله».
 ‌و‌ قويتنى معها: ‌اى‌ مقارنا لها، اى: لوقت الصحه ‌او‌ للصحه. ‌و‌ «ام» متصله، لوقوعها بعد همزه الاستفهام.
 ‌و‌ التمحيص: التخليص ‌من‌ الذنوب.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: محص الشى ء محصا ‌و‌ محصه تمحيصا: خلصه ‌من‌ كل عيب، ‌و‌ محص الذهب بالنار: خلصه مما يشوبه ‌و‌ ‌من‌ المجاز محص الله التائب ‌من‌ الذنوب ‌و‌ محص قلبه ‌و‌ تمحصت ذنوبه انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌ما‌ ‌من‌ مسلم عرض له مرض الا حط الله خطاياه كما تحط الشجره ورقها.
 ‌و‌ عن اميرالمومنين عليه السلام ‌ان‌ المرض يحط السيئات ‌و‌ يحتهاحت الاوراق.
 
و عن ابى عبدالله عليه السلام: حمى ليله كفاره لما قبلها ‌و‌ ‌ما‌ بعدها.
 ‌و‌ ‌فى‌ خبر: ‌ما‌ يزال الاوصاب ‌و‌ المصائب بالعبد حتى تتركه كالفضه المصفاه.
 ‌و‌ ‌فى‌ خبر آخر: ‌ان‌ المريض يخرج ‌من‌ مرضه نقيا ‌من‌ الذنوب كيوم ولدته امه، ‌و‌ يتساقط عنه خطاياه كما يتساقط الورق ‌من‌ الشجر ‌فى‌ الخريف.
 قال بعض العلماء: تمحيص الذنوب بالمرض باعتبار امرين:
 احدهما: ‌ان‌ المريض تنكسر شهوته ‌و‌ غضبه اللذان هما مبدا للذنوب ‌و‌ المعاصى ‌و‌ مادتها.
 ‌و‌ الثانى: ‌ان‌ ‌من‌ شان المرض ‌ان‌ يرجع الانسان فيه الى ربه بالتوبه ‌و‌ الندم على المعصيه ‌و‌ العزم على ترك مثلها، كما قال تعالى: «و اذا مس الانسن الضر دعانا لجنبه ‌او‌ قاعدا ‌او‌ قائما» الايه.
 فما كان ‌من‌ السيئات ‌و‌ الذنوب حالات غير متمكنه ‌من‌ جوهر النفس فانه يسرع زوالها منها، ‌و‌ ‌ما‌ صار ملكه فربما يزول على طول المرض ‌و‌ دوام الانابه الى الله تعالى انتهى.
 ‌و‌ اتحفتنى بها: ‌اى‌ بررتنى ‌و‌ اكرمتنى يقال: اتحفه اذا وصله بتحفه بالضم، ‌و‌ هى البر ‌و‌ اللطف.
 ‌و‌ اراد عليه السلام بالنعم: المثوبات ‌و‌ الاجور المترتبه على المرض المتسببه عنه.
 
و ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: ايكم يحب ‌ان‌ يصح فلا يسقم؟ قالوا كلنا ‌يا‌ رسول الله، قال: تحبون ‌ان‌ تكونوا كالحمير الصواله، الا تحبون ‌ان‌ تكونوا اصحاب بلايا ‌و‌ اصحاب كفارات؟ ‌و‌ الذى بعثنى بالحق ‌ان‌ الرجل ليكون له الدرجه ‌فى‌ الجنه فلا يبلغها بشى ء ‌من‌ عمله، فيبتليه الله ليبلغ درجه ‌لا‌ يبلغها بشى ء ‌من‌ عمله.
 ‌و‌ ‌فى‌ كلام بعض السلف: ‌ان‌ ‌فى‌ العلل لنعما ‌لا‌ ينبغى للعقلاء ‌ان‌ يجحدوها منها تمحيص الذنوب، ‌و‌ التعرض لثواب الصبر، ‌و‌ اليقظه ‌من‌ الغفله، ‌و‌ اذكار النعمه ‌فى‌ حال الصحه، ‌و‌ استدعاء التوبه وحثها على الصدقه.
 فان قلت: قد روى عن اميرالمومنين عليه السلام انه قال لبعض اصحابه ‌فى‌ عله اعتلها: جعل الله ‌ما‌ كان ‌من‌ شكواك حطا لسيئاتك فان المرض ‌لا‌ اجر فيه ‌و‌ لكنه يحط السيئات ‌و‌ يحتها حت الاوراق، ‌و‌ انما الاجر ‌فى‌ القول باللسان ‌و‌ العمل بالايدى ‌و‌ الاقدام، ‌و‌ ‌ان‌ الله يدخل بصدق النيه ‌و‌ السريره الصالحه ‌من‌ يشاء ‌من‌ عباده الجنه.
 فان هذا الكلام منه عليه السلام نص على انه ‌لا‌ مثوبه ‌و‌ ‌لا‌ اجر ‌فى‌ المرض، فكيف تترتب عليه المثوبات ‌و‌ تتسبب عنه الاجور التى عبر عنها بالنعم؟
 قلت: ترتب المثوبات ‌و‌ الاجور عليه يكون باحتساب المشقه فيه لله تعالى بصدق نيه العبد مع صلاح سريرته، فان ذلك يكون معدا الافاضه الاجر ‌و‌ الثواب عليه، ‌و‌ يدخل ذلك ‌فى‌ عداد الملكات المقرونه بنيه القربه الى الله تعالى. ‌و‌ الى هذا المعنى اشار عليه السلام بقوله: ‌و‌ ‌ان‌ الله يدخل بصدق النيه ‌و‌ السريره الصالحه ‌من‌
 
يشاء ‌من‌ عباده الجنه، ‌و‌ قد تتسبب ايضا عنه باعتبار الصبر عليه ‌و‌ التضرع الى الله تعالى فيه، كما ورد ‌فى‌ حديث آخر.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ روى عن ابى عبدالله عليه السلام عن ابيه عن جده عن مولانا الحسين ‌بن‌ على عليهماالسلام، قال: عاد اميرالمومنين عليه السلام سلمان الفارسى فقال: يابا عبدالله كيف اصبحت ‌من‌ علتك؟ فقال: ‌يا‌ اميرالمومنين احمد الله كثيرا ‌و‌ اشكو اليك كثره الضجر، قال: فلا تضجر يابا عبدالله، فما ‌من‌ احد ‌من‌ شيعتنا يصيبه وجع الا بذنب قد سبق منه ‌و‌ ذلك الوجع تطهير له، قال سلمان: فان كان الامر على ‌ما‌ ذكرت ‌و‌ ‌هو‌ كما ذكرت فليس لنا ‌فى‌ ذلك شى ء خلا التطهير، قال: بلى ‌يا‌ سلمان لكم الاجر بالصبر عليه ‌و‌ التضرع الى الله ‌عز‌ اسمه ‌و‌ الدعاء، بهما تكتب لكم الحسنات ‌و‌ ترفع لكم الدرجات، ‌و‌ اما الوجع خاصه فهو تطهير ‌و‌ كفاره، فقبل سلمان ‌ما‌ بين عينيه ‌و‌ بكى ‌و‌ قال: ‌من‌ كان يميز لنا هذه الاشياء لولاك ‌يا‌ اميرالمومنين.
 فهذا الحديث صريح ‌فى‌ المطلوب. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد بالنعم الالام التى هى اعراض عن العله، عدها نعما لما يترتب عليها ‌من‌ الفوائد، ‌من‌ تخفيف الذنوب ‌و‌ التطهير ‌من‌ السيئات ‌و‌ التنبيه على الانابه الى غير ذلك، كما اشار اليه عليه السلام بقوله.
 اى: لاجل التخفيف، فهو مفعول له، ‌و‌ يحتمل النصب على المصدريه، اى: تخفف تخفيفا ‌او‌ اتخاف تخفيف.
 
لايقال: هذا يعين كون المراد بالنعم الالام ‌و‌ الانتقام، لانها التى يحصل بها التخفيف ‌و‌ التطهير ‌و‌ التنبيه ‌و‌ التذكير ‌لا‌ المثوبات ‌و‌ الاجور.
 لانا نقول: المثوبات ‌و‌ الاجور تقتضى التخفيف ‌و‌ التطهير ايضا، كما قال تعالى: «ان الحسنات يذهبن السيئات» ‌و‌ بها يحصل التنبيه للانابه ‌و‌ التذكير لمحو الخطيئه ايضا، فان ‌من‌ صبر على بلواه محتسبا اجره عندالله فلابد ‌ان‌ يتنبه للتوبه على ‌ما‌ فرط منه، ‌و‌ بتذكر قديم نعمه الله عليه ‌من‌ العافيه فيتدارك سيئاته بالندم عليها ‌و‌ الرجوع عنها.
 ‌و‌ اللام ‌فى‌ قوله عليه السلام «لما ثقل» يحتمل ‌ان‌ تكون للتعليل، اى: تخفيفا عنى لاجل ‌ما‌ ثقل على ظهرى، ‌و‌ ‌ان‌ تكون مقويه للعامل لكونه فرعا ‌فى‌ العمل، مثل ضربى لزيد حسن.
 ‌و‌ جمله الصله ‌من‌ قوله: «ثقل على ظهرى» استعاره تمثيليه، مثل حاله ‌فى‌ تحمل الخطيئات بحال ‌من‌ حمل على ظهره اعباء ثقيله فثقلت عليه، ‌و‌ التخفيف ‌من‌ ترشيح الاستعاره.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله «لما انغمست» محتمله للتعليل ايضا، ‌اى‌ تطهيرا لى لاجل ‌ما‌ انغمست فيه، ‌و‌ ‌ان‌ تكون بمعنى من، اى: تطهيرا مما انغمست فيه.
 ‌و‌ اما التقويه فبعيده، لان التطهير ‌لا‌ يكون لما انغمس فيه الا اذا اريد ‌به‌ معنى الازاله. ‌و‌ اصل الانغماس ‌فى‌ الماء، استعاره لارتكاب الذنوب ‌و‌ السيئات بجامع التوغل ‌فى‌ التلبس، ‌و‌ هى استعاره تبعيه تصريحيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله «لتناول التوبه» اما للتعليل ايضا، اى: تنبيها لى لاجل تناول التوبه، ‌و‌ اما بمعنى على، اى: تنبيها على تناول التوبه.
 
و ‌فى‌ قوله: «لمحو الحوبه» للتعليل، ‌و‌ الحوبه بالفتح: الخطيئه ‌من‌ حاب حوبا- ‌من‌ باب قال- اذا اكتسب الاثم، ‌و‌ الاسم الحوب بالضم.
 ‌و‌ قيل المضموم ‌و‌ المفتوح لغتان، فالضم لغه الحجاز ‌و‌ الفتح لغه تميم.
 ‌و‌ الباء ‌من‌ قوله «بقديم النعمه»: متعلقه بالتذكير، اى: تذكير بقديم النعمه لاجل محو الحوبه.
 يقال: ذكرته ‌ما‌ كان ‌و‌ ذكرته بما كان، قال تعالى «و ذكرهم بايم الله».
 ‌و‌ المراد بقديم النعمه: العافيه المتقدمه على المرض، لان الانسان ‌لا‌ يذكر العافيه ‌و‌ لايعرف قدرها الا عند المرض، كما ورد ‌فى‌ الحديث: نعمتان مجهولتان الامن ‌و‌ العافيه.
 ‌و‌ قيل: مراره السقم توجد حلاوه العافيه.
 ‌و‌ لما كان جهل النعمه خطيئه ‌و‌ كفرا بها، ‌و‌ كان ذكرها شكرا لها ‌و‌ ازاله للجهل بها، كان التذكير بها سببا لمحو الحوبه التى هى عباره عن جهلها.
 قال عمر لاويس القرنى رضى الله عنه: اخرج بك وضح فدعوت الله ‌ان‌ ‌لا‌ يذهبه عنك، ‌و‌ قلت: اللهم دع ‌فى‌ جسدى ‌ما‌ اذكر ‌به‌ نعمك على، قال: ‌و‌ ‌ما‌ ادراك ‌و‌ ‌ما‌ اطلع على هذا بشر؟. قال: اخبرنا رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم.
 ‌و‌ اما ‌ما‌ قيل: ‌ان‌ الباء ‌من‌ قوله: «بقديم النعمه» للسببيه، ‌و‌ هى متعلقه بقوله «اتحفتنى بها» اى: اتحفتنى بتلك النعم بسبب نعمتك القديمه ‌و‌ قول آخر: هى متعلقه بمحو التوبه، اى: بقديم النعمه التى وفقتنى بها لدفع الشبهات، ‌و‌ قول ‌من‌ قال: ‌ان‌
 
المراد بقديم النعمه العنايات المندرجه ‌فى‌ هذه المحنه، لانها نعمه قديمه مقدره ‌من‌ الازل، فهى اقوال ‌لا‌ تصيب شاكله الصواب ‌و‌ لايكشف لها عن وجه القبول حجاب.
 
الواو: للحال.
 ‌و‌ الخلال: جمع خلل بفتحتين مثل جبل ‌و‌ جبال، ‌و‌ ‌هو‌ الفرجه بين الشيئين، ‌و‌ يكون مفردا ايضا بمعنى بين.
 قال الفارابى ‌فى‌ ديوان الادب ‌فى‌ باب فعال بكسر الفاء: يقال: خلال ذلك، اى: بين ذلك.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: ‌هو‌ خللهم ‌و‌ خلالهم بكسر هما ‌و‌ بفتح الثانى: بينهم اى: ‌و‌ ‌فى‌ اثناء. ‌ما‌ ذكر ‌من‌ العله ‌و‌ النعم التى اتحفتنى بها.
 «ما كتبه لى الكاتبان ‌من‌ زكى الاعمال»: ‌اى‌ طاهرها، ‌من‌ زكى بمعنى طهر، ‌و‌ منه قوله تعالى: «ما زكى منكم ‌من‌ احد»، اى: ‌ما‌ طهر، ‌و‌ منه نفسا زكيه اى: طاهره لم تات ‌ما‌ يوجب قتلها، ‌او‌ صالح الاعمال ‌من‌ زكى الرجل يزكو اذا صلح، زكيه بالتثقيل: نسبه الى الزكاء ‌و‌ ‌هو‌ الصلاح فهو زكى.
 ‌و‌ «ما» ‌فى‌ «مالا قلب»: بدل ‌من‌ «ما» التى قبلها.
 ‌و‌ لا: اما لنفى الجنس ‌و‌ ‌ما‌ بعدها مرفوع بالابتداء على انها ملغاه لتكررها، ‌و‌ ‌لا‌ الثانيه ‌و‌ الثالثه اما زائدتان ‌او‌ ملغاتان كالاولى ‌و‌ مابعد كل منهما مبتدا معطوف
 
على مبتدا، ‌او‌ عامله عمل ليس ‌فى‌ المواضع الثلاثه، فما بعد كل منها مرفوع بها. ‌و‌ لك جعل الاولى عامله عمل ليس، ‌و‌ الثانيه ‌و‌ الثالثه زائدتان ‌او‌ مهملتان ‌و‌ بالعكس ‌و‌ التفريق. فظهر ‌ان‌ ‌ما‌ حكم ‌به‌ بعضهم ‌من‌ تعين كون «لا» عامله عمل ليس ليس بشى ء.
 ‌و‌ فكر ‌فى‌ الشى ء- ‌من‌ باب ضرب- ‌و‌ افكر بالالف ‌و‌ تفكر ‌و‌ فكر تفكيرا: اعمل فيه الفكر بالكسر، ‌و‌ ‌هو‌ ترتيب امور معلومه ‌فى‌ الذهن لتودى الى مطلوب يكون علما ‌او‌ ظنا.
 ‌و‌ قيل: التفكر تصرف القلب ‌فى‌ معانى الاشياء لدرك المطلوب.
 ‌و‌ نطق ينطق- ‌من‌ باب ضرب-: تكلم بصوت ‌و‌ حروف تعرف بها المعانى، ‌و‌ يقال: نطق اللسان كما يقال: نطق الرجل.
 ‌و‌ الجارحه ‌من‌ الانسان: ‌ما‌ يكتسب ‌به‌ ‌من‌ اعضائه كاليد ‌و‌ الرجل ‌و‌ الجمع جوارح.
 ‌و‌ تكلف الشى ء: فعله ‌و‌ تحمله على مشقه.
 ‌و‌ بل: حرف اضراب، ‌و‌ معناه هنا الانتقال ‌من‌ غرض الى اخر ‌لا‌ الابطال. ‌و‌ هى حرف ابتداء ‌لا‌ عاطفه على الصحيح، لكون متلوها جمله.
 ‌و‌ افضالا: منصوب على المصدريه اى: بل افضلت افضالا كائنا ابتداء منك على، ‌و‌ احسنت احسانا كائنا ‌من‌ صنيعك الى.
 قيل: ‌و‌ فيه شاهد على مجى ء صنيع مصدرا لصنع المتعدى بالى كالصنع بالضم، فلا يختص بالمتعدى بالباء كما تفهمه عباره الجوهرى ‌فى‌ الصحاح حيث قال: الصنع بالضم مصدر قولك صنع اليه معروفا ‌و‌ صنع ‌به‌ صنيعا قبيحا اى: فعل انتهى.
 
و تبعه صاحب القاموس فقال: صنع اليه معروفا- كمنع- صنعا بالضم، ‌و‌ صنع ‌به‌ صنيعا قبيحا: فعله انتهى.
 ‌و‌ ‌لا‌ شاهد فيه، لاحتمال ‌ان‌ يكون الصنيع هنا بمعنى الصنيعه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ اصطنع ‌من‌ خير.
 قال ‌فى‌ القاموس: ‌ما‌ احسن صنع الله بالضم ‌و‌ صنيع الله عندك.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: نعم الصنيع صنيعك ‌و‌ ‌ما‌ احسن صنع الله عندك.
 ف«من» ‌فى‌ قوله: «من صنيعك» يحتمل ‌ان‌ تكون ابتدائيه ‌و‌ ‌ان‌ تكون تبعيضيه، ‌و‌ حرف المجاوزه متعلق بالاحسان كما ‌ان‌ حرف الاستعلاء متعلق بالافضال. ‌و‌ قد ورد بمضمون هذه العباره ‌من‌ الدعاء احاديث كثيره منها:
 ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسند صحيح عن ابى عبدالله عليه السلام، قال: ‌ان‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله رفع راسه الى السماء فتبسم، فقيل له: ‌يا‌ رسول الله رايناك رفعت راسك الى السماء فتبسمت، قال: نعم عجبت لملكين هبطا ‌من‌ السماء الى الارض يلتمسان عبدا صالحا مومنا ‌فى‌ مصلى كان يصلى فيه ليكتبا له عمله ‌فى‌ يومه ‌و‌ ليلته، فلم يجداه ‌فى‌ مصلاه فعرجا الى السماء، فقالا: ربنا عبدك فلان المومن التمسناه ‌فى‌ مصلاه لنكتب له عمله ليومه ‌و‌ ليلته فلم نصبه فوجدناه ‌فى‌ حبالك، فقال الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: اكتبا لعبدى مثل ‌ما‌ كان يعمله ‌فى‌ صحته ‌من‌ الخير ‌فى‌ يومه ‌و‌ ليلته مادام ‌فى‌ حبالى، فان على ‌ان‌ اكتب له اجر ‌ما‌ كان يعمله اذ حبسته عنه.
 
و عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: يقول الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ للملك الموكل بالمومن اذا مرض اكتب له ‌ما‌ كنت تكتب له ‌فى‌ صحته، فانى انا الذى صيرته ‌فى‌ حبالى.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: اذا صعد ملكا العبد المريض الى السماء عند كل مساء يقول الرب تبارك ‌و‌ تعالى: ماذا كتبتما لعبدى ‌فى‌ مرضه؟ فيقولان: الشكايه، فيقول: ‌ما‌ انصفت عبدى ‌ان‌ حبسته ‌فى‌ حبس ‌من‌ حبسى ثم امنعه الشكايه، اكتبا لعبدى مثل ‌ما‌ كنتما تكتبان له ‌من‌ الخير ‌فى‌ صحته، ‌و‌ لاتكتبا عليه سيئه حتى اطلقه ‌من‌ حبسى، فانه ‌فى‌ حبس ‌من‌ حبسى.
 
الفاء: فصيحه، اى: اذا كان الامر كذلك فصل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ حبب الى: ‌اى‌ اجعل ‌ما‌ رضيته لى ‌و‌ اخترته لى محبوبا عندى، حتى اوثره على سواه ‌و‌ اميل اليه طبعا، لما فيه ‌من‌ الفوائد المذكوره. ‌و‌ انما سال ذلك عليه السلام، لان المرض على خلاف هوى النفس ‌و‌ محبه الانسان للعافيه ‌و‌ السلامه ‌و‌ كراهيته للمرض ‌و‌ البلاء بحسب الطبع، ‌و‌ العقل ‌و‌ ‌ان‌ حكم بترجيح المرض على الصحه لما فيه ‌من‌ الفائده، لكن الحب الطبيعى النفسانى اشد ‌من‌ الحب العقلى، فسال عليه السلام ‌ان‌ يكون طبعه تابعا لعقله ‌فى‌ حبه، فلا يكره بالطبع ‌ما‌ رضى الله تعالى ‌و‌ اختاره له.
 ‌و‌ يسر الشى ء تيسيرا: سهله.
 ‌و‌ احللته به: انزلته، ‌من‌ ‌حل‌ بالمكان نزل به. ‌و‌ طلب التيسير هنا يحتمل معنيين: احدهما: افاضه قوه عليه يستعد بها لتحمل ‌ما‌ احله ‌به‌ ‌من‌ المرض بجميل الصبر ‌و‌ حسن الثبات، فلا يضجر ‌من‌ مقدوره تعالى، بل يرى ذلك هينا يسيرا ‌فى‌ جنب
 
ما يتصوره ‌من‌ الفوائد المترتبه عليه.
 الثانى: افاضه قوه مزاجيه ‌لا‌ يتاثر معها مزاجه ‌و‌ بدنه مما احله ‌به‌ كثير تاثر، بل يقوى عليه ‌و‌ ‌لا‌ يضعف عنه، كما يقوى الرجل القوى على الحمل الثقيل.
 ‌و‌ ‌فى‌ زياده كلمه «لى»- مع انتظام الكلام بدونها- تاكيد لطلب التيسير بابهام الميسر اولا ‌و‌ تفسيره ثانيا.
 ‌و‌ بيانه: انه ابهم اولا بقوله: «و يسرلى» فعلم ‌ان‌ ثمه ميسرا، ثم بين فرفع الابهام بذكر الميسر ‌و‌ ‌هو‌ قوله: «ما احللت بى»، فكان اوكد، لانه تكرير للمعنى الواحد ‌من‌ طريقى الاجمال ‌و‌ التفصيل.
 قوله عليه السلام: «و طهرنى ‌من‌ دنس ‌ما‌ اسلفت» طهر الشى ء تطهيرا: نقاه ‌من‌ الدنس ‌و‌ النجس، ‌و‌ الدنس محركه: الوسخ، ‌و‌ ‌هو‌ استعاره للمعاصى ‌و‌ الذنوب، لان عرض المقترف لها يتلوث ‌و‌ يتدنس بها كما يتلوث بدنه بالاوساخ، ‌و‌ التطهير ترشيح.
 ‌و‌ اسلفته: قدمته، ‌من‌ سلف سلوفا- ‌من‌ باب قعد- اذا مضى ‌و‌ تقدم. ‌و‌ محاه محوا- ‌من‌ باب قتل-: ازاله ‌و‌ اذهب اثره.
 ‌و‌ المراد بالشر هنا القبيح، اى: قبيح ‌ما‌ قدمته ‌من‌ الاعمال.
 اوجده الله مطلوبه: اظفره به.
 ‌و‌ حلاوه العافيه: ‌اى‌ راحتها ‌و‌ لذتها. استعار لفظ الحلاوه التى هى حقيقه ‌فى‌ الكيفيه المخصوصه بالاجسام، للراحه الحاصله ‌من‌ العافيه بجامع التلذذ، ‌و‌ هى استعاره مطلقه.
 ‌و‌ العافيه: اسم ‌من‌ عافاه الله، محاعنه الاسقام، ‌و‌ قد توضع موضع المصدر فيقال: عافاه الله عافيه، ‌و‌ هى مصدر جاءت على فاعله، ‌و‌ مثله ناشئه الليل اى: نشوء الليل،
 
و الخاتمه بمعنى الختم، ‌و‌ العاقبه بمعنى العقب، ‌و‌ منه «ليس لوقعتها كاذبه» اى: ليس لاجل وقوعها ‌و‌ ‌فى‌ حقها كذب اصلا، بل كل ماورد ‌فى‌ شانها ‌من‌ الاخبار ‌حق‌ صادق ‌لا‌ ريب فيه.
 قال النووى: العافيه متناوله لدفع جميع المكروهات ‌فى‌ البدن ‌و‌ الباطن ‌و‌ الدين ‌و‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 ‌و‌ قال الطيبى: هى لفظ جامع لانواع خير الدارين.
 ‌و‌ الذوق: ادراك طعم الشى ء بواسطه الرطوبه المنبثه بالعصب المفروش على جرم اللسان.
 يقال: دقت الطعام اذوقه ذوقا ‌و‌ ذوقانا ‌و‌ مذاقا: اذا عرفته بتلك الواسطه، ‌و‌ يتعدى الى ثان بالهمزه فيقال: اذاقنى الطعام. ‌و‌ الاصل فيه ‌ان‌ يتعلق بالاجسام، ثم استعمل ‌فى‌ المعانى مجازا استعمالا فاشيا.
 ‌و‌ برد السلامه: استعاره لطيبها ‌و‌ هناءتها بجامع اللذه.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: ‌و‌ الاصل ‌فى‌ وقوع البرد عباره عن الطيب ‌و‌ الهناءه، ‌ان‌ الهواء ‌و‌ الماء لما كان طيبهما ببردهما خصوصا ‌فى‌ بلاد تهامه ‌و‌ الحجاز، قيل: هواء بارد ‌و‌ ماء بارد على سبيل الاستطابه، ثم كثر حتى قيل عيش بارد ‌و‌ غنيمه بارده انتهى.
 ‌و‌ المخرج: مصدر ميمى، يقال: خرج ‌من‌ المكان خروجا ‌و‌ مخرجا ‌و‌ وجدت للامر مخرجا اى: مخلصا. شبه الابلال ‌من‌ العله بالخروج ‌من‌ المكان بجامع الخلاص،
 
و انما قال: عن علتى ‌و‌ لم يقل: ‌من‌ علتى، مع ‌ان‌ المعروف خرج منه، لانه قصد الانفصال.
 قال الرضى: اذا قصدت ب«من» مجرد كون المجرور بها موضعا انفصل عنه الشى ء ‌و‌ خرج منه، لاكونه مبدا لشى ء ممتد، جاز ‌ان‌ يقع موقعه «عن»، لانها لمجرد التجاوز، تقول: انفصلت منه ‌و‌ عنه ‌و‌ نهيت ‌من‌ كذا ‌و‌ عن كذا انتهى.
 ‌و‌ المتحول: مصدر ميمى ايضا، ‌من‌ تحول ‌من‌ مكانه بمعنى انتقل عنه.
 ‌و‌ الصرعه بالفتح: المره ‌من‌ الصرع ‌و‌ ‌هو‌ الطرح على الارض، ‌و‌ بالكسر: للنوع منه، ‌و‌ قد وردت الراويه ‌فى‌ الدعاء بالوجهين.
 ‌و‌ المراد بها هنا انطراحه ‌و‌ سقوطه على الارض بسبب المرض.
 ‌و‌ الخلاص: مصدر خلص الشى ء ‌من‌ التلف خلاصا ‌و‌ خلوصا ‌و‌ مخلصا: سلم ‌و‌ نجا.
 ‌و‌ الكرب: المشقه، ‌و‌ الغم ياخذ بالنفس.
 ‌و‌ الروح بالفتح: الراحه ‌و‌ الرحمه.
 ‌و‌ الفرج بفتحتين: اسم ‌من‌ فرج الله الغم بالتشديد: كشفه.
 
المتفضل: المبتدى بما ‌لا‌ يلزمه، ‌من‌ تفضل عليه ‌و‌ افضل افضالا اذا فعل معه ‌من‌ الجميل ‌ما‌ ‌لا‌ يلزمه ابتداء، ‌و‌ كذلك تطول عليه.
 ‌و‌ لما كان الله تعالى مبتدئا بما ‌لا‌ يلزمه كان احسانه ‌و‌ امتنانه تفضلا ‌و‌ تطولا.
 ‌و‌ الامتنان: افتعال ‌من‌ المنه ‌و‌ هى النعمه الثقيله.
 ‌و‌ الوهاب: ‌من‌ ابنيه المبالغه، ‌من‌ الهبه ‌و‌ هى العطيه الخالصه ‌من‌ الاغراض
 
و الاعواض، فاذا كثرت العطايا ‌و‌ الصلات سمى صاحبها وهابا ‌و‌ لم تتصور الهبه الخالصه الا ‌من‌ الله تعالى، لانه وهب لكل محتاج ‌ما‌ يحتاج ‌من‌ غير عوض.
 قال بعض ارباب القلوب: ‌من‌ تحقق باسمه الوهاب لم يجد ‌فى‌ باطنه حاجه الى مخلوق، ‌و‌ لايخطر بباله سئوال غير الله تعالى، ‌و‌ ‌لا‌ يلقى بباطنه الا الله تعالى.
 ‌و‌ الكريم: الجواد المعطى الذى لاينفذ عطاوه.
 ‌و‌ ذو الجلال ‌و‌ الاكرام: ‌اى‌ ذو العظمه ‌و‌ التكريم.
 ‌و‌ قيل: معناه ذو الاستغناء المطلق ‌و‌ الفضل التام.
 ‌و‌ قيل الذى عنده الجلال ‌و‌ الاكرام للمخلصين ‌من‌ عباده.
 ‌و‌ قيل: ذو العظمه ‌و‌ الكبرياء، ‌و‌ استحقاق الحمد ‌و‌ المدح باحسانه الذى ‌هو‌ ‌فى‌ اعلى مراتب الاحسان، ‌و‌ انعامه الذى ‌هو‌ اصل كل انعام، ‌و‌ المكرم لانبيائه ‌و‌ اوليائه بالطافه مع عظمته ‌و‌ جلاله.
 ‌و‌ قيل: معناه انه اهل ‌ان‌ يعظم ‌و‌ ينزه عما ‌لا‌ يليق بصفاته، كما يقول الانسان لغيره: انا اجلك عن كذا ‌و‌ اكرمك عنه، كقوله تعالى: «هو اهل التقوى» اى: اهل ‌ان‌ يتقى.
 ‌و‌ قيل: ذو الجلال ‌اى‌ صفات التنزيه، نحو ‌لا‌ جوهر ‌و‌ ‌لا‌ عرض ‌و‌ ‌لا‌ شريك له ‌و‌ ‌لا‌ جهه. ‌و‌ الاكرام صفات الوجود، مثل العلم ‌و‌ القدره.
 ‌و‌ قيل: الجلال صفه ذاته، ‌و‌ الاكرام صفه فعله.
 ‌و‌ بالجمله: فهذه الصفه ‌من‌ عظائم صفاته تعالى.
 ‌و‌ بالجمله: فهذه الصفه ‌من‌ عظائم صفاته تعالى.
 فعنه صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم: الظوا بياذا الجلال ‌و‌ الاكرام. اى: اكثروا
 
من قوله ‌و‌ ثابروا عليه.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: انه مر برجل ‌و‌ ‌هو‌ يصلى ‌و‌ يقول: ‌يا‌ ذا الجلال ‌و‌ الاكرام، فقال: قد استجيب لك.
 ‌و‌ قيل: انه اسم الله الاعظم، ‌و‌ الله اعلم.
 هذا آخر الروضه الخامسه عشره ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيدالعابدين صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الطاهرين. ‌و‌ قد وفق الله تعالى لاتمامها ‌و‌ اجتلاء حسن ختامها، آخر يوم الاربعاء لثلاث بقين ‌من‌ محرم الحرام اول شهور سنه تسع ‌و‌ تسعين ‌و‌ الف، ‌و‌ لله الحمد.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^