فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 27- 2

اخليت الاناء اخلاء: جعلته خاليا.


 ‌و‌ الامنه محركه: الامن، ‌و‌ ‌هو‌ عدم توقع مكروه، ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «من الامنه» بسكون الميم، كانها مره ‌من‌ الامن.
 ‌و‌ القوه: تمكن الحيوان ‌من‌ الافعال الشاقه.
 ‌و‌ ذهل عن الشى ء يذهل- ‌من‌ باب منع- ذهولا: غفل عنه ‌او‌ نسيه لشغل، ‌و‌ الاكثر ‌ان‌ يعدى بالالف فيقال: اذ هلنى فلان عن الشى ء ‌و‌ عليه مشهور النسخ ‌من‌ الصحيفه ‌فى‌ ضبط اذهل بقطع الهمزه ‌و‌ كسر الهاء، ‌و‌ قد يتعدى بنفسه فيقال: ذهلته، ‌و‌ عليه نسخه ابن ادريس ‌فى‌ ضبطه بوصل الهمزه ‌و‌ فتح الهاء.
 ‌و‌ الاحتيال: طلب الحيله، ‌و‌ هى الحذق ‌فى‌ التدبير، ‌و‌ ‌هو‌ تقليب الفكر ‌و‌ اعماله حتى يهتدى الى المقصود.
 ‌و‌ الوهن: الضعف، ‌و‌ هن يهن- ‌من‌ باب وعد- اى: ضعف، ‌و‌ الاجود ‌ان‌ يعدى بالهمزه فيقال: اوهنه، كما وقع ‌فى‌ الدعاء، ‌و‌ ربما عدى بنفسه فقيل: ‌و‌ هنته فهو
 
موهون.
 ‌و‌ الاركان: جمع ركن، ‌و‌ ‌هو‌ لغه: الجانب القوى ‌من‌ الشى ء ‌و‌ ‌هو‌ الذى يستند اليه ‌و‌ يقوم به، ‌و‌ المراد بها هنا: الجوارح، ‌و‌ منه حديث الحساب: ‌و‌ يقال لاركانه انطقى، اى: جوارحه.
 ‌و‌ المقارعه: مفاعله ‌من‌ القرع ‌و‌ ‌هو‌ الضرب، قرعه قرعا- ‌من‌ باب نفع-: ضربه.
 قال صاحب المحكم: ‌و‌ المقارعه: مضاربه القوم ‌فى‌ الحرب.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: المقارعه: ‌ان‌ يقرع الابطال بعضهم بعضا.
 ‌و‌ الابطال: جمع بطل بفتحتين اى: شجاع، قال الفيومى: سمى بذلك لبطلان الحياه عند ملاقاته، ‌او‌ لبطلان العظائم به.
 ‌و‌ قال صاحب القاموس: رجل بطل- محركه-: شجاع تبطل جراحته فلا يعبا بها، ‌او‌ تبطل عنده دماء الاقران.
 ‌و‌ البعث: الارسال، بعثه يبعثه بعثا- ‌من‌ باب منع-: ارسله.
 قال الفيومى: كل شى ء ينبعث ‌من‌ نفسه فان الفعل يتعدى اليه نفسه فيقال: بعثته، ‌و‌ كل شى ء ‌لا‌ ينبعث بنفسه كالكتاب ‌و‌ الهديه فان الفعل يتعدى اليه بالباء فيقال: بعثت به، انتهى.
 ‌و‌ قال صاحب المحكم: بعثه: ارسله وحده، ‌و‌ بعث به: ارسله مع غيره.
 ‌و‌ الجند بالضم: العسكر ‌و‌ الانصار ‌و‌ الاعوان ‌و‌ كل جماعه تصلح للحرب.
 ‌و‌ «من» ‌فى‌ قوله: «من ملائكتك»: ابتدائيه متعلقه بمحذوف وقع صفه ل«جندا»
 
اى: كائنا ‌من‌ ملائكتك، ‌و‌ اضافه الملائكه اليه تعالى للتشريف ‌و‌ التنويه.
 ‌و‌ الباء ‌من‌ قوله: «بباس»: للملابسه، متعلقه بمحذوف وقع حالا ‌من‌ «جندا» لتخصصه بالصفه، اى: ملتبسا بباس ‌من‌ باسك، كقوله تعالى: «اهبط بسلام» فالظرف مستقر. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ تكون صله الفعل ‌من‌ قوله: «و ابعث»، كقولك: بعثت بهديتى ‌او‌ كتابى زيدا، فيكون الظرف لغوا.
 ‌و‌ الباس: الشده ‌و‌ القوه، ‌و‌ باس الله: شده عذابه، ‌و‌ منه: «فجاءها باسنا بياتا ‌او‌ ‌هم‌ قائلون»، ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «كفعلك» نعت لمصدر موكد محذوف، اى: بعثا مشبها بفعلك يوم بدر، ‌و‌ ‌هو‌ اليوم الذى اعز الله فيه الاسلام ‌و‌ اهله ‌و‌ قمع فيه الشرك محله.
 ‌و‌ بدر: اسم ماء. يذكر ‌و‌ ‌لا‌ يونث، ‌و‌ ‌هو‌ على ثمانيه ‌و‌ عشرين فرسخا ‌من‌ المدينه ‌فى‌ طريق مكه، كان لرجل اسمه بدر ‌بن‌ كلده فنسب اليه، ثم غلب اسمه. ‌و‌ قيل: هى بئر حفرها رجل ‌من‌ غفار اسمه بدر ‌بن‌ قريش ‌بن‌ النضر ‌بن‌ كنانه فسميت باسمه.
 ‌و‌ حكى الواقدى انكار ذلك عن غير واحد ‌من‌ شيوخ بنى غفار، قالوا: انما ‌هو‌ ‌من‌ منازلنا ‌و‌ مياهنا ‌و‌ ‌ما‌ ملكها احد قط يقال له: بدر، ‌و‌ انما ‌هو‌ علم عليها كغيرها ‌من‌ البلاد. ‌و‌ قيل: سميت البئر ‌به‌ لصفائها ‌و‌ استدارتها، فكان البدر يرى فيها.
 ‌و‌ كانت وقعه بدر ‌فى‌ السابع عشر ‌من‌ شهر رمضان سنه اثنين ‌من‌ الهجره، التقى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ المشركون ‌من‌ قريش، ‌و‌ قد اقبلوا ‌من‌ مكه بخيلهم ‌و‌ خيلائهم يحادون الله ‌و‌ رسوله، ‌و‌ ‌هم‌ الف رجل، ‌فى‌ سوابغ الحديد ‌و‌ العده الكامله ‌و‌ الخيول المسومه، ‌و‌ فيهم ابوجهل رئيس المشركين، ‌و‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌فى‌ ثلاثمائه ‌و‌ ثلاثه عشر رجلا ‌من‌ اصحابه، عدد اصحاب طالوت الذين عبروا معه النهر يوم جالوت، ‌و‌ كان معهم فرسان، ‌و‌ قيل: ‌ما‌ كان معهم الا فرس واحد، فنصر
 
الله رسوله ‌و‌ اصحابه، ‌و‌ هزم الشرك ‌و‌ احزابه، ‌و‌ لذلك قال الله تعالى ممتنا على المسلمين: «و لقد نصركم الله ببدر ‌و‌ انتم اذله»، ‌و‌ اتفق اهل السير ‌و‌ التفسير انه تعالى امد نبيه صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ المسلمين بالملائكه يوم بدر، ‌و‌ انهم قاتلوا الكفار.
 ‌و‌ عن ابن عباس: انه لم يقاتل الملائكه سوى يوم بدر، ‌و‌ فيما سواه كانوا عددا ‌و‌ مددا، ‌لا‌ يقاتلون ‌و‌ ‌لا‌ يضربون.
 ‌و‌ لعل هذا ‌هو‌ السر ‌فى‌ تخصيصه عليه السلام يوم بدر بالذكر ‌فى‌ الدعاء، مع كونه اعظم غزوات الاسلام، ‌و‌ ‌به‌ كان بدء اذلال المشركين ‌و‌ اعزاز المسلمين.
 ‌و‌ اما على القول بان الامداد بالملائكه لم يكن ‌فى‌ سائر الحروب ‌و‌ انما كان ‌فى‌ يوم بدر، فتخصيصه بالذكر ظاهر.
 ‌و‌ اختلفوا ‌فى‌ عدد المدد ‌من‌ الملائكه يوم بدر فقيل: كانوا الفا، لقوله تعالى ‌فى‌ سوره الانفال: «فاستجاب لكم انى ممدكم بالف ‌من‌ الملائكه مردفين» ‌و‌ قيل: ثلاثه آلاف، لقوله تعالى ‌فى‌ سوره ‌آل‌ عمران: «اذ تقول للمومنين الن يكفيكم ‌ان‌ يمدكم ربكم بثلاثه الاف ‌من‌ الملائكه منزلين».
 ‌و‌ قيل: كانوا خمسه آلاف، لقوله تعالى بعد الايه المذكوره: «بلى ‌ان‌ تصبروا ‌و‌ تتقوا ‌و‌ ياتوكم ‌من‌ فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسه آلاف ‌من‌ الملائكه مسومين»، ‌و‌ ذلك انهم امدوا اولا بالف، ثم زيد الفان فصاروا ثلاثه، ثم زيد
 
الفان فصاروا خمسه. ‌و‌ قيل: كانوا ثمانيه آلاف، امدوا اولا بثلاثه، ثم امدوا بخمسه فصاروا ثمانيه. ‌و‌ قيل: كانوا تسعه آلاف باعتبار الالف الاول.
 ‌و‌ قيل: ‌ان‌ الملائكه لم تقاتل ‌فى‌ بدر ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ غيره، ‌و‌ انما كانوا يكثرون السواد، ‌و‌ يثبتون المسلمين باشعارهم بان النصر لهم، ‌و‌ يلقون الرعب ‌فى‌ قلوب المشركين، ‌و‌ الا فلو قاتل واحد ‌من‌ الملائكه جميع البشر لم يثبتوا، ‌و‌ ‌لا‌ ستاصلهم باجمعهم ببعض قوته، فان جبرئيل رفع مدائن قوم لوط- كما جاء ‌فى‌ الخبر على خافقه ‌من‌ جناحه حتى بلغ بها الى السماء، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها، فما عسى ‌ان‌ يبلغ قوه الف رجل ‌من‌ قريش، ليحتاج ‌فى‌ مقاومتها ‌و‌ حربها الى الف ‌من‌ ملائكه السماء ‌او‌ اكثر؟ مضافين الى ثلاثماثه ‌و‌ ثلاثه عشر رجلا ‌من‌ بنى آدم.
 ‌و‌ اما قوله تعالى: «فاضربوا فوق الاعناق ‌و‌ اضربوا منهم كل بنان» فامر للمسلمين ‌لا‌ للملائكه.
 ‌و‌ لقائل ‌ان‌ يقول: قد كان الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ قادرا على تكثير سواد المسلمين ‌فى‌ اعين المشركين، ‌و‌ ‌ان‌ يثبت قلوبهم، ‌و‌ يلقى الرعب ‌فى‌ قلوب المشركين، ‌من‌ غير حاجه الى انزال الملائكه. فان قيل: لعل ‌فى‌ انزالهم لطفا للمكلفين، قلنا: ‌و‌ لعل ‌فى‌ قتالهم ‌و‌ محاربتهم لطفا لهم ايضا، فلا وجه لانكار قتالهم.
 ‌و‌ زاد ابوبكر الاصم على هذا القول، فانكر امداد الملائكه مطلقا مع ‌ان‌ نص القرآن المجيد ناطق به، ‌و‌ اورد ‌فى‌ ذلك شبها ‌لا‌ يليق بنا ذكرها، ‌و‌ هى مما وسوس بها الشيطان الرجيم ‌فى‌ صدره، ‌و‌ نفث بها على لسانه، نعوذ بالله ‌من‌ الحور بعد الكور.
 
هذا، ‌و‌ قد ورد ‌فى‌ الاخبار ‌ما‌ يقرب ‌من‌ التواتر ‌فى‌ انزال الملائكه ‌و‌ قتالهم يوم بدر.
 روى على ‌بن‌ ابراهيم ‌فى‌ تفسيره: ‌ان‌ قريشا لما اقبلت يوم بدر، رفع رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله يده الى السماء، فقال: ‌يا‌ رب ‌ان‌ تهلك هذه العصابه لم تعبد، ‌و‌ ‌ان‌ شئت ‌لا‌ تعبد ‌لا‌ تعبد، ثم اصابه الغشى فسرى عنه ‌و‌ ‌هو‌ يسلت العرق عن وجهه، ‌و‌ ‌هو‌ يقول: هذا جبرئيل قد اتاكم ‌فى‌ الف ‌من‌ الملائكه مردفين، فنظروا فاذا بسحابه سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، ‌و‌ قائل يقول: اقدم حيزوم، اقدم حيزوم، ‌و‌ سمعوا قعقعه السلاح ‌من‌ الجو.
 ‌و‌ روى ثقه الاسلام بسنده عن ابى جعفر عليه السلام، قال: كانت على الملائكه العمائم البيض المرسله يوم بدر.
 ‌و‌ حكى الواقدى قال: كان ابو اسيد الساعدى يحدث عن رجل ‌من‌ بنى غفار حدثه، قال: اقبلت انا ‌و‌ ابن عم لى يوم بدر حتى صعدنا على جبل، ‌و‌ نحن يومئذ على الشرك، ننظر الوقعه على ‌من‌ تكون الدبره فننتهب مع ‌من‌ ينتهب، اذ رايت سحابه دنت منا، فسمعت منها حمحمه الخيل ‌و‌ قعقعه الحديد، ‌و‌ سمعت قائلا يقول: اقدم حيزوم، فاما ابن عمى فانكشف قناع قلبه فمات، ‌و‌ اما انا فكدت اهلك، فتماسكت ‌و‌ اتبعت بصرى حيث تذهب السحابه، فجاءت الى النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ اصحابه، ثم رجعت ‌و‌ ليس فيها شى ء مما كنت اسمع.
 قال الواقدى: ‌و‌ حدثنى عبدالرحمن ‌بن‌ الحارث عن ابيه عن جده عبيد ‌بن‌ ابى عبيد عن ابى رهم الغفارى عن ابن عمه، قال: بينا انا ‌و‌ ابن عم لى على ماء، فلما
 
راينا قله ‌من‌ مع محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ كثره قريش، قلنا: اذا التقت الفئتان عمدنا الى عسكر محمد ‌و‌ اصحابه ‌و‌ انتهبنا، فانطلقنا نحو المجنبه اليسرى ‌من‌ اصحاب محمد ‌و‌ نحن نقول: هولاء ربع قريش، فبينا نحن نمشى ‌فى‌ الميسره اذ جاءت سحابه فغشيتنا، فرفعنا ابصارنا لها فسمعنا اصوات الرجال ‌و‌ السلاح، ‌و‌ سمعنا قائلا يقول لفرسه: اقدم حيزوم، ‌و‌ سمعناهم يقولون: رويدا بتام آخركم، فنزلوا على ميمنه رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، ثم جاءت اخرى مثل تلك فكانت مع النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله، فنظرنا الى اصحاب محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ اذا ‌هم‌ على الضعف ‌من‌ قريش، فمات ابن عمى، ‌و‌ اما انا فتماسكت ‌و‌ اخبرت النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله بذلك ‌و‌ اسلمت.
 ‌و‌ روى عبيد ‌بن‌ عمير قال: لما رجعت قريش ‌من‌ احد، جعلوا يتحدثون ‌فى‌ انديتهم بما ظفروا، ‌و‌ يقولون: لم نر الخيل البلق ‌و‌ ‌لا‌ الرجال البيض الذين كنا نراهم يوم بدر.
 ‌و‌ روى عن سهيل ‌بن‌ عمرو قال: لقد رايت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء ‌و‌ الارض معلمين يقتلون ‌و‌ ياسرون.
 قال الواقدى: ‌و‌ كان ابو اسيد الساعدى يحدث بعد ‌ان‌ ذهب بصره، ‌و‌ يقول: لو كنت معكم الان ببدر ‌و‌ كان معى بصرى، لاريتكم الشعب الذى خرجت منه الملائكه، ‌لا‌ اشك فيه ‌و‌ ‌لا‌ امترى.
 ‌و‌ عن ابى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، قال: كان ابولهب قد تخلف
 
 
عن بدر ‌و‌ بعث مكانه العاص ‌بن‌ هشام، فلما قدم ابوسفيان ‌بن‌ الحرث ‌بن‌ عبدالمطلب، قال له ابولهب: هلم الى ‌يا‌ ابن اخى فعندك الخبر، فجلس اليه ‌و‌ الناس قيام عليه، فقال: يابن اخى اخبرنى كيف كان امر الناس؟ فقال: ‌لا‌ شى ء ‌و‌ الله ‌ان‌ كنا الا ‌ان‌ لقيناهم فمنحناهم اكتافنا يقتلون ‌و‌ ياسرون، ‌و‌ ايم الله مع ذلك مالمت الناس، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء ‌و‌ الارض، ‌ما‌ تلبق شيئا ‌و‌ ‌لا‌ يقوم لها شى ء قال ابورافع: فقلت: ‌ان‌ تلك الملائكه، فرفع ابولهب يده فضرب وجهى ضربه شديده.
 ‌و‌ قال ابن الانبارى: كانت الملائكه ‌لا‌ تعلم كيف تقتل الادميين، فعلمهم الله بقوله: «فاضربوا فوق الاعناق» اى: على الرووس، «و اضربوا منهم كل بنان».
 قال ابن عطيه: ‌هو‌ كل مفصل.
 قال السهيلى: جاء ‌فى‌ التفسير: انه ‌ما‌ وقعت ضربه الا ‌فى‌ راس ‌او‌ مفصل، ‌و‌ كانوا يعرفون قتلى الملائكه ‌من‌ قتلاهم بآثار سود ‌فى‌ الاعناق ‌و‌ البنان.
 ‌و‌ عن امامه ‌بن‌ سهل ‌بن‌ حنيف قال: قال لى ابى: لقد رايتنا يوم بدر، ‌و‌ ‌ان‌ احدنا ليشير بسيفه الى المشرك، فيقع راسه عن جسده قبل ‌ان‌ يصل اليه السيف.
 ‌و‌ قال عكرمه: كان يومئذ ينذر راس الرجل ‌لا‌ يدرى ‌من‌ ضربه.
 ‌و‌ روى: ‌ان‌ رجلا ‌من‌ الانصار اتبع كافرا ليقتله، فقبل ‌ان‌ يصل اليه سمع صوتا يقول: اقدم حيزوم، فراى الكافر الذى قدامه وقع صريعا، ‌و‌ قد شق صدره ‌و‌ جرح وجهه ‌و‌ انكسر انفه، فجاء الانصارى الى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ اخبره بما رآه، فقال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: صدقت فهو ‌من‌ مدد السماء.
 
قال الواقدى: ‌و‌ كان عبدالرحمن ‌بن‌ عوف يقول: رايت يوم بدر رجلين، احدهما عن يمين النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ الاخر عن يساره، يقاتلان اشد القتال.
 ‌و‌ روى ابودبره ‌بن‌ دينار قال: جئت يوم بدر بثلاثه اروس فوضعتها بين يدى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، فقلت ‌يا‌ رسول الله: اما اثنان فقتلتهما، ‌و‌ اما الثالث فانى رايت رجلا طويلا ابيض ضربه ضربه فتدهده امامه فاخذت راسه، فقال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ذاك فلان ‌من‌ الملائكه.
 قال الواقدى: ‌و‌ حدثنى موسى ‌بن‌ محمد عن ابيه قال: كان السائب ‌بن‌ ابى حبيش الاسدى يحدث ‌فى‌ زمن عمر ‌بن‌ الخطاب، فيقول: ‌و‌ الله ‌ما‌ اسرنى يوم بدر احد ‌من‌ الناس، فيقال: فمن؟ فيقول: لما انهزمت قريش انهزمت معها، فيدركنى رجل ابيض طويل على فرس ابلق بين السماء ‌و‌ الارض فاوثقنى رباطا، ‌و‌ جاء عبدالرحمن ‌بن‌ عوف فوجدنى مربوطا، ‌و‌ كان عبدالرحمن ينادى ‌فى‌ العسكر: ‌من‌ اسر هذا؟ فليس احد يزعم انه اسرنى، حتى انتهى ‌بى‌ الى رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، فقال لى رسول الله: يابن ابى حبيش ‌من‌ اسرك؟ قلت: ‌لا‌ اعرفه، ‌و‌ كرهت ‌ان‌ اخبره بالذى رايت، فقال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله اسره ملك ‌من‌ الملائكه كريم، اذهب يابن عوف باسيرك، فذهب ‌بى‌ عبدالرحمن، قال السائب: ‌و‌ ‌ما‌ زالت تلك الكلمه احفظها، ‌و‌ تاخر اسلامى، حتى كان منه ‌ما‌ كان.
 ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره جدا، ‌و‌ انكار كل ذلك ضعف ‌فى‌ الدين ‌و‌ وهن ‌فى‌ اليقين.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «تقطع ‌به‌ دابرهم» ‌فى‌ محل جر على انها صفه اخرى ل
 
«باس»، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون ‌فى‌ محل نصب على انها صفه اخرى ل«جندا» فالضمير ‌فى‌ «به» على الاول راجع الى الباس، ‌و‌ على الثانى عائد الى الجند. ‌و‌ قول بعضهم: انها ‌فى‌ محل نصب على انها مفعول مطلق ل«ابعث»، نائب مناب بعثا الذى عاد الضمير ‌فى‌ «به» اليه، خبط صريح، فان الجمله ‌لا‌ نقع مفعولا مطلقا الا ‌فى‌ باب الحكايه بالقول ‌او‌ مرادفه على راى ابن الحاجب، خلافا للجمهور ‌فى‌ نحو: «قال انى عبدالله» ‌و‌ قد تقدم بيان ذلك ‌فى‌ شرح السند.
 ‌و‌ دابر القوم: آخرهم، قال الجوهرى: قطع الله دابرهم اى: آخر ‌من‌ بقى منهم.
 ‌و‌ قال الاصمعى: الدابر: الاصل، يقال: قطع الله دابرهم اى: اصلهم.
 ‌و‌ قال الزمخشرى: الدابر: الاخر، فاعل ‌من‌ دبر: اذا ادبر، ‌و‌ قطع الدابر عباره عن الاستئصال بحيث لم يترك منهم احد.
 ‌و‌ حصدت الزرع بالحاء ‌و‌ الصاد المهملتين حصدا- ‌من‌ باب ضرب ‌و‌ قتل-: قطعته، فهو محصود ‌و‌ حصيد، ‌و‌ حصدهم بالسيف: استاصلهم، ‌و‌ الشوكه: شده الباس ‌و‌ القوه ‌فى‌ السلاح، ‌و‌ قال الزمخشرى: الشوكه: الحده، مستعاره ‌من‌ واحده الشوك، ‌و‌ يقال: شوك القنالشباها.
 ‌و‌ ‌هو‌ حدها، اى: تستاصل ‌به‌ حدتهم ‌و‌ شده باسهم ‌و‌ قوتهم.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «تخضد ‌به‌ شوكتهم» بالخاء ‌و‌ الضاد المعجمتين، ‌من‌ خضدت العود رطبا ‌او‌ يابسا- ‌من‌ باب ضرب- اى: قطعته.
 ‌و‌ فرقت الشى ء تفريقا: بددته تبديدا.
 ‌و‌ المراد بعددهم: مقدار ‌ما‌ يعد منهم ‌و‌ مبلغه، ‌و‌ الله اعلم.
 
مزجت الشى ء بالشى ء مزجا- ‌من‌ باب قتل-: خلطته، ‌و‌ مزاج الشراب: ‌ما‌ يمزج به.
 ‌و‌ المياه: جمع ماء، لان اصله ماه، ‌و‌ قيل: موه، تحركت الواو ‌و‌ انفتح ‌ما‌ قبلها فقلبت الفا، ‌و‌ قلبت الهاء همزه لاجتماعها مع الالف ‌و‌ هما حرفان حلقيان، ‌و‌ وقوعهما طرفا، ‌و‌ لهذا يرد الى اصله ‌فى‌ الجمع ‌و‌ التصغير، فيقال: مياه ‌و‌ مويه، ‌و‌ يجمع على امواه ايضا مثل باب ‌و‌ ابواب، ‌و‌ ربما قالوا: مياء ‌و‌ امواء بالهمز على لفظ الواحد، كما وقع ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «و امزج مياءهم».
 ‌و‌ الوباء بالهمزه يمد ‌و‌ يقصر قيل: ‌هو‌ مرض عام، ‌و‌ قيل: موت ذريع، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الطاعون.
 ‌و‌ قال الشيخ البصير ‌فى‌ النزهه المبهجه: الوباء: حقيقته تغير الهواء بالطوارى ء العلويه كاجتماع كواكب ذات اشعه، ‌و‌ السفليه كالملاحم ‌و‌ انفتاح القبور ‌و‌ صعود ابخره فاسده، ‌و‌ اسبابه مع ‌ما‌ ذكر تغير فصول الزمان ‌و‌ العناصر ‌و‌ انقلاب الكائنات، ‌و‌ علاماته الحمى ‌و‌ الجدرى ‌و‌ النزله ‌و‌ الحكه ‌و‌ الاورام، ‌و‌ منه الطاعون ‌و‌ ‌هو‌ قراح يقع غالبا ‌فى‌ المراق السخيفه كخلف الاذن ‌و‌ الابط ‌و‌ المغابن، انتهى.
 ‌و‌ الاطعمه: جمع طعام، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا معناه العرفى، فانه ‌فى‌ العرف اسم لما يوكل، مثل الشراب اسم لما يشرب، ‌و‌ يقع ‌فى‌ اللغه على ‌ما‌ يساغ حتى الماء ‌و‌ ذوق الشى ء.
 
و ‌فى‌ التنزيل «و ‌من‌ لم يطعمه فانه منى»، ‌و‌ قال عليه السلام ‌فى‌ زمزم: انها طعام طعم بالضم اى: يشبع منه الانسان.
 ‌و‌ الادواء: جمع داء، ‌و‌ ‌هو‌ المرض.
 قال الفيومى: ‌و‌ ‌هو‌ مصدر داء الرجل ‌و‌ العضو يداء ‌من‌ باب تعب.
 ‌و‌ خسف المكان خسفا ‌و‌ خسوفا- ‌من‌ باب ضرب-: غار ‌فى‌ الارض، ‌و‌ خسفه الله، يتعدى ‌و‌ ‌لا‌ يتعدى، قال تعالى: «فخسفنا ‌به‌ ‌و‌ بداره الارض».
 ‌و‌ معنى رميها بالخسوف: ‌ان‌ يخسف بها، كما يقال: رماه الله بالعله اى: اعله، ‌و‌ اصله ‌فى‌ الاعيان ‌و‌ فيما يكون ذا صلابه منها كالحجر ‌و‌ السهم ‌و‌ العصا، ثم استعمل ‌فى‌ الاقوال ‌و‌ المعانى، فقيل: رماه بفاحشه، ‌و‌ رماه بداهيه، ايذانا بشده التاثير ‌و‌ الايلام، ‌و‌ هى استعاره تبعيه. ‌و‌ خفى هذا المعنى على بعض المترجمين، فظن ‌ان‌ الرمى ‌لا‌ يستعمل الا ‌فى‌ السهم، فقال: شبه الخسوف بالسهم فاثبت له الرمى، اى: ارم بلادهم بسهم الخسوف، ‌و‌ ‌هو‌ جهل منه بمصطلحات لغه العرب.
 ‌و‌ الح الرجل على الشى ء الحاحا: دام عليه ‌و‌ لزمه مواظبا.
 ‌و‌ القذوف: جمع قذف، ‌و‌ هى الرمى بالحجاره.
 ‌و‌ قال الطيبى ‌فى‌ شرح المشكاه ‌فى‌ حديث: فانه يكون بها خسف ‌فى‌ الارض ‌و‌ قذف، اى: ريح شديد بارد، ‌او‌ قذف الارض الموتى بعد الدفن، ‌او‌ رمى بامطار الاحجار، انتهى.
 ‌و‌ معنى الح عليها بالقذوف اى: اجعل القذوف عليها دائمه، مواظبه لها، ‌لا‌ تنقطع عنها.
 
و فرعت راسه بالسيف ‌و‌ العصا بالفاء ‌و‌ الراء ‌و‌ العين المهملتين فرعا- ‌من‌ باب نفع-: علوته ضربا، ‌و‌ الفرس باللجام: كبحته اى: جذبت لجامه ليقف.
 ‌و‌ المحول: جمع محل، ‌و‌ ‌هو‌ الجدب ‌و‌ انقطاع المطر، ‌و‌ المراد بفرعها بالمحول: القضاء عليها بانواع الجدب ‌و‌ القحط ‌و‌ انقطاع الامطار.
 ‌و‌ عبر عن ذلك بالفرع على طريق الاستعاره التبعيه، سواء اخذناه ‌من‌ فرع الراس بالسيف، ‌او‌ ‌من‌ فرع الفرس باللجام.
 ‌و‌ وجه الشبه على الاول شده الاصابه، لانه اراد ‌ان‌ يلحق شده اصابه بلادهم بالمحول، بشده اصابه الراس بالسيف ‌و‌ العصا، ‌و‌ يجعله مساويا له ‌و‌ محسوبا ‌فى‌ عداده.
 ‌و‌ على الثانى: شده الكف ‌و‌ المنع، فيكون قد شبه القضاء على بلادهم بمنعها عن الانبات ‌و‌ الخصب بالمحول، بقذع الفرس ‌و‌ كبحه عن المشى باللجام ‌فى‌ شده الكف ‌و‌ المنع.
 ‌و‌ ‌لا‌ يحسن جعل ذلك ‌من‌ باب الاستعاره المكنيه، اذ ‌لا‌ يحسن ابتداء تشبيه البلاد بالراس ‌او‌ الفرس، ‌و‌ ‌لا‌ المحول بالسيف ‌و‌ العصا ‌او‌ اللجام، نعم يلاحظ التشبيه ‌فى‌ هذه الامور تبعا لذلك التشبيه ‌فى‌ مصدر الفعل، فيجب ‌ان‌ تكون الاستعاره هنا تبعيه ‌لا‌ غير.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس رحمه الله: «و افرغها» على صيغه فعل الامر، ‌من‌ الافراغ بالغين المعجمه بمعنى: الاخلاء، اى: اجعلها فارغه خاليه ‌من‌ الزرع بسبب المحول.
 ‌و‌ المير: جمع ميره بالكسر، ‌و‌ هى الطعام الذى يجلب ‌من‌ بلد الى بلد.
 ‌و‌ الحص: ‌فى‌ الاصل حلق الشعر، ‌و‌ منه الحاصه، ‌و‌ ‌هو‌ داء يتناثر منه شعر الراس، ‌و‌ يقال: حصت البيضه راسه: اذا اذهبت شعره، ‌و‌ انحص شعره انحصاصا اى: تناثر ‌و‌ ذهب، ‌و‌ رجل احص بين الحصص اى: قليل شعر الراس، ثم استعير ‌فى‌ الجدب ‌و‌ قله الخير ‌و‌ عدم النبات، ‌و‌ قيل: سنه حصاء اى: جرداء مجدبه ‌لا‌ خير فيها، ‌و‌ منه قوله
 
عليه السلام: «فى احص ارضك» اى: اكثرها محصوصيه على غير قياس، ‌من‌ حص الجدب الارض: اذا اذهب نباتها، استعاره ‌من‌ حص الشعر كما ذكرنا.
 ‌و‌ استعمال افعل التفضيل ‌فى‌ المفعول ‌و‌ ‌ان‌ كان غير قياس، الا ‌ان‌ المسموع منه كثير، نحو: اعذر ‌و‌ اشهر ‌و‌ الوم ‌و‌ اشغل، اى: اكثر معذوريه ‌و‌ مشهوريه ‌و‌ ملوميه ‌و‌ مشغوليه، ‌و‌ قوعه ‌فى‌ كلامه عليه السلام ‌لا‌ يحتاج فيه الى السماع ‌من‌ غيره قطعا، فانه عليه السلام افصح العرب ‌فى‌ زمانه.
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون المعنى: اكثرها انحصاصا، فيكون مبنيا للفاعل ‌من‌ انحص، على ‌ما‌ نقل عن الاخفش ‌و‌ المبرد، ‌من‌ جواز بناء افعل التفضيل ‌من‌ جميع الثلاثى المزيد فيه كانفعل ‌و‌ استفعل ‌و‌ نحوهما قياسا، ‌و‌ يكون وقوعه ‌فى‌ كلامه عليه السلام حجه لهما.
 ‌و‌ ابعد: افعل التفضيل ‌من‌ بعد الشى ء بعدا اى: شط ‌و‌ ناى. ‌و‌ المعنى اجعل ميرهم ‌فى‌ ابعد ارضك منهم، حتى ‌لا‌ يستميروها متى شاووا ‌و‌ ‌لا‌ تتواتر عليهم.
 ‌و‌ ‌فى‌ بعض النسخ: «و ابعدها» بفتح الهمزه ‌و‌ كسر العين ‌و‌ سكون الدال، على صيغه فعل الامر ‌من‌ الابعاد، فيكون الضمير فيه عائدا الى ميرهم، اى: ‌و‌ اجعل ميرهم بعيده.
 ‌و‌ امنع: اسم تفضيل ‌من‌ منع الحصن مناعه على وزن ضخم ضخامه. ‌اى‌ صار منيعا.
 ‌و‌ الحصون: جمع حصن بالكسر، ‌و‌ ‌هو‌ كل موضع حصين ‌لا‌ يوصل الى جوفه، اى: ‌و‌ اجعل ميرهم ‌فى‌ اشد حصون ارضك مناعه، حتى ‌لا‌ يقدروا على الوصول اليها.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «و امنع حصونها منهم» على صيغه فعل الامر.
 ‌و‌ منع الحصون: ‌من‌ منعت الشى ء: اذا حجرته عمن يريده، ‌و‌ منه: فلان يمنع
 
الجار اى: يحميه ‌من‌ ‌ان‌ يراد بسوء.
 ‌و‌ الضمير ‌فى‌ «حصونها» على هذه النسخه عائد الى الارض، ‌و‌ المعنى: ‌و‌ امنع حصون ارضك منهم كيلا يتحصنوا بها، ‌او‌ كيلا يقدروا على فتحها ‌و‌ اخذها.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «اصبهم بالجوع المقيم» موكده لمعنى ‌ما‌ قبلها، ‌و‌ لذلك جاء بها مفصوله ‌من‌ غير عاطف لكمال الاتصال، اذ ‌لا‌ مغايره تفتقر الى الربط بالعاطف.
 ‌و‌ المراد بالجوع: الجدب ‌و‌ القحط مجازا، ‌من‌ باب اطلاق المسبب على السبب، اى: اصبهم بقحط يتسبب عنه الجوع، ‌و‌ منه قوله تعالى: «لا يجدون نكاحا» اى: مونه ‌من‌ مهر ‌و‌ نفقه ‌و‌ ‌ما‌ لابد للمتزوج منه.
 ‌و‌ المقيم: الدائم، ‌من‌ اقام بالمكان: دام، ‌و‌ منه: «عذاب مقيم»، قال المفسرون: اى: دائم ثابت ‌لا‌ يزول ‌و‌ ‌لا‌ يحول.
 ‌و‌ السقم بالضم ‌و‌ السكون ‌و‌ بفتحتين: المرض.
 ‌و‌ قال الفيومى: سقم سقما- ‌من‌ باب تعب-: طال مرضه، ‌و‌ سقم سقما- ‌من‌ باب قرب-: مثله، فهو سقيم.
 ‌و‌ الاليم قيل: فعيل بمعنى مفعل بفتح العين لانه ‌من‌ الم يولم ايلاما فهو مولم، ‌و‌ الم ‌هو‌ الما- ‌من‌ باب تعب- فهو اليم، كما تقول: اوجعه يوجعه ايجاعا فهو موجع، ‌و‌ وجع ‌هو‌ وجعا فهو وجيع. وصف ‌به‌ السقم للمبالغه كما وصف الله ‌به‌ العذاب ‌فى‌ قوله: «و لهم عذاب اليم»، كما وصف الشاعر الضرب بالوجيع ‌فى‌ قوله:
 تحيه بينهم ضرب وجيع
 
و ‌هو‌ على الاسناد المجازى نحو: جد جده، فان الالم ‌و‌ الوجع حقيقه للمولم المضروب كما ‌ان‌ الجد للجاد.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ فعيل بمعنى مفعل بكسر العين، كالسميع بمعنى المسمع ‌و‌ الحريز بمعنى لمحرز ‌و‌ ضعف: بان فعيلا بمعنى مفعل لم يثبت ‌فى‌ اللغه، ‌و‌ ‌ان‌ ورد فشاذ ‌لا‌ يقاس عليه، ‌و‌ سياتى تمام الكلام على ذلك ‌فى‌ الروضه السابعه ‌و‌ الاربعين، ‌فى‌ شرح دعائه عليه السلام ‌فى‌ يوم عرفه.
 
الواو: عاطفه للاشعار بان ‌ما‌ بعدها ‌من‌ تتمه الدعاء الاول.
 ‌و‌ اى: اسم شرط، بدليل الفاء الرابطه: ‌فى‌ الجواب.
 ‌و‌ ما: مزيده لتاكيد ابهام ‌اى‌ ‌و‌ شياعها، ‌و‌ قيل: نكره، ‌و‌ غاز: بدل منها.
 ‌و‌ ارتفاع «ايما» على الابتداء، ‌و‌ اختلف ‌فى‌ الخبر، فقيل: ‌هو‌ جمله الشرط، لعدم خلوها ‌من‌ الضمير ‌فى‌ حال، بخلاف جمله الجواب ‌فى‌ نحو: ايهم قام قمت، ‌و‌ كلمه الشرط اذا ارتفع على الابتداء فلا ‌بد‌ له ‌من‌ ضمير، فيتعين كون الخبر جمله الشرط دون جمله الجواب، ‌و‌ ‌هو‌ اختيار الاندلسى ‌و‌ محققى المتاخرين، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ جمله الشرط
 
و جمله الجواب معا، لصيرورتهما بسبب كلمه الشرط كالجمله الواحده، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ جمله الجواب فقط، ‌و‌ قيل: اسم الشرط مبتدا ‌لا‌ خبر له.
 ‌و‌ ‌ما‌ وقع لبعض المبتدئين ‌من‌ ‌ان‌ «اى» ‌من‌ «ايما» موصوله، ‌و‌ جمله «غزاهم» صلتها، ‌و‌ الفاء ‌فى‌ قوله: «فلقه» رابطه، لشبه الشرط بشبه الجواب، غلط صريح، لان «ايما» الموصوله ‌لا‌ تضاف الى نكره كما نص عليه الجمهور، ‌و‌ هى هنا مضافه اليها فتعين شرطيتها.
 ‌و‌ تجويز بعضهم اضافه الموصوله الى النكره نحو: يعجبنى ‌اى‌ رجل عندك، مردود بانها حينئذ نكره، ‌و‌ الموصولات معارف.
 ‌و‌ قوله: «غزاهم ‌و‌ جاهدهم» اى: اراد غزوهم ‌و‌ جهادهم، ‌من‌ باب التعبير بالفعل عن ارادته مجازا، نحو: «فاذا قرات القرآن فاستعذ بالله»، ‌و‌ «اذا قمتم الى الصلاه فاغسلوا وجوهكم»، ‌و‌ على هذا فالمراد بالغازى ‌و‌ المجاهد مريد الغزو ‌و‌ الجهاد مجازا ايضا، ‌من‌ باب تسميه الشى ء باسم ‌ما‌ يوول اليه نحو «ارانى اعصر خمرا».
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله: «من اهل ملتك»: متعلق بمحذوف وقع صفه لغاز، اى: كائن ‌من‌ اهل ملتك.
 ‌و‌ المله بالكسر: ‌ما‌ شرع الله لعباده على السنه انبيائه عليهم السلام، ‌و‌ تستعمل ‌فى‌ جمله الشرائع ‌لا‌ ‌فى‌ آحادها، ‌و‌ قيل: المله ‌و‌ الدين يتحدان بالذات ‌و‌ يختلفان بالاعتبار، فان الشريعه ‌من‌ حيث يجتمع عليها تسمى مله، ‌و‌ ‌من‌ حيث انها يطاع بها تسمى دينا.
 ‌و‌ قوله: «او مجاهد» معطوف على غاز، ‌و‌ ايثار «او» الفارقه على الواو الجامعه،
 
للاحتراز عن توهم اتحاد الغازى ‌و‌ المجاهد، اذ كان المجاهد اعم ‌من‌ الغازى، لان الغزو انما يكون ‌فى‌ بلاد العدو ‌و‌ الجهاد مطلق، فكل غاز مجاهد دون العكس.
 ‌و‌ الجهاد لغه: قتال العدو، ‌من‌ جاهدته مجاهدته ‌و‌ جهادا: اذا حملت نفسك على المشقه ‌فى‌ قتاله، كذا قيل، ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ المفاعله فيه على بابها، لان كل واحد ‌من‌ الخصمين يجهد ‌فى‌ الغلبه على صاحبه، ‌و‌ خص ‌فى‌ الشرع بقتال الكفار ‌و‌ نحوهم ‌فى‌ طاعه الله، ‌و‌ ‌هو‌ اقسام:
 جهاد المشركين ابتداء لدعائهم الى الاسلام.
 ‌و‌ جهاد ‌من‌ يدهم المسلمين ‌من‌ الكفار، بحيث يخافون استيلاءهم على بلادهم ‌و‌ اخذ ‌ما‌ لهم ‌و‌ ‌ما‌ اشبهه، ‌و‌ ‌ان‌ قل.
 ‌و‌ جهاد البغاه على الامام. ‌و‌ جهاد ‌من‌ يريد قتل نفس محرمه ‌او‌ اخذ مال اوسبى حريم مطلقا. ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا القسمان الاولان.
 ‌و‌ الاتباع: جمع تبع بفتحتين.
 قال الفيومى: المصلى تبع لامامه ‌و‌ الناس تبع له، يكون واحدا ‌و‌ جمعا، ‌و‌ يجوز جمعه على اتباع كسبب ‌و‌ اسباب، انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل ‌من‌ تبع زيد عمروا تبعا- ‌من‌ باب تعب-: اذا مشى خلفه، ثم اطلق على مطلق الائتمام بالشى ء ‌و‌ الاقتداء ‌به‌ فعلا ‌و‌ اعتقادا، ‌و‌ منه: تبع القرآن اى: ائتم ‌به‌ ‌و‌ عمل بما فيه، ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا.
 ‌و‌ سنه الله: طريقته التى امر بسلوكها ‌و‌ اتباعها.
 ‌و‌ قوله: «ليكون» ظرف لغو متعلق بغزاهم ‌و‌ جاهدهم على سبيل التنازع.
 ‌و‌ الاعلى: اسم تفضيل ‌من‌ علا يعلو بمعنى: ارتفع.
 
و قال الفارابى ‌و‌ الجوهرى: علا المكان يعلو علوا- ‌من‌ باب قعد- ‌و‌ علا ‌فى‌ الشرف يعلى على- ‌من‌ باب علم- ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا: الارتفاع ‌فى‌ الشرف ‌و‌ القدره، ‌او‌ ‌هو‌ ‌من‌ علا فلان فلانا اى: غلبه ‌و‌ قهره، كقوله تعالى: «لا تخف انك انت الاعلى» اى: الغالب الظافر.
 ‌و‌ تعريفه بلام الجنس لافاده القصر، اى: ليكون التفضيل ‌فى‌ العلو مقصورا على دينك ‌لا‌ يتجاوزه، ‌و‌ صوره التفضيل لمجرد التاكيد، اذ ‌لا‌ علو ‌و‌ ‌لا‌ فضل لغير دينه تعالى حقيقه.
 ‌و‌ الحزب بالكسر: الطائفه ‌من‌ الناس، ‌و‌ حزب الرجل: جنده ‌و‌ اصحابه الذين على رايه، ‌و‌ حزب الله: انصار دينه ‌و‌ عباده المتقون. ‌و‌ ‌هو‌ اسم جمع ‌لا‌ واحد له ‌من‌ لفظه كالقوم ‌و‌ الرهط، ‌و‌ اذا اخبر عنه فقد يعتبر لفظه فيخبر عنه بالمفرد كعباره الدعاء، ‌و‌ قد يعتبر معناه فيخبر عنه بالجمع كقوله تعالى: «فان حزب الله ‌هم‌ الغالبون».
 ‌و‌ الاقوى: افعل تفضيل ‌من‌ القوه، ‌و‌ المراد بها: كمال القدره ‌و‌ شده الممانعه، ‌و‌ يقابلها الضعف.
 ‌و‌ الحظ يطلق على معنيين: احدهما: الجد بالفتح بمعنى البخت ‌و‌ الاقبال ‌فى‌ الدنيا، ‌و‌ ‌هو‌ احد الوجوه التى فسر بها قوله تعالى حكايه عن الجن: «و انه تعالى جد ربنا».
 قال الزمخشرى: ‌هو‌ استعاره ‌من‌ الجد الذى ‌هو‌ الدوله ‌و‌ البخت، لان الملوك ‌و‌ الاغنياءهم المجدون. ‌و‌ الثانى: النصيب، ‌و‌ ‌هو‌ الحصه، ‌و‌ كل ‌من‌ المعنيين يصح ارادته هنا. فالاول على الاستعاره كما علمت، ‌و‌ الثانى على المجاز الذى
 
يسمى مجازا مرسلا، فيكون المراد: ‌ما‌ يختص ‌به‌ سبحانه ‌من‌ الامور الدينيه، لكون النصيب لازما لاختصاصه بصاحبه، ‌و‌ ‌لا‌ حاجه الى دعوى الحذف ‌و‌ التقدير على ‌ان‌ المعنى: ‌و‌ حظ اوليائك، كما زعمه بعضهم.
 ‌و‌ الاوفى: اسم تفضيل ‌من‌ ‌و‌ ‌فى‌ الشى ء يفى: اذ تم ‌و‌ كمل.
 ‌و‌ لقاه الشى ء تلقيه: اعطاه اياه، كانه جعله ملاقيا له.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: لقاه الشى ء: القاه اليه.
 ‌و‌ يسر الامر يسرا- ‌من‌ باب قرب-: سهل فهو يسير، ‌و‌ يسره الله فتيسر اى: سهل عليه اموره، حتى ‌لا‌ يعسر ‌و‌ ‌لا‌ يشق عليه شى ء منها.
 ‌و‌ هيات الشى ء: اعددته ‌و‌ اصلحته ‌و‌ رتبته، ‌و‌ اصل التهيئه احداث هيئه الشى ء ‌و‌ هى صورته ‌و‌ شكله. ‌و‌ الامر: الحال، ‌و‌ المراد به: ‌ما‌ ‌هو‌ عليه ‌من‌ اراده الغزو ‌و‌ الجهاد، ‌او‌ جميع امره.
 ‌و‌ تولاه الله: كان له وليا اى: قائما باموره.
 ‌و‌ النجح: بالضم اسم ‌من‌ انجح الله حاجته، انجاحا: قضاها، ‌و‌ انجح الرجل ايضا: قضيت له الحاجه، اى: ‌كن‌ له وليا بقضاء حاجاته.
 ‌و‌ تخيرت الشى ء: اخترته ‌و‌ انتقيته، اى: قدر له ‌ان‌ يصحب خير الاصحاب، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: تخيروا لنطفكم. قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: اى: تكلفوا طلب ‌ما‌ ‌هو‌ خير المناكح ‌و‌ ازكاها، ‌و‌ ابعدها ‌من‌ الخبث ‌و‌ الفجور.
 ‌و‌ استقويت الدابه: طلبت ‌ان‌ تكون قويه، كما يقال: استكرم الشى ء اى: طلبه كريما، ‌و‌ فلان يستفره الدواب: يطلبها فارهه اى: نشيطه خفيفه.
 
و الظهر: المركوب ‌من‌ الدواب، سمى بذلك مجازا، ‌من‌ باب تسميه الشى ء باسم بعضه كالرقبه للانسان، ‌و‌ خص الظهر لانه موضع الركوب، ‌و‌ ‌هو‌ يطلق على الواحد ‌من‌ الدواب، ‌و‌ منه حديث: دخل ابنه عبدالله ‌و‌ ظهره ‌فى‌ الدار- اى: مركوبه- ‌و‌ ‌هو‌ يريد السفر للحج، ‌و‌ على الجمع منها، ‌و‌ منه حديث: اتاذن لنا ‌فى‌ نحر ظهرنا، اى: ركابنا ‌و‌ رواحلنا.
 ‌و‌ المعنى: اطلب له الظهر القوى اى: يسر له راحله قويه، ‌و‌ ‌ما‌ قيل: ‌من‌ ‌ان‌ معناه قو ظهره، ‌او‌ ‌كن‌ له ظهيرا ‌و‌ مقويا، فياباه الاستقواء.
 ‌و‌ سبغت النعمه سبوغا- ‌من‌ باب قعد-: اتسعت، ‌و‌ اسبغها الله: وسعها ‌و‌ افاضها، اى: وسع عليه ‌فى‌ النفقه، ‌و‌ منه حديث: اسبغوا لليتيم ‌فى‌ النفقه.
 قال ابن الاثير: اى: انفقوا عليه جميع ‌ما‌ يحتاج اليه، ‌و‌ وسعوا عليه فيها.
 ‌و‌ فى: للظرفيه المجازيه، اى: اوقع الاسباغ ‌فى‌ نفقته، كقوله تعالى: «و اصلح لى ‌فى‌ ذريتى»، ‌و‌ قد سبق بيانه.
 ‌و‌ النفقه بفتحتين: اسم ‌من‌ الانفاق، ‌و‌ ‌هو‌ صرف الدراهم فيما يحتاج اليه.
 ‌و‌ متعه الله بكذا تمتيعا ‌و‌ امتعه ‌به‌ امتاعا: اطال له الانتفاع به. ‌و‌ نشط ‌فى‌ عمله ينشط- ‌من‌ باب تعب-: خف ‌و‌ اسرع، ‌و‌ ‌هو‌ نشيط.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: رجل نشيط: طيب النفس للعمل.
 ‌و‌ طفئت النار تطفا بالهمزه- ‌من‌ باب تعب- طفوء على فعول: خمدت، ‌و‌ اطفاتها اطفاء: اخمدتها.
 
و المروى ‌فى‌ جميع نسخ الصحيفه الشريفه: «اطف» بدون همز، ‌و‌ ‌هو‌ على تخفيف الهمزه بابدالها حرف عله ‌و‌ الحاق الكلمه بالمعتل، ‌و‌ لذلك حذفت الياء علامه للجزم، ‌و‌ هى لغه قريش ‌و‌ اكثر اهل الحجاز، ‌و‌ عليها قراءه ابى جعفر ‌من‌ العشره: «يريدون ‌ان‌ يطفوا نور الله بافواههم».
 على وزن يعطوا، ‌و‌ اصله يطفئوا بهمزه مضمومه بعد الفاء- ‌و‌ هى قراءه ‌ما‌ عدا ابى جعفر-، فابدلت الهمزه ياء لمناسبتها كسره ‌ما‌ قبلها، فاستثقلت الضمه على الياء فحذفت، فالتقى ساكنان: هى ‌و‌ واو الجمع، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، الحاقا لها بالمعتل الاصلى.
 قال ابن النحاس: اذا كان حرف العله بدلا ‌من‌ همزه، جاز فيه ‌و‌ جهان: حذف حرف العله مع الجازم ‌و‌ بقاوه، ‌و‌ هذان الوجهان مبنيان على ‌ان‌ ابدال حرف العله، هل ‌هو‌ بدل قياسى ‌او‌ غير قياسى؟ فان قلنا: انه بدل قياسى ثبت حرف العله مع الجازم، لانه همزه كما كان قبل البدل، ‌و‌ ‌ان‌ قلنا: انه بذل غير قياسى صار حرف العله متمحضا ‌و‌ ليس همزه، فيحذف كما يحذف حرف العله المحض ‌فى‌ يغزو ‌و‌ يخشى ‌و‌ يرمى، انتهى.
 ‌و‌ لبعضهم تفصيل آخر ‌فى‌ هذه المساله، ذكرناه ‌فى‌ شرح الصمديه فليرجع اليه.
 ‌و‌ ‌ما‌ تكلفه بعضهم ‌من‌ جعل «اطف» ‌فى‌ عباره الدعاء ‌من‌ طفا الشى ء فوق الماء اى: لم يرسب فيه، ‌او‌ ‌من‌ مر الظبى يطفو: اذا خف على الارض ‌و‌ اشتد عدوه، ‌او‌ ‌من‌ الطفاوه بمعنى: الشى ء اليسير، فهو ‌من‌ ضيق العطن ‌و‌ التعسف الذى ‌لا‌ يليق
 
بالمقام.
 ‌و‌ الشوق قيل: ‌هو‌ اهتياج القلب الى لقاء المحبوب، ‌و‌ قيل: وجدان لذه المحبه اللازم لفرط الاراده الممزوج بالم المفارقه.
 ‌و‌ المراد بحرارته: اما كلفته ‌و‌ شدته، استعاره ‌من‌ حراره النار بجامع الاضرار المزعج، ‌و‌ اما الحراره المنبعثه عن القلب بسببه، فانه موجب لحركه النفس المثيره للحراره الغريزيه، فتنبعث منتشره لطلب الوصول الى المحبوب ‌و‌ لقائه، كما بين ‌فى‌ محله.
 ‌و‌ المراد باطفائه تعالى عنه حراره الشوق: الهامه الصبر على مفارقه ‌من‌ يحبه ‌و‌ يشتاق اليه، لان الشوق يحصل ‌من‌ امور ثلاثه: الشعور بكمال المطلوب، ‌و‌ عدم القدره على الوصول اليه، ‌و‌ قله الصبر على المفارقه.
 ‌و‌ اجاره: امنه ‌و‌ حفظه.
 ‌و‌ الغم: ‌ما‌ يلحق الانسان بسبب مكروه نزل به، حتى كانه يغمى عليه.
 ‌و‌ الوحشه: الخلوه ‌و‌ الانفراد عمن يانس به.
 ‌و‌ انسه ذكر الاهل ‌و‌ الولد اى: امح عن قلبه حضور اهله ‌و‌ ولده بباله، حتى ‌لا‌ ينكل عن الغزو ‌و‌ الجهاد، ‌او‌ ‌لا‌ تفتر همته عما نواه.
 
و اثرت الحديث اثرا- ‌من‌ باب قتل-: نقلته ‌و‌ رويته، ‌و‌ لما كان نقل الحديث ‌و‌ روايته يستلزم الاعلام ‌به‌ ‌و‌ الارشاد لمضمونه، عبر عليه السلام عن ارشاده الى حسن النيه ‌و‌ اعلامه بها بنقلها ‌و‌ روايتها له.
 ‌و‌ ‌لا‌ ‌شك‌ ‌ان‌ المراد بروايه حسن النيه: روايه فضائلها، ‌و‌ ‌ما‌ ورد فيها ‌من‌ التاكيد ‌فى‌ اخلاصها ‌و‌ الاعتناء بصدقها، فيكون قد شبه الاعلام ‌و‌ الارشاد بالنقل ‌و‌ الروايه ‌فى‌ بيان تفاصيل فضلها، ثم ادخل الاعلام ‌و‌ الارشاد ‌فى‌ جنس الاثر الذى ‌هو‌ بمعنى الروايه بالتاويل المذكور، فاستعار له لفظ الاثر، ثم اشتق منه الفعل على طريق
 
الاستعاره التبعيه.
 ‌و‌ المعنى: الهمه ‌و‌ ارشده الى فضائل حسن النيه، حتى تحسن ‌و‌ تصدق نيته ‌فى‌ الغزو ‌و‌ الجهاد ‌و‌ تخلص لله تعالى.
 ‌و‌ اما قول بعضهم: ‌ان‌ المعنى: ‌و‌ اختر له حسن النيه، فلا يصح، ‌لا‌ تفاق النسخ على ضبط «و اثر» بوصل الهمزهو ضم الثاء المثلثه على وزن «اقتل»، ‌و‌ لو كان بمعنى «اختر» لضبط بقطع الهمزه ‌و‌ مدها ‌و‌ كسر الثاء المثلثه، على وزن «قاتل» بصيغه الامر، ‌من‌ اثره ايثارا بمعنى: اختاره.
 ‌و‌ اصله «ا اثر» بتحقيق الهمزتين ‌من‌ باب اكرم، فلينت الهمزه الثانيه استثقالا لاجتماع الهمزتين، ‌و‌ لم يسمع اثره اثرا ‌من‌ باب قتل بمعنى ا اثره ايثارا، فلا معدل عما ذكرناه.
 ‌و‌ قوله: «بالعافيه» اى: ‌كن‌ له وليا بالباسه العافيه، ‌و‌ هى دفاع الله عن العبد.
 ‌و‌ اصحبته الشى ء اصحابا: جعلته له صاحبا، اى: ‌و‌ اجعل السلامه، ‌و‌ هى الخلوص ‌من‌ الافات، لازمه له لزوم الصاحب لصاحبه.
 ‌و‌ اعفاه الله بمعنى: عافاه.
 قال الجوهرى: عافاه الله ‌و‌ اعفاه بمعنى ‌و‌ الاسم العافيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: عافاه الله ‌من‌ المكروه معافاه ‌و‌ عافيه: ‌و‌ هب له العافيه ‌من‌ العلل ‌و‌ البلايا كاعفاه.
 ‌و‌ الجبن بالضم ‌و‌ بضمتين- رذيله التفريط ‌من‌ فضيله الشجاعه، يقال: جبن جبنا- على وزن قرب قربا- ‌و‌ جبانه فهو جبان اى: ضعيف القلب.
 ‌و‌ الهمه الله الخير: القاه ‌فى‌ روعه.
 
و الجراه بالضم: الشجاعه، ‌و‌ هى صرامه القلب على الاهوال ‌و‌ ربط الجاش ‌فى‌ المخاوف، ‌و‌ هى فضيله: بين التهور ‌و‌ الجبن، فالتهور: ‌هو‌ الثبات المذموم ‌فى‌ الامور المعطبه، ‌و‌ الجبن: ‌هو‌ الفزع المذموم ‌من‌ الامور المعطبه.
 ‌و‌ انما قدم عليه السلام سوال عافيته ‌من‌ الجبن على سوال الهامه الجراه، لان التخليه مقدمه على التحليه.
 ‌و‌ ارزقه الشده اى: اعطه القوه ‌فى‌ البدن ‌و‌ النفس، ليكون شديدا على الكفار كما قال تعالى: «اشداء على الكفار رحماء بينهم».
 ‌و‌ ايده الله تاييدا: قواه.
 ‌و‌ النصره بالضم: اسم ‌من‌ نصره على عدوه نصرا- ‌من‌ باب قتل-: اعانه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: النصره: حسن المعونه.
 ‌و‌ علمه اى: وفقه للتعليم باعداده له بالفهم الثاقب، ‌و‌ السمع الواعى، ‌و‌ القلب المراعى، ‌و‌ تقييض للمعلم الناصح.
 ‌و‌ التعليم حقيقه: عباره عن فعل يترتب عليه العلم غالبا، ‌و‌ تعليمه سبحانه لعباده يطلق على معنيين:
 احدهما: ‌ما‌ يكون بدون واسطه بشر، ‌و‌ ذلك كحال الانبياء، فانه يفيض عليهم العلوم ‌و‌ المعارف اما بواسطه ملك، ‌او‌ بدونه بان يلقى ‌فى‌ روعهم، ‌او‌ يخلق فيهم علما ضروريا بما يريد تعليمهم اياه، ‌و‌ منه: «و علم آدم الاسماء كلها»، ‌و‌ «و يعلمه الكتاب ‌و‌ الحكمه»، ‌و‌ «علمناه ‌من‌ لدنا علما».
 ‌و‌ الثانى: ‌ما‌ يكون بواسطه بشر، ‌و‌ ذلك كحال سائر الناس، ‌و‌ منه: «فاذكروا الله
 
كما علمكم ‌ما‌ لم تكونوا تعلمون»، «و ‌لا‌ ياب كاتب ‌ان‌ يكتب كما علمه الله».
 ‌و‌ السير: جمع سيره، ‌و‌ هى ‌فى‌ اللغه الطريقه، يقال: سار ‌فى‌ الناس سيره حسنه ‌او‌ قبيحه.
 ‌و‌ المراد بالسير هنا: احكام الجهاد، ‌و‌ يستفاد منه ‌ان‌ تغليب اسم السير على احكام الجهاد اصطلاح قديم وقع ‌فى‌ الصدر الاول، فان الفقهاء اذا اطلقوا السير ارادوا بها المغازى.
 قال الفيومى: ‌و‌ غلب اسم السير ‌فى‌ السنه الفقهاء على المغازى، انتهى.
 ‌و‌ لذلك ترجم بعضهم كتاب الجهاد بكتاب السير.
 قال الرافعى: ترجموه بذلك لان الاحكام المذكوره فيه متلقاه ‌من‌ سير رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌فى‌ غزواته، ‌و‌ مقصودهم ‌به‌ الكلام ‌فى‌ الجهاد ‌و‌ احكامه.
 ‌و‌ السنن: جمع سنه، ‌و‌ المراد بها: الطريقه المحمديه فرضا ‌او‌ ندبا عملا ‌او‌ عقيده، ‌و‌ قد تطلق السنن على المعلومات التى يتعلق بها العمل.
 قال الراغب: المعلوم العملى: ‌ما‌ يجب ‌ان‌ يعلم ثم يعمل، ‌و‌ يسمى تاره السنن ‌و‌ السياسات، ‌و‌ تاره الشرايع، ‌و‌ تاره احكام الشرع ‌و‌ مكارمه، ‌و‌ ذلك حكم العبادات، ‌و‌ حكم المعاملات، ‌و‌ حكم المطاعم، ‌و‌ حكم المناكح، ‌و‌ حكم المزاجر، انتهى.
 
 
و سدده اى: وفقه للسداد، ‌و‌ ‌هو‌ الصواب ‌فى‌ الحكم ‌و‌ ‌هو‌ القضاء.
 ‌و‌ عزلت الشى ء عن غيره عزلا- ‌من‌ باب ضرب-: نحيته عنه.
 ‌و‌ الرياء: مصدر راءاه مراءاه ‌و‌ رياء: اذا راى كل منهما الاخر، ثم غلب استعماله ‌فى‌ القصد بالطاعه لان يراه الناس، ‌و‌ ذلك لان المرائى ‌لا‌ يعمل الا اذا راى الناس ‌و‌ راوه، حتى اذا كان ‌فى‌ موضع ‌لا‌ يرى فيه احدا ‌و‌ ‌لا‌ يراه احد لم يعمل، فالمفاعله ‌فى‌ الرياء على بابها.
 ‌و‌ قال الزمخشرى: هى مفاعله ‌من‌ الارائه، لان المرائى يرى الناس عمله ‌و‌ ‌هم‌ يرونه الثناء عليه ‌و‌ الاعجاب به، انتهى.
 ‌و‌ فيه نظر، فان قولهم: وضع فاعل لنسبه اصله- ‌و‌ ‌هو‌ مصدر فعله الثلاثى- الى الفاعل متعلقا بغيره، مع ‌ان‌ الغير فعل مثل ذلك، ‌و‌ قولهم: ‌ان‌ فاعل اصله فعل، زيدت بين الفاء ‌و‌ العين منه الف، صريح ‌فى‌ ‌ان‌ المفاعله ‌لا‌ تكون الا ‌من‌ ثلاثى، فتامله، فان اكثر المفسرين تبعوا الزمخشرى ‌فى‌ ذلك، ‌و‌ لم يتنبه احد منهم لما ذكرناه.
 ‌و‌ اما قول صاحب القاموس: رايته مراءاه ‌و‌ رئاء: اريته على خلاف ‌ما‌ انا عليه، فهو بيان لحاصل المعنى ‌لا‌ بيان للمفاعله.
 فان قلت: قد قالوا: عاطاه معاطاه ‌اى‌ اعطى كل منهم الاخر، ‌و‌ ‌هو‌ رباعى، فكيف تصح دعوى انحصار بناء المفاعله ‌من‌ الثلاثى؟
 قلت: ليس المعاطاه مفاعله ‌من‌ اعطى، بل ‌من‌ عطى الثلاثى اللازم بمعنى تناول، لكنه لما نقل الى فاعل صار متعديا لاجل تعلقه بالاخر، فهو مثل كارمنه ‌من‌ كرم، ‌و‌ ‌ما‌ شيته ‌من‌ مشى.
 قال العلامه الجار بردى ‌فى‌ شرح الشافيه: ‌و‌ لاجل تعلق فاعل بالامر الاخر جاء
 
غير المتعدى اذا نقل الى فاعل متعديا، نحو: كارمته، فان اصله لازم ‌و‌ قد تعدى هاهنا.
 ‌و‌ خلصت الشى ء تخليصا: ميزته عن غيره.
 ‌و‌ السمعه بالضم ‌و‌ الفتح، يقال: فعل ذلك رياء ‌و‌ سمعه اى: ليراه الناس ‌و‌ يسمعوا به.
 ‌و‌ المعنى: اصرف عنه ‌و‌ خلصه ‌من‌ قصد الرياء ‌و‌ السمعه ‌فى‌ عمله، ليكون خالصا لله، فيستعد لتلقى رحمته ‌و‌ قبول فضله، بالتوجه اليه ‌و‌ الانقطاع عما سواه.
 ‌و‌ اما العامل للرياء ‌و‌ السمعه، اى: ليراه الناس ‌و‌ يسمعوا بحاله، ‌كى‌ يعود اليه منهم ‌ما‌ يتوقعه ‌من‌ مال ‌او‌ جاه ‌او‌ ثناء، ‌و‌ نحوه ‌من‌ الاغراض الباطله ‌و‌ الاعراض الزائله، فهو محجوب عن قبول فضل الله تعالى، مستوجب للخيبه ‌و‌ الحرمان، ‌من‌ حيث التفات نفسه الى ‌ما‌ سواه تعالى، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: ‌ان‌ اخوف ‌ما‌ اخاف عليكم الشرك الاصغر، قالوا: ‌و‌ ‌ما‌ الشرك الاصغر ‌يا‌ رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ يوم القيامه اذا جازى العباد باعمالهم: اذهبوا الى الذين كنتم تراوون ‌فى‌ الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم ثواب اعمالكم، ‌و‌ عنه صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: الرياء اخفى ‌من‌ دبيب النمله السوداء ‌فى‌ الليله الظلماء على المسح الاسود، ‌و‌ عن اميرالمومنين عليه السلام: اعملوا ‌فى‌ غير رياء ‌و‌ ‌لا‌ سمعه، فان ‌من‌ عمل لغير الله يكله الله الى ‌من‌ عمل له.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام ‌فى‌ قول الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ‌و‌ ‌لا‌ يشرك بعباده ربه احدا» قال: الرجل يعمل شيئا ‌من‌ الثواب ‌لا‌ يطلب ‌به‌ وجه الله، انما يطلب تزكيه الناس، يشتهى ‌ان‌ يسمع ‌به‌ الناس،
 
فهذا الذى اشرك بعباده ربه.
 قال بعض العارفين: كنت ‌لا‌ ازال اجد ‌من‌ نفسى شوقا زائدا ‌و‌ منازعه شديده الى الجهاد، ‌و‌ ‌ان‌ اقتل ‌فى‌ سبيل الله، فحمدت ‌من‌ نفسى ذلك، ‌و‌ قلت: ‌ان‌ الجهاد ‌و‌ القتل ليس ‌من‌ الامور التى يكون فيها حظ للنفس، فاخذت ‌فى‌ اهبه الغزو، ثم اتهمت نفسى ‌و‌ قلت: انها ‌لا‌ تدعو الى خير ابدا، ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ لها ‌فى‌ ذلك ‌من‌ دسيسه، فجعلت اتامل السبب الداعى لها الى ذلك، حتى وقفت على انها راغبه ‌فى‌ ‌ان‌ يقال: قتل فلان ‌فى‌ سبيل الله ‌و‌ مات شهيدا، فخالفتها ‌و‌ رجعت عما نويت.
 ‌و‌ ‌من‌ هنا قال العلماء: اجتناب الرياء ‌من‌ اصعب الامور، الا على ‌من‌ راض نفسه ‌و‌ ملكها الاخلاص، ‌و‌ ‌لا‌ يحصل ذلك الا لمن اخذت يد العنايه بزمامه.
 قوله عليه السلام: «و اجعل فكره ‌و‌ ذكره ‌و‌ ظعنه ‌و‌ اقامته فيك ‌و‌ لك» الذكر: حضور معنى الشى ء ‌فى‌ النفس، ثم يكون تاره بالقلب ‌و‌ تاره باللسان.
 ‌و‌ الفكر: تردد القلب بالتدبر لطلب المعانى، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ترتيب امور معلومه ليتوصل بها الى امور مجهوله.
 ‌و‌ الظعن بفتحتين: اسم ‌من‌ ظعن ظعنا- ‌من‌ باب نفع- اى: ارتحل.
 ‌و‌ الاقامه: مصدر اقام بالمكان اى: مكث فيه.
 ‌و‌ فيك ‌و‌ لك: ‌اى‌ كائنا ‌فى‌ سبيلك ‌و‌ لاجل رضاك، حتى ‌لا‌ يشوب شيئا ‌من‌ اعماله غرض آخر، ‌و‌ الله اعلم.
 
الفاء: للتفريع ‌و‌ الترتيب.
 ‌و‌ صاف اى: قابل، مفاعله ‌من‌ الصف، يقال: صاففنا العدو ‌فى‌ القتال اى:
 
رتبنا ‌و‌ قابلنا صفوفنا بصفوفهم، ‌و‌ منه حديث: كان صلى الله عليه ‌و‌ آله مصاف العدو، اى: مقابلهم.
 ‌و‌ عدوك ‌و‌ عدوه اى: المشركين، وصفهم اولا: بعداوه الله تعالى لاثباتهم الشرك ‌به‌ ‌و‌ ابطال كلمته، ‌و‌ ثانيا: بعداوه المسلم لاظهار عداوته ‌و‌ قصدهم لمحاربته ‌و‌ هلاكه، كما قال تعالى: «ترهبون ‌به‌ عدو الله ‌و‌ عدوكم».
 ‌و‌ تقليلهم ‌فى‌ عينه: بان يراهم قليلا، ليقوى قلبه على محاربتهم ‌و‌ ‌لا‌ يهابهم، ‌و‌ انما يتصور ذلك بصد الله تعالى العين عن رويه بعض دون بعض مع التساوى ‌فى‌ الشروط، لان الرويه ‌و‌ سائر الادراكات بمحض خلق الله تعالى ‌لا‌ تجب عند تحقق ‌ما‌ يجعله الفلاسفه شرطا، ‌و‌ ‌لا‌ تمتنع عند فقد بعضها، ‌و‌ قد فعل تعالى ذلك يوم بدر، فقلل المشركين ‌فى‌ اعين المسلمين تثبيطا لهم، حتى قال ابن مسعود لمن الى جنبه: اتراهم سبعين؟ فقال: اراهم مائه، قال: فاسرنا منهم رجلا فقلنا له: ‌كم‌ كنتم؟ فقال: الفا.
 ‌و‌ قلل المسلمين ‌فى‌ اعين المشركين ليجترووا عليهم ‌و‌ ‌لا‌ يستعدوا لهم، حتى قال ابوجهل: ‌ان‌ محمدا ‌و‌ اصحابه اكله جزور، ‌و‌ ذلك حيث يقول ‌عز‌ ‌من‌ قائل ‌فى‌ محكم كتابه: «و اذ يريكموهم اذ التقيتم ‌فى‌ اعينكم قليلا، ‌و‌ يقللكم ‌فى‌ اعينهم ليقضى الله امرا كان مفعولا».
 قال صاحب الكشاف: فان قلت: باى طريق يبصرون الكثير قليلا؟ قلت: بان يستر الله عنهم بعضه بساتر، ‌او‌ يحدث ‌فى‌ عيونهم ‌ما‌ يستقلون له الكثير، كما احدث ‌فى‌ اعين الحول ‌ما‌ يرون له الواحد اثنين.
 
قيل لبعضهم: ‌ان‌ الاحول يرى الواحد اثنين، ‌و‌ كان بين يديه ديك واحد، فقال: ‌ما‌ لى ‌لا‌ ارى هذين الديكين اربعه؟ انتهى.
 ‌و‌ صغر شانهم ‌فى‌ قلبه اى: حقره ‌و‌ اذهب مهابته، ‌من‌ الصغار بالفتح: ‌و‌ ‌هو‌ الحقاره ‌و‌ الذل ‌و‌ المهانه، ‌لا‌ ‌من‌ الصغر كعنب: ‌و‌ ‌هو‌ خلاف العظيم ‌فى‌ الجرم.
 ‌و‌ شانهم بهمز العين: ‌اى‌ امرهم ‌و‌ حالهم، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ ‌هم‌ عليه ‌من‌ شده الباس ‌و‌ قوه الشوكه ‌و‌ كثره العدد ‌و‌ العدد، حتى ‌لا‌ يصده الالتفات الى شى ء ‌من‌ ذلك عن الاقدام عليهم.
 ‌و‌ ادل له منهم ‌و‌ ‌لا‌ تدلهم منه اى: اجعل الكره ‌و‌ النصر ‌و‌ الغلبه له عليهم، ‌و‌ ‌لا‌ تجعل الكره ‌و‌ النصر ‌و‌ الغلبه لهم عليه.
 قال الزمخشرى: ادال الله بنى فلان ‌من‌ عدوهم: جعل الكره لهم عليه، ‌و‌ مجازه: نزع الدوله ‌من‌ عدوهم ‌و‌ آتاهم اياها.
 ‌و‌ قال ابن الاثير: ‌فى‌ الحديث: ثقيف ندال عليهم ‌و‌ يدالون علينا، الاداله: الغلبه، يقال: اديل لنا على اعدائنا اى: نصرنا عليهم، ‌و‌ منه حديث ابى سفيان ‌و‌ هرقل: ندال عليه ‌و‌ يدال علينا، اى: نغلبه مره ‌و‌ يغلبنا اخرى
 ‌و‌ انما عدى ادل ‌فى‌ الاول باللام، مع ‌ان‌ اصله يتعدى بنفسه، كما وقع ‌فى‌ قوله «و ‌لا‌ تدلهم»، لتضمينه معنى الانتصار، اى: ‌و‌ انتصر له مديلا منهم.
 ‌و‌ فائده ذلك تاكيد الاداله للغازى ‌و‌ المجاهد، لان فائده التضمين ‌ان‌ يدل بكلمه واحده على معنى كلمتين، ‌و‌ لذلك لم يات باللام ‌فى‌ قوله: «و ‌لا‌ تدلهم منه»، بل جاء ‌به‌ على اصله.
 يدلك على هذا قول الزمخشرى: الفرق بين سمعت فلانا يتحدث ‌و‌ سمعت اليه
 
يتحدث، ‌ان‌ المعدى بنفسه يفيد الادراك، ‌و‌ المعدى بالى يفيد الاصغاء مع الادراك.
 ‌و‌ اما قول بعضهم: ‌ان‌ اللام ‌فى‌ «ادل له» لتقويه العامل، فلا يعول عليه، لان لام التقويه انما تزاد لتقويه عامل ضعيف، اما بتاخره نحو: «ان كنتم للرويا تعبرون»، ‌او‌ بكونه فرعا ‌فى‌ العمل نحو: «مصدقا لما معهم»، ‌و‌ اما العامل القوى فلا يوتى بها معه الا شاذا نادرا، نحو:
 ‌و‌ ‌لا‌ الله يعطى للعصاه مناها
 ‌و‌ تخريج كلام المعصوم عليه السلام على الشاذ النادر ‌لا‌ وجه له.
 قول عليه السلام: «فان ختمت له بالسعاده» اى: ختمت له حياته بالسعاده، ‌و‌ انما حذف المفعول لتعينه، ‌و‌ لان الغرض ‌هو‌ ذكر المختوم به. ‌و‌ المراد بالسعاده: الشهاده، كما يفسره قوله بعده: «و قضيت له بالشهاده»، ‌و‌ سمى الشهاده سعاده مجازا ‌من‌ باب تسميه الشى ء باسم سببه، لان الشهاده سبب لحصول السعاده المطلقه التى هى حسن الحياه ‌فى‌ الاخره، ‌و‌ ‌هو‌ اربعه اشياء: بقاء بلافناء، ‌و‌ علم بلا جهل، ‌و‌ قدره بلا عجز، ‌و‌ غنى بلا فقر، ‌و‌ اياها قصد تعالى بقوله: «و اما الذين سعدوا ففى الجنه خالدين فيها ‌ما‌ دامت السموات ‌و‌ الارض الا ‌ما‌ شاء ربك عطاء غير مجذوذ».
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «ختمت» اى: اردت الختم، بقرينه جواب الشرط، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ باب اطلاق ‌ما‌ وضع للمسبب على السبب، لكون الختم مسببا عن ارادته.
 قال السيد الشريف: ‌و‌ التعبير بالفعل عن ارادته نوع كثير الموارد شائع
 
الاستعمال.
 قال ابن هشام: ‌و‌ اكثر ‌ما‌ يكون ذلك بعد اداه الشرط، نحو: «و ‌ان‌ حكمت فاحكم بينهم بالقسط»، «و ‌ان‌ عاقبتم فعاقبوا بمثل ‌ما‌ عوقبتم به»، ‌و‌ امثلته كثيره.
 قوله عليه السلام: «و قضيت له بالشهاده» اى: حكمت، ‌او‌ امضيت الحكم، ‌او‌ اتممت ‌و‌ اكملت له عمره، فان القضاء يكون بمعنى الحكم ‌و‌ بمعنى امضاء الحكم ‌و‌ بمعنى الاتمام ‌و‌ الاكمال.
 ‌و‌ الشهاده: القتل ‌فى‌ سبيل الله تعالى، سمى شهاده لان الله تعالى شهد لصاحبه بالجنه ‌او‌ لان ملائكه الرحمه شهدت نقل روحه الى الجنه، ‌او‌ لانه شهد له بالايمان ‌و‌ خاتمه الخير بظاهر حاله، ‌او‌ لان عليه شاهدا يشهد بكونه شهيدا ‌و‌ ‌هو‌ الدم، فانه يبعث يوم القيامه ‌و‌ اوداجه تشخب دما، ‌و‌ قيل غير ذلك، ‌و‌ قد تقدم ‌فى‌ آخر الروضه الاولى.
 قوله عليه السلام: «فبعد ‌ان‌ يجتاح عدوك بالقتل» الفاء: رابطه لجواب الشرط، ‌و‌ الظرف متعلق بمحذوف اى: فليكن ذلك ‌من‌ الختم له بالسعاده ‌و‌ القضاء له بالشهاده بعد ‌ان‌ يجتاح عدوك اى: يهلك عدوك ‌و‌ يستاصله بالقتل.
 قال ابن الاثير ‌فى‌ النهايه: ‌فى‌ الحديث: ‌ان‌ ابى يريد ‌ان‌ يجتاح مالى، اى: يستاصله ‌و‌ ياتى عليه اخذا ‌و‌ انفاقا، ‌و‌ ‌هو‌ افتعال ‌من‌ الجائحه، ‌و‌ هى آفه تهلك الاموال ‌و‌ الثمار، ‌و‌ كل مصيبه عظيمه، ‌و‌ فتنه مبيره جائحه.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: الجائحه: اسم فاعل ‌من‌ جاحته تجوحه: اذا استاصلته، ‌و‌ هى المصيبه العظيمه ‌فى‌ المال التى تهلكه.
 ‌و‌ ينبغى ‌ان‌ يوول قوله عليه السلام: «بعد ‌ان‌ يجتاح عدوك»، اما بحمل الاجتياح على مشارفته، اى: بعد ‌ان‌ يشارف ‌ان‌ يجتاح عدوك، ‌و‌ التعبير بالفعل
 
عن مشارفته شائع الاستعمال، ‌و‌ منه: «و ليخش الذين لو تركوا ‌من‌ خلفهم» اى: لو شارفوا ‌ان‌ يتركوا، ‌و‌ اما بحمل العدو على اكثرهم، ليكون منهم ‌من‌ قضيت الشهاده للغازى ‌او‌ المجاهد على يديه، ‌و‌ الا اذا حمل على ظاهره ‌من‌ الاجتياح بمعنى الاستئصال لجميعهم حقيقه تعذرت الشهاده، لان المراد بها ‌فى‌ هذا المصاف، ‌و‌ ‌لا‌ يتصور ذلك مع استئصال العدو.
 ‌و‌ ‌ان‌ فسرنا الاجتياح بالاصابه بعظيم المكروه، كما قال ابو سليمان الخطابى: اجتاحهم الزمان: اذا اصابهم بمكروه عظيم، فلا حاجه الى التاويل، اذ ‌هو‌ اعم ‌من‌ الاستئصال.
 قوله عليه السلام: «و بعد ‌ان‌ يجهد بهم الاسر» قيل: الواو هنا بمعنى او، كما يدل عليه سياق الكلام. ‌و‌ ‌لا‌ حاجه الى ذلك، لان الواو قد تعطف الشى ء على ‌لا‌ حقه، فيجوز ‌ان‌ يكون الاسر قبل القتل ‌و‌ القتل ‌لا‌ ‌حق‌ به، ‌و‌ قدمه ‌فى‌ الذكر للاعتناء ‌و‌ الاهتمام بوقوعه.
 ‌و‌ اما البعديه فهى متعلقه بالختم ‌و‌ القضاء كالاولى، ‌لا‌ بالاجتياح حتى يكون مفادها الترتيب.
 ‌و‌ جهده الامر ‌و‌ المرض جهدا- ‌من‌ باب نفع-: بلغ منه المشقه.
 ‌و‌ الباء ‌فى‌ قوله: «بهم»: اما زائده ‌فى‌ المفعول نحو: «فليمدد بسبب الى السماء»، ‌و‌ اما لتضمين الجهد معنى الاضرار.
 ‌و‌ الاسر: الاخذ بالقهر، ‌و‌ اصله الشد يقال: اسره اسرا- ‌من‌ باب ضرب-: اذا شده بالاسار ككتاب، ‌و‌ ‌هو‌ القد الذى يشد ‌و‌ يوثق ‌به‌ الاسير.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «و بعد ‌ان‌ يديخهم الاسر» ‌و‌ ضبط بسكون الياء المثناه
 
قبل الخاء المعجمه ‌من‌ باب الافعال، ‌و‌ بتشديدها ‌من‌ باب التفعيل، ‌و‌ كلاهما بمعنى يذللهم ‌و‌ يقرهم، ‌من‌ داخ اى: ذل ‌و‌ خضع.
 قال ابن الاثير: ‌فى‌ الحديث: اداخ العرب ‌و‌ دان له الناس: اى: اذلهم. ‌من‌ داخ اى: ذل ‌و‌ ادخته انا.
 ‌و‌ فيه: فقتح الكفره ‌و‌ ديخها، اى: اذلها ‌و‌ قهرها، يقال: ديخ ‌و‌ دوخ بمعنى واحد، ‌و‌ منه حديث الدعاء: بعد ‌ان‌ يديخهم الاسر، ‌و‌ بعضهم يرويه بالذال المعجمه، ‌و‌ هى لغه شاذه انتهى كلام ابن الاثير.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: داخ: ذل، ‌و‌ البلاد: قهرها ‌و‌ استولى على اهلها، كدوخها وديخها.
 قوله عليه السلام: «و بعد ‌ان‌ تامن اطراف المسلمين» الاطراف: جمع طرف بفتحتين، ‌و‌ ‌هو‌ هنا اما بمعنى الطائفه اى: طوائف المسلمين، ‌و‌ منه قوله تعالى: «ليقطع طرفا ‌من‌ الذين كفروا» اى: طائفه منهم، قيل: شبه ‌من‌ قتل منهم بطرف يقطع ‌من‌ البدن، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: فمال طرف ‌من‌ المشركين على النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله، اى: قطعه عظيمه منهم.
 ‌و‌ اما بمعنى الناحيه، فيكون على حذف مضاف اى: اطراف بلاد المسلمين.
 قال ‌فى‌ الاساس: تفرقوا ‌فى‌ اطراف الارض اى: نواحيها.
 ‌و‌ اسناد الامن اليها حينئذ مجاز حكمى، ‌و‌ المعنى: بعد ‌ان‌ يامن اهل النواحى ‌من‌ بلاد المسلمين.
 قوله عليه السلام: «و بعد ‌ان‌ يولى عدوك مدبرين» ولى ‌و‌ تولى: انصرف
 
ذاهبا، ‌و‌ قيل: ذهب هاربا.
 ‌و‌ ادبر بمعنى: ولى، ‌و‌ اشتقاقه ‌من‌ الدبر بالضم ‌و‌ بضمتين، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ كل شى ء عقبه ‌و‌ موخره، لانه اذا ادبر عن الشى ء فقد جعله عقبه.
 ‌و‌ مدبرين: حال موكده لعاملها معنى، لان الادبار ‌و‌ التوليه بمعنى، ‌و‌ انما يقال: ولى مدبرا: اذا انهزم ‌و‌ منه قوله تعالى: «ولى مدبرا» اى: ذهب منهزما، لان توليه الدبر كنايه عن الانهزام.
 قال الفيومى: ولاه دبره كنايه عن الهزيمه.
 ‌و‌ قال بعضهم: ‌و‌ ‌لا‌ يقال: ولى مدبرا الا اذا رجع الى ورائه، حتى لو انهزم يمينا ‌او‌ شمالا ‌لا‌ يقال: انه ولى مدبرا. ‌و‌ هذا ‌هو‌ الصحيح الذى يقتضيه معنى الادبار، ‌و‌ الله اعلم.
 
خلف فلان فلانا- ‌من‌ باب قتل- خلافه: اذا صار خليفته، يقال: خلفه ‌فى‌ قومه: اذا اقام بعده فيهم ‌و‌ قام عنه بما يفعله، ‌و‌ منه قوله تعالى: ‌و‌ قال موسى لاخيه هارون اخلفنى ‌فى‌ قومى» اى: ‌كن‌ خليفتى ‌و‌ القائم مقامى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «خلف» بالتشديد، ‌و‌ كانه للمبالغه ‌فى‌ المخفف، كقتله
 
قتلا ‌و‌ قتله تقتيلا. ‌و‌ اما حمله على معنى تركه بعده، فلا وجه له.
 ‌و‌ المرابط: اسم فاعل ‌من‌ رابط مرابطه ‌و‌ رباطا- ‌من‌ باب قاتل-: اذا لازم ثغر العدو، ‌و‌ اصله ‌من‌ الربط ‌و‌ ‌هو‌ الشد، لان كلا ‌من‌ الفريقين يربطون خيولهم ‌فى‌ ثغرهم، ‌و‌ كل معد لصاحبه فسمى ملازمه الثغر رباطا ‌و‌ مرابطه.
 ‌و‌ تعهدت الشى ء: ترددت اليه ‌و‌ اصلحته، ‌و‌ حقيقته تجديد العهد به، ‌و‌ تعهدته: حفظته.
 قال ابن فارس: ‌و‌ ‌لا‌ يقال: تعاهدته، لان التفاعل ‌لا‌ يكون الا عن اثنين.
 ‌و‌ قال صاحب المحكم: تعهد الشى ء ‌و‌ تعاهده ‌و‌ اعتهده: تفقده ‌و‌ احدث العهد به.
 ‌و‌ قال الفارابى: تعهدته افصح ‌من‌ تعاهدته.
 ‌و‌ خالفيه: جمع خالف، ‌من‌ خلف عن اصحابه اى: تخلف يريد ‌من‌ اقام بعده ‌من‌ اهله ‌و‌ تخلف عنه.
 ‌و‌ قد اتفقت نسخ الصحيفه الشريفه على ضبط خالفيه بالياء المثناه ‌من‌ تحت، على انه جمع مذكر سالم لخالف، حذفت النون للاضافه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نهايه ابن الاثير: ايما مسلم خلف غازيا ‌فى‌ خالفته، بالتاء المثناه ‌من‌ فوق، ‌و‌ ‌هو‌ بمعنى الخالف المذكور اولا، ‌و‌ التاء فيه للمبالغه مثلها ‌فى‌ الخليفه.
 ‌و‌ انما نبهنا على ذلك، لئلا يتوهم متوهم ‌ان‌ احدى اللفظين تصحيف ‌من‌ الاخر.
 ‌و‌ الطائفه: القطعه ‌من‌ الشى ء.
 ‌و‌ العتاد بالفتح: ‌ما‌ اعده الرجل ‌من‌ السلاح ‌و‌ الدواب ‌او‌ آله الحرب.
 
و ‌فى‌ الاساس: ‌هو‌ عتاد لكذا اى: عده.
 ‌و‌ شحذته على كذا: حملته على ارتكابه ‌و‌ سقته اليه، ‌و‌ اصله ‌من‌ شحذت السكين شحذا- ‌من‌ باب نفع- اى: احددتها.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الشحذ: السوق الشديد ‌و‌ الالحاح ‌فى‌ السوال.
 ‌و‌ معنى شحذه على الجهاد: امضاء همته ‌و‌ تاكيد عزيمته عليه، اما يقول كترغيبه له فيه بذكر ‌ما‌ فيه ‌من‌ عظيم الاجر ‌و‌ الثواب، ‌او‌ بفعل كقطع عوائقه ‌و‌ القيام له بما يحتاج اليه.
 ‌و‌ اتبعته الشى ء: جعلته له تابعا، ‌و‌ الحقته به.
 ‌و‌ الوجه: الجهه ‌و‌ ‌ما‌ يتوجه اليه الانسان ‌من‌ عمل ‌و‌ غيره، اى: ‌فى‌ جهته ‌و‌ ناحيته التى توجه اليها ‌و‌ استقبلها، ‌او‌ ‌فى‌ مقصده الذى توجه اليه.
 ‌و‌ الدعوه بالفتح: المره ‌من‌ الدعاء.
 ‌و‌ رعيت امره: حفظته.
 ‌و‌ الحرمه بالضم: ‌ما‌ وجب القيام ‌به‌ ‌و‌ حرم التفريط فيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الحرمه: ‌ما‌ ‌لا‌ يحل انتهاكه.
 ‌و‌ ‌من‌ ورائه: ‌اى‌ ‌من‌ خلفه.
 ‌و‌ اجريت الشى ء: جعلته جاريا.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز: اجرى له الف دينار، ‌و‌ اجرى عليهم الرزق.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «و اجر» بوصل الهمزه ‌و‌ ضم الجيم، ‌من‌ اجره الله اجرا من- باب قتل- اى: اثابه، ‌و‌ يقال: اجره ياجره بالكسر ‌من‌ باب ضرب ايضا، ‌و‌ آجره بالمد يوجره لغه ثالثه.
 
و عداه باللام لتضمينه معنى اوجب.
 ‌و‌ الاجر: الجزاء على العمل.
 ‌و‌ وزن الشى ء: مقداره ‌فى‌ الخفه ‌و‌ الثقل، ‌و‌ انتصاب «وزنا» على الحال ‌من‌ المضاف ‌و‌ المضاف اليه ‌من‌ قوله: «مثل اجره»، ‌و‌ بوزن: بيان لوزن. قال سيبويه: كما كان لك ‌فى‌ «سقيا لك» بيانا ايضا، ‌و‌ هذا جار ‌فى‌ الامثله التى فيها المجرور، انتهى.
 قال ابن هشام: فيتعلق بمحذوف استونف للتبيين، انتهى.
 ‌و‌ التقدير: ‌هو‌ بوزن، فيكون ظرفا مستقرا متعلقا بمحذوف، اى: ‌هو‌ كائن بوزن، اذ ‌لا‌ يطلق الاستئناف الا ‌فى‌ الجمل، ‌و‌ فيه معنى المفاعله اى: متساويين ‌فى‌ الوزن، كقولهم: بعته يدا بيد اى: متقابضين، ‌و‌ اخذته راسا براس اى: متماثلين.
 قال بعض المحققين: ‌و‌ تحريره: ‌ان‌ الاصل ‌فى‌ هذه الامثله ‌ان‌ يكون المنصوب منها مرفوعا على الابتداء باعتبار مضاف، اى: ذو وزن بذى وزن، ‌و‌ ذويد بذى يد، اى: المقدار بالمقدار ‌و‌ النقد بالنقد، ثم لما كان ذلك ‌فى‌ معنى متساويين ‌و‌ متقابضين، انمحى عنه معنى الجمله لما فهم منه معنى المفرد، فلما قامت الجمله مقام المفرد ‌فى‌ تاديه معناه، اعرب ‌ما‌ قبل الاعراب منها ‌و‌ ‌هو‌ الجزء الاول اعراب المفرد الذى قامت مقامه، انتهى. ‌و‌ قس على ذلك.
 قوله عليه السلام «و مثلا بمثل» ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ عطف العام على الخاص، فان المثل بمعنى الشبيه، ‌و‌ ‌هو‌ اعم ‌من‌ ‌ان‌ يكون شبيها ‌فى‌ الكم ‌او‌ الكيف ‌او‌ غير ذلك، ‌و‌ الوزن خاص بالكم، ‌و‌ كل ‌من‌ هاتين الحالين موكده لصاحبها ‌فى‌ التماثل.
 ‌و‌ عوضت زيدا بالتشديد: اعطيته العوض، ‌و‌ ‌هو‌ البدل.
 
و «من» ‌فى‌ قوله: «من فعله»: بدليه اى: بدل فعله.
 ‌و‌ عوضا: اما مصدر، ‌او‌ اسم مصدر، ‌او‌ اسم عين، ‌و‌ على الاوليين يتعين نصبه على المفعوليه المطلقه، ‌و‌ على الثالث يحتمل ذلك نحو: «و الله انبتكم ‌من‌ الارض نباتا»، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون مفعولا ثانيا لعوضه، كقوله: عوض زيدا ‌من‌ درهمه دينارا.
 ‌و‌ يتعجل ‌به‌ اى: ياخذه بسرعه، يقال: عجلت اليه المال فتعجله، اى: اسرعت اليه بحضوره فاخذه بسرعه، ‌و‌ الجمله صفه ثانيه ل«عوضا».
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس: «يتعجل» بالجزم على انه جواب شرط محذوف ‌دل‌ عليه الطلب، اى: ‌ان‌ تعوضه يتعجل.
 ‌و‌ نفعه الشى ء نفعا: اذا حصل له التوصل ‌به‌ الى المطلوب.
 ‌و‌ قدم زيد خيرا اى: عمل عملا صالحا يثاب عليه ‌فى‌ الاخره التى هى قدامه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ‌ما‌ تقدموا لانفسكم ‌من‌ خير تجدوه عند الله».
 ‌و‌ سره الشى ء يسره بالضم سرورا: افرحه.
 ‌و‌ قال الراغب: السرور: انشراح الصدر بلذه فيها طمانينه النفس عاجلا ‌و‌ آجلا، ‌و‌ الفرح: انشراح الصدر بلذه عاجله غير آجله.
 ‌و‌ اتى بالحسنه: جاء بها ‌و‌ عملها اى: نفع ‌ما‌ اسلفه ‌من‌ الاحسان ‌و‌ عمله ‌من‌ الخير مع الغازى.
 ‌و‌ انتهى ‌به‌ الى كذا: وصل ‌به‌ اليه ‌و‌ لم يتجاوزه كانه بلغ ‌به‌ النهايه، ‌و‌ هى اقصى ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يبلغه.
 
و الوقت: مقدار ‌من‌ الزمان مفروض لامر ما، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا: مده حياته المفروضه لبقائه ‌فى‌ الدنيا.
 ‌و‌ اجريت له: جعلته جاريا اى: دارا متصلا ‌لا‌ ينقطع، ‌و‌ ذلك غير حاصل ‌فى‌ الحال، فالمراد: انه حكم له بحصوله ‌و‌ اجرائه، ‌و‌ حكم الله بالحصول كنفس الحصول.
 ‌و‌ اعددت له اى: هياته له.
 
 تنبيهان
 
 الاول: يستفاد ‌من‌ قوله عليه السلام: «و عوضه ‌من‌ فعله عوضا حاضرا» الى آخره، ‌ان‌ الاعمال الصالحه قد يستحق بها الثواب ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره معا، ‌و‌ ‌هو‌ ظاهر قوله تعالى: «فاتاهم الله ثواب الدنيا ‌و‌ حسن ثواب الاخره». ‌و‌ ‌من‌ زعم ‌ان‌ الثواب ‌لا‌ يكون الا ‌فى‌ الاخره، ‌و‌ ‌ان‌ المراد بثواب الدنيا ‌فى‌ الايه: ‌ما‌ آتاهم تفضلا منه ‌او‌ لطفا بهم، ‌و‌ تسميته ثوابا على المجاز ‌و‌ التوسع، فقد تكلف. على ‌ان‌ الاخبار عن الائمه الاطهار عليهم السلام مستفيضه بان ‌من‌ الاعمال ‌ما‌ يوجب الثواب ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 فمن ذلك ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسنده عن ابى جعفر عليه السلام، انه قال: صله الارحام تزكى الاعمال، ‌و‌ تنمى الاموال، ‌و‌ تدفع البلوى، ‌و‌ تيسر الحساب، ‌و‌ تنسى ‌فى‌ الاجل.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: اعجل الخير ثوابا صله الرحم.
 ‌و‌ بسند صحيح عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: ‌من‌ اغاث اخاه المومن
 
اللهفان اللهثان عند جهده، فنفس كربته ‌و‌ اعانه على نجاح حاجته، كتب الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ له بذلك ثنتين ‌و‌ سبعين رحمه ‌من‌ الله، يعجل له منها واحده يصلح بها امر معيشته، ‌و‌ يدخر له احدى ‌و‌ سبعين رحمه ‌لا‌ فزاع يوم القيامه ‌و‌ اهواله.
 ‌و‌ الروايات ‌فى‌ هذا المعنى اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى.
 الثانى: قوله عليه السلام: «الى ‌ان‌ ينتهى ‌به‌ الوقت الى ‌ما‌ اجريت له ‌من‌ فضلك» يدل بظاهره على ‌ان‌ الروح بعد فراق البدن تتصل بما اعد الله لها ‌من‌ الثواب قبل البعث ‌و‌ الحشر، ‌و‌ ذلك ‌فى‌ مده البرزخ، فتتنعم باللذات التى اوجبها ثواب اعمالها، ‌و‌ ‌هو‌ الذى دلت عليه الاخبار المنقوله عن ائمه اهل البيت عليهم السلام، ‌و‌ قد تقدم الكلام على ذلك مبسوطا ‌فى‌ الروضه الاولى، فليرجع اليه.
 
اهمه الامر: اقلقه، ‌و‌ همه هما- ‌من‌ باب قتل-: مثله.
 ‌و‌ احزنه: احدث له حزنا، ‌و‌ ‌هو‌ حاله نفسانيه تحصل لتوقع مكروه، ‌او‌ وقوعه، ‌او‌ فوات محبوب ‌فى‌ الماضى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «حزنه» يقال: احزنه احزانا ‌و‌ حزنه حزنا- ‌من‌ باب قتل- بمعنى
 قال اليزيدى: احزنه لغه تميم، ‌و‌ حزنه لغه قريش، ‌و‌ عليها بنى مخزوم.
 ‌و‌ تحزب القوم: صاروا احزابا، اى: فرقا ‌و‌ طوائف كل حزب ‌من‌ قبيله يجتمعون
 
لقتال ‌و‌ نحوه.
 ‌و‌ قال الجوهرى: تحزبوا: تجمعوا، ‌و‌ الاحزاب: الطوائف التى تجمع على محاربه الانبياء.
 ‌و‌ الضمير ‌فى‌ «عليهم»: عائد الى المسلمين، لدلاله امر الاسلام عليهم، ‌و‌ ‌من‌ جوز عوده الى اهل الشرك فقد اغرب.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فنوى»: للعطف ‌و‌ الترتيب ‌و‌ السببيه، ‌و‌ نوى الشى ء ينويه: قصده.
 ‌و‌ ‌هم‌ بالشى ء هما- ‌من‌ باب قتل-: اراده.
 ‌و‌ المراد بالجهاد هنا: جهاد ‌من‌ يريد الاستيلاء على بلاد المسلمين ‌من‌ المشركين، ‌او‌ اخذ مالهم، ‌او‌ سبى حربمهم، كما يدل عليه السياق.
 ‌و‌ قعد ‌به‌ عن حاجته: شغل، ‌و‌ اقعده: منعه.
 ‌و‌ قال ابن السكيت: ‌ما‌ يقعد ‌بى‌ عن ذلك الامر الا شغل، اى: ‌ما‌ يجلسنى.
 ‌و‌ الضعف: النقصان ‌فى‌ القوه.
 ‌و‌ ابطا عن الحضور: تاخر مجيوه ‌و‌ لم يسرع. قال الزجاج: يقال: بطو الرجل بطوء ‌من‌ باب قرب، ‌و‌ ابطا ابطاء.
 ‌و‌ الفاقه: الفقر ‌و‌ الحاجه.
 ‌و‌ الحادث: الامر يحدث ‌و‌ يتجدد وجوده بعد ‌ان‌ لم يكن.
 ‌و‌ عرض له مانع- ‌من‌ باب ضرب- اى: اعترض له فمنعه ‌من‌ المضى.
 ‌و‌ دون ارادته اى: قبل حصول مراده، ‌من‌ باب اطلاق المصدر على اسم
 
المفعول.
 فاكتب اسمه ‌فى‌ العابدين: اى: مع اسماء العابدين، ففى بمعنى «مع» نحو «ادخلوا ‌فى‌ امم»، ‌او‌ ‌فى‌ جمله اسمائهم، فهى للظرفيه مجازا ‌و‌ انما قال: ‌فى‌ العابدين لان الجهاد احد العبادات الخمس.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «فى الغازين» ‌و‌ ‌هو‌ الانسب، ‌و‌ كتابه اسمه مجاز عن الامر بكتابته، بان يظهر ذلك للملك ‌و‌ يامره بانفاذه ‌و‌ كتابته ‌فى‌ كتاب المحو ‌و‌ الاثبات، ‌او‌ ‌فى‌ ديوان العابدين ‌و‌ صحائف اعمالهم، ‌او‌ عن تعلق الحكم ‌به‌ ‌و‌ ايجابه نحو: «كتب الله لاغلبن انا ‌و‌ رسلى» ‌اى‌ حكم ‌و‌ قضى ‌و‌ اثبت ‌و‌ اوجب ‌و‌ عبر عن ذلك بالكتابه لانها ادوم ‌و‌ اثبت.
 ‌و‌ الثواب: ‌هو‌ النفع الخالص المستحق المقارن للتعظيم ‌و‌ التبجيل، ‌و‌ ثواب المجاهدين ‌هو‌ الموعود ‌به‌ ‌فى‌ القرآن ‌من‌ جنات ‌و‌ عيون ‌و‌ رزق كريم.
 ‌و‌ النظام العقد المنظوم ‌من‌ الجوهر ‌و‌ نحوه، ‌و‌ يطلق على السلك الذى ينظم به، ‌و‌ على الصف ‌من‌ الجراد.
 قال ‌فى‌ الاساس: جاءنا نظم ‌من‌ جراد ‌و‌ نظام منه.
 ‌و‌ كل ‌من‌ هذه المعانى محتمل هنا على الاستعاره.
 ‌و‌ عطف الصالحين على الشهداء ‌من‌ عطف العام على الخاص. ‌و‌ مدار هذا الفصل ‌من‌ الدعاء على طلب اثابه ‌من‌ نوى غزوا ‌او‌ جهادا ‌و‌ لم يفعله لعذر، ثواب ‌من‌ عمله ‌و‌ باشره بجوارحه، ‌و‌ اثابه المومن بنيته امر متفق عليه بين الامه.
 روى ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسند صحيح عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ‌ان‌ العبد المومن الفقير ليقول: ‌يا‌ رب ارزقنى حتى افعل كذا ‌و‌ كذا ‌من‌ البر ‌و‌ وجوه
 
الخير، فاذا علم الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ذلك منه بصدق نيته كتب الله له ‌من‌ الاجر مثل ‌ما‌ يكتب له لو عمله، ‌ان‌ الله واسع كريم.
 ‌و‌ روى مسلم ‌فى‌ صحيحه باسناده عن رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: ‌من‌ طلب الشهاده صادقا اعطيها ‌و‌ لو لم تصبه، ‌و‌ باسناده آخر عنه صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: ‌من‌ طلب الشهاده بصدق بلغه الله منازل الشهداء ‌و‌ ‌ان‌ مات على فراشه
 ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: ‌ان‌ بعض اصحاب اميرالمومنين عليه السلام، قال له لما اظفره الله سبحانه باصحاب الجمل: وددت ‌ان‌ اخى فلانا كان شاهدنا، ليرى ‌ما‌ نصرك الله ‌به‌ على اعدائك، فقال عليه السلام: اهوى اخيك معنا؟ قال: نعم، قال: فقد شهدنا، ‌و‌ الله لقد شهدنا ‌فى‌ عسكرنا هذا قوم ‌فى‌ اصلاب الرجال ‌و‌ ارحام النساء، سيرعف بهم الزمان ‌و‌ يقوى بهم الايمان.
 قال بعض الشارحين لكلامه عليه السلام: قوله: فقد شهدنا، حكم بالحضور بالقوه، ‌او‌ بحضور نفسه ‌و‌ همته على تقدير محبته للحضور، ‌و‌ ‌كم‌ انسان يحصل بحضور همته- ‌و‌ ‌ان‌ لم يحضر ببدنه- كثير نفع، اما باستجلاب الرجال، ‌او‌ بتاثير الهمه ‌فى‌ تفريق اعداء الله كما تفعله همم اولياء الله، بحيث ‌لا‌ يحصل مثل ذلك النفع ‌من‌ ابدان كثيره حاضره ‌و‌ ‌ان‌ قويت ‌و‌ عظمت، انتهى.
 
ختم الدعاء بالصلاه على محمد ‌و‌ آله صلى الله ‌و‌ سلم عليهم، لما ورد ‌فى‌ الصحيح: ‌لا‌ يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد ‌و‌ آله.
 
 
و المشهور ‌ان‌ الصلاه ‌من‌ الله الرحمه، ‌و‌ ‌من‌ الملائكه الاستغفار، ‌و‌ ‌من‌ المومنين الدعاء.
 قال بعض المحققين: ‌و‌ التحقيق انها تستعمل ‌فى‌ قدر يشترك بينها ‌و‌ ‌هو‌ الامداد، لان المدد كما يصل ‌من‌ فوق بالافاضه يصل ‌من‌ تحت بالاستفاضه
 ‌و‌ ‌آل‌ محمد عندنا: عترته الطاهره ‌من‌ اهل العصمه عليهم السلام، ‌و‌ ‌لا‌ وجه لتخصيص الشهيد الثانى باميرالمومنين عليه السلام ‌و‌ فاطمه ‌و‌ الحسنين عليهم السلام.
 ‌و‌ للعامه اختلافات، فقيل: آله: امته، ‌و‌ قيل: عشيرته، ‌و‌ قيل: ‌من‌ حرم عليه الزكاه ‌من‌ بنى هاشم ‌و‌ عبدالمطلب.
 ‌و‌ قوله: «عاليه على الصلوات» اى: مرتفعه عليها ‌فى‌ الشرف ‌و‌ الرتبه ‌و‌ القدر.
 ‌و‌ مشرفه اى: مرتفعه، ‌من‌ اشرف الموضع اى: ارتفع فهو مشرف.
 ‌و‌ التحيات: جمع تحيه، ‌و‌ هى تفعله ‌من‌ الحياه، يقال: حياك الله اى: ابقاك حيا، ثم استعملت التحيه ‌فى‌ مطلق الدعاء ‌و‌ السلام.
 ‌و‌ معنى علوها على الصلوات ‌و‌ اشرافها على التحيات: اختصاصها بمزيد فضل منه تعالى، يميزها عن سائر الصلوات ‌و‌ التحيات، كما اختص المدعو له بمزيد فضل ميزه عن غيره ‌من‌ الانبياء ‌و‌ المرسلين.
 ‌و‌ انتهى الامر: بلغ النهايه، ‌و‌ ‌هو‌ اقصى ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يبلغه.
 ‌و‌ الامد: الغايه، يقال: انتهى امده، اى: بلغ غايته.
 ‌و‌ انقطع الكلام: وقف. ‌و‌ عددها اى: عدها ‌و‌ احصاوها، ‌او‌ مبلغها ‌و‌ مقدارها.
 
و طلب نفى انتهاء امدها ‌و‌ انقطاع عددها ‌من‌ باب نفى الشى ء بنفى لازمه، كما تقدم بيانه ‌فى‌ الروضه الاولى.
 ‌و‌ قوله: «كاتم ‌ما‌ مضى» ظرف مستقر متعلق بمحذوف، اما صفه ثانيه للصلاه، ‌او‌ حال منها لتخصصها بالصفه، ‌او‌ نعت لمصدر موكد محذوف، اى: صلاه كاتم ‌ما‌ مضى.
 ‌و‌ ما: نكره ‌او‌ موصوله، ‌و‌ من: بيانيه، اى: كاتم شى ء مضى ‌من‌ صلواتك، ‌او‌ كاتم الذى مضى ‌من‌ صلواتك، ‌و‌ قد تقدم الكلام على نظير هذا التشبيه ‌فى‌ آخر الروضه العشرين، فليرجع اليه.
 قوله عليه السلام: «انك المنان الحميد» الى آخره، تذييل للكلام السابق، ‌و‌ تعليل لاستدعاء الاجابه، ‌من‌ حيث ‌ان‌ اتصافه بالصفات المذكوره مستدع لها.
 ‌و‌ قصر الصفات عليه لاظهار اختصاص دعائه عليه السلام ‌به‌ تعالى، ‌و‌ انقطاع رجائه عما سواه بالكليه.
 ‌و‌ المنان: صيغه مبالغه ‌من‌ المن، قال ابن الاثير: المنان: ‌هو‌ المنعم المعطى، ‌من‌ المن بمعنى: العطاء، ‌لا‌ ‌من‌ المنه.
 ‌و‌ كثيرا ‌ما‌ يراد المن ‌فى‌ كلامهم بمعنى الاحسان الى ‌من‌ ‌لا‌ يستثيبه ‌و‌ ‌لا‌ يطلب الجزاء عليه.
 قال البرهان الرشيدى: ‌ان‌ صفات الله تعالى التى على صيغه المبالغه كلها مجاز، لانها موضوعه للمبالغه، ‌و‌ ‌لا‌ مبالغه فيها، فان المبالغه تكون ‌فى‌ صفات تقبل الزياده ‌و‌ النقصان، ‌و‌ صفات الله منزهه عن ذلك ‌و‌ استحسنه الشيخ تقى الدين السبكى.
 
و قال الزركشى ‌فى‌ البرهان: التحقيق ‌ان‌ صيغ المبالغه قسمان: احدهما: ‌ما‌ تحصل المبالغه فيه بحسب زياده الفعل، ‌و‌ الثانى: بحسب تعدد المفعولات. ‌و‌ ‌لا‌ ‌شك‌ ‌ان‌ تعددها ‌لا‌ يوجب للفعل زياده، اذ الفعل الواحد قد يقع على جماعه متعددين، ‌و‌ على هذا تنزل صفاته تعالى ‌و‌ يرتفع الاشكال، انتهى.
 ‌و‌ الحميد: المحمود على كل حال، فعيل بمعنى مفعول.
 ‌و‌ المبدى ء المعيد معناهما: الموجد، لكن الايجاد اذا لم يكن مسبوقا بمثله سمى ابداء، لتعلقه بالاشياء ابتداء ‌من‌ غير سابق مثال، ‌و‌ اذا كان مسبوقا بمثله سمى اعاده، ‌و‌ الله تعالى بدا الخلق ثم ‌هو‌ الذى يعيدهم، اى: يبعثهم يوم القيامه، قال الله تعالى: «كما بدانا اول خلق نعيده» «انه ‌هو‌ يبدى ‌و‌ يعيد».
 ‌و‌ الفعال لما يريد: الذى ‌لا‌ يتخلف عن ارادته مراد ‌و‌ ‌لا‌ يمنعه عنه مانع، اذ ‌لا‌ حكم لاحد عليه البته، ‌و‌ المبالغه لما مر ‌من‌ انها بحسب تعدد المفعولات ‌و‌ كثرتها، اذ كان ‌ما‌ يفعله ‌و‌ يريده ‌فى‌ غايه الكثره.
 ‌و‌ قيل: معنى المبالغه فيه ‌ان‌ ‌ما‌ يريده فانه يفعله البته، ‌لا‌ يصرفه عنه صارف، قال تعالى: «ان ربك فعال لما يريد»، ‌و‌ الله اعلم.
 هذا آخر الروضه السابعه ‌و‌ العشرين ‌من‌ رياض السالكين، ‌و‌ قد وفق الله تعالى للفراغ ‌من‌ تحريرها صبيحه يوم الاربعاء، لاربع خلون ‌من‌ ذى القعده الحرام سنه احدى ‌و‌ مائه ‌و‌ الف، ‌و‌ لله الحمد.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^