فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 30

بسم الله الرحمن الرحيم


 الحمد لله الملك الديان، المنعم المنان، المستعان ‌به‌ على قضاء الحقوق، المستعاذ ‌به‌ ‌من‌ الاثام ‌و‌ الفسوق ، والصلاه على نبيه الذى ربح بهديه المحقون ‌و‌ خسر المبطلون ‌و‌ على اهل بيته الذين يهدون بالحق ‌و‌ ‌به‌ يعدلون.
 ‌و‌ بعد فهذه الروضه الثلاثون ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيدالعابدين، صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الهادين، املاء العبد الراجى فضل ربه السنى على صدرالدين الحسينى الحسنى، منحه الله معونته ‌و‌ كفاه بطوله موونته.
 
المعونه: اسم ‌من‌ استعان ‌به‌ فاعانه، ‌و‌ وزنها مفعله بضم العين، ‌و‌ بعضهم يجعل الميم اصليه ‌و‌ يقول: هى فعوله ماخوذه ‌من‌ الماعون، ‌و‌ ‌هو‌ ماخوذ ‌من‌ المعن، ‌و‌ ‌هو‌ السهل اليسير لسهولته ‌و‌ تيسيره.
 ‌و‌ القضاء هنا: بمعنى الاداء، يقال: قضيت الدين اقضيته قضاء اى: اديته اداء، ‌و‌ منه قوله تعالى: «فاذا قضيتم مناسككم»، «فاذا قضيتم الصلاه» اى: اديتموها.
 ‌و‌ المراد بالدين هنا: ‌ما‌ ثبت ‌فى‌ الذمه ‌من‌ مال لاخر سواء كان موجلا ‌ام‌ لم يكن، فيشمل السلف ‌و‌ القرض.
 ‌و‌ قال ‌فى‌ القاموس: الدين: ‌ما‌ له اجل، ‌و‌ ‌ما‌ ‌لا‌ اجل له فقرض.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ كل معامله يكون احد العوضين فيها موجلا، ‌و‌ اما القرض: فهو اعطاء شى ء ليستعيد عوضه وقتا آخر ‌من‌ غير تعيين للوقت، ‌و‌ ‌لا‌ يخفى ‌ان‌ المقصود ‌من‌ الدين هنا ‌هو‌ المعنى الاعم الذى ذكرناه اولا.
 
عاذ بالله عياذا ‌و‌ معاذا: اعتصم.
 
و اخلقت الثوب اخلاقا: جعلته خلقا بفتحتين اى: باليا، يقال: خلق الثوب بالضم: اذا بلى ‌و‌ قد يقال: اخلق ايضا، فيكون الرباعى لازما ‌و‌ متعديا، ثم استعير لبذل الوجه ‌فى‌ سوال ‌او‌ دين ‌و‌ نحوهما.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: يقال للسائل: اخلقت وجهك.
 ‌و‌ ‌من‌ العجيب جعل بعض طلبه العجم الاخلاق هنا ‌من‌ اخلقه: اذا كساه ثوبا خلقا، ثم قال: معناه: انى اعوذ بك ‌من‌ دين تلبسنى بسببه ثوبا خلقا، ‌و‌ لم يتفطن ‌لا‌ يقاع الفعل على الوجه.
 ‌و‌ حار ‌فى‌ امره يحار حيرا- ‌من‌ باب تعب- ‌و‌ حيره: لم يدر وجه الصواب، فهو حيران ‌و‌ هى حيرى.
 ‌و‌ قال الازهرى: ‌و‌ اصله ‌ان‌ ينظر الانسان الى شى ء يغشاه ضووه فيصرف بصره عنه.
 ‌و‌ عرفوا الذهن بانه قوه للنفس تشتمل على الحواس الظاهره ‌و‌ الباطنه معده لاكتساب العلوم.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الذهن: الفهم ‌و‌ العقل ‌و‌ حفظ القلب ‌و‌ الفطنه.
 ‌و‌ تشعب الامر: تفرق، كانه صار ذا شعب اى: فروع.
 ‌و‌ مارسه ممارسه: عالجه.
 قال ‌فى‌ الاساس: مارس قرنه عالجه، ‌و‌ مارس الامور ‌و‌ الاعمال ‌و‌ ‌ما‌ زال يزاولها ‌و‌ يمارسها ‌و‌ الشغل بضم الشين ‌و‌ تضم الغين ‌و‌ تسكن للتخفيف: اسم ‌من‌ شغله الامر شغلا- ‌من‌ باب نفع- فالامر شاغل ‌و‌ ‌هو‌ مشغول. ‌و‌ لما كان الدين يهم صاحبه ‌و‌ يقلقه، ‌و‌ كان صاحبه ‌لا‌ يزال متفكرا ‌فى‌ دفع همه بقضائه ‌و‌ ادائه، استعمل فيه الممارسه التى تقتضى ‌ان‌ تكون ‌من‌ فاعلين يفعل احدهما بصاحبه ‌ما‌ يفعله ‌هو‌ به، ‌و‌ ‌هو‌
 
من باب الاستعاره بالكنايه، ‌و‌ الممارسه ترشيح لها.
 
الهم: الحزن، يقال: همه الامر هما ‌و‌ اهمه بالالف: اذا حزنه ‌و‌ اقلقه. ‌و‌ فرق بعضهم بينه ‌و‌ بين الغم بان الهم ‌ما‌ يقدر الانسان على ازالته كالافلاس، ‌و‌ الغم ‌ما‌ ‌لا‌ يقدر على ازالته كموت الولد.
 ‌و‌ الفكر: تردد القلب بالنظر ‌و‌ التدبر لطلب المعانى، ‌و‌ ليس ‌فى‌ الامر فكر اى: نظر ‌و‌ رويه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الفكر بالكسر: اعمال النظر ‌فى‌ الشى ء كالفكره.
 ‌و‌ المراد بفكر الدين: تردد القلب ‌و‌ التدبر ‌و‌ اعمال النظر ‌فى‌ ادائه، ‌و‌ وجوه الحيله ‌فى‌ قضائه.
 ‌و‌ السهر: عدم النوم ‌فى‌ الليل كله ‌او‌ بعضه، يقال: سهر الليل كله ‌او‌ بعضه: اذا لم ينم فيه، فهو ساهر ‌و‌ سهران، ‌و‌ اسهرته بالالف.
 ‌و‌ اضافته الى ضمير الدين ‌من‌ باب اضافه الشى ء الى سببه.
 استجاره ‌و‌ استجار به: طلب ‌ان‌ يحميه فاجاره، ‌و‌ الاصل ‌فى‌ الاستجاره: طلب المجاوره ‌و‌ هى الملاصقه ‌فى‌ السكن، لان العرب تحمى جارها ‌و‌ تمنع عنه المكروه ‌و‌ تنقذه منه، فكثر حتى استعمل ‌فى‌ مطلق طلب الحمايه ‌و‌ الانقاذ ‌من‌ المكاره.
 ‌و‌ الذله بالكسر: الهوان، ذل يذل ذلا- ‌من‌ باب ضرب- ‌و‌ الاسم الذل بالضم ‌و‌ الذله ‌و‌ المذله.
 
و التبعه على وزن كلمه: الظلامه، سميت بذلك لان صاحبها يتبع بها ظالمه.
 ‌و‌ ‌فى‌ محكم اللغه: التبعه: ‌و‌ التباعه: ‌ما‌ اتبعت ‌به‌ صاحبك ‌من‌ ظلامه ‌و‌ نحوها، ‌و‌ التبعه ‌و‌ التباعه ايضا: ‌ما‌ فيه اثم يتبع فيه، انتهى.
 ‌و‌ الوسع بالضم: الغنى ‌و‌ الثروه، ‌من‌ وسع الله عليه رزقه: بسطه ‌و‌ كثره.
 ‌و‌ الفاضل: الزائد، ‌من‌ فضل فضلا- ‌من‌ باب قتل- بمعنى: زاد، ‌و‌ منه: خذ الفضل اى: الزياده.
 ‌و‌ الكفاف بالفتح ‌من‌ العيش ‌و‌ النفقه: ‌ما‌ ليس فيه فضل: يقال: قوته كفاف اى: مقدار حاجته ‌من‌ غير زياده ‌و‌ ‌لا‌ نقصان، لانه يكف عن الناس ‌و‌ يغنى عنهم.
 ‌و‌ واصل: ‌اى‌ مواصل لى غير منقطع عنى، ‌من‌ قولهم: وصلته وصلا وصله: ‌ضد‌ هجرته، ‌و‌ واصله وصالا ‌و‌ مواصله- ‌من‌ باب قاتل-: بمعناه.
 قال ‌فى‌ الاساس: وصلنى بعد الهجر ‌و‌ واصلنى ‌و‌ صرمنى بعد الوصل ‌و‌ الصله ‌و‌ الوصال.
 ‌او‌ ‌هو‌ ‌من‌ اوصلت زيدا البلد فوصله.
 
 تتمه
 
 تشتمل على مسائل:
 الاولى: ‌فى‌ استعاذته عليه السلام ‌من‌ الدين ‌و‌ وصفه له بما وصفه اولا، ثم استعاذته ‌من‌ همه ‌و‌ فكره ‌و‌ شغله ‌و‌ سهره ثانيا، ثم استجارته ‌من‌ ذلته ‌فى‌ الحياه ‌و‌ تبعته بعد الوفاه، دليل واضح على فظاعه امر الدين ‌و‌ شده شناعته، ‌و‌ ‌هو‌ يرشد الى تاكد اجتنابه، ‌و‌ قد ورد بذلك احاديث كثيره.
 روى ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسنده عن ابى عبدالله عليه السلام، قال: قال
 
رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌لا‌ وجع الا وجع العين، ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ الا ‌هم‌ الدين.
 ‌و‌ بسنده عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: الدين ربقه الله ‌فى‌ الارض، فاذا اراد ‌ان‌ يذل عبدا وضعه ‌فى‌ عنقه.
 ‌و‌ بسنده عن عبدالرحمن ‌بن‌ الحجاج عن ابى عبدالله عليه السلام، قال: تعوذوا ‌من‌ غلبه الدين ‌و‌ غلبه الرجال ‌و‌ بوار الايم.
 ‌و‌ بسنده عن الباقر عليه السلام قال: كل ذنب يكفره القتل ‌فى‌ سبيل الله الا الدين ‌لا‌ كفاره له الا اداوه، ‌او‌ يقضى صاحبه، ‌او‌ يعفو الذى له الحق.
 ‌و‌ بسنده عن ابى عبدالله عليه السلام عن آبائه عن على عليه السلام، قال: اياكم ‌و‌ الدين، فانه مذله بالنهار مهمه بالليل، ‌و‌ قضاء ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ قضاء ‌فى‌ الاخره.
 الثانيه: اجمع اصحابنا على شده كراهيه الاستدانه مع عدم الحاجه، الا ابالصلاح فانه ذهب الى تحريمها.
 قال العلامه شهاب الدين ‌بن‌ فهد ‌فى‌ المهذب البارع: اياك ثم اياك ‌و‌ التجرى على الدين، فانه مجلبه للهم، ‌و‌ مشغله للذمه، ‌و‌ مشتت للفكر، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الدنيا مذله ‌و‌ ‌فى‌ الاخره تبعه.
 ‌و‌ حمل الى مسجد النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله ميت، فقال: على ميتكم دين؟ فقالوا: نعم درهمان ‌يا‌ رسول الله، قال: تقدموا فصلوا على ميتكم، فقال على عليه السلام: ضمنتهما عنه ‌يا‌ رسول الله، فقال: فك الله رهانك كما فككت رهان اخيك، ثم تقدم فصلى عليه.
 ‌و‌ قد ورد رخصه ‌فى‌ اباحته اذا كان له ولى يقضيه ‌او‌ مال يودى عنه، ‌و‌ الافضل
 
تركه ‌و‌ الطلب الى الله تعالى بالغنى عنه بالتسبب ‌و‌ التمعيش، ففيه مع تفريغ الذمه ‌من‌ حقوق المخلوقين ‌و‌ الراحه ‌من‌ الفكر، مواساه الصالحين ‌و‌ الفوز بثواب الكادين، حيث يقول عليه السلام: الكاد على عياله كالمجاهد ‌فى‌ سبيل الله.
 ‌و‌ قال عليه السلام: ‌من‌ بات كالا ‌فى‌ طلب الحلال غفر له، انتهى.
 ‌و‌ قال العلامه الحلى قدس سره ‌فى‌ التذكره: ‌و‌ تخف الكراهه مع الحاجه، ‌و‌ ‌ان‌ اشتدت زالت، ‌و‌ لو خاف التلف ‌و‌ ‌لا‌ وجه الا الاستدانه ‌و‌ جبت.
 قال الرضا عليه السلام: ‌من‌ طلب هذا الرزق ‌من‌ ‌حل‌ ليعود ‌به‌ على عياله ‌و‌ نفسه كان كالمجاهد ‌فى‌ سبيل الله، فان غلب عليه فليستدن على الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌و‌ على رسوله ‌ما‌ يقوت ‌به‌ عياله، فان مات ‌و‌ لم يقضه كان على الامام قضاوه، فان لم يقضه كان عليه وزره، ‌ان‌ الله تعالى يقول: «انما الصدقات للفقراء ‌و‌ المساكين ‌و‌ العاملين عليها ‌و‌ المولفه قلوبهم ‌و‌ ‌فى‌ الرقاب ‌و‌ الغارمين» فهو فقير مسكين مغرم.
 الثالثه: يجب على المستدين نيه القضاء، لانها واجبه ‌من‌ غير خلاف.
 قال الصادق عليه السلام: ‌من‌ استدان دينا فلم ينو قضاءه كان بمنزله السارق.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌من‌ كان عليه دين ينوى قضاءه كان معه ‌من‌ الله حافظان يعينانه على الاداء عن امانته، فان قصرت نيته عن الاداء قصرا عليه ‌من‌ المعونه بقدر ‌ما‌ يقصر ‌من‌ نيته.
 الرابعه: يجب على المدين المبادره الى قضاء الدين، ‌و‌ ‌لا‌ يحل تاخيره مع حلوله
 
و تمكنه ‌من‌ الاداء ‌و‌ مطالبه صاحب الدين، فان اخر ‌و‌ الحال هذه كان عاصيا، ‌و‌ وجب على الحاكم حبسه، لان الصادق عليه السلام قال: كان على عليه السلام يحبس الرجل اذا التوى على غرمائه، ثم يامر فيقسم ماله بينهم بالحصص، فان ابى باعه فقسمه بينهم يعنى ماله.
 اذا ثبت هذا، فلو اصر على الالتواء كان فاسقا، ‌لا‌ تقبل شهادته ‌و‌ ‌لا‌ تصح صلاته ‌فى‌ اول الوقت بل اذا تضيق، ‌و‌ ‌لا‌ يصح منه شى ء ‌من‌ الواجبات الموسعه المنافيه للقضاء ‌فى‌ اول اوقاتها، ‌و‌ كذا غير الديون ‌من‌ الحقوق الواجبه كالزكاه ‌و‌ الخمس، ‌و‌ ‌ان‌ لم يطالب بها الحاكم، لان اربابها ‌فى‌ العاده مطالبون، قاله العلامه الحلى ‌فى‌ التذكره.
 الخامسه: لو مات المدين ‌و‌ لم يتمكن ‌من‌ القضاء ‌و‌ لم يخلف شيئا البته، لم يكن معاقبا اذا لم ينفقه ‌فى‌ المعصيه، ‌و‌ لو انفقه ‌فى‌ المعصيه ‌او‌ لم يكن ‌فى‌ عزمه القضاء كان ماثوما.
 قال عبدالغفارى الجازى: سالت الصادق عليه السلام عن رجل مات ‌و‌ عليه دين، قال: ‌ان‌ كان اتى على يديه ‌من‌ غير فساد لم يواخذه الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ اذا علم ‌من‌ نفسه الاداء، الامن كان ‌لا‌ يريد ‌ان‌ يودى عن امانته فهو بمنزله السارق، ‌و‌ كذلك الزكاه ايضا، ‌و‌ كذلك ‌من‌ استحل ‌ان‌ يذهب بمهور النساء قاله ‌فى‌ التذكره ايضا.
 السادسه: يستحب لصاحب الدين ابراء المدين اذا مات معسرا، فعن الصادق عليه السلام: ‌ان‌ له بكل درهم عشره دراهم اذا حلله، فان لم يحلله فانما بدل درهم
 
بدرهم، ‌و‌ الله اعلم.
 
حجبه حجبا- ‌من‌ باب قتل-: منعه ‌و‌ منه قيل للبواب: حاجب، لانه يمنع ‌من‌ الدخول، ‌و‌ للستر: حجاب، لانه يمنع ‌من‌ المشاهده.
 ‌و‌ السرف بفتحتين: اسم ‌من‌ اسرف اسرافا: اذا جاوز القصد ‌و‌ تباعد عن ‌حد‌ الاعتدال مع عدم المبالاه، ‌و‌ ‌هو‌ يجرى ‌فى‌ كل امر، ‌و‌ ‌ان‌ اشتهر ‌فى‌ انفاق المال، ‌و‌ لذلك عرفه بعضهم بمجاوزه الحد ‌فى‌ النفقه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ انفاق المال الكثير ‌فى‌ الغرض الخسيس.
 ‌و‌ ازداد الشى ء ازديادا: زاد، ‌و‌ ازددت ‌من‌ الشى ء ازديادا ايضا: زدته لنفسى على ‌ما‌ كان، ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المراد هنا، اى: ‌و‌ احجبنى ‌من‌ ‌ان‌ ازيد ‌فى‌ الانفاق.
 ‌و‌ قومته تقويما فتقوم بمعنى: عدلته فتعدل، ‌و‌ منه القوام بالفتح بمعنى: العدل.
 ‌و‌ بذله بذلا- ‌من‌ باب قتل-: سمع ‌به‌ ‌و‌ اعطاه، ‌و‌ بذل له: اباحه عن طيب نفس.
 ‌و‌ قصد ‌فى‌ الامر قصدا ‌و‌ اقتصد اقتصادا: توسط ‌و‌ طلب الاسد ‌و‌ لم يجاوز الحد.
 ‌و‌ ‌فى‌ هاتين الفقرتين تلميح الى قوله تعالى: «و الذين اذا انفقوا لم يسرفوا ‌و‌ لم يقتروا ‌و‌ كان بين ذلك قواما».
 قوله عليه السلام: «و علمنى حسن التقدير» التعليم: عباره عن فعل يترتب عليه العلم بلا تخلف عنه، ‌و‌ ‌لا‌ يحصل ذلك بمجرد افاضه العلم، بل يتوقف على استعداد المتعلم بقبول الفيض ‌و‌ تلقيه ‌من‌ جهته، فمعنى تعليمه تعالى اياه: ‌ان‌ يخلق فيه بموجب
 
استعداده علما ضروريا بحسن التقدير، ‌او‌ يلقى ‌فى‌ روعه ‌ان‌ حسن التقدير هكذا ينبغى ‌ان‌ يكون، ‌و‌ المراد بالتقدير هنا: تقدير المعيشه، ‌و‌ هى الانفاق على مقدار جدته ‌لا‌ يزيد عليها ‌و‌ ‌لا‌ ينقص عنها، ‌و‌ لعل المراد بحسن التقدير: الانفاق دون الجده ‌و‌ الوسع، كما يدل عليه ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام ‌فى‌ الكافى بسنده عن معتب مولى الصادق عليه السلام، قال: قال ابوعبدالله عليه السلام ‌و‌ قد تزيد السعر بالمدينه: ‌كم‌ عندنا ‌من‌ طعام؟ قال: قلت عندنا ‌ما‌ يكفينا اشهرا كثيره، قال: اخرجه ‌و‌ بعه، قال: قلت: ‌و‌ ليس بالمدينه طعام؟ قال: بعه، فلما بعته قال: اشتر مع الناس يوما بيوم، ‌و‌ قال: ‌يا‌ معتب اجعل قوت عيالى نصفا شعيرا ‌و‌ نصفا حنطه، فان الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ يعلم انى واجد ‌ان‌ اطعمهم الحنطه على وجهها، ‌و‌ لكنى احب ‌ان‌ يرانى الله ‌و‌ قد احسنت تقدير المعيشه، ‌و‌ الله اعلم.
 ‌و‌ قد ورد ‌فى‌ مدح التقدير ‌و‌ حسنه روايات كثيره، ففى حديث اهل البيت عليهم السلام: ‌لا‌ مال لمن ‌لا‌ تقدير له.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: الكمال كل الكمال ‌فى‌ ثلاثه، ‌و‌ ذكر ‌فى‌ الثلاثه، التقدير ‌فى‌ المعيشه.
 ‌و‌ عن ابى جعفر عليه السلام قال: علامات المومن ثلاث: حسن التقدير ‌فى‌ المعيشه، ‌و‌ الصبر على النائبه، ‌و‌ التفقه ‌فى‌ الدين.
 ‌و‌ عن داود ‌بن‌ سرحان قال: رايت اباعبدالله عليه السلام يكيل تمرا بيده، فقلت: جعلت فداك لو امرت بعض ولدك ‌او‌ بعض مواليك ليكفيك، فقال:
 
 
يا داود انه ‌لا‌ يصلح المرء المسلم الا ثلاثه، التفقه ‌فى‌ الدين، ‌و‌ الصبر على النائبه، ‌و‌ حسن التقدير ‌فى‌ المعيشه.
 قوله عليه السلام: «و اقبضنى بلطفك عن التبذير» القبض ‌فى‌ الاصل: الامساك باليد، ثم توسع فيه فقيل: قبضه عن الامر- ‌من‌ باب ضرب-: اذا كفه عنه، كما قيل: امسكه عن الشى ء اى: حبسه عنه.
 ‌و‌ لطفه تعالى قيل: ‌هو‌ تربيته لكل فرد حتى يصل الى كماله اللائق ‌به‌ بحسب استعداده.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ تصرفه ‌فى‌ الذوات ‌و‌ الصفات تصرفا خفيا، بفعل الاسباب المعده لها لافاضه كمالاتها، ‌و‌ قيل غير ذلك. ‌و‌ قد سبق الكلام عليه ‌فى‌ الروضه السابعه.
 ‌و‌ التبذير: ماخوذ ‌من‌ بذر الحب، ‌و‌ ‌هو‌ القاوه ‌و‌ تفريقه ‌فى‌ الارض، ‌و‌ اختلفوا ‌فى‌ معناه.
 فقيل: ‌هو‌ تفريق المال على وجه الاسراف.
 ‌و‌ قيل: تفريقه ‌فى‌ غير المقصد.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الانفاق ‌فى‌ محرم ‌او‌ مكروه ‌او‌ على ‌من‌ ‌لا‌ يستحق.
 ‌و‌ عن مجاهد: لو انفق مدا ‌فى‌ باطل كان تبذيرا، ‌و‌ ‌من‌ ثم قال بعضهم: الفرق بين الاسراف ‌و‌ التبذير ‌ان‌ الاسراف: صرف الشى ء فيما ينبغى زائدا على ‌ما‌ ينبغى، ‌و‌ التبذير: صرف الشى ء فيما ‌لا‌ ينبغى. ‌و‌ بعباره اخرى: الاسراف: تجاوز الحد ‌فى‌ صرف المال، ‌و‌ التبذير: تفريقه ‌فى‌ غير موضعه.
 ‌و‌ كفى التبذير ذما قوله تعالى: «و آت ذا القربى حقه ‌و‌ المسكين ‌و‌ ابن السبيل
 
و ‌لا‌ تبذر تبذيرا ‌ان‌ المبذرين كانوا اخوان الشياطين ‌و‌ كان الشياطين لربه كفورا».
 اجرى عليه الرزق اجراء: جعله جاريا اى: دارا متصلا، ‌و‌ منه: الارزاق جاريه اى: داره متصله.
 ‌و‌ الاسباب: جمع سبب، ‌و‌ اصله الحبل الذى يتوصل ‌به‌ الى الماء، فاستعير لكل ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى شى ء.
 ‌و‌ الحلال: كل شى ء ‌لا‌ يعاقب عليه باستعماله.
 ‌و‌ الارزاق: جمع رزق ‌و‌ ‌هو‌ عندنا ‌و‌ عند المعتزله: كل ‌ما‌ صح انتفاع الحيوان به، سواء كان بالتغذى ‌او‌ بغيره، ‌و‌ ليس لاحد منعه منه، فليس الحرام رزقا، ‌و‌ قد تقدم الكلام على ذلك مبسوطا.
 ‌و‌ وجهت الشى ء الى جهه توجيها: صرفت وجهه اليها ‌و‌ جعلته تلقاءها، ‌و‌ منه: ‌و‌ وجهت الشى ء الى جهه توجيها: صرفت وجهه اليها ‌و‌ جعلته تلقاءها، ‌و‌ منه: وجهت فلانا ‌فى‌ حاجه اى: ارسلته، ‌و‌ وجه الامير الجيش اى: بعثهم.
 ‌و‌ معنى توجيه الانفاق ‌فى‌ ابواب البر: جعله مصروفا فيها.
 ‌و‌ الابواب: جمع باب، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ تقدير فعل بفتحتين، ‌و‌ لهذا قلبت الواو الفا ‌و‌ ابواب البر: انواعه ‌و‌ وجوهه، كان كل نوع منها باب يدخل الى البر منه.
 ‌و‌ البر بالكسر: اسم جامع للطاعات ‌و‌ اعمال الخير المقربه الى الله تعالى.
 ‌و‌ الانفاق: اخراج المال، يقال: انفق ماله: اذا اخرجه ‌من‌ ملكه، ‌و‌ ‌فى‌ هاتين الفقرتين دليل على حسن توفر الارزاق وسعتها ‌من‌ الحلال، ‌و‌ انفاقها ‌فى‌ وجوه البر.
 
و يدل على ذلك ايضا ‌ما‌ روى عن الصادق عليه السلام انه قال: ‌لا‌ خير فيمن ‌لا‌ يحب جمع المال ‌من‌ حلال، يكف ‌به‌ وجهه، ‌و‌ يقضى ‌به‌ دينه، ‌و‌ يصل ‌به‌ رحمه.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: نعم العون الدنيا على الاخره.
 ‌و‌ عن عبدالله ‌بن‌ يعفور قال: قال رجل لابى عبدالله عليه السلام: ‌و‌ الله انا لنطلب الدنيا ‌و‌ نحب ‌ان‌ نوتاها، فقال: تحب ‌ان‌ تصنع بها ماذا؟ قال: اعودبها على نفسى ‌و‌ عيالى ‌و‌ اصل بها ‌و‌ اتصدق بها ‌و‌ احج ‌و‌ اعتمر، فقال ابوعبدالله عليه السلام: ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الاخره.
 ‌و‌ ‌فى‌ كلام بعض الاكابر: سلامه الدين ‌و‌ الدنيا بالمال، يوخذ ‌من‌ حقه ‌و‌ يوضع ‌فى‌ مستحقه. ‌و‌ الاثار ‌فى‌ هذا المعنى اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى.
 قوله عليه السلام «وازو عنى ‌من‌ المال ‌ما‌ يحدث لى مخيله» زواه عنه يزويه: نحاه ‌و‌ قبضه.
 ‌و‌ حدث الشى ء حدوثا- ‌من‌ باب قعر-: تجدد وجوده بعد ‌ان‌ كان معدوما، ‌و‌ يتعدى بالالف فيقال: احدثته.
 ‌و‌ المخيله: الخيلاء، ‌و‌ هى الكبر ‌و‌ الاعجاب.
 ‌و‌ لما كان المال الكثير كثيرا ‌ما‌ يحدث للنفوس الدنيه تكبرا ‌و‌ اعجابا، حتى يترفع صاحبه عن حسن عشره الجار ‌و‌ الصديق ‌و‌ الصاحب ‌و‌ الزائر، لفرط الاعجاب بما اوتى ‌من‌ حطام الدنيا، الذى ‌هو‌ نهب المنون ‌و‌ ميراث القرون، سال عليه السلام ربه ‌ان‌ يصرف عنه ‌من‌ المال ‌ما‌ يكون سببا للكبر ‌و‌ العجب، لانه قبيح ‌فى‌ العقل، لدلاله العقل على ‌ان‌ الشرف ‌لا‌ يحصل للانسان بان يكون كثير الحطام، ‌و‌ ‌لا‌ الدناءه
 
بان يكون قليله، ‌و‌ انه ‌لا‌ يوجب استخفافا لمن حرمه بل المواساه له ‌و‌ البر به.
 قوله عليه السلام: «او تاديا الى بغى» التادى: مطاوع اداه تاديه بمعنى: اوصله، ‌و‌ منه: ادى الامانه اى: اوصلها، ‌و‌ الاسم الاداء، يقال: اديته فتادى اى: اوصلته فوصل، ‌و‌ تادى اليه الخبر: ‌اى‌ بلغه ‌و‌ وصل اليه، ‌و‌ معناه: ‌او‌ وصولا الى بغى.
 ‌و‌ البغى ياتى لمعان، يقال: بغى بغيا: اذا سعى ‌فى‌ الفساد، ‌و‌ بغى على الناس: اذا ظلم ‌و‌ اعتدى، ‌و‌ بغى عليه: استطال ‌و‌ تكبر، ‌و‌ بغى: خرج عن طاعه ‌من‌ تجب طاعته.
 قال ابن الاثير: ‌و‌ اصل البغى: مجاوزه الحد.
 ‌و‌ قيل: اصله الطلب، ‌من‌ بغى الشى ء يبغيه: اذا طلبه، ‌و‌ لذلك قال بعضهم: حقيقه البغى: طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى ‌من‌ حيث الكميه ‌و‌ الكيفيه.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: بغى علينا فلان: خرج علينا طالبا اذانا ‌و‌ ظلمنا.
 ‌و‌ فسر البغى ‌فى‌ قوله سبحانه ‌و‌ تعالى: «و ينهى عن الفحشاء ‌و‌ المنكر ‌و‌ البغى» بالاستعلاء ‌و‌ التطاول على الناس.
 قال ‌فى‌ الكشاف: ‌هو‌ طلب التطاول بالظلم.
 ‌و‌ قال النيسابورى: النهى عن الفحشاء: عباره عن المنع ‌من‌ تحصيل اللذات الشهويه الخارجه عن اذن الشريعه، ‌و‌ النهى عن المنكر: عباره عن الافراط الحاصل ‌فى‌ آثار القوه الغضبيه، ‌من‌ ايذاء الناس ‌و‌ ايصال الشر اليهم ‌من‌ غير ‌ما‌ استحقاق، ‌و‌ النهى عن البغى: اشاره الى المنع ‌من‌ افراط القوه الوهميه، كالاستعلاء على الناس
 
و الترفع وحب الرئاسه، انتهى.
 ‌و‌ قال ابن عباس ‌فى‌ قوله تعالى: «و لو بسط الله الرزق لعباده لبغوا ‌فى‌ الارض »: بغيهم ‌فى‌ الارض طلبهم منزله بعد منزله، ‌و‌ دابه بعد دابه، ‌و‌ ملبسا بعد ملبس.
 ‌و‌ لما كان الغنى ‌و‌ الثروه موجبا ‌فى‌ الغالب للاستطاله ‌و‌ الاستعلاء على الناس ‌و‌ للظلم ‌و‌ الفساد بطرا، سال عليه السلام ربه ‌ان‌ يزوى عنه ‌من‌ المال ‌ما‌ يوصل الى التحلى بهذه الخصله الذميمه.
 قوله عليه السلام: «او ‌ما‌ اتعقب منه طغيانا» التعقب: تفعل ‌من‌ العقب ‌فى‌ قولهم: عقبت زيدا عقبا- ‌من‌ باب قتل-: اذا جئت بعده، يقال: تعقب فلان ‌من‌ كذا خيرا ‌او‌ شرا ‌و‌ استعقب اى: وجد بذلك خيرا ‌او‌ شرا بعده.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس استعقب ‌من‌ امره الندامه ‌و‌ تعقبها.
 ‌و‌ قال الفارابى ‌فى‌ ديوان الادب: تعقب رايه اى: وجد عاقبته الى خير.
 ‌و‌ المعنى: ‌و‌ ازوعنى ‌من‌ المال ‌ما‌ اجد بعد حصوله طغيانا.
 ‌و‌ الطغيان: مجاوزه الحد ‌فى‌ كل امر، ‌و‌ كل شى ء جاوز المقدار ‌و‌ الحد ‌فى‌ العصيان فهو طاغ، ‌من‌ قولهم: طغى السيل: اذا ارتفع حتى جاوز الحد ‌فى‌ الكثره.
 ‌و‌ ‌فى‌ هذه الفقره تلميح الى قوله تعالى: «ان الانسان ليطغى ‌ان‌ رآه استغنى»، اى: يطغى لئن راى نفسه مستغنيا، قيل: معناه: انه يتجاوز الحد ‌فى‌ ماكله ‌و‌ مشربه ‌و‌ نحو ذلك.
 قال قتاده: اذا اصاب مالا زاد ‌فى‌ ثيابه ‌و‌ مركبه ‌و‌ طعامه ‌و‌ شرابه فذلك طغيان.
 
و قيل: معناه: ‌ان‌ الانسان قد ينسى فضل الرب ‌و‌ عنايته ‌فى‌ حاله الاستغناء، ‌و‌ يرى ‌ان‌ ‌ما‌ حصل له بسبب جهده ‌و‌ كده، فينسب ذلك الى كفايته ‌لا‌ الى عنايه الله، ‌و‌ لم يدر انه ‌كم‌ ‌من‌ باذل وسعه ‌فى‌ الحرص لم يحصل الا على خفى حنين، ‌و‌ انه تعالى قد يرجع الغنى آخر الامر الى حاله الفقر، ليتحقق ‌ان‌ ذلك الغنى لم يكن بفعله ‌و‌ كسبه، بل بحول الله ‌و‌ قوته.
 
حبب اليه الشى ء: جعله محبوبا لديه، ‌و‌ لما كان ‌فى‌ التحبيب معنى انهاء المحبه ‌و‌ ايصالها اليه استعمل بكلمه «الى»، اى: الهمنى بلطفك محبه صحبتهم اى: معاشرتهم ‌و‌ الارتباط بهم.
 ‌و‌ لما كانت النفوس البشريه مجبوله على بغض الفقر ‌و‌ كراهيته، نافره ‌من‌ صحبه الفقراء ‌و‌ معاشرتهم، سال عليه السلام ربه ‌ان‌ يحبب اليه صحبتهم، بان يجعلها ملائمه لقلبه ليكون مائلا اليها، اذ كانت المحبه ميل القلب الى ‌ما‌ يلائمه، ‌و‌ ذلك لما ‌فى‌ صحبتهم ‌من‌ رياضه النفس ‌و‌ تحليتها بالتواضع ‌و‌ التذلل، ‌و‌ التاسى بهم ‌فى‌ القناعه باليسير ‌من‌ حطام الدنيا، ‌و‌ الرضا بالقليل ‌من‌ متاعها، ‌و‌ صيانه النفس عن الانهماك ‌فى‌ شهواتها ‌و‌ لذاتها، ‌و‌ ترك طلب المنزله ‌و‌ الجاه ‌و‌ الكرامه فيها، ‌و‌ قله الحرص على طلب الحاجات ‌و‌ الاوطار منها، ‌و‌ ترك الخلطه مع ابناء الدنيا الراغبين فيها، ‌و‌ التفرد ‌فى‌ الخلوات، ‌و‌ كثره ذكر الموت ‌و‌ فناء نعيم الدنيا ‌و‌ زوال ملكها، ‌و‌ النظر الى آثار القرون الماضيه، ‌و‌ الاعتبار بها ‌و‌ بالمبانى الخربه ‌و‌ المنازل الدارسه ‌و‌ المعالم العافيه للامم الخاليه، لنزولهم بها غالبا، ‌و‌ اعتباراتهم تصاريف الزمان ‌و‌ نوائب الحدثان، ‌و‌ اليقين بامر المعاد، ‌و‌ شده الشوق الى نعيم دار القرار مع الابرار، ‌من‌ النبيين ‌و‌ الصديقين ‌و‌ الشهداء ‌و‌ الصالحين ‌و‌ حسن اولئك رفيقا، ‌و‌ لذلك امر الله سبحانه حبيبه المختار ‌من‌ خيار خلقه، بصبره نفسه معهم ‌و‌ حبسها على صحبتهم ‌و‌ مجالستهم،
 
فقال ‌فى‌ محكم كتابه: «و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداه ‌و‌ العشى يريدون وجهه ‌و‌ ‌لا‌ تعد عيناك عنهم تريد زينه الحياه الدنيا ‌و‌ ‌لا‌ تطع ‌من‌ اغفلنا قلبه عن ذكرنا ‌و‌ اتبع هواه ‌و‌ كان امره فرطا».
 قال المفسرون: المراد بهم: فقراء المومنين، مثل عمار ‌و‌ خباب ‌و‌ سلمان ‌و‌ ابى ذر ‌و‌ غيرهم، ‌و‌ قيل: اصحاب الصفه ‌و‌ كانوا نحو سبعمائه رجل.
 قيل: انه قال قوم ‌من‌ روساء الكفره لرسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: نح هولاء الموالى الذين كان ريحهم ريح الضان حتى نجالسك، كما قال قوم نوح عليه السلام: «انومن لك ‌و‌ اتبعك الا رذلون»، فنزلت الايه.
 ‌و‌ روى عن سلمان ‌و‌ خباب قالا: جاء الاقرع ‌بن‌ حابس التميمى، ‌و‌ عيينه ‌بن‌ الحصين الفزارى، ‌و‌ عباس ‌بن‌ مرداس، ‌و‌ ذووهم ‌من‌ الموله قلوبهم، فوجدوا النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله جالسا مع ناس ‌من‌ ضعفاء المومنين، فلما راوهم حوله صلى الله عليه ‌و‌ آله حقروهم، فاتوه صلى الله عليه ‌و‌ آله فقالوا: ‌يا‌ رسول الله لو جلست ‌فى‌ صدر المجلس ‌و‌ نفيت عنا هولاء ‌و‌ ارواح جبابهم- ‌و‌ كانت عليهم جباب ‌من‌ صوف- جالسناك ‌و‌ حادثناك ‌و‌ اخذنا عنك، فقال صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌ما‌ انا بطارد المومنين، قالوا: فانا نحب ‌ان‌ تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا فيه العرب فضلنا، فان وفود العرب تاتيك فنستحى ‌ان‌ ترانا مع هولاء الاعبد- يعنون فقراء المسلمين-، فاذا نحن جئناك فاقمهم عنا، فاذا نحن فرغنا فاقعد معهم ‌ان‌ شئت، قال صلى الله عليه ‌و‌ آله، نعم، قالوا: فاكتب لنا بذلك كتابا، فدعا بالصحيفه ‌و‌ بعلى عليه السلام ليكتب ‌و‌ نحن قعود ‌فى‌ ناحيه، فنزل جبرئيل بقوله تعالى: «و ‌لا‌ تطرد الذين يدعون ربهم بالغداه ‌و‌ العشى يريدون وجهه ‌ما‌ عليك ‌من‌ حسابهم ‌من‌ شى ء ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌
 
حسابك عليهم ‌من‌ شى ء فتطردهم فتكون ‌من‌ الظالمين»، فرمى عليه السلام بالصحيفه ‌و‌ دعانا فاتيناه ‌و‌ جلسنا عنده، ‌و‌ كنا ندنومنه حتى تمس ركبتنا ركبته، ‌و‌ كان يقوم عنا اذا اراد القيام، فنزلت «و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم» الايه، فترك القيام عنا الى ‌ان‌ نقوم عنه، ‌و‌ قال: الحمد لله الذى لم يمتنى حتى امرنى ‌ان‌ اصبر نفسى مع قوم ‌من‌ امتى، معكم الحياه ‌و‌ معكم الممات.
 ‌و‌ ‌فى‌ حديث ليله المعراج: ‌يا‌ احمد ‌ان‌ المحبه لله هى المحبه للفقراء ‌و‌ التقرب اليهم، قال: ‌يا‌ رب ‌و‌ ‌من‌ الفقراء؟ قال: الذين رضوا بالقليل، ‌و‌ صبروا على الجوع، ‌و‌ شكروا على الرخاء، ‌و‌ لم يشكوا جوعهم ‌و‌ ‌لا‌ ظماهم، ‌و‌ لم يكذبوا بالسنتهم، ‌و‌ لم يغضبوا على ربهم ‌و‌ لم يغتموا على ‌ما‌ فاتهم، ‌و‌ لم يفرحوا بما آتاهم.
 ‌و‌ كان ‌من‌ دعائه عليه السلام: اللهم احينى مسكينا، ‌و‌ امتنى مسكينا، ‌و‌ احشرنى مع المساكين.
 ‌و‌ كان سليمان عليه السلام مع ‌ما‌ اوتى ‌من‌ الملك يجالس الفقراء ‌و‌ المساكين، ‌و‌ يقول: مسكين جالس مسكينا.
 ‌و‌ كان على ‌بن‌ الحسين عليه السلام- صاحب الدعاء- كثير المجالسه للفقراء، حتى قال له نافع ‌بن‌ جبير: انك تجالس اقواما دونا، فقال له عليه السلام: انى اجالس ‌من‌ انتفع بمجالسته ‌فى‌ دينى.
 
تذنيب
 
 يشتمل على فوائد:
 الاولى: الفقير ‌و‌ المسكين: ‌من‌ ‌لا‌ يفى ماله ‌و‌ كسبه بموونته ‌و‌ موونه عياله. ‌و‌ هل الفقير اسوا حالا ‌ام‌ المسكين؟ خلاف، ‌و‌ الحق ‌ان‌ المسكين اسوا حالا، لما ورد ‌فى‌ الصحيح عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: الفقير: الذى ‌لا‌ يسال الناس، ‌و‌ المسكين اجهد منه، ‌و‌ البائس اجهدهم.
 الثانيه: ورد ‌فى‌ فضل الفقر ‌و‌ الفقراء اخبار كثيره، فعن ابى عبدالله عليه السلام قال: ‌فى‌ مناجاه موسى عليه السلام: ‌يا‌ موسى اذا رايت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، ‌و‌ اذا رايت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: المصائب منح ‌من‌ الله، ‌و‌ الفقر مخزون عند الله.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: قال اميرالمومنين عليه السلام: الفقر ازين للمومن ‌من‌ العذار على خد الفرس.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌ان‌ فقراء المومنين يتقلبون ‌فى‌ رياض الجنه قبل اغنيائهم باربعين خريفا.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌ان‌ الله ‌جل‌ ثناوه ليعتذر الى عبده المومن المحوج ‌فى‌ الدنيا كما يعتذر الاخر الى اخيه، فيقول: ‌و‌ عزتى ‌ما‌ احوجتك ‌فى‌ الدنيا ‌من‌ هوان كان بك
 
على، فارفع هذا السحف فانظر الى ‌ما‌ عوضتك ‌من‌ الدنيا، قال: فيرفع، فيقول: ‌ما‌ ضرنى ‌ما‌ منعتنى مع ‌ما‌ عوضتنى.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌ان‌ الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ يلتفت يوم القيامه الى فقراء المومنين شبيها بالمعتذر اليهم، فيقول: ‌و‌ عزتى ‌ما‌ افقرتكم ‌فى‌ الدنيا ‌من‌ هوان بكم، فمن زود منكم ‌فى‌ دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فادخلوه الجنه، قال: فيقول رجل منهم: ‌يا‌ رب ‌ان‌ اهل الدنيا تنافسوا ‌فى‌ دنياهم فنكحوا النساء ‌و‌ لبسوا الثياب اللينه ‌و‌ اكلوا الطعام ‌و‌ سكنوا الدور ‌و‌ ركبوا المشهور ‌من‌ الدواب، فاعطنى مثل ‌ما‌ اعطيتهم، فيقول تبارك ‌و‌ تعالى، لك ‌و‌ لكل عبد منكم مثل ‌ما‌ اعطيت اهل الدنيا الى ‌ان‌ انقضت الدنيا سبعون ضعفا.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: قال النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: طوبى للمساكين بالصبر، ‌و‌ ‌هم‌ الذين يرون ملكوت السماوات ‌و‌ الارض.
 ‌و‌ عنه عليه السلام قال: قال النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌يا‌ معشر المساكين طيبوا نفسا، ‌و‌ اعطوا الرضا ‌من‌ قلوبكم يثبكم الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ على فقركم، فان لم تفعلوا فلا ثواب لكم.
 الثالثه: قال بعض العلماء: اعلم ‌ان‌ ‌فى‌ ايجاد هذه الطائفه- اعنى الفقراء- حكمه جليله، تخفى على كثير ‌من‌ العقلاء ‌و‌ المترفين ‌من‌ ابناء الدنيا.
 فمنها: ‌ما‌ ورد ‌فى‌ الحديث: لولا الفقراء لم يستوجب الاغنياء الجنه ‌و‌ فيه اشاره الى معان:
 احدها: ‌ان‌ نجاه الاغنياء منحصره ‌فى‌ رعايه احوال الفقراء ‌و‌ الاحسان اليهم.
 
ثانيها: انهم رحمه للاغنياء ‌و‌ اذكار لارباب النعم، ليكون كل عاقل منهم اذ فكر فيهم ‌و‌ اعتبر باحوالهم، علم بان الذى اعطاه ‌هو‌ الذى منعهم، ‌و‌ يعلم انه لم يكن للغنى عند الله يدو احسان كافاه بهما، ‌و‌ ‌لا‌ لواحد ‌من‌ هولاء الفقراء عند الله ذنب جازاه عليه، فاذا فكر الاغنياء ‌و‌ اعتبروا احوال الفقراء عرفوا حسن مواقع النعم عندهم، فيزدادون الله شكرا يستوجبون ‌به‌ المزيد ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاجر ‌فى‌ الاخره.
 ثالثها: ‌ان‌ اهل الدين ‌و‌ ‌من‌ يومن بالاخره ‌من‌ الاغنياء، اذا نظروا اليهم ‌و‌ اعتبروا احوالهم يزدادون يقينا بالاخره، ‌و‌ يعلم كل عاقل منهم ‌ان‌ ‌من‌ بعد هذه الحياه الدنيا دارا اخرى، يجازى فيها هولاء المومنون بما صبروا على مصائب امور الدنيا، كما قال سبحانه: «انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب»
 ‌و‌ ‌من‌ الحكمه ‌فى‌ ايجادهم انهم اشد يقينا بامر الاخره ‌من‌ غيرهم ‌من‌ المترفين، ‌و‌ انهم اسرع الناس اجابه لدعوه الانبياء ‌من‌ غيرهم ‌من‌ ارباب النعم ‌و‌ الاغنياء، ‌و‌ انهم اخف موونه ‌و‌ اقل حوائج ‌و‌ اقنع باليسير، ‌و‌ انهم اكثر لذكر الله ‌فى‌ السر ‌و‌ العلانيه، ‌و‌ ارق قلوبا عند الذكر ‌و‌ اخلص ‌فى‌ الدعاء لله سبحانه ‌فى‌ السراء ‌و‌ الضراء، ‌و‌ خصال اخر كثيره لو عددناها لطال الخطاب بها، ‌و‌ انما ذكرنا طرفا ‌من‌ ذلك، لان كثيرا ‌من‌ الناس ‌و‌ ‌لا‌ سيما المترفين، اذا نظروا اليهم ظنوا بالله ظنونا فاسده.
 فمنهم ‌من‌ يرى ‌ان‌ الصواب كان انهم لم يخلقوا ‌و‌ كان ذلك خيرا لهم، ‌و‌ منهم ‌من‌ يرى ‌ان‌ الذى نالهم ‌من‌ الفقر ‌و‌ البوس لسوء حظهم ‌و‌ شومهم ‌و‌ خذلانهم، ‌و‌ منهم ‌من‌ يرى انهم معاقبون بما سلف منهم ‌فى‌ الادوار الماضيه ‌من‌ الذنوب، ‌و‌ هذا راى اصحاب التناسخ، ‌و‌ منهم ‌من‌ يرى ‌ان‌ ذلك ‌من‌ هوانهم على الله سبحانه، ‌و‌ انه ليس
 
يعبابهم ‌و‌ ‌لا‌ يهمه امرهم، ‌و‌ الا كان قادرا على ‌ان‌ يغنيهم، ‌او‌ يميتهم ‌و‌ يريحهم مماهم فيه ‌من‌ الجهد، ‌و‌ منهم ‌من‌ يرى ‌ان‌ هذا ليس يجرى بعلم عالم ‌و‌ حكمه حكيم، بل ‌هو‌ اتفاق ‌لا‌ تدبير فيه، ‌و‌ منهم ‌من‌ يرى ‌ان‌ هذا ‌من‌ موجبات احكام الفلك، ‌من‌ غير قصد قاصد ‌و‌ ‌لا‌ صنع صانع، نعوذ بالله ‌من‌ الاعتقادات الفاسده ‌و‌ الاراء الباطله.
 الرابعه: قال بعض المشايخ: الفقراء على طبقات: فقراء الاغنياء، ‌و‌ ‌هم‌ السائلون عند الفاقات القانعون بالكفايات، ‌و‌ ‌هم‌ ظهره الاغنياء ‌و‌ الذين جعل الله لهم ‌فى‌ اموال الاغنياء نصيبا.
 ‌و‌ الطبقه الثانيه: فقراء الفقراء، ‌و‌ ‌هم‌ المتحققون بالفقر المختارون للفقر الموثرون له على الغنى، ‌لا‌ يتبذلون ‌فى‌ السوال ‌و‌ ‌لا‌ يتعرضون بالمقال، يرجون العمر بالميسور ‌من‌ القوت، يحسبهم الجاهل اغنياء ‌من‌ التعفف ‌و‌ ‌هم‌ بين محروم حرم السعى ‌فى‌ الدنيا، ‌و‌ محارف انحرفت عنه الاسباب، ‌و‌ قانع بما يصل اليه، ‌و‌ معتر رضى بما يعتريه.
 ‌و‌ الطبقه الثالثه: اغنياء الفقراء، ‌و‌ ‌هم‌ الاجواد الاسخياء اهل البذل ‌و‌ العطاء، ‌لا‌ يستكثرون ‌و‌ ‌لا‌ يدخرون، ‌و‌ ‌ان‌ منعوا شكروا المانع فصار منعه عطاء، ‌و‌ ‌ان‌ ضيق عليهم حمدوا الواسع، لانه ‌هو‌ المحمود قصار ضيقه رخاء، ‌و‌ ‌ان‌ اعطوا بذلوا ‌و‌ آثروا.
 ‌و‌ كان بشر الحافى يقول: الفقراء ثلاثه: فقير ‌لا‌ يسال ‌و‌ ‌ان‌ اعطى لم ياخذ فهذا مع الروحانيين، ‌و‌ فقير ‌لا‌ يسال ‌و‌ ‌ان‌ اعطى اخذ فهو مع المقربين ‌فى‌ جنات النعيم، ‌و‌ فقير يسال عند الفاقه فهذا مع الصادقين ‌من‌ اصحاب اليمين.
 ‌و‌ حكى انه دفع الى ابراهيم التميمى ستون الفا ‌و‌ كان عليه دين ‌و‌ ‌به‌ حاجات اليها فردها، فعاتبوه ‌فى‌ ذلك فقال: كرهت ‌ان‌ امحو اسمى ‌من‌ ديوان الفقراء بستين الفا.
 
قيل لبعضهم ‌و‌ قدرئى عليه اثر الجوع ‌و‌ الضر: لم ‌لا‌ تسال الناس يطعمونك؟ فقال: عساهم يمنعون فلا يفلحون، ‌و‌ قد بلغنى الحديث: لو صدق السائل ‌ما‌ افلح ‌من‌ منعه.
 قوله عليه السلام: «و اعنى على صحبتهم بحسن الصبر» الصبر: قوه ثابته ‌و‌ ملكه راسخه بها تقدر النفس على تحمل الامور الشاقه ‌و‌ مقاومه الهوى، ‌و‌ لذلك قيل: الصبر صبران: صبر على البلاء ‌و‌ منه الرضا بالقضاء، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يستوجب ‌به‌ العبد ‌من‌ ربه الثواب، ‌و‌ صبر ‌فى‌ النعماء ‌و‌ عما يدعو اليه الهوى مع القدره عليه ‌و‌ التمكن منه، ‌و‌ ‌هو‌ صبر يدرا عنه العذاب ‌و‌ يهون عليه الصعاب.
 ‌و‌ المراد بحسن الصبر: انشراح الصدر له ‌و‌ اطمئنان النفس به، بحيث ‌لا‌ يخالطه اضطراب ‌و‌ انزعاج، هذا.
 ‌و‌ لما كان كثير ‌من‌ المترفين ‌و‌ ارباب النعم ‌من‌ يتكلف ‌و‌ يتجشم صحبه الفقراء ‌و‌ الزهاد، بتقريبهم ‌و‌ اجلالهم بمقدار ‌ما‌ يعدون ‌من‌ جمله الاخيار، ‌من‌ غير ‌ان‌ يتخلقوا باخلاقهم ‌و‌ يتادبوا بادابهم ‌و‌ يقوموا بحقوق صحبتهم، فهم يرضون ‌من‌ الجسم بالاسم ‌و‌ ‌من‌ الحميم بالشميم، سال عليه السلام ربه اعانته بحسن الصبر على صحبتهم، اذ كان فيها ‌من‌ المشاق ‌ما‌ ‌لا‌ خفاء به، فان ‌من‌ ‌حق‌ الصحبه مع الاصحاب مطلقا طلاقه الوجه ‌و‌ البشاشه، ‌و‌ الكلام ‌و‌ السلام، ‌و‌ المصافحه ‌و‌ المعانقه ‌و‌ المواكله، ‌و‌ تحصيل ‌ما‌ يحتاجون اليه، ‌و‌ دفع ‌ما‌ يغتمون منه، ‌و‌ مخالفه ‌من‌ خالفهم، ‌و‌ مرافقه ‌من‌ رافقهم، ‌و‌ تعظيمهم ‌و‌ توقيرهم، ‌و‌ عدم التهجم عليهم، ‌و‌ الصفح عن عثراتهم، ‌و‌ مداراتهم، ‌و‌ ‌ان‌ ‌لا‌ يحتجب عنهم ‌و‌ ‌لا‌ يهجرهم، ‌و‌ يبسط لهم معروفه، ‌و‌ يعاشرهم ببسط الكف، ‌و‌ صدق الوعد، ‌و‌ دوام العهد، ‌و‌ حفظ الاسرار، ‌و‌ ايثار الارفاق، ‌و‌ قبول العذر، ‌و‌ احتمال
 
الاذى، ‌و‌ صدق الوفاء ‌و‌ نشر المحاسن، ‌و‌ ستر القبائح، ‌و‌ بذل النصيحه ‌و‌ قبولها منهم، ‌و‌ ‌ان‌ يحب لهم ‌ما‌ يحبه لنفسه، ‌و‌ يكرم كل احد منهم على قدره، ‌و‌ يسترسل على سجيته، ‌و‌ يكون طوع امره ‌و‌ نهيه ‌و‌ وفق قوله ‌و‌ فعله، ‌و‌ يعود ‌من‌ مرض منهم، ‌و‌ يشهد جنازه ‌من‌ مات منهم، ‌و‌ بعض هذه الحقوق ‌لا‌ يقوم ‌به‌ كثير ‌من‌ كفاه الرجال ‌فى‌ صحبه اكفائهم ‌و‌ اقرانهم، فكيف بها ‌فى‌ صحبه الفقراء ‌و‌ المساكين؟ على ‌ان‌ رعايتها ‌فى‌ صحبتهم اوجب، لكى ‌لا‌ يستشعروا اهانه ‌و‌ استخفافا بهم، فتكسر قلوبهم فيكون الهلاك.
 ‌و‌ عن ابراهيم ‌بن‌ شيبان قال: كنا ‌لا‌ نصحب ‌من‌ يقول: نعلى.
 ‌و‌ عن احمد القلانسى ‌و‌ كان ‌من‌ مشايخ الجنيد: صحبت اقواما بالبصره فاكرمونى، فقلت مره لبعضهم: اين ازارى فسقطت عن اعينهم.
 ‌و‌ عن ابى على الرباطى قال: صحبت عبدالله المروزى، ‌و‌ كان يدخل الباديه قبل ‌ان‌ اصحبه بلا زاد، فلما صحبته قال لى: ايما احب اليك تكون انت الامير ‌ام‌ انا؟ فقلت: لابل انت الامير، قال: ‌و‌ عليك الطاعه؟ قلت: نعم، فاخذ مخلاه ‌و‌ وضع فيها الزاد ‌و‌ حملها على ظهره، فاذا قلت له: اعطنى حتى احملها، قال لى: الست انا الامير؟ فعليك الطاعه، قال: فاخذنا المطر ليله، فوقف على راسى طول الليل الى الصباح ‌و‌ عليه الكساء ‌و‌ انا جالس يمنع عنى المطر، فكنت اقول ‌فى‌ نفسى: ليتنى مت ‌و‌ لم اقل له: انت الامير، ثم قال: اذا صحبك انسان فاصحبه ‌يا‌ اخى كما رايتنى صحبتك ‌او‌ انفرد.
 ‌و‌ كان شرط ابراهيم ‌بن‌ ادهم مع ‌من‌ يصحبه ‌ان‌ يكون الخدمه ‌و‌ الاذان له، ‌و‌ ‌ان‌ يكون يده ‌فى‌ جميع ‌ما‌ يفتح الله ‌به‌ عليهم ‌من‌ الدنيا كيدهم.
 
و يحكى انه سعى بجماعه ‌من‌ الصوفيه الى بعض الخلفاء، فامر بضرب رقابهم ‌و‌ بينهم ابوالحسين النورى، فبادر الى السياف ليكون اول مقتول، فقيل له ‌فى‌ ذلك، فقال: احببت ‌ان‌ اوثر اخوانى بالحياه ‌و‌ لو بلحظه، فكان ذلك سبب تجا ‌فى‌ الخليفه عنهم.
 ‌و‌ بالجمله: فحقوق الصحبه ‌لا‌ يقوم بها الا ‌من‌ اعانه الله ‌و‌ وفقه، ‌و‌ الا فالامر فيها صعب جدا.
 روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: انه دخل غيضه مع بعض اصحابه، فاجتنى منها مسواكين احدهما معوج ‌و‌ الاخر مستقيم، فدفع المستقيم الى صاحبه، فقال: ‌يا‌ رسول الله كنت احق بالمستقيم منى، فقال صلى الله عليه ‌و‌ آله: ‌ما‌ ‌من‌ صاحب يصحب صاحبا ‌و‌ لو ساعه ‌من‌ نهار الا سئل عن صحبته، هل اقام فيه ‌حق‌ الله ‌ام‌ اضاعه، ‌و‌ الله المستعان.
 
المتاع ‌فى‌ اللغه: كل ‌ما‌ ينتفع به، كالطعام ‌و‌ البر ‌و‌ اثاث البيت، ‌و‌ اصل المتاع: ‌ما‌ ينتفع ‌به‌ ‌من‌ الزاد، ‌و‌ ‌هو‌ اسم ‌من‌ متعته بالتثقيل: اذا اعطيته ذلك.
 ‌و‌ ‌فى‌ المحكم: المتاع: المال ‌و‌ الاثاث، ‌و‌ الجمع امتعه.
 ‌و‌ نعت الدنيا بالفانيه للذم، ‌و‌ مفعول زويت محذوف اى: ‌و‌ ‌ما‌ زويته، ‌و‌ المفعول يكثر حذفه اذا كان عائدا على الموصول نحو: «اهذا الذى بعث الله رسولا» اى: بعثه.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فاذخره»: رابطه لشبه الجواب بشبه الشرط.
 ‌و‌ ذخرت الشى ء ذخرا- ‌من‌ باب نفع-: اذا عددته لوقت الحاجه اليه، ‌و‌ الاسم
 
الذخر بالضم.
 ‌و‌ خزائنه تعالى: عباره عن مقدوراته اى: ‌ما‌ تحويه قدرته ‌من‌ النعم ‌و‌ الخيرات التى يكرم بها عباده المتقين ‌فى‌ الدار الاخره، ‌و‌ لذلك وصفها بالباقيه.
 ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌فى‌ قوله عليه السلام: «فاذخره لى» ‌من‌ اضمار، اى: فاذخر عوضه لى، لان ذخر عين ‌ما‌ زواه عنه غير مطلوب، فهو كقوله تعالى: «و ‌ما‌ تقدموا لانفسكم ‌من‌ خير تجدوه عند الله» اى: تجدوا ثوابه كما اجمع عليه المفسرون.
 ‌و‌ الحق انه ‌لا‌ اضمار ‌فى‌ الايه بناء على تجسم الاعمال ‌فى‌ النشاه الاخرويه. كما قال بعض المحققين ‌فى‌ قوله تعالى: «يوم تجد كل نفس ‌ما‌ عملت ‌من‌ خير محضرا »: ليس المراد انها تجد جزاءه، بل تجده بعينه لكن ظاهرا ‌فى‌ جلباب آخر، فان الروح ‌و‌ الريحان ‌و‌ الحور ‌و‌ الثمار هى الاخلاق الزكيه ‌و‌ الاعمال الصالحه ‌و‌ الاعتقادات الحقه التى برزت ‌فى‌ هذا العالم بهذا الزى ‌و‌ اتسمت بهذا الاسم، اذ الحقيقه الواحده تختلف صورها باختلاف المواطن، فتستحلى ‌فى‌ كل موطن بحليه.
 ‌و‌ اما عباره الدعاء فلا غناء عن الاضمار فيه.
 ‌و‌ مما يناسب هاتين الفقرتين ‌ما‌ روى ‌فى‌ الحديث عن عمر ‌بن‌ الخطاب، قال: استاذنت على رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، فدخلت عليه ‌فى‌ مشربه ‌ام‌ ابراهيم، ‌و‌ انه لمضطجع على خصفه ‌و‌ ‌ان‌ بعضه على التراب، ‌و‌ تحت راسه وساده محشوه ليفا، فسلمت عليه ثم جلست، فقلت: ‌يا‌ رسول الله انت نبى الله ‌و‌ صفوته ‌و‌ خيرته ‌من‌ خلقه، ‌و‌ كسرى ‌و‌ قيصر على الذهب ‌و‌ فرش الديباج ‌و‌ الحرير، فقال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: اولئك قوم عجلت طيباتهم ‌و‌ هى ‌و‌ شيكه الانقطاع، ‌و‌ انما اخرت لنا طيباتنا.
 
خوله الله مالا: اعطاه.
 ‌و‌ الحطام بالضم ‌ما‌ تكسر ‌من‌ يابس النبات استعير لمقتنيات الدنيا، ‌و‌ وجه الاستعاره سرعه ذهابها ‌و‌ فنائها، كما يتناثر ‌و‌ يتطاير المتكسر ‌من‌ ‌يا‌ بس النبات ‌و‌ يذهب ‌فى‌ اسرع وقت.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: طارت الريح بحطام التين، ‌و‌ هذا حطام البيض لكساره، ‌و‌ منه: حطام الدنيا، شبه بالكسار تخسيسا له.
 ‌و‌ عجلت اليه المال اى: اسرعت اليه بحضوره، ‌و‌ منه قوله تعالى: «من كان يريد العاجله عجلنا له فيها ‌ما‌ نشاء»، ‌و‌ قوله تعالى: «و قالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب».
 قيل: ذكر رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله وعد الله للمومنين الجنه، فقالوا على سبيل الاستهزاء: عجل لنا نصيبنا منها.
 ‌و‌ البلغه بالضم هنا: بمعنى ‌ما‌ يتبلغ ‌و‌ يتوصل ‌به‌ الى الشى ء المطلوب كالبلاغ، ‌لا‌ بمعنى ‌ما‌ يكتفى ‌به‌ ‌من‌ العيش، ‌و‌ ‌ان‌ اشتهرت ‌فى‌ هذا المعنى.
 ‌و‌ الجوار بالضم ‌و‌ الفتح: اسم ‌من‌ جاوره مجاوره- ‌من‌ باب قاتل-: اذا ‌لا‌ صقه ‌فى‌ السكن، ‌و‌ اما الجوار بالكسر فهو مصدر كالقتال. ‌و‌ قد وردت الروايه ‌فى‌ الدعاء بالحركات الثلاث.
 ‌و‌ المراد بجواره تعالى: الحلول محل الزلفه لديه حيث تناله غواشى رحمته ‌و‌ فضله، ‌لا‌ الملاصقه ‌فى‌ السكن تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
 ‌و‌ الوصله: كالبلغه لفظا ‌و‌ معنى، ‌و‌ هى ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى المقصود.
 
و قربه تعالى: عباره عن مقام كرامته الدائمه، الذى ‌لا‌ يتغير صاحبه بعله القهر ‌و‌ ‌لا‌ يزول عنه بالستر ‌و‌ الحجاب، كما قال تعالى: «ان المتقين ‌فى‌ جنات ‌و‌ نهر ‌فى‌ مقعد صدق عند مليك مقتدر».
 ‌و‌ الذريعه: الوسيله، كالذرعه بالضم.
 قال صاحب المحكم: ‌و‌ اصل الذريعه: ‌من‌ الجمل الذى يسمونه ذريعه، ‌و‌ ‌هو‌ جمل يختل ‌به‌ الصيد، يمشى الصياد الى جنبه فيرمى الصيد اذا امكنه، ‌و‌ ذلك الجمل يسيب اولا مع الوحش حتى تالفه.
 ‌و‌ اعلم ‌ان‌ متاع الدنيا ‌و‌ مقتيناتها كما تكون سببا للشر ‌و‌ الشقاوه، تكون سببا للخير ‌و‌ السعاده ‌و‌ نيل المنزله ‌و‌ الزلفى عند الله تعالى، ‌و‌ ذلك باعتبار تناولها ‌و‌ انفاقها فيما يذم ‌و‌ يحمد، فمن تناولها على ‌اى‌ وجه اتفق، راكنا الى المال غير متفكر ‌فى‌ المال، منهمكا ‌فى‌ الدنيا غر ملتفت الى العقبى، كما قال تعالى: «رضوا بالحياه الدنيا ‌و‌ اطمانوا بها»، فهو ‌لا‌ يوثر بما ‌فى‌ يديه منها الا قضاء الاوطار ‌و‌ التمتع بالمسار، ياكل كما تاكل الانعام ‌و‌ يلعب كما يلعب الغلام، فذلك الذى يكون متاع الدنيا سببا لشقاوته السرمديه ‌و‌ خسارته الابديه، ‌و‌ ‌من‌ تناولها ‌من‌ حلها ‌و‌ انفقها ‌فى‌ محلها، متحريا رضا الله ‌و‌ وجهه فيما ياخذ ‌و‌ ينفق منها، فذلك الذى تكون مقتنيات الدنيا سببا لسعادته الاخرويه، ‌و‌ ذريعه لنجاته ‌و‌ فوزه بالمقامات السنيه، بل وسيله لنيل الفضائل الفاخره ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 كما قال اميرالمومنين صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه: ‌من‌ آتاه الله مالا فليصل ‌به‌ القرابه، ‌و‌ ليحسن منه الضيافه، ‌و‌ ليفك ‌به‌ الاسير ‌و‌ العانى ‌و‌ ليعط منه الفقير ‌و‌ الغارم، ‌و‌ ليصبر نفسه على الحقوق ‌و‌ النوائب ابتغاء الثواب فان فوزا بهذه الخصال
 
شرف مكارم الدنيا ‌و‌ فصائل الاخره.
 ‌و‌ روى انه عليه السلام دخل على العلاء ‌بن‌ زياد الحارثى ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ اصحابه يعوده ، فلما راى سعه داره قال: ‌ما‌ كنت تصنع بسعه هذه الدار ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ انت اليها ‌فى‌ الاخره احوج؟ ‌و‌ بلى ‌ان‌ شئت بلغت بها الاخره، تقرى فيها الضيف، ‌و‌ تصل فيها الرحم، ‌و‌ تطلع منها الحقوق مطالعها، فاذا انت قد بلغت بها الاخره.
 ‌و‌ على ذلك ‌ما‌ روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: نعم العون على تقوى الله الغنى.
 ‌و‌ عن ابى جعفر ‌و‌ ابى عبدالله عليهماالسلام: نعم العون الدنيا على طلب الاخره.
 اذا عرفت ذلك، علمت ‌ان‌ غرض سواله عليه السلام ‌فى‌ هذه الفقرات ‌من‌ الدعاء، طلب التوفيق لانفاق ‌ما‌ منحه الله تعالى ‌من‌ متاع الدنيا، ‌فى‌ السبيل التى توديه الى الفوز بالجنه ‌و‌ منازل المتقين ‌و‌ مقامات المقربين، ‌و‌ الله ولى التوفيق.
 ذو: بمعنى صاحب.
 ‌و‌ الفضل: الاحسان.
 ‌و‌ العظيم: نقيض الحقير، قال بعضهم: الشيئان اذا اشتركا ‌فى‌ معنى ثم كان احدهما زائدا على الاخر ‌فى‌ ذلك المعنى، سمى الزائد عظيما ‌و‌ الناقص حقيرا، سواء كانت تلك الزياده ‌فى‌ المقدار ‌او‌ ‌فى‌ معنى ‌من‌ المعانى.
 ‌و‌ الجواد: الكثير الاحسان ‌و‌ الانعام. ‌و‌ الفرق بينه ‌و‌ بين الكريم. ‌ان‌ الجواد الذى يعطى مع السوال، ‌و‌ الكريم يعطى ‌من‌ غير سوال، ‌و‌ قيل بالعكس. ‌و‌ الحق الاول،
 
لوصفه عليه السلام الجواد بالكريم.
 ‌و‌ قيل: الكريم: ‌هو‌ المقتدر على الجود، ‌و‌ قيل: معناه: العلى الرتبه، ‌و‌ منه: كرائم المواشى، لنفائسها.
 ‌و‌ الجملتان تعليل لاستدعاء المسائل السابقه منه تعالى ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه، ‌و‌ اكد الجمله الاولى لغرض كمال يقينه بمضمونها، ‌و‌ عرف المسند ‌فى‌ الثانيه بلام الجنس، لافاده قصر الجود ‌و‌ الكرم عليه سبحانه اما تحقيقا، ‌و‌ ‌هو‌ التحقيق، اذ المراد بالجود ‌و‌ الكرم هنا: فيضان الخير عنه ‌من‌ غير بخل ‌و‌ منع ‌و‌ تعويق على كل ‌من‌ يقدر ‌ان‌ يقبله بقدر ‌ما‌ يقبله، ‌و‌ هذا المعنى ليس الا لله سبحانه ‌و‌ تعالى، ‌و‌ اما مبالغه ‌فى‌ كماله ‌و‌ نقصان ‌من‌ عداه ممن يتصف بالجود ‌و‌ الكرم حتى التحق بالعدم، فصار الجنس منحصرا فيه، اذا جعل الجود ‌و‌ الكرم مقولين بالزياده ‌و‌ النقصان على ‌من‌ يتصف بهما، ‌و‌ الله اعلم.
 هذا آخر الروضه الثلاثين ‌من‌ رياض السالكين ‌فى‌ شرح صحيفه سيدالعابدين ‌و‌ امام الزاهدين، صلوات الله عليه ‌و‌ على آبائه ‌و‌ ابنائه الخلفاء الراشدين، ‌و‌ قد وفق الله لانهائها صبيح يوم الجمعه الاغر، ثانى عشر ذى الحجه الحرام آخر شهور سنه ثلاث ‌و‌ مائه ‌و‌ الف، على يد مولفها العبد على ‌بن‌ احمد الحسينى، كان الله لهما.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^