فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 32- 3

و وثقت ‌به‌ اثق ثقه: اعتمدت على وفائه.


 ‌و‌ ستر عليه: اخفى مساوئه ‌و‌ عيبوبه.
 ‌و‌ الضمير ‌من‌ «بهم» عائد الى المعنى، لان المراد بالجار ‌و‌ ذى الرحم الجنس، ‌و‌ لو اعيد الى الملفوظ ‌به‌ لثناه.
 ‌و‌ توسيط النداء ‌فى‌ الفقرتين ‌و‌ التعرض لعنوان الربوبيه للمبالغه ‌فى‌ التضرع ‌و‌ الاستعطاف.
 ‌و‌ ‌ما‌ احسن قوله عليه السلام: «فى المغفره لى»، اذ كان اصل الغفر الستر، ‌و‌ ‌حد‌ المغفره ستر الخطيئه برفع العقوبه.
 قوله عليه السلام: «و انت اولى ‌من‌ وثق به»، ‌اى‌ احق ‌من‌ اعتمد على وفائه، اذ كان الوفاء ‌من‌ كل احد لمن اعتمد عليه ‌من‌ صفات الكمال بقضيه العقل ‌و‌ الكمال للواجب تعالى اولى ‌و‌ احق، ‌و‌ اقدم ‌و‌ اتم ‌من‌ غيره.
 ‌و‌ قوله: «و اعطى ‌من‌ رغب اليه»، ‌اى‌ اكثر ‌من‌ سئل ‌و‌ رجى العطاء.
 ‌و‌ فيه شاهد لجواز بناء افعل التفضيل ‌من‌ «افعل» مع كونه ذا زياده، ‌و‌ ‌هو‌ قياس عند سيبويه.
 قال الرضى: ‌و‌ يويده كثره الاستعمال كقولهم: ‌هو‌ اعطاهم للدينار، ‌و‌ اولاهم للمعروف، ‌و‌ انت اكرم لى ‌من‌ فلان، ‌و‌ ‌هو‌ عند غير سيبويه سماعى مع كثرته.
 ‌و‌ الرافه: اشد الرحمه. ‌و‌ قيل: هى مبالغه ‌فى‌ رحمه خاصه، هى دفع المكروه،
 
و ازاله الضرر، ‌و‌ الرحمه اسم جامع. ‌و‌ قيل: الرحمه اكثر ‌من‌ الرافه، ‌و‌ الرافه اقوى منها ‌فى‌ الكيفيه، لانها عباره عن ايصال النعم صافيه عن الم ‌و‌ الرحمه ايصال النعم مطلقا، ‌و‌ كان سبحانه اراف ‌من‌ استرحم، لان رافته بلاغايه، ‌و‌ رحمته بلا نهايه.
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فارحمنى» للسببيه، ‌اى‌ اذا كنت كذلك فارحمنى.
 
حدرت الشى ء حدرا ‌و‌ حدورا- ‌من‌ باب قعد-: انزلته الى موضع منحدر، ‌اى‌ منخفض.
 ‌و‌ ‌فى‌ الصحاح: حدرت السفينه احدرها حدرا ارسلتها الى اسفل، ‌و‌ ‌لا‌ يقال: احدرتها.
 ‌و‌ «ماء» نصب على الحال.
 ‌و‌ المهين: فعيل ‌من‌ مهن الشى ء- بالضم- مهانه: ‌اى‌ حقر ‌و‌ ضعف، ‌و‌ فيه تلميح الى قوله تعالى ‌فى‌ السجده: «ثم جعل نسله ‌من‌ سلاله ‌من‌ ماء مهين» ‌و‌ ‌فى‌ المرسلات «الم نخلقكم ‌من‌ ماء مهين»
 قال الطبرسى: ‌اى‌ ضعيف، عن قتاده. ‌و‌ قيل: حقير مهان، اشاره الى انه ‌من‌ شى ء حقير، ‌لا‌ قيمه له، ‌و‌ انما يصير ذا قيمه بالعلم ‌و‌ العمل. انتهى.
 ‌و‌ الصلب- بالضم-: عظم يبتدى ‌من‌ ‌حد‌ عظم الراس الموخر، ‌و‌ ينتهى الى عظم العصعص.
 قال صاحب الكامل: ‌و‌ عظم الصلب ينقسم الى اربعه اجزاء: احدها: العنق،
 
و ‌هو‌ الرقبه، ‌و‌ الثانى: الظهر، ‌و‌ الثالث: الحقو، ‌و‌ يقال له: القطن، ‌و‌ الرابع، العجز، ‌و‌ ‌هو‌ العظم العريض.
 اما العنق فمركب ‌من‌ سبع فقرات، ‌و‌ اما الظهر فمركب ‌من‌ اثنتى عشره فقره، ‌و‌ اما الحقو فمركب ‌من‌ خمس فقرات، ‌و‌ اما العجز فمركب ‌من‌ جزاين: احدهما يسمى خاصه عظم العجز، ‌و‌ ‌هو‌ عظم عريض يتصل بالفقره الاخره ‌من‌ فقار الحقو، ‌و‌ الثانى: يقال له العصعص، ‌و‌ ‌هو‌ مولف ‌من‌ ثلاثه عظام شبيهه بالغضروف. انتهى ملخصا.
 ‌و‌ سمى الصلب صلبا، لصلابته.
 قال الرئيس ‌فى‌ القانوس: ‌ان‌ الصلب خلق ليكون مبنى لجميع عظام البدن، مثل الخشبه التى تهيا ‌فى‌ نجر السفينه اولا، ثم يركز فيها، ‌و‌ يربط بها سائر الخشب ثانيا، ‌و‌ لذلك خلق الصلب صلبا انتهى.
 ‌و‌ التضائق: تفاعل ‌من‌ الضيق، ‌و‌ ‌هو‌ خلاف السعه.
 قال الجوهرى: تضائق القوم اذا لم يتسعوا ‌فى‌ خلق ‌او‌ مكان.
 ‌و‌ المراد بتضائق العظام ‌من‌ الصلب اتصال فقراته كل منها بالاخرى اتصالا مفصليا، ‌و‌ دخول كل واحده منها ‌فى‌ حفره معموله ‌فى‌ الاخرى كما شرح ‌فى‌ علم التشريح، فكان العظام ضائق بعضها بعضا لتلاصقها ‌و‌ انتظامها، حتى كانها عظم واحد.
 ‌و‌ حرج المكان حرجا- ‌من‌ باب تعب-: ضاق، فهو حرج، ككتف.
 ‌و‌ المسالك: جمع مسلك، ‌و‌ ‌هو‌ الطريق. ‌من‌ سلكت الطريق سلوكا- ‌من‌ باب قعد-: ذهبت فيه.
 
و المراد بحرج مسالكه: ضيق تجاويف فقراته ‌و‌ ثقبها، فان الفقره عظم، مستدير، مجوف، ‌فى‌ وسطه ثقب ينفذ فيه النخاع.
 ‌و‌ اسناد الحدر الى الله تعالى ‌من‌ باب اسناد الفعل الى سببه الاول، اذ كان تعالى ‌هو‌ الاول ‌فى‌ وجوده، ‌و‌ وجود سائر اسبابه.
 ‌و‌ كون الماء ‌من‌ الصلب، اما باعتبار ‌ان‌ مبدء ماء الرجل ‌من‌ صلبه، لان مادته ‌من‌ النخاء الاتى ‌من‌ الدماغ، ‌و‌ ينحدر ‌فى‌ فقرات الصلب الى العصعص، كما ذهب اليه جم غفير، ‌و‌ اما باعتبار كون الدماغ اعظم الاعضاء معونه ‌فى‌ توليد المنى ، ‌و‌ ممره على الصلب.
 قال الرئيس ‌فى‌ القانون: ابقراط يقول ‌ما‌ معناه: ‌ان‌ جمهور ماده المنى ‌هو‌ ‌من‌ الدماغ، ‌و‌ انه ينزل ‌فى‌ العرقين اللذين خلف الاذنين، ‌و‌ لذلك يقطع فصدهما النسل، ‌و‌ يورث العقر، ‌و‌ يكون دمه لبنيا، ‌و‌ وصلا بالنخاع لئلا يبعدا عن الدماغ ‌و‌ ‌ما‌ يشبهه مسافه طويله، فيتغير مزاج ذلك العدم، بل يصبان الى النخاع، ثم الى الكليه، ثم الى العروق التى تاتى الانثيين. انتهى.
 فيكون الصلب ممرا للمنى ‌لا‌ مبدءا له، ‌و‌ تخصيصه بالذكر، على هذا، لكونه عمود البدن، كما تقدم. ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «الى رحم ضيقه» متعلق بحدرتنى.
 ‌و‌ الرحم: على وزن كتف- ‌و‌ يخفف بسكون الحاء، فتح الراء ‌و‌ مع كسرها ايضا ‌فى‌ لغه بنى كلاب، ‌و‌ ‌فى‌ لغه لهم بكسر الحاء اتباعا لكسره الراء-: آله التوليد للاناث، ‌و‌ هى مونثه. ‌و‌ قد تذكر اذا استعملت بمعنى القرابه، ‌و‌ ‌هو‌ الاكثر.
 ‌و‌ وصفها بالضيق لان مقدارها على ‌ما‌ قاله جماعه ‌من‌ ارباب التشريح اقل ‌ما‌ يكون ست اصابع، ‌و‌ اكثر ‌ما‌ يكون احد عشر اصبعا.
 
قال الشيخ ‌فى‌ القانون: طولها المعتدل ‌فى‌ النساء ‌ما‌ بين ست اصابع الى احد عشر اصبعا، ‌و‌ ‌ما‌ بين ذلك، ‌و‌ قد يقصر ‌و‌ يطول باستعمال الجماع ‌و‌ تركه. انتهى.
 ‌و‌ الحجب: جمع حجاب، ككتب ‌و‌ كتاب، ‌و‌ ‌هو‌ الجسم الساتر، ‌و‌ المراد بها الاغشيه المحيطه بها، ‌و‌ مايليها ‌من‌ الاعضاء ‌من‌ كل الجهات، فانها حجب ساتره لها.
 ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل خفض نعت ثان للرحم.
 قوله عليه السلام: «تصرفنى حالا عن حال».
 صرفت الشى ء تصريفا: قلبته ‌من‌ حاله الى حاله.
 ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل نصب على الحال.
 ‌و‌ الحال: التغيير، وصفه الشى ء تذكر ‌و‌ تونث، فيقال: حال حسنه، ‌و‌ ‌هو‌ الافصح، ‌و‌ قد يونث لفظها، فيقال: حاله.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الحال كنيه الانسان، ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ عليه كالحاله.
 ‌و‌ «حالا» نصب على المصدر النوعى لقيامه مقامه، ‌و‌ الاصل تصريف حال عن حال، فحذف المضاف ‌و‌ اقيم المضاف اليه مقامه، كما قال بعضهم ‌فى‌ نحو: بعته يدا بيد، ‌و‌ قبلته فما بفم ‌هو‌ على حذف مضاف، ‌اى‌ بيع يد بيد، ‌و‌ تقبيل فم بفم.
 قال ابن هشام: ‌و‌ هذا تقدير حسن سهل.
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يحمل على انه حال ‌من‌ مصدر الفعل المفهوم منه، ‌و‌ التقدير: تصرفنى حال كون التصريف حالا عن حال، كما ذهب اليه سيبويه ‌فى‌ نحو: «و كلا منها رغدا» على ‌ان‌ الحال بمعنى التغيير ‌او‌ حال نائبه مناب جاعلا كما ذهب اليه الفارسى ‌فى‌ نحو: كلمته فاه الى فى، ‌من‌ ‌ان‌ فاه حال نائبه مناب جاعل ثم حذف، ‌و‌ صار العامل كلمته.
 
و «عن» ‌من‌ قوله عليه السلام: «عن حال» بمعنى بعد، ‌اى‌ بعد حال، كقوله تعالى: «لتركبن طبقا عن طبق»، ‌اى‌ حاله بعد حاله.
 ‌و‌ قال شارح اللباب: ‌و‌ الاولى ‌ان‌ نقول: ‌ان‌ «عن» باقيه على معناها ‌من‌ المجاوزه، ‌و‌ يكون المعنى: طبقا متجاوزا ‌فى‌ الشده عن طبق آخر دونه.
 ‌و‌ المراد بقوله عليه السلام: «حالا عن حال» ‌و‌ قوله تعالى: «طبقا عن طبق»، التكثير ‌و‌ التكرير، ‌لا‌ حالان ‌و‌ طبقان فقط، كما يدل عليه تمام عباره الدعاء.
 ‌و‌ قال الرضى: قوله: «عن طبق» صفه طبقا، ‌و‌ ليس المقصود طبقين فقط، بل المراد اطباق كل واحد منها اعظم ‌من‌ الاخر، فهو مثل التثنيه ‌فى‌ لبيك ‌و‌ كرتين، ‌فى‌ ‌ان‌ المراد التكثير ‌و‌ التكرير، فاقتصر على اقل مراتب التكرير، ‌و‌ ‌هو‌ الاثنان تخفيفا. ‌و‌ كذا قولهم: ورث السياده كابرا عن كابر، ‌اى‌ متجاوزا ‌فى‌ الفضل عن كابر آخر، ‌و‌ قال بعضهم: ‌اى‌ بعد كابر، ‌و‌ الاولى ابقاء الحروف على معناها ‌ما‌ امكن. انتهى.
 ‌و‌ قد فسر قوله تعالى: «طبقا عن طبق» بمعنى قوله عليه السلام: «حالا عن حال» قال الطبرسى: قيل: معناه حالا بعد حال، نطفه ثم علقه، ثم مضغه، ثم عظما، ثم خلقا آخر. ‌و‌ قيل: شده بعد شده، حياه ثم موتا ثم بعثا، ثم جزاء، ‌و‌ قيل: امرا بعد امر، رخاء بعد شده، ‌و‌ شده بعد رخاء، ‌و‌ فقرا بعد غنى، ‌و‌ غنى بعد فقر، ‌و‌ صحه بعد سقم، ‌و‌ سقما بعد صحه، ‌و‌ قيل: غير ذلك. ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «حتى انتهيت ‌بى‌ الى تمام الصوره» متعلق ب«تصرفنى».
 ‌و‌ «حتى» لانتهاء الغايه ك«الى»، لكن «حتى» موضوعه لافاده تقضى الفعل قبلها شيئا فشيئا، ‌و‌ «الى» ليست كذلك.
 
و الباء ‌من‌ قوله «بى» للتعديه، ‌و‌ تسمى باء النقل ايضا. ‌و‌ هى المعاقبه للهمزه ‌فى‌ تصيير الفاعل مفعولا.
 ‌و‌ الصوره: هيئه حاصله للشى ء عند ايقاع التاليف بين اجزائه، ‌و‌ يقال: صوره الشى ء ‌ما‌ ‌به‌ يحصل الشى ء بالفعل.
 ‌و‌ «ال» ‌فى‌ «الصوره» للعهد، ‌اى‌ تمام الصوره المعهوده للانسان.
 ‌و‌ اثبت الشى ء اثباتا: جعله ثابتا، مستقرا ‌فى‌ مكانه.
 ‌و‌ الجوارح: الاعضاء، جمع جارحه.
 ‌و‌ الواو ‌من‌ قوله عليه السلام: «و اثبت ‌فى‌ الجوارح» عاطفه، ‌من‌ باب عطف الشى ء على ‌لا‌ حقه نحو: «كذلك يوحى اليك ‌و‌ الى الذين ‌من‌ قبلك»، لان الانتهاء الى تمام الصوره ‌لا‌ يكون الا بعد اثبات الجوارح، ‌و‌ كان تخصيصها بالذكر لمزيد الانتفاع بها، ‌و‌ شده الافتقار اليها، فهو ‌من‌ قبيل ذكر الشى ء اهتماما بشانه.
 قوله عليه السلام «كما نعت ‌فى‌ كتابك» الظرف ‌فى‌ محل النصب على انه نعت لقوله عليه السلام: «حالا عن حال»، ‌او‌ نعت لمصدر محذوف، ‌اى‌ تصريفا مماثلا لنعتك. فما مصدريه، ‌او‌ كافه كما ‌فى‌ «ربما» فانها تكف الحرف عن العمل، ‌و‌ تصحح دخولها على الجمله، ‌و‌ تكون للتشبيه بين مضمونى الجملتين، كما ذهب اليه الزمخشرى ‌و‌ ابن عطيه ‌و‌ غيرهما.
 قال ابن هشام: ‌و‌ فيه اخراج الكاف عما ثبت لها ‌من‌ عمل الجر لغير مقتض، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ محله.
 قوله عليه السلام: «نطفه ثم علقه»، قال شيخنا البهائى قدس سره: نصب النطفه ‌و‌ المعطوفات عليهما اما على حكايه ‌ما‌ وقع ‌فى‌ القرآن المجيد، ‌او‌ على اضمار
 
عامل كخلقتنى ‌و‌ نحوه. انتهى.
 ‌و‌ على الاول: فهى ‌و‌ ‌ما‌ عطف عليها ‌فى‌ محل نصب على المفعوليه اما بنعت لمرادفته قلت، ‌و‌ اما بقول محذوف وقع حالا، ‌اى‌ قائلا. ‌و‌ الحال كثيرا ‌ما‌ تحذف اذا كانت قولا اغنى عنه المقول نحو: «و الملائكه يدخلون عليهم ‌من‌ كل باب سلام عليكم»، اى: قائلين ذلك.
 ‌و‌ النطفه- بالضم-: المنى، قيل: ‌من‌ النطف الذى ‌هو‌ الصب، يقال: نطفت الماء، ‌اى‌ صببته، ‌و‌ نطف الماء: اذا سال سيلا تاما، ‌و‌ قيل: ‌من‌ نطف الماء اذا قطر قليلا قليلا.
 قال ‌فى‌ النهايه: سمى المنى نطفه لقلته.
 قال الشيخ الرئيس ‌فى‌ القانون، المنى: ‌هو‌ فضله الهضم الرابع الذى يكون عند توزع الغذاء ‌فى‌ الاعضاء راشحا عن العروق ‌و‌ قد استوفى الهضم، الثالث. ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ جمله الرطوبه الغريزيه القريبه العهد بالانعقاد.
 ‌و‌ العلقه: القطعه الجامده ‌من‌ الدم.
 قال الازهرى: العلقه الدم الجامد الغليظ، ‌و‌ منه قيل: لهذه الدابه التى تكون ‌فى‌ الماء علقه، لانها حمراء، ‌و‌ كل ‌دم‌ غليظ علق.
 ‌و‌ قال الماوردى ‌فى‌ تفسيره: العلقه قطعه ‌من‌ ‌دم‌ رطب سميت بذلك لانها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فاذا جفت لم تكن علقه.
 
و قال صاحب المحكم: العلق: الدم ‌ما‌ كان، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الجامد قبل ‌ان‌ ييبس، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌ما‌ اشتدت حمرته، ‌و‌ القطعه منه علقه. انتهى.
 ‌و‌ المراد بها هنا المنى المستحيل دما غليظا منجمدا.
 ‌و‌ المضغه- بالضم-: ‌فى‌ الاصل مقدار ‌ما‌ يمضغ، ‌و‌ المراد بها هنا قطعه ‌من‌ اللحم مستحيله ‌من‌ العلقه.
 ‌و‌ العظم: جسم جامد صلب بسيط، كائن ‌من‌ تصلب الاخلاط. ‌و‌ المراد بالبسيط ماساوى بعضه كله ‌فى‌ الاسم ‌و‌ الحد ‌و‌ الصفه، ‌و‌ يسمى متشابه الاجزاء.
 ‌و‌ اللحم: كذلك، الا انه جسم جامد رخوه.
 ‌و‌ المشهور ‌فى‌ الروايه افراد العظم اولا، ثم جمعه، ‌و‌ هى قراءه زيد عن يعقوب ‌فى‌ الايه الشريفه، ‌و‌ روى بالافراد فيهما ‌و‌ هى قراءه ابن عامر ‌و‌ ابى بكر، ‌و‌ بالجمع فيهما ‌و‌ هى قراءه الحرميين ‌و‌ ابى عمر ‌و‌ حفص ‌و‌ حمزه ‌و‌ الكسائى، ‌و‌ روى القطعى عن ابى زيد الجمع اولا ثم الافراد، عكس الاول.
 ‌و‌ وجه الجمع اختلاف العظام ‌فى‌ الهيئه ‌و‌ الصلابه، ‌و‌ الافراد اكتفاء بالجنس.
 
 تنبيه
 
 قوله عليه السلام «كما نعت ‌فى‌ كتابك نطفه ثم علقه» اشاره الى قوله تعالى ‌فى‌ سوره المومنون: «و لقد خلقنا الانسان ‌من‌ سلاله ‌من‌ طين ثم جعلناه نطفه ‌فى‌ قرار مكين ثم خلقنا النطفه علقه فخلقنا العلقه مضغه فخلقنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين».
 قال ابن عباس ‌و‌ عكرمه ‌و‌ قتاده ‌و‌ مقاتل: المراد بالانسان آدم عليه السلام، لانه
 
استل ‌من‌ الطين.
 ‌و‌ الضمير ‌فى‌ «جعلناه» عائد الى الانسان الذى ‌هو‌ ولده، اما على حذف مضاف، ‌اى‌ نسله، ‌او‌ على طريقه الاستخدام.
 ‌و‌ قال الاخرون: الانسان هاهنا ‌هو‌ ولد آدم، ‌اى‌ الجنس ‌و‌ الطين آدم.
 ‌و‌ السلاله: هى الاجزاء الكليه المبتوته ‌فى‌ اعضائه التى تجتمع منيا ‌فى‌ اوعيته.
 قال النيسابورى: ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يقال: كل نسل آدم حاله كذلك، لان غذاه ينتهى الى النبات المتولد ‌من‌ صفو الارض ‌و‌ الماء المسمى بالسلاله، ثم ‌ان‌ تلك السلاله تصير منيا.
 ‌و‌ ‌فى‌ تفسير القمى قال: السلاله الصفوه ‌من‌ الطعام، ‌و‌ الشراب الذى يصير نطفه، ‌و‌ النطفه اصلها ‌من‌ السلاله، ‌و‌ السلاله هى ‌من‌ صفو الطعام ‌و‌ الشراب، ‌و‌ الطعام ‌من‌ اصل الطين فهذا معنى قوله: «من سلاله ‌من‌ طين». انتهى.
 ‌و‌ على هذا فكلتا لفظتى «من» للابتداء.
 ‌و‌ قال الزمخشرى: الاولى للابتداء، ‌و‌ الثانيه للبيان.
 ‌و‌ ‌هو‌ مبنى على التفسير الاول فقط.
 ‌و‌ قال العمادى: المراد بالانسان: الجنس، ‌اى‌ خلقنا جنس الانسان ‌فى‌ ضمن خلق آدم عليه السلام خلقا اجماليا. فان كل فرد ‌من‌ افراد البشر له حظ ‌من‌ خلقه عليه السلام، اذ لم تكن فطرته الشريفه مقصوره على نفسه، بل كانت انموذجا منطويا على فطره سائر افراد الجنس، انطواء اجماليا مستتبعا لجريان آثارها على
 
الكل، فكان خلقه عليه السلام ‌من‌ الطين خلقا للكل منه، ‌و‌ قوله تعالى «ثم جعلناه» اى: الجنس باعتبار افراده المغايره لادم عليه السلام. انتهى.
 ‌و‌ ‌هو‌ تحقيق نفيس.
 ‌و‌ قوله: «نطفه» ‌اى‌ بان خلقناه منها، ‌او‌ ثم جعلنا السلاله نطفه، ‌و‌ التذكير بتاويل الجوهر، ‌او‌ المسلوك ‌او‌ الماء.
 ‌و‌ قوله: «فى قرار» ‌اى‌ ‌فى‌ مستقر، ‌و‌ ‌هو‌ الرحم، عبر عنها بالقرار الذى ‌هو‌ المصدر مبالغه.
 ‌و‌ قوله تعالى: «مكين» وصف لها بصفه ‌ما‌ استقر فيها، مثل طريق سالك، ‌او‌ لمكانتها ‌فى‌ نفسها، فانها مكنت بحيث هى.
 ‌و‌ قوله تعالى: «ثم خلقنا النطفه علقه» ‌اى‌ دما جامدا، قابلا للتمدد ‌و‌ التخلق بالزوجه ‌و‌ التماسك بحيث احلنا النطفه البيضاء علقه حمراء.
 ‌و‌ قوله: «فخلقنا العلقه مضغه» ‌اى‌ قطعه لحم، بان احلناها جسما صلبا قابلا للتفصيل ‌و‌ التخطيط ‌و‌ التصوير ‌و‌ الحفظ.
 ‌و‌ قوله: «فخلقنا المضغه عظاما» ‌اى‌ صلبناها حتى اشتدت، ‌و‌ قبلت الربط، ‌و‌ التوثيق ‌و‌ الاحكام ‌و‌ الضبط.
 ‌و‌ قوله: «فكسونا العظام لحما»، ‌اى‌ ‌من‌ بقيه النطفه ‌او‌ مما انبتنا عليها بقدرتنا مما يصل اليها ‌من‌ الدم الغاذى، ‌اى‌ كسونا كل عظم ‌من‌ تلك العظام ‌ما‌ يليق ‌به‌ ‌من‌ اللحم، على مقدار لائق به، ‌و‌ هيئه مناسبه له.
 ‌و‌ قوله تعالى: «ثم انشاناه خلقا آخر»، ‌اى‌ خلقا آخر مبائنا للاول، بنفخ الروح، حيث جعله حيوانا، ‌و‌ كان جمادا.
 ‌و‌ ‌فى‌ الايه دقائق:
 
الاولى: عبر ‌فى‌ الاول بخلقنا لصدقه على الاختراع ‌و‌ الايجاد، لعدم سبق الماده الاصليه، ‌و‌ ‌فى‌ الثانى بجعلنا، لصدقه على تحويل الماده. ثم عبر ‌فى‌ الثالثه ‌و‌ ‌ما‌ بعدها كالاول، لانه ايضا ايجاد ‌ما‌ لم يسبق.
 الثانيه: اشار بقوله: «سلاله»- ‌و‌ هى الخلاصه المختاره ‌من‌ الكيفيات الاصليه بعد الامتزاج- الى ‌ان‌ المواليد كلها اصول للانسان ‌و‌ انه المقصود بالذات، الجامع لاصولها.
 الثالثه: قوله: «فكسونا» فيه اشاره الى ‌ان‌ اللحم ليس ‌من‌ اصل الخلقه الملازمه للصوره، بل كالثياب المتخذه للزينه ‌و‌ الجمال، ‌و‌ ‌ان‌ الاعتماد على الاعضاء ‌و‌ النفس خاصه.
 الرابعه: قوله: «ثم انشاناه» سماه بعد نفخ الروح انشاء، لانه حينئذ قد تحقق بالصوره الجامعه.
 الخامسه: قوله: «خلقا آخر» ‌و‌ لم يقل: انسانا، ‌و‌ ‌لا‌ آدميا، ‌و‌ ‌لا‌ بشرا لان النظر فيه حينئذ لما سيفاض عليه ‌من‌ خلع الاسرار الالهيه فقدان خروجه ‌من‌ السجن، ‌و‌ الباس المواهب فقد يتخلق بالاخلاق الملكيه فيكون خلقا ملكيا قدسيا، ‌او‌ بالبهيميه فيكون كذلك، ‌او‌ بالحجريه، الى غير ذلك، فلذلك ابهم الامر، ‌و‌ احاله على مشيته ‌و‌ اختياره، كما صرح ‌به‌ عليه السلام بقوله: «كما شئت».
 السادسه: عطف جعل النطفه على الطينه بثم، لبعد الزمان بينهما لتوليد الاغذيه اولا، ثم التنميه، ثم فصل النطفه، ثم وضعها ‌فى‌ القرار.
 ‌و‌ عطف جعل العلقه على النطفه، كذلك لبعد الزمان ايضا لان اكتناف النطفه حتى تاخذ ‌فى‌ التخلق امر دقيق، يستدعى زمنا، ثم احاطه الاغشيه بها، ثم تسليط الحراره، ثم انفتاح فوهات العروق للتغذيه النباتيه.
 ‌و‌ عطف الباقى بالفاء التى ‌لا‌ تقتضى المهله، لسهوله الانتقال ‌فى‌ هذه المراتب، اذ تحول العلقه الى المضغه ليس الا بالتصلب، ‌و‌ هى الى العظام بزيادته، ‌و‌ اكتساء
 
العظام اللحم موقوف على الغذاء، ‌و‌ ‌هو‌ متيسر، فجاء بالفاء نظرا الى تيسر الانتقال ‌و‌ سهولته، ‌و‌ ‌ان‌ كان صيروره العلقه مضغه، ‌و‌ المضغه عظاما يستدعى زمنا.
 ثم اشار الى المرتبه السابعه التى هى «النشاه خلقا جديدا» عاطفا لها بالعاطف الاول- اعنى ثم- لانها نفخ الارواح الصادر على جهه الاختراع. فمهله الزمان هنا مهله صعوبه ‌و‌ تهويل على سوى الحكيم الاول، ‌و‌ حكمته التزام النفوس الاقرار بعظمته القاهره ‌و‌ قدرته الباهره، فتنقاد خاضعه، بخلاف العطف الاول، فانه مع ‌ما‌ ذكر يستدعى طول الزمان.
 ‌و‌ الحاصل ‌ان‌ ثم هنا لترتب الانشاء ‌و‌ تراخيه ‌فى‌ الاعجاب ‌و‌ ظهور القدره، ‌لا‌ لترتب الزمان ‌و‌ تراخيه، بخلافه ‌فى‌ الاول.
 ‌و‌ انما وقع العطف كله بثم ‌فى‌ عباره الدعاء، لان الفاء ‌فى‌ الايه الشريفه بمعنى ثم، لحصول المهله ‌و‌ التراخى ‌فى‌ معطوفها، نظرا الى حصوله بتمامه، فانه يستدعى مده، ‌و‌ ‌ان‌ تفاوتت مده التراخى ‌فى‌ السرعه ‌و‌ البطو.
 ‌و‌ قد نص على ذلك ابن هشام ‌فى‌ المغنى، فقال: الفاءات ‌فى‌ «فخلقنا العلقه» ‌و‌ ‌فى‌ «فخلقنا المضغه» ‌و‌ ‌فى‌ «فكسونا» بمعنى ثم لتراخى معطوفاتها.
 ‌و‌ ‌فى‌ جمع الجوامع ‌و‌ شرحه: تقع الفاء موقع ثم ‌فى‌ افادته الترتيب بمهله كقوله تعالى «ثم خلقنا النطفه علقه فخلقنا العلقه مضغه فخلقنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما» فالفاء ‌فى‌ الثلاثه بمعنى ثم. انتهى.
 ‌و‌ ‌لا‌ ينافى ذلك ‌ما‌ قررناه ‌من‌ ‌ان‌ اختلاف العواطف ‌فى‌ الايه الشريفه للتنبيه على تفاوت الاستحالات، فان التفاوت فيها بالنظر الى السرعه ‌و‌ البطو ‌و‌ السهوله ‌و‌ عدمها، ‌لا‌ لحصول التراخى ‌و‌ عدمه مطلقا.
 
قال البدر الدمامينى ‌فى‌ تحفه الغريب: الذى يظهر ‌من‌ كلام الجماعه ‌ان‌ استعمال الفاء فيما تراخى زمان وقوعه عن الاول، سواء استقصر ‌فى‌ العرف ‌او‌ ‌لا‌ انما ‌هو‌ بطريق المجاز. انتهى.
 ‌و‌ للرضى رحمه الله ‌فى‌ ذلك تقرير آخر، فانه قال: اعلم ‌ان‌ افاده الفاء للترتيب بلا مهله ‌لا‌ ينافيها كون الثانى المترتب يحصل بتمامه ‌فى‌ زمان طويل، اذا كان اول اجزائه متعقبا لما تقدم، كقوله تعالى: «الم ‌تر‌ ‌ان‌ الله انزل ‌من‌ السماء ماء فتصبح الارض مخضره»، فان اخضرار الارض يبتدى بعد نزول المطر، لكن يتم ‌فى‌ مده ‌و‌ مهله فجى ء بالفاء. ‌و‌ قال: فتصبح، نظرا الى انه ‌لا‌ فصل بين نزول المطر، ‌و‌ ابتداء الاخضرار، ‌و‌ لو قيل: مثلا ثم تصبح الارض مخضره، نظرا الى تمام الاخضرار، جاز.
 ‌و‌ كذا قوله تعالى: «ثم جعلناه نطفه ‌فى‌ قرار مكين، ثم جعلنا النطفه علقه»، نظرا الى تمام صيرورتها علقه، ثم قال: «فخلقنا العلقه مضغه، فخلقنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما» نظرا الى ابتداء كل طور. ثم قال: «ثم انشاناه خلقا آخر»، اما نظرا الى تمام الطور الاخير، ‌و‌ اما استبعادا لمرتبه هذا الطور الذى فيه كمال الانسانيه ‌من‌ الاطوار المتقدمه. انتهى كلامه.
 ‌و‌ ‌ما‌ قررناه اولا اولى كما ‌لا‌ يخفى. ‌و‌ الله اعلم.
 
حتى: حرف ابتداء داخل على الجمله باسرها، ‌و‌ ‌لا‌ عمل له عند الجمهور.
 ‌و‌ «اذا»: ظرفيه كما مر مرارا.
 
و الغياث- بالكسر-: اسم ‌من‌ اغاثه الله برحمته: اذا كشف شدته.
 ‌و‌ الفضل هنا بمعنى الافضال ‌و‌ الاحسان.
 ‌و‌ القوت- بالضم-: ‌ما‌ يقوم ‌به‌ بدن الانسان ‌من‌ الغذاء.
 ‌و‌ فضل فضلا- ‌من‌ باب قتل-: زاد، ‌و‌ «خذ الفضل»، ‌اى‌ الزياده، ‌اى‌ زياده طعام ‌و‌ شراب.
 ‌و‌ اجريت له نفقه: جعلتها جاريه، ‌اى‌ داره متصله.
 ‌و‌ الامه: المملوكه، ‌و‌ هى محذوفه اللام، ‌و‌ لامها واو، ‌و‌ الاصل اموه، ‌و‌ لهذا ترد ‌فى‌ التصغير فيقال: اميه، ‌و‌ الاصل اميوه.
 ‌و‌ الجوف ‌من‌ كل شى ء: باطنه ‌و‌ داخله، ‌و‌ جوف الانسان بطنه.
 ‌و‌ اودعت زيدا مالا: جعلته عنده، ليكون وديعه.
 ‌و‌ القرار ‌ما‌ قر فيه الشى ء، ‌اى‌ ثبت ‌و‌ سكر، كالمقر.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: مقر الرحم: آخرها، ‌و‌ مستقر الحمل منه، ‌و‌ الاشاره بذلك الى ‌ما‌ هياه الله تعالى للجنين ‌من‌ الغذاء ‌و‌ القوت ‌فى‌ بطن امه.
 قال ابقراط: غذاء الجنين ‌من‌ غذاء امه، ‌و‌ انما يغتذى بسرته.
 ‌و‌ قال شارح الاسباب: الجنين ‌فى‌ بطن امه يغتذى بدم الطمث، ‌و‌ بعد الخروج باللبن، ‌و‌ ‌هو‌ ‌دم‌ الطمث بعينه. ‌و‌ هذا الدم فضل ‌من‌ فضول بدن الام يغتذى باجود ‌ما‌ فيه.
 ‌و‌ قال الشيخ الرئيس ‌فى‌ القانون: ‌و‌ اعلم: ‌ان‌ ‌دم‌ الطمث ‌فى‌ الحامل ينقسم ثلاثه اقسام، قسم ينصرف ‌فى‌ الغذاء، ‌و‌ قسم يصعد الى الثدى، ‌و‌ قسم ‌هو‌ فضل، يتوقف الى ‌ان‌ ياتى وقت النفاس.
 
و قال البصير الانطاكى: ‌و‌ مبدا غذاء الجنين ‌من‌ الدم ‌فى‌ اليوم الخامس ‌و‌ الستين ‌من‌ وقوع المنى ‌فى‌ الرحم، ‌و‌ ذلك ‌فى‌ ذكر معتدل فتكون منه الدمويات كاللحم. ‌و‌ الله اعلم.
 
وكلت الامر اليه وكلا ‌من‌ باب وعد- ‌و‌ وكولا: فوضته اليه، ‌و‌ تركته يقوم به.
 ‌و‌ الحول هنا: بمعنى الاحتيال ‌و‌ ‌هو‌ تقليب الفكر حتى يهتدى الى المقصود، ‌و‌ القدره على التصرف ‌فى‌ الامور.
 ‌و‌ اضطره الى كذا: بمعنى الجاه اليه، ‌و‌ ليس له منه بد.
 ‌و‌ اعتزل عنه، ‌و‌ اعتزله: تنحى عنه جانبا، ‌من‌ عزلت الشى ء عن غيره- ‌من‌ باب ضرب-: نحيته عنه.
 ‌و‌ بعد القوه: عباره عن عدم تانيها له، ‌و‌ قدرته عليها، فجعلها بمنزله ‌من‌ بعد مكانه عنه.
 ‌و‌ مفاد هذا الفصل ‌من‌ الدعاء الاذعان له تعالى، ‌و‌ الاعتراف بلطفه به، ‌و‌ اعتنائه بامره، اذ قام له بما يحتاج اليه ‌فى‌ تلك الحالات ‌و‌ الاطوار، التى ‌لا‌ يتمكن فيها ‌من‌ حول ‌و‌ ‌لا‌ قوه، ‌و‌ ‌لا‌ يقتدر فيها على جلب منفعه ‌و‌ دفع مضره، فسبحانه ‌من‌ خالق حكيم لطيف.
 
غذوت الصبى اغذوه: اطعمته الغذاء، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يغتذى ‌به‌ ‌من‌ طعام ‌و‌ شراب.
 ‌و‌ «الفاء» للترتيب الذكرى، ‌و‌ مفادها كون ‌ما‌ بعدها كلاما مرتبا على
 
ما قبلها، الا ‌ان‌ مضمون ‌ما‌ بعدها عقيب مضمون ‌ما‌ قبلها ‌فى‌ الزمان.
 ‌و‌ غذاء منصوب على المصدر النوعى كقوله تعالى: «فاخذناهم اخذ عزيز مقتدر».
 ‌و‌ قال العلامه سنان الچلبى: الظاهر انه منصوب على المصدر، ‌لا‌ على نزع الخافض، اذ ‌لا‌ ضروره يصاربها الى التشبيه.
 ‌و‌ البر- بالفتح-: ‌هو‌ العطوف على العباد ببره ‌و‌ لطفه.
 ‌و‌ اللطيف: ‌هو‌ الذى اجتمع له الرفق ‌فى‌ الفعل، ‌و‌ العلم بدقائق المصالح، ‌و‌ ايصالها الى ‌من‌ قدرها له. ‌و‌ ‌هو‌ فعيل، ‌من‌ لطف به- ‌من‌ باب طلب- اذا رفق به، ‌و‌ اما لطف- بالضم- فبمعنى صغر ودق.
 ‌و‌ جمله قوله عليه السلام: «تفعل ذلك ‌بى‌ تطولا» مستانفه مبينه لوجه جعل القوه له ‌فى‌ تلك الحاله، ‌و‌ غذاوه اياه غذاء البر اللطيف.
 ‌و‌ التطول: الافضال ‌و‌ الاحسان، بلا غرض سابق ‌و‌ ‌لا‌ حق.
 ‌و‌ نصبه يحتمل المصدريه ‌و‌ الحاليه ‌و‌ المفعول لاجله، ‌اى‌ فعل تطول، ‌او‌ متطولا، ‌او‌ للتطول.
 ‌و‌ الظرف ‌من‌ قوله عليه السلام: «الى عنايتى هذه» لغو متعلق ب«تفعل» ‌او‌
 
ب«تطولا»، ‌او‌ مستقر صفه للتطول. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون لغوا متعلقا بقوله: «لا اعدم» قدم للاهتمام ‌و‌ العنايه، ‌من‌ حيث انه بصدد بيان استمرار بره تعالى به، ‌و‌ اتصال افضاله عليه.
 ‌و‌ على الاول فجمله «لا اعدم برك» موكده لفعله به، ‌او‌ لتطوله تعالى عليه الى غايته تلك.
 ‌و‌ الاحسن ‌ان‌ تكون مستانفه على وجه التعليل للحكم باستمرار الفعل، ‌او‌ التطول الى غايته تلك، ‌اى‌ لانى ‌لا‌ اعدم برك ‌و‌ ‌لا‌ يبطى ‌بى‌ حسن صنيعك، ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «يا ايها الذين آمنوا ‌لا‌ تتخذوا بطانه ‌من‌ دونكم ‌لا‌ يالونكم خبالا».
 قال صاحب الكشاف: يجوز ‌ان‌ تكون جمله «لا يالونكم» صفه للبطانه، كانه قيل: بطانه غير آليكم خبالا، ‌و‌ احسن منه ‌و‌ ابلغ ‌ان‌ تكون مستانفه على وجه التعليل للنهى عن اتخاذهم بطانه.
 قال السعد التفتازانى: ‌و‌ ذلك لما ‌فى‌ الاستيناف ‌من‌ الفائده، اى: ‌لا‌ تتخذوا منهم بطانه، لانهم ‌لا‌ يالونكم خبالا. انتهى.
 ‌و‌ ‌ان‌ جعلت الظرف مقدما على متعلقه فالجمله مستانفه استئنافا نحويا، ‌اى‌ منقطعه عما قبلها.
 ‌و‌ ‌ما‌ افهمه كلام بعضهم- ‌من‌ احتمال كون الجملتين ‌من‌ قوله: «لا اعدم برك، ‌و‌ ‌لا‌ يبطى ‌بى‌ حسن صنيعك» دعائيتين- عن مساق الكلام بمعزل.
 ‌و‌ عدمت الشى ء، اعدمه- ‌من‌ باب تعب- فقدته، ‌و‌ الاسم العدم، مثل قفل، ‌و‌ يتعدى الى الثانى بهمزه، فيقال: ‌لا‌ اعدمنى الله فضله.
 ‌و‌ البر- بالكسر- الخير ‌و‌ الصله، ‌و‌ الاتساع ‌فى‌ الاحسان.
 ‌و‌ ابطاء الرجل: تاخر مجيئه.
 
 
و الظرف ‌من‌ قوله «بى» متعلق ب«صنيعك» ‌لا‌ ب«يبطى» كما توهمه غير واحد، لفساد المعنى، لانه ‌لا‌ يقال ابطا ‌به‌ الا بمعنى اخره، كما ورد ‌فى‌ الحديث «من ابطا ‌به‌ عمله لم ينفعه نسبه»، اى: ‌من‌ اخره عمله السيى ء لم ينفعه ‌فى‌ الاخره شرف نسبه.
 ‌و‌ ليس معنى العباره «و ‌لا‌ يوخربى حسن صنيعك» بل «لا يتاخر حسن صنيعك بى».
 ‌و‌ المنع ‌من‌ تقديم معمول المصدر عليه انما ‌هو‌ ‌فى‌ غير الظرف ‌و‌ شبهه، كما تقدم بيانه.
 ‌و‌ ‌ان‌ حملت الباء على معنى عند ‌من‌ اثبت ذلك، فهى متعلقه ب«يبطى» غير ‌ان‌ البصريين لم يثبتوه.
 ‌و‌ الصنيع: الاحسان كما ‌فى‌ القاموس.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه «صنعك» ‌و‌ ‌هو‌ بمعناه، يقال: ‌ما‌ احسن صنع الله- بالضم- ‌و‌ صنيع الله عندك.
 ‌و‌ اكدته تاكيدا فتاكد، قويته فتقوى، ‌اى‌ ‌و‌ ‌لا‌ تتقوى مع عدم عدمى برك ‌و‌ تاخر صنيعك بى.
 ثقتى بك، ‌اى‌ اعتمادى على وفائك، ‌من‌ وثق ‌به‌ ثقه، ‌اى‌ اعتمد على وفائه.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فاتفرغ» للسببيه ‌و‌ الفعل بعدها منصوب ب«ان» مضمره لسبقها بنفى محض، كقوله تعالى: «لا يقضى عليهم فيموتوا».
 ‌و‌ تفرغ للشى ء: تخلى عما يشغله عنه.
 ‌و‌ حظى عند الناس يحظى- ‌من‌ باب تعب- حظه، وزان عده ‌و‌ حظوه- بضم
 
الحاء ‌و‌ كسرها- اذا احبوه ‌و‌ رفعوا منزلته فهو حظى، على فعيل ‌و‌ المراه حظيه اذا كانت عند زوجها كذلك.
 ‌و‌ يتعدى بالهمزه، فيقال: احظيته، اذا جعلته حظيا.
 ‌و‌ احظى ‌من‌ عباره الدعاء افعل تفضيل ‌من‌ ذلك، ‌لا‌ ‌من‌ حظى المجرد. ‌و‌ قد تقدم ‌فى‌ صدر هذه الروضه ‌ان‌ بناءه ‌من‌ ذى الزياده قياس عند سيبويه، كقولهم: انت اكرم لى ‌من‌ فلان ‌اى‌ لما ‌هو‌ اشد احظاء لى عندك.
 
و جمله قوله عليه السلام «قد ملك الشيطان عنانى» مستانفه استينافيا بيانيا، كانه سئل: كيف ‌لا‌ تتاكد مع ذلك ثقتك؟ فقال: قد ملك الشيطان عنانى.
 ‌و‌ ملك عنانه: عباره عن استيلائه عليه ‌و‌ تمكنه منه ‌و‌ هى استعاره تمثيليه ‌او‌ مكنيه مرشحا.
 ‌و‌ «فى» ‌من‌ قوله: «فى سوء الظن» للظرفيه المجازيه متعلقه بملك، جعل سوء الظن ‌و‌ ضعف اليقين كالمحل الملك الشيطان عنانه.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فانا اشكو» للسببيه.
 ‌و‌ المجاوره: مصدر جاوره اذا ‌لا‌ صقه ‌فى‌ السكن. ‌و‌ مجاوره الشيطان له كنايه عن قريه منه دائما، كما نطق ‌به‌ الخبر النبوى: ‌ان‌ الشيطان يجرى ‌من‌ ابن آدم مجرى الدم» ‌و‌ ‌فى‌ خبر آخر «لولا ‌ان‌ الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السماوات». ‌و‌ قرب ‌من‌ كان كذلك ظاهر.
 ‌و‌ الطاعه: اسم ‌من‌ اطاعه اطاعه، ‌اى‌ انقاد له.
 قالوا: ‌و‌ ‌لا‌ تكون الطاعه الا عن امر، كما ‌ان‌ الجواب ‌لا‌ يكون الا عن قول.
 ‌و‌ استعصمك: ‌اى‌ اسالك العصمه ‌و‌ هى الحفظ ‌و‌ الوقايه، ‌من‌ عصمه الله ‌من‌
 
المكروه يعصمه- ‌من‌ باب ضرب-، ‌اى‌ حفظه ‌و‌ وقاه.
 ‌و‌ الملكه- محركه الملك-: مصدر ملكت الشى ء».
 قال ‌فى‌ القاموس: ملكه يملكه ملكا- محركه- احتواه قادرا على الاستبداد به. انتهى.
 ‌و‌ قد يفسر الملك بانه اتصال بين الانسان ‌و‌ بين شى ء يكون مبيحا لتصرفه فيه، ‌و‌ مانعا عن تصرف غيره فيه ‌و‌ ‌هو‌ هنا مجاز عن استيلائه ‌و‌ استحواذه عليه. ‌و‌ الله اعلم.
 قال شيخنا البهائى قدس سره: المراد بهذا الفصل ‌من‌ الدعاء ‌و‌ معناه انه كان ينبغى ‌ان‌ يكون وثوقى بك ‌و‌ اعتمادى عليك ‌فى‌ ايصال رزقى ‌و‌ كفايه مهماتى موكدا حتى ‌لا‌ اصرف غالب اوقاتى ‌فى‌ السعى ‌فى‌ ذلك، بل اكون فارغا مشتغلا بما يوجب زياده حظى ‌من‌ عبادتك ‌و‌ الانقطاع اليك ‌و‌ العكوف على بابك. انتهى.
 ‌و‌ ‌من‌ كلام بعض العارفين: ‌من‌ اراد ‌ان‌ يذوق شيئا ‌من‌ احوال اهل العرفان فليكن كما كان ‌فى‌ بطن امه مدبرا غير مدبر ‌و‌ مرزوقا ‌من‌ حيث ‌لا‌ يعلم. ‌و‌ الله اعلم.
 تضرع الى الله ابتهل، ‌اى‌ اجتهد ‌و‌ بالغ ‌فى‌ الدعاء.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: تضرع الى الله: ابتهل ‌و‌ تذلل، ‌او‌ تعرض بطلب الحاجه.
 
و سهل الله الشى ء- بالتشديد- جعله سهلا، غير صعب.
 ‌و‌ السبيل هنا، يحتمل ‌ان‌ يكون بمعنى الطريق ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون بمعنى السبب
 
و الوصله ‌و‌ منه قوله تعالى: «يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا».
 قال الجوهرى: ‌اى‌ سببا ‌و‌ وصله.
 ‌و‌ الذى ذكره المفسرون: انه بمعنى الطريق.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فلك الحمد» للترتيب الذكرى، نحو: «فنعم الماهدون».
 ‌و‌ النعم: جمع نعمه ‌و‌ هى ‌ما‌ قصد ‌به‌ الاحسان ‌و‌ النفع.
 ‌و‌ ‌فى‌ مجمل اللغه: النعمه: اليد البيضاء الصالحه.
 ‌و‌ نعمه الله: ‌ما‌ اعطاه العبد مما ‌لا‌ يمكن غيره ‌ان‌ يعطيه كالسمع ‌و‌ البصر.
 ‌و‌ جسم الشى ء جسامه، كضخم ضخامه: عظم فهو جسيم ‌و‌ هى جسيمه ‌و‌ الجمع جسام.
 ‌و‌ الالهام: ‌ان‌ يلقى الله ‌فى‌ نفس العبد بطريق الفيض امرا يبعثه على الفعل ‌او‌ الترك. قالوا: ‌و‌ ‌هو‌ نوع ‌من‌ الوحى يخص الله ‌به‌ ‌من‌ يشاء ‌من‌ عباده.
 ‌و‌ الاحسان: فعل ‌ما‌ يحسن فعله ‌من‌ الخير.
 ‌و‌ الانعام: ايصال النعمه.
 ‌و‌ تسهيل الرزق: تيسيره.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و ‌ان‌ تقنعنى» معطوف على قوله سابقا: «ان تسهل الى رزقى سبيلا». ‌و‌ ‌فى‌ روايه: «و اقنعنى بتقديرك» ‌و‌ ‌هو‌ معطوف على ‌ما‌ قبله ‌و‌ ‌هو‌ قوله:
 
«و سهل على رزقى».
 ‌و‌ قنع بالشى ء يقنع قنعا ‌و‌ قناعه- ‌من‌ باب تعب-، رضى ‌به‌ ‌و‌ يتعدى بالهمزه، فيقال: اقنعنى ‌و‌ قد يعدى بالتضعيف كما وردت ‌به‌ الروايه الاولى ‌فى‌ الدعاء.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: قنع بالشى ء ‌و‌ اقتنع ‌و‌ تقنع. انتهى.
 فقوله: «و تقنع» مطاوع قنعه بالتضعيف. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون التضعيف ‌فى‌ عباره الدعاء للتكثير ‌و‌ التاكيد.
 ‌و‌ تقدير الشى ء: جعله بمقدار خاص ‌و‌ المراد هنا تقدير رزقه المخصوص بمقدار خاص.
 ‌و‌ الحصه- بالكسر- النصيب.
 ‌و‌ قسم الله له الرزق: عينه ‌و‌ فرزه ‌من‌ غيره حسب ‌ما‌ تقتضيه مشيئته ‌و‌ حكمته تعالى، كما قال تعالى «نحن قسمنا بينهم معيشتهم ‌فى‌ الحياه الدنيا ‌و‌ رفعنا بعضهم فوق بعض درجات».
 ‌و‌ «ان تجعل»: ‌اى‌ تصير، ‌من‌ الجعل بمعنى التصيير المتعدى الى مفعولين نحو: جعلت الفضه خاتما ‌و‌ اول المفعولين: «ما ذهب» ‌و‌ الثانى: الظرف ‌و‌ التقدير: كائنا ‌فى‌ سبيل طاعتك، فان خبر صار ‌فى‌ الحقيقه ‌هو‌ الكون المقدر العامل ‌فى‌ الظرف.
 ‌و‌ الغرض سواله تعالى ‌ان‌ تصير جمله ‌ما‌ ذهب ‌من‌ جسمه ‌و‌ عمره معدودا ‌فى‌ سبيل طاعته، بتبديل ‌ما‌ ذهب فيه منهما ‌من‌ غير الطاعه طاعه، ‌من‌ باب تبديل السيئات حسنات، كما قال تعالى: «الامن تاب ‌و‌ آمن ‌و‌ عمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات».
 
و جمله قوله عليه السلام: «انك خير الرازقين» تعليل لما تقدم ‌من‌ السوال ‌و‌ تحريك لسلسله الاجابه.
 ‌و‌ كونه تعالى خير الرازقين، لانه خالق الارزاق ‌و‌ معطيها بلا عوض ‌و‌ لانه يعطى المزيد ‌من‌ يشكره على رزقه.
 قال العلامه الطبرسى ‌فى‌ قوله «و ارزقنا ‌و‌ انت خير الرازقين»: ‌فى‌ هذا دلاله على ‌ان‌ العباد قد يرزق بعضهم بعضا، لانه لو لم يكن كذلك لم يصح ‌ان‌ يقال له سبحانه: انت خير الرازقين، كما ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يقال: انت خير الالهه، لما لم يكن غيره الها ‌و‌ الله اعلم.
 
غلظ الشى ء- بالضم- غلظا- كعنب-: خلاف رق ‌و‌ غلظ على خصمه ‌و‌ تغلظ عليه: تشدد. ‌و‌ منه «يا ايها النبى جاهد الكفار ‌و‌ المنافقين ‌و‌ اغلظ عليهم».
 ‌و‌ توعده: تهدده.
 ‌و‌ صدف عنه يصدف- ‌من‌ باب ضرب- صدوفا: اعرض.
 ‌و‌ الباء ‌فى‌ الموضعين مثلها ‌فى‌ كتبت بالقلم ‌و‌ قطعت بالسكين.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الكشاف: ‌و‌ النار جوهر لطيف مضى ء، حار محرق ‌و‌ النور ضووها وضوء كل نير ‌و‌ ‌هو‌ نقيض الظلمه. ‌و‌ اشتقاقها ‌من‌ نار ينور، اذا نفر، لان فيها حركه ‌و‌ اضطرابا ‌و‌ النور مشتق منها ‌و‌ الظلمه عباره عن عدم النور ‌و‌ انطماسه. انتهى.
 قال صاحب الكشف: اورد عليه ‌ان‌ الاضاءه ‌لا‌ تعتبر ‌فى‌ حقيقتها ‌و‌ ليست
 
شامله لما ثبت ‌فى‌ الكتب الحكميه ‌ان‌ النار الاصليه حيث الاثير شفافه، لالون لها ‌و‌ كذلك اورد بعضهم ‌فى‌ الاحراق.
 ‌و‌ الجواب ‌ان‌ البحث فيما وضع له اللفظ بحسب اللغه ‌و‌ ‌لا‌ ‌شك‌ ‌فى‌ اعتبار هذا المجموع فيه. ‌و‌ اما النار التى عند الاثير فمن يسلم وجودها؟ ‌و‌ ‌ان‌ سلم، فانى لاجلاف العرب العلم بها، ‌ان‌ قلنا: ‌ان‌ الاسماء اصطلاحيه ‌و‌ ‌ان‌ قلنا: انها توقيفيه فلا ‌شك‌ انها لاعلام ‌من‌ يقصد بالخطاب ‌و‌ ‌ان‌ العرب توارثها صاغرا عن كابر الى ‌ان‌ انتهى الى ذلك الموحى اليه ‌و‌ الملهم. ‌و‌ حيث لم يعلمهم بان اللفظ موضوع لذلك ايضا، ‌او‌ للقدر المشترك، ‌دل‌ على انه بمعزل عن نظره ‌فى‌ هذا الاطلاق ‌و‌ ‌ان‌ كان عالما ‌به‌ كما هو.
 ‌و‌ اما الاحراق فلا ‌شك‌ انه ‌من‌ اخص اوصافها، التى اذا زال عنها لم يميز بينها ‌و‌ بين ذى ضوء آخر. اللهم الا ‌ان‌ يسبق العلم بان عدم الاحراق لمانع، كنار الخليل صلوات الله عليه.
 ‌و‌ قوله: «و النور ضووها فيه توسع. ‌و‌ التحقيق ‌ان‌ الضوء فرع النور، يطلق على الشعاع المنبسط ‌و‌ النور يطلق على ‌ما‌ للشى ء ‌فى‌ نفسه كالنور القائم بنفس الشمس ‌و‌ لهذا يقع على الذوات الجوهريه، بخلاف الضوء.
 ‌و‌ قوله: «و الظلمه عباره عن عدم النور» ‌هو‌ المطابق للغه ‌و‌ عليه المحققون ‌و‌ زياده عما ‌من‌ شانه النور غير مسموعه. انتهى.
 قال السعد التفتازانى: اذا اجرى عدم النور على اطلاقه كان بين النور ‌و‌ الظلمه تقابل الايجاب ‌و‌ السلب ‌و‌ ‌ان‌ زيد عما ‌من‌ شانه فبينهما تقابل الملكه ‌و‌ العدم ‌و‌ عند بعض المتكلمين هى عرض ينافى النور، فبينهما تقابل التضاد. انتهى.
 ‌و‌ هى على هذا وجوديه ‌و‌ على الاولين عدميه. ‌و‌ على التقادير يصح ‌ان‌ النور
 
نقيض للظلمه، اى: مناف لها.
 اذا عرفت ذلك فقوله عليه السلام: «و ‌من‌ نار نورها ظلمه» وصف لتلك النار بما يميزها عن نيران الدنيا ‌و‌ يبين ‌هو‌ لها ‌و‌ فظاعه امرها، اذ كان النور ‌لا‌ ينفك عن شى ء ‌من‌ النيران المعهوده ‌و‌ كون نورها ظلمه مما يهول النفوس ‌و‌ يروع القلوب.
 ‌و‌ المعنى: انه ‌لا‌ نور لها، بل هى سوداء مظلمه ‌و‌ انما عبر عن ذلك بقوله: «نورها ظلمه»، لما تقرر ‌فى‌ النفوس ‌من‌ ‌ان‌ النار ‌لا‌ تكون الا ذات نور، فحكم بان نور هذه النار ظلمه، لعدم استنارتها ‌و‌ اشراقها، بمعنى ‌ان‌ الظلمه فيها بمنزله النور. ‌و‌ لم يقل: ‌لا‌ نور لها لئلا يتوهم انها شفافه ‌لا‌ ضوء لها، كما يقوله الحكماء ‌فى‌ كره الاثير.
 ‌و‌ قد ورد ‌فى‌ الحديث ‌ما‌ يطابق معنى هذه الصفه لنار الاخره.
 روى الترمذى ‌و‌ غيره ‌ان‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم قال: اوقد على النار الف سنه حتى احمرت، ثم اوقد عليها الف سنه حتى ابيضت، ثم اوقد عليها الف سنه حتى اسودت، فهى سوداء مظلمه.
 زاد ‌فى‌ روايه: كسواد الليل.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه فهى اشد سوادا ‌من‌ القار. ‌اى‌ الزفت.
 ‌و‌ ‌فى‌ حديث آخر: ‌ان‌ جهنم سوداء مظلمه، ‌لا‌ ضوء لها ‌و‌ ‌لا‌ للهبها.
 ‌و‌ كان سلمان الفارسى- رضى الله عليه- يقول: نار الاخره سوداء مظلمه ‌لا‌ يضى ء لهبها ‌و‌ ‌لا‌ حرها.
 
قوله عليه السلام «و هينها اليم» هان الشى ء هونا: لان ‌و‌ سهل، فهو هين.
 ‌و‌ الاليم: الموجع. قال العلامه الطبرسى: ‌هو‌ فعيل بمعنى مفعل، كالسميع بمعنى المسمع ‌و‌ النذير: بمعنى المنذر ‌و‌ البديع: بمعنى المبدع.
 ‌و‌ قال الجوهرى: الاليم المولم، مثل السميع بمعنى المسمع.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الاليم المولم ‌و‌ ‌من‌ العذاب الذى يبلغ ايجاعه غايه البلوغ. انتهى.
 ‌و‌ ‌ما‌ قاله بعضهم ‌من‌ ‌ان‌ فعيلا بمعنى المفعل ليس يثبت لاالتفات اليه بعد نص اساطين اهل اللغه عليه. ‌و‌ المعنى ظاهر.
 ‌و‌ عن ابن عباس لو ‌ان‌ قطره ‌من‌ الزقوم قطرت ‌فى‌ الارض، لامرت على اهل الارض معيشتهم، فكيف بمن ‌هو‌ طعامه، ليس له طعام غيره.
 قوله عليه السلام: «و بعيدها قريب» يحتمل وجوها ‌من‌ التفسير:
 احدها: ‌ان‌ يكون المراد بالبعيد ‌ما‌ يستبعد وقوعه ‌و‌ يستعظم شانه ‌و‌ بالقريب خلافه.
 قال ابن الاثير ‌فى‌ النهايه: يقال: هذا امر بعيد، ‌اى‌ ‌لا‌ يقع مثله لعظمه.
 فيكون المعنى: ‌ان‌ ‌ما‌ تستبعده العقول ‌من‌ امرها قريب الوقوع فيها، ‌لا‌ بعد فيه، فاعتبار البعد ‌و‌ القرب بالنسبه الى الامكان.
 ‌و‌ ‌به‌ فسر الزمخشرى ‌و‌ غيره قوله تعالى ‌فى‌ سوره المعارج: «انهم يرونه بعيدا ‌و‌ نراه قريبا»، قال ‌فى‌ الكشاف: المراد بالبعيد البعيد ‌من‌ الامكان ‌و‌ بالقريب القريب
 
منه.
 الثانى: ‌ان‌ البعيد منها مكانا ‌لا‌ يمنعه بعده ‌من‌ اصابه حرها ‌و‌ عذابها، بل ‌هو‌ قريب بالنسبه اليها، كما روى: لو ‌ان‌ رجلا كان بالمشرق ‌و‌ جهنم بالمغرب، ثم كشف عن غطاء منها لغلت جمجمته.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: لو كان احدكم بالمشرق ‌و‌ كانت النار بالمغرب ثم كشف عنها لخرج دماغ احدكم ‌من‌ منخريه ‌من‌ شده حرها.
 الثالث: ‌ان‌ يكون تلميحا الى قوله تعالى ‌فى‌ العنكبوت: «يستعجلونك بالعذاب ‌و‌ ‌ان‌ جهنم لمحيطه بالكافرين»، ‌اى‌ محيطه بهم الان، تنزيلا لشى ء سيقع قريبا منزله الواقع.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ على حقيقته ‌من‌ معنى الحال، فان مبادى احاطه النار بهم ‌من‌ الكفر ‌و‌ المعاصى المتشكله ‌فى‌ هذه النشاه بصوره الاعمال ‌و‌ الاخلاق، هى بعينها جهنم التى ستظهر ‌فى‌ النشاه الاخرويه بصوره النار ‌و‌ عقاربها ‌و‌ حياتها، كما نص عليه كثير ‌من‌ ارباب العرفان.
 ‌و‌ كون بعيدها قريبا على هذين القولين ظاهر، لاخفاء به. ‌و‌ الله اعلم بمقاصد اوليائه.
 
الاكل حقيقه: بلغ الطعام بعد مضغه، ثم استعير للاحراق ‌فى‌ النار.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز اكلت النار الحطب. ‌و‌ اتكلت النار اشتد التهابها، كانما ياكل بعضها بعضا. انتهى.
 
و ‌فى‌ الحديث عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله قال: اشتكت النار الى ربها، فقالت: رب، اكل بعضى بعضا، فجعل لها نفسين، نفسا ‌فى‌ الشتاء ‌و‌ نفسا ‌فى‌ الصيف، فشده ‌ما‌ تجدون ‌من‌ البرد ‌من‌ زمهريرها ‌و‌ شده ‌ما‌ تجدون ‌من‌ الحر ‌من‌ سمومها.
 وصال على قرنه يصول صولا حمل عليه وسطابه ‌و‌ ‌فى‌ خطبه لاميرالمومنين عليه السلام: «اعلمتم ‌ان‌ مالكا اذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه».
 قال ابن ابى الحديد: ‌و‌ حطم بعضها بعضا: كسره ‌او‌ اكله.
 ‌و‌ تذر العظام رميما، ‌اى‌ تتركها رميما ‌من‌ «و ذرت الشى ء اذره ‌و‌ ذرا، ‌اى‌ تركته». قالوا: ‌و‌ اماتت العرب ماضيه ‌و‌ مصدره، فاذا اريد الماضى قيل: ترك ‌و‌ ‌لا‌ يستعمل منه اسم الفاعل.
 ورم العظم يرم- ‌من‌ باب ضرب-، اذا بلى، فهو رميم.
 قال الجوهرى: ‌و‌ انما قال تعالى: «قال ‌من‌ يحيى العظام ‌و‌ هى رميم»، لان فعيلا ‌و‌ فعولا قد يستوى فيهما المذكر ‌و‌ المونث ‌و‌ الجمع، مثل رسول ‌و‌ عدو ‌و‌ صديق.
 ‌و‌ قال الزمخشرى ‌فى‌ الكشاف: الرميم اسم لما بلى ‌من‌ العظام غير صفه، كالرمه ‌و‌ الرفات، فلا يقال: لم لم يونث ‌و‌ قد وقع خبرا لمونث ‌و‌ ‌لا‌ ‌هو‌ فعيل بمعنى فاعل ‌او‌ مفعول.
 ‌و‌ الحميم: الماء الحار الشديد الحراره ‌و‌ قد تكرر ذكره ‌فى‌ القرآن المجيد.
 ‌و‌ اسناد السقى الى النار مجاز عقلى، لانها سبب لشربهم له. ‌و‌ الله اعلم.
 
قال ابن الاثير ‌فى‌ النهايه: ‌فى‌ حديث الدعاء «لا تبقى ‌من‌ تضرع اليها»، يعنى النار، يقال: ابقيت عليه، ابقى، ابقاء: اذا رحمته ‌و‌ اشفقت عليه. ‌و‌ الاسم البقيا.
 ‌و‌ قال الجوهرى: ابقيت على فلان اذا ارعيت عليه ‌و‌ رحمته، يقال: ‌لا‌ ابقى الله عليك ‌ان‌ ابقيت على ‌و‌ الاسم منه البقيا، قال:
 ‌و‌ ‌ما‌ بقيا على تركتمانى
 ‌و‌ لكن خفتما صرد النبال
 ‌و‌ استعطفه: ساله ‌ان‌ يعطف عليه، ‌اى‌ يشفق عليه ‌و‌ يرق له.
 ‌و‌ قدر على الشى ء يقدر- ‌من‌ باب ضرب-: قوى عليه ‌و‌ تمكن منه.
 ‌و‌ خشع له يخشع خشوعا: ذل ‌و‌ خضع.
 ‌و‌ استسلم: اذعن له ‌و‌ انقاد.
 ‌و‌ التخفيف: اعم ‌من‌ ‌ان‌ يكون كما ‌و‌ كيفا. فما وقع ‌فى‌ بعض التفاسير ‌فى‌ قوله تعالى: «خالدين فيها ‌لا‌ يخفف عنهم العذاب»، ‌ان‌ جمله «لا يخفف» مستانفه لبيان كثره عذابهم ‌من‌ حيث الكيف، اثر كثرته ‌من‌ حيث الكم، ليس بمتعين.
 ‌و‌ الجمله ‌من‌ قوله: «تلقى سكانها» مستانفه استئنافا بيانيا، كانه سئل: كيف ‌لا‌ تبقى على ‌من‌ تضرع اليها، فقال: تلقى سكانها باحر مالديها.
 ‌و‌ النكال- بالفتح- العقوبه التى ينكل الناس عن فعل ‌ما‌ جعلت له جزاء ‌من‌ نكل عن الامر، اذا احجم ‌و‌ امتنع.
 
و قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: نكل عن العدو نكولا ‌و‌ نكلته عن كذا: فطمته ‌و‌ نكلت ‌به‌ تنكيلا، جعلت غيره ينكل ‌ان‌ يفعل مثل فعله ‌و‌ ‌هو‌ النكال.
 ‌و‌ الوبال: سوء العاقبه. قال الفيومى: الوبال- بالفتح- ‌من‌ وبل المرتع- بالضم- وبالا ‌و‌ وباله. بمعنى وخم، سواء كان المرعى رطبا، ‌او‌ يابسا. ‌و‌ لما كان عاقبه المرعى الوخيم الى شر، قيل ‌فى‌ سوء العاقبه: وبال.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: اخذ ‌و‌ بيل: شديد. ‌و‌ منه الوبال لسوء العاقبه.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: الوبال: الشده ‌و‌ الثقل.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ‌ان‌ النار تاكل اهلها حتى اذا اطلعت على افئدتهم، انتهت، ثم تعود كما كانت ثم تستقبل العبد ايضا، فتطلع على فواده، فهى كذلك ابدا، نعوذ بالله ‌من‌ النار.
 
 تنبيه
 
 تكرير ذكر النار مع ‌ان‌ المراد بها نار واحده، للايذان بان كل واحده ‌من‌ الصفات المذكوره صفه هائله خطيره، جديره بان يفرد لها موصوف مستقل ‌و‌ ‌لا‌ تجعل كلها لموصوف واحد. ‌و‌ الله اعلم.
 
العقارب: جمع عقرب ‌و‌ هى دويبه ‌من‌ ذوات السموم تكون للذكر ‌و‌ الانثى بلفظ واحد ‌و‌ قد يقال للانثى: عقربه ‌و‌ عقرباء- ممدودا-، غير مصروف.
 ‌و‌ فغرفوه فغرا- ‌من‌ باب نفع-: انفتح ‌و‌ فغرفاه: فتحه، يتعدى ‌و‌ ‌لا‌ يتعدى.
 ‌و‌ الروايه ‌فى‌ الدعاء بضم افواهها ‌و‌ فتحها على الوجهين.
 
و الحيات: جمع حيه ‌و‌ ‌هو‌ اسم يطلق على الذكر ‌و‌ الانثى فان اردت التمييز، قلت: هذا حيه ذكر ‌و‌ هذه حيه انثى.
 قال المبرد ‌فى‌ الكامل: ‌و‌ انما دخله الهاء، لانه واحد ‌من‌ جنس كبطه ‌و‌ دجاجه.
 على انه قد روى عن بعض العرب، رايت حيا على حيه، ‌اى‌ ذكرا على انثى.
 ‌و‌ صلق صلقا- ‌من‌ باب ضرب-: صوت صوتا شديدا، كاصلق اصلاقا ‌و‌ صلق الفحل بنابه، ‌و‌ اصطلق: صوت.
 قال الجوهرى: ‌و‌ اصلق لغه ‌فى‌ صلق ‌و‌ منه قول العجاج يصف الحمار: اصلق ناباه صياح العصفور ‌و‌ الفحل يصطلق بنابه ‌و‌ ذلك صريفه. انتهى.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: الصريف: ‌ان‌ يشد نابا على ناب فيصوتا. ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الفحوله ‌من‌ ايعاد ‌و‌ ‌فى‌ الاناث ‌من‌ اعياء ‌و‌ ربما كان ‌من‌ نشاد. انتهى.
 فمعنى قوله عليه السلام «الصالقه بانيابها» ‌اى‌ الصارفه بها. ‌و‌ ‌هو‌ اولى ‌من‌ تفسيره بالضاربه، ‌من‌ قولهم: صلقه بالعصا، اى: ضربه بها، لان ‌فى‌ الصريف ‌من‌ التحويل ‌ما‌ ليس ‌فى‌ الضرب.
 ‌و‌ قد تواترت الاخبار بعقارب النار ‌و‌ حياتها، نعوذ بالله منها.
 فروى: ‌ان‌ جهنم واديا يدعى اثاما، فيه حيات ‌و‌ عقارب ‌فى‌ كل فقاره ‌من‌ ذنب ذلك العقرب ‌من‌ السم اربعون قله، كل عقرب منهن قدر البغله الموكفه، يلدغ الرجل فينسى حر جهنم ‌من‌ حراره لدغتها.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: ‌ان‌ ‌فى‌ جهنم نهرا يسمى موبقا يسيل نارا على حافتيه حيات مثل
 
البغال الدهم. فاذا ثارت اليهم لتاخذهم استغاثوا منها بالاقتحام ‌فى‌ النار.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: ‌ان‌ لجهنم ساحلا كساحل البحر، فيه ‌هو‌ ‌ام‌ حيات كالبخت ‌و‌ عقارب كالبغال الدهم، نعوذ بالله منها.
 ‌و‌ الامعاء: جمع معى- بالكسر ‌و‌ قصره اشهر ‌من‌ المد ‌و‌ الفه ياء، لان مثناه معيان ‌و‌ تذكيره اكثر ‌من‌ التانيث، فيقال: ‌هو‌ المعا ‌و‌ ‌هو‌ المصران ‌و‌ جمع الممدود امعيه، كحمار ‌و‌ احمره.
 ‌و‌ الافئده: جمع فواد ‌و‌ ‌هو‌ القلب ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌ما‌ يتعلق بالمرى ء ‌من‌ كبد ورئه ‌و‌ قلب.
 ‌و‌ نزعته ‌من‌ موضعه نزعا، ‌من‌ باب ضرب: قلعته.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «يقطع امعاء ‌و‌ افئده سكانها»، ‌من‌ باب اضافه المفردين الى اسم ظاهر بجعل الاول مضافا ‌فى‌ النيه، دون اللفظ ‌و‌ الثانى ‌فى‌ اللفظ ‌و‌ النيه معا، نحو: غلام ‌و‌ ثوب زيد ‌و‌ ‌هو‌ كثير ‌فى‌ كلامهم، نثرا ‌و‌ نظما ‌و‌ شاهده ‌من‌ الحديث قول النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: «تحيضى ‌فى‌ علم الله سته ‌او‌ سبعه ايام» ‌و‌ ‌من‌ كلام العرب نثرا قول بعضهم: قطع الله يد ‌و‌ رجل ‌من‌ قالها. ‌و‌ قولهم: خذ ربع ‌و‌ نصف ‌ما‌ حصل ‌و‌ ‌من‌ الشعر قوله:
 ‌يا‌ ‌من‌ راى عارضا اسر ‌به‌
 بين ذراعى ‌و‌ جبهه الاسد
 فذهب المبرد ‌و‌ اكثر المتاخرين الى ‌ان‌ ذلك كله على حذف المضاف اليه ‌من‌ الاول لفظا، لانيه، لدلاله الثانى عليه: ‌و‌ لذلك قال بعضهم: ‌ان‌ هذه المساله لها شبه بباب التنازع، فان المضافين يتنازعان المضاف اليه، فاعمل الثانى لقربه، ‌و‌ حذف معمول الاول، لانه فضله.
 
و اشترط الفراء فيها اصطحاب المضافين، كالامعاء ‌و‌ الافئده ‌فى‌ عباره الدعاء، ‌و‌ السته ‌و‌ السبعه ‌فى‌ الحديث ‌و‌ اليد ‌و‌ الرجل ‌و‌ الربع ‌و‌ النصف ‌و‌ الذراع ‌و‌ الجبهه، بخلاف غلام وثوب، فلا يقال: اشتريت غلام وثوب زيد.
 ‌و‌ ذهب سيبويه الى ‌ان‌ ذلك ‌من‌ باب الفضل بين المضاف ‌و‌ المضاف اليه ‌و‌ الاصل ‌فى‌ نحو: خذ ربع ‌و‌ نصف ‌ما‌ حصل، خذ ربع ‌ما‌ حصل ‌و‌ نصفه، ثم اقحم ‌و‌ نصفه بين المضاف ‌و‌ المضاف اليه، فصار: ربع ‌و‌ نصفه ‌ما‌ حصل، ثم حذفت الهاء اصلاحا للفظ، فصار: ربع ‌و‌ نصف ‌ما‌ حصل.
 قال الرضى: ‌و‌ مذهب المبرد اقرب، لما يلزم سيبويه ‌من‌ الفصل بين المضاف ‌و‌ المضاف اليه ‌فى‌ السعه.
 ‌و‌ مضمون هذه العباره ‌من‌ الدعاء نطق ‌به‌ القرآن المجيد ‌فى‌ مواضع، منها قوله تعالى ‌فى‌ سوره محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله: «و سقوا ماء حميما فقطع امعاءهم»، ‌و‌ قوله سبحانه ‌فى‌ سوره الحج: «يصب ‌من‌ فوق رووسهم الحميم يصهر ‌به‌ ‌ما‌ ‌فى‌ بطونهم ‌و‌ الجلود»، ‌اى‌ يذاب بذلك الحميم ‌ما‌ ‌فى‌ بطونهم ‌من‌ الامعاء ‌و‌ الاحشاء.
 روى: انه يصب على رووسهم الحميم فينفذ الى اجوافهم فيسلت ‌ما‌ فيها.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث ‌فى‌ قوله تعالى: «و يسقى ‌من‌ ماء صديد يتجرعه ‌و‌ ‌لا‌ يكاد يسيغه»، قال: يقرب الى فيه، فاذا دنا ‌من‌ وجهه شوى وجهه ‌و‌ وقعت فروه راسه، فاذا شربه قطع امعاءه حتى تخرج ‌من‌ دبره ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره.
 قوله عليه السلام «و استهديك لما باعد منها ‌و‌ اخر عنها».
 استهداه: طلب ‌ان‌ يهديه ‌و‌ الغرض سئوال التوفيق للطاعه الموجبه للنجاه ‌من‌ النار.
 ‌و‌ باعد بمعنى ابعد ‌و‌ فيه تلميح الى قوله تعالى: «ان الذين سبقت لهم منا
 
الحسنى اولئك عنها مبعدون»، قيل: المراد بالحسنى التوفيق للطاعه ‌و‌ بالابعاد عنها: الابعاد ‌من‌ عذابها، لاعن نفسها، اذ لابد لكل احد ‌من‌ ورودها بنص قوله تعالى: «و ‌ان‌ منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ‌و‌ نذر الظالمين فيها جثيا».
 ‌و‌ استشكل بان المومنين كيف يردون النار؟
 ‌و‌ اجيب بما روى عن جابر ‌بن‌ عبدالله انه سال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله عن ذلك، فقال: اذا دخل اهل الجنه الجنه، قال بعضهم لبعض، اليس وعدنا ربنا ‌ان‌ نرد النار؟ فيقال لهم: قد وردتموها ‌و‌ هى خامده.
 ‌و‌ عنه ايضا ‌ان‌ رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله، قال: الورود الدخول، ‌لا‌ يبقى ‌بر‌ ‌و‌ ‌لا‌ فاجر الا دخلها، فتكون على المومنين بردا ‌و‌ سلاما، كما كانت على ابراهيم عليه السلام، حتى ‌ان‌ للنار ضجيجا ‌من‌ بردها.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: ‌ان‌ النار تقول للمومن يوم القيامه: ‌جز‌ ‌يا‌ مومن فقد اطفا نورك لهبى.
 فان قيل: ‌ما‌ الفائده ‌فى‌ ايراد المومنين النار، اذا لم يتعذبوا بها؟
 قيل: فيه وجوه:
 منها: ‌ان‌ يزدادوا سرورا اذا راوا الخلاص منها.
 ‌و‌ منها: افتضاح الكافرين اذا اطلع المومنون عليهم.
 ‌و‌ منها: ‌ان‌ المومنين يوبخون الكفار ‌و‌ يسخرون منهم، كما سخروا منهم ‌فى‌ الدنيا.
 ‌و‌ منها: ‌ان‌ يزيد التذاذهم بالجنه ‌و‌ نعيمها، فبضدها يتبين الاشياء.
 
و قيل: المراد بالابعاد عنها، انهم ‌لا‌ يدخلون النار ‌و‌ ‌لا‌ يقربونها البته، لان ‌من‌ جعل بعيدا عن شى ء ابتداء، يحسن ‌ان‌ يقال: انه ابعد عنه.
 ‌و‌ هولاء لم يفسروا الورود ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌ان‌ منكم الا واردها» بالدخول، ‌و‌ احتجوا بقول ابن عباس: قد يرد الشى ء الشى ء ‌و‌ لم يدخله، كقوله تعالى: «و لما ورد ماء مدين» ‌و‌ معلوم ‌ان‌ موسى عليه السلام لم يدخل الماء ‌و‌ لكنه قرب منه، فالمراد بالورود جثوهم حولها.
 ‌و‌ عن ابن مسعود ‌و‌ الحسن ‌و‌ قتاده ‌هو‌ الجواز على الصراط، لان الصراط ممدود عليها.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ مس الحمى ‌فى‌ الدنيا، لقوله عليه السلام: الحمى ‌من‌ قيح جهنم.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه: الحمى حظ كل مومن ‌من‌ النار. ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام «و اخر عنها» اخرته ‌ضد‌ قدمته، فتاخر، هذا ‌هو‌ الاصل، لكنه اذا عدى ب«عن»، فالمراد التنحيه ‌و‌ الابعاد، يقال: اخر عنى جهلك، ‌اى‌ نحه ‌و‌ ابعده. ‌و‌ قد يستعمل بمعنى التخليف، تقول: ‌ما‌ اخرك عن صلاه الجماعه، ‌اى‌ ‌ما‌ خلفك ‌و‌ اقعدك حتى لم تحضرها.
 ‌و‌ هذه الفقره تاكيد للتى قبلها. ‌و‌ الله اعلم.
 
اجرنى: ‌اى‌ اعذنى ‌و‌ آمنى منها، يقال: اجاره مما يخاف، ‌اى‌ اعاذه ‌و‌ آمنه.
 ‌و‌ الفضل: الزياده، ‌اى‌ بمزيد رحمتك.
 
و اقال الله عثرته: رفعه ‌من‌ سقوطه. ‌و‌ منه: الاقاله ‌فى‌ البيع، لانها رفع للعقد.
 ‌و‌ العثرات: جمع عثره ‌و‌ هى ‌فى‌ الاصل المره ‌من‌ عثر الرجل يعثر ‌من‌ باب قتل، ‌اى‌ كبا ‌و‌ سقط. ‌و‌ المراد بها هنا الخطيئه ‌و‌ الزله، لانها سقوط ‌فى‌ الاثم.
 ‌و‌ خذله خذلا- ‌من‌ باب قتل-: ترك نصرته ‌و‌ اعانته،
 
و الاسم الخذلان- بالكسر-:
 ‌و‌ وقاه الله السوء يقيه وقايه- بالكسر-: حفظه منه.
 ‌و‌ الكريهه: النازله ‌و‌ الشده. يقال: لقيت منه كرايه الدهر، ‌اى‌ نواز له ‌و‌ شدائده.
 الحسنه: ‌ضد‌ السيئه.
 ‌و‌ تفعل ‌ما‌ تريد: ‌اى‌ كل ‌ما‌ تريده، ‌لا‌ يمنعك مانع ‌و‌ ‌لا‌ تعجز عن شى ء.
 ‌و‌ الجمل المتعاطفه المبدوء اولها بحرف التاكيد كلها تعليل للدعاء ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه بطريق التحقيق. ‌و‌ الجمله الاخيره تذييل مقرر لما قبله، ‌من‌ وقايته الكريهه ‌و‌ اعطائه الحسنه ‌و‌ فعله ‌ما‌ يريد. فان كمال قدرته تعالى على جميع الاشياء موجب لقدرته تعالى على ذلك.
 
«اذا» ظرف زمن مستقبل، متضمنه معنى الشرط. ‌و‌ جوابها هنا محذوف وجوبا للاستغناء عنه بمادل عليه متقدما ‌و‌ ‌هو‌ قوله: «صلى على محمد ‌و‌ آله». ‌و‌ التقدير: اذا ذكر الابرار فصل على محمد ‌و‌ آله.
 ‌و‌ انما لم يجعل المتقدم جوابا، لان للشرط صدر الكلام، فلم يجز تقديم جوابه عليه، هذا مذهب البصريين.
 ‌و‌ ذهب الكوفيون الى ‌ان‌ المتقدم ‌هو‌ الجواب ‌و‌ انما لم يصدر بالفاء لتقدمه.
 ‌و‌ ذهب ابن عصفور الى ‌ان‌ «اذا» الشرطيه تفيد التكرار ككلما. فاذا قلت: «اذا جاءك زيد فاكرمه» افادت: ‌ان‌ كلما جاءك زيد فاكرمه ‌و‌ قال: هذا ‌هو‌
 
الصحيح.
 ‌و‌ على هذا فمعنى عباره الدعاء: صل على محمد ‌و‌ آله كلما ذكر الابرار ‌و‌ ‌هو‌ حسن.
 فان قلت: لاى معنى قيد الصلاه عليهم بزمان ذكر الابرار؟
 قلت: لامرين: احدهما: انه زمان فيض ‌و‌ رحمه، كما ورد ‌فى‌ الحديث، عند ذكر الصالحين تنزل الرحمه.
 الثانى: اظهار عظمتهم ‌و‌ كرامتهم لديه سبحانه، اذ كانوا سادات الابرار ‌و‌ روساءهم.
 قوله عليه السلام «ما اختلف الليل ‌و‌ النهار» «ما» مصدريه ظرفيه، ‌اى‌ مده اختلاف الليل ‌و‌ النهار.
 ‌و‌ اختلافهما: اما بمعنى تعاقبهما مجيئا ‌و‌ ذهابا ‌و‌ كون كل منهما خلفا للاخر كقوله تعالى: «و ‌هو‌ الذى جعل الليل ‌و‌ النهار خلفه»، ‌اى‌ ذوى خلفه يخلف كل منهما الاخر، بان يقوم مقامه ‌و‌ هى اسم للحاله ‌من‌ خلفه، اى: قام مقامه، كالركبه ‌و‌ الجلسه- بالكسر فيهما- ‌من‌ «ركب ‌و‌ جلس».
 ‌او‌ بمعنى اختلافهما ‌فى‌ انفسهما، بازدياد كل منهما بانتقاص الاخر ‌و‌ انتقاصه بازدياده، باختلاف حال الشمس الينا قربا ‌و‌ بعدا بحسب الازمنه، ‌او‌ باختلاف البلدان. فان البلد كلما ازداد عرضا عن ‌خط‌ الاستواء ‌و‌ ‌هو‌ الموضع المحاذى لمنطقه الفلك الاعظم المسماه معدل النهار، ازداد نهاره ‌فى‌ الصيف طولا ‌و‌ ‌فى‌ الشتاء
 
قصرا ‌و‌ بالعكس ‌فى‌ الليل. ‌و‌ قد يرتقى طول النهار بحسب تزايد ارتفاع القطب الى حيث يصير اليوم بليلته نهارا كله ‌و‌ بازائه الليل، ثم الى اكثر ‌من‌ ذلك الى حيث يزيد الليل الاطول على يوم بليلته ‌و‌ الى حيث يكون نصف السنه نهارا، ‌و‌ نصفها الاخر ليلا ‌و‌ ذلك اذا صار قطب الفلك الاعظم محاذ لسمت الراس.
 ‌و‌ ‌لا‌ عماره هناك، لشده البرد اللازم ‌من‌ قبل انخفاض الشمس، ‌او‌ اختلافهما ‌فى‌ الامكنه، فان كرويه الارض تقتضى ‌ان‌ يكون بعض الاوقات ‌فى‌ بعض الاماكن ليلا، ‌و‌ ‌فى‌ مقابله نهارا ‌و‌ ‌فى‌ بعضها صباحا ‌و‌ ‌فى‌ بعضها ظهرا ‌او‌ عصرا، ‌او‌ غير ذلك. ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام «لا ينقطع مددها» الى آخره.
 مدد الشى ء: ‌ما‌ يمد ‌به‌ ‌و‌ يزاد ‌و‌ يكثر.
 ‌و‌ الغرض طلب استمرار الصلاه عليهم.
 ‌و‌ العدد: الكميه المتالفه ‌من‌ الوحدات ‌و‌ قيل: صوره تنطبع ‌فى‌ نفس العاد ‌من‌ تكرار الواحد.
 ‌اى‌ ‌لا‌ يضبط عددها، ‌او‌ ‌لا‌ يطاق عدها ‌و‌ ضبطها. ‌من‌ احصيت الشى ء اذا اطقته، فيكون العدد بمعنى المصدر. ‌و‌ الغرض طلب كثره الصلاه عليهم.
 ‌و‌ شحنت البيت ‌و‌ غيره شحنا- ‌من‌ باب نفع-: ملاته.
 ‌و‌ الهواء بالمد: الجو ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ بين السماء ‌و‌ الارض. ‌و‌ المراد بكونها تشحن الهواء ‌او‌ تملا الارض ‌و‌ السماء التمثيل لكثره عددها، ‌اى‌ لو قدرت اجساما لبلغت ‌من‌ كثرتها ‌ان‌ تملا ذلك ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون على معنى التعظيم ‌و‌ التفخيم لشانها، ‌او‌ لشان اجرها ‌و‌ ثوابها ‌و‌ الاول اظهر.
 
قوله عليه السلام «صلى الله عليه حتى يرضى» جمله منقطعه مما قبلها لفظا،
 
مستانفه استئنافا نحويا.
 ‌و‌ «حتى» للغايه، ‌اى‌ الى ‌ان‌ يقول: «رضيت» ‌و‌ لما كان الغايه تستلزم الانتهاء، لان كل شى ء اذا بلغ غايته انتهى ‌و‌ وقف عندها، لم يرض عليه السلام بذلك بل سال ‌ان‌ تكون الصلاه عليه بعد الرضا ايضا، فقال: ‌و‌ صلى الله عليه ‌و‌ آله بعد الرضا»، لتكون الصلاه عليه جاريه مستمره ابدا، ‌لا‌ تقف عند ‌حد‌ ‌و‌ ‌لا‌ تنتهى عند غايه، ثم بين ذلك بقوله: «صلاه لاحد لها ‌و‌ ‌لا‌ منتهى».
 ‌و‌ الحد: النهايه. ‌و‌ المنتهى: مصدر ميمى ‌من‌ انتهى الامر، ‌اى‌ بلغ النهايه. ‌و‌ لما كانت الصلاه ‌من‌ الله تعالى الرحمه ذيل طلبها بقوله: ‌يا‌ ارحم الراحمين، ‌و‌ الاولى ‌ان‌ تكون كلمه استعطاف ختم بها الدعاء مبالغه ‌فى‌ طلب الاجابه لجميع ‌ما‌ تضمنه الدعاء ‌من‌ المسائل كما يشير اليه التعرض للوصف بغايه الرحمه. ‌و‌ الله اعلم.
 هذا آخر الروضه الثانيه ‌و‌ الثلاثين ‌من‌ رياض السالكين ‌و‌ قد وفق الله سبحانه لاتمامها ‌و‌ اجتناء زهرها ‌من‌ كمامها، عشيه يوم السبت لاحدى عشره خلت ‌من‌ شعبان احد شهور سنه اربع ‌و‌ مائه ‌و‌ الف، احسن الله ختامها بدار السرور برهان ينور ‌و‌ لله الحمد.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^