فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 42- 2

اجملت الشى ء اجمالا: جمعته ‌من‌ غير تفصيل فهو مجمل، ‌و‌ منه قيل للحساب الذى لم يفصل ‌و‌ الكلام الذى لم يبين تفصيله مجمل.


 قال الراغب: ‌و‌ حقيقه المجمل: ‌هو‌ المشتمل على جمله اشياء كثيره غير ملخصه ‌اى‌ غير مبينه.
 قال بعضهم: معنى انزاله تعالى القرآن على نبيه مجملا: انه لم يبين له اسراره ‌و‌ عجائبه المستنبطه منه حال انزاله بل اوحاه اليه مجملا ثم الهمه بعد ذلك علمه بالتمام كما تدل عليه الفقره الثانيه.
 ‌و‌ قيل: اجماله بالنسبه الى غيره عليه السلام ‌لا‌ اليه ليكون ‌هو‌ الذى يفصله ‌و‌ يبينه.
 ‌و‌ الاولى ‌ان‌ يكون المراد بقوله: «مجملا» انه مشتمل على جمله اشياء كثيره ‌من‌ الاسرار ‌و‌ الاحكام غير مبينه ‌و‌ ‌لا‌ مشروحه فيه بحيث يعلمها كل احد كما ورد ‌فى‌ الحديث عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: ‌ما‌ ‌من‌ امر يختلف فيه اثنان الا وله اصل ‌فى‌ كتاب الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌و‌ لكن ‌لا‌ يبلغه عقول الرجال.
 ‌و‌ عنه عليه السلام انزل ‌فى‌ القرآن تبيان كل شى ء حتى ‌و‌ الله ‌ما‌ ترك الله شيئا يحتاج اليه العباد حتى ‌لا‌ يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل ‌فى‌ القرآن الا وقد انزله الله فيه، ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره.
 ‌و‌ الفرق بين هذا المعنى ‌و‌ بين المعنى الاول: ‌ان‌ علمه عليه السلام بما اجمل فيه لم يكن بعد عدم العلم به، بل علمه ‌به‌ بالتمام ‌من‌ نفس علمه ‌به‌ مجملا، فان النفوس
 
القدسيه اذا علمت الجمل فقد علمت تفسيرها ‌و‌ ذلك كما اذا نظرت الى زيد فقد ابصرت كله اجمالا ‌و‌ ابصرت اجزاءه ‌و‌ تفاصيله جميعا عند ابصار كله، بل ابصار الكل ‌و‌ الاجزاء ابصار واحد ‌و‌ انما يتفاوت بالاعتبار.
 ‌و‌ الفرق بينه ‌و‌ بين المعنى الثانى: ‌ان‌ اجماله بالنسبه اليه ايضا عليه السلام لاشتماله على جمله الاحكام ‌و‌ الاسرار التى اودعها سبحانه فيه، غير انه عليه السلام الهم علم ذلك كله مفصلا ‌من‌ علمه ‌به‌ مجملا بخلاف غيره ‌و‌ الله اعلم.
 ‌و‌ الالهام: القاء الله تعالى الشى ء ‌فى‌ النفس بطريق الفيض.
 ‌و‌ عجائب القرآن: نكته ‌و‌ لطائفه المندرجه ‌فى‌ الاسلوب، ‌و‌ المبانى ‌و‌ اسراره ‌و‌ دقائقه المطويه ‌فى‌ المقصود، ‌و‌ المعانى التى بعضها فوق بعض.
 ‌و‌ قيل: هى ‌ما‌ اودع فيه ‌من‌ انواع العلوم التى اذا ادركها العقل تعجب.
 ‌و‌ مكملا: ‌اى‌ بكماله، ‌من‌ كمل الشى ء اذا تمت اجزاوه ‌و‌ كملت محاسنه.
 ‌و‌ الوراثه: انتقال الشى ء اليك عن غيرك ‌من‌ غير عقد ‌و‌ ‌لا‌ ‌ما‌ يجرى مجراه، ‌و‌ خص ذلك بالمنتقل عن الميت ‌و‌ يقال له: ميراث، وارث ‌و‌ تراث ‌و‌ اصلهما ورث ‌و‌ وراث بالواو، ‌و‌ الفعل ورث يرث بكسرهما كوثق يثق، يقال: ورث مال ابيه، ثم قيل: ورث اباه مالا ‌و‌ يعدى بالهمزه ‌و‌ التضعيف فيقال: اورثه ابوه مالا ‌و‌ ورثه توريثا، ‌و‌ بهما قرء قوله تعالى: «تلك الجنه التى نورث ‌من‌ عبادنا ‌من‌ كان تقيا».
 ‌و‌ لما كان علم القرآن منتقلا الى الاوصياء عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله عبر عليه السلام عن جعله منتهيا اليهم ‌و‌ صائرا لهم بالتوريث استعاره لان الارث لغه ‌و‌ شرعا ‌لا‌ يطلق الا على المنتقل ‌من‌ المال ‌و‌ ‌لا‌ يستعمل ‌فى‌ غيره الا على طريق المجاز. ‌و‌ ‌فى‌ عباره الدعاء تلميح الى قوله تعالى ‌فى‌ فاطر: «و الذى اوحينا اليك ‌من‌ الكتاب ‌هو‌ الحق مصدقا لما بين يديه ‌ان‌ الله بعباده لخبير بصير ثم اورثنا الكتاب
 
الذين اصطفينا ‌من‌ عبادنا».
 قال امين الاسلام: عن الباقر ‌و‌ الصادق عليهماالسلام، انهما قالا: «هى لنا خاصه ‌و‌ ايانا عنى» ‌و‌ ‌هو‌ اقرب الاقوال ‌فى‌ الايه لانهم احق الناس بوصف الاصطفاء ‌و‌ الاجتباء ‌و‌ ايراث علم الانبياء اذ ‌هم‌ المتعبدون بحفظ القرآن ‌و‌ بيان حقائقه ‌و‌ العارفون بجلائله ‌و‌ دقائقه انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ روايه عن الصادق عليه السلام نحن الذين اصطفانا الله ‌عز‌ ‌و‌ جل، ‌و‌ اورثنا هذا الكتاب الذى فيه تبيان كل شى ء.
 ‌و‌ عن الرضا عليه السلام ‌فى‌ تفسير الايه: اراد العتره الطاهره.
 ‌و‌ فسرت الشى ء فسرا ‌من‌ باب- ضرب-: بينته ‌و‌ اوضحته، ‌و‌ التثقيل للمبالغه، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا ‌ما‌ يعم التاويل قطعا ‌و‌ قد اختلف العلماء ‌فى‌ التفسير ‌و‌ التاويل.
 فقال ابوعبيده ‌و‌ المبرد. ‌و‌ طائفه: هما بمعنى.
 ‌و‌ انكر ذلك قوم حتى بالغ ابن حبيب النيسابورى فقال: قد نبغ ‌فى‌ زماننا مفسرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير ‌و‌ التاويل ‌ما‌ اهتدوا اليه.
 ‌و‌ قال الراغب: التفسير اعم ‌من‌ التاويل ‌و‌ اكثر استعماله ‌فى‌ الالفاظ ‌و‌ مفرداتها، ‌و‌ اكثر استعمال التاويل ‌فى‌ المعانى ‌و‌ الجمل ‌و‌ اكثر ‌ما‌ يستعمل ‌فى‌ الكتب الالهيه، ‌و‌ التفسير: يستعمل فيها ‌و‌ ‌فى‌ غيرها.
 
و قال غيره: التفسير بيان لفظ ‌لا‌ يحتمل الا وجها واحدا ‌و‌ التاويل توجيه لفظ متوجه الى معان مختلفه الى معنى واحد منهما بما يظهر ‌من‌ الادله.
 ‌و‌ قال الما تريدى: التفسير: القطع على ‌ان‌ المراد ‌من‌ اللفظ هذا ‌و‌ الشهاده على الله انه عنى باللفظ هذا، فان قام دليل مقطوع ‌به‌ فصحيح ‌و‌ الا فتفسير بالراى ‌و‌ ‌هو‌ المنهى عنه.
 ‌و‌ التاويل: ترجيح احد المحتملات بدون القطع ‌و‌ الشهاده على الله سبحانه.
 ‌و‌ قال ابوطالب الثعلبى: التفسير: بيان وضع اللفظ اما حقيقه ‌او‌ مجازا كتفسير الصراط بالطريق ‌و‌ الصيب بالمطر.
 ‌و‌ التاويل: تفسير باطن اللفظ ماخوذ ‌من‌ الاول ‌و‌ ‌هو‌ الرجوع لعاقبه الامر، فالتاويل اخبار عن حقيقه المراد ‌و‌ التفسير اخبار عن دليل المراد لان اللفظ يكشف عن المراد، ‌و‌ الكاشف دليل، مثاله قوله تعالى: «ان ربك لبالمرصاد» تفسيره انه ‌من‌ الرصد. يقال: رصدته ‌اى‌ رقبته. ‌و‌ المرصاد: مفعال منه ‌و‌ تاويله التحذير ‌من‌ التهاون بامر الله ‌و‌ الغفله عن الاهبه ‌و‌ الاستعداد للعرض عليه، ‌و‌ قواطع الادله تقتضى بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ ‌فى‌ اللغه.
 ‌و‌ قال الاصبهانى ‌فى‌ تفسيره: اعلم ‌ان‌ التفسير ‌فى‌ عرف العلماء كشف معانى القرآن ‌و‌ بيان المراد اعم ‌من‌ ‌ان‌ يكون بحسب اللفظ المشكل ‌و‌ غيره، ‌و‌ بحسب المعنى الظاهر ‌و‌ غيره، ‌و‌ التاويل اكثره ‌فى‌ الجمل ‌و‌ التفسير اما ‌ان‌ يستعمل ‌فى‌ غريب الالفاظ نحو البحيره ‌و‌ السائبه ‌و‌ الوصيله ‌او‌ ‌فى‌ وجيز يتبين بشرح نحو: «اقيموا الصلاه ‌و‌ آتوا الزكاه» ‌او‌ ‌فى‌ كلام متضمن لقصه ‌لا‌ يمكن تصويره الا بمعرفتها كقوله: «انما النسى ء زياده ‌فى‌ الكفر».
 
و اما التاويل فانه يستعمل تاره عاما ‌و‌ تاره خاصا نحو الكفر المستعمل تاره ‌فى‌ الجحود المطلق ‌و‌ تاره ‌فى‌ جحود البارى خاصه، ‌و‌ الايمان المستعمل ‌فى‌ التصديق المطلق تاره ‌و‌ ‌فى‌ تصديق الحق اخرى ‌و‌ اما ‌فى‌ لفظ مشترك بين معان مختلفه نحو لفظ وجد المستعمل ‌فى‌ الجده ‌و‌ الوجده ‌و‌ الوجود.
 ‌و‌ قال غيره: التفسير يتعلق بالروايه ‌و‌ التاويل يتعلق بالدرايه.
 ‌و‌ قال قوم: ‌ما‌ وقع مبينا ‌فى‌ كتاب ‌و‌ معينا ‌فى‌ صحيح السنه سمى تفسيرا لان معناه قد ظهر ‌و‌ وضح ‌و‌ ليس لاحد ‌ان‌ يعرض له باجتهاد ‌و‌ ‌لا‌ غيره بل يحمله على المعنى الذى ورد ‌لا‌ يتعداه.
 ‌و‌ التاويل ‌ما‌ استنبطه العلماء العاملون بمعانى الخطاب الماهرون ‌فى‌ آلات العلوم.
 ‌و‌ قال الطبرسى: التفسير: كشف المراد عن اللفظ المشكل، ‌و‌ التاويل: ‌رد‌ احد المحتملين الى ‌ما‌ يطابق الظاهر.
 ‌و‌ قال الزركشى: التفسير: علم يفهم ‌به‌ كتاب الله المنزل على نبيه عليه السلام ‌و‌ بيان معانيه ‌و‌ استخراج احكامه ‌و‌ حكمه.
 ‌و‌ قال بعضهم: التفسير: علم نزول الايات ‌و‌ شئونها ‌و‌ اقاصيصها ‌و‌ الاسباب النازله فيها ثم ترتيب مكيها ‌او‌ مدنيها ‌و‌ محكمها ‌و‌ متشابهها ‌و‌ ناسخها ‌و‌ منسوخها ‌و‌ خاصها ‌و‌ عامها ‌و‌ مطلقها ‌و‌ مقيدها ‌و‌ حلالها ‌و‌ حرامها ‌و‌ وعدها ‌و‌ وعيدها ‌و‌ امرها ‌و‌ نهيها ‌و‌ عبرها ‌و‌ امثالها.
 
 تنبيهان
 
 الاول: تواترت الاخبار عن العتره الزاكيه ‌و‌ اجمعت الاصحاب ‌من‌ الفرقه
 
الناجيه ‌ان‌ اميرالمومنين صلوات الله ‌و‌ سلامه عليه ‌و‌ الاوصياء ‌من‌ ابنائه علموا جميع ‌ما‌ ‌فى‌ القرآن علما قطعيا بتاييد الهى ‌و‌ الهام ربانى ‌و‌ تعليم نبوى ‌و‌ قد طابق العقل ‌فى‌ ذلك النقل ‌و‌ ذلك ‌ان‌ الامام اذا لم يعلم جميع القرآن لزم اهمال الخلق ‌و‌ بطلان الشرع ‌و‌ انقطاع الشريعه، ‌و‌ كل ذلك باطل بحكم العقل ‌و‌ النقل، ‌و‌ ‌من‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى ‌ما‌ ورد ‌من‌ طريق العامه. عن ابى الطفيل قال: شهدت عليا يخطب ‌و‌ ‌هو‌ يقول: «سلونى فوالله ‌لا‌ تسالونى عن شى ء الا اخبرتكم، ‌و‌ سلونى عن كتاب الله فوالله ‌ما‌ ‌من‌ آيه الا ‌و‌ انا اعلم ابليل نزلت ‌ام‌ بنهار؟ ‌ام‌ ‌فى‌ سهل ‌ام‌ ‌فى‌ جبل».
 ‌و‌ اخرج ابونعيم ‌فى‌ حليه الاولياء: عن ابن مسعود، قال: ‌ان‌ القرآن انزل على سعه احرف ‌و‌ ‌ما‌ منها حرف الا وله ظهر ‌و‌ بطن ‌و‌ ‌ان‌ على ‌بن‌ ابى طالب عنده منه الظاهر ‌و‌ الباطن.
 ‌و‌ اخرج ايضا ‌من‌ طريق ابى بكر ‌بن‌ عياش، عن نصير ‌بن‌ سليمان الاحمسى، عن ابيه، عن على عليه السلام قال: «و الله ‌ما‌ نزلت آيه الا وقد علمت فيم انزلت ‌و‌ اين انزلت ‌ان‌ ربى وهب لى قلبا عقولا ‌و‌ لسانا سولا».
 ‌و‌ اما الروايات ‌فى‌ ذلك ‌من‌ طريق الخاصه فاكثر ‌من‌ ‌ان‌ تحصى.
 منها: ‌ما‌ رواه ثقه الاسلام بسند حسن، عن جابر قال: سمعت اباجعفر عليه السلام يقول: ‌ما‌ ادعى احد ‌من‌ الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب ‌و‌ ‌ما‌ جمعه ‌و‌ حفظه كما نزل الله الا على ‌بن‌ ابى طالب ‌و‌ الائمه ‌من‌ بعده صلوات الله عليهم.
 
و عن اميرالمومنين صلوات الله عليه: ‌ان‌ ‌فى‌ القرآن علم ‌ما‌ مضى ‌و‌ علم ‌ما‌ ياتى الى يوم القيامه، ‌او‌ حكم ‌ما‌ بينكم ‌و‌ بيان ‌ما‌ اصبحتم فيه تختلفون، فلو سالتمونى عنه لعلمتكم.
 ‌و‌ عن ابى جعفر عليه السلام انه قال: ‌ما‌ يستطيع احد ‌ان‌ يدعى ‌ان‌ عنده جميع القرآن كله ظاهره ‌و‌ باطنه غير الاوصياء.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌ان‌ ‌من‌ علم ‌ما‌ اوتينا تفسير القرآن.
 ‌و‌ عن عبدالاعلى ‌بن‌ اعين، قال: سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول: ‌و‌ الله انى لاعلم كتاب الله ‌من‌ اوله الى آخره كانه ‌فى‌ كفى فيه خبر السماء ‌و‌ خبر الارض ‌و‌ خبر ‌ما‌ كان ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ كائن، قال الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «فيه تبيان كل شى ء».
 ‌و‌ قال بعض المحققين: قوله عليه السلام: «كانه ‌فى‌ كفى» تنبيه على ‌ان‌ علمه بما ‌فى‌ الكتاب علم شهودى بسيط واحد بالذات متعلق بالجميع، كما ‌ان‌ رويه ‌ما‌ ‌فى‌ الكف رويه واحده متعلقه بجميع اجزائه، ‌و‌ التعدد انما ‌هو‌ بحسب الاعتبار.
 ‌و‌ قوله: «فيه خبر السماء»: يعنى ‌من‌ احوال الافلاك ‌و‌ حركاتها ‌و‌ احوال الملائكه ‌و‌ درجاتها ‌و‌ حركات الكواكب ‌و‌ مداراتها ‌و‌ منافع تلك الحركات ‌و‌ تاثيراتها الى غير ذلك ‌من‌ الامور الكائنه ‌فى‌ العلويات ‌و‌ المنافع المتعلقه بالفلكيات.
 ‌و‌ قوله: «و خبر الارض» يعنى ‌من‌ جوهرها ‌و‌ انتهائها ‌و‌ ‌ما‌ ‌فى‌ جوفها ‌و‌ ارجائها ‌و‌ ‌ما‌
 
فى تحتها ‌و‌ اهوائها ‌و‌ ‌ما‌ فيها ‌من‌ المعدنيات ‌و‌ ‌ما‌ تحت الفلك ‌من‌ البسائط ‌و‌ المركبات التى تتحير ‌فى‌ ادراك نبذ منها عقول البشر ‌و‌ يتحسر دون بلوغ ادنى مراتبها طائر النظر.
 ‌و‌ قوله: «خبر ‌ما‌ كان ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ كائن» ‌اى‌ ‌من‌ اخبار السابقين ‌و‌ احوال اللاحقين كلياتها ‌و‌ جزئياتها، ‌و‌ احوال الجنه ‌و‌ مقاماتها، ‌و‌ تفاوت مراتبها ‌و‌ درجاتها، ‌و‌ اخبار المثاب فيها بالانقياد ‌و‌ الطاعه، ‌و‌ الماجور فيها بالعباده ‌و‌ الزهاده، ‌و‌ اهوال النار ‌و‌ دركاتها، ‌و‌ اهوال مراتب العقوبه ‌و‌ مصيباتها، ‌و‌ تفاوت مراتب البرزخ ‌فى‌ النور ‌و‌ الظلمه، ‌و‌ تفاوت احوال الخلق فيه بالراحه ‌و‌ الشده كل ذلك بدليل قوله تعالى: «فيه تبيان كل شى ء ‌اى‌ كشفه ‌و‌ ايضاحه فلا سبيل الى انكاره ‌و‌ الله اعلم.
 الثانى: ذهب جماعه ‌من‌ اصحابنا ‌و‌ غيرهم الى انه ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يتجاوز احد المسموع ‌فى‌ تفسير القرآن، ‌و‌ ‌لا‌ يسوغ تفسيره الا بالاثار الصحيحه ‌و‌ النصوص الصريحه كما ‌دل‌ على ذلك الخبر عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله، ‌و‌ عن الائمه القائمين مقامه.
 قال بعض المتاخرين ‌من‌ اصحابنا: قد تظافرت الاخبار عن الائمه الاطهار عليهم السلام بالمنع ‌من‌ تفسير القرآن ‌و‌ الكلام على ظواهره ‌و‌ استنباط الاحكام النظريه منها للرعيه بل علم ذلك كله خاص بالائمه عليهم السلام، ‌و‌ ‌هم‌ المخاطبون بالقرآن ‌لا‌ غيرهم ‌و‌ الرعيه مامورون بالرجوع اليهم ‌فى‌ ذلك ‌و‌ طلبه منهم ‌و‌ لذلك ترى مفسرى اصحابنا المتقدمين لم يتجاوزوا النص كابى حمزه الثمالى ‌و‌ على ‌بن‌ ابراهيم ‌و‌ العياشى ‌و‌ غيرهم، ‌و‌ اما ‌من‌ تاخر عنهم كالشيخ الطوسى ‌و‌ الطبرسى فانهم نقلوا ‌فى‌ تفاسيرهم ‌ما‌ صح عندهم ‌من‌ كلام الائمه عليهم السلام ‌و‌ ‌ما‌ لم يكن عندهم فيه شى ء نقلوا ‌ما‌ وصل اليهم فيه ‌من‌ اقوال المفسرين ‌من‌ العامه بطريق الحكايه ‌من‌ غير ترجيح ‌و‌ ‌لا‌ ‌رد‌ ‌و‌ بينوا اللغات ‌و‌ الاعراب ‌لا‌ غير، لان علم القرآن ‌و‌ معرفه تنزيله ‌و‌ تاويله
 
و ظاهره ‌و‌ باطنه ‌و‌ محكمه ‌و‌ متشابهه ‌و‌ ناسخه ‌و‌ منسوخه ‌و‌ عامه ‌و‌ خاصه بينه الله لرسوله ‌و‌ بينه الرسول لاميرالمومنين ‌و‌ اولاده عليهم السلام ‌و‌ خصهم ‌به‌ دون غيرهم، ‌و‌ امر الرعيه بسوالهم فان ورد عنهم فيه شى ء فذاك ‌و‌ الا فالسلامه ‌فى‌ السكوت ‌و‌ ‌من‌ تكلم فيه ‌من‌ اصحابنا بغير ‌ما‌ ورد فعن غفله عما ورد فيه ‌من‌ المنع.
 فان قلت: ‌من‌ تكلم فيه ‌من‌ اصحابنا لم يذكر ذلك على سبيل الجزم ‌و‌ انما ذكره بطريق الاحتمال ‌و‌ الظن الراجح.
 قلت: هذا ‌هو‌ القول بغير علم ‌و‌ ‌هو‌ منهى عنه بنص الكتاب فان قلت اذا منعت ‌من‌ ذلك فكيف تصنع بالايات التى ظاهرها الجبر ‌و‌ التشبيه ‌و‌ غير ذلك.
 قلت: كل ‌ما‌ ‌فى‌ القرآن ‌من‌ المتشابهات الموافق ظاهرها لما ‌دل‌ البرهان على استحالته فقد ورد تاويلها ‌و‌ بيان المراد منها ‌فى‌ السنه المطهره على احسن وجه ‌و‌ اكمله فلا داعى الى تاويلها ‌من‌ عند انفسنا، ‌و‌ الاخبار الداله على ‌ما‌ قلناه كثيره فمن ذلك ‌ما‌ رواه الخاصه ‌و‌ العامه ‌من‌ قول النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله «من فسر القرآن برايه فقد كفر».
 ‌و‌ روى الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: «من قال ‌فى‌ القرآن بغير علم فليتبوء مقعده ‌من‌ النار».
 ‌و‌ روى ‌فى‌ الكافى عن ابى جعفر عليه السلام قال: ‌ما‌ علمتم فقولوا ‌و‌ ‌ما‌ لم تعلموا فقولوا: الله اعلم، ‌ان‌ الرجل لينتزع الايه ‌من‌ القرآن يخبر فيها ابعد ‌ما‌ بين السماء ‌و‌ الارض.
 ‌و‌ ‌فى‌ روضه الكافى عن زيد الشحام، قال: دخل قتاده ‌بن‌ دعامه على ابى جعفر عليه السلام فقال: ‌يا‌ قتاده انك فقيه اهل البصره؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال
 
ابوجعفر عليه السلام: بلغنى انك تفسر القرآن؟ فقال له قتاده: نعم، فقال ابوجعفر عليه السلام: فان كنت تفسر بعلم فانت انت ‌و‌ ‌ان‌ كنت انما فسرت القرآن ‌من‌ تلقاء نفسك فقد هلكت ‌و‌ اهلكت، ‌و‌ ‌ان‌ كنت اخذته ‌من‌ الرجال فقد هلكت ‌و‌ اهلكت، ‌و‌ يحك ‌يا‌ قتاده انما يعرف القرآن ‌من‌ خوطب به، ‌و‌ الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجه ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره انتهى ملخصا.
 ‌و‌ قال امين الاسلام الطبرسى قدس روحه ‌فى‌ مجمع البيان روت العامه عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم انه قال: ‌من‌ فسر القرآن برايه فاصاب الحق فقد اخطا، قالوا: ‌و‌ كره جماعه ‌من‌ التابعين القول ‌فى‌ القرآن بالراى كسعيد ‌بن‌ المسيب، ‌و‌ عبيده السلمانى، ‌و‌ نافع، ‌و‌ سالم ‌بن‌ عبدالله ‌و‌ غيرهم، ‌و‌ القول ‌فى‌ ذلك ‌ان‌ الله سبحانه ندب الى الاستنباط ‌و‌ اوضح السبيل اليه ‌و‌ مدح اقواما عليه فقال «لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ‌و‌ ذم آخرين على ترك تدبره ‌و‌ الاضراب عن التفكر فيه. فقال: «افلا يتدبرون القرآن ‌ام‌ على قلوب اقفالها»، ‌و‌ ذكر ‌ان‌ القرآن منزل بلسان العرب فقال: «انا جعلناه قرآنا عربيا». ‌و‌ قال النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: «اذا جاءكم عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه ‌و‌ ‌ما‌ خالفه فاضربوا ‌به‌ عرض الحائط»، فبين ‌ان‌ الكتاب حجه ‌و‌ معروض عليه ‌و‌ كيف يمكن العرض عليه ‌و‌ ‌هو‌ غير مفهوم المعنى فهذا ‌و‌ امثاله يدل على ‌ان‌ الخبر متروك الظاهر، فيمكن ‌ان‌ يكون معناه ‌ان‌ صح ‌ان‌ ‌من‌ حمل القرآن على رايه ‌و‌ لم يعمل بشواهد الفاظه فاصاب الحق فقد اخطا الدليل، ‌و‌ روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: «ان القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على احسن الوجوه». ‌و‌ روى عن عبدالله ‌بن‌ عباس، انه قسم وجوه التفسير على اربعه اقسام: تفسير ‌لا‌ يعذر احد بجهالته، ‌و‌ تفسير تعرفه العرب بكلامها، ‌و‌ تفسير تعلمه العلماء، ‌و‌ تفسير ‌لا‌ يعلمه الا الله
 
عز ‌و‌ ‌جل‌ فاما الذى ‌لا‌ يعذر احد بجهالته: فهو ‌ما‌ يلزم الكافه ‌من‌ الشرائع التى ‌فى‌ القرآن، ‌و‌ جمل دلائل التوحيد. ‌و‌ اما الذى تعرفه العرب بلسانها: فهو حقائق اللغه ‌و‌ موضوع كلامهم. ‌و‌ اما الذى تعلمه العلماء: فهو تاويل المتشابه ‌و‌ فروع الاحكام. ‌و‌ اما الذى ‌لا‌ يعلمه الا الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: فهو ‌ما‌ يجرى مجرى الغيوب ‌و‌ قيام الساعه. ‌و‌ اقول ‌ان‌ الاعراب اجل علوم القرآن فان اليه يفتقر كل بيان، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يفتح ‌من‌ الالفاظ الاغلاق ‌و‌ يستخرج ‌من‌ فحواها الاعلاق، اذ الاغراض كائنه فيها فيكون ‌هو‌ المشير لها ‌و‌ الباحث عنها ‌و‌ المشير اليها، ‌و‌ ‌هو‌ معيار الكلام الذى ‌لا‌ يبين نقصانه ‌و‌ رجحانه حتى يعرض عليه، ‌و‌ مقياسه الذى ‌لا‌ يميز بين سقيمه ‌و‌ مستقيمه حتى يرجع اليه. ‌و‌ روى عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله انه قال: «اعربوا القرآن ‌و‌ التمسوا غرائبه». ‌و‌ اذا كان ظاهر الكلام طبقا لمعناه فكل ‌من‌ عرف العربيه ‌و‌ الاعراب عرف فحواه ‌و‌ يعلم مراد الله ‌به‌ قطعا هذا اذا كان اللفظ غير مجمل يحتاج الى بيان، ‌و‌ ‌لا‌ محتمل لمعنيين ‌او‌ معان ‌و‌ ذلك مثل قوله: «و ‌لا‌ تقتلوا النفس التى حرم الله الا بالحق». ‌و‌ قوله: «و الهكم اله واحد» ‌و‌ قوله: «و ‌لا‌ يظلم ربك احدا» ‌و‌ اشباه ذلك، فاما ‌ما‌ كان مجملا ‌لا‌ ينبى ظاهره عن المراد ‌به‌ مفصلا مثل قوله سبحانه: «اقيموا الصلاه ‌و‌ آتوا الزكاه» «و آتوا حقه يوم حصاده»، فانه يحتاج فيه الى بيان النبى بوحى ‌من‌ الله تعالى اليه فيبين تفصيل اعيان الصلاه ‌و‌ اعداد الركعات ‌و‌ مقادير النصب ‌فى‌ الزكاه ‌و‌ امثالها كثيره ‌و‌ الشروع ‌فى‌ بيان ذلك ‌من‌ غير نص ‌و‌ توقيف ممنوع منه، ‌و‌ يمكن ‌ان‌ يكون الخبر الذى تقدم محمولا عليه ‌و‌ اما ‌ما‌ كان محتملا لامور كثيره ‌او‌ لامرين ‌و‌ ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يكون الجميع مرادا بل قد ‌دل‌
 
الدليل على انه ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يكون المراد الا واحدا فهو ‌من‌ باب المتشابه لاشتباه المراد منه بما ليس بمراد، فيحمل على الوجه الذى يوافق الدليل، ‌و‌ جاز ‌ان‌ يقال: ‌هو‌ المراد، ‌و‌ ‌ان‌ كان اللفظ مشتركا بين معنيين ‌او‌ اكثر، ‌و‌ يمكن ‌ان‌ يكون كل واحد ‌من‌ ذلك مرادا فلا ينبغى ‌ان‌ يقدم عليه بجساره فيقال: ‌ان‌ المراد ‌به‌ كذا قطعا الا بقول نبى ‌او‌ امام مقطوع على صدقه بل يجوز ‌ان‌ يكون كل واحد مرادا على التفصيل ‌و‌ ‌لا‌ يقطع عليه ‌و‌ ‌لا‌ يقلد احدا ‌من‌ المفسرين فيه الا ‌ان‌ يكون التاويل مجمعا عليه فيجب اتباعه لانعقاد الاجماع عليه. فهذه الجمله التى لخصتها اصل يجب ‌ان‌ يرجع اليه ‌و‌ يعود عليه ‌و‌ تعتبر ‌به‌ وجوه التفسير ‌و‌ ‌ما‌ اختلف فيه العلماء ‌من‌ نزول القرآن ‌و‌ المعانى ‌و‌ الاحكام انتهى كلامه، رفع مقامه، ‌و‌ عليه عول جمهور الاصحاب ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و فضلتنا على ‌من‌ جهل علمه» ‌اى‌ جعلت لنا الفضيله بعلمه على ‌من‌ لم يعلمه سواء خلت نفسه ‌من‌ العلم ‌به‌ ‌او‌ اعتقده على خلاف ‌ما‌ ‌هو‌ عليه. فالجهل هنا اعم ‌من‌ ‌ان‌ يكون بسيطا ‌و‌ ‌هو‌ عدم العلم عما ‌من‌ شانه ‌ان‌ يكون معلوما ‌او‌ مركبا ‌و‌ ‌هو‌ اعتقاد جازم غير مطابق للواقع.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «و قويتنا عليه» ‌اى‌ افضت علينا قوه وجدا ‌و‌ عزيمه ربانيه نقوى بها على فهم ظاهره ‌و‌ باطنه ‌و‌ الاطلاع على سرائره ‌و‌ عجائبه ‌و‌ الاضطلاع ‌و‌ العمل ‌و‌ التخلق بما فيه فهو كقوله تعالى «يا يحيى خذ الكتاب بقوه» ‌اى‌ ملتبسا بجد ‌و‌ عزيمه افضناها عليك تقوى بها على القيام ‌به‌ ليتحقق فيك ميراث ابيك ‌و‌ ميراث ‌آل‌ يعقوب.
 ‌و‌ الرفع ‌فى‌ الاجسام: حقيقه ‌فى‌ الحركه ‌و‌ الانتقال.
 
يقال: رفعت الشى ء ارفعه رفعا اذا اعليته عن مقره، ثم استعمل ‌فى‌ المعانى مجازا، فقيل: رفعه ‌اى‌ شرفه ‌و‌ اعلى منزلته ‌و‌ منه: «و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات».
 ‌و‌ اطقت الشى ء اطاقه: قدرت عليه فانا مطيق، ‌و‌ الاسم الطاقه مثل الطاعه اسم ‌من‌ اطاع.
 ‌و‌ حملته الشى ء فحمله: ‌اى‌ كلفته ‌ان‌ يقوم ‌به‌ فقام ‌و‌ منه قوله تعالى: «مثل الذين حملوا التوراه ثم لم يحملوها» قال الراغب: ‌اى‌ كلفوا ‌ان‌ يتحملوها، ‌اى‌ يقوموا بحقها فلم يحملوها.
 فقوله: «لم يطق حمله» ‌اى‌ لم يقدر على القيام بحق القرآن ‌من‌ فهم معناه ‌و‌ العلم بما اودع الله فيه ‌من‌ اسراره ‌و‌ حكمه كما روى عن ابى جعفر عليه السلام انه قال ‌فى‌ رساله: ‌و‌ انما القرآن امثال القوم يعلمون دون غيرهم ‌و‌ لقوم يتلونه ‌حق‌ تلاوته، ‌و‌ ‌هم‌ الذين يومنون ‌به‌ ‌و‌ يعرفونه فاما غيرهم فما اشد اشكالا عليهم ‌و‌ ابعده ‌من‌ مذاهب قلوبهم ‌و‌ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله: انه ليس شى ء بابعد ‌من‌ قلوب الرجال ‌من‌ تفسير القرآن، ‌و‌ ‌فى‌ ذلك تحير الخلق اجمعون الا ‌من‌ شاء الله.
 
 تنبيه
 
 قال السيد الجليل على ‌بن‌ طاووس قدس سره، قوله عليه السلام: «و ورثتنا علمه».
 ‌و‌ قوله: «و فضلتنا» ‌و‌ نحو ذلك ‌من‌ الالفاظ ينبغى تبديله بالفاظ تناسب حال الداعى انتهى.
 
قلت: الاولى تبديل الضمير فقط فيقال ‌فى‌ قوله: «و ورثتنا علمه» ‌و‌ ورثت اوصيائه علمه مفسرا عطفا على قوله: «انك انزلته على نبيك مجملا» ثم اعاده سائر الضمائر اليهم بان يقال: «و فضلتهم ‌و‌ قويتهم عليه لترفعهم» لما ‌فى‌ ذلك ‌من‌ ابقاء المعنى على اصله ‌و‌ الله اعلم.
 
«الكاف»: للتعليل ‌او‌ للتشبيه كما بيناه ‌فى‌ نظير هذه العباره ‌فى‌ اواخر الروضه الحاديه ‌و‌ الثلاثين.
 ‌و‌ الحمله بفتحتين: جمع حامل ‌و‌ ‌هو‌ جمع مطرد لفاعل وصف لمذكر عاقل كظالم ‌و‌ ظلمه ‌و‌ ساحر ‌و‌ سحره.
 ‌و‌ جعل قلوبهم حمله للقرآن: عباره عن اعدادها لحفظه ‌و‌ الهامها علمه ‌و‌ تدبره ‌و‌ الوقوف على حدوده ‌و‌ احكامه ‌و‌ امثاله الى غير ذلك ‌من‌ مدارك خصائصه الخارجه عن طوق غيرهم ‌من‌ البشر.
 ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يراد بحمل القلوب له مطلق حفظه ‌و‌ تعلمه فيعم غيرهم عليهم السلام.
 ‌و‌ عرفتهم الامر تعريفا: علمته اياه.
 ‌و‌ الشرف: العلو ‌و‌ الفضل ‌و‌ الكمال، ‌و‌ تعريفه سبحانه شرف القرآن الكريم ‌و‌ فضله على نوعين:
 الاول: ‌ما‌ يشترك ‌فى‌ معرفته كل احد ‌و‌ وصفه له بنعوت الشرف ‌و‌ الفضل ‌و‌ الكمال كنعته بالشرف ‌فى‌ قوله: «و القرآن ذى الذكر»: ‌اى‌ الشرف.
 
و بالاعجاز ‌فى‌ قوله تعالى: «قل لئن اجتمعت الانس ‌و‌ الجن على ‌ان‌ ياتوا بمثل هذا القرآن ‌لا‌ ياتون بمثله ‌و‌ لو كان بعضهم لبعض ظهيرا».
 ‌و‌ نعته بالبركه ‌فى‌ قوله: «كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته ‌و‌ ليتذكر اولوا الالباب» «و هذا ذكر مبارك انزلناه افانتم له منكرون».
 ‌و‌ نعته بالمجد ‌و‌ العزه ‌و‌ العظمه ‌و‌ الكرم ‌و‌ الحكمه ‌فى‌ قوله: «بل ‌هو‌ قرآن مجيد» «انه لكتاب عزيز» «و لقد آتيناك سبعا ‌من‌ المثانى ‌و‌ القرآن العظيم» «انه لقرآن كريم ‌فى‌ كتاب مكنون ‌لا‌ يمسه الا المطهرون» «تلك آيات الكتاب الحكيم» الى غير ذلك ‌من‌ كونه هدى ‌و‌ رحمه ‌و‌ شفاء ‌و‌ موعظه ‌و‌ حقا ‌و‌ صدقا ‌و‌ بلاغا ‌و‌ فضلا ‌و‌ مبينا ‌و‌ بصائر ‌و‌ بيانا ‌و‌ عدلا ‌و‌ احسن الحديث ‌و‌ كل ذلك تعريف لشرفه ‌و‌ فضله يستوى ‌فى‌ معرفته كل سامع له.
 الثانى: ‌ما‌ يختص ‌به‌ ‌من‌ اطلعه سبحانه على حقائقه ‌و‌ دقائقه ‌و‌ اسراره ‌و‌ عجائبه ‌و‌ غرائبه ‌و‌ تفاصيل ‌ما‌ اودع فيه ‌من‌ العلوم ‌و‌ الاحكام ‌و‌ ‌ما‌ كان ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ كائن ‌و‌ ‌ما‌ يكون الى يوم القيامه كما قال تعالى: «ما فرطنا ‌فى‌ الكتاب ‌من‌ شى ء» فان ‌من‌ اطلع على ذلك عرف شرف القرآن ‌و‌ فضله ‌و‌ صدق ‌ان‌ الله سبحانه عرفه ذلك ‌و‌ هذا يختص ‌به‌ خاصه الله ‌من‌ خلقه ‌و‌ ‌هم‌ الرسول ‌و‌ اهل بيته القائمون مقامه عليهم السلام.
 ‌و‌ الخطيب: فعيل بمعنى فاعل ‌من‌ خطب يخطب ‌من‌ باب- قتل-.
 خطبه بالضم: اذا تكلم بكلام يتضمن ترغيب الجمهور ‌فى‌ فعل الخير ‌و‌ تنفيرهم عن الشر ‌و‌ صناعته.
 
و الخطابه بالكسر: كالتجاره ‌و‌ الخياطه.
 قال ابن عصفور: ‌و‌ فعاله بالكسر تنقاس ‌فى‌ الصنائع، ‌و‌ اما الخطابه بالفتح فهو مصدر خطب بالضم خطابه كفصح فصاحه، فمن توهم انها بالمعنى الاول بالفتح فقد اخطا.
 ‌و‌ عرف ارباب المعقول الخطابه بانه قياس مركب ‌من‌ مقدمات مقبوله ‌او‌ مظنونه ممن يعتقد فيه الجمهور لامر سماوى ‌او‌ زهد ‌او‌ علم ‌او‌ رياضه الى غير ذلك ‌من‌ الصفات المحموده، ‌و‌ الغرض منها ترغيب الناس فيما ينفعهم ‌من‌ امور معادهم ‌و‌ معاشهم كما يفعله الخطباء ‌و‌ الوعاظ.
 اذا عرفت ذلك ظهر لك حسن تعبيره عليه السلام بقوله: «الخطيب به». اذ كان الغرض ‌من‌ خطاب الخلق ‌به‌ هدايتهم الى مصالحهم الدنيويه ‌و‌ الاخرويه ‌و‌ الا فالقرآن ليس مقصورا على الخطابه بل ‌هو‌ مشتمل على انواع القياس ‌من‌ البرهانى ‌و‌ الخطابى ‌و‌ الجدلى ‌و‌ الى ذلك وقعت الاشاره بقوله تعالى: «ادع الى سبيل ربك بالحكمه ‌و‌ الموعظه الحسنه ‌و‌ جادلهم بالتى هى احسن». فالحكمه: هى البرهان. ‌و‌ الموعظه الحسنه: هى الخطابه ‌و‌ جادلهم بالتى هى احسن: ‌اى‌ بالمشهورات المحموده التى يعترف بها الجميع ‌او‌ اكثرهم ‌هو‌ الجدلى.
 قوله عليه السلام: «و آله الخزان»، الخزان: جمع خازن، ‌من‌ خزنت الشى ء خزنا ‌من‌ باب- قتل- اذا حفظته ‌فى‌ الخزانه، ثم عبر ‌به‌ عن كل حفظ كحفظ السر ‌و‌ نحوه.
 ‌و‌ المراد باله الخزان له: اوصيائه الائمه عليهم السلام لانهم الحافظون له لفظا ‌و‌ معنى كما رواه ثقه الاسلام بسنده عن جابر قال: سمعت اباجعفر عليه السلام
 
يقول: ‌ما‌ ادعى احد ‌من‌ الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب، ‌و‌ ‌ما‌ جمعه ‌و‌ حفظه كما انزله الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ الا على ‌بن‌ ابى طالب ‌و‌ الائمه ‌من‌ بعده صلوات الله عليهم.
 ‌و‌ عنه ايضا عليه السلام انه قال: ‌ما‌ يستطيع احد ‌ان‌ يدعى ‌ان‌ عنده جميع القرآن كله ظاهره ‌و‌ باطنه غير الاوصياء عليهم السلام.
 ‌و‌ الاخبار ‌فى‌ هذا المعنى كثيره.
 قوله عليه السلام: «ممن يعترف بانه ‌من‌ عندك» الاعتراف: الاقرار، ‌و‌ اصله اظهار معرفه ‌ما‌ يقربه.
 ‌و‌ ‌من‌ عندك: ‌اى‌ منزل ‌من‌ عندك فمتعلقه كون خاص، ‌و‌ قول ابى حيان: ‌ان‌ الخاص ‌لا‌ يحذف.
 ‌و‌ هم، لاتفاقهم على جواز حذف الخبر.
 ‌و‌ «حتى» تعليليه.
 ‌و‌ عارضه الشك: بمعنى اعترضه، ‌اى‌ عرض له فمنعه ‌من‌ اليقين، ‌و‌ اصله ‌من‌ قولهم: « سرت فعرض لى ‌فى‌ الطريق عارض ‌من‌ جبل ‌او‌ بناء ‌او‌ نحو ذلك» ‌اى‌ مانع يمنعنى ‌من‌ المضى.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه حتى ‌لا‌ يعترضنا، ‌و‌ الشك هنا خلاف اليقين ‌و‌ ‌هو‌ التردد بين شيئين سواء استوى طرفاه ‌او‌ رجح احدهما على الاخر فيشمل الظن.
 قال تعالى: «فان كنت ‌فى‌ ‌شك‌ مما انزلنا اليك» قال المفسرون: ‌اى‌ غير مستيقن ‌و‌ ‌هو‌ يعم الحالتين.
 
و صدقته تصديقا: نسبته الى الصدق، ‌و‌ قلت له: صدقت. ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد بتصديقه: التصديق ‌به‌ على الحذف ‌و‌ الايصال، ‌اى‌ الاذعان ‌به‌ ‌و‌ القبول له.
 ‌و‌ خلجه خلجا ‌من‌ باب- قتل- ‌و‌ اختلجه اختلاجا: جنبه ‌و‌ انتزعه، ‌و‌ منه: «الخليج» للنهر الذى يقتطع ‌من‌ النهر الاعظم الى موضع آخر.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «ليردن على الحوض اقوام ثم ليختلجن دونى» ‌اى‌ يجتذبون ‌و‌ يقتطعون.
 ‌و‌ الزيغ: الميل عن الاستقامه.
 ‌و‌ قصد الطريق: استقامته، ‌و‌ طريق قصد ‌اى‌ قاصد بمعنى مستقيم فقصد طريقه، اما بمعنى استقامه طريقه ‌او‌ طريقه المستقيم ‌من‌ باب اضافه الصفه الى الموصوف ‌و‌ الله اعلم.
 
الاعتصام بالشى ء: التمسك به.
 ‌و‌ الحبل: العهد ‌و‌ الميثاق مستعار ‌من‌ الحبل المعروف لما ‌فى‌ العهد، ‌و‌ الميثاق ‌من‌ ثبات الوصله بين المتعاهدين ‌و‌ المتواثقين.
 قال الزمخشرى: قولهم اعتصمت بحبله يجوز ‌ان‌ يكون تمثيلا لاستظهاره ‌به‌ ‌و‌ وثوقه بحمايته بامتثال المتدلى ‌من‌ مكان مرتفع بحبل وثيق يامن انقطاعه ‌و‌ ‌ان‌ يكون الحبل استعاره لعهده، ‌و‌ الاعتصام استعاره لوثوقه ‌او‌ ترشيحا لاستعاره الحبل بما يناسبه. انتهى.
 
و المعنى على الاول اعنى التمثيل ‌اى‌ تشبيه الحاله بالحاله ‌من‌ غير اعتبار مجاز ‌فى‌ المفردات.
 ‌و‌ اجعلنا ممن يستعين به: ‌اى‌ بالقرآن، ‌و‌ على الثانى ‌و‌ ‌هو‌ اعتبار مجاز المفردات اجعلنا ممن يتمسك بعهده، ‌و‌ المراد ‌به‌ عهد الله ‌و‌ ميثاقه المذكور فيه كقوله تعالى: «ام يوخذ عليهم ميثاق الكتاب ‌ان‌ ‌لا‌ يقولوا على الله الا الحق».
 قال المفسرون: ‌اى‌ ميثاق الله المذكور ‌فى‌ كتابه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ ‌لا‌ يقولوا على الله الا الحق.
 فعهده تعالى ‌فى‌ القرآن ‌هو‌ ‌ما‌ كلف ‌به‌ عباده ‌من‌ الاوامر ‌و‌ النواهى ‌و‌ العمل ‌به‌ ‌و‌ اللزوم لطريقته ‌و‌ الاخذ باحكامه.
 ‌و‌ اوى الى كذا ياوى ‌من‌ باب- ضرب- اويا على فعول: انضم اليه ‌و‌ التجا ‌و‌ منه: ساوى الى جبل يعصمنى ‌من‌ الماء»، ‌اى‌ التجا.
 ‌و‌ المتشابهات: الامور التى تشابهت ‌و‌ التبست، فلم يتميز الحق فيها ‌من‌ الباطل، ‌و‌ ‌لا‌ داعى لتخصيصها بمتشابهات القرآن.
 ‌و‌ الحرز: الموضع الحصين الذى يحفظ فيه.
 ‌و‌ المعقل: كمسجد: الملجا جبلا كان ‌او‌ حصنا.
 ‌و‌ سكن المكان ‌و‌ فيه: استوطنه.
 ‌و‌ الظل: الفى ء الحاصل ‌من‌ الحاجز بينك ‌و‌ بين الشمس مطلقا.
 ‌و‌ قيل: مخصوص بما كان منه الى الزوال ‌و‌ ‌ما‌ بعده ‌هو‌ الفى ء.
 ‌و‌ الجناح: الجانب ماخوذ ‌من‌ جناح الطائر. يقال: انا ‌فى‌ ظل جناح فلان، ‌اى‌ ‌فى‌ ذراه ‌و‌ ستره ‌و‌ حمايته.
 ‌و‌ الضوء: النور ‌و‌ عرف بانه كيفيه تدركها الباصره اولا ‌و‌ بواسطتها سائر
 
المبصرات، ‌و‌ فرق الحكماء بينهما فخصوا الضوء بما يكون للشى ء ‌من‌ ذاته كما للشمس، ‌و‌ النور بما يكون له ‌من‌ غيره كما للقمر، ‌و‌ لما كان هذا الفرق ‌من‌ تدقيقات الحكماء ‌و‌ كان الشائع ‌فى‌ لغه العرب اطلاق كل منهما على الاخر ‌و‌ اجرائهما مجرى واحد اطلق عليه السلام الضوء على النور لان ضوء الصبح انما ‌هو‌ ‌من‌ ضياء الشمس قطعا كما تقدم بيانه ‌فى‌ الروضه السادسه.
 ‌و‌ اقتدى به: فعل مثل فعله تاسيا، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا الاستدلال، ‌اى‌ يستدل بتبلج اسفاره.
 اطلق الاقتداء على الاستدلال لانه لازم له ‌من‌ باب اطلاق اللازم على الملزوم .
 ‌و‌ بلج الصبح بلوجا: ‌من‌ باب- قعد-. ‌و‌ تبلج ‌و‌ ابتلج اضاء ‌و‌ اشرق ‌و‌ اسفر الصبح اسفارا وضح ‌و‌ انكشف.
 ‌و‌ قال الراغب: الاسفار: يختص باللون نحو: «و الصبح اذا اسفر»، ‌اى‌ اشرق لونه.
 ‌و‌ المصباح: السراج، ‌و‌ استصبحت به: اسرجته.
 ‌و‌ هذه الفقرات كلها استعارات اما تمثيليه على تشبيه الحاله بالحاله ‌و‌ المفردات على حقائقها ‌من‌ غير اعتبار مجاز فيها، ‌او‌ مصرحه مرشحه باعتبار مجاز مفرداتها كما ذكرناه ‌فى‌ الفقره الاولى، ‌و‌ اعتبر ‌فى‌ كل لفظ ‌ما‌ يناسب استعارته له ‌من‌ صفات القرآن ‌و‌ لاخفاء به.
 ‌و‌ التمست الشى ء: طلبته.
 ‌و‌ «غير» هنا على اصلها ‌من‌ كونها صفه مفيده لمغايره مجرورها لموصوفها بالذات، ‌اى‌ ‌فى‌ كتاب غيره مشتمل على غير ‌ما‌ اشتمل ‌هو‌ عليه ‌و‌ مرشد الى غير ‌ما‌ ارشد اليه كقوله تعالى: «قال الذين ‌لا‌ يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا ‌او‌
 
بدله».
 ‌و‌ قال بعضهم: طلب الهدى ‌فى‌ غيره انما يكون لظن ‌ان‌ غيره ‌حق‌ ‌او‌ احق ‌و‌ كلاهما كفر ‌و‌ ضلال، ‌و‌ لذلك جاء ‌فى‌ الحديث النبوى ‌من‌ ابتغى الهدى ‌فى‌ غيره اضله الله. اخرج الترمذى ‌و‌ الدارمى ‌و‌ غيرهما ‌من‌ طريق الحرث الاعور رضى الله عنه عن على عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله يقول: ستكون فتن، قلت: فما المخرج منها ‌يا‌ رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبا ‌ما‌ قبلكم ‌و‌ خبر ‌ما‌ بعدكم ‌و‌ حكم ‌ما‌ بينكم ‌و‌ ‌هو‌ الفصل ليس بالهزل ‌من‌ تركه ‌من‌ جبار قصمه الله ‌و‌ ‌من‌ ابتغى الهدى ‌فى‌ غيره اضله الله، ‌و‌ ‌هو‌ حبل الله المتين ‌و‌ ‌هو‌ الذكر الحكيم ‌و‌ ‌هو‌ الصراط المستقيم ‌و‌ ‌هو‌ الذى ‌لا‌ تزيغ ‌به‌ الاهواء ‌و‌ ‌لا‌ تلتبس ‌به‌ الالسنه ‌و‌ ‌لا‌ تشبع منه العلماء ‌و‌ ‌لا‌ يخلق ‌من‌ كثره الرد ‌و‌ ‌لا‌ تنقضى عجائبه، ‌من‌ قال ‌به‌ صدق ‌و‌ ‌من‌ عمل ‌به‌ اجر ‌و‌ ‌من‌ حكم ‌به‌ عدل ‌و‌ ‌من‌ دعى اليه هدى الى صراط مستقيم.
 
«الكاف» للتعليل ‌او‌ التشبيه كما مر غير مره.
 ‌و‌ نصبت العلم ‌و‌ نحوه نصبا ‌من‌ باب- ضرب-: اقمته.
 ‌و‌ «الباء» ‌فى‌ «به» للسببيه، ‌او‌ للملابسه، ‌او‌ للاستعانه.
 ‌و‌ العلم بالتحريك: العلامه ‌و‌ الرايه ‌و‌ المنار الذى ينصب ‌فى‌ الطريق ليهتدى به.
 ‌و‌ ‌دل‌ على الشى ء ‌و‌ اليه ‌من‌ باب- قتل- دلاله بكسر الدال ‌و‌ فتحها: ارشد اليه
 
 
و هدى الى معرفته فالمراد بالدلاله عليه سبحانه الدلاله على معرفته ‌من‌ كونه الها ‌و‌ ربا ‌و‌ صانعا ‌و‌ التصديق بوجوده ‌و‌ توحيده ‌و‌ تنزيهه عن الشريك ‌و‌ المثل الى غير ذلك ‌من‌ المعارف الالهيه ‌و‌ الصفات الربانيه التى ‌دل‌ عليها الكتاب ‌و‌ السنه.
 ‌و‌ ‌فى‌ معنى هذه لفقره ‌من‌ الدعاء قول اميرالمومنين عليه السلام ‌من‌ خطبته «فبعث محمدا صلى الله عليه ‌و‌ آله بقرآن قد بينه ‌و‌ احكمه ليعلم العباد ربهم اذ جهلوه ‌و‌ ليقروا ‌به‌ بعد ‌ان‌ جحدوه ‌و‌ ليثبتوه بعد ‌ان‌ انكروه.
 ‌و‌ نهجت الطريق، ‌و‌ انهجته: ‌او‌ ضحته ‌و‌ ابنته، ‌و‌ نهج الطريق ‌و‌ انهج ايضا: وضح ‌و‌ استبان، يستعملان لازمين ‌و‌ متعديين.
 ‌و‌ المراد باله: اوصيائه ‌من‌ عترته الذين اوضح بهم سبل رضاه الموصله اليه اذ كانوا عليهم السلام ‌هم‌ المعدين لاذهان الخلق لقبول انوار الله، ‌و‌ المرشدين لنفوسهم الى سبيل رضاء الله ‌و‌ هى الطريق الموصله اليه تعالى التى تطابقت على الهدايه اليها السنه الانبياء ‌و‌ الاوصياء.
 ‌و‌ ‌فى‌ هذا المعنى عن الصادق عليه السلام ‌ان‌ الله اوضح بائمه الهدى ‌من‌ اهل بيت نبينا عن دينه ‌و‌ ابلج بهم عن سبيل منهاجه وضح بهم ‌من‌ باطن ينابيع علمه فمن عرف ‌من‌ امه محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ احب ‌حق‌ امامه وجد طعم حلاوه ايمانه ‌و‌ علم فضل طلاوه اسلامه.
 ‌و‌ الوسيله: ‌ما‌ يتقرب ‌به‌ الى الشى ء ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ابتغوا اليه الوسيله».
 ‌و‌ اشرف منازل الكرامه: ارفعها ‌و‌ اعلاها ‌من‌ الشرف بمعنى المكان العالى.
 ‌و‌ منازل الكرامه: ‌ما‌ اعده سبحانه ‌فى‌ دار القرار لاوليائه الابرار ‌من‌ المراتب ‌و‌ المنازل العليه ‌من‌ القصور المشيده ‌و‌ الغرف المبنيه كما قال تعالى: «لكن الذين اتقوا
 
ربهم لهم غرف ‌من‌ فوقها غرف مبنيه تجرى ‌من‌ تحتها الانهار».
 ‌و‌ السلم: ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى الامكنه العاليه فيرجى ‌به‌ السلامه ثم جعل اسما لكل ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى شى ء رفيع كالسبب.
 ‌و‌ عرج يعرج عروجا ‌من‌ باب- قعد-: ذهب ‌فى‌ صعود.
 ‌و‌ محل السلامه: ‌هو‌ الجنه لانها محل الخلوص ‌من‌ الافات ‌و‌ المكاره ‌و‌ لذلك سميت دار السلام.
 قال الراغب: ‌و‌ السلامه الحقيقيه ليست الا ‌فى‌ الجنه لان فيها بقاء بلا فناء، ‌و‌ غنى بلا فقر، ‌و‌ عزا بلا ذل ‌و‌ صحه بلا سقم، ‌و‌ لذلك قال تعالى: «ادخلوها بسلام آمنين».
 ‌و‌ السبب: كل ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى شى ء ‌و‌ اصله الحبل الذى يصعد ‌به‌ النخل ‌و‌ نحوه.
 ‌و‌ عرصه الدار: ساحتها، ‌و‌ هى البقعه الواسعه التى ليست فيها بناء.
 ‌و‌ قال الثعالبى ‌فى‌ فقه اللغه: كل بقعه ليس فيها بناء فهى عرصه.
 ‌و‌ القيامه: عباره عن قيام الناس ‌من‌ قبورهم المذكور ‌فى‌ قوله تعالى: «يوم يقوم الناس لرب العالمين» ‌و‌ اصلها ‌ما‌ يكون ‌من‌ الانسان ‌من‌ القيام دفعه واحده، ادخل فيها الهاء تنبيها على وقوعها دفعه واحده، ‌و‌ اضافه العرصه اليها كاضافه الدار الى الندوه ‌فى‌ قولهم دار الندوه للمكان المعروف بمكه لانهم كانوا يندون بها ‌اى‌ يجتمعون ‌و‌ ‌من‌ توهم ‌ان‌ الاضافه كعرصه الدار فقد اغرب.
 ‌و‌ الذريعه: الوسيله.
 ‌و‌ قدم الرجل على اهله يقدم ‌من‌ باب- تعب- قدوما: ورد عليهم ‌من‌ سفر ‌و‌ نحوه.
 
و النعيم: النعمه الوافره: ‌و‌ هى الحاله الحسنه ‌و‌ طيب العيش.
 ‌و‌ دار المقامه: ‌اى‌ دار الاقامه: ‌و‌ هى الجنه، سميت بذلك لانه ‌لا‌ انتقال عنها ابدا.
 قال تعالى: «الذى احلنا دار المقامه ‌من‌ فضله ‌لا‌ يمسنا فيها نصب ‌و‌ ‌لا‌ يمسنا فيها لغوب».
 
الحط: انزال الشى ء ‌من‌ علو، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و قولوا حطه» ‌اى‌ حط عنا ذنوبنا.
 ‌و‌ الثقل بالكسر: الحمل الثقيل، ‌و‌ جمعه اثقال، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و ليحملن اثقالهم ‌و‌ اثقالا مع اثقالهم».
 ‌و‌ الاوزار: جمع وزر بالكسر ‌و‌ ‌هو‌ الاثم، شبه الاوزار بالحمل الثقيل ثم قدم المشبه ‌به‌ على المشبه ‌و‌ اضافه اليه كما ‌فى‌ لجين الماء ‌اى‌ ماء كاللجين، ‌و‌ ‌ما‌ وقع لبعضهم ‌من‌ جعل الثقل مصدرا مخففا ‌من‌ ثقل كعنب لانه الاصل ‌لا‌ يناسبه الحط الا بتاويل يرجع الى ‌ما‌ ذكرناه ‌و‌ ‌هو‌ تطويل ‌من‌ غير طائل.
 ‌و‌ الشمائل: جمع شمال بالكسر ‌و‌ ‌هو‌ الخلق.
 يقال: ‌هو‌ كريم الشمائل: ‌اى‌ الاخلاق، ‌و‌ ‌ما‌ ذلك ‌من‌ شمالى ‌اى‌ ‌من‌ خلقى.
 ‌و‌ الابرار: جمع ‌بر‌ بالفتح ‌و‌ ‌هو‌ التقى ‌او‌ الصادق ‌او‌ المتوسع ‌فى‌ طاعه الله تعالى
 
بالعباده، ‌و‌ ‌هو‌ خلاف الفاجر ايضا.
 وقفوت اثره قفوا ‌من‌ باب- قال- تبعته، لانك تتبع قفاه وقفوت ‌به‌ اثره: اتبعته اياه، فالباء للتعديه.
 ‌و‌ الاثار: جمع اثر بفتحتين: ‌و‌ ‌هو‌ الطريق المستدل على ‌من‌ تقدم ‌و‌ اصله ‌من‌ اثر المشى ‌فى‌ الارض، ‌و‌ منه قوله تعالى: «فهم على آثارهم يهرعون» ‌اى‌ يسرعون.
 ‌و‌ قام بالامر: جد فيه ‌و‌ اجتهد.
 ‌و‌ آناء الليل: ساعاته، جمع انى بالكسر ‌و‌ القصر ‌و‌ اناء بالفتح ‌و‌ المد.
 ‌و‌ اطراف النهار: ‌اى‌ طرفيه، ‌و‌ مجيئه بلفظ الجمع للمبالغه، ‌و‌ امن الالتباس ‌او‌ لان اقل الجمع اثنان ‌و‌ اراد طرفى كل نهار لان النهار جنس ‌او‌ اجزاء النهار، لان كل جزء كالطرف له، ‌و‌ انما قدمت آناء الليل على اطراف النهار هنا. ‌و‌ ‌فى‌ قوله تعالى: «و ‌من‌ آناء الليل فسبح ‌و‌ اطراف النهار» تنبيها على زياده الاهتمام بشان العباده بالليل، لان الليل وقت السكون ‌و‌ الراحه ‌و‌ هدو الاصوات، فالقيام بالعباده فيه اشق على النفس ‌و‌ ادخل ‌فى‌ الاخلاص، ‌و‌ اقرب ‌من‌ المحافظه على الخشوع ‌و‌ الاخبات، ‌و‌ الكلام اما استعاره تمثيليه ‌ان‌ جعل المشبه ‌به‌ فيه صوره منتزعه ‌من‌ اتباع شخص آثار قوم تقدموه يمشى خلفهم ‌و‌ يسلك طرقهم، ‌و‌ المشبه صوره منتزعه ‌من‌ تصيير حاله كحالهم ‌فى‌ القيام بما قالوا ‌به‌ ‌و‌ توفيقه للعمل كاعمالهم، ‌او‌ استعاره مكنيه تخييليه ‌ان‌ قصد فيه الى تشبيه القائمين بالقرآن، ‌و‌ المجتهدين ‌فى‌ تلاوته، ‌و‌ العمل ‌به‌ بقوم تقدموه ‌فى‌ المسير ‌و‌ جعل اثبات الاثار لها تنبيها على ذلك ‌و‌ ‌هو‌ التخييل ‌و‌ ذكر القفو ترشيح.
 ‌و‌ الدنس بفتحتين: الوسخ، ‌من‌ دنس الثوب يدنس دنسا ‌من‌ باب- تعب- اذا
 
اتسخ فهو دنس، استعير للاثم لتلوث النفس ‌و‌ درنها به.
 ‌و‌ طهره تطهيرا: نقاه ‌من‌ الدنس ‌و‌ النجس، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا محو الذنب ‌و‌ التجاوز عن المعصيه، ‌و‌ انما عبر ‌به‌ لترشيح استعاره الدنس للاثم ‌و‌ المعصيه.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله: «بتطهيره» للسببيه، ‌و‌ الضمير للقرآن ‌و‌ اضافه التطهير اليه ‌من‌ اضافه المصدر الى الفاعل ‌و‌ اسناد التطهير اليه سبحانه اولا باعتبار انه تعالى ‌هو‌ المفيض لقوه الاستعداد للنقاء ‌من‌ الدنس، ‌و‌ الى القرآن ثانيا باعتبار انه سبب له.
 ‌و‌ الاستضاءه بنور القرآن عباره عن الاهتداء بهداه، ‌و‌ الاخذ باوامره ‌و‌ نواهيه، ‌و‌ التخلق باخلاقه ‌و‌ التادب بادابه الى غير ذلك مما يدل عليه ‌و‌ يرشد اليه كما قال تعالى: «ان هذا القرآن يهدى للتى هى اقوم».
 ‌و‌ اللهو: ‌ما‌ يشغل الانسان عما يعنيه ‌و‌ يهمه.
 قال الطرطوشى: ‌و‌ اصل اللهو: الترويح عن النفس بما ‌لا‌ تقتضيه الحكمه.
 يقول اهل نجد: لهوت عنه الهو لهيا ‌و‌ الاصل فعول ‌من‌ باب- قعد-، ‌و‌ اهل العاليه لهيت عنه الهى ‌من‌ باب- تعب- ‌و‌ الهانى الشى ء عن كذا: شغلنى عما ‌هو‌ اهم ‌و‌ منه قوله تعالى: «لا تلهيهم تجاره ‌و‌ ‌لا‌ بيع عن ذكر الله».
 ‌و‌ معنى لم يلههم الامل عن العمل: ‌اى‌ لم يشغلهم التوقع لطول الاعمار، ‌و‌ بلوغ الاوطار عن الاعمال الصالحه ‌و‌ القيام بوظائف الطاعه ‌و‌ العباده.
 ‌و‌ قطعت زيدا عن حقه ‌و‌ اقتطعته: منعته منه، ‌و‌ قد يستعمل الاقتطاع ‌فى‌ اخذ بعض الشى ء.
 يقال: اقتطع طائفه ‌من‌ الشى ء: ‌اى‌ اخذها منه ‌و‌ اقتطع الذئب الشاه ‌من‌ الغنم: ‌اى‌ اخذها ‌من‌ جمله الغنم ‌و‌ ذهب بها، ثم اطلق على مجرد الاصابه بالمكروه ‌و‌ الاهلاك
 
من القتل ‌و‌ نحوه، ‌و‌ منه حديث فخشينا ‌ان‌ يقتطع دوننا.
 قال النووى: ‌اى‌ يصاب بمكروه ‌من‌ عدوه.
 ‌و‌ حديث: لو شئنا لاقتطعناهم: ‌اى‌ فتكنا بهم ‌و‌ قتلناهم، ‌و‌ اراده هذا المعنى هنا انسب ‌و‌ اوضح ‌من‌ معنى القطع بمعنى الحبس ‌و‌ المنع لتضمن الهاء الامل له، فيكون المراد باقتطاع الامل لهم: اصابته لهم بالمكروه ‌و‌ اهلاكه لهم بخدع غروره حيث الهاهم عن العمل ‌و‌ شغلهم عما ‌به‌ نجاتهم ‌من‌ المهالك ‌و‌ التاسيس خير ‌من‌ التاكيد.
 ‌و‌ الخدع: جمع خدعه بالضم: ‌و‌ هى ‌ما‌ يخدع ‌به‌ الانسان مثل اللعبه بالضم لما يلعب به.
 ‌و‌ خدعه خدعا ‌من‌ باب- منع-: انزله ‌و‌ صرفه عما ‌هو‌ بصدده بامر يبديه على خلاف ‌ما‌ يخفيه.
 ‌و‌ غرته الدنيا غرورا ‌من‌ باب- قعد-: خدعه بزينتها ‌و‌ غرور الامل: اختداعه للانسان بتوقع الامور المحبوبه الدنيويه الموجب لملاحظتها المستلزمه لاعراض النفس عن احوال الاخره ‌و‌ نسيانها، ‌و‌ بذلك يكون الهلاك الابدى ‌و‌ الشقاء السرمدى نعوذ بالله منه، ‌و‌ قد اسلفنا ‌فى‌ الرياض السابقه ‌من‌ بيان مضار الامل ‌ما‌ اغنى عن الاعاده.
 
الانس بالضم: خلاف الوحشه ‌و‌ النفور ‌و‌ ‌هو‌ اسم ‌من‌ انس انسا ‌من‌ باب- علم- ‌و‌ ‌فى‌ لغه ‌من‌ باب- ضرب-: ‌اى‌ سكن قلبه ‌و‌ اطمان ‌و‌ لم ينفر.
 ‌و‌ انسه ايناسا: ازال وحشته فهو مونس ‌و‌ التخصيص بظلم الليل لحصول الوحشه
 
بها، ‌و‌ لهذا قيل: اذا جاء الليل استانس كل وحشى ‌و‌ استوحش كل انسى.
 ‌و‌ النزغات: جمع نزغه فعله ‌من‌ النزغ ‌و‌ ‌هو‌ شبيه النخس ‌و‌ الشيطان ينزغ الانسان كانه ينخسه ‌و‌ يبعثه ‌و‌ حمله على ‌ما‌ ‌لا‌ ينبغى. قال تعالى: «و اما ينزغنك ‌من‌ الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم»:
 ‌و‌ الخطرات: جمع خطره. قال ‌فى‌ الاساس: خطر ذلك ببالى ‌و‌ على بالى وله خطرات ‌و‌ خواطر: ‌و‌ هى ‌ما‌ يتحرك ‌فى‌ القلب ‌من‌ راى ‌او‌ معنى انتهى.
 ‌و‌ الوساوس: جمع وسوسه ‌و‌ هى الخطره الرديه ‌من‌ الخطرات الداعيه الى المعاصى فاضافه الخطرات اليها ‌من‌ باب- خاتم حديد- ‌و‌ اضافه الوساوس الى الشيطان ‌من‌ باب- اضافه الفعل الى الفاعل- لالقائه الدواعى الرديه ‌فى‌ القلب. قال تعالى: «فوسوس اليه الشيطان». ‌و‌ قال «الذى يوسوس ‌فى‌ صدور الناس» ‌اى‌ يلقى الخواطر الرديه ‌فى‌ صدورهم.
 ‌و‌ حرسه يحرسه ‌من‌ باب- قتل-: حفظه فهو حارس ‌و‌ الاسم الحراسه بالكسر.
 ‌و‌ الاقدام: جمع قدم ‌و‌ ‌هو‌ العضو الذى يقدمه صاحبه للوطى ء ‌به‌ على الارض.
 ‌و‌ نقل الشى ء: تحويله ‌من‌ موضع الى موضع، ‌و‌ الفعل ‌من‌ باب كسب ‌و‌ اضافه النقل الى ضمير الاقدام ‌من‌ باب اضافه الفعل الى آلته المتصله ‌و‌ نسبته اليها كانها هى الفاعله له، ‌و‌ حذف المفعول للعلم به، ‌اى‌ عن نقلها ايانا الى المعاصى،
 
كما قال الشاعر:
 لعمرك ‌ما‌ حدثت نفسى بريبه
 ‌و‌ ‌لا‌ نقلتنى نحو فاحشه رجلى
 فاسند النقل الى الرجل اسناد الفعل الى فاعله ‌و‌ جعل نفسه المنقول.
 ‌و‌ ‌ما‌ وقع ‌فى‌ كثير ‌من‌ التراجم ‌من‌ ‌ان‌ النقل مصدر نقل لازما بمعنى الانتقال ‌لا‌ اصل له ‌فى‌ اللغه، اذ لم يسمع نقل الا متعديا.
 ‌و‌ الحبس: المنع ‌من‌ الانبعاث، حبسه يحبسه حبسا ‌من‌ باب- ضرب- فهو حابس.
 ‌و‌ الالسنه: جمع لسان، قال الفيومى: اللسان: العضو يذكر ‌و‌ يونث، فمن ذكر: جمعه على السنه، ‌و‌ ‌من‌ انث: جمع على السن.
 قال ابوحاتم: ‌و‌ التذكير اكثر ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ القرآن كله مذكر.
 ‌و‌ خاض ‌فى‌ الامر خوضا: دخل فيه ‌و‌ اصله ‌من‌ خاض الرجل الماء خوضا: اذا مشى فيه، ثم استعير ‌فى‌ الامور، ‌و‌ اكثر ‌ما‌ ورد ‌فى‌ القرآن ورد فيما يذم الدخول فيه.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «فى الباطل»: ‌اى‌ ‌فى‌ الحديث الباطل بقرينه الالسنه.
 ‌و‌ الافه: عرض يفسد ‌ما‌ يصيبه، ‌و‌ هى العاهه ‌و‌ ‌من‌ للابتداء متعلق بقوله: «مخرسا»، ‌و‌ ‌ما‌ بعد غير زائده غير كافه للعمل ‌و‌ التقييد بذلك للاحتراس عن احتمال المكروه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يكون الاخراس عن آفه تصيب الالسنه فتمنعها الكلام كقوله تعالى: «و اضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء ‌من‌ غير سوء» احتراسا عن البرص.
 ‌و‌ خرس خرسا ‌من‌ باب- فرح-: انعقد لسانه عن الكلام فهو اخرس، ‌و‌ اخرسه الله فهو مخرس ‌و‌ قيده بعضهم بكونه خلقه.
 ‌و‌ الجوارح: اعضاء الانسان التى يكتسب بها.
 
و اقترف الاثم: اجترحه ‌و‌ اكتسبه.
 ‌و‌ زجره زجرا ‌من‌ باب- قتل-: منعه.
 ‌و‌ طواه طيا ‌من‌ باب- رمى-: خلاف نشره، ‌و‌ اصل الطى ‌و‌ النشر ‌فى‌ الثوب ‌و‌ نحوه ثم استعملا ‌فى‌ المعانى مجازا.
 ‌و‌ من: بيانيه.
 ‌و‌ تصفح الامر: نظر فيه.
 ‌و‌ الاعتبار: الاتعاظ ‌و‌ منه قوله تعالى: «فاعتبروا ‌يا‌ اولى الابصار» ‌و‌ العبره بالكسر: اسم منه، قال الخليل: العبره: الاعتبار بما مضى، ‌اى‌ الاتعاظ ‌و‌ التذكر.
 ‌و‌ «حتى»: تعليليه متعلقه بالجعل.
 ‌و‌ الضمير ‌فى‌ توصل خطاب لله تعالى.
 ‌و‌ عجائب القرآن: اللطائف المعجبه ‌من‌ انواع العلوم ‌و‌ فنون الحكم المودعه فيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث النبوى «لا تنقضى عجائبه» ‌و‌ ذلك انه كلما تامله الانسان استخرج منه بفكره ‌من‌ بدائع الحكم ‌و‌ دقائق المعانى ‌ما‌ لم يكن عنده ‌من‌ قبل.
 ‌و‌ «زواجر امثاله»: ‌اى‌ امثاله الزواجر، ‌اى‌ المانعه عن ارتكاب الماثم ‌و‌ اتباع الاهواء.
 ‌و‌ الامثال: جمع مثل بفتحتين ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل بمعنى المثل ‌و‌ النظير. يقال: مثل ‌و‌ مثل ‌و‌ مثيل كشبه ‌و‌ شبه ‌و‌ شبيه، ثم اطلق على القول السائر الذى يمثل مضربه بمورده، ‌و‌ حيث لم يكن ذلك الا قولا بديعا فيه غرابه صيرته جديرا بالتسيير ‌فى‌ البلاد ‌و‌ خليقا بالقبول عند كل حاضر ‌و‌ باد استعير لكل حال ‌او‌ صفه ‌او‌ قصه لها شان
 
عجيب ‌و‌ خطر غريب ‌من‌ غير ‌ان‌ يلاحظ بينهما ‌و‌ بين شى ء آخر تشبيه.
 ‌و‌ منه قول ‌عز‌ ‌و‌ جل: «و لله المثل الاعلى» ‌اى‌ الوصف الذى له شان عظيم ‌و‌ خطر جليل.
 ‌و‌ قوله تعالى: «مثل الجنه التى وعد المتقون» ‌اى‌ قصتها العجيبه. فالمراد بامثال القرآن ‌ما‌ اشتمل عليه ‌من‌ ذكر الاحوال، ‌و‌ الصفات الغريبه، ‌و‌ الاخبار ‌و‌ القصص العجيبه التى كانها امثال ‌فى‌ غرابتها. قال تعالى: «و لقد ضربنا للناس ‌فى‌ هذا القرآن ‌من‌ كل مثل» قال جار الله: ‌اى‌ وصفنا لهم كل صفه كانها مثل ‌فى‌ غرابتها ‌و‌ قصصنا عليهم كل قصه عجيبه البيان.
 ‌و‌ قال بعضهم: سميت الحكم القائم صدقها ‌فى‌ العقول امثالا لانتصاب صورها ‌فى‌ العقول، مشتقه ‌من‌ المثول الذى ‌هو‌ الانتصاب.
 ‌و‌ روى عن الصادق عليه السلام انه قال امثال القرآن لها فوائد فانعموا النظر ‌و‌ تفكروا ‌فى‌ معانيها ‌و‌ ‌لا‌ تمروا بها.
 قال بعض العلماء: ضرب الامثال ‌فى‌ القرآن يستفاد منه امور كثيره: التذكير ‌و‌ الوعظ ‌و‌ الحث ‌و‌ الزجر ‌و‌ الاعتبار ‌و‌ التقرير ‌و‌ تقريب المراد للعقل ‌و‌ تصويره بصوره المحسوس، فان الامثال تصور المعانى بصوره الاشخاص لانها اثبت ‌فى‌ الذهن لاستعانه الذهن فيها بالحواس ‌و‌ ‌من‌ ثم كان الغرض ‌من‌ المثل تشبيه الخفى بالجلى ‌و‌ الغائب بالشاهد.
 ‌و‌ تاتى امثال القرآن مشتمله على بيان تفاوت الاجر ‌و‌ على المدح ‌و‌ الذم ‌و‌ على الثواب ‌و‌ العقاب ‌و‌ على تفخيم الامر ‌و‌ تحقيره ‌و‌ على تحقيق امر ‌او‌ ابطاله.
 
قال تعالى: «و ضربنا لكم الامثال» فامتن علينا بذلك لما تضمنه ‌من‌ الفوائد انتهى.
 ‌و‌ لما كانت الامثال ‌لا‌ يدرك حسن مبانيها ‌و‌ لطف معانيها ‌و‌ كيفيه ارتباطها بالمقصود ‌و‌ طريق دلالتها على المطلوب الا العلماء الذين ينقلون بنور بصيرتهم ‌و‌ ضياء سريرتهم ‌من‌ ظاهره الى باطنه ‌و‌ ‌من‌ محسوسه الى معقوله. قال تعالى: «و تلك الامثال نضربها للناس ‌و‌ ‌ما‌ يعقلها الا العالمون»، ‌و‌ لذلك وقع ‌فى‌ الدعاء سوال فهمها عطفا على سئوال فهم عجائبه.
 قال بعضهم: ‌من‌ اعظم علم القرآن علم امثاله ‌و‌ الناس ‌فى‌ غفله عنه لاشتغالهم بالامثال ‌و‌ اغفالهم الممثلات، ‌و‌ المثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام ‌و‌ الناقه بلازمام.
 ‌و‌ قد عده الشافعى مما يجب على المجتهد معرفته ‌من‌ علوم القرآن فقال: ثم معرفه ‌ما‌ ضرب فيه ‌من‌ الامثال الدوال على طاعته المبينه لاجتناب معصيته.
 قال تعالى «و لقد ضربنا للناس ‌فى‌ هذا القرآن ‌من‌ كل مثل لعلهم يتذكرون» ‌اى‌ يتعظون.
 قوله عليه السلام: «التى ضعفت الجبال الرواسى على صلابتها عن احتماله».
 الموصول ‌فى‌ محل خفض نعت لعجائبه، ‌و‌ زواجر امثاله ‌و‌ افراده للتاويل بالجماعه، ‌و‌ الضمير ‌فى‌ احتماله للعجائب ‌و‌ الزواجر المذكوره ‌و‌ تذكيره لاجرائه مجرى ذلك كانه قيل: عن احتمال ذلك ‌و‌ نظيره قوله تعالى: «و آتوا النساء صدقاتهن نحله فان طبن لكم عن شى ء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا».
 قال الزمخشرى ‌و‌ غيره الضمير ‌فى‌ «منه» للصدقات ‌و‌ ‌هو‌ جار مجرى اسم الاشاره كانه قيل فان طبن لكم عن شى ء ‌من‌ ذلك فانه قد يشار ‌به‌ الى متعدد، كما قال
 
تعالى: «قل اونبئكم بخير ‌من‌ ذلكم» بعد ذكر الشهوات ‌و‌ ‌من‌ الحجج المسموعه ‌من‌ افواه العرب ‌ما‌ رواه ابوعبيده قال: قلت لروبه ‌بن‌ العجاج لما انشد:
 فيها خطوط ‌من‌ سواد ‌و‌ بلق
 كانه ‌فى‌ الجلد توليع البهق
 ‌ان‌ اردت الخطوط فقل: كانها، ‌و‌ ‌ان‌ اردت السواد ‌و‌ البلق فقل: كانهما، فقال: اردت كان ذاك ويلك.
 ‌و‌ قال الرضى: قد يشار بما للواحد الى الاثنين كقوله تعالى: «عوان بين ذلك»، ‌و‌ الى الجمع كقوله تعالى: «كل ذلك كان سيئه» بتاويل المثنى ‌و‌ المجموع بما ذكر انتهى.
 ‌و‌ الرواسى: الثوابت، ‌من‌ رسا الشى ء يرسو رسوا ‌اى‌ ثبت فهو راس، ‌و‌ جبال راسيه ‌و‌ راسيات ‌و‌ رواس.
 ‌و‌ على صلابتها: ‌اى‌ مع صلابتها نحو: «و آتى المال على حبه» ‌و‌ الصلابه: مصدر صلب الشى ء بالضم، ‌اى‌ اشتد ‌و‌ قوى فهو صلب بالضم.
 ‌و‌ الاحتمال: افتعال بمعنى الحمل. يقال: احتملته احتمالا بمعنى حملته حملا.
 ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء تلميح الى قوله تعالى: «لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرايته خاشعا متصدعا ‌من‌ خشيه الله».
 ‌و‌ الغرض: التمثيل لعظم شان القرآن المجيد ‌و‌ قوه تاثير ‌ما‌ انطوى عليه ‌من‌ المواعظ ‌و‌ القوارع بحيث لو كلفت الجبال الراسيه الثابته مع غايه صلابتها بتفهيمها له ‌و‌ تكليفها بما فيه بعد اعطائها القوى المدركه لضعفت ‌و‌ عجزت عن القيام بذلك ‌و‌ احتماله ‌و‌ لرايت خاشعه متذلله لعظمه الله متصدعه متشققه ‌من‌ خشيه الله، ‌و‌ فيه
 
توبيخ للانسان على قسوه قلبه ‌و‌ عدم تخشعه عند تلاوته ‌و‌ قله تدبره لما فيه ‌و‌ الله اعلم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^