فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 45- 2

قوله عليه السلام: «و لو ‌دل‌ مخلوق مخلوقا» الى آخره.


 «لو» حرف شرط لتقديره ‌و‌ فرضه واقعا ‌فى‌ الماضى مع الجزم ‌و‌ القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء المشروط كما تقول: لو جئتنى لاكرمتك، معلقا الاكرام بالمجى مع الجزم بانتفائه فيلزم انتفاء الاكرام، فهى اذن لامتناع الثانى، ‌و‌ ‌هو‌ الجزاء، لامتناع الاول، ‌و‌ ‌هو‌ الشرط، ‌اى‌ الدلاله على ‌ان‌ انتفاء الثانى ‌فى‌ الخارج بسبب انتفاء الاول، ‌لا‌ انه يستدل بامتناع الاول على امتناع الثانى.
 ‌و‌ جمله الشرط ‌فى‌ الدعاء مستانفه للاستدلال يقتضيه العقل ‌ان‌ دلالته تعالى على ‌ما‌ ‌دل‌ عليه عباده نعمه مستوجبه للشكر مقتضيه للحمد، فان المخلوق الذى لو ‌دل‌ على مثل ذلك كان محمودا انما كان يدل عليه بمشيئته تعالى ‌و‌ قضائه ‌و‌ قدره ‌و‌ اقداره ‌و‌ انما ‌هو‌ كالواسطه ‌فى‌ ذلك.
 ‌و‌ الدال حقيقه ليس ‌هو‌ الا سبحانه، فاذا كان ‌من‌ كالواسطه مستوجبا للحمد بشهاده العقول فالفاعل الحقيقى اولى بان يكون محمودا.
 
و ‌فى‌ بعض النسخ: «كان موصوفا بالاحسان ‌و‌ منعوتا بالامتنان ‌و‌ محمودا بكل لسان».
 ‌و‌ الفاء ‌من‌ قوله: «فلك الحمد» فصيحه ‌اى‌ اذا كان الامر كذلك فلك الحمد ‌و‌ «ما» ‌فى‌ الفقرتين مصدريه زمانيه ‌اى‌ مده وجدان مذهب ‌فى‌ حمدك ‌و‌ مده بقاء لفظ للحمد، ‌و‌ المذهب هنا: يجوز ‌ان‌ يكون مصدرا ميميا ‌و‌ ‌ان‌ يكون بمعنى الطريق، ‌و‌ على الوجهين فنسبته الى الحمد مجاز عقلى.
 ‌و‌ انصرف: مطاوع صرفت الشى ء الى كذا: رددته ‌و‌ رجعته اليه فانصرف: ‌اى‌ ‌و‌ ‌ما‌ بقى للحمد معنى ينصرف الى حمدك ‌او‌ ‌ما‌ بقى للحمد معنى ينصرف الحمد اليه.
 
تحمد الى عباده: ‌اى‌ خطب اليهم حمده ‌و‌ اراده منهم.
 قال العلامه ابوالفضل الميدانى ‌فى‌ مجمع الامثال: يروى قولهم: «من انفق ماله على نفسه فلا يتحمد ‌به‌ على الناس» موصولا ب«على» ‌و‌ «الى» فمن وصله ب«على» اراد فلا يمتن ‌به‌ على الناس، ‌و‌ ‌من‌ وصله ب«الى» اراد فلا يخطبن اليهم حمده، انتهى.
 ‌و‌ قد يقال ‌فى‌ هذا المعنى: استحمد اليه بصيغه الاستفعال.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: استحمد الله الى خلقه باحسانه اليهم ‌و‌ انعامه عليهم.
 
و غمره يغمره غمرا ‌من‌ باب- قتل- غطاه ‌و‌ ستره ‌و‌ الطول بالفتح: الانعام.
 ‌و‌ فشى الشى ء يفشو فشوا ‌و‌ فشوءا: ظهر ‌و‌ انتشر.
 ‌و‌ سبغت النعمه سبوغا ‌من‌ باب- قعد-: اتسعت ‌و‌ فاضت، ‌و‌ اسبغها الله افاضها ‌و‌ اوسعها ‌و‌ اتمها.
 ‌و‌ خصصته بكذا اخصه خصوصا ‌من‌ باب- قعد-: اذا جعلته له دون غيره ‌اى‌ ‌ما‌ اشد مخصوصيتنا ببرك، ‌و‌ مجى ء اسم التفضيل للمفعول ‌و‌ ‌ان‌ كان على غير القياس، الا انه قد سمع ‌فى‌ الفصيح نحو «اعذر» ‌و‌ «اشهر» ‌و‌ «اشغل ‌و‌ «اجن»، ‌و‌ حيث كان عليه السلام افصح العرب ‌فى‌ زمانه ‌لا‌ يحتاج فيه الى السماع ‌من‌ غيره قطعا، على ‌ان‌ بعض علماء العربيه اجازه قياسا بقله اذا امن اللبس قال ابن مالك ‌فى‌ التسهيل: ‌و‌ قد يبنى ‌من‌ فعل المفعول ‌ان‌ امن اللبس.
 ‌و‌ «البر» بالكسر: الفضل الواسع ‌و‌ التوسع ‌فى‌ فعل الخير.
 
و جمله «هديتنا» مستانفه استئنافا بيانيا كانه سئل كيف تعجبت ‌من‌ كثره فشو نعمتى فيكم؟.
 فقال: «هديتنا لدينك الذى اصطفيت» الى آخره.
 ‌و‌ قد تقدم الكلام على معنى «الدين» ‌و‌ «المله» ‌و‌ الفرق بينهما غير مره.
 ‌و‌ سبيله تعالى: طريقه التى يتوصل بها اليه.
 ‌و‌ تسهيلها: عباره عن تيسير سلوكها لمن هداه الله اليها.
 ‌و‌ بصرته الشى ء تبصيرا: عرفته اياه ‌و‌ اوضحته له.
 ‌و‌ الزلفه بالضم: القربه ‌و‌ الحظوه ‌و‌ المنزله، ‌اى‌ عرفتنا القربه عندك ‌و‌ المنزله لديك لنطلبها، ‌او‌ عرفتنا كيف نطلبها ‌و‌ نصل اليها.
 ‌و‌ الكرامه: اسم ‌من‌ اكرمه اذا اوصل اليه نفعا شريفا ليرفع ‌به‌ منزلته ‌و‌ يعلى مقداره، ‌و‌ الله اعلم.
 
الصفايا: جمع صفيه كعطيه ‌و‌ عطايا ‌و‌ هى مونث الصفى ‌و‌ ‌هو‌ الخيار ‌و‌ الخالص ‌من‌ كل شى ء، ‌و‌ منه الصفى ‌و‌ الصفيه لما يصطفيه الرئيس لنفسه ‌من‌ المغنم قبل القسمه، ‌اى‌ يختاره كالفرس ‌و‌ السيف ‌و‌ الجاريه.
 ‌و‌ الوظائف: جمع وظيفه: ‌و‌ هى ‌ما‌ يقدر ‌من‌ عمل ‌و‌ رزق ‌و‌ نحوه.
 يقال: وظف له وظيفه، ‌و‌ عليه كل يوم وظيفه ‌من‌ عمل، ‌و‌ وظف عليه العمل، ‌و‌ ‌هو‌ موظف عليه.
 ‌و‌ «اللام» ‌فى‌ الوظائف ‌و‌ الفروض: للعهد، ‌و‌ الاشاره اليها ب«تلك» للتعظيم تنزيلا لبعد درجاتها ‌و‌ رفعه محلها منزله بعد المسافه.
 ‌و‌ الخصائص: جمع خصيصه بمعنى مخصوصه، ‌من‌ خص الشى ء اذا افرده بما ‌لا‌ يشاركه فيه الجمله.
 ‌و‌ الفروض: جمع فرض بمعنى المفروض ‌من‌ فرض الله الاحكام فرضا: اوجبها، ‌و‌ ‌حد‌ بانه ‌ما‌ امر الله عباده ‌ان‌ يفعلوه كالصلاه ‌و‌ الزكاه ‌و‌ الصوم ‌و‌ الحج.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ ‌ما‌ ثبت بدليل مقطوع ‌به‌ كالكتاب ‌و‌ الاجماع فهو اخص ‌من‌ الواجب.
 ‌و‌ اختصصته: اى: خصصته.
 ‌و‌ سائر الشهور: اى: جميعها بشهاده ‌ما‌ بعده، ‌و‌ فيه شاهد لاستعمال «سائر» بمعنى الجميع ‌و‌ هى لغه صحيحه ذكرها الجوهرى، ‌و‌ وافقه عليها ابومنصور الجواليقى ‌فى‌
 
اول كتابه شرح ادب الكاتب.
 فلا عبره بقول صاحب الكشف: لم يذكر ذلك غير الجوهرى.
 ‌و‌ قد تقدم الكلام على ذلك بما ‌لا‌ مزيد عليه ‌فى‌ اواخر الروضه الاولى.
 ‌و‌ تخيرته: اى: اخترته بمعنى فضلته، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و لقد اخترناهم على علم» اى: فضلناهم.
 ‌و‌ آثرته بالمد: بمعنى فضلته ايضا، ‌و‌ مصدره الايثار.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله «بما انزلت» سببيه.
 ‌و‌ ‌من‌ القرآن: بيان ل«ما».
 ‌و‌ ضاعفت الشى ء: ضممت اليه مثله فصاعدا.
 قال بعضهم: مضاعفه الايمان فيه اما بمعنى اكماله بسبب زياده العبادات فيه، ‌او‌ هى عباره عن زياده العبادات ‌و‌ الاعمال.
 قال الراغب: يقال لكل واحد ‌من‌ الاعتقاد ‌و‌ القول الصدق ‌و‌ العمل الصالح ايمان.
 قلت: ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد بالايمان هنا ‌ضد‌ الاخافه مصدر آمنه اذا ازال خوفه.
 ‌و‌ منه اسمه تعالى: «المومن» لان الله سبحانه جعله جنه ‌من‌ النار كما ورد ‌فى‌ الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله.
 ‌و‌ لما كان اعظم الخوف خوف النار كان اعظم الامن الامن منها.
 
فصح اضعاف الايمان فيه.
 مع ماورد انه تغلق فيه ابواب النار ‌و‌ تفتح فيه ابواب الجنان.
 ‌و‌ ‌ان‌ لله ‌فى‌ كل ليله منه عتقاء ‌و‌ طلقاء ‌من‌ النار، ‌و‌ الله اعلم.
 ‌و‌ «اجللت فيه ‌من‌ ليله القدر»: ‌اى‌ عظمت قدرها ‌من‌ الجلاله ‌و‌ هى عظم القدر، ‌و‌ قد تقدم الكلام على ليله القدر ‌و‌ معنى كونها خيرا ‌من‌ الف شهر.
 
«آثرتنا به» ‌اى‌ اكرمتنا ‌و‌ فضلتنا به.
 «و اصطفيتنا»: ‌اى‌ اخترتنا بسبب فضيلته دون اهل الملل ‌اى‌ متجاوزا اهل الملل ‌فى‌ اصطفائنا ‌به‌ فهو ظرف مستقر وقع حالا ‌من‌ ضمير المخاطب ‌و‌ قد تقدم الكلام عليه مستوفى.
 ‌و‌ هاتان الفقرتان صريحتان ‌فى‌ ‌ان‌ صوم شهر رمضان ‌من‌ خصائص هذه الامه، خلافا لما ذهب اليه بعض اهل السنه مستندا الى ‌ما‌ ذكره ابن ابى حاتم عن ابن عمر: صيام رمضان كتبه الله على الامم قبلكم.
 قال القسطلانى: ‌و‌ اسناده مجهول.
 
و قد تقدمت الروايه عن الصادق جعفر ‌بن‌ محمد عليهماالسلام: ‌فى‌ شرح الدعاء السابق على هذا ‌ان‌ شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على احد ‌من‌ الامم قبلنا.
 ‌و‌ اختلفوا ‌فى‌ التشبيه الذى دلت عليه «الكاف» ‌فى‌ قوله تعالى: «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين ‌من‌ قبلكم».
 فعن ابى عبدالله عليه السلام: ‌ان‌ المراد بقوله: «الذين ‌من‌ قبلكم» الانبياء فانه كان مفروضا عليهم دون الامم ففضلت ‌به‌ هذه الامه ‌و‌ فرض صيامه على رسول الله صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ على امته.
 ‌و‌ قيل: المراد بالتشبيه ‌فى‌ اصل الوجوب دون الوقت ‌و‌ المقدار.
 ‌و‌ المعنى: ‌ان‌ الصوم عباده قديمه ‌ما‌ اخلى الله امه ‌من‌ ايجابها عليهم ‌و‌ لم يوجبها عليكم وحدكم.
 ‌و‌ عن اميرالمومنين عليه السلام: ‌فى‌ قوله «الذين ‌من‌ قبلكم» اولهم آدم عليه السلام.
 ‌و‌ الغرض ‌من‌ ذلك تاكيد الحكم ‌و‌ الترغيب فيه ‌و‌ تطييب انفس المخاطبين ‌به‌ فان الشاق اذا عم سهل عمله.
 ‌و‌ قيل: كان صوم رمضان مكتوبا على اليهود ‌و‌ النصارى اما اليهود: فتركته ‌و‌ صامت يوما ‌من‌ السنه زعموا انه يوم غرق فرعون ‌و‌ كذبوا ‌فى‌ ذلك فانه كان يوم عاشوراء.
 ‌و‌ اما النصارى: فانهم صاموا رمضان حتى صادفوا حرا شديدا فاجتمعت آراء علمائهم على تعيين فصل واحد بين الصيف ‌و‌ الشتاء فجعلوه ‌فى‌ الربيع ‌و‌ زادوا عليه
 
عشره ايام كفاره لما صنعوا فصار اربعين، ثم مرض ملكهم ‌و‌ وقع فيهم الموت فزادوا عشره ايام فصار خمسين.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فصمنا بامرك نهاره» عاطفه سببيه.
 ‌و‌ «متعرضين» حال ‌من‌ ضمير المتكلم مع غيره ‌و‌ العامل فيها الفعلان ‌من‌ قوله: «صمنا وقمنا» على طريق التنازع.
 يقال: عرضه لكذا فتعرض: اذا تصدى له ‌و‌ طلبه.
 ‌و‌ منه «تعرضوا لنفحات الله».
 ‌و‌ تسبب الى الشى ء توصل اليه.
 ‌و‌ «الواو» ‌من‌ قوله «و انت الملى» ابتدائيه ‌و‌ الجمله استيناف تذييل لما قبلها مقرر لمضمونه ‌من‌ استحقاق التعرض لرحمته ‌و‌ التسبب لمثوبته مفيد لاهليته سبحانه لذلك ‌و‌ الملى مهموز على «فعيل»: الغنى المقتدر.
 يقال: ‌هو‌ مليى بذلك: ‌اى‌ مضطلع ‌به‌ قادر عليه ‌و‌ قد ملا بالضم ككرم ملاه ‌و‌ ‌هم‌ مليئون ‌به‌ ‌و‌ ملاء.
 ‌و‌ جاد يجود ‌من‌ باب- قال- جودا بالضم: تكرم فهو جواد، ‌و‌ جاد بماله: بذله.
 ‌و‌ القرب: خلاف البعد ‌و‌ يستعملان ‌فى‌ الزمان ‌و‌ المكان ‌و‌ هما ‌من‌ عوارض الجسميه، ‌و‌ الله تعالى منزه عن ذلك، فالمراد بقربه سبحانه: دنوه بجوده ‌من‌ قابل فضله.
 قال الراغب: قرب الله تعالى ‌من‌ العبد: ‌هو‌ الافضال عليه ‌و‌ الفيض ‌لا‌ بالمكان.
 ‌و‌ لهذا روى ‌ان‌ موسى عليه السلام قال: «الهى اقريب انت فاناجيك، ‌ام‌ بعيد
 
فاناديك؟ فقال: لو قدرت لك البعد لما انتهيت اليه، ‌و‌ لو قدرت لك القرب لما اقتدرت عليه. ‌و‌ قرب العبد ‌من‌ الله ‌فى‌ الحقيقه التخصص بكثير ‌من‌ الصفات التى يصح ‌ان‌ يوصف الله تعالى بها ‌و‌ ‌ان‌ لم يكن وصف الانسان ‌به‌ على الحد الذى يوصف ‌به‌ تعالى نحو الحكمه ‌و‌ العلم ‌و‌ الرحمه ‌و‌ نحو ذلك، ‌و‌ ذلك يكون بازاله الاوساخ ‌من‌ الجهل ‌و‌ الطيش ‌و‌ الغضب ‌و‌ الحاجات البدنيه بقدر طاقه البشر ‌و‌ ذلك قرب روحانى لابدنى.
 ‌و‌ على هذا القرب نبه عليه السلام: فيما ذكر عن الله «من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا».
 ‌و‌ قوله عنه: «ما تقرب الى عبد بمثل ‌ما‌ افترضت عليه ‌و‌ انه ليتقرب الى بعد ذلك بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت له سمعا ‌و‌ بصرا فبى يسمع وبى يبصر» الخبر.
 ‌و‌ حاولت الشى ء محاوله: طلبته.
 ‌و‌ قيل: المحاوله طلب الشى ء بحيله.
 
اقام بالمكان اقامه: مكث فيه.
 ‌و‌ المقام بالضم: مصدر ميمى بمعنى الاقامه ‌و‌ نصبه على المصدريه ‌و‌ اضافته الى الحمد للملابسه كما صرح ‌به‌ الرضى ‌اى‌ مقاما محمودا.
 قال: ‌و‌ ‌هم‌ كثيرا ‌ما‌ يضيفون الموصوف الى مصدر الصفه نحو: «رجل سوء» ‌و‌ «رجل صدق».
 
و صرح بعضهم انه ‌من‌ باب اضافه الموصوف الى الصفه على ‌ان‌ المصدر صفه وصف ‌به‌ للمبالغه سواء كان بمعنى الفاعل نحو: «رجل صدق» ‌اى‌ صادق ‌او‌ بمعنى المفعول نحو: «مقام رضى» ‌اى‌ مرضى.
 ‌و‌ صحبت الشى اصحبه ‌من‌ باب- علم- صحبه: لازمته.
 قال ابن فارس: كل شى ء لازم شيئا فقد صحبه.
 ‌و‌ المبرور: اسم مفعول ‌من‌ بره اذا احسن اليه ‌و‌ رفق ‌به‌ ‌و‌ تحرى ‌ما‌ يحبه ‌و‌ اضافه الصحبه اليه ‌من‌ باب اضافه المصدر الى المفعول ليكون الشهر ‌هو‌ البار ‌و‌ مصحوبه ‌هو‌ المبرور ‌و‌ ذلك لكثره ‌ما‌ فيه ‌من‌ المثوبات ‌و‌ الخيرات ‌و‌ اسباب الرحمه ‌و‌ المغفره.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: صحبه مبروره ‌اى‌ مقبوله، ‌من‌ ‌بر‌ الله حجه اى: قبله.
 ‌و‌ اربحته ارباحا ‌من‌ باب- اكرم-: ‌اى‌ اعطيته ربحا بالكسر ‌و‌ ‌هو‌ الزياده الحاصله ‌فى‌ المبايعه، ثم يتجوز ‌به‌ ‌فى‌ كل ‌ما‌ يعود ‌من‌ ثمره عمل ‌و‌ جمعه ارباح كجذع ‌و‌ اجذاع.
 ‌و‌ فارقته مفارقه ‌و‌ فراقا: انفصلت عنه ‌و‌ الاسم الفرقه بالضم.
 ‌و‌ عند هنا: ظرف زمان نحو: «عند طلوع الشمس».
 ‌و‌ تمام الشى ء: انتهاوه الى ‌حد‌ ‌لا‌ يحتاج الى شى ء خارج عنه فان احتاج الى شى ء خارج عنه فهو ناقص.
 ‌و‌ انقطع الشى ء انقطاعا: ذهب، ‌و‌ منه قولهم: «انقطع الحر ‌و‌ البرد».
 ‌و‌ مده الشى ء بالضم: وقته ‌و‌ زمانه.
 ‌و‌ الوفاء: بلوغ التمام، ‌و‌ منه: «درهم واف» ‌اى‌ تام الوزن.
 
و «عدده» ‌اى‌ كميته ‌و‌ هى ايامه المعدوده.
 
و «الفاء» ‌من‌ قوله: «فنحن» للسببيه ‌اى‌ فبسبب ذلك نحن مودعوه.
 ‌و‌ ‌عز‌ فراقه: ‌اى‌ عظم ‌و‌ صعب ‌من‌ قولهم: «عز على كذا» اذا اشتد ‌و‌ صعب. ‌و‌ منه قوله تعالى: «عزيز عليه ‌ما‌ عنتم».
 ‌و‌ غمنا: ‌اى‌ احزننا، ‌و‌ اصل الغم التغطيه ‌و‌ الستر ‌و‌ منه: «غم الهلال» بالبناء للمفعول اذا ستر بغيم ‌او‌ نحوه ‌و‌ سمى الحزن غما لانه يغطى السرور.
 ‌و‌ اوحشنا: ‌اى‌ اهمنا. قال ‌فى‌ الصحاح: الوحشه: الخلوه ‌و‌ الهم، ‌و‌ قد اوحشت الرجل فاستوحش انتهى.
 ‌و‌ اصله: ‌من‌ الوحش ‌و‌ ‌هو‌ خلاف الانس.
 ‌و‌ انصرافه عنا: ‌اى‌ ذهابه.
 ‌و‌ لزم الشى ء يلزم ‌من‌ باب- علم- لزوما: ثبت ‌و‌ وجب. ‌و‌ يقال: لزمه ذلك ايضا اذا تعلق به.
 ‌و‌ الذمام: العهد سمى بذلك لان الرجل يذم على اضاعته.
 ‌و‌ المحفوظ: اسم مفعول ‌من‌ حفظت العهد اذا راعيته ‌و‌ منعته ‌من‌ الضياع، ‌اى‌ الذمام ‌و‌ العهد الذى ‌من‌ حقه ‌ان‌ يحفظ كقوله تعالى: «كان على ربك وعدا مسوولا» اى: ‌من‌ حقه ‌ان‌ يسال ‌او‌ يطلب.
 ‌و‌ الحرمه بالضم: ‌ما‌ ‌لا‌ يحل انتهاكه.
 
و رعيتها: حفظتها، ‌اى‌ الحرمه الحقيقه ‌ان‌ ترعى ‌و‌ تحفظ.
 ‌و‌ الحق: هنا بمعنى الواجب، ‌و‌ اللازم، ‌و‌ منه: «و كان حقا علينا نصر المومنين».
 ‌و‌ قضيت الحق: اديته ‌و‌ قمت ‌به‌ ‌من‌ القضاء بمعنى الفصل كانه فصل الامر فيه بادائه.
 ‌و‌ المقضى: ‌اى‌ الذى ‌من‌ حقه ‌ان‌ يقضى.
 اضافه الشهر الى الله تعالى للتعظيم، ‌و‌ وصفه بالاكبر لانه افضل الشهور.
 ‌و‌ العيد ‌فى‌ اللغه: ‌ما‌ يعود الى الانسان ‌فى‌ وقت معلوم ‌و‌ منه العيد، لانه يعود كل سنه بفرح جديد.
 ‌و‌ قال صاحب المجمل: ‌و‌ العيد كل يوم فيه جمع ‌و‌ اشتقاقه ‌من‌ «عاد يعود» كانهم عادوا اليه، ‌و‌ قيل: ‌من‌ العاده لانهم اعتادوه، انتهى.
 ‌و‌ قيل: «العيد» السرور العائد، ‌و‌ لذلك يستعمل ‌فى‌ كل وقت فيه مسره ‌و‌ انما
 
جعله عليه السلام عيدا لاوليائه دون غيرهم لسرورهم ‌و‌ ابتهاجهم ‌به‌ دون ‌من‌ سواهم.
 قال بعضهم:
 جاء الصيام ‌و‌ جاء الخير اجمعه
 رتل القرآن ‌و‌ تهليل ‌و‌ تسبيح
 
و معنى كونه اكرم مصحوب ‌من‌ الاوقات: انه اشرف الاوقات المصحوبه.
 قال الراغب: كل شى ء يشرف ‌فى‌ بابه فانه يوصف بالكرم قال تعالى: «و انبتنا فيها ‌من‌ كل زوج كريم»، ‌و‌ قال: «و انه لقرآن كريم».
 ‌و‌ قال بعضهم: الكرم ينعت ‌به‌ كل ‌ما‌ يرضى ‌و‌ يحمد ‌فى‌ بابه. فيقال: مكان كريم ‌و‌ زمان كريم اذا كان كل منهما مرضيا فيما يتعلق ‌به‌ ‌من‌ المنافع، قال تعالى: «و مقام كريم».
 ‌و‌ خير ‌من‌ قوله «خير شهر»: للتفضيل، يقال: هذا خير ‌من‌ هذا، ‌اى‌ يفضله ‌و‌ اسقاط الالف منه ‌و‌ ‌من‌ ‌شر‌ مرادا بهما التفضيل هى لغه جميع العرب ‌ما‌ عدا بنى عامر فانهم يقولون: اخير ‌و‌ اشر على القياس.
 
و «من» ‌فى‌ قوله «من شهد»: بيانيه ‌و‌ هى ‌و‌ مخفوضها ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ كاف الخطاب.
 ‌و‌ قرب الامال فيه: عباره عن قرب نجاحها ‌و‌ حصولها ‌و‌ ذلك لانه ‌من‌ اعظم اوقات الاجابه ‌و‌ مظانها فكان الامال قريبه الحصول فيه لان الانسان اذا دعا الله تعالى بنجاح امله فيه ‌او‌ ‌شك‌ ‌ان‌ يستجاب له.
 قيل: ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد بقرب الامال فيه عدم طولها ‌و‌ ‌لا‌ يخفى بعده.
 ‌و‌ المراد بالاعمال هنا الاعمال الصالحه.
 
و نشرها: عباره عن بثها ‌و‌ بسطها لكثره القيام بها ‌فى‌ هذا الشهر دون غيره.
 ‌او‌ بمعنى احيائها ‌من‌ نشر الله الموتى بمعنى انشرهم ‌اى‌ احياهم يقال: نشرهم الله ‌و‌ انشرهم بمعنى.
 
و القرين: المقارن ‌و‌ المصاحب ‌من‌ «قرنت البعير بالبعير» اذا جمعت بينهما بحبل.
 ‌و‌ ‌جل‌ الشى ء يجل بالكسر: عظم فهو جليل.
 ‌و‌ «جل قدره» اى: عظمت حرمته ‌و‌ مقداره.
 ‌و‌ موجودا: نصب على الحال ‌اى‌ حال كونه ‌و‌ تحققه.
 ‌و‌ الفجيعه: الرزيه ‌و‌ قد فجعته المصيبه فجعا ‌من‌ باب- نفع- اوجعته فهو مفجوع، ‌و‌ الثابت ‌فى‌ عامه النسخ افجع بالهمزه ‌و‌ لم يذكره اصحاب اللغه بل صرح صاحب المجمل: بانه لم يتكلم به، قال: ميت فاجع ‌و‌ مفجع جاء على افعل ‌و‌ لم يتكلم به.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس فجع بدون همزه ‌و‌ ‌هو‌ المسموع.
 ‌و‌ فقد الشى ء: عدمه بعد وجوده فهو اخص ‌من‌ العدم لان العدم يقال فيه ‌و‌ فيما ‌لا‌ يوجد.
 ‌و‌ مفقودا: حال موكده لفهم معناها مما قبلها.
 ‌و‌ المرجو: اسم مفعول ‌من‌ رجونه بمعنى املته، ‌و‌ رجاوه: عباره عن رجاء حصول الامال فيه فايقاعه على الزمان ‌من‌ باب المجاز العقلى.
 ‌و‌ الالم: محركه، الوجع الشديد، يقال: «الم الرجل بالكسر الما»، ‌و‌ يعدى بالهمزه فيقال: آلمه ايلاما فتالم.
 
و الاليف: اسم فاعل «كعليم» ‌من‌ الفته الفا ‌من‌ باب- علم- اذا انست ‌به‌ ‌و‌ احببته، ‌و‌ الاسم الالفه بالضم.
 ‌و‌ آنسنى الشى ء ايناسا: سكن اليه قلبى، ‌و‌ ‌هو‌ ‌ضد‌ الايحاش.
 
و انقضى الشى ء: ذهب ‌و‌ تصرم.
 ‌و‌ مضه الوجع ‌و‌ الهم ‌و‌ امضه بالهمزه ‌و‌ بدونها: بلغ منه ‌و‌ اقلقه.
 
و المجاور: الجار ‌فى‌ السكن ‌من‌ جاوره مجاوره اذا ‌لا‌ صقه ‌فى‌ السكن ‌او‌ قرب مسكنه منه.
 قال الراغب: ‌و‌ قد تصور ‌من‌ الجار معنى القرب، فقيل لما قرب ‌من‌ غيره: جاوره ‌و‌ تجاوروا.
 ‌و‌ رق القلب: لان ‌اى‌ خشع.
 «و قله الذنوب فيه»: باعتبار التناهى عنها ‌و‌ باعتبار غفرانها، ‌و‌ التجاوز عنها، ‌و‌ الله اعلم.
 لما كان الزمان ‌من‌ الاسباب المعده لحصول ‌ما‌ يحصل ‌فى‌ هذا العالم ‌من‌ الخير ‌و‌ الشر، ‌و‌ كان شهر رمضان ‌من‌ الازمنه التى اعدها الله تعالى لاخبات النفوس ‌و‌ اقصارها عن المعاصى ‌و‌ القيام بالطاعات ‌و‌ كسب المثوبات، حتى ‌ان‌ اكثر ‌من‌ مرد على الفسق ‌و‌ الفجور يتناهى فيه عما كان يرتكبه ‌فى‌ غيره ‌و‌ ينتهكه ‌من‌ الحرمات.
 
شبهه عليه السلام بالناصر المعين على الشيطان، ‌و‌ الصاحب المسهل سبل
 
الاحسان ‌و‌ عن النبى صلى الله عليه ‌و‌ آله: انه تعالى ‌و‌ كل بكل شيطان سبعه املاك ‌فى‌ شهر رمضان فليس بمحلول حتى ينقضى.
 
و اما كثره عتقاء الله فيه: فقد ورد بذلك اخبار عديده فمنها ‌ما‌ روى عن الصادق عليه السلام: اذا كان اول ليله ‌من‌ شهر رمضان غفر الله لمن شاء ‌من‌ الخلق فاذا كان الليله التى تليها ضاعف كلما اعتق، ‌و‌ هكذا فاذا كان آخر ليله ضاعف فيها كلما اعتق.
 ‌و‌ السعاده: معاونه الامور الالهيه للانسان على نيل الخير، ‌و‌ تضادها الشقاوه، يقال: سعد يسعد ‌من‌ باب- تعب- سعدا، ‌و‌ اسعده الله فهو مسعود، ‌و‌ ‌لا‌ يقال: مسعد.
 ‌و‌ رعى حرمته: حفظها ‌و‌ لم ينتهكها.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله: «بك» للسببيه، ‌و‌ رعى حرمته عباره عن تعظيم قدره باجتناب ‌ما‌ يكره ‌من‌ قول ‌و‌ فعل فيه كما روى عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: اذا صمت فليصم سمعك ‌و‌ بصرك ‌و‌ شعرك ‌و‌ جلدك ‌و‌ عدد اشياء غير هذا.
 ‌و‌ قال: ‌لا‌ يكون يوم صومك كيوم فطرك.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: اذا صمتم فاحفظوا السنتكم، ‌و‌ غضوا ابصاركم، ‌و‌ ‌لا‌ تنازعوا ‌و‌ ‌لا‌ تحاسدو.
 
و المحو: ازاله الاثر ‌و‌ محو الذنوب غفرانها. ‌و‌ قيل: محوها ‌من‌ صحائفها.
 ‌و‌ الستر: تغطيه الشى ء، ‌و‌ معنى ستره للعيوب كونه سببا لترك ذكرها بالتجاوز عنها فلا يطلع عليها احد، ‌و‌ اسناد المحو ‌و‌ الستر الى الشهر ‌من‌ باب المجاز العقلى.
 
و الطول ‌و‌ القصر: ‌من‌ الاسماء المتضائفه ‌و‌ يستعملان ‌فى‌ الاعيان ‌و‌ الاعراض كالزمان ‌و‌ نحوه، قال تعالى: «فطال عليهم الامد».
 ‌و‌ الاجرام: اكتساب الاثم، يقال: اجرم فهو مجرم، ‌و‌ معنى شده طوله على المجرمين: استثقالهم له ‌و‌ كراهيتهم اياه فهم يرون ايامه اطول الايام ‌و‌ شهره اطول الشهور.
 قيل لمدنى: اتحب شهر رمضان؟ فقال: ‌و‌ الله ‌ما‌ اتهنا بشهور سائر السنه ‌من‌ اجله فكيف احبه.
 ‌و‌ نظر ماجن الى هلال شهر رمضان فقال: قد جئتنى بقرينك قطع الله اجلى ‌ان‌ لم اقطعك بالاسفار.
 ‌و‌ قال محمد ‌بن‌ اسحاق الطرسوسى:
 نهار الصيام حلول الشقاء
 ‌و‌ ليل التراويح ليل البلاء
 تمارض يحل لك الطيبات
 ‌و‌ بعض التمارض كل الشفاء
 ‌و‌ ‌من‌ استثقالهم له انهم يعبرون عن انقضائه بعبارات اصطلحوا عليها، فيقولون: وقع الشهر ‌فى‌ الانين: مرادهم انه يقال فيه: احد ‌و‌ عشرين، ثانى ‌و‌ عشرين فيكون الانين فيه ‌و‌ ‌فى‌ امثالهم: اذا وقع رمضان ‌فى‌ الانين خرج شوال ‌من‌ الكمين.
 ‌و‌ يقولون: وقع رمضان ‌فى‌ الواوات يريدون انه جاوز العشرين فلا يذكر الا بواو العطف.
 ‌و‌ ‌فى‌ ذلك يقول: محمد ‌بن‌ على ‌بن‌ منصور ‌بن‌ بسام:
 قد قرب الله منا كل ‌ما‌ شسعا
 كانى بهلال الفطر قد طلعا
 فخذ للهول ‌فى‌ شوال اهبته
 فان شهرك ‌فى‌ الواوات قد وقعا
 ‌و‌ مدح بعض الشعراء نقيبا بقصيده يهنيه فيها بشهر رمضان اولها:
 
ايامنا بك كلها رمضان
 فقال له: طوال ‌و‌ الله مكروه ‌و‌ منغصه الى، ‌و‌ حرمه فلم يعطه شيئا، نسال الله التوفيق لما يحب ‌و‌ يرضى.
 وهابه يهابه ‌من‌ باب- تعب- هيبه: خافه ‌و‌ حذره ‌و‌ يقال: بمعنى اجله ‌و‌ وقره ‌و‌ عظمه ايضا.
 قال ابن فارس: الهيبه: الاجلال.
 ‌و‌ كلا المعنين محتمل هنا فمعنى كونه مخوفا ‌فى‌ صدور المومنين خوفهم ‌من‌ التقصير ‌فى‌ حقه، ‌و‌ ارتكاب المعاصى فيه ‌و‌ معنى كونه موقرا معظما ظاهر.
 
و نافسته منافسه: باريته ‌فى‌ الكرم، ‌و‌ نافست ‌فى‌ الشى ء: رغبت فيه على وجه المعارضه ‌و‌ المغالبه عليه.
 ‌و‌ قال الراغب: المنافسه: مجاهده النفس للتشبه بالافاضل ‌و‌ اللحوق بهم ‌من‌ غير ادخال ضرر على غيره انتهى.
 ‌و‌ المعنى: ‌ان‌ الايام ‌لا‌ تباريه ‌و‌ ‌لا‌ تعارضه ‌فى‌ فضله اذ كان افضل الشهور ‌و‌ سيدها كما ورد ‌فى‌ الحديث.
 
و السلام: مصدر بمعنى السلامه، ‌و‌ هى الخلوص ‌و‌ التعرى ‌من‌ الافات ‌اى‌ ‌هو‌ سلامه ‌من‌ كل امر ‌و‌ امتناع تقديم معمول المصدر عليه انما ‌هو‌ ‌فى‌ صوره انحلاله لان ‌و‌ الفعل فقد تقدم عن ابن هشام انه قال ‌فى‌ قول كعب:
 ‌فى‌ خلقها عن بنات الفحل تفضيل
 ‌ان‌ قوله عن بنات الفحل، يتعلق بتفضيل ‌و‌ ‌ان‌ كان مصدرا لانه ليس بمنحل لان ‌و‌ الفعل ‌و‌ ‌من‌ ظن ‌ان‌ المصدر ‌لا‌ يتقدم عليه معموله مطلقا واهم، ‌و‌ ‌هو‌ اما على
 
حذف المضاف اى: ذو سلامه ‌او‌ ‌من‌ باب اطلاق اسم الحدث على الفاعل ‌او‌ المفعول مبالغه كانهما تجسما منه ‌و‌ ‌هو‌ الاولى، ‌و‌ المعنى انه سالم ‌من‌ كل امر، ‌او‌ مسلم ‌من‌ كل امر ‌اى‌ ‌من‌ الشرور ‌و‌ البلايا ‌و‌ آفات الشيطان.
 
و كره الامر ‌و‌ المنظر كراهه فهو كريه: مثل قبح قباحه فهو قبيح وزنا ‌و‌ معنى ‌و‌ كراهيه بالتخفيف ايضا، ‌و‌ كرهته اكرهه ‌من‌ باب- تعب- كرها بالفتح ‌و‌ الضم ‌و‌ كراهيه ايضا: ‌ضد‌ احببته فهو مكروه ‌و‌ كريه ايضا، فالمعنى غير قبيح المصاحبه ‌او‌ غير مكروه المصاحبه.
 ‌و‌ ذممت الشى ء اذمه ذما: خلاف مدحته فهو ذميم ‌و‌ مذموم ‌اى‌ غير محمود.
 ‌و‌ لابست فلانا ملابسه خالطته ‌و‌ هى ابلغ ‌من‌ المصاحبه كان كل منهما لبس صاحبه، ‌و‌ الله اعلم.
 
الكاف ‌فى‌ قوله: «كما وفدت» للتعليل عند ‌من‌ اثبته اى: لوفودك علينا بالبركات كقوله تعالى: «و اذكروه كما هداكم» اى: لهدايته اياكم، ‌و‌ قد تقدم الكلام على نظير ذلك غير مره.
 ‌و‌ وفد على القوم وفدا ‌من‌ باب- وعد- ‌و‌ وفودا فهو وافد: ‌اى‌ قدم عليهم.
 ‌و‌ البركه: الخير الالهى ‌و‌ النماء ‌و‌ الزياده ‌و‌ السعاده.
 ‌و‌ الدنس محركه: الوسخ، يقال: دنس الثوب دنسا ‌من‌ باب- تعب- اذا اتسخ، ‌و‌ ‌فى‌ الكلام استعاره تقدم بيانها.
 
و برم الشى ء برما فهو برم: مثل ضجر ضجرا فهو ضجر وزنا ‌و‌ معنى ‌و‌ نصبه ‌فى‌
 
الدعاء على المفعول لاجله.
 ‌و‌ السام: بالتحريك: الملاله مما يكثر لبثه، يقال: سئمه ساما ‌من‌ باب- تعب- ‌و‌ سامه بالمد بمعنى مللته ‌و‌ يعدى بالحرف ايضا فيقال: سئمت منه ‌و‌ ‌فى‌ التنزيل: «لا يسئم الانسان ‌من‌ دعاء الخير».
 
و طلب الشى ء قبل وقته كنايه عن تمنى حصوله ‌و‌ ذلك لمحبته ‌و‌ شوق النفس اليه كما ‌ان‌ الحزن عليه قبل فوته لشده الرغبه ‌فى‌ بقائه ‌و‌ الحرص على اقتنائه ‌و‌ الى هذا المعنى اشار الشاعر بقوله:
 ‌و‌ لم ارقط اشقى ‌من‌ محب
 ‌و‌ ‌ان‌ وجد الهوى حلو المذاق
 تراه باكيا ‌فى‌ كل حين
 لخوف تفرق ‌او‌ لاشتياق
 
و «كم» هنا: خبريه بمعنى كثير ‌و‌ هى ‌فى‌ حيز الرفع بالابتداء ‌و‌ خبرها صرف. ‌و‌ «من»: مزيده ‌و‌ لو حذفت لكان ‌ما‌ بعدها مجرورا باضافه «كم» اليه اى: كثير ‌من‌ السوء صرف بك عنا.
 ‌و‌ مثله «و ‌كم‌ ‌من‌ خير افيض بك علينا»: ‌و‌ «الباء» ‌من‌ «بك» ‌فى‌ الموضعين اما سببيه ‌او‌ ظرفيه، ‌و‌ صرف الله عنه السوء رده عنه.
 
و فاض الخير: كثر، ‌و‌ افاضه: كثره، ‌و‌ قد سبق الكلام على ليله القدر ‌و‌ كونها خيرا ‌من‌ الف شهر.
 
و الحرص: فرط الاراده.
 
و امس: اسم علم على اليوم الذى قبل يومك الذى انت فيه بليله، ‌و‌ يستعمل فيما قبله ‌من‌ الزمن الماضى مجازا كما استعمل هنا، ‌و‌ منه قوله تعالى: «كان لم تغن بالامس».
 ‌و‌ غد: اليوم الذى ياتى بعد يومك الذى انت فيه بليله، ثم توسعوا فيه فاطلقوه على البعيد المترقب ‌من‌ الزمان، ‌و‌ ‌هو‌ المراد هنا، ‌و‌ اصله غدو كفلس لكن حذفت اللام فجعلت الدال حرف اعراب، ‌و‌ قد يستعمل على اصله كقوله: ‌ان‌ مع اليوم اخاه غدوا.
 
و حرمناه: ‌اى‌ منعناه بانقضائه.
 ‌و‌ السلب: نزع الشى ء ‌من‌ الغير قهرا قال تعالى: «و ‌ان‌ يسلبهم الذباب شيئا ‌لا‌ يستنقذوه» ‌و‌ ‌فى‌ التعبير عن فواته بالسلب ايذان بكراهه مضيه ‌و‌ انه لم يكن عن رضى بل عن قهر لاكما عليه اكثر الناس ‌من‌ فرحهم ‌و‌ استبشارهم بانقضائه ‌و‌ انصرامه، ‌و‌ الله اعلم.
 
تصدير الجمله بحرف التاكيد لوفور النشاط ‌و‌ الرغبه، ‌او‌ لكمال العنايه ‌و‌ الاهتمام، ‌او‌ لاظهار كمال التضرع ‌و‌ الابتهال فان كلا ‌من‌ ذلك يناسب المقام. ‌و‌ اهل هذا الشهر: ‌اى‌ المختصون ‌به‌ اختصاص الرجل باهله ‌و‌ قرابته.
 ‌و‌ الشرف: علو المنزله، ‌و‌ شرفه الله بكذا اعلى منزلته به، وفقه الله لكذا توفيقا سدده ‌و‌ جعله موافقا له.
 ‌و‌ المن: الاحسان.
 
و الحين: وقت حصول الشى ء، ‌و‌ ‌هو‌ مبهم المعنى ‌و‌ يتخصص بالمضاف اليه ‌اى‌ وقت جهل الاشقياء وقته.
 ‌و‌ الجهل على ثلاثه اضرب:
 احدها: خلو النفس ‌من‌ العلم ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ الاصل.
 ‌و‌ الثانى: اعتقاد الشى ء بخلاف ‌ما‌ ‌هو‌ عليه.
 ‌و‌ الثالث: فعل الشى ء بخلاف ‌ما‌ حقه ‌ان‌ يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا ‌او‌ فاسدا كمن يترك الصلاه عمدا، ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المراد هنا، ‌و‌ لذلك وصف اصحابه بالشقاء فاسنده الى الاشقياء ‌و‌ ‌هم‌ التاركون لصيامه فجهلهم لوقته عباره عن اهمالهم له ‌و‌ اعراضهم عما يجب فيه ‌من‌ صيام ‌و‌ غيره.
 ‌و‌ الشقاء: المضره اللاحقه ‌فى‌ العاقبه، لكن المراد ‌به‌ هنا سوء صنيعهم الذى ‌هو‌ سبب شقائهم ‌و‌ لذلك علل ‌به‌ حرمانهم فضله ‌و‌ نظير ذلك قوله تعالى: «الم تكن آياتى تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ‌و‌ كنا قوما ضالين».
 
قال امين الاسلام الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: يعنى استعلت علينا سيئاتنا التى اوجبت لنا الشقاوه ‌و‌ لما كانت سيئاتهم التى شقوا بها سبب شقاوتهم سميت شقاوه توسعا انتهى.
 ‌و‌ المعنى: انهم حرموا لتركهم صيامه ‌و‌ قيامه الموجب لشقائهم فضله ‌و‌ ‌ما‌ قد يتوهم ‌من‌ ‌ان‌ المراد بالشقاء ‌ما‌ كتب عليهم ‌من‌ الشقاء الازلى يبطله انه ‌لا‌ يكتب عليهم ‌من‌ السعاده ‌و‌ الشقاء الا ‌ما‌ علم الله تعالى انهم يفعلونه باختيارهم ضروره ‌ان‌ العلم تابع للمعلوم.
 
و الولى: فعيل بمعنى فاعل ‌من‌ وليه اذا قام به.
 ‌و‌ آثرته بالمد: فضلته اى: بما فضلتنا ‌به‌ ‌من‌ معرفته ‌و‌ العلم به.
 ‌و‌ السنه: الطريقه، اى: هديتنا له ‌من‌ طريقه صيامه ‌و‌ قيامه ‌و‌ ‌ما‌ يجب فيه ‌و‌ يحرم ‌و‌ يندب ‌و‌ يكره.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «من سننه» بلفظ الجمع.
 ‌و‌ توليت الامر: تقلدته ‌و‌ قمت به.
 ‌و‌ على: بمعنى مع، ‌اى‌ مع تقصير كقوله تعالى: «ان ربك لذو مغفره للناس على ظلمهم» اى: مع ظلمهم.
 ‌و‌ الاداء: تسليم عين الثابت ‌فى‌ الذمه بالسبب الموجب كالوقت للصلاه، ‌و‌ الشهر للصوم الى ‌من‌ يستحق ذلك الواجب ‌و‌ لما كان ‌ما‌ يستحقه تعالى على العبد ‌من‌ الطاعات اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تفى ‌به‌ طاقه البشر كما ورد عن ابى الحسن عليه السلام: ‌ان‌ الله ‌لا‌ يعبد ‌حق‌ عبادته، قال عليه السلام: ‌و‌ ادينا فيه قليلا ‌من‌ كثير.
 
قوله عليه السلام: «اللهم فلك الحمد اقرارا بالاساءه ‌و‌ اعترافا بالاضاعه» الفاء لسببيه العمل فيه مع التقصير للحمد فانه يقتضيه ‌و‌ ‌ان‌ قل، ‌و‌ نصب اقرارا ‌و‌ اعترافا يحتمل المصدريه ‌و‌ الحاليه ‌و‌ المفعول لاجله اى: حمد اقرار ‌و‌ اعتراف، ‌او‌ مقرا ‌و‌ معترفا، ‌او‌ للاقرار ‌و‌ الاعتراف.
 ‌و‌ المراد بالاضاعه هنا الاهمال ‌و‌ التقصير ‌فى‌ الاعمال ‌و‌ اصلها الاهلاك ‌من‌ ضاع الشى ء يضيع ضياعا بالفتح اذا هلك ‌و‌ اضاعه اضاعه اهلكه اهلاكا فاطلقت على الاهمال ‌من‌ باب اطلاق المسبب على السبب، لان اهمال الشى ء يفضى الى هلاكه ‌و‌ ذهابه.
 ‌و‌ العقد: نقيض الحل ثم اطلق على احكام الامر ‌و‌ ابرامه ‌و‌ تاكيده، ‌و‌ منه عقد العهد ‌و‌ اليمين اذا اكدهما يعنى لك ‌من‌ قلوبنا تاكيد الندم ‌و‌ تحقيقه.
 ‌و‌ قال ابن الاثير ‌فى‌ النهايه: ‌و‌ ‌فى‌ حديث الدعاء «لك ‌من‌ قلوبنا عقد الندم» يريد عقد العزم على الندامه ‌و‌ ‌هو‌ تحقيق التوبه.
 ‌و‌ صدق الاعتذار: عباره عن مطابقته لما ‌فى‌ الضمير ‌و‌ الاعتقاد، يقال: اعتذر اعتذارا اذا اتى بعذر.
 ‌و‌ اجره ياجره: ‌من‌ بابى- ضرب- و- قتل- ‌و‌ آجره بالمد لغه ثالثه اذا اثابه.
 ‌و‌ التفريط: التقصير، يقال: ‌ما‌ فرطت ‌فى‌ كذا ‌اى‌ ‌ما‌ قصرت ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ حيث ‌هو‌ ‌لا‌ يقتضى المثوبه لكن الاعتراف ‌به‌ ‌و‌ الندم عليه ‌من‌ موجباتها لان ‌من‌ عرف تقصير نفسه ‌و‌ نقصها كان ‌فى‌ مقام الذل ‌و‌ الفقر ‌و‌ الانكسار ‌و‌ ‌لا‌ عبوديه اشرف منها ‌و‌ لذلك ورد ‌فى‌ الحديث عنهم عليهم السلام اكثر ‌من‌ ‌ان‌ تقول: اللهم لاتخرجنى ‌من‌ التقصير ‌اى‌ ‌من‌ الاعتراف به.
 
و عن ابى جعفر عليه السلام انه قال لبعض اصحابه: «لا اخرجك الله ‌من‌ النقص ‌و‌ التقصير» اى: ‌من‌ ‌ان‌ تعد طاعتك ناقصه ‌و‌ نفسك مقصره.
 ‌و‌ استدركت الشى ء بالشى ء: حاولت ادراكه به، ‌و‌ منه: استدراك ‌ما‌ فات.
 ‌و‌ الفضل: الخير ‌و‌ الزياده ‌و‌ الاحسان.
 ‌و‌ اعتاض: اخذ العوض.
 ‌و‌ الذخر بالضم: الذخيره ‌من‌ ذخرت الشى ء ذخرا ‌من‌ باب- نفع-: اعددته لوقت الحاجه ‌و‌ الاسم الذخر بالضم ايضا.
 
و اوجب له الشى ء: اثبته له.
 ‌و‌ عذرته فيما صنع ‌من‌ باب- ضرب-: رفعت عنه اللوم فهو معذور اى: غير ملوم ‌و‌ الاسم العذر ‌و‌ تضم الذال للاتباع ‌و‌ تسكن ‌و‌ الجمع اعذار.
 ‌و‌ بلغت ‌به‌ المكان بلوغا ‌من‌ باب- قعد- اى: بلغته ‌و‌ اوصلته اليه، ‌و‌ منه الحديث قيل للقمان: ‌ما‌ بلغ بك ‌ما‌ ترى.
 قال الطيبى ‌فى‌ شرح المشكاه: ‌اى‌ شى ء بلغك الى هذه الرتبه العليه التى نراك فيها.
 ‌و‌ ‌ما‌ بين ايدينا اى: ‌ما‌ نستقبله لان ‌ما‌ يستقبله الانسان يكون بين يديه ‌و‌ اصل ذلك ‌فى‌ الاجسام ثم استعمل ‌فى‌ المعانى توسعا.
 ‌و‌ اقبل الشهر ‌و‌ العام اقبالا ‌و‌ قبل قبولا ‌من‌ باب- قعد- فهو مقبل ‌و‌ قابل خلاف ادبر قالوا: يقال ‌فى‌ المعانى قبل ‌و‌ اقبل معا ‌و‌ ‌فى‌ الاشخاص اقبل بالالف ‌لا‌ غير.
 ‌و‌ اعانته تعالى: توفيقه ‌و‌ تسديده بازاحه العلل ‌و‌ تقويه العزيمه.
 ‌و‌ التناول ‌فى‌ الاصل: اخذ الشى ء باليد يقال: تناولت الكتاب اذا اخذته بيدك ثم استعمل ‌فى‌ مطلق الفعل توسعا، كما وقع هنا اى: اعنا على فعل ‌ما‌ انت
 
اهله ‌من‌ العباده اى: ‌ما‌ نستوجبه منها يقال: ‌هو‌ اهل لكذا اى: مستوجب له ‌و‌ حقيق ‌به‌ ‌و‌ منه «اللهم اهل الثناء ‌و‌ الحمد».
 ‌و‌ اداه الى كذا: اوصله اليه.
 ‌و‌ قام بالامر يقوم ‌به‌ قياما: راعاه ‌و‌ حفظه.
 ‌و‌ اجرى له نفقه جعلها جاريه اى: داره متصله.
 ‌و‌ صالح العمل: ‌ما‌ ‌لا‌ فساد فيه.
 ‌و‌ الدرك بفتحتين: اسم ‌من‌ ادركت الشى ء اذا لحقته ‌و‌ وصلت اليه ‌و‌ اسكان الراء لغه اى: وفقنا دائما لان نعمل ‌من‌ عمل الصالح ‌ما‌ يكون ادراكا لحقك، ‌اى‌ لما ثبت ‌و‌ وجب لك ‌من‌ الطاعه ‌و‌ العباده ‌فى‌ الشهرين: ‌اى‌ الماضى ‌و‌ القابل ‌من‌ شهرى رمضان ‌و‌ الظرف لغو متعلق بالدرك، ‌و‌ قيل: مستقر حال ‌من‌ حقك.
 ‌و‌ قوله: «من شهور الدهر» ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ الشهرين، ‌و‌ فائده القيد بذلك تعميم الشهرين لكل ماض ‌و‌ قابل ‌من‌ شهرى رمضان ‌فى‌ مده العمر ‌و‌ دفع توهم كون المراد بهما الشهر الذى ‌هو‌ فيه ‌و‌ قابله ‌من‌ شهر رمضان، ‌و‌ المراد بالدهر: مده العمر، كما تقول: ‌لا‌ اكلمه الدهر، تريد ‌لا‌ اكلمه الى آخر عمرى، ‌و‌ نظير هذا القيد ‌فى‌ التعميم قوله تعالى: «و المحصنات ‌من‌ النساء».
 قال العمادى: «من النساء» متعلق بمحذوف وقع حالا ‌من‌ المحصنات اى: كائنات ‌من‌ النساء، ‌و‌ فائدته تاكيد عمومها ‌لا‌ دفع توهم شمولها للرجال بناء على كونها صفه للانفس كما توهم انتهى.
 ‌و‌ ‌ما‌ قيل: ‌ان‌ ‌فى‌ قوله: «من شهور الدهر» اشاره الى ‌ما‌ بينهما ‌من‌ الامتياز ‌لا‌ معنى له، ‌و‌ الله اعلم.
 
الم بالمكان الماما: نزل ‌به‌ ‌و‌ لم يطل فيه لبثه، ‌و‌ الم بالامر لم يتعمق فيه ‌و‌ الم بالطعام لم يسرف ‌فى‌ اكله. ‌و‌ اللمم بفتحتين: قيل: مقاربه الذنب، ‌و‌ قيل: فعل الصغيره تم ‌لا‌ يعاوده كالنظره ‌و‌ القبله.
 ‌و‌ ‌فى‌ الكشاف ‌فى‌ قوله تعالى: «الذين يجتنبون كبائر الاثم ‌و‌ الفواحش الا اللمم ‌ان‌ ربك واسع المغفره» اللمم: ‌ما‌ ‌قل‌ ‌و‌ صغر، ‌و‌ منه: اللمم: المس ‌من‌ الجنون ‌و‌ اللوثه منه، ‌و‌ الم بالمكان اذا ‌قل‌ فيه لبثه، ‌و‌ الم بالطعام: ‌قل‌ منه اكله، ‌و‌ المراد الصغائر ‌من‌ الذنوب.
 ‌و‌ قال الراغب: اللمم: مقاربه المعصيه ‌و‌ يعبر ‌به‌ عن الصغيره، ‌و‌ يقال: يفعل كذلك لمما اى: حينا بعد حين، ‌و‌ قوله تعالى: «الا اللمم» ‌من‌ قولك: الممت بكذا اى: نزلت ‌به‌ ‌و‌ قاربته ‌من‌ غير مواقعه، ‌و‌ يقال: زيارته لمام اى: قليله.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: المم الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: «هو الذنب يلم ‌به‌ الرجل فيمكث ‌ما‌ شاء الله ثم يلم ‌به‌ بعد.
 ‌و‌ عنه عليه السلام: ‌ما‌ ‌من‌ مومن الا ‌و‌ له ذنب يهجره زمانا ثم يلم ‌به‌ ‌و‌ ذلك
 
قول الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «الا اللمم».
 ‌و‌ عن احدهما عليهماالسلام: ‌هو‌ الهنه بعد الهنه اى: الذنب بعد الذنب يلم ‌به‌ العبد.
 ‌و‌ الاثم قيل: ‌هو‌ الكبيره، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ جنس يشتمل على كبائر الذنوب ‌و‌ صغائرها، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ اسم للافعال المبطئه عن الثواب، ‌و‌ قوله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «و فيهما اثم كبير» ‌اى‌ ‌فى‌ تناولهما ابطاء عن الخيرات.
 ‌و‌ واقعت الامر: خالطته، ‌و‌ منه: الوقاع للجماع.
 ‌و‌ قال صاحب المجمل: واقع الامور مواقعه ‌و‌ وقاعا: داناها.
 ‌و‌ الذنب: يستعمل ‌فى‌ كل فعل تستوخم عقباه، ‌و‌ الاصل فيه الاخذ بذنب الشى ء، يقال: ذنبته ذنبا اذا اخذت بذنبه فسمى بذلك اعتبارا بما يحصل ‌من‌ عاقبته.
 ‌و‌ الخطيئه: السيئه، ‌و‌ قد يفرق بينهما بان الخطيئه: ‌ما‌ ‌لا‌ تكون عن قصد ‌و‌ تعمد لانها ‌من‌ الخطا، ‌و‌ السيئه: ‌ما‌ يكون مقصودا اليه ‌فى‌ نفسه.
 ‌و‌ قيل: الخطيئه، الكبيره ‌من‌ خطا اذا قصد الذنب لامن اخطا اذا قصد شيئا ‌و‌ اتفق منه غيره.
 ‌و‌ قوله: «على تعمد» متعلق بجميع الافعال المذكوره قبله على طريق التنازع ‌او‌ بمحذوف وقع حالا ‌من‌ ضمير المتكلم مع غيره اى: كائنين على تعمد، ‌و‌ تعمدت الشى ء تعمدا: قصدت اليه بالنيه ‌و‌ ‌هو‌ خلاف السهو ‌و‌ النسيان، ‌و‌ عرف النسيان
 
بالغفله عن معلوم يقظه.
 فان قلت: ‌ما‌ وقع عن نسيان متجاوز عنه لقوله عليه السلام: «رفع عن امتى الخطا ‌و‌ النسيان ‌و‌ ‌ما‌ استكرهوا عليه» فما معنى سوال العفو عنه؟.
 قلت: النسيان قد يكون منشاه التفريط ‌و‌ قله المبالات فما يكون عن مثله غير متجاوز عنه الا ترى ‌ان‌ ‌من‌ ترك التلاوه ‌و‌ تغافل عن تعاهد القرآن حتى نسيه فانه يكون ملوما على نسيانه بخلاف ‌ما‌ لو واظب على تلاوته ثم نسيه فانه يكون معذورا ‌و‌ ‌من‌ اشتغل بشى ء ‌من‌ الشواغل حتى نسى الصلاه ففاته ادائها كان مواخذا لتفريطه فيها ‌و‌ قله مبالاته بها بخلاف ‌من‌ اكل ‌او‌ شرب ‌و‌ ‌هو‌ صائم ناسيا، ‌و‌ الحاصل انه ذكر النسيان ‌و‌ مراده ‌ما‌ ‌هو‌ مسبب عنه ‌من‌ تفريط ‌و‌ اغفال على ‌ان‌ العلم بان النسيان ‌و‌ ‌ما‌ وقع عنه مغفور ‌لا‌ يمنع ‌من‌ حسن طلب العفو عنه بالدعاء فربما يدعو الداعى بما يعلم انه حاصل له قبل الدعاء ‌من‌ فضل الله تعالى، اما لاعتداد تلك النعمه ‌و‌ اما لاستدامتها ‌او‌ لغير ذلك كقوله تعالى: «قل رب احكم بالحق» ‌و‌ قول ابراهيم عليه السلام: «و ‌لا‌ تخزنى يوم يبعثون».
 قوله عليه السلام: «ظلمنا فيه انفسنا ‌او‌ انتهكنا ‌به‌ حرمه ‌من‌ غيرنا» ‌فى‌ محل نصب على الحال ‌من‌ ضمير المتكلم مع غيره باضمار قد عند ‌من‌ اوجبها ‌فى‌ الماضى المثبت اذا وقع حالا ‌و‌ ‌هم‌ البصريون غير الاخفش ‌و‌ ذهب الكوفيون غير الفراء الى عدم الوجوب استدلالا بقوله تعالى: «او جاءوكم حصرت صدورهم» ‌و‌ بقول الشاعر:
 كما انتفض العصفور بلله القطر
 ‌و‌ لك جعلها ‌فى‌ محل خفض صفه للتعمد ‌او‌ النسيان ‌و‌ الضمير ‌فى‌ قوله: «فيه»
 
عائد الى الامور المعدوده ‌من‌ اللمم ‌و‌ الاثم ‌و‌ الذنب ‌و‌ الخطيئه ‌او‌ التعمد ‌و‌ النسيان، ‌و‌ انما افرد الضمير لان المعنى ‌فى‌ احدها لمحل العطف ب«او» كما تقول: زيد ‌او‌ عمرو ‌او‌ بكر ضربته ‌و‌ ‌لا‌ تقول: ضربتهم اذ المعنى احدهم ‌و‌ فائده التقييد بهذه الجمله التعميم لكل ‌من‌ الامور المذكوره.
 ‌و‌ فى: اما سببيه بمعنى الباء، ‌اى‌ بسببه ‌او‌ ظرفيه مجازيه بتشبيه ملابسه الظلم لاحد الامور المذكوره بملابسه المظروف للظرف فتكون لفظه «فى» استعاره تبعيه.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله: «فصل على محمد ‌و‌ آله» رابطه للجواب كقوله تعالى: «ما اصابكم ‌من‌ مصيبه فبما كسبت ايديكم».
 فان قلت: جواب اسم الشرط المرفوع بالابتداء لابد له ‌من‌ ضمير يربطه ‌و‌ ‌لا‌ ضمير هنا ‌فى‌ الجواب؟.
 قلت: ‌هو‌ مقدر لدلاله المعنى عليه ‌و‌ التقدير فاسترنا ‌من‌ فضيحته بسترك، ‌و‌ اعف عنا اقترافه ‌و‌ ارتكابه بعفوك، قال ‌فى‌ القاموس: عفا عنه ذنبه ‌و‌ عفا له ذنبه ‌و‌ عن ذنبه.
 ‌و‌ نصبته نصبا ‌من‌ باب- ضرب-: اقمته ‌و‌ رفعته، ‌و‌ يقال: ‌هو‌ نصب عينه ‌اى‌ منصوب بحذائه ينظر اليه.
 ‌و‌ شمت ‌به‌ يشمت: ‌من‌ باب- علم- فهو شامت اذا فرح بمصيبه نزلت به، ‌و‌ الاسم الشماته ‌و‌ منه: التشميت للعاطس ‌و‌ ‌هو‌ الدعاء له كانه ازال الشماته عنه بالدعاء.
 ‌و‌ بسط الشى ء: نشره ‌و‌ توسيعه، بسطه يبسطه بسطا ‌من‌ باب- كتب- ‌و‌ بسط اللسان: كنايه عن التوسع ‌و‌ الاكثار ‌فى‌ النطق ‌و‌ الكلام، يقال: بسط لسانه بما تحب
 
او بما تكره، قال تعالى: «و يبسطوا اليكم ايديهم ‌و‌ السنتهم بالسوء».
 ‌و‌ الطعن: الضرب بالرمح، ‌و‌ نحوه طعنه طعنا ‌من‌ باب- نفع- فهو طاعن، ثم استعير للقدح ‌و‌ العيب ‌و‌ الوقيعه، يقال: طعن عليه ‌و‌ طعن فيه، قال تعالى: «و طعنوا ‌فى‌ دينكم».
 ‌و‌ استعملته: جعلته عاملا.
 ‌و‌ الحطه بالكسر: اسم ‌من‌ استحط وزره ساله ‌ان‌ يحط عنه ‌و‌ اصلها ‌من‌ الحط ‌و‌ ‌هو‌ انزال الشى ء ‌من‌ علو ‌و‌ منه قوله تعالى: «و قولوا حطه نغفر لكم خطاياكم» ‌و‌ معناه حط عنا ذنوبنا.
 ‌و‌ الكفاره: ‌ما‌ يغطى الذنب ‌و‌ يستره، ‌من‌ كفرت الشى ء تكفيرا اذا سترته، ‌و‌ منه: كفاره اليمين ‌و‌ الظهار ‌و‌ نحوهما كانها تغطى الذنب حتى يصير بمنزله ‌ما‌ لم يعمل.
 ‌و‌ قيل: يصح ‌ان‌ يكون ‌من‌ التكفير بمعنى ازاله الكفر ‌و‌ الكفران كالتمريض بمعنى ازاله المرض ‌و‌ الى هذا المعنى اشار بقوله تعالى: «ان الحسنات يذهبن السيئات».
 ‌و‌ انكرت عليه انكارا: اذا عبت عليه فعله ‌و‌ نهيته.
 ‌و‌ الرافه: الرحمه، ‌و‌ قيل: اشد الرحمه. ‌و‌ نفد الشى ء ينفد: ‌من‌ باب- تعب- نفادا: فنى ‌و‌ انقطع.
 ‌و‌ الفضل: الاحسان.
 ‌و‌ نقص نقصا: ‌من‌ باب- قتل- ‌و‌ نقصانا: ذهب منه شى ء بعد تمامه ‌و‌ انما لم تنفد رحمته ‌و‌ لم ينقص فضله سبحانه لانه ليس ‌من‌ شانه ‌ان‌ يلحق شيئا ‌من‌ صفاته العليا نفاد ‌او‌ نقص، بل نعمه ‌و‌ مواهبه غير متناهيه، ‌و‌ الله اعلم.
 
جبر مصيبته يجبرها جبرا ‌من‌ باب- قتل-: اذا فعل مع صاحبها ‌ما‌ ينساها به، ‌و‌ قيل: ‌رد‌ عليه ‌ما‌ ذهب منه ‌او‌ عوضه عنه، ‌و‌ اصله ‌من‌ جبر العظم الكسير ‌و‌ ‌هو‌ اصلاحه.
 ‌و‌ المصيبه: الشده النازله ‌و‌ اصلها: ‌من‌ اصابه السهم، ‌و‌ ‌هو‌ وصوله الى الغرض.
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله «بشهرنا» للتعديه ‌من‌ باب تعديه المصدر ‌و‌ الفعل المتعديين الى المفعول الثانى بحرف جر نحو: اعجبنى امرك زيدا بالقيام، ‌و‌ امرته بالجلوس، يقال: اصيب فلان بماله اذا سلبه، ‌و‌ فلان مصاب بعقله ‌و‌ بصره اذا كان مسلوبهما، ‌و‌ منه الحديث: ‌ما‌ ‌من‌ رجل يصاب بشى ء الا رفعه درجه ‌اى‌ يسلب ‌و‌ يوخذ منه شى ء، ‌و‌ المعنى عوضنا خيرا ‌و‌ احسانا عن شهرنا الذى سلبناه.
 ‌و‌ ‌ما‌ وقع ‌فى‌ بعض التراجم ‌من‌ ‌ان‌ المعنى: اثبنا على غمنا لفراق شهرنا فتكون «الباء» سببيه، ‌او‌ المراد بالمصيبه التقصيرات السالفه، ‌اى‌ اعف عنا ببركه شهرنا ‌ما‌ سلف منا ‌من‌ التقصير فتكون «الباء» سببيه ايضا فليس مدلول هذه العباره ‌من‌ كلام العرب ‌و‌ ليس معناها الا ‌ما‌ ذكرناه.
 ‌و‌ بارك له ‌فى‌ كذا: جعل له فيه البركه ‌و‌ هى: الخير ‌و‌ الزياده ‌و‌ النماء.
 ‌و‌ الفطر بالكسر اسم ‌من‌ فطر الصائم فطورا ‌من‌ باب- قعد-: اذا اكل ‌و‌ شرب كافطر افطارا، ‌و‌ اصله ‌من‌ فطرت الناقه اذا حلبتها فانفتحت رووس اخلافها، لان الافواه تنفتح بالاكل ‌و‌ الشرب.
 
و «من»: ‌فى‌ قوله: «من خير يوم» تبعيضيه، ‌اى‌ ‌من‌ جمله خير يوم ‌و‌ خير افعل تفضيل ‌و‌ انما لم يقل: خير ايام مرت علينا لانه اراد جنس اليوم لعمومه ‌من‌ جهه وصفه بصفه عامه ‌و‌ هى قوله: «مر علينا» فان المرور ليس مما يخص واحدا ‌من‌ الايام، ‌و‌ قد يراد بالمفرد معنى الجمع اكتفاء ‌به‌ عند عدم اللبس لدلالته على الجنس كقوله تعالى: «يخرجكم طفلا» ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون «من» زائده عند ‌من‌ اجاز زيادتها ‌فى‌ الايجاب، ‌و‌ حمل عليه قوله تعالى: «يحلون فيها ‌من‌ اساور ‌من‌ ذهب» « ‌و‌ يغفر لكم ‌من‌ ذنوبكم».
 ‌و‌ قول بعضهم: انها ‌فى‌ الدعاء للتبيين، خبط.
 ‌و‌ اجلبه بالخفض: بدل ‌من‌ خير يوم، ‌و‌ ‌هو‌ افعل تفضيل ‌من‌ جلب الشى ء جلبا ‌من‌ بابى- قتل- و- ضرب- بمعنى ساقه.
 قال الراغب: اصل الجلب: سوق الشى ء، قال الشاعر:
 ‌و‌ قد تجلب الشى ء البعيد الجوالب.
 ‌و‌ امحى اسم تفضيل ‌من‌ محى الله الذنب اذا غفره ‌و‌ اصل المحو ازاله الاثر، ‌و‌ اسناد الجلب ‌و‌ المحو الى اليوم مجاز عقلى.
 ‌و‌ علن الامر علونا ‌من‌ باب- قعد-: ظهر ‌و‌ انتشر، ‌و‌ منه: العلانيه ‌ضد‌ السر.
 
السلخ: نزع جلد الحيوان، يقال سلخته سلخا ‌من‌ باب- منع- و- ضرب- فانسلخ ، ‌و‌ منه: سلخت الشهر: اذا صرت ‌فى‌ آخره ‌و‌ انسلخ الشهر ‌اى‌ مضى.
 
قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: ‌و‌ ‌من‌ المجاز سلخنا الشهر ‌و‌ انسلخ الشهر.
 ‌و‌ قد تقدم الكلام على ذلك مبسوطا ‌فى‌ الروضه التى قبل هذه عند قوله عليه السلام: «و اسلخ عنا تبعاتنا مع انسلاخ ايامه».
 ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله: «بانسلاخ هذا الشهر» بمعنى «مع» كما وقع التصريح ‌به‌ ‌فى‌ قوله: «مع انسلاخ ايامه» ‌اى‌ انزعنا مع مضى هذا الشهر ‌من‌ خطايانا، ‌و‌ الغرض محوها ‌و‌ غفرانها ‌و‌ ‌فى‌ معناها الفقره التى بعدها.
 ‌و‌ اجزلهم قسما: ‌اى‌ اكثرهم ‌من‌ جزل الشى ء بالضم جزاله اذا كثر ‌و‌ اتسع فهو جزيل، ‌و‌ جزل قيل: اصله ‌من‌ جزل الحطب فهو جزل اذا عظم ‌و‌ غلظ، ثم استعير ‌فى‌ العطاء، فقيل: عطاء جزل: ‌اى‌ كثير، ‌و‌ اجزل له العطاء اذا اوسعه.
 ‌و‌ القسم بالكسر كحمل: الحصه ‌و‌ النصيب ‌و‌ الجمع اقسام كحمل ‌و‌ احمال.
 ‌و‌ اوفرهم حظا اى: اتمهم ‌و‌ اكملهم ‌من‌ وفر الشى ء يفر ‌من‌ باب- وعد- وفورا اى: تم ‌و‌ كمل، ‌و‌ الحظ النصيب ‌و‌ الجمع حظوظ كفلس ‌و‌ فلوس.
 
«من»: ‌فى‌ محل رفع بالابتداء، ‌و‌ قوله: «فهب لنا» خبره ‌و‌ انما دخلته الفاء تشبيها له بالشرط.
 ‌و‌ الرعايه: الحفظ ‌و‌ معنى «حق رعايته» واجب رعايته، ‌و‌ انتصابه على المصدريه، ‌و‌ الاصل رعايه حقا فعكس ‌و‌ اضيف الحق الى الرعايه مبالغه كقولك: ‌هو‌ ‌حق‌ عالم، ‌و‌ اضيف الرعايه الى ضمير المرعى لاختصاصها ‌به‌ ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون ‌حق‌ رعايته نعتا لمصدر محذوف، ‌اى‌ رعايه ‌حق‌ رعايته فحذف المنعوت ‌و‌ اقيم النعت مقامه ‌و‌ قس على ذلك نظائره الاتيه، ‌و‌ المعنى رعاه كما يحق ‌و‌ كما يجب ‌ان‌ يرعى قال
 
تعالى: «فما رعوها ‌حق‌ رعايتها» اى: ‌ما‌ حافظوا عليها ‌حق‌ المحافظه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ‌و‌ ‌من‌ رعى ‌حق‌ هذا الشهر باضافه ‌حق‌ الى هذا الشهر اى: رعى ‌ما‌ يجب له ‌و‌ حافظ عليه على ‌ما‌ يجب له ‌من‌ الرعايه ‌و‌ المحافظه ‌و‌ ‌فى‌ معناه قوله عليه السلام: ‌و‌ حفظ حرمته ‌حق‌ حفظها لان الحفظ هنا ‌فى‌ معنى الرعايه.
 ‌و‌ الحرمه: ‌ما‌ وجب القيام ‌به‌ ‌و‌ حرم التفريط فيه فهى كالحق بمعنى الواجب، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون المراد بالحرمه ‌ما‌ حرم فيه ‌و‌ بحفظها اجتنابها ‌و‌ ‌هو‌ اولى لان التاسيس خير ‌من‌ التاكيد، ‌و‌ بكل ‌من‌ المعنيين فسر قوله تعالى: «و ‌من‌ يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه» قيل: حرماته تعالى حقوقه ‌و‌ فروضه التى ‌لا‌ يحل انتهاكها، ‌و‌ تعظيمها: القيام بها ‌و‌ المحافظه عليها، ‌و‌ قيل: هى ‌ما‌ نهى عنها ‌و‌ حرم الوقوع فيها ‌و‌ تعظيمها مجانبتها ‌و‌ ترك ملابستها.
 ‌و‌ قام بالامر: جد فيه ‌و‌ اجتهد.
 ‌و‌ حدوده: احكامه ‌من‌ الفروض ‌و‌ المحرمات جمع ‌حد‌ ‌و‌ اصله ‌من‌ الحد، بمعنى المنع ‌و‌ الفصل بين الشيئين فكان حدود الشرع ‌و‌ احكامه فصلت بين ‌ما‌ يحل ‌و‌ يحرم ‌و‌ ‌ما‌ يوتى ‌و‌ يجتنب.
 ‌و‌ اتقيت الشى ء: تحفظت منه وصنت نفسى عنه، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ الوقايه، ‌و‌ هى حفظ الشى ء ‌و‌ صيانته مما يوذيه ‌و‌ يضره ‌و‌ اصل اتقى ‌او‌ تقى على افتعل فقلبت الواو ياء لانكسار ‌ما‌ قبلها ‌و‌ ابدلت منها التاء ‌و‌ ادغمت.
 
و التقاه ‌و‌ التقوى ‌و‌ التقيه: اسماء بمعنى ‌من‌ اتقيته اتقاء، ‌و‌ معنى اتقاء الذنوب ‌حق‌ تقاتها: التحفظ ‌و‌ الاحتراس منها، ‌و‌ صيانه النفس عنها، كما يحق ‌و‌ كما يجب ‌ان‌ يتحفظ ‌و‌ يحترس منها ‌و‌ ‌لا‌ يتم ذلك الا باداء كل ‌ما‌ فرض الله ‌و‌ ترك كل ‌ما‌ حرم الله، ‌و‌ ‌لا‌ يكون ذلك الا بالتورع عن كل ‌ما‌ فيه شبهه ‌و‌ ‌لا‌ يكون ذلك الا بترك مالا باس ‌به‌ حذرا ‌من‌ الوقوع فيما فيه باس، كما روى: الحلال بين ‌و‌ الحرام بين ‌و‌ ‌من‌ رتع حول الحمى ‌او‌ ‌شك‌ ‌ان‌ يقع فيه ‌و‌ ‌فى‌ روايه: لحقيق ‌ان‌ يقع فيه.
 ‌و‌ التقرب: التحرى لما يقتضى حظوه ‌و‌ منزله.
 ‌و‌ القربه بالضم: ‌ما‌ يتقرب ‌به‌ الى الله ‌و‌ يطلب ‌به‌ المنزله لديه. ‌و‌ «الباء» ‌من‌ قوله: «بقربه» يجوز ‌ان‌ تكون للسببيه ‌و‌ للاستعانه.
 ‌و‌ اوجبت رضاك له: ‌اى‌ اثبته ‌و‌ احققته له ‌و‌ الجمله ‌فى‌ محل خفض صفه لقربه.
 ‌و‌ عطفت الشى ء عطفا ‌من‌ باب- ضرب-: ثنيته ‌و‌ املته كعطف الحبل ‌و‌ الغصن ثم استعير للشفقه اذا عدى ب«على» فيقال: عطفت الناقه على ولدها اذا حنت ‌و‌ اشفقت عليه، ‌و‌ عطف الله قلبك على جعله عاطفا على ‌اى‌ مشفقا، ‌و‌ منه عباره الدعاء ‌اى‌ جعلت رحمتك عاطفه عليه، ‌و‌ مثله ‌اى‌ ‌ما‌ يشبهه كميه ‌و‌ كيفيه ‌و‌ ذاتا ‌و‌ صفه لان المثل اعم الالفاظ الموضوعه للمشابهه كما سبق.
 ‌و‌ الوجد بالضم: الغنى ‌و‌ ‌ما‌ يقدر عليه ‌من‌ المال ‌و‌ الثروه ‌و‌ منه قوله تعالى: « اسكنوهن ‌من‌ حيث سكنتم ‌من‌ وجدكم» ‌اى‌ ‌من‌ قدر غناكم ‌و‌ مما تقدرون عليه ‌من‌ السعه.
 
و الاضعاف جمع ضعف بالكسر ‌و‌ ضعف الشى ء مثله ‌و‌ ‌ما‌ زاد عليه ‌و‌ ليس للزياده ‌حد‌ ‌و‌ قد اسلفنا الكلام عليه غير مره.
 ‌و‌ الفضل: الزياده ‌و‌ الخير ‌و‌ الاحسان.
 ‌و‌ غاض الماء غيضا: ‌من‌ باب- سار- نضب ‌و‌ غار، ‌اى‌ ذهب ‌فى‌ الارض ‌و‌ غاض الشى ء ايضا: ‌قل‌ ‌و‌ نقص ‌و‌ منه: «اعطاه غيضا ‌من‌ فيض» ‌اى‌ قليلا ‌من‌ كثير.
 ‌و‌ خزائن الله: مقدوراته التى تسع الناس، ‌و‌ قيل: جوده الواسع ‌و‌ قدرته.
 ‌و‌ قيل: قوله: «كن» ‌و‌ بكل ‌من‌ ذلك فسر قوله تعالى: «و ‌لا‌ اقول لكم عندى خزائن الله».
 ‌و‌ نقص الشى ء: ذهب منه شى ء بعد تمامه.
 ‌و‌ فاض السيل فيضا: كثر ‌و‌ سال ‌من‌ شفه الوادى، ‌و‌ حوض فائض يفيض ‌من‌ جوانبه لامتلائه، ‌و‌ فاض الخير: كثر ‌و‌ اتسع.
 ‌و‌ المعادن جمع معدن كمجلس: اسم مكان ‌من‌ عدن بالمكان عدنا ‌و‌ عدونا ‌من‌ باب- ضرب، ‌و‌ قعد- بمعنى اقام ‌و‌ استقر ‌و‌ منه: المعدن المستقر الجواهر لعدونها به.
 ‌و‌ قال ‌فى‌ مختصر العين: معدن كل شى ء حيث يكون اصله، ‌و‌ اثبات المعادن للاحسان استعاره تبعيه ‌او‌ مكنيه ‌و‌ اسناد الفناء اليها مجاز عقلى ‌من‌ باب سال النهر، ‌و‌ نضب الحوض ‌و‌ المراد ‌لا‌ يفنى ‌ما‌ فيها.
 ‌و‌ العطاء: اسم ‌من‌ الاعطاء بمعنى الصله، ‌و‌ اصله ‌من‌ اعطاه الشى ء اذا ناوله اياه ثم خص بالهبه ‌و‌ الصله.
 ‌و‌ «اللام» ‌من‌ قوله: «للعطاء» لام الابتداء ‌و‌ فائدتها تاكيد مضمون الجمله
 
و مدخولها ‌فى‌ الاصل المبتدا ‌و‌ لذلك سميت لام الابتداء فاصل ‌ان‌ زيدا لقائم لان زيدا قائم فكرهوا افتتاح الكلام بحرفين موكدين فزحلفوا اللام دون «ان» لئلا يتقدم معمولها عليها ‌و‌ انما لم يدع «ان» الاصل ‌ان‌ لزيدا قائم لئلا يحول ماله صدر الكلام بين العامل ‌و‌ المعمول.
 ‌و‌ المهنى: اسم مفعول ‌من‌ هنا الشى ء بضم العين ‌و‌ الهمز هناءه بالفتح ‌و‌ المد: تيسير ‌من‌ غير مشقه ‌و‌ ‌لا‌ عناء فهو هنى، ‌و‌ يجوز الابدال ‌و‌ الادغام ‌و‌ هناه الله اياه بالتشديد اعطاه اياه هنيئا فهو مهنا بالهمز ‌و‌ يجوز الابدال فيه ‌و‌ عليه اكثر النسخ ‌فى‌ الدعاء.
 ‌و‌ وقع ‌فى‌ نسخه ابن ادريس «و ‌ان‌ عطائك العطا المهنا» بتجريد الخبر ‌من‌ لام الابتداء، ‌و‌ همز المهنا على الاصل.
 
اكتب لنا: ‌اى‌ اوجب لنا، ‌و‌ حقق لنا، ‌و‌ عبر عن ذلك بلفظ الكتابه لانها منتهى الايجاب فان الشى ء يوجب ثم يكتب، فالايجاب مبدا ‌و‌ الكتابه منتهى، فاذا اريد توكيد الشى ء عبر عن مبدئه بمنتهاه، ‌و‌ لان الكتابه اثبت ‌و‌ ادوم الا ترى انه يقال: كتب رزق فلان ‌فى‌ الديوان فيدل ذلك على ثبوته ‌و‌ دوامه على مر الزمان.
 ‌و‌ الاجور جمع اجر: ‌و‌ ‌هو‌ ثواب العمل.
 ‌و‌ تعبد: تنسك ‌و‌ اجتهد ‌فى‌ العباده ‌و‌ تفرد لها، ‌و‌ لما كان التعبد اعم ‌من‌ الصيام عطفه عليه، ‌و‌ «او» يجوز ‌ان‌ تكون بمعنى الواو، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون على بابها ‌من‌ انها لاحد الشيئين ‌و‌ ‌لا‌ ينافى ذلك سوال مثل اجورهما معا بل هى ‌فى‌ ذلك ابلغ لانه
 
لو عطف بالواو جاز ‌ان‌ ‌لا‌ يكون سائلا ايجاب مثل اجر احدهما له فلا يجاب فيه فلما جاء باو علم ‌ان‌ الراغب ‌فى‌ ايجاب مثل اجر احدهما ‌هو‌ ‌فى‌ ايجاب مثل اجرهما جميعا ارغب فهو ‌من‌ قبيل دلاله النص، ‌و‌ ‌فى‌ هذه الفقره ‌من‌ الدعاء ايذان بسعه فضل الله ‌و‌ عموم جوده ‌و‌ احسانه الذى تقصر العقول عن ادراك ساحل بحره فانه لو لم يجز ‌ان‌ يعطى سبحانه مثل اجر ‌من‌ عمل له ‌من‌ لم يعمل لما صح الدعاء بذلك ‌و‌ الله ذو الفضل العظيم.
 
ايثار صيغه المتكلم مع الغير على ‌ان‌ حقيقه التوبه تقتضى صيغه المتكلم وحده اما لملاحظه جميع قواه ‌و‌ حواسه الظاهره ‌و‌ الباطنه ‌او‌ للاشعار بانه واحد ‌من‌ التائبين نفيا لتوهم ادعاء التفرد بها ‌او‌ للتوصل الى قبول توبته بادراجها ‌فى‌ جمله توبه غيره ممن تقبل توبته، ‌و‌ عرض الجميع صفقه واحده لئلا يتوزع قبولا ‌و‌ ردا اذ كان تبعيض الصفقه قد نهى سبحانه عنه عباده فهو اولى بعدم تبعيضها ‌او‌ للاشعار باشتراك سائر الموحدين له ‌فى‌ الحاله العارضه له بناء على تعاضد الادله الملجئه الى ذلك.
 ‌و‌ السرور: الفرح ‌و‌ جعل اليوم سرورا ‌من‌ باب اطلاق الامر على باعثه ‌او‌ اطلاق اسم الحال على المحل.
 ‌و‌ المله: الدين، ‌و‌ ‌لا‌ يستعمل الا ‌فى‌ جمله الشرائع دون آحادها فلا يقال: للصلاه مله بخلاف الدين، ‌و‌ ‌فى‌ اضافتها الى الله سبحانه ‌فى‌ قوله عليه السلام: «اهل ملتك» ابطال لقول الراغب ‌ان‌ الفرق بين الدين ‌و‌ المله ‌ان‌ المله ‌لا‌ تضاف الا الى النبى الذى تسند اليه نحو: «اتبعوا مله ابراهيم» ‌و‌ ‌لا‌ تكاد توجد مضافه الى الله ‌و‌ ‌لا‌
 
الى آحاد الامه فلا يقال: مله الله ‌و‌ ‌لا‌ ملتى كما يقال: دين الله ‌و‌ دينى، انتهى.
 ‌و‌ المجمع بفتح الميم الثانيه ‌و‌ كسرها: محل الاجتماع.
 ‌و‌ المحتشد: محل الاحتشاد ‌و‌ ‌هو‌ الاجتماع ايضا يقال: حشد القوم حشودا ‌من‌ باب- قعد- ‌و‌ احشدوا ‌و‌ احتشدوا ‌و‌ تحشدوا: اذا اجتمعوا لامر واحد ‌او‌ دعوا فاجابوا.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: حشد القوم حشودا: اجتمعوا ‌و‌ خفوا ‌فى‌ التعاون ‌و‌ احتشدوا ‌و‌ تحشدوا ‌و‌ تحاشدوا على الامر اجتمعوا عليه متعاونين.
 ‌و‌ انما كان يوم الفطر مجمعا ‌و‌ محتشدا لاجتماع الناس فيه متعاونين على الفطر ‌و‌ الصلاه ‌و‌ اجابتهم للداعى الى الخروج الى المصلى ‌و‌ الى الصلاه فيه ‌و‌ خفوفهم ‌فى‌ التعاون على ذلك.
 ‌و‌ السوء: كل ‌ما‌ يغم الانسان ‌و‌ يسوئه ‌من‌ امور الدنيا ‌و‌ الاخره فكل ذنب سوء ‌من‌ غير عكس، ‌و‌ فائده عطفه عليه شمول نحو المكروهات ‌و‌ الشبهات فان التوبه منها ‌من‌ شان الابرار ‌و‌ المقربين اذ كان ملابستها ‌ما‌ تسوء المتقين.
 ‌و‌ سلف سلوفا ‌من‌ باب- قعد: مضى ‌و‌ انقضى، ‌و‌ يعدى بالهمز فيقال: اسلفته.
 ‌و‌ الخاطر: ‌ما‌ يعرض ‌فى‌ القلب ‌و‌ يرد عليه، ‌و‌ ‌هو‌ ينقسم الى خاطر خير ‌و‌ خاطر شر، فما كان باعثا على مفروض ‌او‌ مندوب فهو خاطر خير، ‌و‌ ‌ما‌ كان داعيا الى مخالفه الحق فهو خاطر ‌شر‌ ‌و‌ لذلك قيده عليه السلام بالاضافه الى الشر، ‌و‌ اضمر فلان كذا: عزم عليه بقلبه اخذا ‌من‌ الضمير ‌و‌ ‌هو‌ قلب الانسان ‌و‌ باطنه.
 ‌و‌ انطوى على كذا: اشتمل عليه قلبه ‌و‌ ضميره ‌و‌ اصله ‌من‌ ‌طى‌ الصحيفه ‌و‌ الثوب، ‌و‌ ‌هو‌ مطاوع طوى كشحه على الامر اذا كتمه ‌و‌ اخفاه.
 ‌و‌ العود: الرجوع الى الشى ء بعد الانصراف عنه بالذات، ‌او‌ بالقول ‌او‌ بالعزيمه ،
 
يقال: عاد اليه يعود عودا، ‌و‌ قد يعدى بفى فيقال: عاد فيه كما وقع ‌فى‌ عباره الدعاء، ‌و‌ منه قوله تعالى: «او لتعودن ‌فى‌ ملتنا» ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ تعديته ب«فى» لتضمينه معنى الدخول ‌و‌ لذلك فسر بعضهم قوله تعالى: «او لتعودن ‌فى‌ ملتنا» بقوله اى: لتعودن الى ترك دعوى الرساله ‌و‌ الاقرار بها داخلين ‌فى‌ ملتنا، ‌و‌ قال بعضهم: ‌اى‌ لتعودن الينا داخلين ‌فى‌ ملتنا ‌و‌ على ذلك فقوله عليه السلام: «و ‌لا‌ يعود بعدها ‌فى‌ خطيئه» تقديره ‌لا‌ يعود بعد هذه التوبه الى تركها ‌و‌ فسخها داخلا ‌فى‌ خطيئه.
 ‌و‌ التوبه النصوح تقدم الكلام عليها ‌فى‌ صدر هذا الدعاء.
 ‌و‌ الشك: خلاف اليقين، ‌و‌ اصله اضطراب النفس ‌و‌ قلق القلب ‌و‌ عدم الاطمئنان.
 ‌و‌ الارتياب: اسوء الشك، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الشك مع التهمه: ‌اى‌ توبه ‌لا‌ اشك ‌فى‌ نصاحتها ‌و‌ صدقها ‌و‌ ‌لا‌ اتهم نفسى ‌فى‌ ايقاعها ‌و‌ العزم عليها.
 ‌و‌ «الفاء» ‌من‌ قوله عليه السلام: «فتقبلها منا» لترتيب التقبل على عموم التوبه، ‌و‌ اخلاصها ‌و‌ نصاحتها ‌و‌ خلوصها ‌من‌ الشك ‌و‌ الارتياب فان ذلك كله ‌من‌ دواعى التقبل ‌و‌ الرضا ‌و‌ التثبيت، ‌و‌ التقبل: قبول الشى ء على وجه يقتضى ثوابا قال تعالى: «انما يتقبل الله ‌من‌ المتقين».
 ‌و‌ ثبته على الشى ء تثبيتا: جعله ثابتا عليه، ‌اى‌ دائما غير زائل عنه، ‌من‌ ثبت يثبت ثبوتا ‌من‌ باب- قعد- اذا دام ‌و‌ استقر، ‌و‌ الله اعلم.
 
الرزق: العطاء الجارى دنيويا كان ‌او‌ اخرويا، فارزقنا بمعنى اعطنا ‌و‌ اعطاوه سبحانه ذلك عباره عن اعداده له بافاضه قوه يستعد بها العقل لذلك.
 ‌و‌ الوعيد: مصدر بمعنى التهدد بالعقوبه، قال تعالى: «ذلك لمن خاف مقامى
 
و خاف وعيد» ‌و‌ قال «لا تختصموا لدى ‌و‌ قد قدمت اليكم بالوعيد».
 ‌و‌ الموعود: اما مصدر بمعنى الوعد كالمعقول ‌و‌ الميسور ‌و‌ المعسور كما سمع: دعه ‌من‌ معسوره الى ميسوره، ‌او‌ اسم مفعول على الحذف ‌و‌ الايصال، ‌و‌ يكون المراد الشى ء الموعود به.
 ‌و‌ حتى: بمعنى كى.
 ‌و‌ نجد: ‌اى‌ نعلم فهو ‌من‌ الوجدان بمعنى العلم، ‌لا‌ بمعنى الادراك بالقوى الظاهره المسمى مدركه بالحسيات، ‌و‌ ‌لا‌ بمعنى الادراك بالقوى الباطنه المسمى مدركه بالوجدانيات لان اللذه ‌و‌ الكابه التى تعلق بهما هذا الوجدان عقليان ‌من‌ العقليات الصرفه ‌لا‌ ‌من‌ الحسيات ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ الوجدانيات كما نص على ذلك السعد التفتازانى حيث قال: اللذه ‌و‌ الالم العقليان ليسا ‌من‌ الوجدانيات بل ‌من‌ العقليه الصرفه كالعلم ‌و‌ الحياه ‌و‌ تحقيق ذلك:
 ‌ان‌ اللذه ادراك ‌و‌ نيل لما ‌هو‌ عند المدرك كمال ‌و‌ خير ‌من‌ حيث ‌هو‌ كذلك، ‌و‌ الالم ادراك ‌و‌ نيل لما ‌هو‌ عند المدرك آفه ‌و‌ ‌شر‌ ‌من‌ حيث ‌هو‌ كذلك، ‌و‌ كل منهما حسى ‌و‌ عقلى، اما الحسى فادراك القوه الغضبيه ‌و‌ الشهويه ‌ما‌ ‌هو‌ خير عندها ‌و‌ كمال كتكيف الذائقه بالحلو، ‌و‌ اللامسه باللين، ‌و‌ الباصره بالملاحه، ‌و‌ السامعه بصوت حسن، ‌و‌ الشامه برائحه طيبه، ‌و‌ المتوهمه بصوره شى ء مرجو ‌و‌ كذلك البواقى فهذه مستنده الى الحس.
 
و اما العقلى فلا ‌شك‌ ‌ان‌ للقوه العاقله كمالا ‌و‌ ‌هو‌ ادراكاتها المجردات اليقينيه ‌و‌ انها تدرك هذا الكمال ‌و‌ تلتذبه ‌و‌ ‌هو‌ اللذه العقليه ‌و‌ قس على هذا الالم.
 فاللذه العقليه ليس ‌من‌ الوجدانيات المدركه بالحواس الباطنه ‌و‌ كذلك الالم ‌و‌ هذا ظاهر ‌و‌ اما اللذه ‌و‌ الالم الحسيان فلما كانا عبارتين عن الادراكين المذكورين ‌و‌ الادراك ليس مما تدركه الحواس الظاهره دخلا بالضروره فيما عدى المدرك باحدى الحواس الظاهره ‌و‌ ليسا ‌من‌ العقليات الصرفه لكونهما ‌من‌ الجزئيات المستنده الى الحواس بل ‌من‌ الوجدانيات المدركه بالقوى الباطنه كالشبع ‌و‌ الجوع ‌و‌ الفرح ‌و‌ الغم ‌و‌ الغضب ‌و‌ الخوف ‌و‌ ‌ما‌ شاكل ذلك انتهى.
 ‌و‌ استعمال الوجدان ‌فى‌ العلم كثير.
 قال الراغب: ‌ما‌ نسب الى الله تعالى ‌من‌ الوجدان فبمعنى العلم المجرد اذ كان الله تعالى منزها عن الجوارح ‌و‌ الالات نحو قوله: «و ‌ما‌ وجدنا لاكثرهم ‌من‌ عهد» ‌و‌ قد يكون بالعقل ‌او‌ وساطه العقل كمعرفه الله ‌و‌ معرفه النبوه، انتهى.
 قوله عليه السلام: «ندعوك به» ‌اى‌ نسالك اياه ‌و‌ نرغب اليك فيه يقال: دعا الله بالعافيه اى: سال الله العافيه، ‌و‌ منه قوله تعالى: «و يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير».
 قال ابوالبقاء: اى: يطلب الشر مثل طلبه الخير فالباء للحال، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ تكون بمعنى السبب، انتهى.
 ‌و‌ معنى كونها للحال ‌ان‌ تكون للملابسه فتكون حالا ‌من‌ الدعاء ‌اى‌ دعاء متلبسا بالشر ‌او‌ الخير ‌و‌ الظاهر انها للتعديه نحو امرت زيدا بكذا.
 
و الكابه بمد الهمزه مصدر كئب يكاب ‌من‌ باب- تعب- اذا حزن اشد الحزن فهو كئيب.
 ‌و‌ قيل: هى تغير النفس بالانكسار ‌من‌ شده الهم ‌و‌ الحزن ‌و‌ ‌فى‌ حديث الدعاء اعوذ بك ‌من‌ كابه المنقلب ‌و‌ كابه المنظر.
 ‌و‌ نستجيرك منه اى: نسالك ‌ان‌ تحفظنا منه.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه: «نستجير بك» يقال: استجاره ‌و‌ استجار ‌به‌ اذا طلب منه ‌ان‌ يحفظه مما يخافه.
 
و قوله: «و اجعلنا عندك ‌من‌ التوابين الذين اوجبت لهم محبتك» ‌اى‌ صيرنا ‌فى‌ حكمك ‌و‌ كتابك كما يقال: ‌هو‌ عند الله كذا، ‌اى‌ ‌فى‌ حكمه ‌و‌ شرعه ‌و‌ كتابه، ‌و‌ فيه تلميح الى قوله تعالى: «ان الله يحب التوابين» ‌و‌ قد سبق الكلام عليه مبسوطا.
 ‌و‌ قبلت منهم مراجعه طاعتك: ‌اى‌ رضيت مراجعتهم، ‌من‌ قبلت الشى ء اذا رضيته ‌و‌ مراجعه الشى ء معاودته يقال: راجعته بمعنى رجعت اليه، ‌اى‌ عدت اليه لان التائب كان قد فارق الطاعه ثم عاد اليها.
 ‌و‌ العدل: عباره عن التوسط ‌فى‌ الافعال ‌و‌ الاقوال بين طرفى الافراط ‌و‌ التفريط، ‌و‌ لما كان البارى تعالى عادلا بالنظر الى علمه ‌و‌ قضائه بمعنى انه ‌لا‌ يقضى ‌فى‌ ملكه بامر الا ‌و‌ ‌هو‌ على وفق النظام الكلى ‌و‌ الحكمه البالغه ‌و‌ يدخل ‌فى‌ ذلك جميع اقواله ‌و‌ افعاله ‌و‌ احكامه فانه ‌لا‌ يصدر منه شى ء الا ‌و‌ ‌هو‌ كذلك.
 ‌و‌ اما غيره فانه ‌و‌ ‌ان‌ بالغ ‌فى‌ العدل ‌و‌ اتصف ‌به‌ فمحال ‌ان‌ يكون جميع افعاله ‌و‌ اقواله ‌و‌ احكامه جاريا على وفق الحكمه ‌و‌ النظام الاكمل واقعا على حاق الوسط
 
بين الافراط ‌و‌ التفريط، لاجرم كان سبحانه ‌و‌ تعالى اعدل العادلين ‌و‌ اما تذييل هذا الفصل ‌من‌ الدعاء بهذا النداء فوجه المناسبه انه لما اوجب ‌من‌ نفسه محبته للتوابين بقوله: «ان الله يحب التوابين» ‌و‌ قيل مراجعه ‌من‌ رجع الى طاعته لقوله: «ان الله يقبل التوبه عن عباده» كان سبحانه اعدل ‌من‌ ‌ان‌ يخص بذلك قوما دون آخرين فيفعل ذلك بطائفه ‌و‌ يحرم طائفه مع تساويهم ‌فى‌ عبوديته ‌و‌ الرغبه اليه فوجب ‌ان‌ يكون عدله ‌فى‌ حكمه بذلك شاملا لجميع عباده ‌و‌ ‌هو‌ احدهم فيمتنع ‌ان‌ يخصه بالحرمان دونهم، ‌و‌ الله اعلم.
 
تجاوزت عن الشى ء: عفوت عنه ‌و‌ صفحت ‌من‌ باب- تفاعل- بمعنى- فعل-.
 قال بعض المحققين: ‌و‌ لعل معنى المجاوزه ‌ان‌ الله تعالى يطالب المذنب بذنبه، ‌و‌ المذنب يطالبه بعفوه الى ‌ان‌ يتمسك عند الخوف ‌من‌ عذابه برحمته فاذا عفى الرب فقد بحاوزا (تجاوزا) عن المطالبه.
 ‌و‌ جميعا: حال موكده لما فيه ‌من‌ العموم.
 ‌و‌ سلف: ‌اى‌ مضى.
 ‌و‌ غبر غبورا ‌من‌ باب- قعد-: ‌اى‌ بقى، ‌و‌ منه الغبار لما يبقى ‌من‌ التراب، ‌و‌ قد يستعمل فيما مضى فيكون ‌من‌ الاضداد.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «الى يوم القيامه» غايه للغبور دفعا لتوهم ‌ان‌ المراد ‌به‌ البقاء حال الدعاء، ‌و‌ ‌ان‌ معنى «من سلف منهم ‌و‌ ‌من‌ غبر» الاموات ‌و‌ الاحياء فنص بالغايه على ‌ان‌ المراد بمن غبر ‌من‌ لم يمض سواء كان موجودا حال الدعاء ‌او‌ سيوجد الى يوم القيامه.
 
الوصف بنبينا مع تعين الموصوف لغرض المدح ‌و‌ اضافته الى ضمير المتكلم مع غيره لتضمنها تعظيما لشان المضاف اليه.
 ‌و‌ «ما» مصدريه اى: كصلاتك على ملائكتك المقربين، ‌و‌ الظاهر ‌ان‌ هذا التشبيه ‌من‌ حيث اصل الصلاه لامن حيث المصلى عليه لان نبينا صلى الله عليه ‌و‌ آله افضل المخلوقات ‌من‌ الملائكه ‌و‌ غيرهم. فمعناه اللهم صل على محمد ‌و‌ آله مقدار شرفهم ‌و‌ فضلهم عندك كما صليت على ملائكتك المقربين بمقدار فضلهم ‌و‌ شرفهم عندك كقوله تعالى: «فاذكروا الله كذكركم آبائكم» يعنى اذكروا بقدر نعمه ‌و‌ اياديه عليكم كما تذكرون آبائكم بقدر نعمتهم عليكم، ‌و‌ تشبيه الشى ء بالشى ء يصلح ‌من‌ وجه واحد ‌و‌ ‌ان‌ كان ‌لا‌ يشبهه ‌من‌ كل الوجوه كما قال تعالى: «ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم» يعنى ‌من‌ وجه واحد ‌و‌ ‌هو‌ خلقه عيسى بغير اب ‌و‌ بهذا يندفع السوال المشهور ‌من‌ ‌ان‌ تشبيه الصلاه عليه صلى الله عليه ‌و‌ آله بالصلاه على غيره كما وقع ‌فى‌ هذا الفصل ‌من‌ الدعاء يستلزم خلاف ‌ما‌ تقرر بين البلغاء ‌من‌ انه لابد ‌من‌ كون المشبه ‌به‌ اقوى ‌من‌ المشبه ‌او‌ مساويا له.
 
و قال بعضهم: ‌لا‌ منافاه بين افضليته عليه السلام على سائر المخلوقات ‌و‌ مساواه الصلاه عليه للصلاه عليهم.
 فان قيل: اذا كان افضل كانت الصلاه عليه كذلك طلبنا الدليل.
 فان قيل: الافضليه عباره عن علو الدرجه ‌و‌ هى ‌لا‌ يكون الا بالرحمه، ‌و‌ الصلاه منه تعالى عباره عنها فكل منهما لازم للاخر ‌و‌ ملزوم.
 فالجواب: ‌ان‌ الرحمه كسبيه ‌و‌ موهبيه ‌و‌ ‌لا‌ يلزم ‌من‌ مساواه الموهبيه مساواه الكسبيه ايضا ‌و‌ لو سلمنا ‌ان‌ جميعها موهبيه فاى مانع ‌من‌ تعدد افرادها، ‌و‌ ‌لا‌ يلزم ‌من‌ المساواه ‌فى‌ فرد المساواه ‌فى‌ الجميع مثلا اذا قلت ‌فى‌ الانشاء: اعط زيدا ‌ما‌ اعطيت عمروا، فاى مانع ‌من‌ اختصاص زيد بشى ء ليس ذلك الشى ء لعمرو ‌و‌ كذا اذا قلت ‌فى‌ الخبر: اعطيت زيدا ‌ما‌ اعطيت عمروا فلا دلاله فيه على انك لم تعط زيدا غيره بل ‌لا‌ دلاله فيه الا على انك لم تفضل زيدا على عمرو ‌فى‌ العطاء فيسقط الاشكال راسا، انتهى فتامل.
 قوله عليه السلام: «و افصل ‌من‌ ذلك» ‌اى‌ وصل عليه صلاه افضل ‌من‌ ذلك، ‌و‌ صلاه مصدر مبين لنوع عامله لوصفه بالجمله بعده.
 ‌و‌ تبلغنا بركتها: ‌اى‌ تصل الينا ‌من‌ بلغ المنزل اذا وصل اليه ‌و‌ البركه الخير الالهى.
 ‌و‌ ينالنا نفعها: ‌اى‌ يصيبنا خيرها.
 قال الراغب: «النفع» ‌ما‌ يستعان ‌به‌ ‌فى‌ الوصول الى الخيرات ‌و‌ ‌ما‌ يتوصل ‌به‌ الى الخير فهو خير فالنفع خير ‌و‌ ضده الضر قال تعالى: «و ‌لا‌ يملكون لانفسهم ضرا ‌و‌ ‌لا‌ نفعا».
 ‌و‌ الاستجابه: بمعنى الاجابه، يقال: اجاب الله دعاءه، ‌و‌ استجاب دعاءه.
 
و قال تاج القراء: الاجابه عامه ‌و‌ الاستجابه خاصه باعطاء المسوول.
 ‌و‌ الرغبه: السوال ‌و‌ الطلب رغب الى الله رغبا ‌و‌ رغبه ‌من‌ باب- تعب-: ساله، ‌و‌ اليه ارفع رغبتى: ‌اى‌ سوالى.
 ‌و‌ كفى الشى ء يكفى كفايه فهو كاف: اذا حصل ‌به‌ الاستغناء عن غيره، ‌و‌ الله كاف عبده قائم بامره مغنيه عمن سواه.
 ‌و‌ قيل: معنى كفايته سبحانه اعطاوه لكل قابل ‌من‌ خلقه ‌ما‌ يكفى استحقاقه ‌من‌ منفعه ‌و‌ دفع مضره.
 ‌و‌ التوكل: اعتماد الانسان فيما يرجو ‌و‌ يخاف على غيره.
 ‌و‌ اعطى: اسم تفضيل ‌من‌ افعل مع كونه ذا زياده ‌و‌ ‌هو‌ قياس عند سيبويه ‌و‌ سماع عند غيره ‌و‌ قد سمع ‌هو‌ اعطاهم للدينار.
 ‌و‌ انت على كل شى ء قدير: اى: ‌لا‌ تفتقر الى سبب ‌و‌ ‌لا‌ يمنعك مانع ‌و‌ هذه الجمل كلها تعليل للدعاء ‌و‌ مزيد استدعاء للاجابه، ‌و‌ الله اعلم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^