بسم الله الرحمن الرحیم. الحمد لله رب العالمین وصلّی الله علی جمیع الأنبیاء والمرسلین وصلّ علی محمّد وآله الطاهرین.در ميان سرمايه هايى عظيمي كه خداوند به انسان عنايت فرموده است، عقل و درك يا همان قدرت انديشه و تفكر جايگاه خاصى دارد. خداوند در قرآن مجموعه گسترده اى از واقعيات را درباره عقل بيان فرموده است كه شناخت آن براى همه لازم است. روايات نيز بر غناي اين مجموعه افزودهاند. از جمله، وجود مقدس امام صادق، عليهالسلام، در مقام شناساندن عقل، عقلِ انسان را محصول چهار حقيقت دانستهاند:«خلق الله تعالى العقل من أربعة أشياء: من العلم، والقدرة، والنور، والمشيئة بالأمر، فجعله قائما بالعلم، دائما في الملكوت». يعني خداوند عقل را از چهار حقيقت آفريد: از علم و قدرت و نور و مشيّت. مشيت همان اراده حضرت حق است. نور حقيقت ديگر عقل است كه البته مراد از آن نور محسوس نيست، بلكه منظور حقيقتي ملكوتى و واقعيتى از واقعيتهاي عالم ماوراست و شايد بتوان گفت منظور از اين نور جلوه اسم حضرت حق است، كه در دعاى جوشن كبير نيز آمده، يا جلوه آن حقيقتى است كه قرآن كريم بدان اشاره كرده و خداوند را نور آسمان و زمين دانسته است:«الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شئ عليم».
خدا نور آسمان ها و زمين است. وصف نورش مانند چراغدانى است كه در آن، چراغ پر فروغى است، و آن چراغ در ميان قنديل بلورينى است، كه آن قنديل بلورين گويى ستاره تابانى است، و آن چراغ از روغن درخت زيتونى پربركت كه نه شرقى است و نه غربى افروخته مى شود، و روغن آن از پاكى و صافى نزديك است روشنى بدهد گرچه آتشى به آن نرسيده باشد، نورى است بر فراز نورى؛ خدا هر كس را بخواهد به سوى نور خود هدايت مى كند، و خدا براى مردم مثل ها مى زند تا حقايق را بفهمند و خدا به همه چيز داناست.عقل انسان از اين نور، كه روشن كننده آسمانها و زمين است، بهرهمند است و وجود اين ركن در ساختمان عقل براي آن است كه انسان توان دورانديشي و عاقبت انديشي را داشته باشد.حقيقت ديگر ساختمان عقل قدرت و توان و نيرو است كه شايد بتوان گفت منظور از آن مجموعه عنصرىِ عقل است كه مركب از چهارده ميليارد سلول است. حقيقت چهارم عقل نيز، بر اساس فرمايش امام صادق، عليهالسلام، معرفت و علم است و مراد از آن علمى است كه انسان بعد از ولادتش به وسيله حواس ظاهري خود كسب ميكند. اميرالمؤمنين، عليهالسلام، عقل و علم را به دو گروه مطبوع و مسموع تقسيم ميكنند. عقل طبيعي در كلام حضرت اشاره به همين تودة سلولي دارد كه قادر است از راه شنيدن و ديدن و خواندن عقل را به عقل مسموع تبديل كند. براي تبيين بهتر مطلب، بايد گفت: قدرت درك انسان در يكسالگي به مراتب از قدرت دركش در ششماهگي بيشتر است. اين بدان معناست كه عقل مسموع در انسان همواره در حال رشد است. اين قدرت در دو سالگي بيشتر از يكسالگي است تا آنكه در چهلسالگي به اوج خود مى رسد. البته، اين رشد در همه انسانها يكسان نيست و بسته به شخصيت و موقعيت افراد تفاوت ميكند. در نهايت، قاعده كلي اين است كه هر كس بيشتر در صدد به كارگيري عقل باشد و توجهش به مسائل، خواه مسائل طبيعى و خواه الهى، بيشتر باشد نيروي عقلش نيز بيشتر است. به همين سبب است كه امام صادق، عليهالسلام، مى فرمايد خداوند متعال عقل پيغمبران خويش را از عقل مجموع مردم زمان آنان كامل تر قرار داد. به طور قطع، كمال عقل انبيا نيز به دريافت هاى آنها مربوط بوده است؛ حال يا دريافت هايى كه از طريق دل داشتهاند يا آن دريافت هايى كه از راه حواس ظاهر داشته اند.
- اولين دعوت علني پيامبر اكرم(ص) اصفهان - مسجد سید - صفر 1374 پينوشت:
. الاختصاص، شيخ مفيد، ص244.
. درباره مفهوم مشيت روايات مختلفي داريم. از جمله:
- بحار الأنوار، ج4، ص145: «قال أبو عبد الله عليه السلام: خلق الله المشيئة قبل الاشياء ثم خلق الاشياء بالمشيئة».
- «عن ابي عبد الله عليه السلام قال: خلق الله المشيئة بنفسها، ثم خلق الاشياء بالمشيئة». مرحوم مجلسي در ذيل اين روايت مينويسند: هذا الخبر الذي هو من غوامض الاخبار يحتمل وجوها من التأويل: الاول: أن لا يكون المراد بالمشيئة الارادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشئ كالتقدير في اللوح مثلا والاثبات فيه، فإن اللوح وما اثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح، وإنما وجد سائر الاشياء بما قدر في ذلك اللوح، وربما يلوح هذا المعني من بعض الاخبار كما سيأتي في كتاب العدل، وعلى هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير. الثاني: أن يكون خلق المشيئة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة اخرى بها فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحققها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشيئة اخرى، أو أنه كناية عن أنه اقتضى علمه الكامل وحكمته الشاملة كون جميع الاشياء حاصلة بالعلم بالاصلح فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته أن لا يصدر عنه شئ إلا على الوجه الاصلح والاكمل فلذا لا يصدر شئ عنه تعالى إلا بإرادته المقتضية لذلك. الثالث: ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه أن المراد بالمشيئة هنا مشيئة العباد لافعالهم الاختيارية لتقدسه سبحانه عن مشيئة مخلوقة زائدة على ذاته عزو جل، وبالاشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة، وبذلك تنحل شبهة ربما اوردت ههنا وهي أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الارادة مسبوقة بإرادة اخرى وتسلسلت الارادات لا إلى نهاية. الرابع: ما ذكره بعض الافاضل وهو أن للمشيئة معنيين: أحدهما متعلق بالشائي وهي صفة كمالية قديمة هي نفس ذاته سبحانه وهي كون ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير والصلاح، والآخر يتعلق بالمشيئ وهو حادث بحدوث المخلوقات لا يتخلف المخلوقات عنه، وهو إيجاده سبحانه إياها بحسب اختياره، وليست صفة زائدة على ذاته عزوجل وعلى المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدث بحدوث المخلوقات لفرعيتها المنتسبين معا. فنقول: إنه لما كان ههنا مظنة شبهة هي أنه إن كان الله عزوجل خلق الاشياء بالمشيئة فبم خلق المشيئة أبمشيئة اخرى؟ فيلزم أن تكون قبل كل مشيئة مشيئة إلى مالا نهاية له فأفاد الامام عليه السلام أن الاشياء مخلوقة بالمشيئة، وأما المشيئة نفسها فلا يحتاج خلقها إلى مشيئة اخرى بل هي مخلوقة بنفسها لانها نسبة وإضافة بين الشائي والمشيئ تتحصل بوجوديهما العيني والعلمي، ولذا أضاف خلقها إلى الله سبحانه لان كلا الوجودين له وفيه ومنه، وفي قوله عليه السلام: بنفسها دون أن يقول: بنفسه إشارة لطيفة إلى ذلك، نظير ذلك ما يقال: إن الاشياء إنما توجد بالوجود فأما الوجود نفسه فلا يفتقر إلى وجود آخر بل إنما يوجد بنفسه. الخامس: ما ذكره بعض المحققين بعد ما حقق أن إرادة الله المتجددة هي نفس أفعاله المتجددة الكائنة الفاسدة فإرادته لكل حادث بالمعنى الاضافي يرجع إلى إيجاده، وبمعنى المرادية ترجع إلى وجوده قال: نحن إذا فعلنا شيئا بقدرتنا واختيارنا فأردناه أولا ثم فعلناه بسبب الارادة نشأت من أنفسنا بذاتها لا بإرادة اخرى وإلا لتسلسل الامر لا إلى نهاية فالارادة مرادة لذاتها، والفعل مراد بالارادة، وكذا الشهوة في الحيوان مشتهاة لذاتها لذيذة بنفسها، وسائر الاشياء مرعوبة بالشهوة فعلى هذا المثال حال مشيئة الله المخلوقة، وهي ونفس وجودات الاشياء فإن الوجود خير ومؤثر لذاته ومجعول بنفسه، والاشياء بالوجود موجودة والوجود مشيئ بالذات، والاشياء مشيئة بالوجود وكما أن الوجود حقيقة واحدة متفاوتة بالشدة والضعف والكمال والنقص فكذا الخيرية والمشيئة، وليس الخير المحض الذي لا يشوبه شر إلا الوجود البحت الذي لا يمازجه عدم ونقص، وهو ذات الباري جل مجده، فهو المراد الحقيقي. إلى آخر ما حققه. والاوفق باصولنا هو الوجه الاول كما سيظهر لك في كتاب العدل، وسيأتي بعض الاخبار المناسبة لهذا الباب هناك. وخبر سليمان المروزي في باب احتجاجات الرضا عليه السلام، وسنورد هناك بعض ما تركنا ههنا إن شاء الله تعالى، وقد مر بعضها في باب نفي الجسم والصورة، وباب نفي الزمان والمكان.
- بحارالانوار،ج78، ص355، ح9: «الإمام الرضا عليه السلام- لما سئل عن المشيئة والإرادة-: المشيئة: الاهتمام بالشئ، والإرادة: اتمام ذلك الشئ».
- التوحيد، شيخ صدوق، ص338، ح5؛ ص146، ح16؛ ص147، ح17: «الإمام الرضا عليه السلام: المشيئة والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد».
- «الإمام الصادق عليه السلام- لما سأله بكير بن أعين عن علم الله ومشيئته: هما مختلفان أم متفقان؟-: العلم ليس هو المشيئة: ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله، ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله، فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء، وعلم الله سابق للمشيئة».
- «الإمام الكاظم عليه السلام - لما سئل عن الإرادة من الله ومن المخلوق-: الإرادة من المخلوق الضمير، وما يبدو له بعد ذلك من الفعل، وأما من الله عزوجل فإرادته إحداثه لا غير ذلك، لانه لا يروي، ولا يهم، ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي من صفات الخلق، فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك».
براي اطلاعات بيشتر رك: التوحيد، شيخ صدوق، ص139،باب11؛ اصول كافي، ج1، ص107 و 111، كلام في معنى الرضا والسخط من الله؛ تفسير الميزان، ج17، ص240.
. بحار الأنوار، ج91، ص390: «... يا نور النور، يا منور النور، يا خالق النور، يا مدبر النور، يا مقدر النور، يا نور كل نور، يا نورا قبل كل نور، يا نورا بعد كل نور، يا نورا فوق كل نور، يا نورا ليس كمثله نور...».
. نور، 35
. روايت جالبي در اين باره وجود دارد: بحار الأنوار، ج1، ص99: «عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله سئل مما خلق الله عزوجل العقل، قال: خلقه ملك له رؤوس بعدد الخلائق من خلق و من يخلق إلى يوم القيامة، ولكل رأس وجه، ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل، و اسم ذلك الانسان على وجه ذلك الرأس مكتوب، وعلى كل وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يولد هذا المولود، ويبلغ حد الرجال، أو حد النساء فإذا بلغ كشف ذلك الستر، فيقع في قلب هذا الانسان نور، فيفهم الفريضة والسنة، والجيد والردي، ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت».
. اين تعبير هم از امير مومنان و هم از امام جواد عليهماالسلام نقل شده است. در روايات نيز گاهي به جاي عقل از واژه علم استفاده شده است:
- نهج البلاغه، ج 4، ص 79. علي، عليهالسلام،: «العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع».
- حسيني قزويني، موسوعه امام جواد عليهالسلام، ج2، ص342: «العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع، ومن عرف الحكمة لم يصبر على الازدياد منها، الجمال في اللسان، والكمال في العقل».
- مناوي در فيض القدير شرح جامع صغير (ج3، ص369) مينويسد: «...لأن العقل صنفان مطبوع ومسموع والمسموع صنفان معاملة مع الله ومعاملة مع الخلق كما قال بعضهم: العقل العبودية لله وحسن المعاملة مع خلقه وإقامة العبودية الرضا والوفاء حتى يكون الحكم في القضاء والوفاء في الأمر بالأداء وحسن المعاملة كف الأذى وبذل الندى فمن كف أذاه وبذل نداه وده الناس ومن فعل هذا فقد جاز نصف العقل وإن أقام العبودية لله استكمل العقل كله».
- ابن ابيالحديد نيز در شرح نهج البلاغه، ج 16، ص 102 مينويسد: «... وسادس عشرها قوله: «العقل حفظ التجارب» من هذا أخذ المتكلمون قولهم: العقل نوعان: غريزي ومكتسب، فالغريزي العلوم البديهية، والمكتسب ما أفادته التجربه وحفظته النفس».
- ابن شعبه حراني در تحف العقول، ص5 مينويسد: «... وهو كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عقلان: مطبوع ومكتسب. يدوران في قوسي الصعود والنزول، ويقبلان التعالي والانحطاط، فصاحبهما بين سعادة وشقاء، سعيد أسعد الله حظه، وأصلح باله، ورافقه توفيقه، يعبد الرحمن، ويكتسب الجنان، فبالعقل طاب كسبه، وكثر خيره، وصلحت سريرته، وحسنت سيرته، واستقامت خليقته. وآخر: ذو نكراء منكر، فطنته الدهاء، وفكرته المكر والخديعة، يتواني عن البر ويبطئ عنه، وإن تكلم أثم، وإن قال مال، وإن عرضت له فتنه سارع إليها، وإن رأى سوءة قحم فيها. وإنما العلم نور العقل ودليله، يقيم أوده، ويبرء أمته، يقوده إلى الخير، ويدله على سبل السلام، ومناهج السعادة، وجدد الصلاح، ومهيع العمل الناجع، وبه يتأتى كماله، ويتم نضجه، ويبدو صلاحه، وقد جاء في حكم الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قوله: لا يصلح من لا يعقل ولا يعقل من لا يعلم».
- محمودي در نهج السعاده (ج 8، ص 174) در توضيح عقل مينويسد: «ان العقل عبارة عن انتهاء هذه القوة الغريزية في الشخص الى أن يعرف عواقب الأمور، فيقمع الشهوة الداعية الى اللذة العاجلة ويقهرها، فإذا حصلت هذه القوة سمي صاحبها (عاقلا)، حيث ان اقدامه وامساكه يكونان بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب لا بحكم الشهوة العاجلة وهذه أيضا من خواص الانسان التي يتميز بها عن سائر الحيوانات. والمعنى الاول هو الأس والمنبع، والثاني هو الفرع الاقرب إليه، والمعنى الثالث متفرع على الاول والثاني، إذ بقوة الغريزة والعلوم الضرورية تستفاد علوم التجارب، والرابع هو الثمرة الاخيرة، وهي الغاية القصوى، فالأولان بالطبع، والاخيران بالاكتساب، ولذلك قال علي عليه السلام: رأيت العقل عقلين * فمطبوع ومسموع. ولا ينفع مسموع * إذ لم يك مطبوع. كما لا تنفع الشمس * وضوء العين ممنوع».
. روايات چهل سالگي را انتهاي رشد آدمي ميدانند. از جمله: «عن الصادق عليه السلام: إذا بلغ العبد ثلاثا وثلاثين سنة فقد بلغ أشده، وإذا بلغ أربعين سنة فقد انتهى منتهاه، وإذا بلغ إحدى وأربعين فهو في النقصان، وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن هو في النزع». بحار الانوار، ج6، ص120.
. كافي، ج1، ص3 از رسول اكرم صلياللهعليهوآله: «لا بعث الله نبياً ولا رسولاً حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته».
. درباره لقمان در روايتي از امام صادق عليهالسلام ميخوانيم: «...عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عزوجل، فقال: أما والله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا، سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر، لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في أمره، ولم يضحك من شئ قط مخافة الاثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح لشئ إن أتاه من أمر الدنيا، ولا حزن منها على شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له الاولاد الكثيرة وقدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم، ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه، ويحترز به من الشيطان، وكان يداوي قلبه بالتفكر، ويداري نفسه بالعبر، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، ومنح العصمة، وإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الارض، تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني ربي بذلك فالسمع والطاعة، لانه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وإن هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟ قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل ولا يعان، ويغشاه الظلم من كل مكان، وصاحبه منه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكما سريا شريفا. ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه ولا تدرك تلك. قال: فتعجبت الملائكة من حكمته، واستحسن الرحمن منطقه، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبينها فيها، قال: فلما اوتي الحكم ولم يقبلها أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في الارض وابتلي فيها غير مرة، وكل ذلك يهوي في الخطاء يقيله الله ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه،