فارسی
سه شنبه 02 مرداد 1403 - الثلاثاء 15 محرم 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

عند الشدة

عند الشدة


 «1» اللَّهُمَّ إِنَّكَ كَلَّفْتَنِي ‌من‌ نَفْسِي ‌ما‌ أَنْتَ أَمْلَكُ ‌به‌ مِنِّي ، ‌و‌ قُدْرَتُكَ عَلَيْهِ ‌و‌ عَلَيَّ أَغْلَبُ ‌من‌ قُدْرَتِي ، فَأَعْطِنِي ‌من‌ نَفْسِي ‌ما‌ يُرْضِيكَ عَنِّي ، ‌و‌ خُذْ لِنَفْسِکَ رِضَاهَا ‌من‌ نَفْسِي فِي عَافِيَةٍ . «2» اللَّهُمَّ ‌لا‌ طَاقَةَ لِي بِالْجَهْدِ ، ‌و‌ ‌لا‌ صَبْرَ لِي عَلَى الْبَلَاءِ ، ‌و‌ ‌لا‌ قُوَّةَ لِي عَلَى الْفَقْرِ ، فَلَا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقِي ، ‌و‌ ‌لا‌ تَكِلْنِي إِلَى خَلْقِكَ ، بَلْ تَفَرَّدْ بِحَاجَتِي ، ‌و‌ تَوَلَّ كِفَايَتِي . «3» ‌و‌ انْظُرْ إِلَيَّ ‌و‌ انْظُرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي ، فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلَى نَفْسِي عَجَزْتُ عَنْهَا ‌و‌ لَمْ أُقِمْ ‌ما‌ فِيهِ مَصْلَحَتُهَا ، ‌و‌ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلَى خَلْقِكَ تَجَهَّمُونِي ، ‌و‌ إِنْ أَلْجَأْتَنِي إِلَى قَرَابَتِي حَرَمُونِي ، ‌و‌ إِنْ أَعْطَوْا أَعْطَوْا قَلِيلًا نَکِداً ، ‌و‌ مَنُّوا عَلَيَّ طَويِلاً ، ‌و‌ ذَمُّوا کَثيِراً . «4» فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي ، ‌و‌ بِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ، ‌و‌ بِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي ، ‌و‌ بِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي . «5» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ خَلِّصْنِي ‌من‌ الْحَسَدِ ، ‌و‌ احْصُرْنِي عَنِ الذُّنُوبِ ، ‌و‌ وَرِّعْنِي عَنِ الَْمحَارِمِ ، ‌و‌ ‌لا‌ تُجَرِّئْنِي عَلَى الْمَعَاصِي ، ‌و‌ اجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ ، ‌و‌ رِضَايَ فِيما يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ، ‌و‌ بَارِكْ لِي فِيما رَزَقْتَنِي ‌و‌ فِيما خَوَّلْتَنِي ‌و‌ فِيما أَنْعَمْتَ ‌به‌ عَلَيَّ ، ‌و‌ اجْعَلْنِي فِي كُلِّ حَالَاتِي مَحْفُوظاً مَكْلُوءاً مَسْتُوراً مَمْنُوعاً مُعَاذاً مُجَاراً . «6» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اقْضِ عَنِّي كُلَّ ‌ما‌ أَلْزَمْتَنِيهِ ‌و‌ فَرَضْتَهُ عَلَيَّ لَكَ فِي وَجْهٍ ‌من‌ وُجُوهِ طَاعَتِكَ أَوْ لِخَلْقٍ ‌من‌ خَلْقِكَ ‌و‌ إِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ بَدَنِي ، ‌و‌ وَهَنَتْ عَنْهُ قُوَّتِي ، ‌و‌ لَمْ تَنَلْهُ مَقْدُرَتِي ، ‌و‌ لَمْ يَسَعْهُ مَالِي ‌و‌ ‌لا‌ ذَاتُ يَدِي ، ذَكَرْتُهُ أَوْ نَسِيتُهُ . «7» ‌هو‌ ، ‌يا‌ رَبِّ ، مِمَّا قَدْ أَحْصَيْتَهُ عَلَيَّ ‌و‌ أَغْفَلْتُهُ أَنَا ‌من‌ نَفْسِي ، فَأَدِّهِ عَنِّي ‌من‌ جَزِيلِ عَطِيَّتِكَ ‌و‌ كَثِيرِ ‌ما‌ عِنْدَكَ ، فَإِنَّكَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ ، حَتَّى ‌لا‌ يَبْقَى عَلَيَّ شَيْ ءٌ مِنْهُ تُرِيدُ أَنْ تُقَاصَّنِي ‌به‌ ‌من‌ حَسَنَاتِي ، أَوْ تُضَاعِفَ ‌به‌ ‌من‌ سَيِّئَاتِي يَوْمَ أَلْقَاکَ ‌يا‌ رَبِّ . «8» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ ارْزُقْنِي الرَّغْبَةَ فِي الْعَمَلِ لَكَ لآِخِرَتِي حَتَّى أَعْرِفَ صِدْقَ ذَلِكَ ‌من‌ قَلْبِي ، ‌و‌ حَتَّى يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيَّ الزُّهْدَ فِي دُنْيَايَ ، ‌و‌ حَتَّى أَعْمَلَ الْحَسَنَاتِ شَوْقاً ، ‌و‌ آمَنَ ‌من‌ السَّيِّئَاتِ فَرَقاً ‌و‌ خَوْفاً ، ‌و‌ هَبْ لِي نُوراً أَمْشِي ‌به‌ فِي النَّاسِ ، ‌و‌ أَهْتَدِي ‌به‌ فِي الظُّلُمَاتِ ، ‌و‌ أَسْتَضِي ءُ ‌به‌ ‌من‌ الشَّكِّ ‌و‌ الشُّبُهَاتِ «9» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ ارْزُقْنِي خَوْفَ ‌غم‌ الْوَعِيدِ ، ‌و‌ شَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى أَجِدَ لَذَّةَ ‌ما‌ أَدْعُوكَ لَهُ ، ‌و‌ كَأْبَةَ ‌ما‌ أَسْتَجيِرُ بِکَ مِنْهُ «10» اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ ‌ما‌ يُصْلِحُنِي ‌من‌ أَمْرِ دُنْيَايَ ‌و‌ آخِرَتِي فَكُنْ بِحَوَائِجِي حَفِيّاً . «11» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ ‌آل‌ مُحَمَّدٍ ، ‌و‌ ارْزُقْنِي الْحَقَّ عِنْدَ تَقْصِيرِي فِي الشُّكْرِ لَكَ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فِي الْيُسْرِ ‌و‌ الْعُسْرِ ‌و‌ الصِّحَّةِ ‌و‌ السَّقَمِ ، حَتَّى أَتَعَرَّفَ ‌من‌ نَفْسِي رَوْحَ الرِّضَا ‌و‌ طُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ مِنِّي بِمَا يَجِبُ لَكَ فِيما يَحْدُثُ فِي حَالِ الْخَوْفِ ‌و‌ الْاَمْنِ ‌و‌ الرِّضَا ‌و‌ السُّخْطِ ‌و‌ الضَّرِّ ‌و‌ النَّفْعِ . «12» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ ارْزُقْنِي سَلَامَةَ الصَّدْرِ ‌من‌ الْحَسَدِ حَتَّى ‌لا‌ أَحْسُدَ أَحَداً ‌من‌ خَلْقِكَ عَلَى شَيْ ءٍ ‌من‌ فَضْلِكَ ، ‌و‌ حَتَّى ‌لا‌ أَرَى نِعْمَةً ‌من‌ نِعَمِكَ عَلَى أَحَدٍ ‌من‌ خَلْقِكَ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ تَقْوَى أَوْ سَعَةٍ أَوْ رَخَاءٍ إِلَّا رَجَوْتُ لِنَفْسِي أَفْضَلَ ذَلِكَ بِكَ ‌و‌ مِنْكَ وَحْدَكَ ‌لا‌ شَريِکَ لَکَ . «13» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ ارْزُقْنِي التَّحَفُّظَ ‌من‌ الْخَطَايَا ، ‌و‌ الِاحْتِرَاسَ ‌من‌ الزَّلَلِ فِي الدُّنْيَا ‌و‌ الآْخِرَةِ فِي حَالِ الرِّضَا ‌و‌ الْغَضَبِ ، حَتَّى أَكُونَ بِمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ ، عَامِلًا بِطَاعَتِكَ ، مُؤْثِراً لِرِضَاكَ عَلَى ‌ما‌ سِوَاهُمَا فِي الْأَوْلِيَاءِ ‌و‌ الْأَعْدَاءِ ، حَتَّى يَأْمَنَ عَدُوِّي ‌من‌ ظُلْمِي ‌و‌ جَوْرِي ، ‌و‌ يَاْيَسَ وَلِيِّي ‌من‌ مَيْلِي ‌و‌ انْحِطَاطِ هَوَايَ «14» ‌و‌ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْعُوكَ مُخْلِصاً فِي الرَّخَاءِ دُعَاءَ الُْمخْلِصِينَ الْمُضْطَرِّينَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
 
(اللهم انك كلفتنى ‌من‌ نفسى ‌ما‌ انت املك ‌به‌ منى). امرتنى ‌و‌ زجرتنى ‌و‌ انا سميع مطيع، ‌و‌ لكن الطاعه الكامله تستدعى اولا القدره على فعل الواجب ‌و‌ ترك الحرام. ثانيا التغلب على النفس الاماره. ثالثا ‌ان‌ يكون الترك ‌و‌ الفعل خالصا لوجهك الكريم. ‌و‌ قدرتى ‌و‌ نفسى ‌و‌ قصدى، كل ذلك، بيدك لانك السبب الاول لكل وجود ‌و‌ موجود، فهبنى هذه الصفات ‌و‌ الادوات لاقوم بما اوجبت ‌من‌ طاعتك على اكمل وجه (و قدرتك عليه): على ‌ما‌ كلفتنى ‌به‌ (و على اغلب): اقوى (من قدرتى) هذه الجمله بكاملها ‌من‌ قدرتك الى قدرتى هى تكرار ‌و‌ توضيح لقوله: «انت املك ‌به‌ منى» (فاعطنى ‌من‌ نفسى ‌ما‌ يرضيك عنى) اعطنى القدره ‌و‌ التوفيق لتطهير نفسى ‌و‌ قصدى كاداه ‌و‌ وسيله لفعل الطاعه التى طلبتها منى، ‌و‌ ‌لا‌ ترضى بغيرها (و خذ لنفسك رضاها ‌من‌ نفسى) المراد بخذ هنا اعطيك تماما كقول القائل : اعطنى بذرا و خذ زرعا... ‌و‌ عدل الامام (ع) عن كلمه اعطيك الى كلمه «خذ» تادبا لان الله يعطى ‌و‌ ‌لا‌ ياخذ، ‌و‌ المعنى منك ‌يا‌ الهى العون ‌و‌ القدره، ‌و‌ منى السمع ‌و‌ الطاعه (فى عافيه): ‌فى‌ صحه العمل ‌و‌ اخلاص النيه.
 ‌و‌ تسال: ‌و‌ ‌اى‌ فضل للعبد على طاعه الله مادام كل شى ء منه تعالى؟.
 الجواب: اجل، ‌ان‌ الله سبحانه منح العبد القدره ‌و‌ سائر الادوات ‌و‌ المعدات ‌و‌ لكن منحه ايضا الحريه ‌فى‌ ‌ان‌ يختار الطاعه ‌او‌ المعصيه، اذ ‌لا‌ طاعه ‌و‌ ثواب بل ‌و‌ ‌لا‌ حلال ‌و‌ حرام ‌و‌ ‌لا‌ خطا ‌و‌ صواب بلا حريه ‌و‌ اختيار. ‌و‌ باسلوب آخر ‌ان‌ الله سبحانه يعاقب العاصى غدا محتجا عليه بالبيان الذى سمعه ‌و‌ وعاه، ‌و‌ بالقدره التى خانها ‌و‌ وضعها ‌فى‌ غير موضعها، ‌و‌ يثيب سبحانه المطيع، لانه ادى الامانه بنصح ‌و‌ اخلاص.
 ‌و‌ بعد، فنحن ‌لا‌ نملك مع الله شيئا الا ‌ما‌ ملكنا، ‌و‌ قد ملكنا الحريه ‌و‌ القدره ليقول لنا: هذا حلال ‌و‌ هذا حرام، ‌و‌ يحملنا مسووليه الاخذ ‌او‌ الرفض... ‌و‌ الامام (ع) يقول باسلوب الدعاء: لكل عاقل: ‌ما‌ دمت حرا ‌فى‌ نفسك ‌و‌ افعالك فاعط قلبك ‌و‌ كلك لخالقه، فانه ياخذ بيدك، ‌و‌ يمنحك الهدايه ‌و‌ التوفيق لما فيه صلاح دنياك ‌و‌ آخرتك.
 
(اللهم ‌لا‌ طاقه لى بالجهد): بالكدح المضنى ‌من‌ اجل لقمه العيش (و ‌لا‌ بالصبر على البلاء). ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ احد على وجه الارض صبر على الذبح ‌و‌ السبى ‌و‌ السجن ‌و‌ التشريد كاهل البيت (ع) بخاصه الامام السجاد (ع) الذى «تحمل ‌من‌ ارزائها محنا لم يحتملها نبى ‌او‌ وصى نبى» ‌و‌ مع ذلك يقول: ‌لا‌ صبر لى على الفقر، ‌و‌ السر ‌ان‌ تلك المصائب صبر عليها اهل البيت (ع) ‌و‌ رضوا كل الرضا، لانها ‌فى‌ سبيل الله ‌و‌ الصالح العام، اما مصيبه الفقر فلا مصلحه فيها لدين ‌و‌ ‌لا‌ دنيا، بل ‌هو‌ كفر ‌و‌ موت ‌و‌ مفسده (و ‌لا‌ قوه لى على الفقر) ‌و‌ ‌من‌ يقوى على مقاومه المعده ‌و‌ ثورتها، ‌و‌ مجنون ‌من‌ يقول للجائع: اصبر ‌ان‌ الله مع الصابرين (فلا تحظر...) وسع ‌و‌ ‌لا‌ تضيق، ‌و‌ يسر ‌و‌ ‌لا‌ تعسر (و تكلنى) ‌لا‌ تتركنى الى صدقات الناس ‌و‌ فتات موائدهم (بل تفرد...) سهل السبيل الى كفايتى  
 
(و انظر الى) اتجه الى برحمتك، ‌و‌ اقبل على بعنايتك (و انظر لى) اختر لى ‌ما‌ تراه خيرا لدنياى ‌و‌ آخرتى (فانك ‌ان‌ وكلتنى) ‌ان‌ تركتنى الى نفسى تمردت ‌و‌ طغت (و لم اقم ‌ما‌ فيه مصلحتها) ابدا حتى الانبياء لايكبحون النفس الجامحه الا بحبل ‌من‌ الله (تجهمونى): استقبلونى بوجه عابس ‌و‌ قول غليظ (نكدا): عسرا (و منوا): شمخوا على ‌و‌ تطاولوا باحسانهم  
 
(فبفضلك اللهم فاغننى) الغنى بفضله تعالى ‌و‌ الانتعاش بعظمته ‌و‌ البسط بسعته، كل اولاء الفاظ مترادفه، معناها تيسير السبل الى الاكتفاء الذاتى.
 ‌و‌ بعد، فان هذا الجزء ‌من‌ الدعاء واضح ‌و‌ تقدم، ‌و‌ خلاصته الرغبه الى الله ‌ان‌ يمهد السبيل لمعيشه هادئه ‌و‌ ادعه ‌لا‌ فضل فيها لاحد الا الله الذى يسر ‌و‌ سهل. ‌و‌ فيه اشاره الى ‌ان‌ الفقر رذيله تفسد الحياه ‌و‌ وسيله الى الجرائم ‌و‌ الماثم.
 
(و خلصنى ‌من‌ الحسد): نجنى ‌من‌ آفاته، ‌و‌ ابعدنى عن كل حاقد ‌و‌ حاسد. ‌و‌ تكلمنا حول الحسد ‌فى‌ الدعاء 7 ‌و‌ 8 (و احصرنى عن الذنوب) هب نفسى قوه تمنعها عن كل ذنب، ‌و‌ بتعبير ثان: اعنى على نفسى (و ورعنى عن المحارم...) هذا ‌و‌ ‌ما‌ بعده عطف تكرار (و رضاى فيما يرد على منك) الرضا بما قسم الله سبحانه بلا تافف ‌و‌ تحاسد ‌و‌ تباغض ‌و‌ تنافس على الدنيا ‌و‌ حطامها ‌هو‌ اصل الاصول للورع ‌و‌ التقوى... ‌و‌ روى الرواه عن المتقين اذا نزلت بهم نازله قالوا: هذه خير ‌لا‌ شر، ‌و‌ لنا ‌لا‌ علينا (و بارك لى فيما رزقتنى) ‌و‌ الله سبحانه لايبارك المال ‌و‌ يزيده الا اذا وضع ‌فى‌ واجب ‌او‌ مستحب. انظر الدعاء 16 فقره لايوضع المال الا ‌فى‌ واجب (و فيما خولتنى...) هذا ‌و‌ ‌ما‌ بعده عطف تكرار.
 (و اجعلنى ‌فى‌ كل حالاتى محفوظا) ‌من‌ كل سوء (مكلوءا): محروسا (مستورا) حسن السيره (ممنوعا): ‌من‌ المناعه بمعنى القوه ‌و‌ الحصانه (معاذا) معتصما بالله ‌لا‌ بسواه (مجارا): عطف تكرار
 
(فاقض عنى كل ‌ما‌ الزمتنيه ‌و‌ فرضته على...) حررنى ‌من‌ مسووليه ‌ما‌ اهملت ‌و‌ تركت مما على ‌من‌ حقوق ‌و‌ فروض لله ‌او‌ للناس (و ‌ان‌ ضعف عن ذلك...) اشاره الى كل ‌ما‌ ثبت ‌و‌ وجب اداوه ‌و‌ القيام به، ‌و‌ الوهن عطف تفسير على الضعف، ‌و‌ مثله عدم القدره ‌و‌ السعه (و ‌لا‌ ذات يدى): كنايه عن الفقر ‌و‌ العجز المالى. ‌و‌ تجدر الاشاره ‌ان‌ العجز ينفى التكليف ببديهه العقل ‌و‌ صريح النص: «لايكلف الله نفسا الا وسعها- 285 البقره». اجل، اذا ثبت الحق المالى لله ‌او‌ للناس، ‌و‌ اهمل المكلف الاداء ‌و‌ الوفاء مع القدره عليه ‌و‌ دون ‌اى‌ مبرر ثم طرا العجز- استحق العقاب ‌و‌ العذاب على الاهمال ‌و‌ التقصير.
 (ذكرته ‌او‌ نسيته... احصيته) انت ‌يا‌ الهى  
 
(على ‌و‌ اغفلته انا ‌من‌ نفسى) يشير الامام (ع) بهذا الى ‌ما‌ نحن فيه ‌و‌ عليه ‌من‌ الغرور ‌و‌ الجهل بجهلنا حيث نظن ‌او‌ نعتقد بانه قمنا ‌و‌ ادينا كل ‌ما‌ علينا ‌من‌ ‌حق‌ مادى ‌و‌ ادبى، ‌و‌ انه لايسوغ لاحد ‌ان‌ يسالنا عن شى ء.
 (فاده عنى...) ضمير الغائب ‌فى‌ اده يعود الى كل ‌ما‌ الزمتنيه ‌و‌ فرضته على، ‌و‌ المراد بالاداء هنا ترك المقاصه على الوجه الاتى عند تفسير «تقاصنى» هذا ‌ان‌ كان الحق المغصوب للناس، ‌و‌ ‌ان‌ ‌يك‌ الحق المتروك لله تعالى فالمراد بالاداء العفو ‌و‌ الصفح (فانك واسع) برحمتك (كريم) بعطائك (تريد ‌ان‌ تقاصنى ‌به‌ ‌من‌ حسناتى ‌او‌ تضاعف ‌به‌ ‌من‌ سيئاتى يوم القاك) هذه اشاره خاطفه الى صوره المقاصه ‌من‌ الغاصب ‌و‌ الظالم يوم القيامه. ‌و‌ اليك توضيح ‌ما‌ اراده الامام (ع) باشارته هذه: قال سبحانه: «اقرا كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا- 14 الاسراء». ‌و‌ جاء ‌فى‌ تفسير هذه الايه ‌ان‌ الظالم يرى غدا ‌فى‌ كتابه سيئات ‌و‌ محرمات لم يقترفها، ‌و‌ ايضا لايرى حسنات ‌و‌ خيرات كان قد فعلها، فيعجب ‌و‌ يقول: ‌ما‌ لى ارى ‌ما‌ فعلت ‌من‌ حسنات، ‌و‌ ارى ‌ما‌ لم افعل ‌من‌ سيئات؟ فيقال له: اعطينا حسناتك لفلان الذى اعتديت عليه بكذا ‌و‌ كيت، ‌و‌ القينا عليك سيئاته قصاصا لك على ظلمك له ‌و‌ جرمك.
 ‌و‌ الامام (ع) يسال الله سبحانه ‌ان‌ يعصمه ‌من‌ الاساءه الى مخلوق، ‌و‌ ‌ان‌ حدث ‌من‌ ذلك شى ء ‌ان‌ يرضى سبحانه المظلوم ‌من‌ فضله ‌و‌ كرمه، ‌و‌ يبقى على حسناته، ‌و‌ لايلقى عليه شيئا ‌من‌ سيئات ‌من‌ اساء اليه.
 ‌و‌ بعد، فاذا كان الادباء ‌و‌ الشعراء ‌و‌ اهل السير ‌و‌ الفن ‌و‌ التاريخ، يصورون الحياه الدنيا بشتى موضوعاتها ‌و‌ مشكلاتها- فان الامام السجاد (ع) بادعيته ‌و‌ مناجاته يرسم حياه الاخره نعيمها ‌و‌ جحيمها، ‌و‌ يهدى الى سواء السبيل، و يحذر ‌من‌ كل مكروه يعكر صفو الحياه دنيا ‌و‌ آخره. ‌و‌ ‌هو‌ العليم الخبير بذلك كله.
 
(و ارزقنى الرغبه ‌فى‌ العمل لك) طهر قلبى ‌من‌ كل ‌ما‌ يصرفه عنك، ‌و‌ استعمله فيما تحب ‌و‌ ترضى، ‌و‌ تقدم مثله ‌فى‌ الدعاء 21 (لاخرتى) اشاره الى ‌ان‌ البعض يعبد الله على حرف ‌اى‌ للدنيا ‌لا‌ للاخره، ‌و‌ الامام يسال الله سبحانه ‌ان‌ تكون جميع اعماله لاخرته ‌لا‌ العباده فقط (حتى اعرف صدق ذلك ‌من‌ قلبى) حتى احس ‌من‌ الاعماق بان عملى لله ‌لا‌ لسواه. ‌و‌ سئل النبى (ص) عن معنى البر؟ فقال للسائل: استفت قلبك، البر: ‌ما‌ اطمانت اليه النفس، ‌و‌ اطمان اليه القلب... ‌و‌ ‌ان‌ افتاك الناس ‌و‌ افتوك. ‌و‌ مراد الرسول الاعظم (ص) النهى عن الهوى ‌و‌ التقليد، ‌و‌ ‌من‌ اخطا مع التحرى ‌و‌ التجرد فما عليه ‌من‌ سبيل
 
(و حتى يكون الغالب على الزهد ‌فى‌ دنياى) قيل: الدنيا ‌و‌ الاخره ضرتان، ‌و‌ ‌ان‌ ‌ما‌ بينهما ‌من‌ البعد ‌ما‌ بين المشرق ‌و‌ المغرب. ‌و‌ هذا الوصف قائم بين دنيا الحرام ‌و‌ الاخره، اما دنيا الحلال الطيب فهى ‌من‌ الدين ‌فى‌ الصميم، لان الهدف الاول ‌و‌ الاساس ‌من‌ دين الاسلام، سعاده الانسان دنيا ‌و‌ آخره، ‌و‌ الشى ء الواحد لايكون سببا للشى ء ‌و‌ ضده. انظر الدعاء: فقره مطالب الروح ‌و‌ الجسد.
 (و حتى اعمل الحسنات شوقا) الى مرضاه الله ‌و‌ ثوابه ‌لا‌ بقصد الربح ‌و‌ الاتجار (و آمن السيئات) ‌اى‌ ‌من‌ فعلها ‌و‌ القرب منها (فرقا): فزعا ‌من‌ غضب الله ‌و‌ عذابه (و هب لى نورا): علما (امشى ‌به‌ ‌فى‌ الناس) اقيم العلاقات ‌و‌ الروابط معهم على اساس الحق ‌و‌ العدل ‌لا‌ على اساس التعصب ‌و‌ الجهل ‌و‌ الربح ‌و‌ الهوى (و اهتدى ‌به‌ ‌فى‌ الظلمات...) اذا تعددت الاراء ‌و‌ المعتقدات ‌و‌ تضاربت استطيع بما املك ‌من‌ العلم ‌ان‌ اميز بين المحق منها ‌و‌ المبطل  
 
(و ارزقنى خوف ‌غم‌ الوعيد) المراد بالوعيد التهديد بالشر، ‌و‌ بغمه ‌ما‌ يترتب على مخالفته ‌من‌ الحزن ‌و‌ الكرب، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الخوف ‌من‌ سوء العاقبه يستدعى التحفظ ‌و‌ الاحتياط.
 (و شوق ثواب الموعود) بالخير على عمل الخير (حتى اجد لذه ‌ما‌ ادعوك...) اذا وهبت لى العلم شعرت باللذه ‌و‌ الفرح ‌و‌ انا اسالك النعيم، ‌و‌ بالحزن ‌و‌ الالم اذا استجرت بك ‌من‌ عذاب الجحيم، ‌و‌ مثله تماما قول الامام على ‌فى‌ وصف المتقين: «فهم ‌و‌ الجنه كمن قد رآها فهم فيها منعمون، ‌و‌ ‌هم‌ ‌و‌ النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون»
 
(اللهم قد تعلم...) «قد» للتحقيق لان الله بكل شى ء عليم (حفيا) ‌من‌ الحفاوه بمعنى العنايه.
 
(و ارزقنى الحق عند تقصيرى ‌فى‌ الشكر لك...) تدل قرينه السياق ‌و‌ هى قوله: «حتى اتعرف ‌من‌ نفسى روح الرضا...» ‌ان‌ المراد بالحق هنا الرضا بحكم الله ‌و‌ قضائه ‌فى‌ حال البلاء كالعسر ‌و‌ المرض تماما كالرضا ‌فى‌ حال الرخاء يسرا ‌و‌ عافيه. ‌و‌ ‌من‌ معانى الشكر الثناء على المنعم، ‌و‌ على العبد ‌ان‌ يجمع بين الرضا ‌و‌ الشكر معا،- ‌و‌ على الاقل- ‌ان‌ يرضى عن الله ‌و‌ بحكمه عليه ‌فى‌ حال اليسر ‌و‌ العسر اذا قصر ‌فى‌ الثناء عليه تعالى بلسانه، لان الرضا بما امر ‌و‌ قسم ‌من‌ ثمرات الايمان بعدله ‌و‌ حكمته ‌و‌ جلاله ‌و‌ كماله (حتى اتعرف ‌من‌ نفسى روح الرضا) الروح بفتح الراء الراحه ‌و‌ سكون القلب الذى اشار اليه بقوله: (و طمانينه النفس منى بما يجب) ‌اى‌ يهمنى قبل كل شى ء ‌و‌ اكثر ‌من‌ كل شى ء ‌ان‌ اعلم ‌ان‌ نفسى راضيه تمام الرضا بكل ‌ما‌ يرد عليها ‌من‌ الله ‌كى‌ تكون ‌من‌ المومنين ‌به‌ حقا ‌و‌ المتوكلين عليه ‌و‌ العاملين له.
 
(و ارزقنى سلامه الصدر ‌من‌ الحسد...) نهى سبحانه عن الحسد ‌فى‌ كتبه ‌و‌ على لسان رسله، ‌و‌ تكلم الناس كثيرا عن شره قديما ‌و‌ حديثا... ‌و‌ نشير هنا الى ‌ان‌ فئه ‌من‌ الصائمين المصلين يتقون نجاسه الثوب، اما صدورهم فحاقده واغره على كل ذى فضل ‌و‌ نعمه ‌من‌ الله تعالى بخاصه اذا كان ‌من‌ الزملاء ‌و‌ الرفاق ‌و‌ نحن ‌لا‌ ننكر ‌ان‌ التنافس ‌فى‌ المهنه طبيعه ‌فى‌ الانسان، ‌و‌ لكن المومن حقا يتكلف الصبر، ‌و‌ يتناسى انانيته حرصا على دينه... ‌و‌ فيما قرات ‌ان‌ تلميذا كان له ‌فى‌ المدرسه اصدقاء مخلصون، ‌و‌ بعدها اشتهر ‌و‌ انتشر صيته ‌من‌ دونهم فغلا الحقد ‌فى‌ صدورهم، ‌و‌ انقلبوا اعداء الداء!.
 قال ابن الجوزى ‌فى‌ صيد الخاطر: «نظرت فرايت ‌ان‌ الانسان لايحب ‌ان‌ يرتفع عليه احد، فاذا راى صديقه قد علا عليه تاثر ‌و‌ ود لو لم ينل صديقه ‌ما‌ نال، ‌و‌ هذا معجون ‌فى‌ الطين، ‌و‌ ‌لا‌ لوم انما اللوم ‌ان‌ يعمل بمقتضاه ‌من‌ قول ‌او‌ فعل». ‌و‌ على هذا جميع العلماء.
 ‌و‌ بعد، فان المومن ‌او‌ العاقل اذا عرض له ‌اى‌ خاطر، يقف ‌و‌ لايتحرك بل ينظر ‌و‌ يتامل: هل ‌هو‌ للرحمن، ‌او‌ للشيطان، ‌و‌ للخير ‌او‌ للشر؟ فان كان للاول عمل بموجبه، ‌و‌ ‌ان‌ ‌يك‌ للثانى احجم ‌و‌ تعوذ بالله ‌من‌ الشيطان، ‌و‌ ‌اى‌ انسان ينطلق مسرعا ‌و‌ بلا رويه مع كل خاطر يمر ‌به‌ فهو ارعن يقيم الحجه ‌من‌ نفسه على نفسه: انه ليس بشى ء على الاطلاق.
 
(و ارزقنى التحفظ ‌من‌ الخطايا...) هذا توكيد ‌و‌ تكرار لقوله السابق ‌فى‌ هذا الدعاء: «و احصرنى عن الذنوب، ‌و‌ ورعنى عن المحارم، ‌و‌ ‌لا‌ تجرئنى على المعاصى» (حتى اكون بما يرد على منهما): ‌من‌ الرضا ‌و‌ الغضب (بمنزله سواء) ‌من‌ حيث السمع ‌و‌ الطاعه لله سبحانه. ‌و‌ تقدم قول الامام الصادق (ع): المومن اذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق، ‌و‌ اذا رضى لم يدخله رضاه ‌فى‌ باطل (عاملا بطاعتك موثرا رضاك على سواهما) ‌لا‌ اتصرف بدافع ‌من‌ سخطى ‌و‌ مرضاتى، ‌من‌ ذاتى ‌و‌ مصلحتى، بل ‌من‌ طاعتك ‌و‌ مرضاتك ‌يا‌ الهى.
 (فى الاولياء ‌و‌ الاعداء حتى ‌يا‌ ‌من‌ عدوى ‌من‌ ظلمى ‌و‌ جورى، ‌و‌ يياس وليى ‌من‌ ميلى ‌و‌ انحطاط هواى) ‌اى‌ انحدارى نحو ‌من‌ اهوى. هذا ‌هو‌ التحديد السديد للمومن الحق: العمل بطاعه الله ‌و‌ تقواه ‌لا‌ بوحى ‌من‌ الاصهار ‌و‌ الاولاد ‌او‌ نكايه بالاعداء ‌و‌ الانداد. ‌و‌ ‌لا‌ اعرف محكا لمن يلبس لباس الدين ‌او‌ ينتمى اليه اصدق ‌و‌ ادق ‌من‌ المحك هذا، ‌و‌ مثله ‌ما‌ قيل ‌فى‌ تعريف الحاكم العادل: ‌هو‌ الذى يثق ‌به‌ البرى ء، ‌و‌ ‌لا‌ يامنه المجرم.
 
(و اجعلنى ممن يدعوك مخلصا...) المخلص ‌فى‌ الدعاء ‌و‌ غير الدعاء ‌هو‌ الذى يسير على ‌و‌ تيره واحده ‌فى‌ جميع احواله ‌و‌ اطواره، ‌فى‌ سره ‌و‌ علانيته، ‌و‌ شبابه ‌و‌ هرمه، ‌و‌ رضاه ‌و‌ غضبه، ‌و‌ حزنه ‌و‌ سروره، ‌و‌ ضيقه وسعته، اما ‌من‌ يتقلب ‌و‌ يتذبذب فهو ناكب عن الطريق، قد غلبت عليه شهوته ‌و‌ شقوته، ‌و‌ بها يقاس ‌و‌ يعامل.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

عند رویه الهلال
فى عید الفطر و الجمعه
بعد صلاه اللیل
فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^