فارسی
چهارشنبه 13 تير 1403 - الاربعاء 25 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 2
50% این مطلب را پسندیده اند

بعد صلاه اللیل

بعد صلاه الليل


 «1» اللَّهُمَّ ‌يا‌ ذَا الْمُلْكِ الْمُتَأَبِّدِ بِالْخُلُودِ «2» ‌و‌ السُّلْطَانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُودٍ ‌و‌ ‌لا‌ أَعْوَانٍ . «3» ‌و‌ الْعِزِّ الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ ‌و‌ خَوَالِي الْأَعْوَامِ ‌و‌ مَوَاضِي الْأَزمَانِ ‌و‌ الْأَيَّامِ «4» ‌عز‌ سُلْطَانُكَ عِزّاً ‌لا‌ ‌حد‌ لَهُ بِأَوَّلِيَّةٍ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُنْتَهَى لَهُ بِآخِرِيَّةٍ «5» ‌و‌ اسْتَعْلَى مُلْكُكَ عُلُوّاً سَقَطَتِ الْأَشْيَاءُ دُونَ بُلُوغِ أَمَدِهِ «6» ‌و‌ ‌لا‌ يَبْلُغُ أَدْنَى ‌ما‌ اسْتَأْثَرْتَ ‌به‌ ‌من‌ ذَلِكَ أَقْصَى نَعْتِ النَّاعِتِينَ . «7» ضَلَّتْ فِيكَ الصِّفَاتُ ، ‌و‌ تَفَسَّخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ ، ‌و‌ حَارَتْ فِي كِبْرِيَائِكَ لَطَائِفُ الْأَوْهَامِ «8» كَذَلِكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَوَّلُ فِي أَوَّلِيَّتِكَ ، ‌و‌ عَلَى ذَلِكَ أَنْتَ دَائِمٌ ‌لا‌ تَزُولُ «9» ‌و‌ أَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَمَلاً ، الْجَسِيمُ أَمَلاً ، خَرَجَتْ ‌من‌ يَدِي أَسْبَابُ الْوُصُلَاتِ إِلَّا ‌ما‌ وَصَلَهُ رَحْمَتُكَ ، ‌و‌ تَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الآْمَالِ إِلَّا ‌ما‌ أَنَا مُعْتَصِمٌ ‌به‌ ‌من‌ عَفْوِكَ «10» ‌قل‌ عِنْدِي ‌ما‌ أَعْتَدُّ ‌به‌ ‌من‌ طَاعَتِكَ ، ‌و‌ كَثُرَ عَلَيَّ ‌ما‌ أَبُوءُ ‌به‌ ‌من‌ مَعْصِيَتِكَ ‌و‌ لَنْ يَضِيقَ عَلَيْكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ ‌و‌ إِنْ أَسَاءَ ، فَاعْفِ عَنِّي . «11» اللَّهُمَّ ‌و‌ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَفَايَا الْأَعْمَالِ عِلْمُكَ ، ‌و‌ انْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ دُونَ خُبْرِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَنْطَوِي عَنْكَ دَقَائِقُ الْأُمُورِ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّبَاتُ السَّرَائِرِ «12» ‌و‌ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغَوَايَتِي فَأَنْظَرْتَهُ ، ‌و‌ اسْتَمْهَلَكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ لِإِضْلَالِي فَأَمْهَلْتَهُ . «13» فَأَوْقَعَنِي ‌و‌ قَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ ‌من‌ صَغَائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ ، ‌و‌ كَبَائِرِ أَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ حَتَّى إِذَا قَارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ ، ‌و‌ اسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ سَعْيِي سَخْطَتَكَ ، فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ غَدْرِهِ ، ‌و‌ تَلَقَّانِي بِكَلِمَةِ كُفْرِهِ ، ‌و‌ تَوَلَّى الْبَرَاءَةَ مِنِّي ، ‌و‌ أَدْبَرَ مُوَلِّياً عَنِّي ، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً ، ‌و‌ أَخْرَجَنِي إِلَى فِنَاءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً . «14» ‌لا‌ شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ خَفِيرٌ يُؤْمِنُنِي عَلَيْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مَلَاذٌ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ . «15» فَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ ، ‌و‌ مَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ ، فَلَا يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلُكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوُكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ أَكُنْ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ ، ‌و‌ ‌لا‌ أَقْنَطَ وُفُودِكَ الآْمِلِينَ ، ‌و‌ اغْفِر لِي ، إِنَّکَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ . «16» اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ ، ‌و‌ نَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ ، ‌و‌ سَوَّلَ لِيَ الْخَطَاءَ خَاطِرُ السُّوءِ فَفَرَّطْتُ . «17» ‌و‌ ‌لا‌ أَسْتَشْهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَاراً ، ‌و‌ ‌لا‌ أَسْتَجِيرُ بِتَهَجُّدِي لَيْلًا ، ‌و‌ ‌لا‌ تُثْنِي عَلَيَّ بِإِحْيَائِهَا سُنَّةٌ حَاشَا فُرُوضِكَ الَّتِي ‌من‌ ضَيَّعَهَا هَلَكَ . «18» ‌و‌ لَسْتُ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَةٍ مَعَ كَثِيرِ ‌ما‌ أَغْفَلْتُ ‌من‌ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ ، ‌و‌ تَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إِلَى حُرُمَاتٍ انْتَهَكْتُهَا ، ‌و‌ كَبَائِرِ ذُنُوبٍ اجْتَرَحْتُهَا ، كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي ‌من‌ فَضَائِحِهَا سِتْراً . «19» ‌و‌ هَذَا مَقَامُ ‌من‌ اسْتَحْيَا لِنَفْسِهِ مِنْكَ ، ‌و‌ سَخِطَ عَلَيْهَا ، ‌و‌ رَضِيَ عَنْكَ ، فَتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ ، ‌و‌ رَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ ، ‌و‌ ظَهْرٍ مُثْقَلٍ ‌من‌ الْخَطَايَا وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ ‌و‌ الرَّهْبَةِ مِنْكَ . «20» ‌و‌ أَنْتَ أَوْلَى ‌من‌ رَجَاهُ ، ‌و‌ أَحَقُّ ‌من‌ خَشِيَهُ ‌و‌ اتَّقَاهُ ، فَأَعْطِنِي ‌يا‌ رَبِّ ‌ما‌ رَجَوْتُ ، ‌و‌ آمِنِّي ‌ما‌ حَذِرْتُ ، ‌و‌ عُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ ، إِنَّکَ أَکْرَمَ الْمَسْئُولِينَ . «21» اللَّهُمَّ ‌و‌ إِذْ سَتَرْتَنِي بِعَفْوِكَ ، ‌و‌ تَغَمَّدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ بِحَضْرَةِ الْأَكْفَاءِ ، فَأَجِرْنِي ‌من‌ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاءِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الْأَشْهَادِ ‌من‌ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، ‌و‌ الرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ ، ‌و‌ الشُّهَدَاءِ ‌و‌ الصَّالِحِينَ ، ‌من‌ جَارٍ كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئَاتِي ، ‌و‌ ‌من‌ ذِي رَحِمٍ کُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي . «22» لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ ، ‌و‌ وَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي الْمَغْفِرَةِ لِي ، ‌و‌ أَنْتَ أَوْلَى ‌من‌ وُثِقَ ‌به‌ ، ‌و‌ أَعْطَى ‌من‌ رُغِبَ إِلَيْهِ ، ‌و‌ أَرْأَفُ ‌من‌ اسْتُرْحِمَ ، فَارْحَمْنِي . «23» اللَّهُمَّ ‌و‌ أَنْتَ حَدَرْتَنِي مَاءً مَهِيناً ‌من‌ صُلْبٍ مُتَضَايِقِ الْعِظَامِ ، حَرِجِ الْمَسَالِكِ إِلَى رَحِمٍ ضَيِّقَةٍ سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ ، تُصَرِّفُنِي حَالاً عَنْ حَالٍ حَتَّى انْتَهَيْتَ بِي إِلَى تَمَامِ الصُّورَةِ ، ‌و‌ أَثْبَتَّ فِيَّ الْجَوَارِحَ كَمَا نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْماً ثُمَّ كَسَوْتَ الْعِظَامَ لَحْماً ، ثُمَّ أَنْشَأْتَنِي خَلْقاً آخَرَ کَمَا شِئْتَ . «24» حَتَّى إِذَا احْتَجْتُ إِلَى رِزْقِكَ ، ‌و‌ لَمْ أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَاثِ فَضْلِكَ ، جَعَلْتَ لِي قُوتاً ‌من‌ فَضْلِ طَعَامٍ ‌و‌ شَرَابٍ أَجْرَيْتَهُ لِأَمَتِكَ الَّتِي أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا ، ‌و‌ أَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا . «25» ‌و‌ لَوْ تَكِلْنِي ‌يا‌ رَبِّ فِي تِلْكَ الْحَالَاتِ إِلَى حَوْلِي ، أَوْ تَضْطَرُّنِي إِلَى قُوَّتِي لَكَانَ الْحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلًا ، ‌و‌ لَكَانَتِ الْقُوَّةُ مِنِّي بَعِيدَةً . «26» فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاءَ الْبَرِّ اللَّطِيفِ ، تَفْعَلُ ذَلِكَ بِي تَطَوُّلًا عَلَيَّ إِلَى غَايَتِي هَذِهِ ، ‌لا‌ أَعْدَمُ بِرَّكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُبْطِىُ بِي حُسْنُ صَنِيعِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَتَأَكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي فَأَتَفَرَّغَ لِمَا ‌هو‌ أَحْظَى لِي عِنْدَكَ . «27» قَدْ مَلَكَ الشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوءِ الظَّنِّ ‌و‌ ضَعْفِ الْيَقِينِ ، فَأَنَا أَشْكُو سُوءَ مُجَاوَرَتِهِ لِي ، ‌و‌ طَاعَةَ نَفْسِي لَهُ ، ‌و‌ أَسْتَعْصِمُكَ ‌من‌ مَلَكَتِهِ ، ‌و‌ أَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي صَرْفِ كَيْدِهِ عَنِّي . «28» ‌و‌ أَسْأَلُكَ فِي أَنْ تُسَهِّلَ إِلَى رِزْقِي سَبِيلًا ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الْجِسَامِ ، ‌و‌ إِلْهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى الْإِحْسَانِ ‌و‌ الْإِنْعَامِ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ سَهِّلْ عَلَيَّ رِزْقِي ، ‌و‌ أَنْ تُقَنِّعَنِي بِتَقْدِيرِكَ لِي ، ‌و‌ أَنْ تُرْضِيَنِي بِحِصَّتِي فِيما قَسَمْتَ لِي ، ‌و‌ أَنْ تَجْعَلَ ‌ما‌ ذَهَبَ ‌من‌ جِسْمِي ‌و‌ عُمْرِي فِي سَبِيلِ طَاعَتِكَ ، إِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ . «29» اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ ‌من‌ نَارٍ تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى ‌من‌ عَصَاكَ ، ‌و‌ تَوَعَّدْتَ بِهَا ‌من‌ صَدَفَ عَنْ رِضَاكَ ، ‌و‌ ‌من‌ نَارٍ نُورُهَا ظُلْمَةٌ ، ‌و‌ هَيِّنُهَا أَلِيمٌ ، ‌و‌ بَعِيدُهَا قَرِيبٌ ، ‌و‌ ‌من‌ نَارٍ يَأْكُلُ بَعْضَهَا بَعْضٌ ، ‌و‌ يَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ . «30» ‌و‌ ‌من‌ نَارٍ تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيماً ، ‌و‌ تَسقِي أَهْلَهَا حَمِيماً ، ‌و‌ ‌من‌ نَارٍ ‌لا‌ تُبْقِي عَلَى ‌من‌ تَضَرَّعَ إِلَيْهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ تَرْحَمُ ‌من‌ اسْتَعْطَفَهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا ‌و‌ اسْتَسْلَمَ إِلَيْهَا تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ ‌ما‌ لَدَيْهَا ‌من‌ أَلِيمِ النَّکَالِ ‌و‌ شَدِيدِ الْوَبَالِ «31» ‌و‌ أَعُوذُ بِكَ ‌من‌ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَةِ أَفْوَاهُهَا ، ‌و‌ حَيَّاتِهَا الصَّالِقَةِ بِأَنْيَابِهَا ، ‌و‌ شَرَابِهَا الَّذِي يُقَطِّعُ أَمْعَاءَ ‌و‌ أَفْئِدَةَ سُكَّانِهَا ، ‌و‌ يَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ ، ‌و‌ أَسْتَهْدِيكَ لِمَا بَاعَدَ مِنْهَا ، ‌و‌ أَخَّرَ عَنْهَا . «32» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ أَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ ، ‌و‌ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ إِقَالَتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَخْذُلْنِي ‌يا‌ خَيْرَ الُْمجِيرِينَ «33» اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَقِي الْكَرِيهَةَ ، ‌و‌ تُعْطِي الْحَسَنَةَ ، ‌و‌ تَفْعَلُ ‌ما‌ تُرِيدُ ، ‌و‌ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ «34» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، إِذَا ذُكِرَ الْأَبْرَارُ ، ‌و‌ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌ما‌ اخْتَلَفَ اللَّيْلُ ‌و‌ النَّهَارُ ، صَلَاةً ‌لا‌ يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ يُحْصَى عَدَدُهَا ، صَلَاةً تَشْحَنُ الْهَوَاءَ ، ‌و‌ تَمْلَأُ الْأَرْضَ ‌و‌ السَّمَاءَ . «35» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْضَى ، ‌و‌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ بَعْدَ الرِّضَا ، صَلَاةً ‌لا‌ ‌حد‌ لَهَا ‌و‌ ‌لا‌ مُنْتَهَى ، ‌يا‌ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
 
(اللهم ‌يا‌ ذا الملك المتابد بالخلود ‌و‌ السلطان) كل شى ء سوى الله سبحانه فهو مملوك له ‌و‌ متسلط عليه بلا ‌حد‌ ‌و‌ نهايه، ‌و‌ تنفذ فيه مشيئته مطلقا، ‌و‌ كيف شاء وجودا ‌و‌ عدما
 
(الممتنع بغير جنود ‌و‌ اعوان) ‌و‌ لماذا الجنود ‌و‌ الاعوان ‌و‌ ‌هو‌ خالقهم ‌و‌ خالق كل شى ء؟ هذا الى ‌ان‌ الاعوان لرد العدوان، ‌و‌ ‌لا‌ عدوان عليه ‌و‌ ‌لا‌ منه  
 
(و العز الباقى على مر الدهور...) العز: القوه ‌و‌ الغلبه، ‌و‌ هى لله وحده ثابته له ابدا ‌و‌ دائما، لانها بالذات ‌لا‌ بالواسطه، ‌و‌ ايه عزه ‌فى‌ غيره فهى ‌به‌ ‌و‌ منه تعالى.
 
(و استعلى ملكك...) العظيم الذى يقهر ‌و‌ لايقهر
 
(و لايبلغ ادنى ‌ما‌ استاثرت ‌به‌ ‌من‌ ذلك اقصى نعت الناعتين) استاثر بالشى ء: اختص ‌به‌ دون سواه، ‌و‌ ذلك اشاره الى علوه الاعلى ‌و‌ شانه الاسنى، ‌و‌ المعنى تعجز عن وصفه تعالى اوهام الواصفين تماما كما عجزت عن رويته ابصار الناظرين. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: « ‌ان‌ كنت صادقا ايها المتكلف لوصف ربك، فصف جبريل ‌و‌ ميكال ‌و‌ جنود الملائكه المقربين» ‌و‌ لذا قال الرسول الاعظم (ص): تفكروا ‌فى‌ خلق الله، ‌و‌ لاتفكروا ‌فى‌ ذات الله.
 
(ضلت فيك الصفات...) الخالق اجل ‌و‌ اعظم ‌من‌ ‌ان‌ يدرك المخلوق كنه صفاته، فان وصفه ‌من‌ تلقائه ‌و‌ عندياته فوصفه جهاله ‌و‌ ضلاله، قال ‌عز‌ ‌من‌ قال: «سبحانه ‌و‌ تعالى عما يصفون- 100 الانعام» ‌و‌ قال الامام السجاد (ع) بروايه الكافى: «لو اجتمع اهل السماء ‌و‌ الارض ‌ان‌ يصفوا الله بعظمته لم يقدروا». ‌و‌ ليس معنى هذا ‌ان‌ ‌لا‌ نصف الله بشى ء اطلاقا ‌و‌ الا لزم التعطيل، بل يجب وصفه بما وصف ‌به‌ نفسه ‌فى‌ كتابه. قال الامام الكاظم (ص): صفوه بما وصف ‌به‌ نفسه، ‌و‌ كفوا عما سوى ذلك.
 
(انت الاول ‌فى‌ اوليتك ‌و‌ على ذلك انت لاتزول) كان الله ‌و‌ لم يكن معه شى ء لاوليته ‌و‌ ازليته، ‌و‌ يبقى بعد فناء كل شى ء لدوامه ‌و‌ ابديته، ‌و‌ ‌فى‌ الايه ‌من‌ الحديد «هو الاول ‌و‌ الاخر». ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل الاول.
 
(و انا العبد الضعيف عملا) لك ‌و‌ ‌فى‌ طاعتك (الجسيم املا) برحمتك ‌و‌ مغفرتك، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء آخر للامام السجاد (ع): انى بمغفرتك ‌و‌ رحمتك اوثق منى بعملى. ‌و‌ ‌فى‌ هذا دلاله واضحه على ‌ان‌ ثواب الله ‌و‌ رضوانه لاينبغى ‌ان‌ يطلب بالعمل الصالح وحده ‌و‌ كفى، بل ‌به‌ ‌و‌ بالثقه ‌و‌ حسن الظن بفضله تعالى ‌و‌ رحمته، ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ كل ‌من‌ راى نفسه شيئا مذكورا امام الله ‌و‌ عند الله فما ‌هو‌ بشى ء، ‌و‌ ‌ان‌ عمل الوف الصالحات ‌ان‌ الله تعالى لايرضى كل الرضا الا عمن يتوكل عليه ‌و‌ على رحمته ‌لا‌ على عمله بالخصوص دون سواه، ‌و‌ الا عمن يرجو فضله ‌لا‌ على سبيل الحتم ‌و‌ اللزوم اجل ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يستشفع لديه و يتوسل اليه بالعمل الصالح ليحظى بالثواب ‌و‌ الرضا. ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «من راى نفسه مسيئا فهو محسن» ‌و‌ العكس بالعكس ‌اى‌ ‌من‌ راى نفسه محسنا فهو مسى ء لانه قد تعالى ‌و‌ تعاظم، ‌و‌ ‌من‌ الحكم الخالده: «احمق الحمق الرضا عن النفس... ردع النفس للنفس ‌هو‌ العلاج للنفس... عشق النفس للنفس ‌هو‌ المرض للنفس».
 ‌و‌ بهذا نجد تفسير قول الامام السجاد (ع): (خرجت ‌من‌ يدى اسباب الوصلات...) ابدا ‌لا‌ املك ‌اى‌ عمل اعتصم ‌به‌ ‌و‌ اتوصل، ‌و‌ اعتمد عليه ‌و‌ اتوكل لبلوغ ثوابك ‌و‌ مرضاتك الا عفوك ‌و‌ رحمتك، ‌و‌ بقول سيد الشهداء والد الامام السجاد: «منى ‌ما‌ يليق بلومى، ‌و‌ منك ‌ما‌ يليق بكرمك»
 
(قل عندى ‌ما‌ اعتد به...) ‌ان‌ ‌يك‌ لى شى ء ‌من‌ الحسنات فان سيئاتى طغت عليها وفاقتها كما ‌و‌ كيفا ‌و‌ لكن (لن يضيق عليك عفو عن عبدك ‌ان‌ اساء) عفوك اوسع بكثير ‌من‌ سيئات المذنبين ‌و‌ ذنوب المسيئين. ‌و‌ ‌فى‌ شعر المناجاه:
 الهى لئن جلت ‌و‌ جمت خطيئتى
 فعفوك عن ذنبى اجل ‌و‌ اوسع
 
(اللهم ‌و‌ قد اشرف على خفايا الاعمال علمك...) اشرف على الشى ء: اطلع عليه ‌من‌ علو، ‌و‌ دون خبرك بضم الخاء: عند علمك، ‌و‌ دقائق الامور: صغارها ‌و‌ غوامضها، ‌و‌ ‌لا‌ يعزب: لايغيب، ‌و‌ غيبات السرائر: ‌ما‌ تكنه الصدور، ‌و‌ المعنى انت ‌يا‌ الهى تعلم ‌ما‌ اخفيت ‌و‌ سترت حتى خطرات الفكر ‌و‌ عزيمات القلب.
 
(و قد استحوذ على عدوك...: الشيطان... ابدا ‌لا‌ سبيل للشيطان على الامام ‌و‌ غيره ‌من‌ المتقين بنص القرآن الكريم: «انه ليس له سلطان على الذين آمنوا ‌و‌ على ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه ‌و‌ الذين ‌هم‌ مشركون- 100 النحل» ‌و‌ عليه يكون المراد بقوله: استحوذ على ‌و‌ ‌ما‌ يشبه هذا التعبير مجرد التضرع ‌و‌ الاسترحام ‌او‌ كنايه عن الخوف ‌من‌ الله ‌و‌ الحاجه الى فضله ‌او‌ ترويض النفس ‌و‌ عدم الرضا عنها ‌او‌ كل ذلك ‌و‌ غير ذلك مما يناسب مكانه الاولياء ‌و‌ الصلحاء. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل 31.
 (و استمهلك الى يوم الدين فامهلته...) اشاه الى الايه 14 ‌من‌ الاعراف: «قال رب انظرنى الى يوم يبعثون قال انك ‌من‌ المنظرين» ‌و‌ الحكمه ‌من‌ هذا الامهال ‌ان‌ تظهر النوايا ‌و‌ الافعال التى تزين ‌او‌ تشين، فان الحلم لايعرف الا عند الغضب، ‌و‌ الشجاعه الا بممارسه الحرب  
 
(صغائر ذنوب موبقه): مهلكه (و كبائر اعمال مرديه) ايضا مهلكه، ‌و‌ لكن للهلاك منازل متفاوتات، فالعذاب الشديد على الذنب الكبير، ‌و‌ ‌ما‌ دونه على الذنب الصغير.
 (حتى اذا قارفت): فعلت (فتل عنى عذار غدره) فئتل: صرف، ‌و‌ عذار الانسان: الشعر الذى يحاذى الاذن ‌من‌ طرف اللحيه، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا الوجه، ‌و‌ المعنى صرف الشيطان وجهه عنى حين جد الجد (و تلقانى بكلمه كفره) اشاره الى ‌ما‌ جاء ‌فى‌ الايه 22 ‌من‌ ابراهيم: «و قال الشيطان لما قضى الامر... انى كفرت بما اشركتمونى ‌من‌ قبل» ‌اى‌ كفرت الان بما كنت قد دعوتكم اليه ‌من‌ معصيه الله (و تولى البراءه منى، ‌و‌ ادبر موليا عنى) ‌و‌ قال: انى اخاف الله رب العالمين!. ‌و‌ هكذا كل خائن محتال يغرى ضعاف العقول بالفساد ‌و‌ الضلال، ‌و‌ يمنيهم الامانى، فاذا وقعت الواقعه تنصل ‌و‌ تجاهل.
 (فاصحرنى بغضبك فريدا) جعلنى تائها ‌فى‌ بيداء الضلاله متصديا لحلول غضبك ‌بى‌ (و اخرجنى الى فناء نقمتك طريدا...) اخرجنى ‌من‌ طاعتك، ‌و‌ القى ‌بى‌ امام عذابك ‌و‌ سطوتك ‌لا‌ ناصر لى ‌و‌ ‌لا‌ شفيع (و خفير يومننى عليك) ‌اى‌ ‌لا‌ مجير يجعلنى ‌فى‌ امن ‌و‌ امان ‌من‌ غضبك على، ‌و‌ بكلمه اوضح لايمنعنى منك مانع، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل 31 (و ‌لا‌ حصن يحجبنى عنك...) هذه الجمله ‌و‌ ‌ما‌ بعدها عطف تكرار.
 
(فهذا مقام العائد بك) اتيتك مستجيرا بعفوك حيث ‌لا‌ فرار منك الا اليك (فلايضيقن عنى فضلك...) امرت عبادك بالاحسان، لانك المحسن، ‌و‌ بالعفو، لانك الحليم العظيم، فتصدق على ‌من‌ فضلك ‌و‌ عفوك (و ‌لا‌ اكن اخيب عبادك التائبين) لايقطع الامل ‌من‌ احسانك تائب، ‌و‌ لايياس ‌من‌ عطائك طالب (و ‌لا‌ اقنط ‌و‌ فودك الاملين) اكرمت الوافدين عليك ‌و‌ الاملين بجودك ‌و‌ انا واحد ‌من‌ هولاء، فلاتردنى بالياس ‌و‌ الخيبه.
 
(اللهم انك امرتنى فتركت...) فعلت ‌ما‌ حرمت، ‌و‌ تركت ‌ما‌ اوجبت، شانى ‌فى‌ ذلك شان المعاكس المشاكس لامرك ‌و‌ نهيك (و سول لى خاطر السوء ففرطت) كل ‌من‌ اطلق العنان لنفسه ‌و‌ تركها ‌و‌ شانها فلا تختار الا الاسواء ‌و‌ الاهواء... ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ احد يذكر فيشكر عند الله ‌و‌ الناس الا بمغالبه النفس ‌و‌ الهوى.
 
(و ‌لا‌ استشهد على صيامى نهارا، ‌و‌ ‌لا‌ استجير بتهجدى ليلا...) المراد بالتهجد هنا صلاه الليل، ‌و‌ المعنى قصرت ‌فى‌ طاعه الله ‌و‌ فرطت، ‌و‌ ‌لا‌ عمل لدى استشفع ‌به‌ ‌و‌ استشهد على انى عبد الاله حقا ‌و‌ صدقا ‌ما‌ ترك واجبا ‌و‌ ‌لا‌ فعل محرما... اجل لقد صمت، ‌و‌ لكن كنت استثقل الصيام، ‌و‌ انتظر وقت الافطار بحرقه ‌و‌ لهفه، ‌و‌ ايضا صليت اكثر ‌من‌ مره صلاه الليل، ‌و‌ لكن ‌من‌ غير اقبال ‌و‌ نشاط، ‌و‌ فوق ذلك لم احرص كما يجب- على سنه رسول الله (ص) ‌و‌ اقامتها (حاشا فروضك...) لقد اديت الواجبات، ‌و‌ لكن بحركات ساهيه فاتره.
 
(و لست اتوسل اليك بفضل نافله) كنوافل الصلاه اليوميه التى تتمم ‌ما‌ بها ‌من‌ نقص المثوبه ‌و‌ الفضيله (مع كثير ‌ما‌ اغفلت ‌من‌ وظائف فروضك) ‌و‌ قد تسال: قبل لحظه استثنى الامام (ع) الفروض ‌من‌ التقصير ‌و‌ التفريط حيث قال: «حاشا فروضك» فلماذا عدل ‌و‌ قال: اغفلت وظائف فروضك؟ اليس هذا عين التنافر ‌و‌ التناقض؟ الجواب: المراد هنا نفى كمال الفروض ‌لا‌ اصل الفروض ‌من‌ الاساس تماما كقول المعصوم: ‌لا‌ صلاه لجار المسجد الا ‌فى‌ المسجد ‌اى‌ ‌لا‌ صلاه فاضله ‌و‌ كامله الا بالمسجد، فاين التناقض؟
 (و تعديت عن مقامات حدودك...) انا عصيتك، ‌و‌ انت سترت حتى كانك قد غفرت. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل 16.
 
و بعد، فان الدرس النافع ‌فى‌ هذا الدعاء ‌هو‌ ارشاد الضال الى ‌ان‌ ‌من‌ يغتر بعبادته ‌و‌ يقول انا سعيد بطاعه الله- فما ‌هو‌ ‌من‌ اهل العلم ‌و‌ المعرفه ‌فى‌ شى ء، بل ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ اهل العباده حقا ‌و‌ صدقا. ‌و‌ نعوذ بالله ‌من‌ ‌شر‌ الجهل بالجهل.
 
(استحيا لنفسه منك) قال لها: اخجلى ‌من‌ الله ايتها النفس المتمرده (و سخط عليها) لانها جموح ‌و‌ حرون (و رضى عنك) عن فضلك ‌و‌ احسانك ‌و‌ كل ‌ما‌ جاء ‌من‌ عندك (فتلقاك بنفس خاشعه) توجه اليك، ‌و‌ اقبل عليك بنفسه الخاشعه لكمالك ‌و‌ جلالك (و رقبه خاضعه) مستسلمه لامرك ‌و‌ حكمك (و ظهر مثقل بالخطايا واقفا بين يدى الرغبه اليك ‌و‌ الرهبه منك) ‌و‌ هكذا كل مومن عالم بالله تعالى، لايقطع الرجاء ‌من‌ عفوه تعالى ‌و‌ رحمته، ‌و‌ ‌ان‌ كان عاصيا، ‌و‌ يخاف منه ‌و‌ ‌من‌ سطوته، ‌و‌ ‌ان‌ ‌يك‌ مطيعا
 
(و انت اولى...) ابدا ‌لا‌ رجاء الا لفضلك ‌و‌ رحمتك، ‌و‌ ‌لا‌ خوف الا ‌من‌ غضبك ‌و‌ نقمتك (وعد على بعائده رحمتك) تفضل على بنعمه الرحمه ‌و‌ الرضوان، انك التواب الوهاب.
 
(اللهم ‌و‌ اذ سترتنى بعفوك ‌و‌ تغمدتنى...) تتابعت نعمك على ‌و‌ عطاياك ‌فى‌ الدنيا، ‌و‌ شاهد ذلك الجيران ‌و‌ الاقران ‌و‌ غيرهم (فاجرنى ‌من‌ فضيحات دار البقاء...) تمم سبوغ نعمك بالعفو عنى يوم الحساب، ‌و‌ لاتفضحنى بين يدى اوليائك ‌من‌ الملائكه ‌و‌ الانبياء ‌و‌ الصلحاء (من جار كنت اكاتمه...) هذه صوره ‌من‌ صميم الحياه، فكل الناس ‌او‌ جلهم يعملون ‌فى‌ السر ‌ما‌ يستحون منه ‌فى‌ العلانيه، ‌و‌ الامام (ع) يتوسل بحضره القدس ‌و‌ الجلال ‌ان‌ لاينشر غدا سره هذا على اعين الملا، ‌و‌ ‌ان‌ يبقيه مطويا ‌فى‌ علمه تعالى تماما كما ستره ‌فى‌ الدنيا. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 11.
 
(و وثقت بك رب...) اعترف بانى خفت ‌و‌ استخفيت عن عيون عبادك خشيه منهم، ‌و‌ تجرات عليك ‌و‌ لم اخش باسك، ‌و‌ انت الاحق بالخشيه، ‌و‌ لكن سولت لى نفسى. ‌و‌ الان استشفع اليك برحمتك ‌و‌ عفوك، ‌و‌ كلى ثقه بانك الغفور الحليم ‌و‌ ارحم ‌من‌ كل رحيم.
 
(اللهم ‌و‌ انت حدرتنى ماء مهينا ‌من‌ صلب متضايق...) حدرتنى: انزلتنى ‌من‌ علو الى اسفل، ‌من‌ ماء: ‌من‌ منى، مهين: حقير، صلب بضم الصاد: فقرات الظهر ابتداء ‌من‌ اعلاه الى اسفله (الى رحم ضيقه سترتها بالحجب) ‌و‌ هى ظلمات ثلاث: البطن ‌و‌ الرحم ‌و‌ المشيمه. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء عرفه لسيد الشهداء (ع): «ثم اسكنتنى ‌فى‌ ظلمات ثلاث بين لحم ‌و‌ جلد ‌و‌ دم».
 (تصرفنى حالا عن حال...) اشاره الى قوله تعالى: «و لقد خلقنا الانسان ‌من‌ سلاله ‌من‌ طين ثم جعلناه نطفه ‌فى‌ قرار مكين ثم خلقنا النطفه علقه فخلقنا العلقه مضغه فجعلنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين- 14 المومنون».
 
(حتى اذا احتجت الى رزقك...) يتغذى الجنين بالدم ‌و‌ حين يخرج ‌من‌ بطن امه يتغذى بلبنها، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «ثم اخرجتنى الى الدنيا تاما سويا، ‌و‌ حفظتنى ‌فى‌ المهد طفلا صبيا، ‌و‌ رزقتنى الغذاء لبنا مريا، ‌و‌ عطفت على قلوب الحواضن، ‌و‌ كفلتنى الامهات الرحائم. فتعاليت ‌يا‌ رحيم ‌يا‌ رحمن».
 
(و لو تكلنى ‌يا‌ رب ‌فى‌ تلك الحالات) المتعدده المتباينه ايام كنت جنينا ‌و‌ رضيعا (الى حولى): الى قوتى (او تضطرنى الى قوتى) عطف تكرار.
 
 اياك نستعين
 
 (لكان الحول عنى معتزلا...) ابدا ‌لا‌ احد ‌و‌ ‌لا‌ شى ء ‌فى‌ غنى عن كل الاشياء ‌و‌ لايفتقر الى غيره الا الواحد الاحد، ‌و‌ كل شى ء سواه مفتقر الى امداده تعالى ‌و‌ عونه ‌فى‌ وجوده ‌و‌ بقائه ‌و‌ سكونه ‌و‌ حركته ‌من‌ اصغر صغير الى اكبر كبير ‌فى‌ السموات ‌و‌ الارض ‌و‌ ‌ما‌ بينهما ‌و‌ ‌ما‌ تحت الثرى، فكيف بالجنين ‌و‌ الرضيع؟ ‌و‌ ليست كلمه «اياك نستعين» التى يكررها المسلم ‌فى‌ صلاته صباح مساء الا تعبيرا عن هذا العون ‌و‌ الامداد، ‌و‌ عن العلاقه المباشره بين العبد ‌و‌ ربه.
 
(فغذوتنى بفضلك غذاء البر اللطيف) غذوتنى افضت على ‌من‌ نعمك ‌ما‌ يكفى ‌و‌ يغنى، ‌و‌ البر بفتح الباء: المحسن، ‌و‌ اللطيف: ‌من‌ اللطف بمعنى الرفق، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الميسر لكل عسير ‌و‌ الجابر لكل كسير (تفعل ذلك ‌بى‌ تطولا): تفضلا (الى غايتى هذه) انا ‌فى‌ رعايه الله ‌و‌ عنايته منذ انشانى الى الساعه التى انا فيها حتى معونه الوالدين ‌و‌ غيرهما لى هى بتيسير الله ‌و‌ دافع منه.
 (لا اعدم برك) اسال الله بخيره ‌و‌ فضله ‌ان‌ لايحرمتى ‌من‌ فضله ‌و‌ خيره (و لايبطى ء ‌بى‌ حسن صنيعك) لايتاخر عنى انعام الله ‌و‌ احسانه (و ‌لا‌ تتاكد مع ذلك ثقتى) مع ذلك اشاره الى عدم البر ‌و‌ بطء الاحسان، ‌و‌ المعنى اطلب ‌من‌ الله سبحانه دوام بره ‌و‌ سرعه احسانه كيلا يضعف الشيطان ثقتى بمن خلقنى ‌و‌ رزقنى، بل تبقى قويه راسخه، ‌و‌ عندئذ (فاتفرغ لما ‌هو‌ احظى لى عندك) متى سهلت ‌يا‌ الهى ‌و‌ يسرت لى طرق العيش اطمانت نفسى، ‌و‌ انصرفت الى سائر فروضك ‌من‌ الهدايه ‌و‌ الارشاد ‌و‌ كل ‌ما‌ اقدر عليه ‌من‌ منفعه عبادك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل 20.
 
(و قد ملك الشيطان عنانى ‌فى‌ سوء الظن ‌و‌ ضعف اليقين...) تقدم عند تفسير قول الامام (ع) ‌فى‌ هذا الدعاء بالذات: «و استحوذ على عدوك». ‌اى‌ الشيطان (و اتضرع اليك فى ‌ان‌ تسهل الى رزقى سبيلا) واضح ‌و‌ تقدم ‌فى‌ العديد ‌من‌ الادعيه، منها الدعاء 20 ‌و‌ 22 (فلك الحمد على ابتدائك بالنعم الجسام) عظيمه ‌و‌ عميمه (الهامك الشكر على الاحسان ‌و‌ الانعام) لك الحمد ‌و‌ الشكر على احسانك ‌و‌ شكرك ‌من‌ شكرك ‌و‌ ذكرك (و سهل على رزقى) تكرار لقوله قبل لحظه: «ان تسهل الى رزقى سبيلا» لان الغنى صيانه ‌و‌ عافيه، ‌و‌ الفقر ضعف ‌و‌ بلاء ‌و‌ منقصه بل موت ‌و‌ كفر كما ‌فى‌ الحديث. قال الامام الصادق (ع): ‌لا‌ خير فيمن لايجمع المال ‌من‌ حلال، يكف ‌به‌ وجهه. ‌و‌ عن ابن عقيل: ‌من‌ قال: ‌لا‌ احب المال فهو كذاب. لانه ‌دم‌ يجرى ‌فى‌ العروق.
 (و ‌ان‌ تقنعنى بتقديرك...) اجعلنى راضيا بكل ‌ما‌ يرد على ‌من‌ الرزق الحلال كيلا احسد ‌و‌ افسد (و ‌ان‌ تجعل ‌ما‌ ذهب ‌من‌ جسمى ‌و‌ عمرى...) اجعل ايامى ‌و‌ ساعاتى ‌و‌ افعالى كلها حسنات ‌و‌ خيرات لى ‌و‌ لعبادك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 11 ‌و‌ 20.
 
(اللهم انى اعوذ بك ‌من‌ نار...) تغلظت: تشددت قال سبحانه: ‌و‌ اغلظ عليهم- 73 التوبه» ‌اى‌ شدد عليهم، ‌و‌ صدف: انصرف، نورها ظلمه: لهبها اسود، بعيدها قريب: يحس بحرها ‌و‌ اثرها البعيد عنها، ياكل بعضها بعض: اشتدت حتى كان بعضها ياكل بعضا
 
(العظام رميما) باليه (حميما): شديده الحراره (الفاغره): الفاتحه (الصاقله بانيابها): لها انياب ملساء كالسيف المصقول...
 
و بعد، فان الجبار ‌و‌ خالق النار وصفها بما يغنى عن كل وصف، ‌و‌ فيما قال، تقدست كلمته: «و كفى بجهنم سعيرا... لاتبقى ‌و‌ لاتذر لواحه للبشر... ‌و‌ تقول هل مزيد... تكاد تميز ‌من‌ الغيظ»... الى ‌ما‌ يفوق التصور، ‌و‌ اجمع كلمه لوصفها قول الامام اميرالمومنين (ع)،: «ما خير بخير بعده النار، ‌و‌ كل بلاء دونها عافيه» ‌و‌ ‌لا‌ نجاه منها الا لمن ذكرها ‌و‌ خافها، ‌و‌ عمل للبعد عنها.
 ‌و‌ بالمناسبه، جاء ‌فى‌ التوراه سفر الامثال الاصحاح 16: شفتا اللئيم نار موقده. ‌و‌ ‌فى‌ سفر المزامير المزمور 120: لسان الغش جمر.
 ‌و‌ ‌فى‌ القرآن الكريم: «ان الذين يكتمون ‌ما‌ انزل الله ‌من‌ الكتاب ‌و‌ يشترون ‌به‌ ثمنا قليلا اولئك ‌ما‌ ياكلون ‌فى‌ بطونهم الا النار- 174 البقره... ‌ان‌ الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما ياكلون ‌فى‌ بطونهم نارا- 10 النساء».
 
(و اجرنى منها بفضل رحمتك) لما وصف النار ‌و‌ غرائبها ‌و‌ حياتها ‌و‌ عقاربها استغاث بالله، ‌و‌ تضرع له ‌ان‌ يكتب له الامان ‌من‌ شرها ‌و‌ عذابها (و اقلنى عثرتى...) اقاله ‌من‌ العهد ‌و‌ العقد: وافقه على فسخه ‌و‌ حرره ‌من‌ الالتزام به، ‌و‌ العثره: الزله ‌و‌ الخطيئه، ‌و‌ المعنى اغفر لى خطيئتى يوم الدين (و لاتخذلنى ‌يا‌ رب المجيرين) «ما خاب ‌من‌ تمسك بك، ‌و‌ امن ‌من‌ لجا اليك»
 
(انك تقى الكريهه، ‌و‌ تعطى الحسنه) انت المتفضل بالنعماء ‌و‌ الواقى ‌من‌ البلاء
 
(و صل على محمد ‌و‌ آله اذا ذكر الابرار) لانه سيدهم ‌و‌ رسولهم الهادى بامرك ‌و‌ لسانك (صلاه تشحن الهواء، ‌و‌ تملا الارض ‌و‌ السماء) كنايه عن الكثره الكاثره التى لايحصيها الا ‌من‌ بيده كل الخيرات ‌و‌ الكائنات.
 ‌و‌ الحمد لله وحده الذى هدانا بنبيه محمد ‌و‌ اهل بيته، عليه ‌و‌ عليهم صلوات عاليه زاكيه...
 

0
50% (نفر 2)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

بعد صلاه اللیل
فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو
خواتم الخیر
حول التوبه

بیشترین بازدید این مجموعه

بعد صلاه اللیل

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^