فى الاستخاره
«1» اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و اقْضِ لِي بِالْخِيَرَةِ «2» و أَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ الِاخْتِيَارِ ، و اجْعَلْ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الرِّضَا بِمَا قَضَيْتَ لَنَا و التَّسْلِيمِ لِمَا حَكَمْتَ فَأَزِحْ عَنَّا رَيْبَ الِارْتِيَابِ ، و أَيِّدْنَا بِيَقِينِ الُْمخْلِصِينَ . «3» و لا تَسُمْنَا عَجْزَ الْمَعْرِفَةِ عَمَّا تَخَيَّرْتَ فَنَغْمِطَ قَدْرَكَ ، و نَكْرَهَ مَوْضِعَ رِضَاكَ ، و نَجْنَحَ إِلَى الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ من حُسْنِ الْعَاقِبَةِ ، و أَقْرَبُ إِلَي ضد الْعَافِيَةِ «4» حَبِّبْ إِلَيْنَا ما نَكْرَهُ من قَضَائِكَ ، و سَهِّلْ عَلَيْنَا ما نَسْتَصْعِبُ من حُكْمِكَ «5» و أَلْهِمْنَا الِانْقِيَادَ لِمَا أَوْرَدْتَ عَلَيْنَا من مَشِيَّتِكَ حَتَّى لا نُحِبَّ تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ ، و لا تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ ، و لا نَكْرَهَ ما أَحْبَبْتَ ، و لا نَتَخَيَّرَ ما كَرِهْتَ . «6» و اخْتِمْ لَنَا بِالَّتِي هِيَ أَحْمَدُ عَاقِبَةً ، و أَكْرَمُ مَصِيراً ، إِنَّكَ تُفِيدُ الْكَرِيمَةَ ، و تُعْطِي الْجَسِيمَةَ ، و تَفْعَلُ ما تُرِيدُ ، و أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ
(اللهم انى استخيرك بعلمك...) معنى الاستخاره طلب ما يوجب العزم على ما فيه الخير و الصلاح
و هذا هو مراد الامام (ع) من قوله: (و الهمنا معرفه الاختيار) انت و نحن يا الهى كما قلت: «و الله يعلم و انتم لاتعلمون- 66 آل عمران» فاختر لنا ما يرضيك و ينفعنا (اجعل ذلك ذريعه...) انهج بنا سبيل الرضا و التسليم بحكمك، و اليقين بحكمتك من غير شك و ريب
(و لا تسمنا عجز المعرفه عما تخيرت) لا تجعلنا عاجزين عن معرفه ما يرضيك (فنغمط قدرك...) ان لم تحسن الينا و تويدنا بالتوفيق الى ما تحب قصرنا فى طاعتك و تقدير عظمتك حق قدرها، و كل ذلك شر علينا و وبال... و انت تعاليت الغنى الحميد و العزيز المجيد.
موضوع الاستخاره
لا مكان للاستخاره فيما امر به الشارع او نهى عنه، و لا مع العلم بانه منفعه او مضره، بل مكانها و موضوعها الجهل و الحيره.
غايتها
و الغايه منها ازاله الشك و التردد، و العزم على الترك او الفعل مع التوكل عليه سبحانه.
حكمها
ذهب اكثر الفقهاء الى شرعيتها، و كثير منهم قال: هى مستحبه استنادا الى روايات عن اهل البيت (ع).
اقسامها
و لها اقسام ثلاثه:
1- استخاره ذات الرقاع، و صورتها المتداوله هى ست اوراق صغار، على 3 منها افعل، و 3 لاتفعل مع البسمله و هذه الجمله: خيره من الله العزيز الحليم لفلان ابن فلان، ثم الصلاه ركعتين تقربا الى الله، و السجود بعدهما مع القول مئه مره: استخير الله برحمته خيره بعافيه، ثم الجلوس و يقول: اللهم اختر لى فى جميع امورى يسرا منك و عافيه، ثم يخرج المصلى الاوراق من تحت مصلاه واحده فواحده، فان توالت الثلاث بافعل فهى خير محض و ان توالت بلا تفعل فهى شر محض، و ان تنوعت بين افعل و لا تفعل اخرج خمس اوراق، و ترك السادسه، فان كانت 3 افعل و 2 لا تفعل فخير، و العكس بالعكس. و انكر ابن ادريس هذه الاستخاره فى سرائره.
2- الاستخاره بالقرآن، و هى ان تقرا سوره التوحيد، و تصلى على النبى و آله 3 مرات، و تفتح كيف اتفق، و تقرا السطر الاول من الصفحه اليمنى، و تاخذ بالمدلول الظاهر فى خير او شر.
3- الاستخاره بحبات المسبحه، و هى ان يصلى المستخير على النبى و آله 3 مرات، ثم يقبض مجموعه من الحبات، و يعد اثنتين اثنتين، فان بقيت واحده فافعل، و ان اثنتان فلاتفعل. و قيل: ان هذه الاستخاره مرويه عن الامام الصادق (ع). و عن العلامه المجلسى عن والده عن شيخه البهائى: انه قال: سمعنا ذلك مذاكره من مشايخنا عن القائم (ع). و مثله او قريب فى الجزء الثانى من صلاه مفتاح الكرامه ص 278. اما نحن فلم نر ما نركن اليه، و لكن وجدنا علماءنا على الاستخاره، و انا على آثارهم مقتدون. و فى شتى الحالات فان المساله عقيده و ايمان، لا مساله بينه و برهان، و مهما يكن فلا لزوم و لا التزام بالشفع و الوتر.
(حبب الينا ما نكره...) لله سبحانه حقوق و تكاليف على عباده، و الحق ثقيل، و التكليف كلفه و صعوبه بخاصه الصوم و الزكاه و الخمس و الجهاد، هذا من الواجبات، اما المحرمات فهى اشد صعوبه، لانها تستدعى قهر النفس و كبحها عن كثير من المنافع و الملذات، و المرء مشدود بميوله الشخصيه تلقائيا، و من هنا قال الرسول الاعظم (ص) و هو عائد من بعض غزواته: «رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر» و هو جهاد النفس.
و الامام (ع) يدعو الله سبحانه ان يعينه على نفسه، و على كل ما يعجز عنه من الخيرات و الصالحات، و ان تستسلم لعدله تعالى و حكمته العليا فى ما كتبه عليها تشريعا و تكوينا حتى و لو كان هلاكه و هلاك المال و العيال، و من ادعيه جده اميرالمومنين (ع): «نستعين بالله على رعايه حقوقه» و فى دعاء آخر: «نستعينه على هذه النفوس البطاء عما امرت به، السراع الى ما نهيت عنه». و تقدم فى الدعاء 15 و 21.
(حتى لانحب تاخير ما عجلت...) قد يامر سبحانه بتعجيل امر لمصلحه فى تعجيله، فيود العبد التاجيل، و من امثلته ما حكاه سبحانه عن بعض الصحابه فى الايه 77 من النساء: «و قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا اخرتنا الى اجل قريب». و ايضا قد يطلب العبد من خالقه امرا فيوخره تعالى الى امد او يدخر له فى الاخره، فيتضايق و يقول: «ربى اهاننى! و المومن المخلص يتهم نفسه، و يرى الخير فيما اختاره تعالى عاجلا كان ام جلا
(و اختم لنا بالتى هى احمد) المهم ان لاينزل علينا غضبه، و ان يميتنا على مرضاته بالنبى و آله عليهم تحياته و صلواته.