فارسی
يكشنبه 10 تير 1403 - الاحد 22 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

فى طلب العفو

فى طلب العفو


 «1» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اكْسِرْ شَهْوَتِي عَنْ كُلِّ مَحْرَمٍ ، ‌و‌ ازْوِ حِرْصِي عَنْ كُلِّ مَأْثَمٍ ، ‌و‌ امْنَعْنِي عَنْ أَذَى كُلِّ مُؤْمِنٍ ‌و‌ مُؤْمِنَةٍ ، ‌و‌ مُسْلِمٍ ‌و‌ مُسْلِمَةٍ . «2» اللَّهُمَّ ‌و‌ أَيُّمَا عَبْدٍ نَالَ مِنِّي ‌ما‌ حَظَرْتَ عَلَيْهِ ، ‌و‌ انْتَهَكَ مِنِّي ‌ما‌ حَجَزْتَ عَلَيْهِ ، فَمَضَى بِظُلَامَتِي مَيِّتاً ، أَوْ حَصَلَتْ لِي قِبَلَهُ حَيّاً فَاغْفِرْ لَهُ ‌ما‌ أَلَمَّ ‌به‌ مِنِّي ، ‌و‌ اعْفُ لَهُ عَمَّا أَدْبَرَ ‌به‌ عَنِّي ، ‌و‌ ‌لا‌ تَقِفْهُ عَلَى ‌ما‌ عَنْهُمْ فِيَّ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَكْشِفْهُ عَمَّا اكْتَسَبَ بِي ، ‌و‌ اجْعَلْ ‌ما‌ سَمَحْتُ ‌به‌ ‌من‌ الْعَفْوِ ارْتَكَبَ ، ‌و‌ تَبَرَّعْتُ ‌به‌ ‌من‌ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ أَزْکَي صَدَقَاتِ الْمُتَصَدِّقِينَ ، ‌و‌ أَعْلَي صِلَاتِ الْمُتَقَرِّبِينَ «3» ‌و‌ عَوِّضْنِي ‌من‌ عَفْوِي عَنْهُمْ عَفْوَكَ ، ‌و‌ ‌من‌ دُعَائِي لَهُمْ رَحْمَتَكَ حَتَّى يَسْعَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِفَضْلِكَ ، ‌و‌ يَنْجُوَ كُلٌّ مِنَّا بِمَنِّكَ . «4» اللَّهُمَّ ‌و‌ أَيُّمَا عَبْدٍ ‌من‌ عَبِيدِكَ أَدْرَكَهُ مِنِّي دَرَكٌ ، أَوْ مَسَّهُ ‌من‌ نَاحِيَتِي أَذًى ، أَوْ لَحِقَهُ بِي أَوْ بِسَبَبِي ظُلْمٌ فَفُتُّهُ بِحَقِّهِ ، أَوْ سَبَقْتُهُ بِمَظْلِمَتِهِ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ أَرْضِهِ عَنِّي ‌من‌ وُجْدِكَ ، ‌و‌ أَوْفِهِ حَقَّهُ ‌من‌ عِنْدِكَ «5» ثُمَّ قِنِي ‌ما‌ يُوجِبُ لَهُ حُكْمُكَ ، ‌و‌ خَلِّصْنِي مِمَّا يَحْكُمُ ‌به‌ عَدْلُكَ ، فَإِنَّ قُوَّتِي ‌لا‌ تَسْتَقِلُّ بِنَقِمَتِكَ ، ‌و‌ إِنَّ طَاقَتِي ‌لا‌ تَنْهَضُ بِسُخْطِكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ تُكَافِنِي بِالْحَقِّ تُهْلِكْنِي ، ‌و‌ إِلَّا تَغَمَّدْنِي بِرَحْمَتِكَ تُوبِقْنِي . «6» اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْهِبُكَ ‌يا‌ إِلَهِي ‌ما‌ ‌لا‌ يُنْقِصُكَ بَذْلُهُ ، ‌و‌ أَسْتَحْمِلُكَ ، ‌ما‌ ‌لا‌ يَبْهَظُکَ حَمْلُهُ . «7» أَسْتَوْهِبُكَ ‌يا‌ إِلَهِي نَفْسِيَ الَّتِي لَمْ تَخْلُقْهَا لَِتمْتَنِعَ بِهَا ‌من‌ سُوءٍ ، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إِلَى نَفْعٍ ، ‌و‌ لَكِنْ أَنْشَأْتَهَا إِثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا ، ‌و‌ احْتِجَاجاً بِهَا عَلَي شَکْلِهَا . «8» ‌و‌ أَسْتَحْمِلُكَ ‌من‌ ذُنُوبِي ‌ما‌ قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ ، ‌و‌ أَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى ‌ما‌ قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ . «9» فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ هَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِي ، ‌و‌ وَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتَِمالِ إِصْرِي ، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ ، ‌و‌ ‌كم‌ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ . «10» فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اجْعَلْنِي أُسْوَةَ ‌من‌ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ ، ‌و‌ خَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ ‌من‌ وَرَطَاتِ الُْمجْرِمِينَ ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ ‌من‌ إِسَارِ سُخْطِكَ ، ‌و‌ عَتِيقَ صُنْعِكَ ‌من‌ وَثَاقِ عَدْلِكَ . «11» إِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ ‌يا‌ إِلَهِي تَفْعَلْهُ بِمَنْ ‌لا‌ يَجْحَدُ اسْتِحْقَاقَ عُقُوبَتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُبَرِّئُ نَفْسَهُ ‌من‌ اسْتِيجَابِ نَقِمَتِكَ «12» تَفْعَلْ ذَلِكَ ‌يا‌ إِلَهِي بِمَنْ خَوْفُهُ مِنْكَ أَكْثَرُ ‌من‌ طَمَعِهِ فِيكَ ، ‌و‌ بِمَنْ يَأْسُهُ ‌من‌ النَّجَاةِ أَوْكَدُ ‌من‌ رَجَائِهِ لِلْخَلَاصِ ، ‌لا‌ أَنْ يَكُونَ يَأْسُهُ قُنُوطاً ، أَوْ أَنْ يَكُونَ طَمَعُهُ اغْتِرَاراً ، بَلْ لِقِلَّةِ حَسَنَاتِهِ بَيْنَ سَيِّئَاتِهِ ، ‌و‌ ضَعْفِ حُجَجِهِ فِي جَمِيعِ تَبِعَاتِهِ «13» فَأَمَّا أَنْتَ ‌يا‌ إِلَهِي فَأَهْلٌ أَنْ ‌لا‌ يَغْتَرَّ بِكَ الصِّدِّيقُونَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَيْأَسَ مِنْكَ الُْمجْرِمُونَ ، لِأَنَّكَ الرَّبُّ الْعَظِيمُ الَّذِي ‌لا‌ يَمْنَعُ أَحَداً فَضْلَهُ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَسْتَقْصِي ‌من‌ أَحَدٍ حَقَّهُ . «14» تَعَالَى ذِكْرُكَ عَنِ الْمَذْكُورِينَ ، ‌و‌ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ عَنِ الْمَنْسُوبِينَ ، ‌و‌ فَشَتْ نِعْمَتُكَ فِي جَمِيعِ الَْمخْلُوقِينَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ ‌يا‌ رَبَّ الْعَالَمِينَ
 
(و اكسر شهوتى عن كل محرم ‌و‌ حرصى...) اللهم اغننى بحلالك عن حرامك، ‌و‌ بطاعتك عن معصيتك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء الثامن حيث قال: «اللهم انى اعوذ بك ‌من‌ هيجان الحرص ‌و‌ الحاح الشهوه.»
 
 ‌كف‌ الاذى
 
 (و امنعنى عن الاذى...) حث الاسلام على ترك الاذى تماما كما حث على ترك الكفر، قال سبحانه: «فلعنه الله على الكافرين- 98 البقره» ‌و‌ قال: «فاذن موذن بينهم ‌ان‌ لعنه الله على الظالمين- 44 الاعراف... فابى الظالمون الا كفورا- 99 الاسراء». ‌و‌ ‌فى‌ كتاب الوسائل عن الامام الصادق (ع): «افضل الجهاد ‌من‌ لايهم بظلم احد... قال سبحانه: فلياذن بحرب منى ‌من‌ آذى عبدى» ‌و‌ ‌فى‌ سفينه البحار قال النبى: تصدق عن نفسك بكف الاذى ‌يا‌ اباذر. ‌و‌ ‌فى‌ حديث آخر: على المسلم ‌ان‌ يتصدق عن نفسه ‌فى‌ كل يوم. فقيل: ‌و‌ ‌من‌ يستطيع ذلك ‌يا‌ رسول الله؟ قال: كلكم يستطيع ‌ان‌ يكف اذاه عن الناس. الى كثير ‌من‌ الاحاديث.
 ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ دين ‌او‌ شريعه ‌او‌ مذهب يعطى ‌و‌ يثيب على مجرد السلب ‌و‌ ترك الاذى الا الاسلام، فانه الدين الوحيد الذى قرانا له العديد ‌من‌ النصوص التى تعتبر ‌كف‌ الاذى فضيله الفضائل، ذلك لانه ‌لا‌ حرب ‌و‌ دكتاتوريه ‌و‌ ‌لا‌ قوى ‌و‌ ضعيف مع ‌كف‌ الاذى ‌و‌ عدم الضغط على الحريات، بل امن ‌و‌ امان ‌و‌ حريه كامله لكل انسان ‌فى‌ ‌ان‌ يتعلم ‌و‌ يعمل ‌و‌ يعيش على جهوده و مواهبه كيف شاء ‌و‌ احب بلا حدود الا حدود الحق، ‌و‌ ‌لا‌ قيود الا قيود العدل.
 
(و ايما عبد نال منى ‌ما‌ حظرت...): ‌ما‌ منعت، ‌و‌ انتهك منى: استحل منى، ‌و‌ ظلامتى بضم الظاء: مظلمتى ‌اى‌ ‌ما‌ ‌حل‌ ‌بى‌ ‌من‌ الظلم، ‌و‌ قبله بكسر القاف: عنده، ‌و‌ الامام (ع) ‌فى‌ هذا الدعاء يعفو عمن اعتدى عليه بجهه ‌من‌ الجهات، ثم ذهب الى سبيله مع الاحياء ‌او‌ الاموات دون ‌ان‌ ينتصف منه بوفاء ‌او‌ قصاص، يعفو عنه لان العفو سنه الانبياء ‌و‌ الاولياء، ‌و‌ طلبا لعفوه تعالى حيث قال: «و ليعفوا ‌و‌ ليصفحوا الا تحبون ‌ان‌ يغفر الله لكم- 22 النور» ‌و‌ ليس معنى هذا ‌ان‌ الظالم لايعاقب اطلاقا بعد العفو ‌من‌ المظلوم بل يسقط عنه الحق الشخصى، اما الحق العام ‌او‌ ‌حق‌ الله كما نقول نحن فامره بيد الله وحده (و اجعل ‌ما‌ سمحت ‌به‌ ‌من‌ العفو...) صدقه زاكيه نافعه لى ‌و‌ له  
 
(و عوضنى عن عفوى عفوك) انا ‌ما‌ عفوت الا طاعه لامرك ‌و‌ طمعا ‌فى‌ عفوك ‌و‌ رحمتك، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 14.
 
 على ‌و‌ النص على امامته
 (حتى يسعد كل منا بمنك): بنعمتك، ‌هو‌ بعفوى، ‌و‌ انا افوز بعفوك، ‌و‌ شتان ‌ما‌ بين الصفقتين!. قال الامام اميرالمومنين (ع) حين ضربه ابن ملجم: «ان ابق فانا ولى دمى، ‌و‌ ‌ان‌ افن فالفناء ميعادى، ‌و‌ ‌ان‌ اعف فالعفو لى قربه، ‌و‌ ‌هو‌ لكم حسنه، فاعفوا الا تحبون ‌ان‌ يغفر الله لكم» ‌و‌ ايضا قال لاولاده: اطيبوا طعامه، ‌و‌ الينوا فرشه.
 ‌اى‌ شى ء هذا؟ اجود ‌و‌ حلم ‌او‌ اريحيه ‌و‌ فطريه عربيه ‌او‌ طبيعه بشريه؟ ابدا ‌لا‌ شى ء الا روح على ‌و‌ يقينه بالله ‌و‌ الرغبه ‌فى‌ مرضاته. ‌و‌ بعدها الف ضربه بسيف الجلاد على راسه ‌و‌ رووس اولاده ‌و‌ احفاده... ‌و‌ اذا لم يكن هذا الروح ‌و‌ اليقين ‌هو‌ المنبع ‌و‌ المصدر لامامه على ‌و‌ عصمته. فلا اساس ‌و‌ ‌لا‌ مدرك على الاطلاق نصا كان ‌او‌ اجماعا.
 
(و ايما عبد ‌من‌ عبيدك ادركه منى درك...) ادركه: لحقه، ‌و‌ درك بفتح الدال ‌و‌ الراء: ‌ما‌ يترتب على الشى ء ‌من‌ خير ‌و‌ شر، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا الاذى ‌و‌ الظلم حيث قال الامام بلا فاصل: (او مسه ‌من‌ ناحيتى اذى ‌او‌ لحقه ‌بى‌ ‌او‌ بسبى ظلم ففته بحقه) ‌اى‌ قصرت ‌فى‌ ارضاء ‌من‌ ظلمته، ‌و‌ المعنى غيرى ظلمنى فعفوت عنه، ‌و‌ انا ايضا ظلمت ‌من‌ ظلمت ‌و‌ لم اتسامح منه، ‌و‌ ارضه بطريق ‌او‌ باخر، ‌و‌ ‌لا‌ ‌هو‌ اقتص منى (و ارضه عنى- ‌يا‌ الهى- ‌من‌ وجدك...) بضم الواو: الوسع ‌و‌ الغنى، ‌و‌ المعنى انت ذو الجلال ‌و‌ الاكرام ‌و‌ الغنى ‌و‌ الانعام فاتمم على نعمتك، ‌و‌ اقض ‌من‌ فضلك عنى كل دين ‌و‌ ‌حق‌ على لعبد ‌من‌ عبادك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 14 ‌و‌ 31.
 
(فانك ‌ان‌ تكافنى بالحق تهلكنى) اذا استقصيت ‌فى‌ الحساب ‌و‌ دققت فلاينجو ‌من‌ عدلك ‌و‌ عذابك الا ‌من‌ مننت عليه بالعصمه (و الا تغمدنى برحمتك توبقنى): تهلكنى. ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء الاول: لم يعاجلنا بنقمته، بل تانانا برحمته. ‌و‌ ياتى ‌فى‌ الدعاء 50: «لاتستطيع هذه النفس حر شمسك فكيف تستطيع حر نارك؟ ‌و‌ ‌لا‌ صوت رعدك فكيف تستطيع صوت غضبك؟».
 ‌و‌ سال اعرابى النبى (ص) فقال: ‌من‌ يلى حساب الخلق يوم القيامه؟ فقال: الله ‌عز‌ ‌و‌ جل. قال الاعرابى: ‌هو‌ بنفسه؟ قال النبى (ص): نعم. فتبسم الاعرابى فساله النبى (ص) عن ذلك؟ فقال: ‌ان‌ الكريم اذا قدر عفا، ‌و‌ اذا حاسب سامح. فقال النبى (ص): صدق الاعرابى الا ‌و‌ ‌لا‌ كريم اكرم ‌من‌ الله ‌عز‌ ‌و‌ جل، ثم قال: فقه الاعرابى.
 
(اللهم انى استوهبك ‌يا‌ الهى ‌ما‌ لاينقصك بذله...) استوهبك: اسالك ‌ان‌ تهب لى، ‌و‌ استحملك: ارفع عنى حملى ‌و‌ ثقلى، ‌و‌ لايبهظك: لايعجزك. يدعو الله الذى لاينقص العطاء شيئا ‌من‌ ملكه ‌و‌ سلطانه- ‌ان‌ يرحمه ‌من‌ فضله بعتق رقبته ‌من‌ النار علما بان الامام (ع) ‌لا‌ ذنب له ‌و‌ خطيئه، ‌و‌ لكن يحثنا على التوبه ‌و‌ التوسل اليه بخشوع ‌كى‌ يرحم ‌و‌ يغفر. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 13 ‌و‌ غيره.
 
(استوهبك ‌يا‌ الهى نفسى التى لم تخلقها لتمتنع بها عن سوء ‌او‌ لتطرق بها الى نفع) تطرق بها بشد الراء: اتخذ منها وسيله ‌و‌ طريقا، ‌و‌ المعنى خلقت نفسى، ‌و‌ انت غنى عنها ‌و‌ عن العالمين كما قلت: «ان الله غنى عن العالمين- 6 العنكبوت... انتم الفقراء الى الله ‌و‌ الله ‌هو‌ الغنى الحميد- 15 فاطر» ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «لم تخلق الخلق لوحشه، ‌و‌ ‌لا‌ استعملتهم لمنفعه... ‌و‌ لاينقص سلطانك ‌من‌ عصاك، ‌و‌ لايزيد ملكك ‌من‌ اطاعك».
 (و لكن انشاتها اثباتا لقدرتك على مثلها ‌و‌ احتجاجا بها على شكلها) انشاها: خلقها، ‌و‌ الضمير للنفس، ‌و‌ المعنى ‌ان‌ الله سبحانه خلق النفس ليثبت ‌و‌ يثبت القلوب على الايمان باليوم الاخر، لان الذى خلقها اول مره قادر على ‌ان‌ يبعثها بعد الموت، ‌و‌ بتعبير ابلغ ‌و‌ اجمع: «او ليس الذى خلق السموات ‌و‌ الارض بقادر على ‌ان‌ يخلق مثلهم بلى ‌و‌ ‌هو‌ الخلاق العليم انما امره اذا اراد شيئا ‌ان‌ يقول له ‌كن‌ فيكون- 82 يس».
 
(و استحملك ‌من‌ ذنوبى...) اغفر لى ذنوبى، ‌و‌ ارحمنى ‌من‌ عذابها. ‌و‌ تقدم قبل لحظه (و استعين بك عل ‌ما‌ قد فدحنى:...): بهظنى ‌و‌ اتعبنى، ‌و‌ العطف للتكرار
 
(وهب لنفسى على ظلمها نفسى) قال سبحانه: «كل نفس بما كسبت رهينه- 38 المدثر» ‌و‌ المرتهن ‌هو‌ الله ‌جل‌ ‌و‌ عز، ‌و‌ الراهن الانسان، ‌و‌ عليه يكون الراهن ‌و‌ الرهينه شيئا واحدا، ‌و‌ لذا جعل الامام (ع) الهبه عين الموهوب له، ‌و‌ العطيه نفس المستعطى (و وكل رحمتك باحتمال اصرى): ثقلى ‌و‌ ذنبى، ‌و‌ المعنى لايجيرنى ‌من‌ ثقل الاوزار الا رحمتك الواسعه، فكلنى اليها، ‌و‌ لاتكلنى الى عدلك، فلا طاقه لنا به. ‌و‌ هذا سيدالشهداء الذى اعطى الله كل شى ء حتى الاهل ‌و‌ الاصحاب ‌و‌ الراس ‌و‌ القلب ‌و‌ اللحم ‌و‌ الصدر، يقول الله: «عدلك مهلكى ‌و‌ ‌من‌ كل عدلك مهربى» فيا له ‌من‌ درس لشيعتك ‌يا‌ ابا عبدالله ‌و‌ لكل ‌من‌ يرى نفسه سعيدا محبورا ‌و‌ شيئا مذكورا! (فكم قد لحقت رحمتك بالمسيئين) ‌ما‌ انا باول ‌من‌ اذنب ‌و‌ اساء فرحمته، ‌و‌ ‌لا‌ الوحيد الذى رغب اليك فاعطيته (و ‌كم‌ قد شمل عفوك الظالمين) عطف تكرار.
 
(و اجعلنى اسوه ‌من‌ قد انهضته بتجاوزك...) اسوه بضم الهمزه ‌و‌ كسرها: القدوه، ‌و‌ انهضته: اقمته، ‌و‌ المراد بمصارع الخاطئين هنا عذاب الجحيم، ‌و‌ ورطات: جمع ورطه بفتح الواو بمعنى الهلكه، ‌و‌ القصد رجوتك ‌يا‌ الهى ‌ان‌ تغفر ‌و‌ ترحم، فاستجب رجائى ‌و‌ دعائى، ‌و‌ نجنى ‌من‌ عذابك، ‌و‌ اجعلنى بذلك قدوه لكل ‌من‌ تاب ‌و‌ لاذ برحمتك (فاصبح طليق عفوك ‌من‌ اسار سخطك...) ابدا ‌لا‌ نجاه ‌من‌ اسر غضبك ‌و‌ نقمتك، ‌و‌ ‌لا‌ عتق ‌من‌ حكمك العادل الا ‌ان‌ يصدر العفو منك ‌لا‌ شريك لك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 13 ‌و‌ غيره.
 
(ان تفعل ذلك) اشاره الى العفو (تفعله بمن لايجحد استحقاق عقوبتك...) بل يقر ‌و‌ يعترف بالتقصير ‌و‌ الذنب  
 
(تفعل ذلك ‌يا‌ الهى بمن خوفه منك اكثر ‌من‌ طمعه فيك...) ذكرنا فيما سبق ‌ان‌ ‌فى‌ قلب المومن نورين: نور الخوف ‌من‌ نقمه الله ‌و‌ ‌ان‌ اطاعه، ‌و‌ نور الرجاء لرحمه الله ‌و‌ ‌ان‌ عصاه. ‌و‌ ‌من‌ يرجو ثواب الله دون ‌ان‌ يخشى منه فقد طمع ‌فى‌ غير مطمع، ‌و‌ ‌من‌ يخاف الله دون ‌ان‌ يرجوه فقد نفى عنه صفه الحلم ‌و‌ الرحمه ‌و‌ الجود ‌و‌ المغفره! ‌و‌ هذا ‌هو‌ الكفر، ‌و‌ تقدم ‌و‌ اكرر قول سيدالشهداء (ع): «لاينقطع عنك رجائى ‌و‌ ‌ان‌ عصيتك، كما ‌ان‌ خوفى لايزايلنى ‌و‌ ‌ان‌ اطعتك».
 ‌و‌ خوف العلماء ‌من‌ الله تعالى يكون على قدر علمهم به، قال سبحانه: «انما يخشى الله ‌من‌ عباده العلماء- 28 فاطر. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء عرفه لسيد الشهداء (ع): «اللهم اجعلنى اخشاك كانى اراك» ‌و‌ ‌لا‌ احد اعلم بالله سبحانه ‌من‌ النبى ‌و‌ اهل بيته (ص). ‌و‌ ‌من‌ هنا كان خوف الامام (ع) منه اكثر ‌من‌ طمعه فيه، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الخوف اذا طغى على الرجاء ضعفت الشهوه ‌و‌ العاطفه، ‌و‌ احجمت النفس ‌و‌ ارتدعت، ‌و‌ اذا طغى الرجاء على الخوف طمحت النفس الى اهوائها ‌و‌ ملذاتها، ‌و‌ تجرات ‌و‌ اقدمت.
 ‌لا‌ ‌ان‌ يكون ياسه قتوطا...) يقول الامام (ع): ‌ما‌ اردت بقولى: ‌ان‌ خوفى العذاب اقوى ‌من‌ طمعى ‌فى‌ الخلاص منه- القنوط ‌من‌ رحمه الله، كلا ‌و‌ الف كلا، كيف؟: «و ‌من‌ يقنط ‌من‌ رحمه ربه الا الضالون- 6 الحجر» ‌و‌ ايضا ‌ما‌ اردت بالطمع ‌ما‌ يغرى بمعصيه الله، ‌و‌ كل الذى قصدت ‌من‌ ذا ‌و‌ ذاك ‌ان‌ سيئاتى اكثر ‌من‌ حسناتى، ‌و‌ ‌ان‌ لله الحجه على ‌ان‌ ادب ‌و‌ عذب، ‌و‌ ‌لا‌ حجه لى على الاطلاق. ‌و‌ ‌فى‌ شتى الاحوال، فان رجائى ‌من‌ الله لاينقطع ‌و‌ ‌ان‌ عصيته، كما ‌ان‌ خوفى ‌من‌ غضبه لايزول ‌و‌ ‌ان‌ اطعته. ‌و‌ تلقى الامام (ع) هذا الدرس عن ابيه الحسين عن اخيه الحسن عن ابيه اميرالمومنين عن سيدالكونين عن الله تقدست اسماوه.
 
(فاما انت ‌يا‌ الهى فاهل ‌ان‌ لايغتر بك الصديقون): جمع صديق بتشديد الدال، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يفعل ‌ما‌ يقول، ‌و‌ لايقول ‌ما‌ لايفعل، ‌و‌ لايعرف الكذب بحال. ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «ان الرجل ليصدق فيكتب عند الله صديقا... ‌و‌ ‌من‌ صدق لسانه زكى عمله». ‌و‌ معنى عدم اغترار الصديقين بالله انهم يخافون ‌من‌ اناته ‌و‌ امهاله، ‌و‌ لايتهاونون باى ذنب قائلين ‌من‌ غير فهم: الله غفور رحيم «يوم الله يهون الله». ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: اشد الذنوب ‌ما‌ استهان بها صاحبها، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 20.
 (و لايياس منك المجرمون لانك الرب العظيم الذى لايمنع احدا فضله...) الله ‌هو‌ الكريم، ‌و‌ الكريم يقيل العثره، ‌و‌ ‌هو‌ الرحمن الرحيم، ‌و‌ الرحيم يغيث كل ملهوف، ‌و‌ ‌هو‌ القوى المتين، ‌و‌ القوى يعين الضعيف كائنا ‌من‌ كان، ‌و‌ ‌هو‌ الغنى بالذات لايغيض فضله، ‌و‌ لاتنقص خزائنه، ‌و‌ ‌من‌ كان على هذا الجلال ‌و‌ الاكرام لايستقصى ‌و‌ لايدقق. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ فقره الكريم لايدقق ‌من‌ هذا الفصل  
 
(و فشت نعمتك ‌فى‌ جميع المخلوقين) حتى الطغاه ‌و‌ العتاه، هذا ‌فى‌ الدنيا، اما ‌فى‌ الاخره فلكل نفس ‌ما‌ كسبت، ‌و‌ ‌هم‌ لايظلمون.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو
خواتم الخیر
حول التوبه
فى الشكر

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^