فارسی
يكشنبه 10 تير 1403 - الاحد 22 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

التحمید لله تعالى

التحميد لله تعالى  


 «1» الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ بِلَا أَوَّلٍ كَانَ قَبْلَهُ ، ‌و‌ الآْخِرِ بِلَا آخِرٍ يَكُونُ بَعْدَهُ «2» الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ ، ‌و‌ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوْهَامُ الْوَاصِفِينَ . «3» ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِدَاعاً ، ‌و‌ اخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخْتِرَاعاً . «4» ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إِرَادَتِهِ ، ‌و‌ بَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ ، ‌لا‌ يَمْلِكُونَ تَأْخِيراً عَمَّا قَدَّمَهُمْ إِلَيْهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إِلَى ‌ما‌ أَخَّرَهُمْ عَنْهُ . «5» ‌و‌ جَعَلَ لِكُلِّ رُوحٍ مِنْهُمْ قُوتاً مَعْلُوماً مَقْسُوماً ‌من‌ رِزْقِهِ ، ‌لا‌ يَنْقُصُ ‌من‌ زَادَهُ نَاقِصٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَزِيدُ ‌من‌ نَقَصَ مِنْهُمْ زَائِدٌ . «6» ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ أَجَلًا مَوْقُوتاً ، ‌و‌ نَصَبَ لَهُ أَمَداً مَحْدُوداً ، يَتَخَطَّأُ إِلَيْهِ بِأَيَّامِ عُمُرِهِ ، ‌و‌ يَرْهَقُهُ بِأَعْوَامِ دَهْرِهِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ ، ‌و‌ اسْتَوْعَبَ حِسَابَ عُمُرِهِ ، قَبَضَهُ إِلَى ‌ما‌ نَدَبَهُ إِلَيْهِ ‌من‌ مَوْفُورِ ثَوَابِهِ ، أَوْ مَحْذُورِ عِقَابِهِ ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاوا بِمَا عَمِلوا ‌و‌ يَجْزِيَ الَّذِين أَحسَنُوا بِالْحُسْنَي . «7» عَدْلًا مِنْهُ ، تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ ، ‌و‌ تَظاَهَرَتْ آلَاؤُهُ ، ‌لا‌ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ‌و‌ ‌هم‌ يُسْأَلُونَ . «8» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبَادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلَى ‌ما‌ أَبْلَاهُمْ ‌من‌ مِنَنِهِ الْمُتَتَابِعَةِ ، ‌و‌ أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ ‌من‌ نِعَمِهِ الْمُتَظَاهِرَةِ ، لَتَصَرَّفُوا فِي مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ ، ‌و‌ تَوَسَّعُوا فِي رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ . «9» ‌و‌ لَوْ كَانُوا كَذَلِكَ لَخَرَجُوا ‌من‌ حُدُودِ الْإِنْسَانِيَّةِ إِلَى ‌حد‌ الْبَهِيمِيَّةِ فَكَانُوا كَمَا وَصَفَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ( إِنْ ‌هم‌ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ ‌هم‌ أَضَلُّ سَبيلاً . ) «10» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ‌ما‌ عَرَّفَنَا ‌من‌ نَفْسِهِ ، ‌و‌ أَلْهَمَنَا ‌من‌ شُكْرِهِ ، ‌و‌ فَتَحَ لَنَا ‌من‌ أَبْوَابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ ، ‌و‌ دَلَّنَا عَلَيْهِ ‌من‌ الْإِخْلَاصِ لَهُ فِي تَوْحِيدِهِ ، ‌و‌ جَنَّبَنَا ‌من‌ الْإِلْحَادِ ‌و‌ الشَّكِّ فِي أَمْرِهِ . «11» حَمْداً نُعَمَّرُ ‌به‌ فِيمَنْ حَمِدَهُ ‌من‌ خَلْقِهِ ، ‌و‌ نَسْبِقُ ‌به‌ ‌من‌ سَبَقَ إِلَى رِضَاهُ ‌و‌ عَفْوِهِ . «12» حَمْداً يُضِي ءُ لَنَا ‌به‌ ظُلُمَاتِ الْبَرْزَخِ ، ‌و‌ يُسَهِّلُ عَلَيْنَا ‌به‌ سَبِيلَ الْمَبْعَثِ ، ‌و‌ يُشَرِّفُ ‌به‌ مَنَازِلَنَا عِنْدَ مَوَاقِفِ الْأَشْهَادِ ، يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يُظْلَمُونَ ، يَوْمَ ‌لا‌ يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ يُنْصَرُونَ . «13» حَمْداً يَرْتَفِعُ مِنَّا إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي كِتَابٍ مَرْقُومٍ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ . «14» حَمْداً تَقَرُّ ‌به‌ عُيُونُنَا إِذَا بَرِقَتِ الْأَبْصَارُ ، ‌و‌ تَبْيَضُّ ‌به‌ وُجُوهُنَا إِذَا اسْوَدَّتِ الْأَبْشَارُ . «15» حَمْداً نُعْتَقُ ‌به‌ ‌من‌ أَلِيمِ نَارِ اللَّهِ إِلَى كَرِيمِ جِوَارِ اللَّهِ . «16» حَمْداً نُزَاحِمُ ‌به‌ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ ، ‌و‌ نُضَامُّ ‌به‌ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ الَّتِي ‌لا‌ تَزُولُ ، ‌و‌ مَحَلِّ كَرَامَتِهِ الَّتِي ‌لا‌ تَحُولُ . «17» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اخْتَارَ لَنَا مَحَاسِنَ الْخَلْقِ ، ‌و‌ أَجْرَى عَلَيْنَا طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ . «18» ‌و‌ جَعَلَ لَنَا الْفَضِيلَةَ بِالْمَلَكَةِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ ، فَكُلُّ خَلِيقَتِهِ مُنْقَادَةٌ لَنَا بِقُدْرَتِهِ ، ‌و‌ صَائِرَةٌ إِلَى طَاعَتِنَا بِعِزَّتِهِ . «19» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْلَقَ عَنَّا بَابَ الْحَاجَةِ إِلَّا إِلَيْهِ ، فَكَيْفَ نُطِيقُ حَمْدَهُ أَمْ مَتَى نُؤَدِّي شُكْرَهُ ‌لا‌ ، مَتَى . «20» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَكَّبَ فِينَا آلَاتِ الْبَسْطِ ، ‌و‌ جَعَلَ لَنَا أَدَوَاتِ الْقَبْضِ ، ‌و‌ مَتَّعَنَا بِأَرْوَاحِ الْحَيَاةِ ، ‌و‌ أَثْبَتَ فِينَا جَوَارِحَ الْأَعْمَالِ ، ‌و‌ غَذَّانَا بِطَيِّبَاتِ الرِّزْقِ ، ‌و‌ أَغْنَانَا بِفَضْلِهِ ، ‌و‌ أَقْنَانَا بِمَنِّهِ . «21» ثُمَّ أَمَرَنَا لِيَخْتَبِرَ طَاعَتَنَا ، ‌و‌ نَهَانَا لِيَبْتَلِيَ شُكْرَنَا ، فَخَالَفْنَا عَنْ طَرِيقِ أَمْرِهِ ، ‌و‌ رَكِبْنَا مُتُونَ زَجْرِهِ ، فَلَمْ يَبْتَدِرْنَا بِعُقُوبَتِهِ ، ‌و‌ لَمْ يُعَاجِلْنَا بِنِقْمَتِهِ ، بَلْ تَأَنَّانَا بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً ، ‌و‌ انْتَظَرَ مُرَاجَعَتَنَا بِرَأْفَتِهِ حِلْماً . «22» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا إِلَّا ‌من‌ فَضْلِهِ ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ ‌من‌ فَضْلِهِ إِلَّا بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلَاؤُهُ عِنْدَنَا ، ‌و‌ ‌جل‌ إِحْسَانُهُ إِلَيْنَا ‌و‌ جَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا «23» فَمَا هَكَذَا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا ‌ما‌ ‌لا‌ طَاقَةَ لَنَا ‌به‌ ، ‌و‌ لَمْ يُكَلِّفْنَا إِلَّا وُسْعاً ، ‌و‌ لَمْ يُجَشِّمْنَا إِلَّا يُسْراً ، ‌و‌ لَمْ يَدَعْ لِأَحَدٍ مِنَّا حُجَّةً ‌و‌ ‌لا‌ عُذْراً . «24» فَالْهَالِكُ مِنَّا ‌من‌ هَلَكَ عَلَيْهِ ، ‌و‌ السَّعِيدُ مِنَّا ‌من‌ رَغِبَ إِلَيْهِ «25» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِكُلِّ ‌ما‌ حَمِدَهُ ‌به‌ أَدْنَى مَلَائِكَتِهِ إِلَيْهِ ‌و‌ أَكْرَمُ خَلِيقَتِهِ عَلَيْهِ ‌و‌ أَرْضَى حَامِدِيهِ لَدَيْهِ «26» حَمْداً يَفْضُلُ سَائِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنَا عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ . «27» ثُمَّ لَهُ الْحَمْدُ مَكَانَ كُلِّ نِعْمَةٍ لَهُ عَلَيْنَا ‌و‌ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ الْمَاضِينَ ‌و‌ الْبَاقِينَ عَدَدَ ‌ما‌ أَحَاطَ ‌به‌ عِلْمُهُ ‌من‌ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، ‌و‌ مَكَانَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَدَدُهَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً أَبَداً سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . «28» حَمْداً ‌لا‌ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ حِسَابَ لِعَدَدِهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ مَبْلَغَ لِغَايَتِهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ انْقِطَاعَ لِأَمَدِهِ «29» حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً إِلَى طَاعَتِهِ ‌و‌ عَفْوِهِ ، ‌و‌ سَبَباً إِلَى رِضْوَانِهِ ، ‌و‌ ذَرِيعَةً إِلَى مَغْفِرَتِهِ ، ‌و‌ طَرِيقاً إِلَى جَنَّتِهِ ، ‌و‌ خَفِيراً ‌من‌ نَقِمَتِهِ ، ‌و‌ أَمْناً ‌من‌ غَضَبِهِ ، ‌و‌ ظَهِيراً عَلَى طَاعَتِهِ ، ‌و‌ حَاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، ‌و‌ عَوْناً عَلَى تَأْدِيَةِ حَقِّهِ ‌و‌ وَظَائِفِهِ . «30» حَمْداً نَسْعَدُ ‌به‌ فِي السُّعَدَاءِ ‌من‌ أَوْلِيَائِهِ ، ‌و‌ نَصِيرُ ‌به‌ فِي نَظْمِ الشُّهَدَاءِ بِسُيُوفِ أَعْدَائِهِ ، إِنَّهُ وَلِيٌّ حَمِیدٌ

(الحمد لله) الحمد: الثناء بالجميل على المحمود تبجيلا له ‌و‌ تعظيما، ‌و‌ الثناء على الله بما ‌هو‌ اهله خير ‌ما‌ تفتح ‌به‌ الاقوال ‌و‌ الاعمال. ‌و‌ هنا سئوال يطرح نفسه، ‌و‌ هو: هل المراد بحمد الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ مجرد التسبيح ‌و‌ التهليل على حبات المسابح ‌او‌ مفاصل الاصابع ‌او‌ بلا عد وحد، ‌او‌ ‌ان‌ المراد ‌ما‌ ‌هو‌ اشمل ‌و‌ اعم؟
 الجواب: يكون الحمد بالقول الذى يذهب مع الريح، ‌و‌ لايترك ‌اى‌ اثر ‌فى‌ القلب ‌او‌ الارض، ‌و‌ يكون الحمد بالجهاد ‌و‌ البذل ‌و‌ اقامه الحق ‌و‌ العدل، ‌و‌ لايصدر هذا الا ‌من‌ ارباب النفوس القويه ‌و‌ القلوب التقيه، ‌و‌ هذا الحمد العملى ‌هو‌ الافضل ‌و‌ الاكمل عند الله سبحانه.
 
هو الاول ‌و‌ الاخر
 
 (الاول بلا اول كان قبله، ‌و‌ الاخر بلا آخر يكون بعده) الله سبحانه واجب الوجود لذاته، ‌و‌ معنى هذا انه تعالى لايزال موجودا بلا عله لوجوده، ‌و‌ انه الموجود الاول بلا ابتداء، ‌و‌ دائم الوجود بلا انتهاء، ‌و‌ انه المبدا الاول لكل الموجودات، ‌و‌ لو امكن عدم وجوده لحظه واحده لم يكن واجب الوجود ‌و‌ ‌هو‌ خلاف الفرض، ‌و‌ عبر الفلاسفه عن هذا المعنى بقولهم: ‌هو‌ ازلى ‌فى‌ القدم، ابدى ‌فى‌ البقاء. ‌و‌ قال الامام اميرالمومنين (ع): «هو الاول قبل كل شى ء ‌و‌ ‌لا‌ قبل له، ‌و‌ الاخر بعد كل شى ء ‌و‌ ‌لا‌ بعد له» ‌و‌ عليه يكون سبحانه الاول ‌و‌ الاخر بالنسبه الى مخلوقاته ‌لا‌ بالنسبه الى ذاته.
 
(الذى قصرت عن رويته ابصار الناظرين، ‌و‌ عجزت عن نعته اوهام الواصفين) الوهم: الخيال ‌و‌ التصور، ‌و‌ مهما سمت العقول فانها تنتهى الى جد، ‌و‌ المخلوق المحدود لايحيط بالخالق المطلق الذى لاينتهى الى جد اما العيون فلا ترى الا الماده، ‌و‌ الله منزه عنها: ‌و‌ قال السنه اتباع الاشعرى: ‌ان‌ رويه الله تعالى ممكنه، ‌و‌ استدلوا بظاهر الايه 23 ‌من‌ القيامه: «وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره» ‌و‌ لكن هذا الظاهر غير مراد بنص القرآن الكريم: «لاتدركه الابصار ‌و‌ ‌هو‌ يدرك الابصار- 103 الانعام... قال رب ارنى انظر اليك قال لن ترانى- 143 الاعراف... فقالوا ارنا الله جهره فاخذتهم الصاعقه بظلمهم- 153 النساء» ‌و‌ وجه الجمع بين الايات ‌ان‌ يكون المراد بقوله تعالى: «الى ربها ناظره» انها تنظر الى فضله ‌و‌ ثوابه ‌لا‌ الى ذاته القدسيه، ‌و‌ مصدر القرآن واحد، ‌و‌ آياته يفسر بعضها بعضا.
 
و ‌فى‌ الحديث: «تفكروا ‌فى‌ خلق الله، ‌و‌ ‌لا‌ تفكروا ‌فى‌ ذات الله» ‌و‌ اذا تاهت العقول ‌و‌ عجزت عن توهم الذات القدسيه، فكيف تراها الاعين؟
 
(ابتدع الخلق ابتداعا) ابتدع الخلق: اوجده ‌من‌ ‌لا‌ شى ء ‌و‌ بلا تقليد ‌و‌ محاكاه لخالق سابق اذ ‌لا‌ خالق سواه (و اخترعهم على مشيئته اختراعا) عطف تفسير على ابتدع الخلق  
 
(ثم سلك بهم طريق ارادته، ‌و‌ بعثهم ‌فى‌ سبيل محبته) يفترق الاسلام عن غيره ‌من‌ الاديان بانه يجرد البشريه كلها ‌من‌ ‌حق‌ التشريع ‌و‌ التحليل ‌و‌ التحريم، ‌و‌ يحصر الشريعه بخالق الطبيعه، ‌و‌ ليس للنبى منها الا التبليغ، اجل يترك الاسلام الامتثال ‌و‌ التنفيذ. لحريه الانسان بعد ‌ان‌ يامره بالخير، ‌و‌ ينهاه عن الشر، ‌و‌ يبشره بالثواب على الطاعه، ‌و‌ ينذره بالعقاب على المعصيه، ‌و‌ ‌لا‌ يلجئه قهرا على فعل واجب ‌و‌ ‌لا‌ ترك محرم حيث ‌لا‌ انسانيه بلا حريه، ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ الانسان مسير تشريعا، مخير تنفيذا، ‌و‌ مسوول عن سلوكه ‌و‌ تصرفاته، فاذا امتنع بارادته ‌و‌ اختياره عن فعل الواجب ‌و‌ ترك المحرم استحق العقاب، لان ‌من‌ امتنع عن الاختيار فقد اختار ‌ان‌ لايختار.
 ‌و‌ بهذه التفرقه بين التشريع ‌و‌ التنفيذ يتضح مراد الامام (ع) بقوله: سلك بهم طريق ارادته...
 
و انه تعالى قد بين حلاله ‌و‌ حرامه لعباده ‌فى‌ كتبه ‌و‌ على لسان رسله، ليتقوا ‌و‌ يهتدوا ‌و‌ يعملوا متعاضدين لحياه افضل ‌و‌ اكمل، ‌و‌ ‌فى‌ هذا المعنى العديد ‌من‌ الايات، منها: «كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون- 103 ‌آل‌ عمران» ‌و‌ ‌فى‌ ثانيه: لعلكم ترحمون، ‌و‌ ثالثه: لعلكم تعملون، ‌و‌ رابعه: لعلكم تسلمون، ‌و‌ خامسه: لعلكم تفلحون، ‌و‌ لامر ‌ما‌ كرر القرآن هذه الايه «تفلحون» اكثر ‌من‌ عشر مرات.
 (لايملكون تاخيرا عما قدمهم اليه، ‌و‌ لايستطيعون تقدما الى ‌ما‌ اخرهم عنه) المراد بما قدمهم اليه ‌ما‌ امرهم ‌به‌ وحثهم على فعله، ‌و‌ المراد بما اخرهم عنه ‌ما‌ نهاهم عن فعله ‌و‌ الزمهم بتركه، ‌و‌ المعنى ‌ان‌ التشريع ‌و‌ التحليل ‌و‌ التحريم لله وحده ‌و‌ ‌لا‌ شى ء منه للفرد ‌او‌ لايه فئه ‌او‌ هيئه كما اشرنا. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «و اعلموا ‌ان‌ ‌ما‌ احدث الناس لايحل لكم شيئا مما حرم عليكم، ‌و‌ لكن الحلال ‌ما‌ احل الله، ‌و‌ الحرام ‌ما‌ حرم الله» ‌اى‌ ‌ان‌ هذه التشريعات التى تصدر عن الكنائس ‌و‌ مجالس النواب ‌و‌ غيرها- ‌لا‌ تغير شيئا ‌من‌ حكم الله تعالى، ‌و‌ لاتوخر (اى تحرم ‌ما‌ احل الله) ‌و‌ ‌لا‌ تقدم (اى ‌لا‌ تحلل ‌ما‌ حرم الله).
 
(و جعل لكل روح منهم قوتا...) «و ‌ما‌ ‌من‌ دابه ‌فى‌ الارض الا على الله رزقها» بالسعى مع القدره عليه، لان لكل شى ء داعيه ‌و‌ سببا، ‌و‌ قصه مريم: «كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا» هى قضيه ‌فى‌ واقعه خاصه ‌و‌ كرامه ‌من‌ الله لمريم (ع). قال سبحانه: «هو الذى جعل لكم الارض ذلولا فامشوا ‌فى‌ مناكبها ‌و‌ كلوا ‌من‌ رزقه- 15 الملك» فالسعى طريق لابد ‌من‌ سلوكه، ‌و‌ لكن يجب ‌ان‌ لايذهل عن الله سبحانه، فكم ‌من‌ فقير استغنى ‌و‌ ‌من‌ غنى افتقر بالمخبات ‌و‌ المفاجات التى لايعلم بها الا الله. ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ التنبيه الى ‌ان‌ الحرام ‌من‌ رزق الشيطان ‌و‌ محال ‌ان‌ يكون ‌من‌ الرحمن، كيف ‌و‌ قد نهى عنه ‌و‌ قال: «اولئك لاياكلون ‌فى‌ بطونهم الا النار- 174 البقره».
 اما ‌من‌ عجز عن السعى فانه يرزق بسبب طبيعى كالجنين ‌فى‌ الرحم ‌او‌ عاطفى كرب العيال ‌و‌ الاطفال يسعى لهم ‌او‌ ‌من‌ الصدقات ‌و‌ بيت المال كالمقعدين الذين ‌لا‌ معيل لهم ‌و‌ ‌لا‌ كفيل، ‌و‌ مهما يكن فكل الاسباب ‌و‌ وسائل العيش تنتهى اليه تعالى لانه خالق كل شى ء حتى العاطفه ‌فى‌ قلب المعين ‌هو‌ باعثها. ‌و‌ قول الامام (ع) «لاينقص ‌من‌ زاده- الله- ناقص، ‌و‌ ‌لا‌ يزيد ‌من‌ نقص منهم زائد» يريد ‌به‌ ‌ان‌ كل حى يستوفى رزقه بالكامل قبل موته، فلايحرم شيئا مما ‌هو‌ له، ‌و‌ لايرزق ‌ما‌ ليس له، ‌و‌ اذن علام التحاسد ‌و‌ التباغض؟.
 
(ثم ضرب له) ‌اى‌ لكل ذى روح (فى الحياه اجلا موقوتا، ‌و‌ نصب له امدا محددا يتخطى اليه بايام عمره) شبه العمر بالمشى، ‌و‌ الايام بالخطى الى الموت، ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «من كانت مطيته الليل ‌و‌ النهار، فانه يسار به، ‌و‌ ‌ان‌ كان واقفا، ‌و‌ يقطع المسافه، ‌و‌ ‌ان‌ كان مقيما ‌و‌ ادعا» ‌اى‌ ساكنا مستريحا (و يرهقه باعوام دهره) ‌اى‌ ‌ان‌ الامد المحدد يعجل بالحى ‌و‌ يسرع ‌به‌ الى الموت بطى السنوات ‌و‌ مضى الاعوام. ‌و‌ كل ذلك بمشيئه الله تعالى، فهو الذى يحيى ‌و‌ يميت ‌فى‌ اجل مسمى، لايقدم ‌و‌ لايوخر.
 ‌و‌ قال الماديون: نشات الحياه ‌من‌ مواد كيماويه، تفاعل بعضها مع بعض ‌من‌ باب الصدفه ‌و‌ الاتفاق، اما الموت فهو عباره عن الخلل يطرا على التركيب المادى الكيماوى، فيبطل تفاعل العناصر ‌و‌ معطياتها تماما كما يحدث للساعه ‌و‌ الهاتف مثلا.
 ‌و‌ نسال الماديين: اذا كانت الحياه نتيجه لتفاعل كيماوى فلماذا لايخلق علماء الطبيعه الحياه؟ لقد حاولوا ‌و‌ جربوا مرات ‌و‌ مرات، ففشلوا فشلا ذريعا حتى اكد العديد منهم ‌ان‌ انواع الحياه الموجوده فوق الارض لايمكن تفسيرها طبقا لخواص المواد الطبيعيه. ‌و‌ ‌من‌ اراد التوسع ‌و‌ التفصيل فليقرا فصل الماده ‌و‌ الحياه ‌فى‌ كتابنا شبهات الملحدين ‌و‌ الاجابه عنها.
 ‌و‌ ايضا لو نشات الكائنات الحيه بالصدفه لتشابه الخلق بين افراد الانسان، ‌و‌ تعذر الفارق المميز بين فرد ‌و‌ آخر، ‌و‌ هل ‌من‌ عاقل على وجه الارض يصدق ‌ان‌ الصدفه ‌و‌ الطبيعه العمياء هى التى فرقت ‌و‌ ميزت بين افراد الانسان باختلاف الصور ‌و‌ الملامح ‌و‌ الاصوات ‌و‌ بصمات الاصابع ‌و‌ غيرها، علما بان مواد الجسم ‌و‌ خلاياه، ‌و‌ تفاعلها واحده ‌فى‌ كل فرد ‌من‌ افراد الانسان دون ادنى تفاوت بين عبقرى ‌و‌ غبى ‌و‌ اسود ‌و‌ ابيض، ‌و‌ هنا يكمن ‌سر‌ الاعجاز.
 اما الموت فان العلم الطبيعى يحدد عمر الماده تبعا لماهيتها ‌و‌ استعدادها لامد الاستمرار ‌و‌ البقاء، ‌و‌ هذا لايصدق على الانسان بحال حيث راينا بالحس ‌و‌ العيان «الوباء يعم ‌و‌ مع ذلك يفتك بالشاب القوى، ‌و‌ يترك الشيخ الهزيل، ‌و‌ ‌كم‌ ‌من‌ ضربه قتلت هذا دون ذاك، ‌و‌ لو كانت هذه اسبابا مطرده لظهر اثرها ‌فى‌ الجميع دون استثناء» على ‌حد‌ تعبير الشيخ محمد عبده. ‌و‌ ‌لا‌ تفسير لذلك الا الاجل المقدر بعلم الله. ‌و‌ الخلاصه ‌لا‌ تفسير اطلاقا لما ‌فى‌ باطن الانسان ‌من‌ غرائز ‌و‌ عناصر ‌و‌ ملكات ‌و‌ ‌فى‌ ظاهره ‌من‌ صفات ‌و‌ علامات الا بقوه تقول للشى ء ‌كن‌ فيكون، لان الفكره المضاده لهذه القوه جنون ‌و‌ حماقات كما قال فولتير.
 
 الحساب
 
 (و قبضه الى ‌ما‌ ندبه اليه ‌من‌ موفور ثوابه ‌او‌ محذور عقابه) ‌لا‌ مفر ‌من‌ الموت، ‌و‌ ايضا ‌لا‌ مفر ‌من‌ البعث بعد الموت ‌لا‌ لمجرد البعث بل للحساب ‌و‌ المعامله بالمثل ‌اى‌ (ليجزى الذين اساءوا بما عملوا ‌و‌ يجزى الذين احسنوا بالحسنى عدلا منه تقدست اسماوه ‌و‌ تظاهرت آلاوه) ‌اى‌ نعمه  ، ‌و‌ اشار الامام (ع) بكلمه العدل الى انه لايستقيم ‌فى‌ عدل الله ‌ان‌ يستوى مصير المومن ‌و‌ الكافر ‌و‌ البر ‌و‌ الفاجر، فيفلت المسى ء ‌من‌ العقاب، ‌و‌ يحرم المحسن ‌من‌ الثواب، ‌و‌ اذن ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ يوم تبيض فيه وجوه، ‌و‌ تسود وجوه. قال افلاطون: لو لم يكن معاد نرجو فيه الخيرات لكانت الدنيا فرصه الاشرار، ‌و‌ كان القرد افضل ‌من‌ الانسان.
 ‌و‌ قد وضعت كتابا خاصا ‌فى‌ البعث باسم «الاخره ‌و‌ العقل» طبع العديد من المرات، ثم عدت الى هذا الموضوع مرارا ‌فى‌ التفسيرين: الكاشف ‌و‌ المبين ‌و‌ ‌فى‌ ظلال نهج البلاغه ‌و‌ غير ذلك مما الفت. ‌و‌ قرات الكثير ‌من‌ اقوال المنكرين ‌و‌ ادلتهم، فوجدتها ترتكز على امرين:
 الاول: ‌ما‌ ذكر ذاكر انه شاهد ميتا خرج ‌من‌ قبره، ‌و‌ عاد الى النشاه الاولى. الجواب: ‌لا‌ احد يدعى عوده الميت الى النشاه الاولى (اى الحياه الدنيا) ‌كى‌ يقال له: ‌ما‌ راينا ميتا عادت اليه الحياه، ‌و‌ انما العوده الى النشا الاخرى، ‌و‌ هى الان ‌فى‌ عالم الغيب، ‌و‌ لايجليها سبحانه الا لوقتها.
 الامر الثانى: مجرد الاستبعاد ‌ان‌ يعود الميت الى الحياه. الجواب: لقد وجد الانسان ‌و‌ لم ‌يك‌ شيئا، فالذى اوجده ‌من‌ ‌لا‌ شى ء يعيده ثانيه، ‌و‌ بكلام آخر كل ‌من‌ يعترف بان الانسان وجد بسبب ‌او‌ بالصدفه، فعليه ‌ان‌ يعترف حتما بامكان وجوده حيا بعد الموت بالصدفه ‌او‌ بسبب تماما كما وجد ‌فى‌ البدايه... ابدا ‌لا‌ مفر ‌من‌ الاعتراف بامكان الوجودين معا ‌او‌ بانكار هما معا، علما بان انكار الاول مخالف للحس ‌و‌ العيان، ‌و‌ ‌من‌ اعترف بالوجود الاول ‌و‌ انكر امكان الوجود الثانى فقد فصل الشى ء عن ذاته، ‌و‌ ناقض نفسه بنفسه، ‌و‌ لذا قال الامام اميرالمومنين (ع): «عجبت لمن انكر النشاه الاخرى ‌و‌ ‌هو‌ يرى النشاه الاولى».
 (لايسال عما يفعل ‌و‌ ‌هم‌ يسالون) كل عاقل ياخذ بشهاده الصادق الامين، ‌و‌ يعمل بنصيحه الطبيب الخبير المخلص ‌و‌ العالم المتخصص- بلا سئوال ‌و‌ تردد، ‌و‌ لايخرج عن هذه القاعده الا شاذ «و الشاذ ‌من‌ الناس للشيطان، كما ‌ان‌ الشاذ ‌من‌ الغنم للذئب» كما قال الامام (ع). ‌و‌ الله سبحانه ‌هو‌ العلم ‌و‌ الصدق ‌و‌ العدل ‌و‌ الحق، ‌و‌ العلم دليل ‌لا‌ مدلول، ‌و‌ الحق سائل ‌لا‌ مسوول.
 
(الحمد لله الذى لو حبس عن عباده معرفه حمده...) ‌من‌ اهم الفوارق بين الانسان ‌و‌ الحيوان ‌ان‌ الانسان يشعر بالواجب نحو خالقه ‌و‌ نفسه ‌و‌ اسرته ‌و‌ مجتمعه، ‌و‌ انه محاسب عليه ‌و‌ معاقب لو فرط بشى ء منه، ‌و‌ ‌ان‌ نهض ‌به‌ ‌و‌ اداه على وجهه عاد عليه بالخير دنيا ‌و‌ آخره، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث القدسى: «ما تقرب الى عبدى بمثل اداء ‌ما‌ افترضت عليه» ‌و‌ ‌من‌ جمله ‌ما‌ افترضه سبحانه على عباده الشكر له، ‌و‌ ‌من‌ آياته: «فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ‌و‌ اشكروا نعمه الله ‌ان‌ كنتم اياه تعبدون- 114 النحل... لئن شكرتم لازيدنكم ‌و‌ لئن كفرتم ‌ان‌ عذابى لشديد-، ابراهيم» ‌و‌ افضل انواع الشكر ترك المحرمات، ‌و‌ ‌فى‌ طليعتها ‌كف‌ الاذى عن الناس، ‌و‌ ادناها ‌ان‌ يعرف الانسان ‌ان‌ ‌ما‌ ‌به‌ ‌من‌ نعمه فمن فضل الله ‌و‌ طوله، ‌لا‌ ‌من‌ حول المنعم عليه ‌و‌ قوته، قال الامام الصادق (ع): «شكر النعمه اجتناب المحارم... ‌من‌ انعم الله عليه بنعمه فعرفها بقلبه، فقد ادى شكرها».
 
و لايستخف بشكر النعمه ‌و‌ المنعم الا الذين يتصرفون تصرف البهائم، ‌و‌ الى هولاء اشار الامام (ع) بقوله: (و لو كانوا كذلك) ‌اى‌ لم يشكروا الله ‌و‌ يحمدوه على رزقه ‌و‌ فضله (لخرجوا ‌من‌ حدود الانسانيه الى ‌حد‌ البهيميه) يتصرف الانسان عن عقل ‌و‌ علم ‌و‌ تجربه ‌و‌ تفكير ‌و‌ تصميم، ‌و‌ الحيوان يتصرف بغريزه تقوده آليا ‌و‌ تلقائيا الى ‌ما‌ يضطر اليه ‌فى‌ حياته ‌و‌ بقائه، ‌و‌ لايعرف بالتحديد اين يذهب؟ ‌و‌ ‌لا‌ ماذا يفعل، ‌او‌ متى يعود الى حظيرته؟ تماما كالسياره يقودها السائق مع الفرق ‌ان‌ سائق الحيوان ‌من‌ داخله، ‌و‌ سائق السياره ‌من‌ خارجها، ‌و‌ الدليل القاطع على ذلك ‌ان‌ الحيوان لم يتطور ‌و‌ يتغير ‌فى‌ حياته مدى آلاف القرون.
 قال الامام اميرالمومنين (ع): العاقل يتعظ بالاداب، ‌و‌ البهائم لاتتعظ الا بالضرب.
 ‌و‌ ‌فى‌ كتاب الطب الروحانى لابى بكر الرازى: الحيوان يروث عند الحاجه ‌فى‌ ‌اى‌ مكان ‌و‌ زمان، اما الانسان فيقهر طبعه لمعان عقليه.
 (ان ‌هم‌ الا كالانعام بل ‌هم‌ اضل سبيلا) لان الانعام تودى ‌ما‌ عليها، ‌و‌ تنقاد لصاحبها امرا ‌و‌ زجرا، اما اهل الجهاله ‌و‌ الضلاله فلا يودون ‌ما‌ عليهم، ‌و‌ لاينقادون لخالقهم، ‌و‌ فوق ذلك فان الانعام تنفع ‌و‌ ‌لا‌ تضر، ‌و‌ ‌هم‌ وباء ‌و‌ ادواء على المجتمع ‌و‌ الانسانيه.
 
(الحمد لله على ‌ما‌ عرفنا ‌من‌ نفسه) ‌من‌ هنا بمعنى الباء كما هى ‌فى‌ الايه 45 ‌من‌ الشورى: «ينظرون ‌من‌ طرف خفى» ‌و‌ المراد بنفسه تعالى وجوده ‌و‌ عظمته ‌فى‌ ذاته ‌و‌ صفاته (و الهمنا ‌من‌ شكره) اشاره الى حكم العقل بوجوب شكر المنعم، لان البذل ‌و‌ العطاء معناه العنايه بمن تعطيه، ‌و‌ هذه العنايه تستوجب الشكر سواء اكانت ‌من‌ الخالق ‌ام‌ المخلوق، قال سبحانه: «ان هذا كان لكم جزاءا ‌و‌ كان سعيكم مشكورا- 22 الانسان» ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: اشكركم لله اشكركم للناس.
 
(و فتح لنا ‌من‌ ابواب العلم بربوبيته، ‌و‌ دلنا عليه ‌من‌ الاخلاص ‌فى‌ توحيده...) دعا سبحانه العباد الى الايمان ‌به‌ ‌و‌ الاخلاص له ‌فى‌ العباده وحده بلا ند ‌و‌ شريك، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الايمان ثمره العلم ‌و‌ فرع عنه، لذا ارشدنا سبحانه الى الطريق الموصل الى هذا العلم، ‌و‌ ‌هو‌ امعان النظر ‌فى‌ الموجودات الكونيه ‌و‌ طبائعها ‌و‌ ترتيبها ‌و‌ تماسكها ‌و‌ وحده نظامها حيث ‌لا‌ تفسير معقول لذلك الا بقوه عليمه ‌و‌ حكيمه، اما تفرد هذه القوه فتدل عليه وحده الكون ‌فى‌ اوضاعه ‌و‌ حركاته ‌و‌ قوانينه، اذ ‌لا‌ اثر فيه للتعدد ‌و‌ الانقسام: «ما ترى ‌فى‌ خلق الرحمن ‌من‌ تفاوت فارجع البصر هل ترى ‌من‌ فطور- 3 الملك».
 ‌و‌ قال عالم ربانى: هل يسوغ بمنطق العقل ‌و‌ البديهه ‌ان‌ نفسر ذلك بالصدفه ‌و‌ الاتفاق، ‌او‌ بقوه عمياء صماء طائشه ‌لا‌ عقل لها، ‌او‌ بقوه مخربه مدمره باطشه ‌لا‌ رحمه لها، ‌او‌ بقوه عابثه لاهيه لاعبه ‌لا‌ هدف لها. ‌و‌ قال آخر: الوجود كتاب الفه الله فاحكم تاليفه، فجعل كل عنصر ‌من‌ عناصره حرفا ‌من‌ حروفه، ‌و‌ كل ذره ‌من‌ ذرات الكائنات كلمه مقروءه ‌من‌ كلماته وراءها حقيقه خفيه، تبعث على التفكير، يفهمها العاقل ‌و‌ الذكى. ‌و‌ هذه العبارات ‌و‌ امثالها شرح ‌و‌ تفسير لقول الشاعر:
 «و ‌فى‌ كل شى ء له آيه  تدل على انه واحد»
 
(حمدا نعمر ‌به‌ فيمن حمده ‌من‌ خلقه) نعمر بتشديد الميم بمعنى نزيد بحمده تعالى ‌فى‌ عدد الذين يحمدون الله ‌و‌ يشكرونه لان الزياده ‌فى‌ العدد قوه ‌و‌ عمران (و نسبق ‌من‌ سبق الى رضاه ‌و‌ عفوه) التسابق الى الخيرات ‌و‌ التنافس ‌فى‌ الحسنات ‌من‌ داب المتقين الابرار
 
(حمدا يضى ء لنا ظلمات البرزخ)
 
لحياه الانسان ثلاث مراحل: تبتدى ء الاولى بالولاده ‌و‌ تنتهى بالموت، ‌و‌ تبتدى ء الثانيه بالموت، ‌و‌ تنتهى بالبعث، قال سبحانه: «و ‌من‌ ورائهم برزخ الى يوم يبعثون- 100 المومنون» ‌و‌ تبتدى ء الثالثه بالبعث، ‌و‌ لاتنتهى الى حد، ‌و‌ سئل الامام الصادق (ع) عن البرزخ فقال: ‌هو‌ القبر ‌من‌ حين الموت الى يوم القيامه، ‌و‌ عليه يكون المراد بظلمات البرزخ ظلمات القبر (و يسهل علينا سبل البعث...) ‌من‌ ظلمه القبر ‌و‌ غربته ‌و‌ ضيقه ‌و‌ وحشته الى ‌ما‌ ‌هو‌ اشد ‌و‌ اعظم، الى الوقوف بين يدى جبار قهار لنقاش الحساب على ‌ما‌ فعلنا ‌و‌ تركنا ‌و‌ اسررنا ‌و‌ اعلنا.
 ‌و‌ بعد التنقيب ‌و‌ البحث الطويل ‌فى‌ كتاب الله ‌و‌ السنه النبويه ‌و‌ آثار الال الاطهار- آمنت ‌و‌ ايقنت ‌ان‌ كل مذنب يمكن ‌ان‌ تناله ‌من‌ الله مغفره ‌و‌ رحمه الا ‌من‌ اشرك ‌و‌ ‌من‌ اعتدى على الناس. قال الرسول الاعظم (ص): على المسلم ‌فى‌ كل يوم صدقه. فقيل له: ‌و‌ ‌من‌ يطيق ذلك ‌يا‌ رسول الله! قال: ‌كف‌ الاذى صدقه... تصدق على نفسك بكف الاذى عن الناس. ‌و‌ قال الامام اميرالمومنين (ع): بئس الزاد الى المعاد العدوان على العباد. ‌و‌ قال الامام الصادق: افضل الجهاد ‌من‌ اصبح لايهم بظلم احد... البهتان على الابرياء اثقل ‌من‌ الجبال الراسيات... ‌من‌ اذنب- بغير الاعتداء على الناس- كان للعفو اهلا. ‌و‌ ‌فى‌ سفينه البحار للشيخ القمى ج 1 ص 184: حبس شهيد على باب الجنه بثلاثه دراهم ليهودى.
 ‌و‌ ‌لا‌ دين ‌و‌ شريعه تثيب على النفى ‌و‌ العدم الا الاسلام، فالصمت عن البرى ء خير ‌و‌ حسنه، ‌و‌ امساك الشر ‌و‌ الاذى عن الناس فضيله ‌و‌ كرامه تشكر ‌و‌ توجر ‌و‌ لهذا ‌و‌ امثاله سطع نور الاسلام ‌فى‌ شرق الارض ‌و‌ غربها ‌فى‌ سنين معدودات ‌و‌ كتبت ‌فى‌ فلسفه ‌كف‌ الاذى العديد ‌من‌ الصفحات ‌فى‌ كتاب فلسفه الاخلاق انظر ص 139 ‌و‌ ‌ما‌ بعدها...
 
(حمدا يرتفع منا الى اعلى عليين) جمع على بكسر العين ‌و‌ تشديد اللام، ‌و‌ ‌هو‌ اعلى المراتب، ‌و‌ يقابله اسفل سافلين (فى كتاب) الاعمال (مرقوم) مكتوب (يشهده المقربون) ‌اى‌ الملائكه المقربون، ‌او‌ كل ‌من‌ يقترب منه. ‌و‌ هذا اقتباس ‌من‌ سوره المطففين الايه 21 -20 (حمدا تقربه) ‌اى‌ بجزائه ‌و‌ ثوابه  
 
(عيوننا اذا برقت الابصار) اذا تحيرت ‌و‌ دهشت فزعا ‌فى‌ يوم القيامه، ‌و‌ ‌هو‌ اقتباس ‌من‌ سوره القيامه الايه، (و تبيض وجوهنا اذا اسودت الابشار) جمع بشره: سطح الجلد، ايضا اقتباس ‌من‌ سوره ‌آل‌ عمران الايه 106
 
(نعتق به) نتحرر ‌به‌ ‌من‌ النار
 
(نزاحم به) نشارك ‌به‌ الملائكه (نضام به) ‌من‌ الضم بمعنى الجمع مع الانبياء، ايضا اقتباس ‌من‌ سوره النساء الايه 69.
 
(و الحمد لله الذى اختار لنا محاسن الخلق) ‌اى‌ الشكل ‌و‌ الصوره، قال سبحانه: «لقد خلقنا الانسان ‌فى‌ احسن تقويم- 4 التين... ‌و‌ صوركم فاحسن صوركم- 64 غافر» خلق سبحانه الانسان ‌فى‌ احسن خلقه ‌و‌ احكمها ‌و‌ ادقها، فهو ‌من‌ حيث الحجم وسط بين الفيل ‌و‌ القرد، ‌و‌ ‌من‌ حيث الطول ‌و‌ القصر ‌لا‌ افراط ‌و‌ ‌لا‌ تفريط، اما الجمال فيتجلى ‌فى‌ القوام، ‌و‌ تنسيق الاعضاء ‌و‌ انسجام بعضها مع بعض، ‌و‌ كثير ‌من‌ الفلاسفه يسمون الانسان بالكون الصغير، قال الملا صدرا ‌فى‌ شرح اصول الكافى: ‌ان‌ الله اختصر ‌من‌ هذا العالم مخلوقا يحوى معانيه كلها على اكمل الوجوه، ‌و‌ سماه آدم، ‌و‌ ‌فى‌ كتاب «الانسان ذلك المجهول» تاليف الكسيس كاريل: ‌ان‌ جسم الانسان ‌فى‌ شكله يعبر عن شهواته ‌و‌ مشاعره بخاصه قسمات وجهه.
 (و اجرى علينا طيبات الرزق) سخر سبحانه الطبيعه بموادها ‌و‌ خيراتها لكل الناس على ‌ان‌ يستثمروها ‌فى‌ متطلبات الحياه، ‌و‌ جعلها للجميع دون استثناء لانه تعالى ‌هو‌ الخالق ‌و‌ المالك ‌و‌ الرازق، ‌و‌ كل الخلائق عباده ‌و‌ عياله حتى الجاحد ‌و‌ المعاند
 
(و جعل لنا الفضيله بالملكه على جميع خلقه) الملكه: صفه راسخه ‌فى‌ النفس، ‌و‌ المراد هنا- بقرينه السياق- ‌ان‌ ‌فى‌ الانسان دون سواه استعدادا عقليا يوهله لان يسخر الطبيعه ‌فى‌ مقاصده ‌و‌ فوائده (فكل خليقته منقاده لنا بقدرته، ‌و‌ صائره الى طاعتنا بعزته) قال الامام (ع) هذا منذ 13 قرنا حيث كان العلم كلاما ‌و‌ تعبيرا ‌و‌ حديثا ‌و‌ تفسيرا، ‌و‌ كان الحديث ‌او‌ التنبو عن تطور العقل ‌و‌ العلم الى ‌ما‌ انتهى اليه ‌فى‌ عهدنا الراهن- ضربا ‌من‌ الجنون ‌فى‌ مفهوم الناس، فكيف تنبا الامام بذلك؟ ‌و‌ ‌من‌ اين جاءه هذا العلم؟ ابدا ‌لا‌ وسيله آنذاك الا الروايه عن ابيه عن جده عن جبريل عن البارى.
 
و تنبا جده الامام على (ع) باشياء كثيره حدثت ‌من‌ بعده تماما كما اخبر، فقال له احد اصحابه: لقد اعطيت علم الغيب ‌يا‌ اميرالمومنين. قال له: ليس ‌هو‌ بعلم غيب، انما ‌هو‌ تعلم ‌من‌ ذى علم.
 ‌و‌ بعد، فان الله سبحانه خلق الكون بما فيه ‌من‌ خصائص ‌و‌ مواد اوليه ‌و‌ خلق الانسان، وزوده بكل قوه ‌و‌ طاقه تجعل اشياء هذا الكون طوع انامله، ليستعملها ‌فى‌ الخير ‌لا‌ ‌فى‌ الشر، ‌و‌ للبناء ‌لا‌ للهدم، ‌و‌ للتعاون ‌من‌ اجل حياه افضل ‌لا‌ للاحتكار ‌و‌ الاستغلال ‌و‌ الاستعمار. ‌و‌ الى هذا اشار الامام بقوله: «منقاده لنا بقدره الله ‌و‌ صائره الينا بعزته».
 
(و الحمد لله الذى اغلق عنا باب الحاجه الا اليه) قد يقول قائل: كل واحد ‌من‌ الناس يحتاج الى الناس الا ‌ان‌ يعيش ‌فى‌ السماء مع الملائكه بلا غذاء ‌و‌ كساء ‌او‌ ‌فى‌ الغاب مع الوحوش، ‌ان‌ العلاقات المتبادله بين افراد الجماعه تفرضها طبيعه الحياه الاجتماعيه، ‌و‌ عليه يكون الحمد على الغنى عن الناس حمدا على ‌لا‌ شى ء بل يستحيل ‌ان‌ يقع.
 الجواب: اجل، كل ‌من‌ يخوض غمار الحياه يحتاج الى غيره، ‌و‌ غيره يحتاج اليه تماما كحاجه كل ‌من‌ البائع ‌و‌ المشترى الى الاخر، ‌و‌ هذا اللون ‌من‌ التبادل يسمى تعاونا ‌و‌ تكاملا، ‌و‌ الذى ياكل ‌و‌ ‌لا‌ يعمل، بل يعيش كلا ‌و‌ عاله على الاخرين- فموته خير ‌من‌ حياته ‌و‌ عدمه خير ‌من‌ وجوده، قال ‌عز‌ ‌من‌ قائل: «و ضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لايقدر على شى ء ‌و‌ ‌هو‌ كل على مولاه اينما يوجهه ‌لا‌ يات بخير هل يستوى ‌هو‌ ‌و‌ ‌من‌ يامر بالعدل- 76 النحل» ‌و‌ ‌من‌ معانى العدل التسويه بين رجلين ‌فى‌ الاخذ ‌و‌ العطاء. ‌و‌ كلام الامام (ع) بعيد عن العامل ‌و‌ البطال، ‌و‌ مراده مجرد البيان بان الله سبحانه ارشدنا بنور الوحى ‌و‌ العقل الى ‌ما‌ نحتاج اليه ‌من‌ امور الدين ‌و‌ الدنيا. قال الامام جعفر الصادق (ع): ‌ان‌ الله تعالى اكمل للناس الحجج بالعقول ‌و‌ بيان النبيين، ‌ان‌ العقل مع العلم، ‌و‌ ‌ما‌ عبد الله بشى ء افضل ‌من‌ العقل. يريد ‌ان‌ الدين مع العقل ‌و‌ العقل مع الدين.
 (فكيف نطيق حمده ‌ام‌ متى نودى شكره) لن يكون الشكر الا على معروف يسديه المشكور للشاكر، ‌و‌ الحمد اعم لانك تحمد العالم لعلمه ‌و‌ الصادق لصدقه، ‌و‌ ‌ان‌ اساء اليك (لا متى) ‌لا‌ مبرر للتساول: «متى نودى شكره» لانه اشبه بالتساول: متى يلج الجمل ‌فى‌ سم الخياط
 
(و الحمد لله الذى ركب فينا آلات البسط، ‌و‌ جعل لنا ادوات القبض) كنايه عن الحريه ‌و‌ القدره على التصرف
 
فعلا ‌و‌ تركا (و متعنا بارواح الحياه) ‌اى‌ بطيب العيش، لان ارواح هنا جمع روح بفتح الراء ‌من‌ الراحه، قال سبحانه: «فاما ‌ان‌ كان ‌من‌ المقربين فروح ‌و‌ ريحان ‌و‌ جنه نعيم- 89 الواقعه» (و اثبت فينا جوارح الاعمال) جمع جارحه ‌و‌ هى العضو العامل كاليد، ‌و‌ احب الايدى الى الله ‌و‌ رسوله يد تعمل ‌فى‌ سبيل العيال ‌و‌ الرزق الحلال، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «ان ‌من‌ الذنوب ذنوبا ‌لا‌ يكفرها صوم ‌و‌ ‌لا‌ صلاه ‌و‌ ‌لا‌ حج، ‌و‌ انما يكفرها سعى الرجل على عياله».
 (و اغنانا بفضله، ‌و‌ اقنانا بمنه) الاقناء: ‌ما‌ يقنى ‌و‌ يدخر ‌من‌ المال لوقت الحاجه، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ شى ء على الاطلاق الا ‌و‌ لله فيه تقدير ‌و‌ تدبير
 
(ثم امرنا ليختبر طاعتنا، ‌و‌ نهانا ليبتلى شكرنا) امرنا سبحانه بما يعود علينا بالخير ‌و‌ الصلاح، ‌و‌ نهانا عن كل ‌شر‌ ‌و‌ فساد، ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ التكليف امرا ‌و‌ نهيا ‌هو‌ المحك الذى يميز ‌و‌ يفرق بين الحبيث ‌و‌ الطيب ‌و‌ العاصى ‌و‌ المطيع «ما كان الله ليذر المومنين على ‌ما‌ انتم عليه حتى يميز الخبيث ‌من‌ الطيب- 179 ‌آل‌ عمران» (فخالفنا عن طريق امره، ‌و‌ ركبنا متون زجره) تركنا ‌ما‌ امر به، ‌و‌ فعلنا ‌ما‌ نهى عنه! ‌و‌ لماذا؟ ابدا ‌لا‌ لشى ء الا لسلطان الهوى ‌و‌ حلاوه الدنيا (فلم يبتد�%

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو
خواتم الخیر
حول التوبه
فى الشكر

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^