لولده
«1» اللَّهُمَّ و من عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي و بِإِصْلَاحِهِمْ لِي و بِإِمْتَاعِي بِهِم . «2» إِلَهِي امْدُدْ لِي فِي أَعْمَارِهِمْ ، و زد لِي فِي آجَالِهِمْ ، و رَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ ، و قَوِّ لِي ضَعِيفَهُمْ ، و أَصِحَّ لِي أَبْدَانَهُمْ و أَدْيَانَهُمْ و أَخْلَاقَهُمْ ، و عَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ و فِي جَوَارِحِهِمْ و فِي كُلِّ ما عُنِيتُ به من أَمْرِهِمْ ، و أَدْرِرْ لِي و عَلَى يَدِي أَرْزَاقَهُمْ . «3» و اجْعَلْهُمْ أَبْرَاراً أَتْقِيَاءَ بُصَرَاءَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ لَكَ ، و لِأَوْلِيَائِكَ مُحِبِّينَ مُنَاصِحِينَ ، و لِجَمِيعِ أَعْدَائِكَ مُعَانِدِينَ و مُبْغِضِينَ ، آمِينَ . «4» اللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي ، و أَقِمْ بِهِمْ أَوَدِي ، و كَثِّرْ بِهِمْ عَدَدِي ، و زَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَرِي ، و أَحْيِ بِهِمْ ذِكْرِي ، و اكْفِنِي بِهِمْ فِي غَيْبَتِي ، و أَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَاجَتِي ، و اجْعَلْهُمْ لِي مُحِبِّينَ ، و عَلَيَّ حَدِبِينَ مُقْبِلِينَ مُسْتَقِيمِينَ لِي ، مُطِيعِينَ ، غَيْرَ عَاصِينَ و لا عَاقِّينَ و لا مُخَالِفِينَ و لا خَاطِئِينَ . «5» و أَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِمْ و تَأْدِيبِهِمْ ، و بِرِّهِمْ ، و هَبْ لِي من لَدُنْكَ مَعَهُمْ أَوْلَاداً ذُكُوراً ، و اجْعَلْ ذَلِكَ خَيْراً لِي ، و اجْعَلْهُمْ لِي عَوْناً عَلَى ما سَأَلْتُكَ . «6» و أَعِذْنِي و ذُرِّيَّتِي ما الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَإِنَّكَ خَلَقْتَنَا و أَمَرْتَنَا و نَهَيْتَنَا و رَغَّبْتَنَا فِي ثَوَابِ ما أَمَرْتَنَا و رَهَّبْتَنَا عِقَابَهُ ، و جَعَلْتَ لَنَا عَدُوّاً يَكِيدُنَا ، سَلَّطْتَهُ مِنَّا عَلَى ما لَمْ تُسَلِّطْنَا عَلَيْهِ مِنْهُ ، أَسْكَنْتَهُ صُدُورَنَا ، و أَجْرَيْتَهُ مَجَارِيَ دِمَائِنَا ، لا يَغْفُلُ إِنْ غَفَلْنَا ، و لا يَنْسَى إِنْ نَسيِنَا ، يُوْمِنُنَا عِقَابَکَ ، و يُِخَوِّفُنَا بِغَيْرِکَ . «7» إِنْ هَمَمْنَا بِفَاحِشَةٍ شَجَّعَنَا عَلَيْهَا ، و إِنْ هَمَمْنَا بِعَمَلٍ صَالِحٍ ثَبَّطَنَا عَنْهُ ، يَتَعَرَّضُ لَنَا بِالشَّهَوَاتِ ، و يَنْصِبُ لَنَا بِالشُّبُهَاتِ ، إِنْ وَعَدَنَا كَذَبَنَا ، و إِنْ مَنَّانَا أَخْلَفَنَا ، و إِلَّا تَصْرِفْ عَنَّا كَيْدَهُ يُضِلَّنَا ، و إِلَّا تَقِنَا خَبَالَهُ يَسْتَزِلَّنَا . «8» اللَّهُمَّ فَاقْهَرْ سُلْطَانَهُ عَنَّا بِسُلْطَانِكَ حَتَّى تَحْبِسَهُ عَنَّا بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَكَ فَنُصْبِحَ من كَيْدِهِ فِي الْمَعْصُومِينَ بِكَ . «9» اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كُلَّ سُؤْلِي ، و اقْضِ لِي حَوَائِجِي ، و لا تَمْنَعْنِي الْإِجَابَةَ و قَدْ ضَمِنْتَهَا لِي ، و لا تَحْجُبْ دُعَائِي عَنْكَ و قَدْ أَمَرْتَنِي به ، و امْنُنْ عَلَيَّ بِكُلِّ ما يُصْلِحُنِي فِي دُنْيَايَ و آخِرَتِي ما ذَكَرْتُ مِنْهُ و ما نَسِيتُ ، أَوْ أَظْهَرْتُ أَوْ أَخْفَيْتُ أَوْ أَعْلَنْتُ أَوْ أَسْرَرْتُ . «10» و اجْعَلْنِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ من الْمُصْلِحِينَ بِسُؤَالِي إِيَّاكَ ، الْمُنْجِحِينَ بِالطَّلَبِ إِلَيْكَ غَيْرِ الْمَمْنُوعِينَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ . «11» الْمُعَوَّدِينَ بِالتَّعَوُّذِ بِكَ ، الرَّابِحِينَ فِي التِّجَارَةِ عَلَيْكَ ، الُْمجَارِينَ بِعِزِّكَ ، الْمُوسَعِ عَلَيْهِمُ الرِّزْقُ الْحَلَالُ من فَضْلِكَ ، الْوَاسِعِ بِجُودِكَ و كَرَمِكَ ، الْمُعَزِّينَ من الذُّلِّ بِكَ ، و الُْمجَارِينَ من الظُّلْمِ بِعَدْلِكَ ، و الْمُعَافَيْنَ من الْبَلَاءِ بِرَحْمَتِكَ ، و الْمُغْنَيْنَ من الْفَقْرِ بِغِنَاكَ ، و الْمَعْصُومِينَ من الذُّنُوبِ و الزَّلَلِ و الْخَطَاءِ بِتَقْوَاكَ ، و الْمُوَفَّقِينَ لِلْخَيْرِ و الرُّشْدِ و الصَّوَابِ بِطَاعَتِكَ ، و الُْمحَالِ بَيْنَهُمْ و بَيْنَ الذُّنُوبِ بِقُدْرَتِكَ ، التَّارِكِينَ لِكُلِّ مَعْصِيَتِكَ ، السَّاكِنِينَ فِي جِوَارِكَ . «12» اللَّهُمَّ أَعْطِنَا جَمِيعَ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِكَ و رَحْمَتِكَ ، و أَعِذْنَا من عَذَابِ السَّعِيرِ ، و أَعْطِ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ و الْمُسْلِمَاتِ و الْمُؤْمِنِينَ و الْمُؤْمِنَاتِ مِثْلَ الَّذِي سَأَلْتُكَ لِنَفْسِي و لِوَلَدِي فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا و آجِلِ الآْخِرَةِ ، إِنَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ سَمِيعٌ عَلِيمٌ عَفُوٌّ غَفُورٌ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ . «13» و آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، و فِي الآْخِرَةِ حَسَنَةً و قِنَا عَذَابَ النَّارِ
(اللهم و من على ببقاء ولدى) يتمنى الوالد طول الحياه لولده، لانه امتداد لوجوده و ذكره و اجله و عمره (و باصلاحهم لى) اجعلهم من اهل الايمان و الصلاح كى يطيعوك شاكرين، و يسمعوا منى غير عاصين (و بامتناعى بهم...) اتقوى بهم فى شيخوختى، و يخدمونى فى ضعفى و علتى
(و رب لى صغيرهم) مدنى بالعون من فضلك على تربيتهم تربيه صالحه نافعه.
التوكل فى العمل لا فى البطاله و الكسل
(و قولى ضعيفهم و اصح...) اسالك يا الهى ان يكون اولادى بالكامل اصحاء اقوياء و ابرارا اتقياء... و ليس معنى هذا ان يهمل الوالد شان اولاده بالمره، و يترك تدبيرهم لله و هو واقف ينظر و يتفرج، بل معناه ان ياخذ للامر هبته من اجلهم و يكافح بلا كلل و ملل، فى سبيلهم متوكلا على الله مستعينا به فى التوفيق و بلوغ الغايه، و الله سبحانه لايضيع اجر من احسن عملا، كيف و قد امر بالجهاد و النضال و قال فيما قال: «اعملوا فسيرى الله عملكم- 105 التوبه» و ندد بمن يعيش كلا على سواه فى الايه 76 من النحل.
و ما من شك ان من ترك الكدح و العمل مع طاقته و قدرته بزعم الاتكال على الله- فقد تمرد على امره تعالى، و وضع رايه فوق مشيئه الخالق و ارادته من حيث يريد او لايريد، و تواتر عن الرسول الاعظم (ص): «اعقلها و توكل» و قال حكيم قديم: ان الله سبحانه امرنا بالتوكل عليه فى العمل لا فى البطاله و الكسل. و بكلام آخر ان التربيه من صنع الانسان، و لها اسس و قوانين تماما كالصناعه و الزراعه و غيرهما، و الامام (ع) فى دعائه هذا يسال الله سبحانه ان يمهد له السبيل الى التنفيذ و القيام بما فرضه عليه من تربيه الاولاد و العنايه بهم و الكدح من اجلهم، و سبق الكلام عن ذلك فى الدعاء رقم 20 و ايضا قد ياتى باسلوب ثالث او رابع.
اجهل الناس بالله
(و ادرر على يدى ارزاقهم) ما داموا صغارا و اطفالا حتى اذا بلغوا اشدهم سعوا فى الارض و اكلوا من كد اليمين. و فيه ايماء الى انه ينبغى للانسان ان يحتاط و يحترز من ان يترك ايتاما بلا مال و لا راع و كفيل، و فى الحديث: «ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تذرهم عاله يتكففون الناس» و قريب منه قوله تعالى: «و ليستعفف الذين لايجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله- 33 النور».
و اجهل خلق الله بالله و دينه و سنته و شريعته، من ترك العلاج للشفاء، و السعى للرزق زاعما- بلسان حاله و افعاله- انه قد اخذ من الله عهدا ان يعطيه ما يحتاج بمجرد نيه التوكل دون ان يسرح و يتزحزح! ان الله سبحانه هو الذى يشفى المريض، ما فى ذلك ريب، و لكن بالعلاج، و يطعم الجائع و لكن بالسعى تماما كما يخلق الحيوان من النطفه و الشجره من النواه و الليل و النهار من دوران الارض... و هكذا كل ما فى السموات و الارض من اسباب و مسببات، ترد الى السبب الاول الذى خلق فسوى و الذى قدر فهدى.
(و رب لى صغيرهم) مدنى بالعون من فضلك على تربيتهم تربيه صالحه نافعه.
هذا الجزء من الدعاء واضح لايحتاج الى الشرح و التفسير، و ايضا تقدم بالحرف او بالمضمون فى هذا الفصل و غيره، و لذا نكتفى بالاشاره الى المراد من بعض المفردات، و الفرق بين عطف الوالد على ولده، و عطف هذا على ابيه، ثم نذكر ما يهدف اليه الامام باشاره خاطفه.
(عضدى) العضد: الساعد و هو من المرفق الى الكتف، و المراد به هنا القوه و المساعده، قال سبحانه: «سنشد عضدك باخيك- 35 القصص» اى يساعدك و يعينك (اودى): ثقلى و حملى، قال عز من قائل: «و لايووده حفظهما- 255 البقره» اى لايثقله حفظهما (حدبين): مشفقين.
بين عطف الوالد و الولد
اوصى سبحانه الولد بوالديه، و امره بالعطف عليهما، و لم يوص الوالد بشى ء من ذلك، و السر واضح، لان الولد بضعه من الوالد بل هو نفسه و لا عكس، قال الامام اميرالمومنين (ع) لولده الامام الحسن (ع): «وجدتك بعضى، بل وجدتك كلى حتى لو ان شيئا اصابك اصابنى» و كتب ولد لوالده: جعلت فداك. فكتب اليه والده: لاتقل مثل هذا، فانت على يومى اصبر منى على يومك. و من الامثال عندنا فى جبل عامل: قلبى على ولدى و قلب ولدى على الحجر. و قال سبحانه: «ان من ازواجكم و اولادكم عدوا لكم فاحذروهم- 14 التغابن» و ما قال: ان من آبائكم و امهاتكم عدوا لكم فاحذروهم، لان عاطفه الوالدين ذاتيه كما اشرنا، اما عاطفه الولد نحو ابويه فهى فى- الغالب- مجرد المصلحه، و قد تكون هذه المصلحه فى موت والده، فينقلب عليه عدوا كما اشارت آيه التغابن، و فى الاشعار:
ارى ولد الفتى كلا عليه
لقد سعد الذى امسى عقيما
فاما ان تربيه عدوا
و اما ان تخلفه يتيما
و كنت ذات يوم فى «التكسى» ذاهبا الى المطبعه، و فيها مراهقان، فسمعت احدهما يقول للاخر: هنيئا لك، ابوك من ذوى الاملاك و الاموال. فقال له علنا و بكل صراحه و وقاحه: «لكن العكروت ما كان يموت» و الكثير من الجيل الجديد على هذه الطويه و السجيه.
و بعد، فان الولد اما نعيم ليس كمثله الا الجنه، و اما جحيم دونه عذاب الحريق، و الويل كل الويل لمن ابتلاه الله بامراه سوء و ولد عاق... و الامام (ع) يدعو الله و يناشده فى ان يمده و يسعده باولاد يحبهم و يحبونه، اذله عليه و على المومنين، اعزه على اعداء الله و اعدائه، و زين له فى مغيبه و محضره و فى الحديث: «ان الله سبحانه رفع العذاب عن رجل، ادرك له ولد صالح، فاصلح طريقا، و آوى يتيما».
(و اعذنى و ذريتى...) واضح، و تقدم بالحرف فى الدعاء 23 (فانك خلقتنا و امرتنا...) خلق سبحانه الانسان، و منحه العقل و القدره و الحريه، و بهذه العناصر الثلاثه مجتمعه يستحق الثواب على الطاعه و العقاب على المعصيه (و رهبتنا عقابه) اى خوفتنا عقاب عصيان ما امرتنا به و نهيتنا عنه (و جعلت لنا عدوا) و هو الوسواس الخناس الذى يغلى فى الصدور من الحقد و الحسد و العزم على غيرهما من الماثم... و الدليل على اراده هذا المعنى قوله: اسكنته صدورنا، و اجريته مجارى دمائنا، اما قوله: (سلطته منا على ما لم تسلطنا عليه) فمعناه ان هذا الوسواس الخبيث لا هو يذهب من تلقائه، و لا نحن نستطيع الفرار منه... و هذا صحيح لا ريب فيه، و من اجل ذلك لايحاسب سبحانه و يعاقب على اى شى ء يدور و يمور فى النفس من الافكار و النوايا السوداء الا اذا ظهرت و تجسمت فى قول او فعل.
(يومننا عقابك) يضمن لنا الامن و الامان من غضبك و عذابك (و يخوفنا بغيرك) و من ذلك ان الله سبحانه قال: «يا ايها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم و مما اخرجنا لكم من الارض- 267 البقره» و النفس الاماره او الوسواس يخوفنا الفقر، ان اطعنا و انفقنا
(و ان هممنا بفاحشه شجعنا عليها...) يشير بهذا الى جهاد النفس التى تحاول التغلب بالهوى على العقل و التقوى (و نصب لنا بالشبهات) اظهر لنا الافكار الخاطئه التى تلبس الحق ثوب الباطل و الباطل ثوب الحق، و توقع السذج البسطاء فى الشك و الحيره.
(ان وعدنا كذبنا...) يعدهم و يمنيهم و ما يعدهم الشيطان الا غرورا 120 النساء (و الا تصرف عنا كيده يضلنا) اقتباس من الايه 33 يوسف: «و الا تصرف عنى كيدهن اصب اليهن» اى ان لم تعنى على نفسى اكن من الجاهلين (و الا تقنا خباله): فساده (يستزلنا) يوقعنا بالزلل و الخطايا
(فاقهر سلطانه عنا بسلطانك...) هب لنا من لدنك صبرا عن الحرام، و نصرا على الهوى حتى لانعصيك فى جميع الحالات (تحبسه عنا بكثره الدعاء لك) حثثت على الدعاء، و وعدت بالاجابه، و قد دعونا ان تصدعنا كل مكروه، و توسلنا بك و اكثرنا، فكن لدعائنا مجيبا، و من ندائنا قريبا.
(اللهم اعطنى كل سولى...) مطلوبى و هو قضاء حوائجى، فقد انزلتها بك دون سواك (و لاتمنعنى الاجابه، و قد ضمنتها لى) بقولك: «ادعونى استجب لكم- 60 غافر» ثم بين الامام (ع) هذه الحوائج بقوله: «و امنن على بكل ما يصلحنى... هذا هو هم المومن و همته: الصلاح و عمل الخير فى الدنيا، و النجاه و الخلاص فى الاخره، لا التكاثر و التفاخر (ما ذكرت منه و ما نسيت...) واضح، و تقدم مثله فى الدعاء 22.
(و اجعلنى فى جميع ذلك من المصلحين بسوالى اياك...) استرشدك بدعائى لكل ما فيه صلاحى فى الدنيا و فوزى فى الاخره (غير الممنزعين بالتوكل عليك) انت يا الهى تسمع الشاكين اليك، و لاتمنع المتوكلين عليك، و انا منهم، و ايضا انا من
(المعودين بالتعوذ بك) لقد عودت الذين يتعوذون بك و يلوذون، ان لا تردهم خائبين (الرابحين فى التجاره عليك) اى منك كقوله تعالى: «الذين اذا اكتالوا على الناس- 2 المطففين» اى من الناس، و المجرور متعلق بالرابحين، و المعنى من عمل صالحا لوجه الله تعالى زاده من فضله، و الامام يسال الله ان يجعله من العاملين له لا لسواه، و من (المجارين بعزك): المحفوظين بعنايه الله و حراسته (الموسع عليهم الرزق الحلال...) و لا شى ء اجل و احل من لقمه ياكلها المرء بكدحه و سعيه لا بالرياء ورداء الصلحاء.
(المعزين من الذل بك) اى بطاعتك، و كم من اناس طلبوا العز بالنسب و الثراء و الخداع و الرياء فاتضعوا و ذلوا (و المجارين من الظلم بعدلك) اجرنى بعدلك و قدرتك من كل ظالم (و المعافين من البلاء برحمتك...) ارحمنى برحمتك، و امنن على قبل البلاء بعافيتك، و ايضا اغننى بفضلك عن الناس، و ابعدنى بعنايتك عن الخطاء و الخطيئه، و وفقنى للعمل بطاعتك... و كل ذلك تقدم مرارا و تكرارا. و اخيرا اجعلنى فى الاخره من (الساكنين بجوارك) و من سكن فى جوار العظيم الكريم فهو فى حرز حارز، و حصن مانع من كل سوء.
(اللهم اعطنا جميع ذلك...) اشاره الى كل ما تقدم من صحه الابدان و الاديان الى وفره الارزاق و السكنى فى جوار الرحمن (و اعط جميع المسلمين و المسلمات...) ختم الامام دعاءه هذا بالرجاء ان يوفق سبحانه و يسهل السبيل الى ما ذكر و سال لنفسه و لذويه و اهل التوحيد، لان من اخص خصائص المومن ان يكون تعاونيا مع الجميع. و فى الحديث: المومن يحب لغيره ما يحب لنفسه... المومنون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر و الحمى» هذا، الى ان العلاقه ما بين افراد المجتمع الواحد حتميه لتشابك المصالح و وحده المصير.
(و آتنا فى الدنيا حسنه...) تقدم مثله فى آخر الدعاء 20.