التقصير فى حق المظلوم
«1» اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ من مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ ، و من مَعْرُوفٍ أُسْدِيَ إِلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ ، و من مُسِي ءٍ اعْتَذَرَ إِلَيَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ ، و من ذِي فَاقَةٍ سَأَلَنِي فَلَمْ أُوثِرْهُ ، و من حق ذِي حق لَزِمَنِي لِمُؤْمِنٍ فَلَمْ أُوَفِّرْهُ ، و من عَيْبِ مُؤْمِنٍ ظَهَرَ لِي فَلَمْ أَسْتُرْهُ ، و من كُلِّ إِثْمٍ عَرَضَ لِي فَلَمْ أَهْجُرْهُ . «2» أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ يا إِلَهِي مِنْهُنَّ و من نَظَائِرِهِنَّ اعْتِذَارَ نَدَامَةٍ يَكُونُ وَاعِظاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ من أَشْبَاهِهِنَّ . «3» فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و اجْعَلْ نَدَامَتِي عَلَى ما وَقَعْتُ فِيهِ من الزَّلَّاتِ ، و عَزْمِي عَلَى تَرْكِ ما يَعْرِضُ لِي من السَّيِّئَاتِ ، تَوْبَةً تُوجِبُ لِي مَحَبَّتَكَ ، يا مُحِبَّ التَّوَّابِينَ
(اللهم انى اعتذر اليك من مظلوم ظلم...) اى خذلان مظلوم، و كل تعاليم الاسلام و قيمه و حوافزه تتجه و توجه الى خدمه الانسان و حياه يسودها الحب و الاخاء و العدل و الحريه و التعاون على ما فيه مصلحه الفرد و الجماعه، و من هنا حث الاسلام على جهاد الظلم و المعتدين، و اعتبر الظالم خارجا عن الاسلام و الساكت عن الحق شيطانا اخرس. و الامام (ع) فى دعائه هنا يتوب الى الله سبحانه من تقصيره فى الذب و الدفاع عن المظلومين و المستضعفين فى الايه 75 من النساء: «و ما لكم لاتقاتلون فى سبيل الله و المستضعفين». و قال الامام (ع): ما من مومن يخذل اخاه و هو قادر على نصرته الا خذله الله فى الدنيا و الاخره.
(و من معروف اسدى الى فلم اشكره) شكر المنعم واجب ايا كان و يكون تقديسا لمبدا العطاء من حيث هو، و من لاياخذ و لايعطى فالحيوان خير منه، لان الناس ينتفعون به فى الكثير من الجهات، و لا شى ء اسوا او اضر على الانسانيه جمعاء ممن يستهلك و لاينتج كالذين يجولون بين الموائد، و يتصدرون المجالس، و يحملون القابا جوفاء، و لا عمل لهم اطلاقا الا مضغ الهواء.
(و من مسى ء اعتذر الى فلم اقبل عذره) و لا من احد لايقبل العذر الا السفيه و اللئيم، لان من طلب منك الصفح فقد اعترف لك بالفضل، و اقر على نفسه بالنزق و العجله. و فى الامثال: ما مسى ء من اعتذر. و قال قائل لرابعه العدويه: اريد التوبه من ذنوبى فهل يقبل الله توبتى؟ فقالت: ان الله يدعو المدبر فكيف يطرد المقبل؟.
(و من ذى فاقه سالنى فلم اوثره) اذا كانت حاجه السائل لضروره ملحه و استيقن المسئول ذلك و هو قادر على قضائها- و جبت عليه اعانته تماما كما يجب انقاذ الغريق و اطفاء الحريق. قال الامام الصادق (ع): من اتاه اخوه فى حاجه يقدر عليها، فلم يقضها سلط الله عليه حيه تنهش ابهامه فى قبره الى يوم القيامه. و من المعلوم انه لا عقاب الا على ترك واجب او فعل محرم.
(و من حق ذى حق لزمنى لمومن فلم اوفره) ما طلت و تهاونت فى حقوق الناس علما بانها لاتسقط الا بالوفاء او المسامحه. و تقدم فى الدعاء 31.
النحله و الخنفساء
(و من عيب مومن ظهر لى فلم استره). الخنفساء تقتات العذره، و تطلبها انى كانت و تكون... و تموت من ريح المسك و الورد، و تبعث من جديد اذا اعيدت الى الروث و الجيفه، على عكس النحله، فانها تنفر من الاقذار و لاتحوم الا على طيب الثمار و الازهار. و هكذا الانسان الطيب يدفن السيئات و يذيع الحسنات، اما ذو السريره الوخيمه اللئيمه فانه تماما كالخنفساء، يدفن الحسنات، و يذيع السيئات، بل ينتعش عنها و يطير بها كما تنتعش الجعل اذا هبت عليه ريح الخباثه و النتانه. و فى نهج البلاغه: لاتعجل فى عيب احد، فلعله مغفور له. و ايضا فيه ما معناه تعييرك اخاك بالذنب اكبر اثما من ذنبه. و فى الاشعار و الامثال: «الاناء ينضح بما فيه... شبيه الشى ء منجذب اليه». و فى الفلسفه: «الاشياء المتماثله تودى الى نتائج متماثله... الاثر يدل على الموثر».
(و من كل اثم عرض لى فلم اهجره...) كلنا يخطى ء، و لا عيب فى الخطا، و انما العيب ان نصر عليه، و نخادع و نكابر، و من لايرجع الى الانابه فما له من دواء. و تقدم فى الدعاء 24
(و اجعل ندامتى على ما وقعت فيه من الزلات...) قسم بعض العارفين الذنوب الى ثلاثه اقسام: الاول ممارسه الحرام بالفعل. الثانى عدم الاحتراز و التحفظ. الثالث الرضا عن النفس و الطاعه و العباده، و قول الامام (ع): (ما يعرض لى من السيئات) يعم الجميع. و تقدم فى الدعاء 12 و 31 و غير هما.