فى ذكر الموت
«1» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و اكْفِنَا طُولَ الْأَمَلِ ، و قَصِّرْهُ عَنَّا بِصِدْقِ الْعَمَلِ حَتَّى لا نُؤَمِّلَ اسْتِتَْمامَ سَاعَةٍ بَعْدَ سَاعَةٍ ، و لا اسْتِيفَاءَ يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ ، و لا اتِّصَالَ نَفَسٍ بِنَفَسٍ ، و لا لُحُوقَ قَدَمٍ بِقَدَمٍ «2» و سَلِّمْنَا من غُرُورِهِ ، و آمِنَّا من شُرُورِهِ ، و انْصِبِ الْمَوْتَ بَيْنَ أَيْدِينَا نَصْباً ، و لا تَجْعَلْ ذِكْرَنَا لَهُ غِبّاً «3» و اجْعَلْ لَنَا من صَالِحِ الْأَعْمَالِ عَمَلًا نَسْتَبْطِىُ مَعَهُ الْمَصِيرَ إِلَيْكَ ، و نَحْرِصُ لَهُ عَلَى وَشْكِ اللَّحَاقِ بِكَ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مَأْنَسَنَا الَّذِي نَأْنَسُ به ، و مَأْلَفَنَا الَّذِي نَشْتَاقُ إِلَيْهِ ، و حَامَّتَنَا الَّتِي نُحِبُّ الدُّنُوَّ مِنْهَا «4» فَإِذَا أَوْرَدْتَهُ عَلَيْنَا و أَنْزَلْتَهُ بِنَا فَأَسْعِدْنَا به زَائِراً ، و آنِسْنَا به قَادِماً ، و لا تُشْقِنَا بِضِيَافَتِهِ ، و لا تُخْزِنَا بِزِيَارَتِهِ ، و اجْعَلْهُ بَاباً من أَبْوَابِ مَغْفِرَتِكَ ، و مِفْتَاحاً من مَفَاتِيحِ رَحْمَتِكَ «5» أَمِتْنَا مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ ، طَائِعِينَ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِينَ ، تَائِبِينَ غَيْرَ عَاصِينَ و لا مُصِرِّينَ ، يا ضَامِنَ جَزَاءِ الُْمحْسِنِينَ ، و مُسْتَصْلِحَ عَمَلِ الْمُفْسِدِينَ
(و اكفنا طول الامل) لا حياه بلا عمل، و لا عمل بلا امل، و كل امل فى نجاح العمل الصالح فهو خير و فضيله. و هذا الامل هو المقصود بقول الرسول الاعظم (ص): «الامل رحمه، و لو لاه ما ارضعت والده ولدها، و لا غرس غارس شجره». و فى الامثال: غرسوا فاكلنا، و نغرس فياكلون. ان الحياه سلسله، حلقاتها الاجيال تماما كالجسم الواحد باعضائه المتماسكه... و الامل المذموم هو الذى يلهى عن الحق، و يقود الى الباطل و الغرور بالعاجل و الزائل، و هذا الامل هو المراد من قوله تعالى: «ذرهم ياكلوا و يتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون- 3 الحجر» و اياه عنى الامام (ع) بدعائه: و اكفنا طول الامل.
(و قصره عنا بصدق العمل) و كل عمل يستهدف غايه الهيه و انسانيه فهو صدق و خير (حتى لا نومل استمام ساعه بعد ساعه...) قضت الحكمه الالهيه ان يجهل الانسان منتهى اجله حتى اذا خرج من بيته لا يضمن العوده حيا، و اذا دخله لايدرى ايخرج منه واقفا على قدميه او محمولا على الاعواد، بل يتوقع فى كل ثانيه ان لايبلغ التى بعدها، و السر ان ينتهز فرص الخير، و يعمل لدنياه و آخرته معا، و لايسوف و يفرط. و فى نهج البلاغه: ثمره التفريط الندامه، و ثمره الحزم السلامه
(و سلمنا من غروره، و امنا من شروره) ضمير الغائب يعود الى طول الامل، و من شروره البخل و الحرص و الجبن و نسيان الاخره.
(و انصب الموت بين ايدينا نصبا) لان ذكره و تصوره يحرك الى طلب الفضائل و عمل الخيرات، و يمنع من الرذائل و الموبقات، و قال الامام الصادق (ع): ذكر الموت يميت الشهوات و الاهواء، و يقطع منابت الغفله، و يقوى القلب بمواعيد الله، و يطفى ء نار الحرص (و لاتجعل ذكرنا له غبا): قليلا بل دائما و فى كل حين
(و اجعل لنا من صالح الاعمال...) ما ننال به الكرامه و السعاده يوم نلقاك بحيث نتعجل الموت لنحظى بالفوز العظيم، و كل محق يستبشر بالموت ليفوز بما عند الله، و حين قال النبى لعلى كيف صبرك اذا اتتك الشهاده؟ قال: ليس هذا من مواطن الصبر، و لكن من مواطن البشرى و الشكر، و لذا قال عندما ضربه ابن ملجم: فزت و رب الكعبه.
(و نحرص له على و شك اللحاق بك) اى اللحاق باجره تعالى و ثوابه، و المعنى اجعلنا يا الهى من اهل الحق و الخير الذين يحبون الموت و يحرصون عليه للوصول الى اجرك و ثوابك بعد ان اعدو اله عدته. و فى نهج البلاغه: «اعدوا للموت عدته، فانه ياتى بامر عظيم و خطب جليل، بخير لايكون معه شر ابدا، او بشر لايكون معه خير ابدا» و لكل اهل (حتى يكون الموت مانسنا الذى نانس به...) كل من اتقى الله و كان على بينه من امره يانس بالموت و يالفه، و يستعجله، لان ما عند الله خير و ابقى (و حامتنا): خاصتنا.
(فاذا اوردته علينا فاسعدنا به...) ابدا لا خوف على الذين اتقوا و عملوا الصالحات و لا هم يحزنون عند الاحتضار و بعد الموت، بنص القرآن الكريم: «الذين تتوفاهم الملائكه طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنه بما كنتم تعملون- 32 النحل» اما الذين عملوا السيئات فلهم الويل و اليم العذاب: «فكيف اذا توفتهم الملائكه يضربون وجوههم و ادبارهم ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله و كرهوا رضوانه- 28 محمد» (و اجعله بابا من ابواب مغفرتك و مفتاحا...): طريقا يودى الى رحمه الله و غفرانه و جنته و رضوانه.
و بعد، فقد جاء فى الاخبار و الاثار ان الانسان يستجمع مشاعره بالكامل قبل الموت بلحظه، و يتلهف على ما فات، و يود لو استطاع ان يتدارك، و لكن جاء الاجل الذى لايتقدم و لايتاخر، و العاقل ياخذ بالحزم، و يستعد قبل الحتف، و لايغتر بجاه و مال و صحه و شباب. و هو سبحانه المسوول ان يشملنا بافضاله بالنبى و آله. عليهم ازكى الصلوات.
(فاذا اوردته علينا فاسعدنا به...) ابدا لا خوف على الذين اتقوا و عملوا الصالحات و لا هم يحزنون عند الاحتضار و بعد الموت، بنص القرآن الكريم: «الذين تتوفاهم الملائكه طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنه بما كنتم تعملون- 32 النحل» اما الذين عملوا السيئات فلهم الويل و اليم العذاب: «فكيف اذا توفتهم الملائكه يضربون وجوههم و ادبارهم ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله و كرهوا رضوانه- 28 محمد» (و اجعله بابا من ابواب مغفرتك و مفتاحا...): طريقا يودى الى رحمه الله و غفرانه و جنته و رضوانه.
و بعد، فقد جاء فى الاخبار و الاثار ان الانسان يستجمع مشاعره بالكامل قبل الموت بلحظه، و يتلهف على ما فات، و يود لو استطاع ان يتدارك، و لكن جاء الاجل الذى لايتقدم و لايتاخر، و العاقل ياخذ بالحزم، و يستعد قبل الحتف، و لايغتر بجاه و مال و صحه و شباب. و هو سبحانه المسوول ان يشملنا بافضاله بالنبى و آله. عليهم ازكى الصلوات.