فارسی
سه شنبه 18 ارديبهشت 1403 - الثلاثاء 27 شوال 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

فى وداع شهر رمضان

فى وداع شهر رمضان


 «1» اللَّهُمَّ ‌يا‌ ‌من‌ ‌لا‌ يَرْغَبُ فِي الْجَزَاءِ «2» ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ ‌لا‌ يَنْدَمُ عَلَى الْعَطَاءِ «3» ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ ‌لا‌ يُكَافِىُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ . «4» مِنَّتُكَ ابْتِدَا ، ‌و‌ عَفْوُكَ تَفَضُّلٌ ، ‌و‌ عُقُوبَتُكَ عَدْلٌ ، ‌و‌ قَضَاِّْؤُک خِيَرَةٌ «5» إِنْ أَعْطَيْتَ لَمْ تَشُبْ عَطَاءَكَ بِمَنٍّ ، ‌و‌ إِنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ تَعَدِّياً . «6» تَشْكُرُ ‌من‌ شَكَرَكَ ‌و‌ أَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ . «7» ‌و‌ تُكَافِىُ ‌من‌ حَمِدَكَ ‌و‌ أَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ . «8» تَسْتُرُ عَلَى ‌من‌ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَهُ ، ‌و‌ تَجُودُ عَلَى ‌من‌ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ ، ‌و‌ كِلَاهُمَا أَهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ ‌و‌ الْمَنْعِ غَيْرَ أَنَّكَ بَنَيْتَ أَفْعَالَكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، ‌و‌ أَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى التَّجَاوُزِ . «9» ‌و‌ تَلَقَّيْتَ ‌من‌ عَصَاكَ بِالْحِلْمِ ، ‌و‌ أَمْهَلْتَ ‌من‌ قَصَدَ لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ ، تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأَنَاتِكَ إِلَى الْإِنَابَةِ ، ‌و‌ تَتْرُكُ مُعَاجَلَتَهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ لِكَيْلَا يَهْلِكَ عَلَيْكَ هَالِكُهُمْ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَشْقَى بِنِعْمَتِكَ شَقِيُّهُمْ إِلَّا عَنْ طُولِ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِ ، ‌و‌ بَعْدَ تَرَادُفِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، كَرَماً ‌من‌ عَفْوِكَ ‌يا‌ كَرِيمُ ، ‌و‌ عَائِدَةً ‌من‌ عَطْفِكَ ‌يا‌ حَلِيمُ . «10» أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إِلَى عَفْوِكَ ، ‌و‌ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ ، ‌و‌ جَعَلْتَ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ دَلِيلًا ‌من‌ وَحْيِكَ لِئَلَّا يَضِلُّوا عَنْهُ ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ‌و‌ يُدْخِلَکُمْ جَنَاتٍ تَجْرِي ‌من‌ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ . «11» يَوْمَ ‌لا‌ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ‌و‌ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ، نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ‌و‌ بِأَيْمَانِهِمْ ، يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ، ‌و‌ اغْفِرْ لَنَا ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ . فَمَا عُذْرُ ‌من‌ أَغْفَلَ دُخُولَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ ‌و‌ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ «12» ‌و‌ أَنْتَ الَّذِي زِدْتَ فِي السَّوْمِ عَلَى نَفْسِكَ لِعِبَادِكَ ، تُرِيدُ رِبْحَهُمْ فِي مُتَاجَرَتِهِمْ لَكَ ، ‌و‌ فَوْزَهُمْ بِالْوِفَادَةِ عَلَيْكَ ، ‌و‌ الزِّيَادَةِ مِنْكَ ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ ‌و‌ تَعَالَيْتَ ‌من‌ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ، ‌و‌ ‌من‌ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا . «13» ‌و‌ قُلْتَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ، ‌و‌ اللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ، ‌و‌ قُلْتَ ‌من‌ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً . ‌و‌ ‌ما‌ أَنْزَلْتَ ‌من‌ نَظَائِرِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ ‌من‌ تَضَاعِيفِ الْحَسَنَاتِ . «14» ‌و‌ أَنْتَ الَّذِي دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ ‌من‌ غَيْبِكَ ‌و‌ تَرْغِيبِكَ الَّذِي فِيهِ حَظُّهُمْ عَلَى ‌ما‌ لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِكْهُ أَبْصَارُهُمْ ، ‌و‌ لَمْ تَعِهِ أَسْمَاعُهُمْ ، ‌و‌ لَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهَامُهُمْ ، فَقُلْتَ اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ، ‌و‌ اشْكُرُوا لِي ‌و‌ ‌لا‌ تَكْفُرُونِ ، ‌و‌ قُلْتَ لئن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّکُمْ ، ‌و‌ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ . «15» ‌و‌ قُلْتَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ، فَسَمَّيْتَ دُعَاءَكَ عِبَادَةً ، ‌و‌ تَرْكَهُ اسْتِكْبَاراً ، ‌و‌ تَوَعَّدْتَ عَلَى تََرْکِهِ دُخُولَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ . «16» فَذَكَرُوكَ بِمَنِّكَ ، ‌و‌ شَكَرُوكَ بِفَضْلِكَ ، ‌و‌ دَعَوْكَ بِأَمْرِكَ ، ‌و‌ تَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً لِمَزِيدِكَ ، ‌و‌ فِيهَا كَانَتْ نَجَاتُهُمْ ‌من‌ غَضَبِكَ ، ‌و‌ فَوْزُهُمْ بِرِضَاكَ . «17» ‌و‌ لَوْ ‌دل‌ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً ‌من‌ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِي دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ كَانَ مَوْصُوفاً بِالْإِحْسَانِ ، ‌و‌ مَنْعُوتاً بِالِامْتِنَانِ ، ‌و‌ مَحْمُوداً بِكُلِّ لِسَانٍ ، فَلَكَ الْحَمْدُ ‌ما‌ وُجِدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ ، ‌و‌ ‌ما‌ بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ تُحْمَدُ ‌به‌ ، ‌و‌ مَعْنًى يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ . «18» ‌يا‌ ‌من‌ تَحَمَّدَ إِلَى عِبَادِهِ بِالْإِحْسَانِ ‌و‌ الْفَضْلِ ، ‌و‌ غَمَرَهُمْ بِالْمَنِّ ‌و‌ الطَّوْلِ ، ‌ما‌ أَفْشَى فِينَا نِعْمَتَكَ ، ‌و‌ أَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَّتَكَ ، ‌و‌ أَخَصَّنَا بِبِرِّكَ «19» هَدَيْتَنَا لِدِينِكَ الَّذِي اصْطَفَيْتَ ، ‌و‌ مِلَّتِكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ ، ‌و‌ سَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ ، ‌و‌ بَصَّرْتَنَا الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ ، ‌و‌ الْوُصُولَ إِلَى كَرَامَتِكَ «20» اللَّهُمَّ ‌و‌ أَنْتَ جَعَلْتَ ‌من‌ صَفَايَا تِلْكَ الْوَظَائِفِ ، ‌و‌ خَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ ‌من‌ سَائِرِ الشُّهُورِ ، ‌و‌ تَخَيَّرْتَهُ ‌من‌ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ ‌و‌ الدُّهُورِ ، ‌و‌ آثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ ‌من‌ الْقُرْآنِ ‌و‌ النُّورِ ، ‌و‌ ضَاعَفْتَ فِيهِ ‌من‌ الْإِيمَانِ ، ‌و‌ فَرَضْتَ فِيهِ ‌من‌ الصِّيَامِ ، ‌و‌ رَغَّبْتَ فِيهِ ‌من‌ الْقِيَامِ ، ‌و‌ أَجْلَلْتَ فِيهِ ‌من‌ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ ‌من‌ أَلْفِ شَهْرٍ . «21» ثُمَّ آثَرْتَنَا ‌به‌ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ، ‌و‌ اصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ ، فَصُمْنَا بِأَمْرِكَ نَهَارَهُ ، ‌و‌ قُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ ، مُتَعَرِّضِينَ بِصِيَامِهِ ‌و‌ قِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ ‌من‌ رَحْمَتِكَ ، ‌و‌ تَسَبَّبْنَا إِلَيْهِ ‌من‌ مَثُوبَتِكَ ، ‌و‌ أَنْتَ الْمَلِي ءُ بِمَا رُغِبَ فِيهِ إِلَيْكَ ، الْجَوَادُ بِمَا سُئِلْتَ ‌من‌ فَضْلِكَ ، الْقَرِيبُ إِلَى ‌من‌ حَاوَلَ قُرْبَكَ . «22» ‌و‌ قَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ ، ‌و‌ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ ، ‌و‌ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ ، ‌و‌ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِ ، ‌و‌ وَفَاءِ عَدَدِهِ . «23» فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ ‌من‌ ‌عز‌ فِرَاقُهُ عَلَيْنَا ، ‌و‌ غَمَّنَا ‌و‌ أَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا ، ‌و‌ لَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الَْمحْفُوظُ ، ‌و‌ الْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ ، ‌و‌ الْحَقُّ الْمَقْضِيُّ ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌يا‌ شَهْرَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ ، ‌و‌ ‌يا‌ عِيدَ أَوْلِيَائِهِ . «24» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌يا‌ أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ ‌من‌ الْأَوْقَاتِ ، ‌و‌ ‌يا‌ خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ ‌و‌ السَّاعَاتِ . «25» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الآْمَالُ ، ‌و‌ نُشِرَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ . «26» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ قَرِينٍ ‌جل‌ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، ‌و‌ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً ، ‌و‌ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ . «27» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ ، ‌و‌ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ «28» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ ، ‌و‌ قَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ . «29» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ ، ‌و‌ صَاحِبٍ سَهَّلَ سُبُلَ الْإِحْسَانِ «30» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌ما‌ أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِيكَ ، ‌و‌ ‌ما‌ أَسْعَدَ ‌من‌ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ «31» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌ما‌ كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ ، ‌و‌ أَسْتَرَكَ لِأَنْوَاعِ الْعُيُوبِ «32» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌ما‌ كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الُْمجْرِمِينَ ، ‌و‌ أَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ «33» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ شَهْرٍ ‌لا‌ تُنَافِسُهُ الْأَيَّامُ . «34» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ شَهْرٍ ‌هو‌ ‌من‌ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ «35» السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ ، ‌و‌ ‌لا‌ ذَمِيمِ الْمُلَابَسَةِ «36» السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ ، ‌و‌ غَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ «37» السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً ‌و‌ ‌لا‌ مَتْرُوكٍ صِيَامُهُ سَأَماً . «38» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌من‌ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ ، ‌و‌ مَحْزُونٍ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ . «39» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌كم‌ ‌من‌ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَّا ، ‌و‌ ‌كم‌ ‌من‌ خَيْرٍ أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا «40» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌و‌ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ ‌من‌ أَلْفِ شَهْرٍ «41» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌ما‌ كَانَ أَحْرَصَنَا بِالْأَمْسِ عَلَيْكَ ، ‌و‌ أَشَدَّ شَوْقَنَا غَداً إِلَيْكَ . «42» السَّلَامُ عَلَيْكَ ‌و‌ عَلَى فَضْلِكَ الَّذِي حُرِمْنَاهُ ، ‌و‌ عَلَى مَاضٍ ‌من‌ بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ . «43» اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنَا ‌به‌ ، ‌و‌ وَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ ، ‌و‌ حُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ . «44» أَنْتَ وَلِيُّ ‌ما‌ آثَرْتَنَا ‌به‌ ‌من‌ مَعْرِفَتِهِ ، ‌و‌ هَدَيْتَنَا لَهُ ‌من‌ سُنَّتِهِ ، ‌و‌ قَدْ تَوَلَّيْنَا بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ ‌و‌ قِيَامَهُ عَلَى تَقْصِيرٍ ، ‌و‌ أَدَّيْنَا فِيهِ قَلِيلًا ‌من‌ كَثِيرٍ . «45» اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ إِقْرَاراً بِالْإِسَاءَةِ ، ‌و‌ اعْتِرَافاً بِالْإِضَاعَةِ ، ‌و‌ لَكَ ‌من‌ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ ، ‌و‌ ‌من‌ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الِاعْتِذَارِ ، فَأْجُرْنَا عَلَى ‌ما‌ أَصَابَنَا فِيهِ ‌من‌ التَّفْرِيطِ أَجْراً نَسْتَدْرِكُ ‌به‌ الْفَضْلَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ ، ‌و‌ نَعْتَاضُ ‌به‌ ‌من‌ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ عَلَيْهِ . «46» ‌و‌ أَوْجِبْ لَنَا عُذْرَكَ عَلَى ‌ما‌ قَصَّرْنَا فِيهِ ‌من‌ حَقِّكَ ، ‌و‌ ابْلُغْ بِأَعْمَارِنَا ‌ما‌ بَيْنَ أَيْدِينَا ‌من‌ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ ، فَإِذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنِّا عَلَى تَنَاوُلِ ‌ما‌ أَنْتَ أَهْلُهُ ‌من‌ الْعِبَادَةِ ، ‌و‌ أَدِّنَا إِلَى الْقِيَامِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ ‌من‌ الطَّاعَةِ ، ‌و‌ أَجْرِ لَنَا ‌من‌ صَالِحِ الْعَمَلِ ‌ما‌ يَكُونُ دَرَكاً لِحَقِّكَ فِي الشَّهْرَيْنِ ‌من‌ شُهُورِ الدَّهْرِ . «47» اللَّهُمَّ ‌و‌ ‌ما‌ أَلْمَمْنَا ‌به‌ فِي شَهْرِنَا هَذَا ‌من‌ لَمَمٍ أَوْ إِثْمٍ ، أَوْ وَاقَعْنَا فِيهِ ‌من‌ ذَنْبٍ ، ‌و‌ اكْتَسَبْنَا فِيهِ ‌من‌ خَطِيئَةٍ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنَّا ، أَوْ عَلَى نِسْيَانٍ ظَلَمْنَا فِيهِ أَنْفُسَنَا ، أَوِ انْتَهَكْنَا ‌به‌ حُرْمَةً ‌من‌ غَيْرِنَا ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ ، ‌و‌ اعْفُ عَنَّا بِعَفْوِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَنْصِبْنَا فِيهِ لِأَعْيُنِ الشَّامِتِينَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَبْسُطْ عَلَيْنَا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاعِنِينَ ، ‌و‌ اسْتَعْمِلْنَا بِمَا يَكُونُ حِطَّةً ‌و‌ كَفَّارَةً لِمَا أَنْكَرْتَ مِنَّا فِيهِ بِرَأْفَتِكَ الَّتِي ‌لا‌ تَنْفَدُ ، ‌و‌ فَضْلِكَ الَّذِي ‌لا‌ يَنْقُصُ . «48» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا ، ‌و‌ بَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا ‌و‌ فِطْرِنَا ، ‌و‌ اجْعَلْهُ ‌من‌ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ ، ‌و‌ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ ، ‌و‌ اغْفِرْ لَنَا ‌ما‌ خَفِيَ ‌من‌ ذُنُوبِنَا ‌و‌ ‌ما‌ عَلَنَ . «49» اللَّهُمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلَاخِ هَذَا الشَّهْرِ ‌من‌ خَطَايَانَا ، ‌و‌ أَخْرِجْنَا بِخُرُوجِهِ ‌من‌ سَيِّئَاتِنَا ، ‌و‌ اجْعَلْنَا ‌من‌ أَسْعَدِ أَهْلِهِ ‌به‌ ، ‌و‌ أَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِيهِ ، ‌و‌ أَوْفَرِهِمْ حَظّاً مِنْهُ . «50» اللَّهُمَّ ‌و‌ ‌من‌ رَعَى هَذَا الشَّهْرَ ‌حق‌ رِعَايَتِهِ ، ‌و‌ حَفِظَ حُرْمَتَهُ ‌حق‌ حِفْظِهَا ، ‌و‌ قَامَ بِحُدُودِهِ ‌حق‌ قِيَامِهَا ، ‌و‌ اتَّقَى ذُنُوبَهُ ‌حق‌ تُقَاتِهَا ، أَوْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضَاكَ لَهُ ، ‌و‌ عَطَفَتْ رَحْمَتَكَ عَلَيْهِ ، فَهَبْ لَنَا مِثْلَهُ ‌من‌ وُجْدِكَ ، ‌و‌ أَعْطِنَا أَضْعَافَهُ ‌من‌ فَضْلِكَ ، فَإِنَّ فَضْلَكَ ‌لا‌ يَغِيضُ ، ‌و‌ إِنَّ خَزَائِنَكَ ‌لا‌ تَنْقُصُ بَلْ تَفِيضُ ، ‌و‌ إِنَّ مَعَادِنَ إِحْسَانِكَ ‌لا‌ تَفْنَى ، ‌و‌ إِنَّ عَطَاءَكَ لَلْعَطَاءُ الْمُهَنَّا . «51» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اكْتُبْ لَنَا مِثْلَ أُجُورِ ‌من‌ صَامَهُ ، أَوْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . «52» اللَّهُمَّ إِنَّا نَتُوبُ إِلَيْكَ فِي يَوْمِ فِطْرِنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِيداً ‌و‌ سُرُوراً ، ‌و‌ لِأَهْلِ مِلَّتِكَ مَجْمَعاً ‌و‌ مُحْتَشَداً ‌من‌ كُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ ، أَوْ سُوءٍ أَسْلَفْنَاهُ ، أَوْ خَاطِرِ ‌شر‌ أَضْمَرْنَاهُ ، تَوْبَةَ ‌من‌ ‌لا‌ يَنْطَوِي عَلَى رُجُوعٍ إِلَى ذَنْبٍ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَعُودُ بَعْدَهَا فِي خَطِيئَةٍ ، تَوْبَةً نَصُوحاً خَلَصَتْ ‌من‌ الشَّكِّ ‌و‌ الِارْتِيَابِ ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا ، ‌و‌ ارْضَ عَنَّا ، ‌و‌ ثَبِّتْنَا عَلَيْهَا . «53» اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِيدِ ، ‌و‌ شَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى نَجِدَ لَذَّةَ ‌ما‌ نَدْعُوكَ ‌به‌ ، ‌و‌ كَأْبَةَ ‌ما‌ نَسْتَجِيرُک مِنْهُ . «54» ‌و‌ اجْعَلْنَا عِنْدَكَ ‌من‌ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ ، ‌و‌ قَبِلْتَ مِنْهُمْ مُرَاجَعَةَ طَاعَتِكَ ، ‌يا‌ أَعْدَلَ الْعَادِلِينَ . «55» اللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنْ آبَائِنَا ‌و‌ أُمَّهَاتِنَا ‌و‌ أَهْلِ دِينِنَا جَمِيعاً ‌من‌ سَلَفَ مِنْهُمْ ‌و‌ ‌من‌ غَبَرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . «56» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا ‌و‌ آلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، ‌و‌ أَفْضَلَ ‌من‌ ذَلِكَ ‌يا‌ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، صَلَاةً تَبْلُغُنَا بَرَكَتُهَا ، ‌و‌ يَنَالُنَا نَفْعُهَا ، ‌و‌ يُسْتَجَابُ لَهَا دُعَاؤُنَا ، إِنَّكَ أَكْرَمُ ‌من‌ رُغِبَ إِلَيْهِ ، ‌و‌ أَكْفَى ‌من‌ تُوُكِّلَ عَلَيْهِ ، ‌و‌ أَعْطَى ‌من‌ سُئِلَ ‌من‌ فَضْلِهِ ، ‌و‌ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ
 
(اللهم ‌يا‌ ‌من‌ لايرغب ‌فى‌ الجزاء) لانه الغنى ‌و‌ نحن الفقراء ‌و‌ ‌لا‌ نقش بلا عرش. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 16. ‌و‌ تسال: ‌ما‌ معنى قوله تعالى: «و لكن يناله التقوى منكم- 37 الحج»؟ الجواب: المراد بالتقوى هنا الرضا، ‌و‌ المعنى انه تعالى يريد ‌من‌ عباده ‌ان‌ يتقوه ‌حق‌ تقاته، فان استجابوا كان التقوى رضا له ‌و‌ لهم علما بان مرضاه الله هى ايضا لخير العباد ‌و‌ منافعهم.
 
(و ‌يا‌ ‌من‌ لايندم على العطاء) لانه تعالى يعطى ‌و‌ يمنع عن علم ‌و‌ حكمه ‌و‌ عدل، ‌و‌ الندامه ثمره الجهل ‌و‌ التفريط. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا «و كل شى ء عنده بمقدار- 8 الرعد»
 
(و ‌يا‌ ‌من‌ لايكافى ء عبده على السواء) لانه يجزى الحسنه باضعاف مضاعفه، ‌و‌ يعفو عن السيئه، ‌و‌ ‌ان‌ دعت الحكمه الى العقاب، فبعد الانذار ‌و‌ الامهال امدا غير قصير، لعل المسى ء يتذكر ‌او‌ يخشى، ‌و‌ كل ذلك تفضل ‌و‌ احسان. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 16
 
(منتك ابتداء) المنه: النعمه، ‌و‌ كل سخاء ‌هو‌ ابتداء ‌لا‌ معامله ‌و‌ مبادله (و عفوك تفضل) ‌من‌ غير وجوب ‌و‌ الزام، ‌و‌ لكن عفوه لايكون ‌و‌ لن يكون الا عن حكمه ‌و‌ علم بان المعفو عنه اهل ‌و‌ محل.
 (و عقوبتك عدل) حيث تجزى المسى ء بما فعل، ‌و‌ لايظلم فتيلا. ‌و‌ تسال: قال سبحانه: «و ‌من‌ يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامه- 69 الفرقان» ‌و‌ المضاعفه الزياده عن الاستحقاق ‌و‌ الواجب؟ الجواب: ليس المراد بالمضاعفه هنا الزياده، ‌و‌ انما هى كنايه عن العذاب الاليم على الذنب العظيم (و قضاوك خيره) بكسر الخاء: ‌من‌ الخير ‌لا‌ ‌من‌ الاختيار «و الله يقضى بالحق ‌و‌ الذين يدعون ‌من‌ دونه لايقضون بشى ء- 20 غافر»
 
(ان اعطيت لم تشب عطاءك بمن) ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ تظهر ‌و‌ تعلن انك المتفضل المحسن، ‌و‌ هذا ‌من‌ اقبح القبائح، ‌و‌ مبطل لعمل الخير، قال سبحانه: «لاتبطلوا صدقاتكم بالمن ‌و‌ الاذى- 264 البقره» (و ‌ان‌ منعت لم يكن منعك تعديا) بل عن استحقاق ‌و‌ حكمه  
 
(و تشكر ‌من‌ شكرك) تكافى ء القليل بالكثير علما بانك املك منا بانفسنا، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 12 ‌و‌ 37.
 
(تستر على ‌من‌ لو شئت فضحته) تستر القبيح ‌و‌ تظهر الجميل، ‌و‌ هكذا يفعل كل شريف ‌و‌ نبيل على عكس الخسيس اللئيم الذى يدفن الجميل ‌و‌ يشهر بالقبيح. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 6 ‌و‌ غيره، اقرا فقره النحله ‌و‌ الخنفساء ‌فى‌ الدعاء 38 (و تجود على ‌من‌ لو شئت...) انت ‌يا‌ الهى سترت ‌و‌ اغنيت ‌و‌ عافيت ‌من‌ لايستحق منك الا الهوان ‌و‌ الحرمان. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 13.
 
القائد الحق
 
 (غير انك بنيت افعالك على التفضل...) هذا ‌هو‌ الاله الذى نعبد، يامر بالجود ‌و‌ يجود، ‌و‌ بالعفو ‌و‌ يعفو، ‌و‌ بالحلم ‌و‌ يحلم، ‌و‌ بالامهال ‌و‌ يمهل... ‌و‌ هكذا كل داع ‌و‌ قائد ‌و‌ واعظ ‌و‌ عالم، بمقياس الحق ‌و‌ العدل، يبدا بنفسه، ‌و‌ يمارس امره ‌و‌ نهيه ‌فى‌ سلوكه ‌و‌ افعاله، ‌لا‌ ‌فى‌ الفاظ منمقه ‌و‌ عبارات طنانه ‌و‌ الا فهو دجال ‌و‌ محتال، قال سبحانه: «يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ‌ما‌ لاتفعلون- 2 الصف... اتامرون الناس بالبر ‌و‌ تنسون انفسكم- 44 البقره... لقد كان لكم ‌فى‌ رسول الله اسوه حسنه- 21 الاحزاب» فما نطق (ص) بكلمه الا بعد ‌ان‌ يصدقها ‌و‌ يوكدها بالفعل... ‌و‌ جاء ‌فى‌ سيرته المقدسه انه اصيب ‌فى‌ بعض الغزوات حتى سال الدم الزكى على وجهه، ‌و‌ دخلت حلقتان ‌من‌ المغفر ‌فى‌ راسه الشريف ‌و‌ ‌ما‌ اكثر ‌ما‌ يروى التاريخ ‌فى‌ هذا المجال عن قاده الحق.
 (و تستنظرهم باناتك): بالتانى، ‌و‌ المعنى توخرهم صابرا عليهم، عسى ‌ان‌ يرجعوا الى الرشد ‌و‌ الهدايه (و تترك معاجلتهم) هذا تفسير ‌و‌ توضيح لتسنتظرهم باناتك، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 37 (لكى لايهلك عليك هالكهم) ‌و‌ ‌هو‌ الذى يستحق الهلاك ‌و‌ العذاب لانه تعالى لايهلك احدا الا بالحق ‌و‌ العدل ‌و‌ ايضا تقدم ‌فى‌ الدعاء 37 (و يشقى بنعمتك شقيهم) ‌و‌ ‌هو‌ الذى يطغيه الغنى. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: لاتكن عند النعماء بطرا ‌و‌ ‌لا‌ عند الباساء فشلا (الا عن طول الاعتذار...) استثناء ‌من‌ لايهلك، ‌و‌ المعنى ‌ان‌ الله سبحانه يدع لم لمن يهلكه حجه ‌و‌ ‌لا‌ عذرا (عائده): هبه ‌و‌ عطيه.
 
(انت الذى فتحت لعبادك بابا...) يدعو سبحانه الى رحمته ‌و‌ مغفرته كل طالب ‌و‌ راغب، بل ‌و‌ يدعو ‌من‌ كفر ‌و‌ ادبر (و جعلت على ذلك الباب دليلا...) اعلانا ‌من‌ السماء ‌لا‌ ‌من‌ المحتكرين ‌و‌ المستغلين، بان الله يحب التوابين ‌و‌ يحب المتطهرين، فهلموا الى ابوابه ‌و‌ ثوابه، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل الثانى عشر ‌و‌ السادس عشر، ‌و‌ هما ‌فى‌ التوبه خاصه، ‌و‌ ايضا سبق الحديث عنها ‌فى‌ غيرهما ‌من‌ الفصول (توبوا الى الله- الى- على كل شى ء قدير) نص الايه 8 ‌من‌ التحريم  
 
(فما عذر ‌من‌ اغفل...) ابدا ‌ما‌ ترك سبحانه عذرا لمعتذر. فى الخطبه 145 ‌من‌ نهج البلاغه: ‌ان‌ الله سبحانه يتجلى لعباده ‌فى‌ كتابه ‌و‌ مثله عن الامام الصادق (ع) ‌و‌ لكن لكتاب الله اسرار ‌و‌ اهداف لايعلمها الا الذين يعرفون الله ‌و‌ يقدرونه ‌حق‌ قدره كالنبى ‌و‌ آله (ص). ‌و‌ ‌فى‌ هذا الدعاء يكشف الامام (ع) باسلوب المناجاه عن بعض هذه الاسرار، ‌و‌ نعنى بها بعض وسائل الاقناع التى استخدمها سبحانه ‌و‌ خاطب بها العباد لجذبهم اليه ‌و‌ استمالتهم الى دينه ‌و‌ شريعته، ‌و‌ التخلى عن سائر الاديان ‌و‌ المعتقدات الزائفه الباطله، ‌و‌ اليك الشرح ‌و‌ التفسير لما كشف عنه الامام (ع) ‌فى‌ هذا الدعاء:
 
 التجاره الرابحه
 
 (انت الذى زدت ‌فى‌ السوم...) الخطاب مع الله سبحانه، ‌و‌ السوم ‌من‌ البائع عرض السلعه مع تحديد الثمن، ‌و‌ ‌من‌ المشترى طلب الشراء بما يريد ‌من‌ الثمن، ‌و‌ معنى هذه الكلمات المشرقه بجملتها ‌ان‌ الله يطلب ‌من‌ عباده ‌ان‌ يومنوا به، ‌و‌ يعملوا بدينه ‌و‌ شريعته، كما يطلب التاجر ‌من‌ الناس ‌ان‌ يشتروا ‌ما‌ لديه ‌من‌ سلعه ‌و‌ متاع. ‌و‌ ايضا التاجر يستميل المستهلك بالاعلام ‌و‌ الدعايه، ‌و‌ الله سبحانه ينشر دعوته، ‌و‌ يتصدى لاعدائها، بالحكمه ‌و‌ الموعظه الحسنه كما ‌فى‌ الايه 125 ‌من‌ النحل، ‌و‌ قال سبحانه لموسى ‌و‌ هارون حين ارسلهما الى فرعون «فقولا له قولا لينا لعله يتذكر ‌او‌ يخشى- 44 طه» ‌و‌ ‌فى‌ الايه 147 ‌من‌ الانعام قال. تقدست كلماته، لرسوله محمد: «فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمه واسعه». ‌و‌ سماحه الخلق عند الرسول (ص) هى بذاتها ابلغ اثرا ‌من‌ كل اعلام ‌و‌ دعايه، ‌و‌ بها ملك قلوب الناس ‌و‌ دخلوا ‌فى‌ دين الله افواجا بشهاده العنايه الالهيه: «و لو كنت فظا غليظ القلب لانفظوا ‌من‌ حولك- 159 ‌آل‌ عمران» حيث ربط سبحانه اقبال الناس عليه ‌و‌ هدايتهم ‌به‌ بخلقه الكريم العظيم. اقرا ‌فى‌ الدعاء 6 فقره الشخصيه اللامعه الجذابه، ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء 2 طبيعه الدعوه ‌و‌ شخصيه الداعى، ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء 42 شخصيه محمد. ‌و‌ ايضا ياتى انشاء الله.
 اجل، ‌ان‌ الله سبحانه يدعو الناس اليه، ‌و‌ يساوم كالتاجر، ‌و‌ لكن مع الفروق التى تنطوى عليها هذه المناجاه ‌و‌ هى:
 1- ‌ان‌ الله سبحانه يعطى كل شى ء، ‌و‌ ‌لا‌ ياخذ ‌من‌ احد شيئا، لانه ‌لا‌ يحتاج الى شى ء، ‌و‌ التاجر لايعطى حتى ياخذ.
 2- ‌ان‌ الله يعطى باستمرار، ‌و‌ كل الخلائق يعجزون عن ذلك.
 3- ‌ان‌ التاجر يعطى الفانيات، ‌و‌ الله يعطى الباقيات الصالحات.
 4- ‌ان‌ الهدف الاول ‌و‌ النهائى للتاجر ‌من‌ تجارته ‌هو‌ الربح الشخصى ‌و‌ المنفعه الخاصه، ‌و‌ فيها يجد الغبطه ‌و‌ السعاده، اما ربح التجاره مع الله سبحانه فهو بالكامل للمشترى، ‌و‌ ‌لا‌ شى ء منه للبائع. ‌و‌ هذا ‌ما‌ اراده الامام بقوله: (تريد ربحهم ‌فى‌ متاجرتهم لك ‌و‌ فوزهم بالوفاده عليك ‌و‌ الزياده منك) حتى الدعاء اليه تعالى ‌و‌ حمله رسالته يعطون، ‌و‌ لاياخذون: «قل ‌لا‌ اسلكم عليه ‌من‌ اجر الا ‌من‌ شاء اتخذ الى ربه سبيلا- 57 الفرقان».
 5- ‌ان‌ التاجر يعطى بمقدار ‌ما‌ ياخذ ‌من‌ المال، ‌و‌ الله سبحانه يعطى على الحسنه الواحده اضعافا تزيد الى عشره امثال، ‌او‌ الى سبعمئه، ‌او‌ الى ‌ما‌ لايبلغه الاحصاء وفقا لنوايا المحسن ‌و‌ صفاته ‌و‌ مقاصده.
 
(و انت الذى دللتهم بقولك ‌من‌ غيبك... قال الماديون: ‌لا‌ طريق للمعرفه الا الحواس ‌و‌ التجربه. ‌و‌ القرآن يقر ‌و‌ يعترف بهذا المصدر، قال ‌فى‌ الايه 179 ‌من‌ الاعراف: «لهم قلوب لايفقهون بها ‌و‌ لهم اعين لايبصرون بها ‌و‌ لهم آذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل ‌هم‌ اضل» ‌و‌ ايضا قال ‌فى‌ الايه 27 ‌من‌ السجده: «افلا يبصرون» ‌و‌ معنى هذا بوضوح ‌ان‌ الحواس ‌من‌ مصدر المعرفه، ‌و‌ لكنها ليست اقواها ‌و‌ ‌لا‌ اشملها، بل هناك مصدران آخران ‌و‌ هما العقل، ‌و‌ الوحى، ‌و‌ قد جمع سبحانه المصادر الثلاثه ‌فى‌ الايه 8 ‌من‌ الحج: «و ‌من‌ الناس ‌من‌ يجادل ‌فى‌ الله بغير علم ‌و‌ ‌لا‌ هدى ‌و‌ ‌لا‌ كتاب منير». فالعلم اشاره الى الحواس ‌و‌ التجربه، ‌و‌ الهدى الى العقل، ‌و‌ الكتاب المنير الى الوحى ‌من‌ الله الذى خلق الحواس ‌و‌ العقل.
 ‌و‌ قد اشار الامام (ع) ‌فى‌ دعائه هنا الى المصادر الثلاثه، فكلمه (من غيبك) تومى ء الى الوحى، ‌و‌ قوله: (لم تدركه ابصارهم ‌و‌ لم تعه اسماعهم) صريح ‌فى‌ الحواس، ‌و‌ المراد بالاوهام ‌فى‌ قوله: (و لم تلحقه اوهامهم) العقول (اذكرونى اذكركم): اطيعونى اثيبكم (و اشكروا لى ‌و‌ لاتكفرون): اذكروا نعمتى التى انعمت عليكم بالحمد ‌و‌ الطاعه ‌و‌ اعمال الخير، ‌و‌ لاتجحدوها بالعصيان ‌و‌ التمرد (لئن شكرتم لازيدنكم ‌و‌ لئن كفرتم ‌ان‌ عذابى لشديد) هذا نص الايه 8 ‌من‌ سوره ابراهيم، ‌و‌ معناها ‌من‌ شكر نعمه الله زاده اضعافا، ‌و‌ ‌من‌ جحدها فجزاوه جهنم ‌و‌ بئس المهاد.
 
(ادعونى استجب لكم ‌ان‌ الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين) ايضا نص الايه 60 ‌من‌ غافر. ‌و‌ داخرين: صاغرين، ‌و‌ قال كثير ‌من‌ المفسرين: ‌ان‌ المراد بادعونى اعبدونى ‌و‌ باستجب اثب، ‌و‌ نحن على هذا الراى حيث قال سبحانه بلا فاصل: «ان الذين يستكبرون عن عبادتى، ‌و‌ لم يقل عن دعائى. هذا ‌ما‌ قلناه ‌فى‌ التفسير الكاشف قبل ‌ان‌ نقرا ‌فى‌ الصحيفه السجاديه قول الامام (ع): (فسميت دعاءك عباده) ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ المراد بالعباده ‌فى‌ هذه الايه الدعاء، ‌و‌ ليس المراد بالدعاء العباده كما قلنا تبعا للمفسرين.
 
(فذكروك بمنك) ‌ان‌ عبادك ‌يا‌ الهى ذكروك بالطاعه ‌و‌ التعظيم ليفوزوا بجنات النعيم، ‌و‌ انت ارشدتهم ‌و‌ هديتهم الى هذه السبيل بقولك: اذكرونى اذكركم (و شكروك بفضلك) ‌و‌ ايضا انت طلبت منهم ‌ان‌ يشكروا نعمتك لتزيدهم اضعافا حيث قلت: لئن شكرتم لازيدنكم (و دعوك بامرك) اذ قلت: ادعونى استجب لكم (و تصدقوا لك) ‌اى‌ لوجهك الكريم (طلبا لمزيدك) ‌و‌ طمعا بما وعدت ‌به‌ المتصدقين بان الدرهم الواحد ‌فى‌ سبيل الله كمثل حبه انبتت سبع سنابل ‌فى‌ كل سنبله مئه حبه (و فيها) ‌اى‌ ‌و‌ بسبب هذه الاعمال الصالحات ‌من‌ الذكر ‌و‌ الشكر ‌و‌ الدعاء ‌و‌ الصدقه نجوا ‌من‌ الجحيم ‌و‌ فازوا بالنعيم.
 
(و لو ‌دل‌ مخلوق مخلوقا على مثل الذى دللت عليه...) ‌اى‌ لو ‌ان‌ عبدا ‌من‌ عباد الله ادعى دعوه، ‌و‌ اقام عليها حجه ‌من‌ حجج الله سبحانه لصدقناه حامدين مع العلم ‌و‌ اليقين انه فعل ‌ما‌ فعل بعنايته تعالى ‌و‌ توفيقه، ‌و‌ لو قطع عنه العون لم يجد السبيل الى شى ء، فبالاولى ‌ان‌ نشكر ‌و‌ نحمد ‌من‌ سبب الاسباب بقدرته (فلك الحمد ‌ما‌ وجد ‌فى‌ حمدك مذهب): مسلك، ‌و‌ المعنى نحمدك ‌ما‌ دمنا قادرين على الحمد (و ‌ما‌ بقى للحمد لفظ...) ‌اى‌ مدى الدهر. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء الاول فقره الحمد.
 
(يا ‌من‌ تحمد الى عباده...) طلب منهم ‌ان‌ يحمدوه على الاحسان ‌و‌ النعم الجسام. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 12 (و غمرهم بالمن ‌و‌ الطول...): الفضل و العطاء، ‌و‌ المعنى خص عباده بنعم لاتحصى. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 36
 
(و هديتنا لدينك الذى اصطفيت) الاسلام ‌هو‌ دين الحق الذى اصطفاه سبحانه، ‌و‌ ارتضاه لعباده ‌لا‌ شى ء الا لانه دين الحب ‌و‌ الاستقامه ‌و‌ التعاون ‌و‌ التسامح ‌لا‌ دين التناحر ‌و‌ التفاخر (و بصرتنا الزلفه لديك ‌و‌ الوصول الى كرامتك) الزلفه بضم الزاى: القربه ‌و‌ الدرجه، ‌و‌ المعنى ارشدنا سبحانه الى سواء السبيل، ‌و‌ لايعمى عنه الا اعمى. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ هذا الفصل ‌و‌ غيره:
 
(و انت جعلت ‌من‌ صفايا): جمع الصفى بمعنى الخالص ‌من‌ الشوائب (و الوظائف): جمع وظيفه هى ‌ما‌ يعين ‌من‌ عمل ‌او‌ رزق ‌و‌ غير ذلك (و خصائص تلك الفروض شهر رمضان...) الخصائص: الصفات الخاصه بالشى ء دون سواه، ‌و‌ الفروض: جمع فرض بمعنى المفروض، ‌و‌ شهر مفعول جعلت، ‌و‌ المعنى انك ‌يا‌ الهى جعلت شهر رمضان بفضائله ‌و‌ اعماله صفوه الشهور ‌و‌ افضل الاوقات (و ضاعفت فيه ‌من‌ الايمان) المراد بمضاعفه الايمان قوته ‌و‌ رجحانه. ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الصبر على الصيام يدل على صدق العقيده ‌و‌ رسوخها (و فرضت فيه الصيام...) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 44
 
(ثم آثرتنا): اكرمتنا ‌به‌ ‌و‌ فضلتنا (على سائر الامم) ‌و‌ تسال: كان الصيام قبل الاسلام بنص الايه 183 ‌من‌ البقره: «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين ‌من‌ قبلكم» ‌و‌ عليه فلا ايثار ‌و‌ اختيار؟. الجواب: المراد بالايثار ظرف الصوم ‌لا‌ الصوم بالذات.
 فصمنا بامرك نهاره، وقمنا بعونك ليله، متعرضين بصيامه ‌و‌ قيامه لما عرضتنا له ‌من‌ رحمتك، ‌و‌ تسببنا اليه ‌من‌ مثوبتك.
 ‌و‌ انت الملى ء بما رغب فيه اليك، الجواد بما سئلت ‌من‌ فضلك، القريب الى ‌من‌ حاول قربك.
 ‌و‌ قد اقام فينا هذا الشهر مقام حمد، ‌و‌ صحبنا صحبه مبرور، ‌و‌ اربحنا افضل ارباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، ‌و‌ انقطاع مدته ‌و‌ وفاء عدده.
 فنحن مودعوه وداع ‌من‌ ‌عز‌ فراقه علينا، و غمنا ‌و‌ اوحشنا انصرافه عنا، ‌و‌ لزمنا له الذمام المحفوظ، ‌و‌ الحرمه المرعيه، ‌و‌ الحق المقضى.
 (فصمنا بامرك...) قمنا بواجب شهر رمضان ليلا ‌و‌ نهارا (متعرضين بصيامه ‌و‌ قيامه...) الهدف الاساس ‌من‌ اعمال الخير ‌فى‌ هذا الشهر المبارك ‌ان‌ تنشر علينا ‌من‌ رحمتك، تمن بثوابك (و انت الملى ء...) عملنا ‌فى‌ شهرك لوجهك الكريم راغبين ‌فى‌ فضلك، ‌و‌ انت الغنى الحميد ‌و‌ الكريم المجيد
 
(و قد اقام فينا هذا الشهر مقام حمد) ‌و‌ دعنا شهر رمضان، ‌و‌ ‌هو‌ شاكر حامد جهادنا فيه ليل نهار (و صحبناه صحبه مبرور) احسنا صحبته، ‌و‌ اكرمنا ‌و‌ فادته (و اربحنا افضل ارباح العالمين) ربحنا الكثير بوجود رمضان.
 (ثم فارقنا...) ارتحل عنا بايامه، ‌و‌ ‌ما‌ كان اسرعها ‌و‌ اعجلها! ‌و‌ هكذا الحياه كلها لحظات  
 
(فنحن مودعوه...) آسفين مستوحشين (الذمام) ‌و‌ الحرمه ‌و‌ الحرام كلمات متشابكه متقاربه.
 هذا الجزء ‌من‌ الدعاء لايحتاج الى تفسير، لانه مجرد تحيه للشهر المبارك، ‌و‌ الثناء عليه بما اهله ‌و‌ تعداد ماله ‌من‌ جليل الصفات مع التوجع ‌و‌ الاسف على فراقه. لذا نوجز ‌و‌ لانطيل.


 (فنحن قائلون: السلام عليك ‌يا‌ شهر الله الاكبر) بنزول القرآن فيه ‌من‌ دون الشهور: «شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس ‌و‌ بينات ‌من‌ الهدى ‌و‌ الفرقان- 185 البقره» (و ‌يا‌ عيد اوليائه) اهل الله يعيدون ‌و‌ يفرحون بشهر الله الاكبر، لانه ذكرى للذاكرين  
 
(و ‌يا‌ اكرم مصحوب...) لانه ينادى: هلموا الى، ‌و‌ اغتنموا هذه الفرصه: «الا تحبون ‌ان‌ يغفر الله لكم ‌و‌ الله غفور رحيم- 22 النور»
 
(من شهر قربت الامال) بذهاب السيئات ‌و‌ مجى ء الحسنات (و نشرت فيه الاعمال) ‌فى‌ صحفها، حيث تعلن يوم القيامه على رووس الاشهاد، ‌ان‌ خيرا فخير، ‌و‌ ‌ان‌ شرا فشر، قال سبحانه ‌فى‌ سوره التكوير الايه 10 ‌و‌ 14: «و اذا الصحف نشرت... علمت نفس ‌ما‌ احضرت».
 
(من قرين ‌جل‌ قدره موجودا) رمضان رفيع الشان، جليل القدر، لان الله ‌هو‌ الذى قدسه ‌و‌ عظمه، فمن قام بواجبه فقد قدر الله ‌حق‌ قدره، ‌و‌ وفى بعهده، ‌و‌ المقصر ‌هو‌ الخاسر (و افجع فقده مفقودا) احدث ذهابه فراغا لايسده شى ء (و مرجو آلم فراقه) ‌اى‌ ‌و‌ السلام عليك ‌من‌ مرجو، ‌و‌ المعنى تالم لفراقك ‌يا‌ شهر رمضان كل ‌من‌ يرجو لقاء ربه، ‌و‌ يعمل لرحمته ‌و‌ مغفرته  
 
(من ناصر اعان على الشيطان) رمضان ‌من‌ اعدى اعداء الشيطان، لان كل صائم يلعنه ‌و‌ يامر بمعصيته بلسان المقال ‌او‌ الحال (و صاحب سهل سبل الاحسان) ‌و‌ الشاهد على ذلك كثره البذل ‌و‌ الانفاق ‌فى‌ سبيل الخير، ‌و‌ اقبال الصائمين على المعابد ‌و‌ المساجد، ‌و‌ ختاما زكاه الفطر.
 
(ما اكثر العتقاء فيك) ‌من‌ النار، ‌و‌ ‌فى‌ ذلك الكثير ‌من‌ الاخبار
 
(ما كان اطولك على المجرمين) رمضان يرحب ‌به‌ المتقون، ‌و‌ يالمون لفراقه، على عكس الفاسقين، يتبرمون ‌و‌ يفرحون بذهابه، لانه النطاسى الذى يستاصل الاهواء ‌و‌ الشهوات الشريره، ‌و‌ يابى المجرمون الا الهوى ‌و‌ الضلال  
 
(لاتنافسه الايام) لاتعارضه ‌و‌ لاتباريه اجرا ‌و‌ ذخرا
 
(من شهر ‌هو‌ ‌من‌ كل امر سلام) ‌من‌ عمل بموجب شهر رمضان فهو ‌فى‌ امن ‌و‌ امان ‌من‌ غضب الله ‌و‌ عذابه يوم لاينفع مال ‌و‌ ‌لا‌ بنون  
 
(غير كريه المصاحبه...) تكرار لقوله قبل لحظه: ‌و‌ صاحب سهل سبيل الاحسان  
 
(غير مودع برما...) ‌و‌ مللا ‌من‌ وجودك، بل حزنا ‌و‌ اسفا على فراقك. ايضا تقدم قبل قليل.
 
(كم ‌من‌ سوء صرف...) وجودك انزل علينا الخيرات ‌و‌ البركات، ‌و‌ دفع عنا الاسواء ‌و‌ الافات  
 
(و على فضلك الذى حرمناه...) بذهابك ‌يا‌ شهر رمضان فاتنا الكثير ‌من‌ رحمه الله ‌و‌ فضله. ‌و‌ تقدم هذا المعنى.
 
(اللهم انا اهل هذا الشهر...) ‌اى‌ العاملون بموجبه (و حين جهل الاشقياء...) ‌فى‌ الحديث: ‌من‌ علامات الشقاء: جمود العين ‌و‌ قسوه القلب ‌و‌ الحرص ‌و‌ الاصرار على الذنب. ‌و‌ قال الامام اميرالمومنين (ع): الشقى ‌من‌ انخدع لهواه... ‌و‌ اشقى الناس ‌من‌ باع دينه لدنياه  
 
(و انت ولى ‌ما‌ آثرتينا ‌من‌ معرفتنا...) انت الهادى ‌و‌ المعين على العلم بحق شهر رمضان ‌و‌ العمل به، ‌و‌ الدليل على اراده هذا المعنى قوله بلا فاصل: (و قد توليتنا بتوفيقك صيامه ‌و‌ قيامه على تقصير) ‌اى‌ كان علينا ‌ان‌ نجد ‌و‌ نجتهد ‌فى‌ طاعه الله تعالى اكثر مما فعلنا. ‌و‌ كل نبى ‌و‌ تقى يرى نفسه مقصرا ‌فى‌ القيام بحق الخالق الرازق، قال سيد الشهداء (ع) ‌و‌ ‌هو‌ يلفظ النفس الاخير: «اللهم انى ادعوك محتاجا، ‌و‌ ارغب اليك فقيرا، ‌و‌ افزع اليك خائفا». ‌و‌ كلنا يعلم ‌ان‌ الحسين (ع) اعطى الله كل شى ء. ‌و‌ ‌لا‌ احد يرى انه قد ادى حقوق الله بالكامل الا جهول ضال.
 
(اللهم فلك الحمد اقرارا بالاساءه...) ‌اى‌ بالتقصير. ‌و‌ ‌من‌ ادعيه اهل البيت (ع): «اللهم لاتخرجنا ‌من‌ التقصير» ‌اى‌ ‌من‌ الاعتراف به، ‌و‌ عن الامام الباقر (ع): انه قال لبعض اصحابه: «لا اخرجك الله ‌من‌ النقص ‌و‌ التقصير» ‌اى‌ ‌من‌ ‌ان‌ ترى النقص ‌و‌ التقصير ‌فى‌ عملك ‌و‌ طاعتك لله (و لك ‌من‌ قلوبنا عقد الندم): التوبه ‌من‌ التقصير (و ‌من‌ السنتنا صدق الاعتذار) بمطابقه القول للفعل ‌و‌ الواقع (فاجرنا على ‌ما‌ اصابنا فيه ‌من‌ التقصير...) ضمير «فيه» لشهر رمضان، ‌و‌ المعنى نحن ‌يا‌ الهى معترفون بالتقصير ‌فى‌ طاعتك ‌و‌ ‌فى‌ ‌حق‌ شهر رمضان، ‌و‌ قد فاتنا بذلك الكثير ‌من‌ ثوابك، فهل تعوضنا ثوابا حاضرا ‌لا‌ لشى ء الا لمجرد الاعتراف بالذنب ‌و‌ الخطيئه؟.
 
(و اوجب لنا عذرك...) اعذرنا على الاهمال. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه:  «العمر الذى اعذر الله فيه الى ابن آدم ستون سنه» ‌اى‌ ‌لا‌ عذر بعد الستين (و ابلغ باعمارنا ‌ما‌ بين ايدينا...) كل ‌ما‌ يستقبله الانسان حتما فهو بين يديه تماما كالوضع الذى ‌هو‌ عليه بالفعل ‌او‌ كان فيه بالامس، ‌و‌ ‌من‌ ذلك قوله تعالى: «و نفح ‌فى‌ الصور- 68 الزمر» ‌و‌ المعنى اطل اعمارنا الى رمضان المقبل (فاذا بلغناه فاعنا...) على صيامه ‌و‌ سائر واجباته ‌و‌ مستجباته حتى تكون اعمالنا ‌فى‌ شهر رمضان المقبل (دركا لحقك ‌فى‌ الشهرين ‌من‌ شهور الدهر) الدرك: البلوغ ‌و‌ الادراك، ‌و‌ الشهران: رمضان الماضى ‌و‌ المقبل، ‌و‌ المراد بالدهر هنا مده العمر، ‌و‌ المعنى وفقنا ‌فى‌ كل شهر ‌و‌ كل يوم لان نعمل صالحا يكون استدراكا لتقصيرنا ‌فى‌ رمضان مضى ‌و‌ آخر ياتى.
 
(اللهم ‌و‌ ‌ما‌ الممنا ‌به‌ ‌فى‌ شهرنا هذا ‌من‌ لمم...) الممنا: باشرنا، ‌و‌ اللمم: الصغائر ‌من‌ الذنوب، ‌و‌ الاثم: يعم ‌و‌ يشمل الكبائر ‌و‌ الصغائر ‌من‌ الخطايا ‌و‌ الذنوب، ‌و‌ المعنى اغفر لى كل ذنب عملته سترته ‌او‌ اعلنته. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 31 ‌و‌ غيره (و استرنا بسترك...) لاتفضحنا بما فينا ‌من‌ عيوب ‌و‌ ذنوب. ايضا تفدم ‌فى‌ الدعاء 31 ‌و‌ غيره (و استعملنا بما يكون حطه ‌و‌ كفاره...) وفقنا لعمل الحسنات التى تذهب السيئات. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 24 ‌و‌ غيره  
 
(و اجبر مصيبتنا بشهرنا) اجعل شهر رمضان شفاء لنا ‌من‌ كل داء (و بارك لنا ‌فى‌ يوم عيدنا...) ‌لا‌ عيد حقا ‌و‌ واقعا لاحد منا على الاطلاق الا نفس اليوم الذى نتوب فيه ‌من‌ كل ذنب لوجه الله تعالى، ‌و‌ ‌لا‌ نعود الى معصيته ‌فى‌ شى ء. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: كل يوم ‌لا‌ يعصى الله فيه فهو عيد.
 
(اللهم اسخلنا بانسلاخ هذا الشهر...) طهرنا ‌فى‌ رمضان ‌من‌ كل رجس ‌و‌ دنس. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 44 (و اجعلنا...) بشهر رمضان سعداء ‌لا‌ اشقياء
 
(اللهم ‌و‌ ‌من‌ رعى هذا الشهر حق...) كل ‌من‌ اتقى ‌و‌ ‌كف‌ عن معاصيك ‌فى‌ هذا الشهر المبارك، ‌و‌ قام بواجبه على اكمل وجه، ‌و‌ تقرب اليك فيه بالخيرات ‌و‌ المستحبات، ‌و‌ كتبت له الاجر ‌و‌ الثواب الجزيل- (فهب لنا مثله) ‌من‌ الاجر كما ‌و‌ كيفا (من وجدك): ‌من‌ غناك، ‌و‌ بكلام آخر ارفعنا ‌فى‌ شهر رمضان الى مراتب العاملين ‌و‌ درجات الصالحين. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 17 (فان فضلك لايغيض، ‌و‌ ‌ان‌ خزائنك ‌لا‌ تنقص...) خزائن رحمته تعالى ‌لا‌ ‌حد‌ لها ‌و‌ ‌لا‌ نهايه تماما كالذات القدسيه ‌و‌ القدره الالهيه. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 5 ‌و‌ 13 (للعطاء المهنا): السائغ الذى لايكدره شى ء
 
(و اكتب لنا مثل اجور ‌من‌ صامه ‌او‌ تعبد لك فيه الى يوم القيامه) ‌و‌ ‌لا‌ غرابه ‌فى‌ ذلك، فان الله واسع كريم، يعطى الكثير على صدق النيه بمجردها، ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «من مات منكم على فراشه، ‌و‌ ‌هو‌ على معرفه ‌حق‌ ربه ‌و‌ ‌حق‌ رسوله ‌و‌ اهل بيته مات شهيدا، ‌و‌ وقع اجره على الله، ‌و‌ استوجب ثواب ‌ما‌ نوى ‌من‌ صالح عمله، ‌و‌ قامت النيه مقام اصلاته لسيفه» ‌فى‌ سبيل الله.
 
(انا نتوب اليك) ضمير المتكلم هنا لايراد ‌به‌ التعظيم، لان التائب لايعظم نفسه، بل المراد ‌به‌ مشاركه الخلق طرا ‌فى‌ الخشوع ‌و‌ الرجوع اليه تعالى، لان التوبه تتضمن هذا المعنى (و لاهل ملتك مجتمعا): لاهل دينك حيث يجتمع المسلمون ‌فى‌ عيد الفطر للصلاه ‌و‌ التهانى ‌و‌ غير ذلك (من كل ذنب) متعلق بنتوب اليك (توبه ‌من‌ لاينطوى...) لايضمر الرجوع الى ‌ما‌ كان عليه. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 31 ‌و‌ غيره  
 
(اللهم ارزقنا خوف عقاب الوعيد...) ارزقنا الطاعه لك رهبه ‌من‌ عذابك ‌و‌ رغبه ‌فى‌ جنتك (حتى نجد لذه ‌ما‌ ندعوك به...) ‌و‌ مصدر اللذه الامل بالثواب، اما الكابه فمصدرها الخوف ‌من‌ العقاب. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 22
 
(و اجعلنا عندك ‌من‌ التوابين...) امتنا مهتدين غير ضالين، ‌و‌ تائبين غير مصرين. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 40.
 اللهم تجاوز عن آبائنا ‌و‌ امهاتنا ‌و‌ اهل ديننا جميعا ‌من‌ سلف منهم ‌و‌ ‌من‌ غبر الى يوم القيامه.
 اللهم صل على محمد نبينا ‌و‌ آله... كما صليت على ملائكتك المقربين، ‌و‌ صل عليه ‌و‌ آله... كما صليت على انبيائك المرسلين، ‌و‌ صل عليه ‌و‌ آله... كما صليت على عبادك الصالحين ‌و‌ افضل ‌من‌ ذلك ‌يا‌ رب العالمين، صلاه تبلغنا بركتها، ‌و‌ ينالنا نفعها، ‌و‌ يستجاب لها دعاونا.
 انك اكرم ‌من‌ رغب اليه، ‌و‌ اكفى ‌من‌ توكل عليه، ‌و‌ اعطى ‌من‌ سئل ‌من‌ فضله، ‌و‌ انت على كل شى ء قدير.
 
(اللهم تجاوز): اعف ‌و‌ اصفح (من سلف): ‌من‌ مضى (و ‌من‌ غبر): ‌من‌ بقى، ‌و‌ المعنى الجملى اغفر لعبادك المومنين الحاضر منهم ‌و‌ الماضى ‌و‌ ‌من‌ ‌هو‌ آت الى يوم يبعثون  
 
(اللهم صل على محمد نبينا ‌و‌ آله...) اكثر ‌ما‌ صليت على احد ‌من‌ خلقك، ‌و‌ افضل ‌ما‌ اتيت احدا ‌من‌ عبادك، انك الكريم العظيم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

فى الشكر
فى وداع شهر رمضان
طلب العفو
مكارم الاخلاق
فى یوم عرفه
فى رد كید الاعداء
الملائكه
للاستسقاء
فى استكشاف الهموم
فى التذلل لمقام العزه و الجلال

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^