فارسی
سه شنبه 02 مرداد 1403 - الثلاثاء 15 محرم 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

حول التوبة

حول التوبة


 «1» اللَّهُمَّ إِنَّهُ يَحْجُبُنِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلَالٌ ثَلَاثٌ ، ‌و‌ تَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ «2» يَحْجُبُنِي أَمْرٌ أَمَرْتَ ‌به‌ فَأَبْطَأْتُ عَنْهُ ، ‌و‌ نَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ، ‌و‌ نِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ فَقَصَّرْتُ فِي شُکْرِهَا . «3» ‌و‌ يَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى ‌من‌ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَيْكَ ، ‌و‌ وَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّهِ إِلَيْكَ ، إِذْ جَمِيعُ إِحْسَانِكَ تَفَضُّلٌ ، ‌و‌ إِذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ «4» فَهَا أَنَا ذَا ، ‌يا‌ إِلَهِي ، وَاقِفٌ بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ الْمُسْتَسْلِمِ الذَّلِيلِ ، ‌و‌ سَائِلُكَ عَلَى الْحَيَاءِ مِنِّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعيِلِ «5» مُقِرٌّ لَكَ بِأَنِّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إِحْسَانِكَ إِلَّا بِالْإِقْلَاعِ عَنْ عِصْيَانِكَ ، ‌و‌ لَمْ أَخْلُ فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا ‌من‌ امْتِنَانِكَ . «6» فَهَلْ يَنْفَعُنِي ، ‌يا‌ إِلَهِي ، إِقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ ‌ما‌ اكْتَسَبْتُ ‌و‌ هَلْ يُنْجِينِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيحِ ‌ما‌ ارْتَكَبْتُ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَايَ مَقْتُکَ . «7» سُبْحَانَكَ ، ‌لا‌ أَيْأَسُ مِنْكَ ‌و‌ قَدْ فَتَحْتَ لِي بَابَ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ ، بَلْ أَقُولُ مَقَالَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ الْمُسْتَخِفِّ بِحُرْمَةِ رَبِّهِ . «8» الَّذِي عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ فَجَلَّتْ ، ‌و‌ أَدْبَرَتْ أَيَّامُهُ فَوَلَّتْ حَتَّى إِذَا رَأَى مُدَّةَ الْعَمَلِ قَدِ انْقَضَتْ ‌و‌ غَايَةَ الْعُمُرِ قَدِ انْتَهَتْ ، ‌و‌ أَيْقَنَ أَنَّهُ ‌لا‌ مَحِيصَ لَهُ مِنْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مَهْرَبَ لَهُ عَنْكَ ، تَلَقَّاكَ بِالْإِنَابَةِ ، ‌و‌ أَخْلَصَ لَكَ التَّوْبَةَ ، فَقَامَ إِلَيْكَ بِقَلْبٍ طَاهِرٍ نَقِيٍّ ، ثُمَّ دَعَاكَ بِصَوْتٍ حَائِلٍ خَفِيٍّ . «9» قَدْ تَطَأْطَأَ لَكَ فَانْحَنَى ، ‌و‌ نَكَّسَ رَأْسَهُ فَانْثَنَى ، قَدْ أَرْعَشَتْ خَشْيَتُهُ رِجْلَيْهِ ، ‌و‌ غَرَّقَتْ دُمُوعُهُ خَدَّيْهِ ، يَدْعُوكَ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، ‌و‌ ‌يا‌ أَرْحَمَ ‌من‌ انْتَابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ ، ‌و‌ ‌يا‌ أَعْطَفَ ‌من‌ أَطَافَ ‌به‌ الْمُسْتَغْفِرُونَ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ عَفْوُهُ أَكْثَرُ ‌من‌ نَقِمَتِهِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ رِضَاهُ أَوْفَرُ ‌من‌ سَخَطِهِ . «10» ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ تَحَمَّدَ إِلَى خَلْقِهِ بِحُسْنِ التَّجَاوُزِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ عَوَّدَ عِبَادَهُ قَبُولَ الْإِنَابَةِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ اسْتَصْلَحَ فَاسِدَهُمْ بِالتَّوْبَةِ ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ رَضِيَ ‌من‌ فِعْلِهِمْ بِالْيَسِيرِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ كَافَى قَلِيلَهُمْ بِالْكَثِيرِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ ضَمِنَ لَهُمْ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ وَعَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفَضُّلِهِ حُسْنَ الْجَزَاءِ . «11» ‌ما‌ أَنَا بِأَعْصَى ‌من‌ عَصَاكَ فَغَفَرْتَ لَهُ ، ‌و‌ ‌ما‌ أَنَا بِأَلْوَمِ ‌من‌ اعْتَذَرَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَ مِنْهُ ، ‌و‌ ‌ما‌ أَنَا بِأَظْلَمِ ‌من‌ تَابَ إِلَيْكَ فَعُدْتَ عَلَيْهِ . «12» أَتُوبُ إِلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا تَوْبَةَ نَادِمٍ عَلَى ‌ما‌ فَرَطَ مِنْهُ ، مُشْفِقٍ مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ ، خَالِصِ الْحَيَاءِ مِمَّا وَقَعَ فيِهِ . «13» عَالِمٍ لَيْكَ، بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ ‌لا‌ يَتَعَاظَمُكَ ، ‌و‌ أَنَّ التَّجَاوُزَ عَنِ الْإِثْمِ الْجَلِيلِ ‌لا‌ يَسْتَصْعِبُكَ ، ‌و‌ أَنَّ احْتِمالَ الْجِنَايَاتِ الْفَاحِشَةِ ‌لا‌ يَتَكَأَّدُكَ ، ‌و‌ أَنَّ أَحَبَّ عِبَادِكَ إِلَيْكَ ‌من‌ تَرَكَ الاِسْتِكْبَارَ عَلَيْکَ ، ‌و‌ جَانَبَ الْاِصْرَارَ ، ‌و‌ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ . «14» ‌و‌ أَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ ‌من‌ أَنْ أَسْتَكْبِرَ ، ‌و‌ أَعُوذُ بِكَ ‌من‌ أَنْ أُصِرَّ ، ‌و‌ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا قَصَّرْتُ فِيهِ ، ‌و‌ أَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى ‌ما‌ عَجَزْتُ عَنْهُ . «15» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ هَبْ لِي ‌ما‌ يَجِبُ عَلَيَّ لَكَ ، ‌و‌ عَافِنِي مِمَّا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ ، ‌و‌ أَجِرْنِي مِمَّا يَخَافُهُ أَهْلُ الْإِسَاءَةِ ، فَإِنَّكَ مَلِي ءٌ بِالْعَفْوِ ، مَرْجُوٌّ لِلْمَغْفِرَةِ ، مَعْرُوفٌ بِالتَّجَاوُزِ ، لَيْسَ لِحَاجَتِي مَطْلَبٌ سِوَاكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ لِذَنْبِي غَافِرٌ غَيْرُكَ ، حَاشَاكَ «16» ‌و‌ ‌لا‌ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا إِيَّاكَ ، إِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى ‌و‌ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ ‌آل‌ مُحَمَّدٍ ، ‌و‌ اقْضِ حَاجَتِي ، ‌و‌ أَنْجِحْ طَلِبَتِي ، ‌و‌ اغْفِرْ ذَنْبِي ، ‌و‌ آمِنْ خَوْفَ نَفْسِي ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ، ‌و‌ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
 
(اللهم انه يحجبنى عن مسالتك خلال ثلاث، ‌و‌ تحدونى عليها واحده) ‌من‌ كان له الى الله حاجه فليمهد- قبل ذكرها- بذكر ‌ما‌ انعم الله عليه ‌و‌ بالتقصير ‌فى‌ شكره تعالى ‌و‌ طاعته، ‌و‌ انه ليس باهل لشى ء ‌من‌ فضله، ‌و‌ لكن الله سبحانه ‌هو‌ اهل الجود ‌و‌ الرحمه.
 
و ‌من‌ هنا تضرع الامام (ع) لله تعالى قبل ‌ان‌ يساله شيئا ‌و‌ قال: اعترف ‌يا‌ مولاى ‌ان‌ ‌فى‌ خصال ثلاث تفرض على ‌ان‌ ‌لا‌ اطلب منك ايه حاجه: 1- (امر امرت ‌به‌ فابطات عنه) ‌و‌ كان على ‌ان‌ اسرع اليه. 2- (و نهى نهيت عنه فاسرعت اليه) بدلا ‌من‌ الاحجام عنه. 3- (و نعمه انعمت بها على فقصرت ‌فى‌ شكرها) فباى لسان اسالك ‌و‌ ارجوك؟ ‌و‌ باى عمل استشفع اليك؟.
 اجل، هناك شى ء واحد يبعثنى  
 
(و يحدونى على مسالتك) ‌و‌ ‌هو‌ (تفضلك على ‌من‌ اقبل عليك بوجهه اليك) توجه باخلاص ‌و‌ انقطع اليك وحدك ‌لا‌ شريك لك (و وفد بحسن ظنه اليك) رجاك ‌و‌ ‌هو‌ على يقين بانك اكرم مرجو ‌و‌ خير مامول (اذ جميع احسانك تفضل) ‌لا‌ استحقاق (و اذ كل نعمك ابتداء) ‌لا‌ عوض ‌و‌ معوض، ‌و‌ لكن انت كتبت على نفسك الثواب ‌و‌ الجزاء بقولك ‌و‌ وعدك: «فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره- 7 الزلزله». انظر الفصل العاشر فقره «الثواب تفضل ‌او‌ استحقاق؟».
 
المعصوم ‌و‌ الاعتراف بالذنب
 ‌و‌ تسال: ماذا اراد الامام (ع) بقوله لله تعالى: امرت فلم ااتمر، ‌و‌ نهيت فلم انته، ‌و‌ انعمت فلم اشكر، علما بانه معصوم عن الخطا ‌و‌ الخطيئه؟.
 ‌و‌ قرات خمسه اجوبه عن هذا السوال، اتركها لمن ارادها، ‌و‌ اجيب بان المعصوم يوكد بكل اسلوب لمن يعتقدون بعصمته انه بشر مثلهم كيلا يقولوا فيه ‌ما‌ قاله النصارى بالسيد المسيح (ع). ‌و‌ ‌من‌ ذلك الاعتراف بالذنب هذا الى ‌ان‌ الامام يذلل نفسه باتهامها ‌و‌ محاسبتها، لان هذا التذليل ضرب ‌من‌ العباده ‌و‌ الرياضه النفسيه، قال الامام اميرالمومنين (ع): «و انما هى نفسى اروضها بالتقوى لتاتى آمنه يوم الخوف الاكبر» ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ نفسه الزكيه آمنه، ‌و‌ لكن بمحاسبتها ‌و‌ بخوفها ‌من‌ يوم الخوف بشهاده قوله: «من حاسب نفسه ربح، ‌و‌ ‌من‌ غفل عنها خسر، ‌و‌ ‌من‌ خاف امن». ‌و‌ ايضا قال: «يا ايها الناس، انى ‌و‌ الله ‌لا‌ احثكم على طاعه الا ‌و‌ اسبقكم اليها، ‌و‌ ‌لا‌ انهاكم عن معصيه الا ‌و‌ اتناهى قبلكم عنها».
 
(فها انا ‌يا‌ الهى واقف بباب عزك) لائذ بعزتك التى ليس كمثلها شى ء، ‌و‌ بقدرتك التى ‌لا‌ يعجزها شى ء (وقوف المستسلم) لامرك المجيب لدعوتك (و سائلك على حياء) لما سبق ‌من‌ غفلتى ‌و‌ اهمالى (سئوال البائس المعيل) ‌اى‌ الفقير ‌و‌ البائس مرادف له  
 
(مقر لك بانى لم استسلم وقت احسانك الا بالاقلاع عن عصيانك) اقر ‌يا‌ الهى ‌و‌ اعترف انك انعمت على ‌و‌ تفضلت، ‌و‌ انى ‌ما‌ عبدتك الا فرارا ‌من‌ عقابك تماما كعباده العبيد، علما منى بان على ‌ان‌ اعبدك لانك اهل للتعظيم ‌و‌ العباده، ‌او‌ شكرا- على الاقل- لما اسديت ‌و‌ اعطيت. قال الامام اميرالمومنين (ع): لو لم يتوعد الله على المعصيه لكان يجب ‌ان‌ لايعصى شكرا لنعمه.
 (و لم اخل ‌فى‌ الحالات كلها ‌من‌ امتنانك) ‌اى‌ انعامك ‌و‌ احسانك، ‌و‌ المعنى ‌ان‌ عنايه الله ‌بى‌ ‌و‌ نعمته على قائمه ‌فى‌ شتى الاحوال شاكرا ‌و‌ مقصرا
 
(فهل ينفعنى ‌يا‌ الهى...) ‌و‌ ينجينى ‌من‌ غضبك ‌و‌ عذابك التوسل اليك، ‌و‌ الاعتراف بين يديك بالخطا ‌و‌ الخطيئه، ‌و‌ طلب العفو ‌و‌ الرحمه، ‌ام‌ انك قضيت بعذابى ‌فى‌ كل حال، ‌و‌ ‌لا‌ ينفعنى الفرار منه اليك ‌و‌ ‌لا‌ الثقه برحمتك ‌و‌ مغفرتك؟
 
(سبحانك ‌لا‌ اياس منك ‌و‌ قد فتحت لى باب التوبه) ‌فى‌ نهج البلاغه: «ما كان الله ليفتح لعبد باب التوبه، ‌و‌ يغلق عنه باب المغفره... ‌ما‌ اهمنى ذنب امهلت بعده حتى اصلى ركعتين، ‌و‌ اسال الله العافيه» ‌و‌ قال رجل لرابعه العدويه: «قد عصيت الله، فهل يقبل توبتى؟ فقالت له: ويحك انه يدعو المدبرين عنه فكيف لايقبل المقبلين عليه»!!
 (بل اقول مقال العبد الذليل الظالم لنفسه) قال رجل لابى ذر (ع): عظنى. فقال له: ‌لا‌ تسى ء الى نفسك. قال الرجل: ‌و‌ هل ‌من‌ احد يسى ء الى نفسه. قال: كل ‌من‌ تعاطى امرا يعاقب عليه فقد ظلم نفسه ‌و‌ اساء اليها. ‌و‌ عليه فكلنا ظالم لنفسه حتى المظلوم يشارك ‌من‌ ظلمه ‌فى‌ الاثم الا ‌ان‌ يستميت دون حقه، ‌و‌ لو علم الظالم ‌ان‌ المظلوم يقاومه الى نفسه الاخير لتحاماه ‌و‌ ‌كف‌ عنه، ‌و‌ لم يكن للظلم عين ‌و‌ ‌لا‌ اثر، ‌و‌ قوله تعالى: «ان الله لايظلم الناس ‌و‌ لكن الناس انفسهم يظلمون- 44 يونس» يعم ‌و‌ يشمل ‌من‌ سكت عن ظالمه ‌و‌ ‌هو‌ قادر على مقاومته بطريق ‌او‌ باخر مشروع عقلا ‌و‌ شرعا.
 (المستخف بحرمه ربه) حيث ترك ‌ما‌ اوجب، ‌و‌ فعل ‌ما‌ حرم  
 
(الذى عظمت ذنوبه) عطف بيان ‌او‌ بدل ‌من‌ العبد (فجلت) عطف تفسير على عظمت (و ادبرت ايامه) ‌و‌ قرب حمامه (حتى اذا راى مده العمل) الصالح الرابح (قد انقضت) ‌و‌ انقطع الامل ‌فى‌ تدارك ‌ما‌ فات (و غايه العمر قد انتهت) تكرار ‌و‌ توكيد لما قبله (و ايقن ‌ان‌ ‌لا‌ محيص له منك...) كيف؟ ‌و‌ ‌هو‌ تعالى ‌فى‌ سلطانه الظاهر على كل شى ء لانه خالق كل شى ء (تلقاك بالانابه...) جواب اذا راى مده العمر، ‌و‌ الانابه هنا: الرجوع الى الله تعالى بتوبه خالصه مخلصه.
 (فقام اليك بقلب طاهر نقى) يحب لغيره ‌ما‌ يحب لنفسه، ‌و‌ يكره له ‌ما‌ يكره لها (ثم دعاك بصوت حائل خفى) ‌و‌ المراد بالحائل هنا ‌ان‌ صوته تحول عن طبيعته ‌و‌ عادته الى التذلل ‌و‌ التضرع لهيبه الله ‌و‌ جلاله  
 
(قد تطاطا) انخفض ‌و‌ خضع ‌و‌ مثله طاطا كل شريف لشرفه (و نكس راسه) طاطاه ذليلا (قد ارعشت خشيته رجليه...) الرعشه: الرجفه ‌و‌ الرعده، ‌و‌ المعنى استولت عليه الخشيه ‌من‌ الله، فارعشت رجليه، ‌و‌ ابكت عينيه... يستغيث برحمته تعالى، ‌و‌ يستنجد برافته، ‌و‌ يكرر مرددا: ‌يا‌ اله العالمين، ‌يا‌ مجير الخائفين (يا ارحم الراحمين ‌و‌ ‌يا‌ ارحم ‌من‌ انتابه) ‌اى‌ اتاه المره تلو المره (المسترحمون) طالبوا الرحمه (من اطاف به) ‌من‌ احاط ‌به‌ (المستغفرون) ‌و‌ ‌هم‌ الذين يطلبون منه المغفره.
 (و ‌يا‌ ‌من‌ عفوه اكثر ‌من‌ نقتمه) كل حليم يعفو ‌و‌ يغفر، لان العفو ‌و‌ المغفره ثمره الحلم ‌و‌ اثر ‌من‌ آثاره، ‌و‌ قد وصف سبحانه نفسه ‌فى‌ العديد ‌من‌ آيات كتابه العزيز بقوله: «و الله غفور رحيم» ‌و‌ كلمه غفور للمبالغه، تومى ء الى ‌ان‌ الذين يشملهم الله بعفوه ‌من‌ المذنبين اكثر بكثير ‌من‌ الذين ينتقم منهم بعدله (و ‌يا‌ ‌من‌ رضاه اوفر ‌من‌ سخطه) لايسرع الى الانتقام ممن يستحقه: «لو يواخذ الله الناس بما كسبوا ‌ما‌ ترك على ظهرها ‌من‌ دابه- 45 غافر» ‌و‌ قيل للامام السجاد (ع): قال حسن البصرى: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، ‌و‌ انما العجب ممن نجا كيف نجا. قال الامام (ع) اما انا فاقول: ليس العجب ممن نجا كيف نجا، ‌و‌ انما العجب ممن هلك كيف هلك مع سعه رحمه الله. ‌و‌ هذا القول ‌من‌ الامام (ع) وحى ‌من‌ الوحى الذى قال: «ربنا وسعت كل شى ء رحمه-، غافر... ‌و‌ رحمتى وسعت كل شى ء- 56 الاعراف».
 
(و ‌يا‌ ‌من‌ تحمد الى خلقه بحسن التجاوز) احسن سبحانه الى عباده بالصفح الذى يستوجب الشكر ‌و‌ الحمد (و ‌يا‌ ‌من‌ عود عباده قبول الانابه) ‌هو‌ سبحانه عود عليه عباده ‌و‌ اغراهم ‌و‌ الرجوع اليه حيث فتح بابه لكل داخل، ‌و‌ استجاب لكل سائل، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ‌ان‌ الله لايمل حتى تملوا. ‌و‌ فيه ايضا: كلما عاد المومن الى الله بالاستغفار عاد الله عليه بالمغفره، ‌ان‌ الله غفور رحيم (و ‌يا‌ ‌من‌ استصلح فاسدهم بالتوبه) داوى سبحانه اسقام الذنوب بدواء التوبه (و ‌يا‌ ‌من‌ رضى ‌من‌ فعلهم باليسير، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ كافا قليلهم بالكثير) كلفهم دون ‌ما‌ يطيقون، ‌و‌ اعطاهم فوق ‌ما‌ يستحقون «للذين احسنوا الحسنى ‌و‌ زياده- 26 يونس» (و ‌يا‌ ‌من‌ ضمن لهم اجابه الدعاء) بقوله: ادعونى استجب لكم- 60 غافر» (و ‌يا‌ ‌من‌ وعدهم على نفسه بتفضله حسن الجزاء) ‌و‌ جاء هذا الوعد ‌فى‌ الايه 195 ‌من‌ ‌آل‌ عمران: «و الله عنده حسن الثواب».
 
(ما انا باعصى ‌من‌ عصاك...) بعد هذه الاستغاثه اللاهفه الخائفه تضرع الامام (ع) لخالقه ‌و‌ قال: انا ‌يا‌ الهى عاص ‌و‌ ملوم، ‌و‌ لكن ذنبى يحمل العفو منك، ‌و‌ يتسع له لانى- كما تعلم- ‌ما‌ شردت شعبا برجاله ‌و‌ نسائه ‌و‌ اطفاله، ‌و‌ ‌لا‌ دمرت بلدا ‌من‌ بلاد خلقك ‌و‌ عبادك، ‌و‌ ‌لا‌ اثرت حربا لكسب المزيد ‌من‌ المال ‌و‌ الثراء، ‌و‌ ‌لا‌ ظاهرت ظالما على ظلمه ‌او‌ قبضت منه كثيرا ‌او‌ قليلا... ‌و‌ اذن فما انا باعصى العصاه كيلا تسمح ‌و‌ تصفح.
 
(اتوب اليك ‌فى‌ مقامى هذا) المذنب ‌هو‌ الهارب الابق ‌من‌ طاعه الله، اما التائب ‌من‌ ذنبه فهو النادم الراجع الى الطاعه المعترف باثمه ‌و‌ جرمه المصمم على الترك ‌و‌ الاقلاع، ‌و‌ الامام (ع): يحث المذنب على التوبه ‌و‌ يقول له: ارجع الى ربك ‌و‌ اطلب العفو بقلب (نادم على ‌ما‌ فرط منه) شاعر ‌من‌ الاعماق بانه اهمل ‌و‌ قصر، ‌و‌ اساء ‌و‌ اخطا (مشفق مما اجتمع عليه) ‌اى‌ متخوف ‌من‌ كثره ذنوبه (خالص الحياء) كل خوف ‌و‌ حياء ‌من‌ الله ‌لا‌ ‌من‌ الناس: يسمى خالص الحياء ‌و‌ خالص الخوف، ‌و‌ صاحبه مخلصا ‌فى‌ دينه ‌و‌ ايمانه.
 
(عالم بان العفو عن الذنب ‌لا‌ يتعاظمك) ‌اى‌ لاتعظم مغفرته على الله سبحانه، شريطه ‌ان‌ لايكون ظلما ‌و‌ عدوانا على عباد الله ‌و‌ عياله. فكل الذنوب تحتها التوبه ‌و‌ تحرقها حتى الشرك الا ظلم الانسان لاخيه الانسان، فان الله لايترك ظلامه مظلوم الا ‌ان‌ يترك صاحبها ‌و‌ يصفح. ‌و‌ ‌فى‌ سفينه البحار: ‌ان‌ شهيدا حبس على باب الجنه بثلاثه دراهم ليهودى (و ‌ان‌ التجاوز عن الاثم الجليل لايستصعبك) الا ‌ان‌ يكون حقا ‌من‌ حقوق الناس كما اشرنا، ‌و‌ هذه الجمله توكيد ‌و‌ تفسير للتى قبلها (و ‌ان‌ احتمال الجنايات الفاحشه) كبائر الذنوب (لايتكادك) ‌اى‌ لايصعب عليك العفو عنها. ايضا ‌ما‌ عدا العدوان على الخلق، ‌و‌ هذه الجمله كسابقتها توكيدا ‌و‌ تفسيرا.
 (و ‌ان‌ احب عبادك اليك ‌من‌ ترك الاستكبار عليك) ‌اى‌ لايستنكف عن سواله تعالى ‌و‌ التضرع له (و جانب الاصرار) على الذنب ‌و‌ المعصيه (و لزوم الاستغفار) داوم على طلب العفو ‌و‌ المغفره منه تعالى  
 
(و انا ابرا اليك ‌من‌ ‌ان‌ استكبر) عن الاستعانه برحمتك، ‌و‌ اللجوء الى جلالك ‌و‌ عظمتك (و اعوذ بك ‌من‌ ‌ان‌ اصر) على ‌ما‌ تكره (و استغفرك لما قصرت فيه...) لقد اهملت الواجب، ‌و‌ تشاغلت عنه بلذه عاجله زائله، ثم ادركت عقبى التفريط فندمت ‌و‌ اتيتك متوسلا بك اليك، فاغفر لى ‌ما‌ انت اعلم ‌به‌ منى، ‌و‌ ‌لا‌ تردنى بالخيبه ‌و‌ الخسران، ‌يا‌ ذا الجلال ‌و‌ الاكرام.
 
(وهب لى ‌ما‌ يجب على لك) اغفر لى التقصير ‌فى‌ طاعتك ‌و‌ التهاون ‌فى‌ اداء حقك. ‌و‌ قال ابوذر حين مات ولده ذر: اللهم انك فرضت عليه حقوقا لى ‌و‌ حقوقا لك، ‌و‌ قد وهبته حقوقى، فهب له حقوقك، فانك اولى بذلك منى ‌و‌ اكرم (و عافنى مما استوجبته منك) اعفنى ‌و‌ سلمنى ‌من‌ العقاب الذى استحقه منك على ‌ما‌ فرطت ‌و‌ قصرت (و اجرنى مما يخافه اهل الاساءه) انقذنى ‌من‌ عذاب المسيئين (فانك ملى ء) غنى (بالعفو مرجو) مامول (للمغفره) ‌و‌ الفرق بين العفو ‌و‌ المغفره ‌ان‌ العفو اسقاط العذاب، ‌و‌ المغفره الستر على الذنب (و ليس لحاجتى مطلب) محل الطلب (سواك) لان حاجتى ‌فى‌ الاخره ‌لا‌ ‌فى‌ الدنيا (حاشاك) سبحانك  
 
(آمين) اسم فعل مبنى على الفتح بمعنى استجب.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

عند رویه الهلال
فى عید الفطر و الجمعه
بعد صلاه اللیل
فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^