فارسی
سه شنبه 18 ارديبهشت 1403 - الثلاثاء 27 شوال 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

فى الشكر

فى الشكر


 «1» اللَّهُمَّ إِنَّ أَحَداً ‌لا‌ يَبْلُغُ ‌من‌ شُكْرِكَ غَايَةً إِلَّا حَصَلَ عَلَيْهِ ‌من‌ إِحْسَانِكَ ‌ما‌ يُلْزِمُهُ شُكْراً . «2» ‌و‌ ‌لا‌ يَبْلُغُ مَبْلَغاً ‌من‌ طَاعَتِكَ ‌و‌ إِنِ اجْتَهَدَ إِلَّا كَانَ مُقَصِّراً دُونَ اسْتِحْقَاقِكَ بِفَضْلِكَ «3» فَأَشْكَرُ عِبَادِكَ عَاجِزٌ عَنْ شُكْرِكَ ، ‌و‌ أَعْبَدُهُمْ مُقَصِّرٌ عَنْ طَاعَتِكَ «4» ‌لا‌ يَجِبُ لِأَحَدٍ أَنْ تَغْفِرَ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ أَنْ تَرْضَى عَنْهُ بِاسْتِيجَابِهِ «5» فَمَنْ غَفَرْتَ لَهُ فَبِطَوْلِكَ ، ‌و‌ ‌من‌ رَضِيتَ عَنْهُ فَبِفَضْلِكَ «6» تَشْكُرُ يَسِيرَ ‌ما‌ شَكَرْتَهُ ، ‌و‌ تُثِيبُ عَلَى قَلِيلِ ‌ما‌ تُطَاعُ فِيهِ حَتَّى كَأَنَّ شُكْرَ عِبَادِكَ الَّذِي أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ ثَوَابَهُمْ ‌و‌ أَعْظَمْتَ عَنْهُ جَزَاءَهُمْ أَمْرٌ مَلَكُوا اسْتِطَاعَةَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ دُونَكَ فَكَافَيْتَهُمْ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ بِيَدِكَ فَجَازَيْتَهُمْ «7» بَلْ مَلَكْتَ ‌يا‌ إِلَهِي أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكُوا عِبَادَتَكَ ، ‌و‌ أَعْدَدْتَ ثَوَابَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُفِيضُوا فِي طَاعَتِكَ ، ‌و‌ ذَلِكَ أَنَّ سُنَّتَكَ الْإِفْضَالُ ، ‌و‌ عَادَتَكَ الاحسان ، ‌و‌ سَبِيلَکَ الْعَفْوُ «8» فَكُلُّ الْبَرِيَّةِ مُعْتَرِفَةٌ بِأَنَّكَ غَيْرُ ظَالِمٍ لِمَنْ عَاقَبْتَ ، ‌و‌ شَاهِدَةٌ بِأَنَّكَ مُتَفَضَّلٌ عَلَى ‌من‌ عَافَيْتَ ، ‌و‌ كُلٌّ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْصِيرِ عَمَّا اسْتَوْجَبْتَ «9» فَلَوْ ‌لا‌ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْتَدِعُهُمْ عَنْ طَاعَتِكَ ‌ما‌ عَصَاكَ عَاصٍ ، ‌و‌ لَوْ ‌لا‌ أَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ الْبَاطِلَ فِي مِثَالِ الْحَقِّ ‌ما‌ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِكَ ضَالٌّ «10» فَسُبْحَانَكَ ‌ما‌ أَبْيَنَ كَرَمَكَ فِي مُعَامَلَةِ ‌من‌ أَطَاعَكَ أَوْ عَصَاكَ تَشْكُرُ لِلْمُطِيعِ ‌ما‌ أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَهُ ، ‌و‌ تُمْلِي لِلْعَاصِي فِيما تَمْلِكُ مُعَاجَلَتَهُ فِيهِ . «11» أَعْطَيْتَ كُلًّا مِنْهُمَا ‌ما‌ لَمْ يَجِبْ لَهُ ، ‌و‌ تَفَضَّلْتَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يَقْصُرُ عَمَلُهُ عَنْهُ . «12» ‌و‌ لَوْ كَافَأْتَ الْمُطِيعَ عَلَى ‌ما‌ أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ ثَوَابَكَ ، ‌و‌ أَنْ تَزُولَ عَنْهُ نِعْمَتُكَ ، ‌و‌ لَكِنَّكَ بِكَرَمِكَ جَازَيْتَهُ عَلَى الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ الْفَانِيَةِ بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الْخَالِدَةِ ، ‌و‌ عَلَى الْغَايَةِ الْقَرِيبَةِ الزَّائِلَةِ بِالْغَايَةِ الْمَدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ . «13» ثُمَّ لَمْ تَسُمْهُ الْقِصَاصَ فِيما أَكَلَ ‌من‌ رِزْقِكَ الَّذِي يَقْوَى ‌به‌ عَلَى طَاعَتِكَ ، ‌و‌ لَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى الْمُنَاقَشَاتِ فِي الآْلَاتِ الَّتِي تَسَبَّبَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَى مَغْفِرَتِكَ ، ‌و‌ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ ‌به‌ لَذَهَبَ بِجَمِيعِ ‌ما‌ كَدَحَ لَهُ ‌و‌ جُمْلَةِ ‌ما‌ سَعَى فِيهِ جَزَاءً لِلصُّغْرَى ‌من‌ أَيَادِيكَ ‌و‌ مِنَنِكَ ، ‌و‌ لَبَقِيَ رَهِيناً بَيْنَ يَدَيْكَ بِسَائِرِ نِعَمِكَ ، فَمَتَى كَانَ يَسْتَحِقُّ شَيْئاً ‌من‌ ثَوَابِكَ ‌لا‌ مَتَي «14» هَذَا ‌يا‌ إِلَهِي حَالُ ‌من‌ أَطَاعَكَ ، ‌و‌ سَبِيلُ ‌من‌ تَعَبَّدَ لَكَ ، فَأَمَّا الْعَاصِي أَمْرَكَ ‌و‌ الْمُوَاقِعُ نَهْيَكَ فَلَمْ تُعَاجِلْهُ بِنَقِمَتِكَ لِكَيْ يَسْتَبْدِلَ بِحَالِهِ فِي مَعْصِيَتِكَ حَالَ الْإِنَابَةِ إِلَى طَاعَتِكَ ، ‌و‌ لَقَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ فِي أَوَّلِ ‌ما‌ ‌هم‌ بِعِصْيَانِكَ كُلَّ ‌ما‌ أَعْدَدْتَ لِجَمِيعِ خَلْقِكَ ‌من‌ عُقُوبَتِکَ . «15» فَجَمِيعُ ‌ما‌ أَخَّرْتَ عَنْهُ ‌من‌ الْعَذَابِ ‌و‌ أَبْطَأْتَ ‌به‌ عَلَيْهِ ‌من‌ سَطَوَاتِ النَّقِمَةِ ‌و‌ الْعِقَابِ تَرْكٌ ‌من‌ حَقِّكَ ، ‌و‌ رِضًى بِدُونِ وَاجِبِكَ «16» فَمَنْ أَكْرَمُ ‌يا‌ إِلَهِي مِنْكَ ، ‌و‌ ‌من‌ أَشْقَى مِمَّنْ هَلَكَ عَلَيْكَ ‌لا‌ ‌من‌ فَتَبَارَكْتَ أَنْ تُوصَفَ إِلَّا بِالْإِحْسَانِ ، ‌و‌ كَرُمْتَ أَنْ يُخَافَ مِنْكَ إِلَّا الْعَدْلُ ، ‌لا‌ يُخْشَى جَوْرُكَ عَلَى ‌من‌ عَصَاكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُخَافُ إِغْفَالُكَ ثَوَابَ ‌من‌ أَرْضَاكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ هَبْ لِي أَمَلِي ، ‌و‌ زِدْنِي ‌من‌ هُدَاكَ ‌ما‌ أَصِلُ ‌به‌ إِلَي التَّوْفِيقِ فِي عَمَلِي ، إِنَّکَ مَنَّانٌ کَرِيمٌ
 
(اللهم ‌ان‌ احدا لايبلغ ‌من‌ شكرك غايه...) التوفيق للشكر نعمه طارئه تستدعى الشكر عليها ‌و‌ معنى هذا انه يحب الشكر على كل شكر الى ‌ما‌ ‌لا‌ نهايه، ‌و‌ ايضا معنى هذا ‌ان‌ ‌من‌ نطق بكلمه الشكر، ينبغى ‌ان‌ يكررها حتى الممات، ‌و‌ هنا يكمن ‌سر‌ العجز عن شكره تعالى كما ‌هو‌ اهل له  
 
(و لايبلغ ‌من‌ طاعتك ‌و‌ ‌ان‌ اجتهد...) لو حاول العبد ‌و‌ اجتهد مدى الاعصار- ‌ان‌ عاشها- ‌ان‌ يودى شكر نعمه واحده ‌من‌ نعمه تعالى ‌ما‌ استطاع الى ذلك سبيلا، فكيف اذا تجاوزت النعم ‌حد‌ الاحصاء، و لذا قال الامام (ع): (فاشكر عبادك عاجز عن شكرك، ‌و‌ اعبدهم مقصر عن طاعتك) ‌فى‌ مقدور العبد ‌ان‌ يحسن لمن ابتداه بالاحسان بقدر ‌ما‌ احسن ‌و‌ زياده، ‌ان‌ ‌يك‌ المحسن عبدا مثله، اما اذا كان المحسن ‌هو‌ المعبود ‌و‌ الخالق فمحال، لانه تعالى المصدر لكل فضل ‌و‌ احسان، ‌و‌ الغنى بالذات عن كل شى ء ‌و‌ اليه يفتقر كل شى ء.
 
(و لايجب لاحد ‌ان‌ تغفر له باستحقاق...) اتفق العلماء ‌ان‌ العاصى يستحق العقاب، ‌و‌ اختلفوا: هل الثواب منه تعالى للمطيع تفضل ‌او‌ استحقاق؟ ‌و‌ الحق انه تفضل بالاصل ‌و‌ استحقاق بالواسطه، لان الطاعه واجبه، ‌و‌ ‌لا‌ شكر ‌و‌ اجر على واجب، ‌و‌ لكنه تعالى ‌هو‌ الذى اوجب ‌و‌ كتب على نفسه الرحمه بعباده. ‌و‌ تقدم الكلام عن ذلك مفصلا ‌فى‌ الدعاء العاشر فقره الثواب تفضل ‌او‌ استحقاق؟
 
(تشكر يسير ‌ما‌ شكرته...) تعطى الجليل على الحقير، ‌و‌ تعفو عن الكثير.
 (حتى كان شكر عبادك...) انت ‌يا‌ الهى الذى اقدرت عبدك على الطاعه ‌و‌ فعل الخير، ‌و‌ هديته اليه، ‌و‌ قربته منه... فعليه، ‌و‌ هذى هى الحال ‌ان‌ يشكرك ‌هو‌ على ذلك لانك الوهاب المتفضل، ‌و‌ لكن كرمك ابى الا ‌ان‌ تكون انت الشاكر لمن اعطيت ‌و‌ وهبت. فسبحانك ‌من‌ غالب واهب ‌و‌ قادر غافر (امر ملكوا استطاعه الامتناع دونك...) اذا سالت اخاك حاجه فلبى وجب له الشكر عليك حيث لاتملك القدره على قهره ‌و‌ قسره على الاجابه، ‌و‌ مع ذلك استجاب، ‌و‌ ليس الامر كذلك بالنسبه اليه تعالى، لان الكون كله ‌فى‌ قبضته، ‌و‌ مع هذا يكافى ء العبد ‌و‌ يجازيه بالثواب حتما ‌و‌ جزما، لو اطاع، تماما كما يشكر الانسان اخاه على احسانه ‌و‌ زياده. ‌و‌ هنا يكمن ‌سر‌ الالوهيه ‌و‌ وجوب العباده للذات القدسيه وحدها ‌لا‌ شريك ‌و‌ ‌لا‌ مثيل.
 
(بل ملكت ‌يا‌ الهى امرهم قبل ‌ان‌ يملكوا عبادتك) ابتداهم بالنعم ‌من‌ المهد- حيث ‌لا‌ طاعه ‌و‌ ‌لا‌ عباده- الى اللحد، ‌و‌ معنى هذا انه تعالى يعطى و لاياخذ، كيف؟ ‌و‌ ‌من‌ ايه يد ياخذ، ‌و‌ له كل شى ء حتى اليد التى تعطى ‌و‌ صاحبها؟ (و اعددت ثوابهم قبل...) شرع سبحانه ‌و‌ قدر الاجر ‌و‌ الثواب كما ‌و‌ كيفا لكل ‌من‌ اطاع تبعا لطاعته قبل ‌ان‌ يوجد. ‌و‌ يسمى هذا النحو ‌من‌ التشريع بالقضيه الحقيقيه التى يعم حكمها ‌و‌ يشمل السابق ‌و‌ الحاضر ‌و‌ اللاحق (ان سنتك): طريقتك ‌و‌ شانك ‌ان‌ تنعم ‌و‌ تكرم ‌و‌ تشكر ‌و‌ تغفر.
 
(فكل البريه معترفه بانك غير ظالم...) يعترف المومن بخلقه ‌و‌ منطقه، ‌و‌ الكافر بخلقه ‌لا‌ بمنطقه، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء لسيد الشهداء (ع): «تعرفت لكل شى ء فما جهلك شى ء... كيف تخفى ‌و‌ انت الظاهر؟ ‌و‌ كيف تغيب ‌و‌ انت رقيب؟» ‌و‌ نجد تفسير هذا ‌و‌ ذاك ‌فى‌ الايه 44 ‌من‌ الاسراء: «و ‌ان‌ ‌من‌ شى ء الا يسبح بحمده» بلسان المقال ‌و‌ الحال معا ‌او‌ بلسان الخلق ‌و‌ الحال (و كل مقر) بلسان المقال ‌او‌ الحال (على نفسه بالتقصير...) فيما يجب عليه لله تعالى ‌من‌ الشكر ‌و‌ الطاعه.
 
(فلولا ‌ان‌ الشيطان يختدعهم عن طاعتك ‌ما‌ عصاك عاص) يومى ء هذا الى ‌ان‌ الانسان ليس شريرا ‌و‌ ذئبا بطبعه، ‌و‌ انما يتكيف تبعا للتربيه ‌و‌ الظروف ‌و‌ البيئه كما ‌فى‌ الحديث: «كل مولود يولد على الفطره حتى يكون ابواه يهدوانه ‌او‌ ينصرانه. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء عرفه لسيدالشهداء (ع): «لم تخرجنى لرافتك ‌و‌ لطفك ‌بى‌ ‌و‌ احسانك الى ‌فى‌ دوله ايام الكفر الذين نقضوا عهدك ‌و‌ كذبوا رسلك (و لو ‌لا‌ انه صور لهم الباطل...) عطف تكرار.
 
(فسبحانك ‌ما‌ ابين كرمك...) الله واسع كريم، لايبالى ‌كم‌ اعطى، ‌و‌ لمن اعطى مطيعا كان ‌ام‌ عاصيا (تشكر للمطيع ‌ما‌ انت توليته له) تجزى على الحسنه- ‌و‌ هى منك باضعافها، ‌و‌ تعطى على العمل القليل ‌فى‌ امد قصير نعيما قائما ‌و‌ ملكا ‌فى‌ الاخره دائما.
 
 لماذا املى سبحانه ‌و‌ امهل؟
 
 (و تملى للعاصى فيما تملك معاجلته...) الله سبحانه يمهل العاصى حتى كانه يهمله، ‌و‌ لو شاء لاخذه على الفور اخذ عزيز جبار. ‌و‌ ذلك لامور ثلاثه: اولا انما يعجل ‌من‌ يخاف الفوت. ثانيا عسى ‌ان‌ يرجع الى رشده ‌و‌ يووب. ثالثا لتنقطع جميع اعذاره، ‌و‌ تكون الحجه عليه اكمل ‌و‌ ابلغ  
 
(اعطيت كلا منهما ‌ما‌ لم يجب له) ضمير التثنيه للمطيع ‌و‌ العاصى، ‌و‌ المعنى انه تعالى شكر المطيع، ‌و‌ امهل العاصى تفضلا منه ‌و‌ كرما ‌و‌ الا فما لهذا ‌حق‌ ‌فى‌ الامهال ‌و‌ ‌لا‌ لذاك فرض ‌من‌ الثواب.
 
(و لو كافات على ‌ما‌ انت توليته...) لايسوغ للمطيع ‌ان‌ يطلب الاجر ‌و‌ المكافاه على طاعته، لانه ‌ما‌ فعلها الا بالقدره التى هى ‌من‌ عند الله سبحانه. ‌و‌ بكلام آخر: اذا دعاك جارك الى مائدته ‌و‌ لبيت فهل تطلب منه اجره الدعوه ‌و‌ عوض الطعام الذى اكلت! (و لكنك بكرمك جازيته على المده القصيره الفانيه بالمده الطويله الباقيه...) ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ القائم الدائم افضل ‌و‌ اعظم ‌من‌ الراحل الزائل: «ما عندكم ينفد ‌و‌ ‌ما‌ عند الله باق- 96 النحل» ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: ‌لا‌ تجاره كالعمل الصالح ‌و‌ ‌لا‌ ربح كالثواب.
 
(ثم لم تسمه القصاص فيما اكل ‌من‌ رزقك...) لم تسمه القصاص: اطلقته ‌و‌ سامحته، ‌و‌ لم تقتص منه، ‌و‌ المراد بالالات هنا اعضاء الانسان ‌و‌ كل ماله اثر وصله بوجود الفعل سواء اكان محسوسا كالعين ‌و‌ اليد ‌ام‌ غير محسوس كالعقل ‌و‌ الاراده، هذا ‌هو‌ المفهوم ‌من‌ قول الامام (ع): (الالات التى تسبب باستعمالها. ‌و‌ المعنى الجملى ‌ان‌ المطيع قد ركع لله ‌و‌ سجد، ‌و‌ ضحى ‌و‌ جاهد ‌و‌ شكر ‌و‌ حمد، كل ذلك ‌و‌ غيره ‌من‌ خير قد فعله ‌و‌ اتى ‌به‌ بادوات ‌و‌ اسباب هى ‌من‌ صنع الله ‌و‌ فضله، اضافه الى انواع الرزق ‌و‌ المعاش... الى ‌ما‌ لايبلغه الاحصاء ‌من‌ مننه تعالى ‌و‌ نعمه.
 ‌و‌ لو اراد سبحانه ‌ان‌ يدقق ‌و‌ يضايق لقال لعبده السميع المطيع فضلا عن العاصى: انت فعلت خيرا، ‌ما‌ ‌فى‌ ذلك ريب، ‌و‌ لكن هل تستحق منى عليه الجزاء باسم العدل ‌و‌ الانصاف؟ تعال الى العرض ‌و‌ نقاش حساب: لقد اعطيتك سلفا ‌و‌ قبل ‌ان‌ تفعل شيئا، العقل ‌و‌ الشعور ‌و‌ السمع ‌و‌ البصر ‌و‌ الشم ‌و‌ النطق ‌و‌ القلب ‌و‌ الراس ‌و‌ اليدين ‌و‌ الرجلين ‌و‌ الدم ‌و‌ العروق، ‌و‌ كل ‌ما‌ فيك ‌من‌ قوى ‌ما‌ ظهر منها ‌و‌ ‌ما‌ بطن، ‌و‌ عليه فما ‌من‌ خير فعلت الا ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ ثمار ‌و‌ آثار ‌ما‌ املكه منك، ‌و‌ لاتملك انت منه شيئا حتى الاراده ‌و‌ الاختيار. ‌و‌ ‌فى‌ النهايه يستصغر المطيع العاقل نفسه ‌و‌ طاعته ‌لا‌ محاله، ‌و‌ يوقن بانه لو كدح مدى حياته ‌فى‌ ليله ‌و‌ نهاره على ‌ان‌ يودى شكر صغيره ‌من‌ نعم الله ‌ما‌ استطاع الى ذلك سبيلا. ‌و‌ هذا معنى قول الامام (ع): (لو فعلت ذلك به) ‌اى‌ لو دققت الحساب معه (لذهب بجميع ‌ما‌ كدح ‌و‌ جمله ‌ما‌ سعى فيه جزاء للصغرى ‌من‌ اياديك) فضلا عن النعم الكبرى التى ‌لا‌ تعد ‌و‌ ‌لا‌ تحصى.
 (و لبقى رهينا بين يديك بسائر نعمك) فاغره جودك ‌و‌ عطاوك، ‌و‌ اسره لطفك ‌و‌ آلاوك، فكيف يطلب الجزاء ‌و‌ الوفاء ‌و‌ ‌هو‌ رهين الديون تماما كالذى حكم عليه القاضى بالافلاس لان ‌ما‌ عليه ‌من‌ الاموال يزيد اضعافا مضاعفه على ‌ما‌ لديه ‌من‌ متاع ثابت ‌و‌ منقول؟ (لا متى  يا الهى حال ‌من‌ اطاعك...)
 
ابدا لايستحق المخلوق اجرا على خالقه بالغا ‌ما‌ بلغ ‌من‌ الصلاح ‌و‌ الكفاح، بل يبقى مدينا لفضله حتى ‌و‌ لو قام الليل ‌و‌ صام النهار طول حياته، ‌و‌ افطر على التراب ‌و‌ ماء الرماد. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 16.
 ‌و‌ اخيرا، فان الله يعطى باستمرار ‌و‌ سخاء بلا عوض لانه الغنى ‌و‌ ‌لا‌ غنى عنه...
 
(فاما العاصى امرك ‌و‌ المواقع نهيك امرته فاحجم، ‌و‌ نهيته فاقدم (فلم تعاجله بنقمتك...) تقدم ‌فى‌ الدعاء الاول ‌ما‌ نصه بالحرف: «امرنا ليختبر طاعتنا، ‌و‌ نهانا ليبتلى شكرنا فخالفنا عن طريق امره، ‌و‌ ركبنا متون زجره، فلم يبتدرنا بعقوبته، ‌و‌ لم يعاجلنا بنقمته، بل تانانا برحمته تكرما، ‌و‌ انتظر مراجعتنا برافته حلما». ‌و‌ ايضا تقدم ‌فى‌ نفس الفصل الذى نحن بصدده، فقره لماذا املى سبحانه ‌و‌ امهل؟
 (و لقد كان يستحق ‌فى‌ اول ‌ما‌ ‌هم‌ بعصيانك...) نيه الخير تعكس طيب الذات ‌و‌ السريره، ‌و‌ نيه الشر ‌و‌ السوء توشى بالخبث ‌و‌ اللوم. ‌و‌ يقول الامام (ع) ‌ان‌ الخبيث اللئيم الذى ‌هم‌ بمعصيتك ‌يا‌ الهى يستحق منك (كل ‌ما‌ اعددت لجميع خلقك ‌من‌ عقوبتك) ‌اى‌ جميع عقوبه الجريمه التى نوى ‌و‌ ‌هم‌ باقترافها تماما كما لو مارسها ‌و‌ اتى بها
 
(فجميع ‌ما‌ اخرت عنه ‌من‌ العذاب...) ‌و‌ لكن شاءت حكمتك ‌و‌ رحمتك العفو ‌من‌ نوى السوء، ‌و‌ لم يتجاوز بقول ‌او‌ فعل تفضلا منك ‌و‌ كرما. ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «من ‌هم‌ بحسنه فلم يعملها كتبها الله له كامله، ‌و‌ ‌من‌ ‌هم‌ بسيئه ‌و‌ لم يفعلها لم يكتبها عليه». ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 27.
 
(فمن اكرم منك ‌يا‌ الهى؟) اعطيت ‌و‌ هديت، ‌و‌ رحمت ‌و‌ عافيت، ‌و‌ سترت ‌و‌ امهلت. تباركت ‌و‌ تعاليت (و ‌من‌ اشقى ممن هلك عليك) ‌اى‌ بامرك ‌و‌ على يدك، لانه تعالى لايهلك الا ‌من‌ يستحق العذاب ‌و‌ الهلاك ببديهه العقل ‌و‌ نص القرآن الكريم: «هل يهلك الا القوم الظالمون- 47 انعام... فاهلكناهم بذنوبهم- 6 انعام... ‌و‌ ‌كم‌ اهلكنا ‌من‌ قريه بطرت معيشتها... ليهلك ظن هلك عن بينه- 42 الانفال» ‌و‌ غير ذلك كثير، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الفصل الاول (لا من) لا: نافيه، ‌و‌ ‌من‌ هنا بمعنى احد ‌اى‌ ‌لا‌ احد اشقى ممن هلك عليك.
 
(فتباركت): تقدست ‌و‌ تنزهت عن مجانسه مخلوقاتك، ‌و‌ عن كل كل وصف الا وصف الجلال ‌و‌ الكمال كالعدل ‌و‌ الاحسان (لايخشى جورك على ‌من‌ عصاك...) الله عادل ‌و‌ محسن، ‌و‌ الاحسان فوق العدل، ‌و‌ سبحانه يجزى الحسنه بمثلها، بل ‌و‌ باضعاف كثيره، ‌و‌ يجزى السيئه بمثلها ‌و‌ لايزيد مثقال ذره، بل ‌و‌ يعفو عن كثير. ‌و‌ صل اللهم على الهادى المختار ‌و‌ آله الاطهار (وهب لى املى): مامولى ‌و‌ مطلوبى (و التوفيق ‌فى‌ عملى) حتى تكون اعمالى احسن الاعمال ‌و‌ انفعها لعبادك ‌و‌ ارضاها عنى لديك. انك الوهاب المنان تعطى ‌و‌ لاتبالى لمن اعطيت، ‌و‌ ‌كم‌ اعطيت.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

فى الشكر
فى وداع شهر رمضان
طلب العفو
مكارم الاخلاق
فى یوم عرفه
فى رد كید الاعداء
الملائكه
للاستسقاء
فى استكشاف الهموم
فى التذلل لمقام العزه و الجلال

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^