فارسی
سه شنبه 18 ارديبهشت 1403 - الثلاثاء 27 شوال 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

فى یوم عرفه

فى يوم عرفه


 «1» الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ «2» اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ ‌و‌ الْأَرْضِ ، ذَا الْجَلَالِ ‌و‌ الْإِكْرَامِ ، رَبَّ الْأَرْبَابِ ، ‌و‌ إِلَهَ كُلِّ مَأْلُوهٍ ، ‌و‌ خَالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ ، ‌و‌ وَارِثَ كُلِّ شَيْ ءٍ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيْ ءٍ ، ‌و‌ ‌هو‌ بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ ، ‌و‌ ‌هو‌ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيبٌ . «3» أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ «4» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ ، الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ «5» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الْعَلِيُّ الْمُتَعَالِ ، الشَّدِيدُ الِْمحَالِ «6» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . «7» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ «8» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الْأَكْرَمُ ، الدَّائِمُ الْأَدْوَمُ ، «9» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ ، ‌و‌ الآْخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ «10» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ ، ‌و‌ الْعَالِي فِي دُنُوِّهِ «11» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، ذُو الْبَهَاءِ ‌و‌ الَْمجْدِ ، ‌و‌ الْكِبْرِيَاءِ ‌و‌ الْحَمْدِ «12» ‌و‌ أَنْتَ اللَّهُ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، الَّذِي أَنْشَأْتَ الْأَشْيَاءَ ‌من‌ غَيْرِ سِنْخٍ ، ‌و‌ صَوَّرْتَ ‌ما‌ صَوَّرْتَ ‌من‌ غَيْرِ مِثَالٍ ، ‌و‌ ابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ بِلَا احْتِذَاءٍ . «13» أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ تَقْدِيراً ، ‌و‌ يَسَّرْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ تَيْسِيراً ، ‌و‌ دَبَّرْتَ ‌ما‌ دُونَکَ تَدْبِيراً «14» أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ ، ‌و‌ لَمْ يُوَازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ ، ‌و‌ لَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ ‌و‌ ‌لا‌ نَظِيرٌ . «15» أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً ‌ما‌ أَرَدْتَ ، ‌و‌ قَضَيْتَ فَكَانَ عَدْلًا ‌ما‌ قَضَيْتَ ، ‌و‌ حَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً ‌ما‌ حَكَمْتَ . «16» أَنْتَ الَّذِي ‌لا‌ يَحْوِيكَ مَكَانٌ ، ‌و‌ لَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ ، ‌و‌ لَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ ‌و‌ ‌لا‌ بَيَانٌ . «17» أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ عَدَداً ، ‌و‌ جَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ أَمَداً ، ‌و‌ قَدَّرْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ تَقْدِيراً . «18» أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الْأَوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ ، ‌و‌ عَجَزَتِ الْأَفْهَامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ ، ‌و‌ لَمْ تُدْرِكِ الْأَبْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ . «19» أَنْتَ الَّذِي ‌لا‌ تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، ‌و‌ لَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً ، ‌و‌ لَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً . «20» أَنْتَ الَّذِي ‌لا‌ ‌ضد‌ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ . «21» أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ ، ‌و‌ اخْتَرَعَ ، ‌و‌ اسْتَحْدَثَ ، ‌و‌ ابْتَدَعَ ، ‌و‌ أَحْسَنَ صُنْعَ ‌ما‌ صَنَعَ . «22» سُبْحَانَكَ ‌ما‌ أَجَلَّ شَأْنَكَ ، ‌و‌ أَسْنَى فِي الْأَمَاكِنِ مَكَانَكَ ، ‌و‌ أَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقَانَکَ «23» سُبْحَانَكَ ‌من‌ لَطِيفٍ ‌ما‌ أَلْطَفَكَ ، ‌و‌ رَؤُوفٍ ‌ما‌ أَرْأَفَكَ ، ‌و‌ حَكِيمٍ ‌ما‌ أَعْرَفَكَ «24» سُبْحَانَكَ ‌من‌ مَلِيكٍ ‌ما‌ أَمْنَعَكَ ، ‌و‌ جَوَادٍ ‌ما‌ أَوْسَعَكَ ، ‌و‌ رَفِيعٍ ‌ما‌ أَرْفَعَكَ ذُو الْبَهَاءِ ‌و‌ الَْمجْدِ ‌و‌ الْكِبْرِيَاءِ ‌و‌ الْحَمْدِ . «25» سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ ، ‌و‌ عُرِفَتِ الْهِدَايَةُ ‌من‌ عِنْدِكَ ، فَمَنِ الَْتمَسَكَ لِدِينٍ أَوْ دُنْيَا وَجَدَكَ «26» سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ ‌من‌ جَرَى فِي عِلْمِكَ ، ‌و‌ خَشَعَ لِعَظَمَتِكَ ‌ما‌ دُونَ عَرْشِكَ ، ‌و‌ انْقَادَ لِلتَّسْلِيمِ لَکَ کُلُّ خَلْقِکَ «27» سُبْحَانَكَ ‌لا‌ تُحَسُّ ‌و‌ ‌لا‌ تُجَسُّ ‌و‌ ‌لا‌ تُمَسُّ ‌و‌ ‌لا‌ تُكَادُ ‌و‌ ‌لا‌ تُمَاطُ ‌و‌ ‌لا‌ تُنَازَعُ ‌و‌ ‌لا‌ تُجَارَى ‌و‌ ‌لا‌ تُمَارَى ‌و‌ ‌لا‌ تُخَادَعُ ‌و‌ ‌لا‌ تُمَاكَرُ «28» سُبْحَانَكَ سَبِيلُكَ جَدَدٌ . ‌و‌ أَمْرُكَ رَشَدٌ ، ‌و‌ أَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ . «29» سُبْحَانَكَ قَولُكَ حُكْمٌ ، ‌و‌ قَضَاؤُكَ حَتْمٌ ، ‌و‌ إِرَادَتُكَ عَزْمٌ . «30» سُبْحَانَكَ ‌لا‌ رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ . «31» سُبْحَانَكَ بَاهِرَ الآْيَاتِ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ ، بَارِئَ النَّسَمَاتِ «32» لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوَامِكَ «33» ‌و‌ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِنِعْمَتِكَ . «34» ‌و‌ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ «35» ‌و‌ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ . «36» ‌و‌ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حَامِدٍ ، ‌و‌ شُكْراً يَقْصُرُ عَنْهُ شُكْرُ كُلِّ شَاكِرٍ «37» حَمْداً ‌لا‌ يَنْبَغِي إِلَّا لَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُتَقَرَّبُ ‌به‌ إِلَّا إِلَيْكَ «38» حَمْداً يُسْتَدَامُ ‌به‌ الْأَوَّلُ ، ‌و‌ يُسْتَدْعَى ‌به‌ دَوَامُ الآْخِرِ . «39» حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ الْأَزْمِنَةِ ، ‌و‌ يَتَزَايَدُ أَضْعَافاً مُتَرَادِفَةً . «40» حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ إِحْصَائِهِ الْحَفَظَةُ ، ‌و‌ يَزِيدُ عَلَى ‌ما‌ أَحْصَتْهُ فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ «41» حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الَْمجِيدَ ‌و‌ يُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ . «42» حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ ، ‌و‌ يَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزَاءٍ جَزَاؤُهُ «43» حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ ، ‌و‌ بَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ «44» حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ فَضْلَهُ «45» حَمْداً يُعَانُ ‌من‌ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ ، ‌و‌ يُؤَيَّدُ ‌من‌ أَغْرَقَ نَزْعاً فِي تَوْفِيَتِهِ . «46» حَمْداً يَجْمَعُ ‌ما‌ خَلَقْتَ ‌من‌ الْحَمْدِ ، ‌و‌ يَنْتَظِمُ ‌ما‌ أَنْتَ خَالِقُهُ ‌من‌ بَعْدُ . «47» حَمْداً ‌لا‌ حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ ، ‌و‌ ‌لا‌ أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ ‌به‌ . «48» حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ ، ‌و‌ تَصِلُهُ بِمَزِيدٍ بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلًا مِنْكَ «49» حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ ، ‌و‌ يُقَابِلُ ‌عز‌ جَلَالِكَ . «50» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ ‌آل‌ مُحَمَّدٍ ، الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ ، أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ ، ‌و‌ بَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكَاتِكَ ، ‌و‌ تَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ . «51» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، صَلَاةً زَاكِيَةً ‌لا‌ تَكُونُ صَلَاةٌ أَزْكَى مِنْهَا ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً نَامِيَةً ‌لا‌ تَكُونُ صَلَاةٌ أَنْمَى مِنْهَا ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً رَاضِيَةً ‌لا‌ تَكُونُ صَلَاةٌ فَوْقَهَا . «52» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، صَلَاةً تُرْضِيهِ ‌و‌ تَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً تُرْضِيكَ ‌و‌ تَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً ‌لا‌ تَرْضَى لَهُ إِلَّا بِهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ تَرَى غَيْرَهُ لَهَا أَهْلًا . «53» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ صَلَاةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ ، ‌و‌ يَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا بِبَقَائِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَنْفَدُ كَمَا ‌لا‌ تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ . «54» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، صَلَاةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ ‌و‌ أَنْبِيَائِكَ ‌و‌ رُسُلِكَ ‌و‌ أَهْلِ طَاعَتِكَ ، ‌و‌ تَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ ‌من‌ جِنِّكَ ‌و‌ إِنْسِكَ ‌و‌ أَهْلِ إِجَابَتِكَ ، ‌و‌ تَجْتَمِعُ عَلَى صَلَاةِ كُلِّ ‌من‌ ذَرَأْتَ ‌و‌ بَرَأْتَ ‌من‌ أَصْنَافِ خَلْقِكَ . «55» رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ ، صَلَاةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلَاةٍ سَالِفَةٍ ‌و‌ مُسْتَأْنَفَةٍ ، ‌و‌ صَلِّ عَلَيْهِ ‌و‌ عَلَى آلِهِ ، صَلَاةً مَرْضِيَّةً لَكَ ‌و‌ لِمَنْ دُونَكَ ، ‌و‌ تُنْشِىُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا ، ‌و‌ تَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ الْأَيَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ ‌لا‌ يَعُدُّهَا غَيْرُک . «56» رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَائِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ ، ‌و‌ جَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ ، ‌و‌ حَفَظَةَ دِينِكَ ، ‌و‌ خُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ ، ‌و‌ حُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ ، ‌و‌ طَهَّرْتَهُمْ ‌من‌ الرِّجْسِ ‌و‌ الدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ ، ‌و‌ جَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ ، ‌و‌ الْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ «57» رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، صَلَاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا ‌من‌ نِحَلِكَ ‌و‌ كَرَامَتِكَ ، ‌و‌ تُكْمِلُ لَهُمُ الْأَشْيَاءَ ‌من‌ عَطَايَاكَ ‌و‌ نَوَافِلِكَ ، ‌و‌ تُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ ‌من‌ عَوَائِدِكَ ‌و‌ فَوَائِدِكَ . «58» رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ ‌و‌ عَلَيْهِمْ صَلَاةً ‌لا‌ أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ غَايَةَ لِأَمَدِهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ نِهَايَةَ لآِخِرِهَا . «59» رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ ‌و‌ ‌ما‌ دُونَهُ ، ‌و‌ مِلْ ءَ سَمَاوَاتِكَ ‌و‌ ‌ما‌ فَوْقَهُنَّ ، ‌و‌ عَدَدَ أَرَضِيكَ ‌و‌ ‌ما‌ تَحْتَهُنَّ ‌و‌ ‌ما‌ بَيْنَهُنَّ ، صَلَاةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْكَ زُلْفَى ، ‌و‌ تَكُونُ لَكَ ‌و‌ لَهُمْ رِضًى ، ‌و‌ مُتَّصِلَةً بِنَظَائِرِهِنَّ أَبَداً . «60» اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ ، ‌و‌ مَنَاراً فِي بِلَادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ ، ‌و‌ جَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ ، ‌و‌ افْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ ، ‌و‌ حَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ ، ‌و‌ أَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ ، ‌و‌ الِانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ ، ‌و‌ أَلَّا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ فَهُوَ عِصْمَةُ اللَّائِذِينَ ، ‌و‌ كَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ ‌و‌ عُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ ، ‌و‌ بَهَاءُ الْعَالَمِينَ . «61» اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ ‌ما‌ أَنْعَمْتَ ‌به‌ عَلَيْهِ ، ‌و‌ أَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ ، ‌و‌ آتِهِ ‌من‌ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ، ‌و‌ افْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً ، ‌و‌ أَعِنْهُ بِرُكْنِكَ أَلْأَعَزِّ ، ‌و‌ اشْدُدْ أَزْرَهُ ، ‌و‌ قَوِّ عَضُدَهُ ، ‌و‌ رَاعِهِ بِعَيْنِكَ ، ‌و‌ احْمِهِ بِحِفْظِكَ ‌و‌ انْصُرْهُ بِمَلَائِکَتِکَ ، ‌و‌ امْدُدْهُ بِجُنْدِک الْأَغْلَبِ . «62» ‌و‌ أَقِمْ ‌به‌ كِتَابَكَ ‌و‌ حُدُودَكَ ‌و‌ شَرَائِعَكَ ‌و‌ سُنَنَ رَسُولِكَ ، صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ أَحْيِ ‌به‌ ‌ما‌ أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ ‌من‌ مَعَالِمِ دِينِكَ ، ‌و‌ اجْلُ ‌به‌ صَدَاءَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ ، ‌و‌ أَبِنْ ‌به‌ الضَّرَّاءَ ‌من‌ سَبِيلِكَ ، ‌و‌ أَزِلْ ‌به‌ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ ، ‌و‌ امْحَقْ ‌به‌ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً «63» ‌و‌ أَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَائِكَ ، ‌و‌ ابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ ، ‌و‌ هَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ ، ‌و‌ رَحْمَتَهُ ‌و‌ تَعَطُّفَهُ ‌و‌ تَحَنُّنَهُ ، ‌و‌ اجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ ، ‌و‌ فِي رِضَاهُ سَاعِينَ ، ‌و‌ إِلَى نُصْرَتِهِ ‌و‌ الْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ ، ‌و‌ إِلَيْكَ ‌و‌ إِلَى رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ . «64» اللَّهُمَّ ‌و‌ صَلِّ عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمُ ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمُ ، الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمُ ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمُ ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِوِلَايَتِهِمُ ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمَامَتِهِمُ ، الْمُسَلِّمِينَ لِأَمْرِهِمُ ، الُْمجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِهِمُ ، الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمُ ، الْمَادِّينَ إِلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمُ ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ النَّامِيَاتِ الْغَادِيَاتِ الرَّائِحَاتِ . «65» ‌و‌ سَلِّمْ عَلَيْهِمْ ‌و‌ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ ، ‌و‌ اجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى أَمْرَهُمْ ، ‌و‌ أَصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ ، ‌و‌ تُبْ عَلَيْهِمْ ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، ‌و‌ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ، ‌و‌ اجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِكَ ، ‌يا‌ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . «66» اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ شَرَّفْتَهُ ‌و‌ كَرَّمْتَهُ ‌و‌ عَظَّمْتَهُ ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ ، ‌و‌ مَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ ، ‌و‌ أَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ ، ‌و‌ تَفَضَّلْتَ ‌به‌ عَلَى عِبَادِكَ . «67» اللَّهُمَّ ‌و‌ أَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ ‌و‌ بَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ ، ‌و‌ وَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ ، ‌و‌ عَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ ، ‌و‌ أَدْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ ، ‌و‌ أَرْشَدْتَهُ لِمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِكَ ، ‌و‌ مُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ . «68» ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ ، ‌و‌ زَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ ، ‌و‌ نَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، فَخَالَفَ أَمْرَكَ إِلَى نَهْيِكَ ، ‌لا‌ مُعَانَدَةً لَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إِلَى ‌ما‌ زَيَّلْتَهُ ‌و‌ إِلَى ‌ما‌ حَذَّرْتَهُ ، ‌و‌ أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدُوُّ كَ ‌و‌ عَدُوُّهُ ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عَارِفاً بِوَعِيدِكَ ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ ، ‌و‌ كَانَ أَحَقَّ عِبَادِکَ مَعَ ‌ما‌ مَنَنْتَ عَلَيْهِ أَلَّا يَفْعَلَ . «69» ‌و‌ ‌ها‌ أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلًا خَاضِعاً خَاشِعاً خَائِفاً ، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ ‌من‌ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ ، ‌و‌ جَلِيلٍ ‌من‌ الْخَطَايَا اجْتَرَمْتُهُ ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ ، لَائِذاً بِرَحْمَتِكَ ، مُوقِناً أَنَّهُ ‌لا‌ يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ . «70» فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا تَعُودُ ‌به‌ عَلَي ‌من‌ اقْتَرَفَ ‌من‌ تَغَمُّدِكَ ، ‌و‌ جُدْ عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ ‌به‌ عَلَى ‌من‌ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْكَ ‌من‌ عَفْوِكَ ، ‌و‌ امْنُنْ عَلَيَّ بِمَا ‌لا‌ يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ ‌به‌ عَلَي ‌من‌ أَمَّلَکَ ‌من‌ غُفْرَانِکَ ، «71» ‌و‌ اجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ ‌به‌ حَظّاً ‌من‌ رِضْوَانِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَرُدَّنِي صِفْراً مِمَّا يَنْقَلِبُ ‌به‌ الْمُتَعَبِّدُونَ لَكَ ‌من‌ عِبَادِكَ «72» ‌و‌ إِنِّي ‌و‌ إِنْ لَمْ أُقَدِّمْ ‌ما‌ قَدَّمُوهُ ‌من‌ الصَّالِحَاتِ فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ ‌و‌ نَفْيَ الْأَضْدَادِ ‌و‌ الْأَنْدَادِ ‌و‌ الْأَشْبَاهِ عَنْكَ ، ‌و‌ أَتَيْتُكَ ‌من‌ الْأَبْوَابِ الَّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتَى مِنْهَا ، ‌و‌ تَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِمَا ‌لا‌ يَقْرُبُ أَحَدٌ مِنْکَ إِلَّا بِالتَّقَرُّبِ ‌به‌ . «73» ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْكَ ، ‌و‌ التَّذَلُّلِ ‌و‌ الِاسْتِكَانَةِ لَكَ ، ‌و‌ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ ، ‌و‌ الثِّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ ، ‌و‌ شَفَعْتُهُ بِرَجَائِكَ الَّذِي ‌قل‌ ‌ما‌ يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيكَ . «74» ‌و‌ سَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقِيرِ الذَّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، ‌و‌ مَعَ ذَلِكَ خِيفَةً ‌و‌ تَضَرُّعاً ‌و‌ تَعَوُّذاً ‌و‌ تَلَوُّذاً ، ‌لا‌ مُسْتَطِيلًا بِتَكَبُّرِ الْمُتَكَبِّرِينَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُتَعَالِياً بِدَالَّةِ الْمُطِيعِينَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُسْتَطِيلًا بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ . «75» ‌و‌ أَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الْأَقَلِّينَ ، ‌و‌ أَذَلُّ الْأَذَلِّينَ ، ‌و‌ مِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَهَا ، فَيَا ‌من‌ لَمْ يُعَاجِلِ الْمُسِيئِينَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ ، ‌و‌ ‌يا‌ ‌من‌ يَمُنُّ بِإِقَالَةِ الْعَاثِرِينَ ، ‌و‌ يَتَفَضَّلُ بِإِنْظَارِ الْخَاطِئِينَ . «76» أَنَا الْمُسِي ءُ الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِىُ الْعَاثِرُ . «77» أَنَا الَّذِي أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً . «78» أَنَا الَّذِي عَصَاكَ مُتَعَمِّداً . «79» أَنَا الَّذِي اسْتَخْفَى ‌من‌ عِبَادِكَ ‌و‌ بَارَزَكَ . «80» أَنَا الَّذِي هَابَ عِبَادَكَ ‌و‌ أَمِنَكَ . «81» أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ ، ‌و‌ لَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ . «82» أَنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ «83» أَنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ . «84» أَنَا الْقَلِيلُ الْحَيَاءِ . «85» أَنَا الطَّوِيلُ الْعَنَاءِ . «86» بِحَقِّ ‌من‌ انْتَجَبْتَ ‌من‌ خَلْقِكَ ، ‌و‌ بِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ ، بِحَقِّ ‌من‌ اخْتَرْتَ ‌من‌ بَرِيَّتِكَ ، ‌و‌ ‌من‌ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ ، بِحَقِّ ‌من‌ وَصَلْتَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ ، ‌و‌ ‌من‌ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ ، بِحَقِّ ‌من‌ قَرَنْتَ مُوَالَاتَهُ بِمُوَالَاتِكَ ، ‌و‌ ‌من‌ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ ، تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِمَا تَتَغَمَّدُ ‌به‌ ‌من‌ جَارَ إِلَيْكَ مُتَنَصِّلًا ، ‌و‌ عَاذَ بِاسْتِغْفَارِکَ تَائِباً . «87» ‌و‌ تَوَلَّنِي بِمَا تَتَوَلَّى ‌به‌ أَهْلَ طَاعَتِكَ ‌و‌ الزُّلْفَى لَدَيْكَ ‌و‌ الْمَكَانَةِ مِنْكَ . «88» ‌و‌ تَوَحَّدْنِي بِمَا تَتَوَحَّدُ ‌به‌ ‌من‌ وَفَى بِعَهْدِكَ ، ‌و‌ أَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِكَ ، ‌و‌ أَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ . «89» ‌و‌ ‌لا‌ تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ ، ‌و‌ تَعَدِّي طَوْرِي فِي حُدُودِكَ ، ‌و‌ مُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ . «90» ‌و‌ ‌لا‌ تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلَائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ ‌من‌ مَنَعَنِي خَيْرَ ‌ما‌ عِنْدَهُ ‌و‌ لَمْ يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي . «91» ‌و‌ نَبِّهْنِي ‌من‌ رَقْدَةِ الْغَافِلِينَ ، ‌و‌ سِنَةِ الْمُسْرِفِينَ ، ‌و‌ نَعْسَةِ الَْمخْذُولِينَ «92» ‌و‌ خُذْ بِقَلْبِي إِلَى ‌ما‌ اسْتَعْمَلْتَ ‌به‌ الْقَانِتِينَ ، ‌و‌ اسْتَعْبَدْتَ ‌به‌ الْمُتَعَبِّدِينَ ، ‌و‌ اسْتَنْقَذْتَ ‌به‌ الْمُتَهَاوِنِينَ . «93» ‌و‌ أَعِذْنِي مِمَّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ ، ‌و‌ يَحُولُ بَيْنِي ‌و‌ بَيْنَ حَظِّي مِنْكَ ، ‌و‌ يَصُدُّنِي عَمَّا أُحَاوِلُ لَدَيْكَ «94» ‌و‌ سَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ إِلَيْكَ ، ‌و‌ الْمُسَابَقَةَ إِلَيْهَا ‌من‌ حَيْثُ أَمَرْتَ ، ‌و‌ الْمُشَاحَّةَ فِيهَا عَلَى ‌ما‌ أَرَدْتَ . «95» ‌و‌ ‌لا‌ تَمْحَقْنِي فِيمَن تَمْحَقُ ‌من‌ الْمُسْتَخِفِّينَ بِمَا أَوْعَدْتَ «96» ‌و‌ ‌لا‌ تُهْلِكْنِي مَعَ ‌من‌ تُهْلِكُ ‌من‌ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ «97» ‌و‌ ‌لا‌ تُتَبِّرْنِي فِيمَنْ تُتَبِّرُ ‌من‌ الْمُنْحَرِفِينَ عَن سُبُلِکَ «98» ‌و‌ نَجِّنِي ‌من‌ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ ، ‌و‌ خَلِّصْنِي ‌من‌ لَهَوَاتِ الْبَلْوَى ، ‌و‌ أَجِرْنِي ‌من‌ أَخْذِ الْإِمْلَاءِ . «99» ‌و‌ ‌حل‌ بَيْنِي ‌و‌ بَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّنِي ، ‌و‌ هَوًى يُوبِقُنِي ، ‌و‌ مَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنِي «100» ‌و‌ ‌لا‌ تُعْرِضْ عَنِّي إِعْرَاضَ ‌من‌ ‌لا‌ تَرْضَى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ «101» ‌و‌ ‌لا‌ تُؤْيِسْنِي ‌من‌ الْأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ ‌من‌ رَحْمَتِكَ «102» ‌و‌ ‌لا‌ تَمْنِحْنِي بِمَا ‌لا‌ طَاقَةَ لِي ‌به‌ فَتَبْهَظَنِي مِمَّا تُحَمِّلُنِيهِ ‌من‌ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ . «103» ‌و‌ ‌لا‌ تُرْسِلْنِي ‌من‌ يَدِكَ إِرْسَالَ ‌من‌ ‌لا‌ خَيْرَ فِيهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ إِنَابَةَ لَهُ «104» ‌و‌ ‌لا‌ تَرْمِ بِي رَمْيَ ‌من‌ سَقَطَ ‌من‌ عَيْنِ رِعَايَتِكَ ، ‌و‌ ‌من‌ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ ‌من‌ عِنْدِكَ ، بَلْ خُذْ بِيَدِي ‌من‌ سَقْطَةِ الْمُتَرَدِّينَ ، ‌و‌ وَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ ، ‌و‌ زَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ ، ‌و‌ وَرْطَةِ الْهَالِكِينَ . «105» ‌و‌ عَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ ‌به‌ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ ‌و‌ إِمَائِكَ ، ‌و‌ بَلِّغْنِي مَبَالِغَ ‌من‌ عُنِيتَ ‌به‌ ، ‌و‌ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، ‌و‌ رَضِيتَ عَنْهُ ، فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً ، ‌و‌ تَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً «106» ‌و‌ طَوِّقْنِي طَوْقَ الْإِقْلَاعِ عَمَّا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ ، ‌و‌ يَذْهَبُ بِالْبَرَكَاتِ «107» ‌و‌ أَشْعِرْ قَلْبِيَ الِازْدِجَارَ عَنْ قَبَائِحِ السَّيِّئَاتِ ، ‌و‌ فَوَاضِحِ الْحَوْبَاتِ . «108» ‌و‌ ‌لا‌ تَشْغَلْنِي بِمَا ‌لا‌ أُدْرِكُهُ إِلَّا بِكَ عَمَّا ‌لا‌ يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ «109» ‌و‌ انْزِعْ ‌من‌ قَلْبِي حُبَّ دُنْيَا دَنِيَّةٍ تَنْهَى عَمَّا عِنْدَكَ ، ‌و‌ تَصُدُّ عَنِ ابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ ، ‌و‌ تُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْکَ . «110» ‌و‌ زَيِّنْ لِيَ التَّفَرُّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللَّيْلِ ‌و‌ النَّهَارِ «111» ‌و‌ هَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي ‌من‌ خَشْيَتِكَ ، ‌و‌ تَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحَارِمِكَ ، ‌و‌ تَفُكَّنِي ‌من‌ أَسْرِ الْعَظَائِمِ . «112» ‌و‌ هَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ ‌من‌ دَنَسِ الْعِصْيَانِ ، ‌و‌ أَذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ الْخَطَايَا ، ‌و‌ سَرْبِلْنِي بِسِرْبَالِ عَافِيَتِكَ ، ‌و‌ رَدِّنِي رِدَاءَ مُعَافَاتِكَ ، ‌و‌ جَلِّلْنِي سَوَابِغَ نَعْمَائِكَ ، ‌و‌ ظَاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ ‌و‌ طَوْلَكَ «113» ‌و‌ أَيِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ ‌و‌ تَسْدِيدِكَ ، ‌و‌ أَعِنِّي عَلَى صَالِحِ النِّيَّةِ ، ‌و‌ مَرْضِيِّ الْقَوْلِ ، ‌و‌ مُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي ‌و‌ قُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ ‌و‌ قُوَّتِكَ . «114» ‌و‌ ‌لا‌ تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقَائِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَائِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تُنْسِنِي ذِكْرَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ ، بَلْ أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلَاتِ الْجَاهِلِينَ لآِلْائِكَ ، ‌و‌ أَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَا أَوْلَيْتَنِيهِ ، ‌و‌ أَعْتَرِفَ بِمَا أَسْدَيْتَهُ إِلَيَّ . «115» ‌و‌ اجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، ‌و‌ حَمْدِي إِيَّاكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ «116» ‌و‌ ‌لا‌ تَخْذُلْنِي عِنْدَ فَاقَتِي إِلَيْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تُهْلِكْنِي بِمَا . أَسْدَيْتُهُ إِلَيْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَجْبَهْنِي بِمَا جَبَهْتَ ‌به‌ الْمُعَانِدِينَ لَكَ ، فَإِنِّي لَكَ مُسَلِّمٌ ، أَعْلَمُ أَنَّ الْحُجَّةَ لَكَ ، ‌و‌ أَنَّكَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ ، ‌و‌ أَعْوَدُ بِالْإِحْسَانِ ، ‌و‌ أَهْلُ التَّقْوَى ، ‌و‌ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، ‌و‌ أَنَّكَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلَى مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ ، ‌و‌ أَنَّكَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى أَنْ تَشْهَرَ . «117» فَأَحْيِنِي حَيَاةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِمَا أُرِيدُ ، ‌و‌ تَبْلُغُ ‌ما‌ أُحِبُّ ‌من‌ حَيْثُ ‌لا‌ آتِي ‌ما‌ تَكْرَهُ ، ‌و‌ ‌لا‌ أَرْتَكِبُ ‌ما‌ نَهَيْتَ عَنْهُ ، ‌و‌ أَمِتْنِي مَيتَةَ ‌من‌ يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ‌و‌ عَنْ يَمِينِهِ . «118» ‌و‌ ذَلِّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، ‌و‌ أَعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ ، ‌و‌ ضَعْنِي إِذَا خَلَوْتُ بِكَ ، ‌و‌ ارْفَعْنِي بَيْنَ عِبَادِكَ ، ‌و‌ أَغْنِنِي عَمَّنْ ‌هو‌ غَنِيٌّ عَنِّي ، ‌و‌ زِدْنِي إِلَيْكَ فَاقَةً ‌و‌ فَقْراً . «119» ‌و‌ أَعِذْنِي ‌من‌ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ، ‌و‌ ‌من‌ حُلُولِ الْبَلَاءِ ، ‌و‌ ‌من‌ الذُّلِّ ‌و‌ الْعَنَاءِ ، تَغَمَّدْنِي فِيما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِمَا يَتَغَمَّدُ ‌به‌ الْقَادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَوْ ‌لا‌ حِلْمُهُ ، ‌و‌ الآْخِذُ عَلَى الْجَرِيرَةِ لَوْ ‌لا‌ أَنَاتُهُ «120» ‌و‌ إِذَا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَوْ سُوءاً فَنَجِّنِي مِنْهَا لِوَاذاً بِكَ ، ‌و‌ إِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْيَاكَ فَلَا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ «121» ‌و‌ اشْفَعْ لِي أَوَائِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرِهَا ، ‌و‌ قَدِيمَ فَوَائِدِكَ بِحَوَادِثِهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ تَمْدُدْ لِي مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي ، ‌و‌ ‌لا‌ تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَهَا بَهَائِي ، ‌و‌ ‌لا‌ تَسُمْنِي خَسِيسَةً يَصْغُرُ لَهَا قَدْرِي ‌و‌ ‌لا‌ نَقِيصَةً يُجْهَلُ ‌من‌ أَجْلِهَا مَكَانِي . «122» ‌و‌ ‌لا‌ تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَا ، ‌و‌ ‌لا‌ خِيفَةً أُوجِسُ دُونَهَا ، اجْعَلْ هَيْبَتِي فِي وَعِيدِكَ ، ‌و‌ حَذَرِي ‌من‌ إِعْذَارِكَ ‌و‌ إِنْذَارِكَ ، ‌و‌ رَهْبَتِي عِنْد تِلَاوَةِ آيَاتِكَ . «123» ‌و‌ اعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ ، ‌و‌ تَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ ، ‌و‌ تَجَرُّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ ، ‌و‌ إِنْزَالِ حَوَائِجِي بِكَ ، ‌و‌ مُنَازَلَتِي إِيَّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي ‌من‌ نَارِكَ ، ‌و‌ إِجَارَتِي مِمَا فِيهِ أَهْلُهَا ‌من‌ عَذَابِکَ . «124» ‌و‌ ‌لا‌ تَذَرْنِي فِي طُغْيَانِي عَامِهاً ، ‌و‌ ‌لا‌ فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتَّى حِينٍ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ، ‌و‌ ‌لا‌ نَكَالًا لِمَنِ اعْتَبَرَ ، ‌و‌ ‌لا‌ فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ تَمْكُرُ ‌به‌ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي ، ‌و‌ ‌لا‌ تُغَيِّرْ لِي اسْماً ، ‌و‌ ‌لا‌ تُبَدِّلْ لِي جِسْماً ، ‌و‌ ‌لا‌ تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ سُخْرِيّاً لَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ تَبَعاً إِلَّا لِمَرْضَاتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُمْتَهَناً إِلَّا بِالِانْتِقَامِ لَكَ . «125» ‌و‌ أَوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ ، ‌و‌ حَلَاوَةَ رَحْمَتِكَ ‌و‌ رَوْحِكَ ‌و‌ رَيْحَانِكَ ، ‌و‌ جَنَّةِ نَعِيمِكَ ، ‌و‌ أَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا تُحِبُّ بِسَعَةٍ ‌من‌ سَعَتِكَ ، ‌و‌ الِاجْتِهَادِ فِيما يُزْلِفُ لَدَيْكَ ‌و‌ عِنْدَكَ ، ‌و‌ أَتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ ‌من‌ تُحَفَاتِكَ . «126» ‌و‌ اجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً ، ‌و‌ كَرَّتِي غَيْرَ خَاسِرَةٍ ، ‌و‌ أَخِفْنِي مَقَامَكَ ، ‌و‌ شَوِّقْنِي لِقَاءَكَ ، ‌و‌ تُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً ‌لا‌ تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صَغِيرَةً ‌و‌ ‌لا‌ كَبِيرَةً ، ‌و‌ ‌لا‌ تَذَرْ مَعَهَا عَلَانِيَةً ‌و‌ ‌لا‌ سَرِيرَةً . «127» ‌و‌ انْزَعِ الْغِلَّ ‌من‌ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ ، ‌و‌ اعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخَاشِعِينَ ، ‌و‌ ‌كن‌ لِي كَمَا تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ ، ‌و‌ حَلِّنِي حِلْيَةَ الْمُتَّقِينَ ، ‌و‌ اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْغَابِرِينَ ، ‌و‌ ذِكْراً نَامِياً فِي الآْخِرِينَ ، ‌و‌ وَافِ بِي عَرْصَةَ الْأَوَّلِينَ . «128» ‌و‌ تَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ ، عَلَيَّ ، ‌و‌ ظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا لَدَيَّ ، امْلَأْ ‌من‌ فَوَائِدِكَ يَدِي ، ‌و‌ سُقْ كَرَائِمَ مَوَاهِبِكَ إِلَيَّ ، ‌و‌ جَاوِرْ بِيَ الْأَطْيَبِينَ ‌من‌ أَوْلِيَائِكَ فِي الْجِنَانِ الَّتِي زَيَّنْتَهَا لِأَصْفِيَائِكَ ، ‌و‌ جَلِّلْنِي شَرَائِفَ نِحَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ الْمُعَدَّةِ لِأَحِبَّائِکَ . «129» ‌و‌ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ مَقِيلًا آوِي إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً ، ‌و‌ مَثَابَةً أَتَبَوَّؤُهَا ، ‌و‌ أَقَرُّ عَيْناً ، ‌و‌ ‌لا‌ تُقَايِسْنِي بِعَظِيَماتِ الْجَرَائِرِ ، ‌و‌ ‌لا‌ تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ، ‌و‌ أَزِلْ عَنِّي كُلَّ ‌شك‌ ‌و‌ شُبْهَةٍ ، ‌و‌ اجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً ‌من‌ كُلِّ رَحْمَةٍ ، ‌و‌ أَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَوَاهِبِ ‌من‌ نَوَالِكَ ، ‌و‌ وَفِّرْ عَلَيَّ حُظُوظَ الْإِحْسَانِ ‌من‌ إِفْضَالِكَ . «130» ‌و‌ اجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا عِنْدَكَ ، ‌و‌ هَمِّي مُسْتَفْرَغاً لِمَا ‌هو‌ لَكَ ، ‌و‌ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْتَعْمِلُ ‌به‌ خَالِصَتَكَ ، ‌و‌ أَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقُولِ طَاعَتَكَ ، ‌و‌ اجْمَعْ لِيَ الْغِنَى ‌و‌ الْعَفَافَ ‌و‌ الدَّعَةَ ‌و‌ الْمُعَافَاةَ ‌و‌ الصِّحَّةَ ‌و‌ السَّعَةَ ‌و‌ الطُّمَأْنِينَةَ ‌و‌ الْعَافِيَةَ . «131» ‌و‌ ‌لا‌ تُحْبِطْ حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا ‌من‌ مَعْصِيَتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ خَلَوَاتِي بِمَا يَعْرِضُ لِي ‌من‌ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ ، ‌و‌ صُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ إِلَى أَحَدٍ ‌من‌ الْعَالَمِينَ ، ‌و‌ ذُبَّنِي عَنِ الِْتمَاسِ ‌ما‌ عِنْدَ الْفَاسِقِينَ . «132» ‌و‌ ‌لا‌ تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً ، ‌و‌ ‌لا‌ لَهُمْ عَلَى مَحْوِ كِتَابِكَ يَداً ‌و‌ نَصِيراً ، ‌و‌ حُطْنِي ‌من‌ حَيْثُ ‌لا‌ أَعْلَمُ حِيَاطَةً تَقِينِي بِهَا ، ‌و‌ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ ‌و‌ رَحْمَتِكَ ‌و‌ رَأْفَتِكَ ‌و‌ رِزْقِكَ الْوَاسِعِ ، إِنِّي إِلَيْكَ ‌من‌ الرَّاغِبِينَ ، ‌و‌ أَتْمِمْ لِي إِنْعَامَكَ ، إِنَّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ «133» ‌و‌ اجْعَلْ بَاقِيَ عُمْرِي فِي الْحَجِّ ‌و‌ الْعُمْرَةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، ‌يا‌ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، ‌و‌ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، ‌و‌ السَّلَامُ عَلَيْهِ ‌و‌ عَلَيْهِمْ أَبَدَ الآبِدِينَ
 
(اللهم لك الحمد بديع السموات ‌و‌ الارض) اما والد السجاد (ع) فقد افتتح دعاءه بقوله: الحمد لله الذى ليس لقضائه دافع ‌و‌ ‌لا‌ لعطائه مانع، ‌و‌ ‌لا‌ كصنعه صنع صانع، ‌و‌ ‌هو‌ الجواد الواسع، فطر اجناس البدائع. ‌اى‌ خلق الخلق بشتى انواعه ‌من‌ غير تمثيل ‌و‌ معونه معين (ذا الجلال ‌و‌ الاكرام) ذا الاستغناء المطلق ‌و‌ الفضل العام (رب الارباب) ‌لا‌ احد يشاركه ‌فى‌ الملك ‌و‌ الربوبيه (و اله كل مالوه): معبود، ‌و‌ المعنى ‌هو‌ سبحانه المعبود حقا لكل معبود بزعم المشركين (و وارث كل شى ء) يبقى بعد كل شى ء، ‌و‌ اليه ينتهى كل شى ء (ليس كمثله شى ء) لانه خالق كل شى ء: «افمن يخلق كمن لايخلق افلا تذكرون- 17 النحل» (لايعزب): لايغيب (رقيب): حفيظ. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): كيف تغيب ‌و‌ انت الرقيب؟.
 
(الاحد المتوحد الفرد المتفرد) لله سبحانه الوحده التامه الكامله ‌من‌ كل وجه، ‌و‌ ‌فى‌ جميع الصفات الذاتيه. ‌و‌ ‌فى‌ اصول الكافى: ‌ان‌ الامام السجاد سئل عن التوحيد؟ فقال، ‌ان‌ الله تعالى علم انه يكون ‌فى‌ آخر الزمان اقوام متعمقون، فانزل «قل ‌هو‌ الله احد» ‌و‌ الايات ‌من‌ سوره الحديد الى قوله: ‌و‌ الله عليم بذات الصدور، فمن رام وراء ذلك فقد هلك  
 
(المتكرم) ‌هو‌ الكريم مع نوع ‌من‌ المبالغه (المتعظم... المتكبر) التعظم ‌و‌ الكبرياء صفتا مدح لله ‌و‌ ذم ‌فى‌ غيره لانهما ذاتيتان لعلوه ‌و‌ جلاله ‌و‌ عزته ‌و‌ كماله. ‌و‌ ‌فى‌ الحديث القدسى: الكبرياء ردائى ‌و‌ العظمه ازارى، ‌من‌ نازعنى واحدا منهما قذفته ‌فى‌ النار.
 
(انت العلى المتعال) ‌لا‌ شى ء فوقه تعالى، ‌و‌ كل شى ء دونه، ‌و‌ المتعال نوع ‌من‌ المبالغه ‌فى‌ العلو (المحال): المكايده لاهل الكيد ‌و‌ المكر. قال سبحانه: «انهم يكيدون كيدا ‌و‌ اكيد كيدا- 16 الطارق» ‌اى‌ يجازيهم جزاء الماكرين، ‌و‌ يحطمهم بسلاحهم، فالكيد ‌و‌ المكر قبيح بالابرياء، ‌و‌ حسن جدا باهل المكر ‌و‌ الغدر. قال الامام اميرالمومنين (ع): الوفاء لاهل الغدر غدر عند الله، ‌و‌ الغدر باهل الغدر وفاء عند الله  
 
(الرحمن الرحيم) انظر الدعاء 46 فقره لله رحمتان (العليم) لاتخفى عليه خافيه دانيه كانت ‌ام‌ قاصيه (الحكيم) يضع كل شى ء موضعه تبعا للمصلحه: «الذى اعطى كل شى ء خلقه- 50 طه... ‌و‌ خلق كل شى ء فقدره تقديرا- 2 الفرقان»
 
(السميع البصير) ‌لا‌ بجارحه ‌او‌ اداه، بل يحيط بما يسمع ‌و‌ يرى ذاتا ‌و‌ مباشره (القديم) ‌لا‌ اول لاوله  
 
(الدائم) ‌لا‌ آخر لاخره (الادوم) مبالغه ‌فى‌ الدوام.
 
(الدانى ‌فى‌ علوه ‌و‌ العالى ‌فى‌ دنوه) دنى بعلمه ‌و‌ رحمته، ‌و‌ علا بجلاله ‌و‌ كماله. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: علا بحوله، ‌و‌ دنا بطوله. ‌و‌ الحول: القدره، ‌و‌ الطول: العطاء. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): لك الحمد ‌و‌ المجد ‌و‌ علو الجد. ‌اى‌ علو العظمه، قال سبحانه: «جد ربنا- 3 الجن»
 
(انشات الاشياء ‌من‌ غير سنخ) ‌من‌ غير اصل سابق، ‌و‌ بكلمه خلقت اشياء ‌من‌ ‌لا‌ شى ء (و صورت ‌ما‌ صورت ‌من‌ غير مثال) وجود الله تعالى سابق لوجود الكون، ثم اوجده سبحانه حيث ‌لا‌ مثيل هناك ‌و‌ ‌لا‌ نظير (و ابتدعت المبتدعات بلا احتذاء) عطف تكرار، لان الابتداع ابتداء ‌و‌ اختراع ‌لا‌ على فعل مماثل ‌و‌ تقليد لاى فاعل.
 
(انت الذى قدرت كل شى ء تقديرا) كل شى ء ‌فى‌ خلقه تعالى مدبر ‌و‌ متقن ‌و‌ مقدر ‌و‌ محكم، ‌و‌ ‌لا‌ شى ء منه خارج عن القصد ‌و‌ الحكمه (و يسرت كل شى ء تيسيرا) الى الغايه التى خلقته ‌من‌ اجلها (و دبرت ‌ما‌ دونك تدبيرا) المراد بما دونك هنا ‌ما‌ عندك ‌من‌ الملك، ‌و‌ المعنى ملكت الملك كله فاتقنته بحكمتك، ‌و‌ دبرته بلطفك  
 
( لم يعنك على خلقك شريك) ‌و‌ ‌لا‌ مهندس ‌و‌ مشير (و لم يوازرك ‌فى‌ امرك وزير) ‌من‌ الموازره بمعنى المعاونه، ‌و‌ عليه يكون العطف للتكرار (و لم يكن لك مشاهد ‌و‌ ‌لا‌ نظير) ‌ما‌ ‌من‌ احد رآك حين خلقت الكائنات، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ احد يقدر على خلق ذبابه فما دونها
 
(انت الذى اردت فكان حتما ‌ما‌ اردت) ‌لا‌ مرد لامرك (و قضيت فكان عدلا ‌ما‌ قضيت) ‌و‌ تمت كلمه ربك صدقا ‌و‌ عدلا- 115 الانعام... شهد الله انه ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ ‌و‌ الملائكه ‌و‌ اولو العلم قائما بالقسط- 18 ‌آل‌ عمران».
 
(انت الذى لايحويك مكان) لانه ليس بجسم، ‌و‌ لو كان له مكان لافتقر اليه، ‌و‌ الله غنى عن كل شى ء، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ كل مكان بعلمه ‌و‌ رحمته (و لم يقم لسلطانك سلطان) ‌هو‌ القاهر الغالب لكل ذى جاه ‌و‌ سلطان، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): ملك فقدر، ‌و‌ قدر فقهر (و لم يعيك) ‌من‌ العجز ‌و‌ الاعياء (برهان ‌و‌ ‌لا‌ بيان) ‌اى‌ ‌ان‌ كتابه تعالى معجز البيان ‌و‌ منير البرهان (احضيت كل شى ء عددا) احطت بكل شى ء علما
 
(و جعلت لكل شى ء امدا) ضرب سبحانه لكل شى ء اجلا موقوتا وحدا محدودا (و قدرت كل شى ء تقديرا)
 
(قصرت الاوهام عن ذاتيتك): عن كنهك ‌و‌ حقيقتك، ‌و‌ المعنى عجزت العقول عن ادراك الذات القدسيه، ‌و‌ لذا جاء ‌فى‌ الحديث: «تفكروا ‌فى‌ الله، ‌و‌ لاتفكروا ‌فى‌ ذات الله» (و عجزت الافهام عن كيفيتك) ‌اى‌ عما يليق بك ‌من‌ صفات الجلال ‌و‌ الكمال المطلق (اينيتك) ‌من‌ اين بمعنى الاستفهام عن مكان الوجود، ‌و‌ ‌لا‌ مكان لوجوده تعالى ‌كى‌ يدرك بالبصر ‌او‌ البصيره. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: لاينظر بعين، ‌و‌ لايحد باين.
 
(لاتحد فتكون محدودا ‌و‌ لم تمثل فتكون موجودا) ‌اى‌ بالوجود الحسى ‌او‌ الذهنى على ‌ما‌ ‌هو‌ عليه، لان ذاته القدسيه ‌لا‌ بدايه لها ‌و‌ ‌لا‌ نهايه، ‌و‌ معنى هذا انها فوق الحس ‌و‌ التصور المحدودين، فكيف يحاط بها ‌او‌ بشى ء منها، ‌و‌ قد تكرر هذا المعنى ‌فى‌ كلمات اهل البيت بشتى الاساليب، منها قول الباقر (ع): «كل ‌ما‌ وقع عليه ‌و‌ همك ‌من‌ شى ء فالله خلافه... تفكروا ‌فى‌ الخلق ‌لا‌ ‌فى‌ الخالق «لان الخالق كامل بالذات، ‌و‌ المخلوق ناقص كذلك ‌و‌ الناقص لايتسع للكامل ‌و‌ الضعيف لايتحمل القادر (و لم تلد فتكون مولودا) لان ‌من‌ كان له ولد كان ‌هو‌ مولودا بطريق التناسل كالحيوان ‌او‌ بطريق النشوء كالنبات.
 
(لا ‌ضد‌ معك فيعاندك) الضد: المخالف، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 28 ‌و‌ غيره (و ‌لا‌ عدل) بكسر العين: النظير (و ‌لا‌ ند) ايضا المثيل ‌و‌ النظير
 
(ابتدا و اخترع ‌و‌ استحدث ‌و‌ ابتدع ‌و‌ احسن صنع ‌ما‌ صنع) ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «اتقن بحكمته الصنائع... ‌و‌ ‌لا‌ كصنعه صانع» حيث ‌لا‌ قدره كقدرته ‌و‌ ‌لا‌ علم كعلمه لانه مبدا كل قدره ‌و‌ علم  
 
(سبحانك ‌ما‌ اجل شانك) سبحانك ‌من‌ عظيم ‌ما‌ اعظمك! (و اسنى ‌فى‌ الاماكن مكانك) اسنى: ارفع، ‌و‌ مكانك: مقامك، قال سبحانه: «ذلك لمن خاف مقامى- 14 ابراهيم» ‌و‌ عليه يكون العطف للتكرار ‌و‌ التفسير (و اصدع بالحق فرقانك) صدع بالحق: اظهره ‌و‌ نطق به، ‌و‌ الفرقان: ‌ما‌ يفرق بين الحق ‌و‌ الباطل، ‌و‌ المعنى ‌ما‌ اقوى ‌و‌ اصدق حجتك ‌و‌ برهانك. ‌و‌ تقدم قبل قليل بلفظ البيان ‌و‌ البرهان.
 
(سبحانك ‌من‌ لطيف ‌ما‌ الطفك) ‌فى‌ الايه 19 ‌من‌ الشورى: «الله لطيف بعباده» ‌اى‌ بهم ‌بر‌ رفيق. ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء 32: «فغذوتنى بفضلك غذاء البر اللطيف». ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «الله لطيف لعلمه بالشى ء اللطيف» ‌اى‌ بدقائق الامور ‌و‌ غوامضها. ‌و‌ عليه يسوغ ‌ان‌ تستعمل كلمه اللطيف ‌فى‌ الرفق ‌و‌ ‌فى‌ العلم بالدقيق الغامض. ‌و‌ بهذا يكون المعنى سبحانك ‌من‌ رفيق بعبادك، سبحانك ‌من‌ عليم بكل غامض ‌و‌ دقيق (و روف ‌ما‌ ارءفك) ‌و‌ الرافه رحمه ‌و‌ زياده، ‌و‌ لذا قدم سبحانه ذكر الروف على الرحيم ‌فى‌ كل آيه جمعت بينهما. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): الهى ‌و‌ صفت نفسك باللطف ‌و‌ الرافه قبل وجود ضعفى افتمنعنى منهما بعد وجود ضعفى؟ هذا ‌هو‌ خطاب اهل الله مع الله، ‌لا‌ فرق بينه ‌و‌ بين الوحى ‌من‌ حيث الصدق ‌و‌ ايثار الحق.
 (و حكيم ‌ما‌ اعرفك) بالاتقان ‌و‌ التدبير ‌و‌ المصالح ‌و‌ المفاسد ‌و‌ كل شى ء
 
(سبحانك ‌من‌ مليك ‌ما‌ امنعك) قهرت بملكك كل مالك، ‌و‌ امتنعت بقدرتك عن كل شى ء، ‌و‌ ‌لا‌ شى ء يمتنع منك (و جواد ‌ما‌ اوسعك) واضح ‌و‌ تقدم مرات، منها ‌فى‌ هذا الدعاء بالذات (و رفيع ‌ما‌ ارفعك) تكرار لقوله قبل حظه: ‌ما‌ اجل شانك ‌و‌ اسنى مكانك، ‌و‌ ذكرنا ‌فى‌ الدعاء 6 ‌ان‌ ‌من‌ شان الادعيه التكرار (ذو البهاء) بهاء الله تعالى: كماله ‌و‌ جلاله ‌و‌ عزته ‌و‌ عظمته (و المجد) لعظمته ‌فى‌ ذاته ‌و‌ صفاته ‌و‌ افعاله (و الكبرياء) انظر تفسير الكبير المتكبر ‌فى‌ اول هذا الدعاء (و الحمد) ‌و‌ ‌ان‌ ‌من‌ شى ء الا يسبح بحمده- 44 الاسراء.
 
(سبحانك بسطت بالخيرات يدك) ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): ‌يا‌ ‌من‌ اياديه عندى ‌لا‌ تحصى، ‌يا‌ ‌من‌ نعمه عندى ‌لا‌ تجازى، ‌يا‌ ‌من‌ عارضنى بالخير ‌و‌ الاحسان، ‌و‌ عارضته بالاساءه ‌و‌ العصيان (و عرفت الهدايه ‌من‌ عندك) ايضا ‌فى‌ دعاء سيدالشهداء: ‌يا‌ ‌من‌ هدانى بالايمان قبل ‌ان‌ اعرف شكر الامتنان (فمن التمسك لدين): للصفح ‌و‌ العفو عن الذنوب، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): ‌يا‌ ‌من‌ وسع المستقيلين رافه ‌و‌ علما (او دنيا وجدك) كما قلت ‌فى‌ كتابك العزيز: «امن يجيب المضطر اذا دعاه ‌و‌ يكشف السوء- 62 النمل»
 
(خضع لك ‌من‌ جرى ‌فى‌ علمك، ‌و‌ خشع لعظمتك ‌ما‌ دون عرشك...) ‌اى‌ ‌ما‌ تحته ‌و‌ المعنى كل ‌ما‌ ‌و‌ ‌من‌ ‌فى‌ الكون خاضع لامرك، ‌و‌ خاشع لعظمتك لانك العلى الاعلى الذى ليس كمثله شى ء.
 
(سبحانك ‌لا‌ تحس): لاتدرك بالحواس (و لاتجس) لايمكن التجسس عليك ‌و‌ معرفه ‌ما‌ لديك، ‌و‌ قيل غير ذلك (و لاتمس) باليد ‌و‌ غيرها (و لاتكاد) لاتخدع (و لاتماط) ماط عنه: تنحى عنه ‌و‌ ابتعد، ‌و‌ المراد هنا ‌لا‌ مفر منك الا اليك (و لاتنازع) لانك العلى الكبير ‌و‌ فوق كل قدير (و لاتمارى): لاتجادل، قال سبحانه: «افتمارونه على ‌ما‌ يرى- 12 النجم» ‌اى‌ تجادلونه  
 
(سبيلك جدد) بفتح الجيم ‌و‌ الدال: الطريق الصلبه المستقيمه، ‌و‌ المعنى دينك ‌هو‌ الدين القويم ‌و‌ الصراط المستقيم (و امرك رشد) بفتح الراء ‌و‌ الشين: الهدى ‌و‌ الخير (حى صمد): مقصد الخلائق ‌فى‌ الحاجات ‌و‌ المهمات الذى لايقضى دونه امر
 
(قولك حكم) مبرم (و قضاوك حتم) قضاوه تعالى: علمه السابق بحدوث الشى ء على حاله ‌و‌ وضعه، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ المعلوم لاينفك ‌و‌ يتخلف عن علمه.
 (و ارادتك عزم) المراد بالعزم هنا الحتم، فقد جاء ‌فى‌ اصول الكافى عن الامام الرضا (ع): «الاراده ‌من‌ الخلق الضمير، ‌و‌ ‌ما‌ يبدو لهم بعد ذلك ‌من‌ الفعل، ‌و‌ اما ‌من‌ الله تعالى فارادته احداثه ‌لا‌ غير ذلك لانه ‌لا‌ يهم ‌و‌ ‌لا‌ يفكر، فهذه صفات الخلق، اما الخالق فارادته هى الفعل يقول له: ‌كن‌ فيكون بلا لفظ ‌و‌ ‌لا‌ نطق ‌و‌ ‌لا‌ همه ‌و‌ ‌لا‌ تفكر
 
(لا راد لمشيئتك...) توكيد ‌و‌ تكرار
 
(باهر الايات) غلبت آياتك ‌و‌ دحضت بيناتك كل حجه ‌و‌ دليل (فاطر السموات): ابدعتها ‌من‌ غير مثال يحتذى (بارى ء النسمات): خالق النفوس.
 
من حمد الله سبحانه فقد توجه اليه، ‌و‌ اثنى عليه معترفا بربوبيته ‌و‌ جلاله ‌و‌ انعمه ‌و‌ افضاله. ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ مخلوق الا ‌و‌ يسبح بحمد خالقه بطبعه ‌و‌ وضعه، قال سبحانه: «و ‌ان‌ ‌من‌ شى ء الا يسبح بحمده ‌و‌ لكن لاتفقهون تسبيحهم- 44 الاسراء» ‌و‌ ‌من‌ هنا كان تكرار الحمد ‌و‌ الشكر لله تكرارا لعبادته تماما كالركوع ‌و‌ السجود ‌و‌ الطواف حول البيت العتيق، ‌و‌ الامام على ‌بن‌ الحسين (ع) عبدالله سبحانه حتى اشتهر بالسجاد ‌و‌ زين العباد، ‌و‌ هذا الجزء ‌من‌ دعائه مظهر ‌من‌ مظاهر عبادته ‌و‌ انقطاعه لخالقه، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ غايه الوضوح لايحتاج الى الشرح ‌و‌ التفسير، ‌و‌ ايضا تقدمت كلماته ‌او‌ الكثير منها ‌فى‌ الادعيه السابقه، لذا ندع توضيح الواضح ‌و‌ اعادته، ‌و‌ نذكر فيما يلى بعض ‌ما‌ جاء ‌فى‌ التحميد ‌و‌ التمجيد:
 قال سبحانه: «و سبح بحمد ربك بالعشى ‌و‌ الابكار- 55 غافر». ‌و‌ تكرر الامر بالتحميد ‌فى‌ العديد ‌من‌ الايات. ‌و‌ ‌فى‌ اصول الكافى عن الامام الصادق (ع): «من حمد الله فانه لايبقى احد يصلى الا دعا له، لانه يقول ‌فى‌ صلاته: سمع الله لمن حمده. ‌و‌ كان رسول الله (ص) اذا اصبح قال الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال 360 مره، ‌و‌ اذا امسى قال مثل ذلك. كل دعاء لايكون قبله تحميد فهو ابتر».
 
و ايضا امر بالصلاه على نبيه الكريم محمد ‌فى‌ قوله: «ان الله ‌و‌ ملائكته يصلون على النبى ‌يا‌ ايها الذين صلوا عليه ‌و‌ سلموا تسليما- 56 الاحزاب» ‌و‌ ‌فى‌ حديث شريف: اكثروا الصلاه على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد. ‌و‌ ‌فى‌ آخر: ارفعوا اصواتكم بالصلاه على محمد ‌و‌ آله. ‌و‌ ‌فى‌ ثالث: ‌من‌ صلى على صلى الله عليه ‌و‌ ملائكته. ‌و‌ ‌فى‌ رابع: ‌من‌ ذكرت عنده ‌و‌ لم يصل على دخل النار... الى كثير ‌من‌ احاديث هذا الباب ‌و‌ هنا يكمن ‌سر‌ تكرار الصلاه عليه ‌و‌ على آله ‌فى‌ العباده ‌و‌ الادعيه ‌و‌ الانديه، ‌و‌ عند ذكره ‌و‌ ‌فى‌ كل مناسبه ‌و‌ حين.
 ‌و‌ للامام السجاد (ع) دعاء خاص بالصلاه على سيد الكونين ‌و‌ آله، ‌و‌ ‌هو‌ الثانى ‌فى‌ صحيفه، ‌و‌ آخر خاص بصحابته، ثم كرر الصلاه على محمد ‌و‌ آله ‌فى‌ جميع ادعيته السابقه ‌و‌ اللاحقه، ‌و‌ بالخصوص ‌فى‌ هذا الدعاء الذى نحن بصدده حيث ذكر الرسول المنتجب المقرب باكمل الصفات، ‌و‌ الح على الله سبحانه، ‌و‌ اطال ‌فى‌ ‌ان‌ يصلى عليه صلاه تتجاوز الحد كما ‌و‌ كيفا، ‌و‌ تكلمت- فيما سبق- عن الصلاه ‌و‌ على محمد ‌و‌ آله ‌و‌ عن شخصيته (ص) ‌و‌ ذكرت طرفا ‌من‌ اقوال المستشرقين المنصفين ‌و‌ غيرهم ‌من‌ الغربيين الذين يهتمون بالدراسات الانسانيه ‌و‌ الاسلاميه. انظر شرح الدعاء 2 فقره طبيعه الدعوه ‌و‌ شخصيه الداعى، ‌و‌ الدعاء 6 فقره الشخصيه اللامعه الجذابه، ‌و‌ الدعاء 42 فقره شخصيه محمد، ‌و‌ ‌من‌ اجل ذلك ادع شرح هذا الجزء «الواضح» الخاص بالصلاه على محمد، الى الاهم ‌وا‌ لاكثر فائده، ‌و‌ ‌هو‌ الفقره التاليه:
 
 محمد ‌هو‌ الوحيد ‌فى‌ كتاب جديد
 الان، ‌و‌ بعد اشهر مما نقلت ‌و‌ ذكرت عن محمد (ص) ‌فى‌ كتابى هذا- قرات مقالا ‌فى‌ مجله العربى الكويتيه العدد 241 تاريخ كانون الاول سنه 1978 للاستاذ احمد بهاء الدين، بعنوان المئه الاوائل، جاء فيه ‌ما‌ يلى:
 ظهر اخيرا ‌فى‌ الولايات المتحده الامير كيه كتاب جديد للدكتور «ما يكل هارث) الذى يحمل اربع شهادات: الاولى ‌فى‌ الرياضيات، ‌و‌ الثانيه ‌فى‌ القانون ‌و‌ الثالثه ‌فى‌ الفيزياء ‌و‌ الرابعه ‌فى‌ الفلك، ‌و‌ ‌هو‌ الان مسئول علمى عن التطبيقات العلميه لعلوم الفضاء، ‌و‌ ‌من‌ اخص صفاته انه يبذل جهدا جبارا خارقا ‌فى‌ القراءه ‌و‌ المطالعه بخاصه تاريخ العالم ‌و‌ حضارته بكل وجوهها، ‌و‌ اسم كتابه الجديد «المئه»! ‌و‌ موضوعه اهم مئه رجل ‌فى‌ التاريخ الانسانى كله، ‌و‌ قد اخذ على نفسه ‌ان‌ يترتب المئه ‌فى‌ الذكر تبعا لاهميه كل واحد منهم، فالاول عظمه ‌هو‌ الاول ذكرا، ‌و‌ هكذا الثانى ‌و‌ الثالث...
 ‌و‌ قد اختار الاول ‌من‌ المئه محمدا (ص) ‌و‌ يدلنا هذا- كما قال بهاءالدين- ‌ان‌ المولف على درجه عاليه ‌من‌ التجرد ‌و‌ عدم الانحياز، لانه مسيحى علما بانه جعل السيد المسيح (ع) ‌فى‌ الرقم الثالث، ‌و‌ موسى الكليم (ع) ‌فى‌ الرقم السادس عشر، ‌و‌ برر المولف المسيحى اختياره محمدا للاوليه بقوله:
 «ان اختيارى محمدا ليكون الاول ‌فى‌ قائمه اهم رجال التاريخ قد يدهش القراء. لكنه الرجل لتوحيد(!) ‌فى‌ التاريخ كله الذى نجح اعلى نجاح على المستويين: الدينى ‌و‌ الدنيوى. فهناك رسل ‌و‌ حكماء بداوا رسالات عظيمه، ‌و‌ لكنهم ماتوا دون اتمامها كالمسيح ‌فى‌ المسيحيه... ‌او‌ شاركهم فيها غيرهم ‌او‌ سبقهم فيها غيرهم ‌او‌ سبقهم اليها سواهم كموسى ‌فى‌ اليهوديه، ‌و‌ لكن محمدا ‌هو‌ الوحيد الذى رسالته الدينيه كامله، ‌و‌ تحددت كل احكامها ‌و‌ آمنت بها شعوب باسرها ‌فى‌ حياته. لانه اقام الى جانب الدين دوله جديده، ‌و‌ وحد القبائل ‌فى‌ شعب، ‌و‌ الشعوب ‌فى‌ امه، ‌و‌ وضع لها كل اسس حياتها، ‌و‌ رسم امور دنياها ‌و‌ وضعها ‌فى‌ موضع الانطلاق الى العالم... ايضا ‌فى‌ حياته».
 ثم يضيف المولف المسيحى الى ذلك: «ان معظم الذين غيروا التاريخ ظهروا ‌فى‌ قلب احد المراكز الحضاريه ‌فى‌ العالم... ‌و‌ لكن محمدا ‌هو‌ الوحيد الذى نشا ‌فى‌ بقعه ‌من‌ صحراء جرداء مجرده تماما ‌من‌ كل مقومات الحضاره ‌و‌ التقدم، ‌و‌ لكنه جعل ‌من‌ البدو البسطاء المتحاربين قوه معنويه هائله قهرت بعد ذلك امبرطوريات فارس ‌و‌ بيزنطيه ‌و‌ روما المتقدمه بما لايقاس. ‌و‌ ‌فى‌ تاريخ الغزو ‌فى‌ كل زمان ‌و‌ مكان يكون الغزو عسكريا، ‌و‌ لكن الرساله المحمديه جعلت معظم البلاد التى فتحها خلفاوه عربا تماما ‌و‌ تغيرت لغه ‌و‌ دينا ‌و‌ قوميه... ‌و‌ ثبت ذلك ‌و‌ استقر بما ليس له مثيل ‌فى‌ تاريخ الفتح ‌فى‌ العالم... كذلك لايوجد نص ‌فى‌ تاريخ الرسالات نقل عن رجل واحد ‌و‌ بقى بحروفه كاملا دون تحريف سوى القرآن الذى نقله محمد، الامر الذى لاينطبق على التوراه مثلا ‌او‌ الانجيل... ‌و‌ ‌من‌ اجل ذلك وجدت ‌ان‌ محمدا ‌هو‌ صاحب الحق الوحيد ‌فى‌ ‌ان‌ اعتبره صاحب اعظم تاثير على الاطلاق ‌فى‌ التاريخ الانسانى».
 هذا ‌ما‌ قراته عن محمد ‌و‌ انا اكتب ‌فى‌ الصلاه عليه ‌و‌ على آله ‌فى‌ شهر كانون الاول 1978، ‌و‌ ايضا بهذا التاريخ قرات عن الاسلام الذى جاء ‌به‌ محمد (ص) ‌ما‌ يلى:
 نشرت مجله المستقبل التى تصدر الان ‌فى‌ باريس العدد 95 تاريخ 16 كانون الاول مقالا بعنوان الاسلام ‌و‌ لعبه الامم، جاء فيه:
 موضوع الاسلام ‌فى‌ هذه الايام يشغل الصحافه اليوميه الغربيه، فجريده لوموند الفرنسيه نشرت سلسله مقالات للمستشرق الفرنسى مكسيم رودنسون عن العوده الى الاصول الاسلاميه (اى عوده المسلمين الى الاسلام) ‌و‌ جريده الهيرالد تربيون نشرت اكثر ‌من‌ تعليق حول الاسلام، ‌و‌ السبب المباشر لهذا الاهتمام الجديد بالاسلام ‌هو‌ ثوره ايران باسم الاسلام ‌ضد‌ الظلم ‌و‌ الطغيان...
 لقد اكتشف الغرب فجاه ‌ان‌ الدين الاسلامى ‌ما‌ زال حيا ‌فى‌ نفوس 700 مليون انسان ‌و‌ هذا يهدد مصالح الغرب... ‌و‌ لكنه نتيجه طبيعيه ‌فى‌ مجتمعات خرجت حديثا ‌من‌ تحت نير الاستعمار، ‌و‌ ترفض ‌فى‌ الوقت ذاته تبنى عقيده ماديه.
 ‌و‌ ‌فى‌ العدد المذكور ‌من‌ مجله المستقبل مقال آخر بعنوان عاشوراء الشاه ‌فى‌ ساعاتها الاخيره، ختمه الكاتب بالعلاقه بين ثوره كربلاء ‌و‌ ثوره ايران.
 ‌و‌ ايضا قرات ‌فى‌ مجله الحوادث التى تصدر الان بلندن العدد 1154 تاريخ 15 كانون الاول 78، مقالا بعنوان «مطلبان ‌لا‌ مطلب واحد للشعوب المقهوره جاء فيه: «ان شده هجوم الغرب على الالحاد الشيوعى يوحى بان الغرب اذا لم يكن متدينا فانه يحترم الدين، ‌و‌ يسمح للمتدينين بان يمارسوا الحياه الدينيه غير ‌ان‌ مواقف الغرب بحكوماته ‌و‌ صحافته ‌من‌ ثوره ايران- التى تهدد مصالح الغرب- يثير الاستغراب... ‌و‌ هنا يلتقى الغرب ‌و‌ الشرق ‌ضد‌ الاسلام... ‌ان‌ الدين قد اصبح محركا للشعوب، ‌و‌ ليس افيونا لها كما قال ماركس».
 ابدا، ‌لا‌ ذنب للاسلام عند خصومه الا ذنب الطاهره عند العاهره، ‌و‌ المخلص عند الخائن، ‌و‌ الضارى الشقى عند البر التقى ‌و‌ هل يطلب ‌من‌ الصهاينه ‌و‌ المستعمرين القدامى ‌و‌ الجدد ‌ان‌ يهادوا الاسلام ‌و‌ القرآن الذى يثير الشعوب ‌و‌ الاجيال ‌ضد‌ كل جائر ‌و‌ كافر بقوله: «فاذن موذن بينهم ‌ان‌ لعنه الله على الظالمين- 44 الاعراف... ‌ما‌ لكم لاتقاتلون ‌فى‌ سبيل الله ‌و‌ المستضعفين ‌من‌ الرجال ‌و‌ النساء ‌و‌ الولدان- 75 النساء... فقاتلوا اولياء الشيطان ‌ان‌ كيد الشيطان كان ضعيفا- 76 النساء... فقاتلوا ائمه الكفر انهم ‌لا‌ ايمان لهم لعلهم ينتهون- 12 التوبه... ‌و‌ الكافرون ‌هم‌ الظالمون- 254 البقره» الى عشرات الايات ‌و‌ الاحاديث.
 
(رب صل على اطايب اهل بيته الذين اخترتهم لامرك...) ‌فى‌ صحيح مسلم القسم الثانى ‌من‌ الجزء الثانى: «قالت عائشه: خرج النبى (ص) غداه ‌و‌ عليه مرط (اى كساء غير مخيط) فجاء الحسن فادخله، ثم جاء الحسين فادخله ثم جاءت فاطمه فادخلها، ثم جاء على فادخله، ثم قال: «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ‌و‌ يطهركم تطهيرا- 33 الاحزاب». ‌و‌ تسال: ‌من‌ ‌اى‌ نوع هى الاراده الالهيه ‌فى‌ هذه الايه؟ هل هى ‌من‌ نوع الامر ‌و‌ التشريع، ‌و‌ اذن فلا مبرر للتخصيص باهل البيت، لانه تعالى يامر بالبعد عن المعصيه كل المكلفين، ‌او‌ هى ‌من‌ نوع التكوين ‌اى‌ تقول للشى ء ‌كن‌ فيكون، ‌و‌ اذن فلا فضيله لاهل البيت ‌ما‌ داموا غير مختارين؟. الجواب:- ‌لا‌ اراده تشريعيه ‌و‌ لاتكوينيه، ‌و‌ انما مجرد حكايه عن العصمه ‌و‌ الطهاره بالفعل ‌فى‌ اهل البيت (ع) ‌و‌ اسندها سبحانه الى ارادته، لانه المبدا الاول لكل شى ء ‌و‌ تقدم الكلام حول اهل البيت ‌فى‌ شرح الدعاء 42 فقره موده ‌آل‌ الرسول.
 (و المسلك الى جنتك...) ‌فى‌ الجزء الثانى ‌من‌ كتاب فضائل الخمسه للفيروز آبادى: ‌ان‌ النبى (ص) قال: «مثل اهل بيتى كسفينه نوح، ‌من‌ ركبها نجا، ‌و‌ ‌من‌ تخلف عنها غرق» ‌و‌ روى هذا الحديث الحاكم ‌فى‌ مستدرك الصحيحين ج 2 ص 343 طبعه سنه 1324 ه، ‌و‌ ابونعيم ‌فى‌ حليه الاولياء ج 4 ص 306 طبعه سنه 1351 ه، ‌و‌ الخطيب البغدادى ج 12 ص 19 طبعه سنه 1349 ه ‌و‌ غيرهم.
 
(من نحلك): جمع نحله ‌و‌ هى العطيه (و نوافلك): جمع نافله ‌اى‌ هبه مجانيه (من عوائدك): جمع عائده ايضا الصله ‌و‌ المنفعه، ‌و‌ مثلها الفائده و كل هذه الكلمات متقاربه ‌و‌ متشابهه ‌فى‌ معناها
 
(زلفى): قربى ‌و‌ منزله ‌و‌ درجه (متصله بنظائرهن ابدا): بلا انفصال ‌و‌ انقطاع.
 
(اللهم انك ايدت دينك) ‌و‌ ‌هو‌ الاسلام لقوله تعالى: «ان الذين عند الله الاسلام- 19 ‌آل‌ عمران» (بامام اقمته علما لعبادك...) قضى سبحانه ‌ان‌ الارض ‌لا‌ تخلو ‌من‌ عالم بالله ‌و‌ عامل بشريعته وداع اليه ‌و‌ اليها، يكون حجه على الجاهل المقصر ‌و‌ الفاسق المستهتر (و صلت حبله بحبلك...): طاعته بطاعتك (فهو عصمه اللائذين) ‌من‌ الخطايا ‌و‌ الذنوب (و كهف المومنين) ‌فى‌ ‌رد‌ الشبهات ‌و‌ ‌حل‌ المشكلات (و عروه المتمسكين) ‌اى‌ ‌من‌ عمل بقوله نجا ‌من‌ عذاب الاخره (و بهاء العالمين) هذا الوصف للمعصوم، لانه ‌هو‌ وحده ‌من‌ بين الناس نور العالمين، و لذا دعا له الامام (ع) بقوله: (اللهم فاوزع لوليك...) الهمه الشكر على ‌ان‌ جعلته نورا ‌و‌ رحمه للعالمين (و اوزعنا مثله فيه) ‌اى‌ كما تلهمه شكرك ايضا الهمنا نحن هذا الشكر بسببه.
 
الدوله الانسانيه
  (و آته ‌من‌ لدنك سلطانا نصيرا...) يسال الله سبحانه ‌ان‌ يمد الامام المعصوم بعونه حتى يقيم دوله انسانيه تجمع البشريه بكاملها تحت لواء واحد يسود فيها الامن ‌و‌ العدل ‌و‌ الاخاء ‌و‌ الرخاء الذى يعم جميع الناس على السواء، ‌و‌ تختفى فيها الحروب ‌و‌ الاحتكارات ‌و‌ الاحقاد، ‌و‌ توكد الروايات عن النبى ‌و‌ اهل بيته (ص) ‌ان‌ هذه الدوله آتيه ‌لا‌ ريب فيها، ‌و‌ اليها ينتهى العالم باكمله ‌لا‌ محاله، لانها دعوه الفطره التى لايختلف فيها عاقلان، ‌و‌ لان الله واحد، فيجب ‌ان‌ يكون الدين واحدا ‌و‌ الدوله واحده، ‌و‌ ‌ان‌ يخضع العالم كله لشريعه واحده  
 
(و احى بها ‌ما‌ اماته الظالمون...) ‌و‌ ‌هم‌ اصحاب الاسلحه المهلكه ‌و‌ القوه الباطشه ‌و‌ الميول الجشعه ‌و‌ الاعمال البشعه (و امحق ‌به‌ بغاه قصدك عوجا) ‌و‌ ‌هم‌ الذين يحرفون الدين، ‌و‌ ياكلون اموال اليتامى ‌و‌ المساكين  
 
(و الن جانبه...) جعله رحمه للمحقين ‌و‌ صاعقه على المبطلين (و اجعلنا له سامعين مطيعين...) الحقوق بين الناس كلها متكافئه متبادله، لايستوجب بعضها الا ببعض حتى بين الراعى ‌و‌ الرعيه، قال الامام اميرالمومنين (ع): «قعد جعل الله سبحانه الى عليكم حقا بولايه امركم، ‌و‌ لكم على ‌من‌ الحق مثل الذى لى عليكم... ‌و‌ لايجرى لاحد الا جرى عليه، ‌و‌ لايجرى عليه الا جرى له».
 
(اللهم ‌و‌ صل على اوليائهم...) لما ذكر الامام (ع) الساده الاطهار ‌من‌ ‌آل‌ الرسول الاعظم (ص) باسلوب الدعاء- اشار الى شيعتهم الموالين بنفس الاسلوب، ‌و‌ ذكر ‌من‌ اخص خصائصهم اربعه اوصاف ‌و‌ هى:
 1- الايمان بان الائمه الهداه معصومون عن الخطا ‌و‌ الخطيئه، ‌و‌ ‌ان‌ قولهم ‌و‌ فعلهم ‌و‌ تقريرهم يحكى ‌و‌ يعكس قول جدهم النبى (ص) ‌و‌ فعله ‌و‌ تقريره ‌و‌ الى ذلك اشار الامام (ع) بقوله: (المعترفين بمقامهم).
 
 ايماننا نظرى ‌لا‌ عملى
 
 2- الطاعه لله ‌فى‌ كل شى ء، ‌و‌ لايصعونه ‌فى‌ شى ء، ‌و‌ الى هذا اشار الامام (ع) بقوله: (المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم...) لان الهدف الاول ‌و‌ الاساس ‌من‌ الامامه ‌هو‌ اصلاح الموتم عمليا ‌لا‌ نظريا...
 
فالكثير منا يومن ‌و‌ يوقن بالله تماما لو رآه بالحس ‌و‌ العيان بحيث لو كشف له الغطاء ‌ما‌ ازداد يقينا، ‌و‌ لكن عند التنفيذ، ‌و‌ العمل ننسى عذاب الله ‌و‌ ‌لا‌ نخشاه، ‌و‌ يطغى شيطان الاهواء على ‌ما‌ نملك ‌من‌ دين ‌و‌ ايمان ‌و‌ عقل ايضا! ‌و‌ ‌لا‌ وزن لهذا الايمان، بل ‌هو‌ حجه تخرسنا عن الجواب، ‌و‌ تزيدنا عذابا على عذاب، ‌و‌ بهذا يكمن السر ‌فى‌ قول سيد الشهداء (ع): اللهم اجعلنى اخشاك كانى اراك، ‌و‌ اسعدنى بتقواك، ‌و‌ لاتشقنى بمعصيتك. ‌و‌ لم يقل: اجعل ايمانى بك ايمان ‌من‌ يراك ‌و‌ كفى. انظر شرح الدعاء 26 فقره ‌من‌ ‌هم‌ الشيعه؟.
 3- التسليم بكل ‌ما‌ يرد عن الائمه الولاه لامره تعالى بلا ‌شك‌ ‌و‌ تردد ‌لا‌ ‌فى‌ الظاهر ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ الباطن، ‌و‌ هذا ‌هو‌ المراد بقول الامام (ع): (المسلمين لامرهم المجتهدين ‌فى‌ طاعتهم).
 4- الايمان بدوله المهدى المنتظر التى تسيطر على شرق الارض ‌و‌ غربها، ‌و‌ يظهر فيها دين الله على الدين كله، ‌و‌ ‌لا‌ يبقى على ظهرها عين ‌و‌ ‌لا‌ اثر لشرك ‌او‌ فسق، ‌و‌ ‌لا‌ لظلم ‌و‌ خوف ‌او‌ فقر... ابدا، ‌لا‌ شى ء الا الحق ‌و‌ العدل ‌و‌ الحب ‌و‌ الاخاء ‌و‌ الاستقامه ‌و‌ المساواه ‌و‌ الرخاء كما اشرنا قبل قليل ‌فى‌ فقره الدوله الانسانيه. ‌و‌ الى هذه الدوله اشار الامام (ع) بقوله: (المنتظرين ايامهم المادين اليهم اعينهم) ‌و‌ ايضا تقدم ‌فى‌ شرح الدعاء 27 فقره المهدى المنتظر ثوره اجتماعيه ‌و‌ انسانيه.


 (الغاديات الرائحات) ‌اى‌ ليل نهار
 
(فى دار السلام): الجنه.
 
(اللهم ‌و‌ هذا يوم عرفه يوم شرفته...) ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: الحج عرفه. ‌و‌ عن الامام الباقر (ع): ‌ما‌ يقف احد ‌فى‌ تلك الجبال الا استجاب الله له برا كان ‌او‌ فاجرا، فاما البر فيستجاب له ‌فى‌ آخرته ‌و‌ دنياه، ‌و‌ اما الفاجر فيستجاب له ‌فى‌ دنياه
 
(اللهم ‌و‌ انا عبدك الذى انعمت عليه قبل خلقك له...) للانسان- ‌و‌ غير الانسان ايضا- وجودان: الوجود الاول ‌فى‌ عالم الغيب كوجود الولد ‌فى‌ صلب والده، فانه موجود فيه بلا ريب، ‌و‌ لكن علمه عند الله دون سواه. الوجود الثانى ‌فى‌ عالم الشهاده ‌اى‌ خروجه ‌من‌ صلب والده الى رحم والدته ثم الى الخارج المحسوس الملموس، ‌و‌ مراد الامام (ع) بالنعمه عليه قبل خلقه ‌ان‌ الله سبحانه اوجده ‌فى‌ عالم الغيب ‌و‌ ‌هو‌ علمه تعالى حيث قدر ‌و‌ هيا الاسباب الموجبه لوجوده ‌فى‌ عالم الشهاده، ‌و‌ مثله تماما ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع) «ابتداتنى ‌يا‌ الهى بنعمتك قبل ‌ان‌ اكون شيئا مذكورا» ‌اى‌ ‌فى‌ عالم الشهاده ‌و‌ الا فقد كان شيئا موجودا ‌فى‌ عالم الغيب عن الناس.
 
 المولود ‌و‌ الفطره
 
 (فجعلته ممن هديته لدينك...) ‌من‌ المعلوم بالحس ‌و‌ البديهه ‌ان‌ السبيل الاول لتكوين العقيده الدينيه عند الطفل ‌هو‌ دين امه ‌و‌ ابيه ‌و‌ تقليده للكبار ‌فى‌ محيطه ‌و‌ بيئته، ‌و‌ يوكد هذا حديث «كل مولود يولد على الفطره حتى يكون ابواه يهودانه ‌او‌ ينصرانه». ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ الطفل يمتلك الاستعداد الكافى للتدين بدين الحق، ‌و‌ لكن التربيه ‌و‌ البيئه هى التى تنحرف ‌به‌ عنه. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «لم تخرجنى لرافتك ‌و‌ لطفك ‌بى‌ ‌و‌ احسانك الى ‌فى‌ دوله ايام الكفره الذين نقضوا عهدك، ‌و‌ كذبوا رسلك، لكنك اجرتنى رافه منك ‌و‌ تحننا على للذى سبق لى ‌من‌ الهدى الذى يسرتنى ‌و‌ فيه انشاتنى» ‌و‌ ‌هو‌ عهد الاسلام الذى اخرج الناس ‌من‌ الظلمات الى النور، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ ‌من‌ اعظم النعم على الانسان ‌ان‌ يتولد ممن يدين بدين الحق، ‌و‌ ينشا ‌فى‌ حجر الطهر ‌و‌ القداسه.
 
(ثم امرته فلم ياتمر، ‌و‌ زجرته فلم ينزجر... ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «يا ‌من‌ ‌قل‌ له شكرى فلم يحرمنى، ‌و‌ عظمت خطيئتى فلم يفضحنى، ورآنى على المعاصى فلم يخذلنى... الهى ‌ما‌ اقربك منى ‌و‌ ابعدنى عنك» (فخالف امرك الى نهيك ‌لا‌ معاندا لك ‌و‌ ‌لا‌ استكبارا عليك، بل دعاه الى ‌ما‌ زيلته...) ‌من‌ زلت الشى ء عن مكانه اذا نحيته ‌و‌ ابعدته، ‌و‌ المعنى ‌ما‌ تجرا على معاصيك ‌يا‌ الهى جهلا بها، ‌و‌ ‌لا‌ عنادا لامرك ‌او‌ تكبرا على طاعتك، كلا بل غلبه الهوى، ‌و‌ فتنته الدنيا، ‌و‌ اظله الشيطان، (فاقدم عليه) ‌اى‌ على ‌ما‌ حذر سبحانه ‌و‌ نهى عنه (عارفا بوعيدك راجيا لعفوك...) اغتر بمغفره الغافر ‌و‌ فضله الزاخر، ‌و‌ لكن الاجدر ‌ان‌ يخاف ‌و‌ يحذر، لان ‌من‌ خاف امن، ‌و‌ ‌من‌ استسلم للطمع تاه ‌فى‌ الظلمات، ‌و‌ ارتبك ‌فى‌ الهلكات.
 
(و ‌ها‌ انا بين يديك صاغرا ذليلا...) كله واضح، ‌و‌ تقدم مرات، منها ‌فى‌ الدعاء 10 ‌و‌ 16 ‌و‌ 21، ‌و‌ مع هذا نشير ‌و‌ نكرر، لمجرد التدبر ‌و‌ التذكير، ‌ان‌ الامام (ع) يعلم بانه ‌فى‌ حصن ‌من‌ العصمه يحجبه عن معصيه الله، ‌و‌ لكنه يعلم ايضا بان ‌من‌ الكلام الذى لايسمعه سبحانه ‌و‌ لايرفعه اليه كلام العبد الذى يبرى ء نفسه ‌و‌ يقول: انا المحسن ‌او‌ المطيع الذى يستحق ‌من‌ الله الاجر ‌و‌ الثواب، ‌و‌ انه تعالى لايستجيب الا لمتضرع خاضع ‌و‌ متصاغر جازع كما ‌فى‌ هذا الدعاء ‌و‌ غيره، ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع) الذى اعطى الله كل شى ء يقول له: «ان عدلك مهلكى، ‌و‌ ‌من‌ عدلك مهربى، فان تعذبنى فبذنوبى ‌يا‌ مولاى بعد حجتك على، ‌و‌ ‌ان‌ تعف فبحلمك ‌و‌ جودك ‌و‌ كرمك... الهى منى ‌ما‌ يليق بلومى، ‌و‌ منك ‌ما‌ يليق بكرمك... اسالك فكاك رقبتى ‌من‌ النار» رقبه الحسين التى قطعت ‌فى‌ سبيل الله (رهينه الذنوب بين يدى الله، ‌و‌ رقابنا طليقه بريئه!! ‌و‌ هكذا حزب الشيطان يرون السيئات حسنات، اما حزب الرحمن فيتجردون حتى عن رويه الطاعات ‌و‌ القربات.
 
و تقدم ‌فى‌ الدعاء 32 فقره ‌من‌ رضى عن نفسه اسخط الله عليه.
 
(و انى لم اقدم ‌ما‌ قدموه ‌من‌ الصالحات...) ‌ان‌ لم يكن لدى ‌من‌ عمل اتقرب ‌به‌ اليك فانى استشفع لديك بايمانى انك الخالق الذى ‌لا‌ معاند له ‌و‌ ‌لا‌ نظير، ‌و‌ الصمد الذى ‌لا‌ كفو له ‌و‌ ‌لا‌ شريك، ‌و‌ الدائم القائم، ‌و‌ المبدى ء المعيد (و اتيتك ‌من‌ ابوابك...) كالتوبه ‌و‌ الثقه بفضلك ‌و‌ رحمتك ‌و‌ موده القربى  
 
(قل ‌ما‌ يخيب عليه راجيك) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 16 ‌و‌ 46.
 
(و سالتك مساله الحقير...) هذى هى بالذات علاقه العارفين بالله مع الله، علاقه المخلوق بالخالق، ‌و‌ المرزوق بالرازق، ‌و‌ الحقير بالعظيم، ‌و‌ الذليل بالعزيز، ‌و‌ المستجدى بالمعطى... ‌و‌ هذا ‌هو‌ توحيد المومن حقا ‌و‌ صدقا لايرى الا الله، ‌و‌ لايثق بجهده ‌و‌ جهاده بالغا ‌ما‌ بلغ الا ‌ان‌ يرحم الله ‌و‌ يتكرم  
 
(و انا بعد اقل الاقلين...) هذا ضرب ‌من‌ التواضع لعظمه الله ‌و‌ اذعان لعزته، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ انه عين العزه ‌و‌ الرفعه (و ‌يا‌ ‌من‌ لم يعاجل المسيئين) واضح ‌و‌ تقدم مرات، منها ‌فى‌ الدعاء 37، انظر ‌فى‌ شرحه فقره لماذا املى سبحانه ‌و‌ امهل؟ ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء: «يا ‌من‌ لم يعجل على ‌من‌ عصاه ‌من‌ خلقه، ‌يا‌ ‌من‌ استنقذ السحره بعد طول الجحود» يشير بهذا الى السحره الذين عبدوا فرعون ‌من‌ دون الله امدا طويلا، ‌و‌ مع ذلك امهلهم سبحانه، ثم تحدوا موسى (ع) كليم الله ‌و‌ رسوله فلم يعاجل سبحانه بالعذاب، فكانت النتيجه ‌ان‌ آمنوا بالله، ‌و‌ كفروا بفرعون ‌و‌ «قالوا لن نوثرك على ‌ما‌ جاءنا ‌من‌ البينات ‌و‌ الذى فطرنا فاقض ‌ما‌ انت قاض- 77 طه».
 (و لاينده المترفين) ‌من‌ نده فلان فلانا اذا زجره ‌و‌ طرده، ‌و‌ المراد هنا ‌ان‌ الله سبحانه لم يزجر المترفين الطغاه بتعجيل العقاب (باقاله العثرات): تعفو عن السيئات، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 31 ‌و‌ غيره (و يتفضل بانظار الخاطئين) عطف تكرار على «لم يعاجل المسيئين»
 
(انا المسى ء المعترف الخاطى ء...) تقدم قبل قليل ‌فى‌ قوله: «امرته فلم ياتمر، ‌و‌ زجرته فلم ينزجر...) ‌و‌ برجاء العفو ‌و‌ المغفره نذكر ‌ما‌ قاله سيدالشهداء (ع): «الهى امرتنى فعصيتك، ‌و‌ نهيتنى فارتكبت نهيك، فاصبحت ‌لا‌ ذا براءه فاعتذر، ‌و‌ ‌لا‌ ذا قوه فانتصر فباى شى ء استقبلك؟» هذا ‌و‌ انت- ‌يا‌ ابا عبدالله- صاحب كربلاء، ‌و‌ ‌لا‌ تضحيه ‌و‌ دماء اقدس ‌و‌ ازكى، ‌و‌ اسعد ‌و‌ اتقى ‌من‌ دمك... فمسكين انا ‌و‌ امثالى. باى شى ء نستقبل الخافض الرافع؟ اللهم انك تعلم انى احب الحسين وجد الحسين ‌و‌ ابا الحسين ‌و‌ ‌ام‌ الحسين ‌و‌ اخا الحسين ‌و‌ اولاد الحسين ‌و‌ احفاد الحسين على جميعهم مادام مجدك ‌و‌ جلالك. ‌و‌ قلت انت، عظمت كلمتك، بلسان نجيك: المرء مع ‌من‌ احب، اقولها رجاء لرحمتك مع الخوف منك.
 
(انا الذى لم يرهب سطوتك، ‌و‌ لم يخف باسك...) ‌و‌ تسال: اعلن الامام (ع) خوفه ‌من‌ الله مرات ‌و‌ مرات، منها ‌ما‌ جاء بالحرف الواحد ‌فى‌ الدعاء 39: «تفعل ذلك ‌يا‌ الهى بمن خوفه منك اكثر ‌من‌ طمعه فيك، فكيف نقض هنا ‌ما‌ ابرم ‌فى‌ ادعيته السابقه ‌و‌ اللاحقه ‌و‌ قال: لم يرهب ‌و‌ لم يخف؟
 الجواب: ليس المراد بنفى الخوف ‌و‌ الرهبه هنا المعنى الظاهر، بل المراد محاسبه النفس ‌و‌ جهادها الذى سماه الرسول الاعظم (ص) الجهاد الاكبر، هذا الى ‌ان‌ الشرط الاساس ‌فى‌ لغه الدعاء ‌و‌ المناجاه ‌ان‌ تكون بلسان التذلل ‌و‌ الانكسار كما اشرنا قبل اسطر.
 (بحق ‌من‌ انتجبت ‌من‌ خلقك...) الانتجاب ‌و‌ الاصطفاء ‌و‌ الاختيار ‌و‌ الاجتباء ‌من‌ الكلمات المترادفه المتشابكه ‌فى‌ معناها ‌و‌ ‌ما‌ يراد منها، ‌و‌ ناط: علق ‌و‌ وصل. ‌و‌ محمد (ص) ‌هو‌ لسان الله ‌و‌ بيانه بنص القرآن الكريم: «و ‌ما‌ آتاكم الرسول فخذوه ‌و‌ ‌ما‌ نهاكم عنه فانتهوا- 7 الحشر... ‌من‌ يطع الرسول فقد اطاع الله- 80 النساء» ‌و‌ الامام السجاد (ع) يسال الله سبحانه بما لجده النبى (ص) عنده ‌من‌ المنزله ‌و‌ الكرامه ‌ان‌ يستر ذنوبه، ‌و‌ يحفظه ‌من‌ كل مكروه ‌و‌ عبر عن ذلك بقوله: (تغمدنى ‌فى‌ يومى هذا بما تغمدت ‌به‌ ‌من‌ جار اليك) ‌اى‌ رفع صوته بالدعاء متضرعا اليك (متنصلا) تنصل مما نسب اليه: نفاه ‌و‌ تبرا منه. ‌و‌ المعنى عاملنى ‌يا‌ الهى معامله الذى تضرع ‌و‌ التجا اليك، ‌و‌ تاب ‌من‌ ذنوبه ‌و‌ عيوبه.
 
(تولنى بما تتولى ‌به‌ اهل طاعتك...) اشملنى برعايتك كما تشمل المقربين لديك  
 
(و توحدنى...): خصنى بما تخص ‌به‌ الوفى التقى الذى جاهد ‌فى‌ سبيلك ‌و‌ عمل ‌من‌ اجل مرضاتك  
 
(و لاتواخذنى...) باعمالى، بل بغفرانك ‌و‌ احسانك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 10 ‌و‌ غيره  
 
(و لاتستدرجنى باملائك لى): الاستدراج: ‌ان‌ يسوق سبحانه المغضوب عليه الى الهلاك شيئا فشيئا ‌و‌ درجه درجه تماما كمن يرتقى درج السلم، ‌و‌ الاملاء: الامهال ‌و‌ التاخير، ‌و‌ نعوذ بالله ‌من‌ المخبات ‌و‌ المفاجات (استدراج ‌من‌ منعنى خير ‌ما‌ عنده، ‌و‌ لم يشركك ‌فى‌ حلول نعمته بى) يفترض الامام (ع) بقوله هذا وجود انسان انعم الله عليه، فاحتكر نعمه الله، ‌و‌ لم ينفق منها لوجه الله، فاملى له سبحانه ‌و‌ امهله حتى اذا تعدى ‌و‌ تمادى ‌فى‌ طغيانه اخذه الله اخذ عزيز مقتدر.
 ‌و‌ الامام (ع) يتعوذ بالله ‌ان‌ يكون على شاكله هذا الشقى المغرور.
 
(و نبهنى ‌من‌ رقده الغافلين) ايقظنى ‌من‌ السهو ‌و‌ الغفله عن طاعتك، ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: لاتغفل فلست بمغفول عنك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 17 (و سنه المسرفين...) عطف تكرار
 
(القانتين): القائمين الدائمين على الطاعه (المتعبدين): العاملين لله ‌لا‌ لسواه (المتهاونين) بامر الله ‌و‌ نهيه، ثم تابوا فتاب الله عليهم.
 
(و اعذنى مما يباعدنى عنك...) اهدنى اليك، ‌و‌ قربنى منك، ‌و‌ وفقنى الى العمل لثوابك ‌و‌ نوالك. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 5 ‌و‌ 21 ‌و‌ 22.
 
(و سهل لى مسلك الخيرات...) وفقنى للاعمال الصالحات، ‌و‌ اجعلنى ‌من‌ اهل السبق الى الخيرات (و المشاحه فيها): التزاحم ‌و‌ التنافس بين اهل الخير على عمل الخير
 
(و لاتمحقنى فيمن تمحق) نجنى ‌من‌ سخطك ‌و‌ عذابك.
 
(و لاتهلكنى...) عطف تكراى  
 
(و لاتتبرنى...) لاتهلكنى ايضا عطف تكرار، قال سبحانه: «و كلا تبرنا تتبيرا- 39 الفرقان» ‌اى‌ اهلكنا اهلاكا
 
(و نجنى ‌من‌ غمرات الفتن): ‌من‌ شدائد المصائب ‌و‌ المحن (و خلصنى ‌من‌ لهوات): جمع لهاه، ‌و‌ هى لحمه مشرفه ‌فى‌ اقصى سقف الفم.
 
(و ‌حل‌ بينى ‌و‌ بين عدو يضلنى، ‌و‌ هوى يوبقنى، ‌و‌ منقصه ترهقنى) حل: احجز، ‌و‌ يوبقنى: يهلكنى، ‌و‌ ترهقنى: تحملنى ‌ما‌ ‌لا‌ اطيق، ‌و‌ المراد بالعدو هنا كل ‌ما‌ يغرى بالانحراف عن جاده الحق ‌و‌ الخير، ‌و‌ يبعث على ممارسه الشر ‌و‌ الباطل، سواء اكان هذا الباعث ‌من‌ داخل الانسان ‌ام‌ ‌من‌ خارجه. ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ صاحب الوعى ‌و‌ الحزم ‌لا‌ يامن مكر عدوه حتى ‌و‌ لو كان هذا العدو نفسه التى بين جنبيه، بل يكبحها ‌و‌ يردعها، ‌و‌ الامام (ع) يدعو الله سبحانه ‌ان‌ يعينه على نفسه ‌و‌ على كل مخادع ‌و‌ مراوغ  
 
(و ‌لا‌ تعرض عنى...) الله سبحانه يدعو اليه ‌من‌ ادبر عنه، فكيف يعرض عمن اقبل عليه؟ ‌و‌ اذن فالمعنى عاملنى بلطفك ‌و‌ رحمتك ‌لا‌ بما استحق.
 
(و ‌لا‌ تويسنى ‌من‌ الامل فيك) الخطاب ‌او‌ المناجاه مع الله سبحانه، ‌و‌ عليه يتجه السوال: الم يهدد، ‌جل‌ جلاله ‌و‌ يتوعد الذين يئسوا ‌من‌ رحمته، بالعذاب الاليم، ‌و‌ يعلن ذلك بقوله: «اولئك يئسوا ‌من‌ رحمتى ‌و‌ اولئك لهم عذاب اليم- 23 العنكبوت»؟ فهل بعد هذا يقال لله تعالى: «لاتويسنى»؟
 الجواب: يريد الامام (ع) بقوله: «لاتويسنى» انت ‌يا‌ الهى ثقتى ‌و‌ رجائى فحقق ‌ما‌ املت ‌و‌ رجوت قبل ‌ان‌ يغلبنى الياس. ‌و‌ لذا قال بلا فاصل: (فيغلب على القنوط ‌من‌ رحمتك) ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء 13: «تولنى بنجح طلبتى ‌و‌ قضاء حاجتى قبل زوالى عن موقفى هذا... ‌و‌ لاتقطع رجائى عنك، ‌و‌ لاتبت سببى منك»
 
(و لاتمتحنى بما ‌لا‌ طاقه لى به) هذا اقتباس ‌من‌ الايه 286 البقره: «ربنا ‌و‌ لاتحملنا ‌ما‌ ‌لا‌ طاقه لنا به» قال بعض المفسرين: ‌اى‌ ‌لا‌ تكلفنا بما ‌لا‌ يطاق!. ‌و‌ يدحض هذا التفسير قوله تعالى ‌فى‌ نفس الايه: «لايكلف الله نفسا الا وسعها» ‌و‌ اذن التكليف غير مراد ‌من‌ هذه الايه، بل المراد العذاب ‌و‌ العقوبه ‌و‌ المعنى اجرنا ‌من‌ عذابك، فانه ‌لا‌ طاقه لنا ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ بعدلك. قال الشيخ الانصارى ‌فى‌ رسائله باب البراءه: «لايبعد ‌ان‌ يراد بما لايطاق ‌فى‌ الايه العذاب ‌و‌ العقوبه، فمعنى ‌لا‌ تحملنا ‌ما‌ ‌لا‌ طاقه لنا به، ‌لا‌ تورد علينا ‌ما‌ ‌لا‌ نطيقه ‌من‌ العقوبه».
 
(و ‌لا‌ ترسلنى ‌من‌ يدك... المراد بيده تعالى لطفه ‌و‌ عنايته، ‌و‌ المعنى اشملنى بلطفك، ‌و‌ ‌لا‌ تكلنى الى نفسى الاماره الغراره. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «ان ابغض الرجال الى الله تعالى لعبدا ‌و‌ كله الله الى نفسه جائرا عن قصد السبيل سائرا بغير دليل». ‌و‌ تقدم مرارا، منها ‌فى‌ الدعاء 32 (و ‌لا‌ انابه له) ‌اى‌ ‌لا‌ رجوع لهذا المنبوذ المرذول، الى خالقه سبحانه بعد ‌ان‌ اسقطه ‌و‌ تخلى عنه. استجير بك ‌يا‌ الله، ‌و‌ منك اطلب الوصول اليك  
 
(و لاترم بى) ‌فى‌ سله المهملات ‌و‌ مهاوى الهلكات.
 
(و خذ بيدى ‌من‌ سقطه المتردين) ‌فى‌ بوره الفساد ‌و‌ الضلال (و وهله المتعسفين) المراد بالوهله هنا الوهم ‌و‌ الاشتباه، ‌و‌ المتعسف: المتكلف بغير علم ‌و‌ ‌لا‌ هدى (و زله المغرورين) الزله: الخطيئه، ‌و‌ المغرور كله خطايا ‌و‌ رزايا (و ورطه الهالكين) الورطه: الداهيه التى ‌لا‌ خلاص منها ‌و‌ مناص. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «احذروا الذنوب المورطه ‌و‌ العيوب المسخطه». ‌و‌ كل ‌من‌ ترك واجبا ‌او‌ فعل محرما بلا عذر شرعى فهو ‌من‌ الهالكين. ‌و‌ نكرر ‌ما‌ سبق اكثر ‌من‌ مره: ‌ان‌ الله سبحانه لايجعل الانسان صالحا الا اذا صح منه العزم، ‌و‌ سعى له سعيه تماما كالعلم بعد الدرس ‌و‌ الثمره بعد الغرس، ‌و‌ الله سبحانه امر عباده بالتوكل عليه ‌فى‌ العمل ‌لا‌ ‌فى‌ البطاله ‌و‌ الكسل.
 
(و عافنى مما ابتليت ‌به‌ طبقات عبيدك) المراد بالطبقات هنا بقرينه السياق الفئات ‌و‌ الجماعات الضاله كالمتردين ‌و‌ المتعسفين ‌و‌ المغرورين ‌و‌ الهالكين (و بلغنى مبلغ ‌من‌ عنيت ‌به‌ ‌و‌ انعمت عليه...) ‌و‌ الله سبحانه يهتم، ‌و‌ يعتنى بجميع خلقه دون استثناء، ‌و‌ هل ‌من‌ عاقل يهدم ‌ما‌ بنى، ‌و‌ يفسد ‌ما‌ غرس؟ ‌و‌ لكن ابى الله الا ‌ان‌ يجرى الامور على اسبابها، ‌و‌ ‌من‌ اسباب الهدايه لاى انسان ‌ان‌ يصح منه العزم كما اشرنا، فان اصر على الضلال فهو ‌و‌ ‌ما‌ يختار: «فمن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ‌و‌ ‌من‌ ضل فانما يضل عليها- 108 يونس... ‌و‌ لو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم- 23 الانفال»
 
(و طوقنى طوق الاقلاع عما يحبط الحسنات...) اجعلنى ‌فى‌ حصن حصين ‌من‌ السيئات التى تذهب الحسنات ‌و‌ قريب منه هذا الدعاء: «اعوذ بك اللهم ‌من‌ الذنوب التى تغير النعم ‌و‌ تحدث النقم، ‌و‌ تورث الندم... ‌و‌ تنزل البلاء ‌و‌ تجلب الشقاء». ‌و‌ ‌كم‌ ‌من‌ حسنه محت سيئات، ‌و‌ سيئه محت حسنات  
 
(و اشعر قلبى...) عطف تكرار ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 21 (الحوبات) جمع حوبه ‌و‌ هى الاثم ‌و‌ الخطيئه.
 
(و ‌لا‌ تشغلنى بما ‌لا‌ ادركه الا بك عما لايرضيك عنى غيره) عما لايرضيك متعلق بلا تشغلنى ‌و‌ غيره فاعل لايرضيك، ‌و‌ ‌من‌ المعلوم ‌ان‌ الشى ء الذى لايرضى الله بسواه ‌هو‌ السمع ‌و‌ الطاعه لامره تعالى ‌و‌ نهيه، ‌و‌ تقدير الكلام ‌و‌ معناه ‌لا‌ تشغلنى ‌يا‌ الهى عن طاعتك بالخروج عن حدى المحدود ‌و‌ الخوض فيما ‌لا‌ اعلم، لانك ‌ما‌ يسرت ‌و‌ سهلت لى الطريق الى معرفته  
 
(و انزع ‌من‌ قلبى حب دنيا... ‌اى‌ دنيا الحرام، ‌و‌ لذا وصفها الامام بالخسيسه الدنيه ‌و‌ الناهيه الصاده عما فيه لله رضى ‌و‌ للناس خير ‌و‌ صلاح، ‌ان‌ الدين ‌و‌ دنيا الخير شى ء واحد، كل منهما وسيله لصالح الانسان ‌و‌ مرضاه الله ‌و‌ ثوابه  
 
(و زين لى التفرد بمناجاتك بالليل... واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 42.
 
(وهب لى عصمه تدنينى ‌من‌ خشيتك...) هذا ‌و‌ ‌ما‌ بعده تكرار لما سبق ‌فى‌ هذا الدعاء بالذات، ‌و‌ الادعيه السابقه، منها الدعاء 16 ‌و‌ 5 ‌و‌ 31
 
(وهب لى التطهير ‌من‌ دنس العصيان...) عطف تكرار، لان التطهير ‌من‌ العصيان عين الانقطاع عن الحرام (و سربلنى بسربال عافيتك...) السربال القميص، ‌و‌ الرداء: ‌ما‌ يلبس فوق الثياب كالعباءه ‌و‌ الجبه، ‌و‌ العافيه: السلامه ‌من‌ الاذى دنيا ‌و‌ آخره، ‌و‌ المعافاه: غناك عن الناس ‌و‌ غناهم عنك. ‌و‌ فيما دعا ‌به‌ الرسول الاعظم (ص)، «ان لم يكن بك غضب على فلا ابالى... ‌و‌ لكن عافيتك اوسع لى» ‌و‌ فيه ايماء الى ‌ان‌ الافضل ‌ان‌ تجمع بين الامرين: الرضا ‌و‌ العافيه (و ظاهر لدى فضلك ‌و‌ طولك) تابع على عطاءك ‌و‌ احسانك.
 
(و ايدنى بتوفيقك ‌و‌ تسديدك...) قال سبحانه حكايه لقول شعيب: «و ‌ما‌ توفيقى الا بالله- 88 هود» ‌و‌ معناه ‌ان‌ يطلب العبد ‌من‌ خالقه تعالى العون ‌و‌ التاييد لبلوغ الصلاح ‌و‌ السلامه ‌فى‌ النيه ‌و‌ القصد، ‌و‌ الرشد ‌و‌ الهدايه ‌فى‌ الدين ‌و‌ العقيده ‌و‌ ‌فى‌ العلم ‌و‌ المعرفه، ‌و‌ الحق ‌و‌ الصدق ‌فى‌ الاقوال، ‌و‌ الخير ‌و‌ النجاح ‌فى‌ الافعال. ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ ارده التوفيق ‌من‌ التوفيق، ايضا ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الله يستجيب ‌و‌ يهب هذا التوفيق ‌و‌ التسديد لكل طالب ‌و‌ راغب، لانه تعالى يحب ‌من‌ عباده الخير ‌و‌ الصلاح ‌و‌ الاستقامه، ‌و‌ لكن الطلب المجرد عن الطاعه ‌لا‌ وزن له ‌و‌ ‌لا‌ اثر، كيف؟ ‌و‌ هل ‌من‌ العقل ‌و‌ المنطق ‌ان‌ نطلب الرضا ممن اغضبناه ‌و‌ السمع ‌و‌ الاستجابه لمن عصيناه؟ قال سبحانه: «و اذا سالك عبادى عنى فانى قريب اجيب دعوه الداعى اذا دعان فليستجيبوا لى- 186 البقره».
 (و ‌لا‌ تكلنى الى حولى وقوتى...) الحول: القدره على التصرف، ‌و‌ ‌لا‌ قوه ‌و‌ قدره للمخلوق الا بخالقه، ‌و‌ ‌اى‌ قوى ‌و‌ غنى ‌يا‌ ‌من‌ المفاجات ‌و‌ المخبات؟ ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «ما قال الناس لشى ء طوبى له الا ‌و‌ قد خبا له الدهر يوم سوء» ‌و‌ ‌لا‌ دافع له ‌و‌ مانع الا ‌ان‌ يشاء الله. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): الهى كيف تكلنى ‌و‌ قد تكفلت لى؟
 
(و لاتخزنى...) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 6 ‌و‌ غيره (و اوزعنى...) الهمنى الثناء على فضلك ‌و‌ احسانك، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 20 ‌و‌ 23
 
(و ‌لا‌ تخذلنى...) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 32 ‌و‌ غيره (و انك بان تعفو اولى منك بان تعاقب...) لانه تعالى الغنى ذو الرحمه ‌و‌ ‌هو‌ القائل: «ما يفعل الله بعذابكم ‌ان‌ شكرتم ‌و‌ آمنتم- 147 النساء» ‌و‌ ياتى ‌فى‌ الدعاء 50 «و لو ‌ان‌ عذابى يزيد ‌فى‌ ملكك لسالتك الصبر عليه، ‌و‌ احببت ‌ان‌ يكون ذلك لك» ‌و‌ قيل للامام السجاد (ع): ‌ان‌ الحسن البصرى قال: ليس العجب ممن هلك كيف هلك؟ ‌و‌ انما العجب ممن نجا كيف نجا؟ فقال الامام (ع): انا اقول: ليس العجب ممن نجا كيف نجا؟ ‌و‌ انما العجب ممن هلك كيف هلك؟.
 
(فاحينى حياه طيبه... اقتباس ‌من‌ قوله تعالى: «فلنحيينه حياه طيبه- 97 النحل» ‌و‌ الحياه الطيبه ‌فى‌ الدنيا الرزق الحلال، ‌و‌ ‌فى‌ الاخره الجنه. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 1 ‌و‌ 20 ‌و‌ غير ذلك (و تبلغ ‌بى‌ ‌ما‌ احب ‌من‌ حيث ‌لا‌ آتى ‌ما‌ تكره) هبنى ‌ما‌ احب، شريطه ‌ان‌ ‌لا‌ تكرهه انت. ‌و‌ ‌فى‌ الدعاء 21 «حتى ‌لا‌ احب شيئا ‌من‌ سخطك، ‌و‌ ‌لا‌ اسخط شيئا ‌من‌ رضاك». وكلنا يحفظ قوله تعالى: «و عسى ‌ان‌ تكرهوا شيئا ‌و‌ ‌هو‌ خير لكم ‌و‌ عسى ‌ان‌ تحبوا شيئا ‌و‌ ‌هو‌ ‌شر‌ لكم ‌و‌ الله يعلم ‌و‌ انتم ‌لا‌ تعلمون- 16 البقره».
 (و امتنى ميته ‌من‌ يسعى نوره بين يديه ‌و‌ عن يمينه) اقتباس ‌من‌ الايه 12 الحديد: «يوم ترى المومنين ‌و‌ المومنات يسعى نورهم بين ايديهم ‌و‌ بايمانهم» ‌من‌ آمن بالله، ‌و‌ عمل بموجب ايمانه سار ‌فى‌ الحياه الدنيا على هدى ‌من‌ ربه، ‌و‌ ‌فى‌ يوم الحساب ‌و‌ الجزاء يشع ‌من‌ هذا الايمان ‌و‌ الهدى نور محسوس تماما كنور المصباح المحمول، يتحكم ‌به‌ حامله كيف يشاء، ‌و‌ يستضى ء انى يريد. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 22.
 
(و ذللنى بين يديك، ‌و‌ اعزنى عند خلقك) ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء: «و ‌فى‌ نفسى فذللنى، ‌و‌ ‌فى‌ اعين الناس فعظمنى» طلب الامام (ع) ‌من‌ الله سبحانه ‌ان‌ يتصور نفسه كبيرا كيلا يرى الناس صغارا، ‌و‌ ليكون قدوه ‌فى‌ التواضع ‌و‌ الخلق الكريم، ‌و‌ ايضا طلب منه تعالى ‌ان‌ يكون عظيما عند الناس لا حبا بالسمعه ‌و‌ الشهره، بل ليكون لدعوته احسن الوقع ‌و‌ الاثر ‌فى‌ النفوس، فتنفذ الى اعماقها، ‌و‌ تعمل عليها للخير ‌و‌ الرشد ‌و‌ الصلاح، ‌و‌ على هذا الاساس قال العلماء: يجب ‌ان‌ تتوافر ‌فى‌ النبى خير الصفات ‌و‌ اكملها لئلا تنفر منه الاذواق السليمه، ‌و‌ لاينتقض الغرض المطلوب ‌من‌ بعثه.
 (و اغننى عمن ‌هو‌ غنى عنى) ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الغنى خير ‌و‌ عافيه، ‌و‌ قد اتمن سبحانه على نبيه الكريم بالغنى: «و وجدك عائلا فاغنى- 8 الضحى» ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «اللهم انى اسالك الهدى ‌و‌ التقى ‌و‌ العفاف ‌و‌ الغنى» فقد قرن سبحانه الغنى بالهدى ‌و‌ التقى كما قرن الفقر بالفحشاء ‌فى‌ الايه 268 ‌من‌ البقره: «الشيطان يعدكم الفقر ‌و‌ يامركم بالفحشاء». ‌و‌ تقدم الكلام عن ذلك ‌فى‌ الدعاء 20 فقره الفقر (و زدنى اليك فاقه ‌و‌ فقرا) الفاقه: الحاجه ‌و‌ الفقر، ‌و‌ الفقر الى الله عز، ‌و‌ الى الناس ذل، لان الفقر اليه تعالى انقطاع عن الخلق الى الخالق وحده. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «انا الفقير ‌فى‌ غناى، فكيف ‌لا‌ اكون فقيرا ‌فى‌ فقرى» ‌اى‌ الغنى فقير اليه تعالى، فكيف بالفقير؟
 
(و اعذنى ‌من‌ شماته الاعداء...) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 8 (و تغمدنى فيما اطلعت...) استر عيوبى ‌و‌ ذنوبى، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 16 ‌و‌ 32 ‌و‌ 39
 
(و اذا اردت بقوم فتنه ‌او‌ سوء فنجنى منها لو اذا بك) المراد بالفتنه هنا العذاب، ‌و‌ السوء: الافه ‌و‌ الشر ‌و‌ الاذى ‌و‌ الفساد، ‌و‌ لو اذا: لائذا، ‌و‌ المعنى نسالك اللهم النجاه ‌من‌ كل ‌شر‌ ‌و‌ عذاب تنزله باهل الكفر ‌و‌ البغى (و اذ لم تقمنى مقام فضيحه...) شملتنى ‌فى‌ دنياى بحلمك ‌و‌ اناتك، فامنن على ‌فى‌ آخرتى بعفوك ‌و‌ رحمتك  
 
(و اشفع لى اوائل مننك...) اضف نعمك ‌و‌ احسانك ‌فى‌ الاخره الى نعمك على ‌و‌ احسانك الى ‌فى‌ الدنيا (و ‌لا‌ تمدد لى مدا يقسو معه قلبى) اسالك اللهم ‌ان‌ ‌لا‌ يكون ‌ما‌ انعمت على ‌به‌ ‌من‌ العمر المديد ‌و‌ الصحه ‌و‌ المال- امهالا ‌و‌ املاء يقودنى الى الاثم ‌و‌ الضلال كالذين عنيتهم بقولك: «انما نملى لهم ليزدادوا اثما ‌و‌ لهم عذاب مهين- 178 / ‌آل‌ عمران».
 (و ‌لا‌ تقرعنى قارعه يذهب لها بهائى...) لاتنزل ‌بى‌ نازله تذهب بهيبتى، ‌و‌ يصغر لها قدرى عند عبادك  
 
(و ‌لا‌ ترعنى روعه ابلس بها) ‌لا‌ ترعنى: ‌لا‌ تفزعنى، ‌و‌ ابلس: تحير، ‌و‌ المعنى ‌لا‌ تخيفنى بما يدهشنى ‌و‌ يولمنى (و ‌لا‌ خيفه اوجس دونها) ‌و‌ دون هنا بمعنى عند، ‌و‌ العطف للتكرار.
 
 خوف المطيعين
 
 (اجعل هيبتى ‌فى‌ وعيدك...) الوعيد بالشر ‌و‌ العذاب، ‌و‌ الوعد بالخير ‌و‌ الثواب، ‌و‌ الهيبه ‌و‌ الرهبه ‌و‌ الحذر كلمات تتضمن معنى الخوف، ‌و‌ ‌هو‌ مراد الامام (ع) منها، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ ‌شك‌ ‌ان‌ الخوف ‌من‌ الله تعالى ياتى على قدر العلم ‌به‌ تماما كالايمان يقاس رسوخه برسوخ العلم بعظمته ‌جل‌ جلاله، ‌و‌ بهذا نطق القرآن الكريم: «انما يخشى الله ‌من‌ عباده العلماء- 28 فاطر... ‌و‌ الراسخون ‌فى‌ العلم يقولون آمنا ‌به‌ كل ‌من‌ عند ربنا- 7 ‌آل‌ عمران» ‌و‌ ‌فى‌ هاتين الايتين دلاله واضحه ‌ان‌ الدين علم ‌فى‌ اصطلاح القرآن. ‌و‌ قد يظن الجاهلون ‌ان‌ الخوف ‌من‌ الله لايجب ‌و‌ لاينبغى الا ‌من‌ العاصى، اما خوف المطيع فلا موجب له! ‌و‌ لكن اهل العلم بالله يرجون مغفرته ‌و‌ رحمته مع المعصيه، ‌و‌ يخافونه اشد الخوف مع الطاعه لظن التقصير ‌و‌ عدم القبول لشائبه العجب ‌او‌ الرياء ‌او‌ لخلل بفوات جزء ‌او‌ شرط ‌او‌ للتهاون ‌فى‌ الخشوع ‌و‌ الاقبال عليه تعالى كما يجب. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء سيد الشهداء (ع): «ان رجائى لاينقطع عنك ‌و‌ ‌ان‌ عصيتك، كما ‌ان‌ خوفى لايزايلنى ‌و‌ ‌ان‌ اطعتك».
 
(و اعمر ليلى بايقاظى فيك لعبادتك) اشغل ليلى بالعباده ‌لا‌ بالنوم (و تفردى بالتجهد لك ‌و‌ تجردى بسكونى اليك) تفرد: كان فردا، ‌و‌ تهجد: سهر الليل للعباده، ‌و‌ تجرد: تفرغ، ‌و‌ سكونى: انسى ‌و‌ راحتى ‌و‌ اطمئنانى، ‌و‌ المعنى اصرفنى ‌يا‌ الهى بكيانى كله روحا ‌و‌ جسما الى عبادتك ‌فى‌ كل ليله ‌من‌ ليالى عمرى ‌و‌ حياتى، عسى ‌ان‌ اكون واحدا ‌من‌ الذين عنيتهم ‌و‌ مدحتهم بقولك: «امن ‌هو‌ قانت آناء الليل ساجدا ‌و‌ قائما يحذر الاخره ‌و‌ يرجو رحمه ربه- 9 الزمر». ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «اما الليل فصافون اقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا». ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 42.
 (و انزال حوائجى بك) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 13 (و منازلتى اياك ‌فى‌ فكاك رقبتى) ‌و‌ المراد بالمنازله هنا المراجعه ‌و‌ المساله المره تلو المره، ‌و‌ جاءت بصيغه المفاعله لمجرد المبالغه ‌فى‌ الالحاح ‌و‌ التكرار. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 5 (اجارتى مما فيه اهلها ‌من‌ عذابك) الضمير ‌فى‌ اهلها يعود الى رقبتى، ‌و‌ ‌من‌ عذابك بيان لمما فيه، ‌و‌ المعنى رقبتى ‌يا‌ الهى تستحق عذابك، ‌و‌ انا استجير بك راجيا ‌ان‌ تطلقها ‌و‌ تحررها ‌من‌ غضبك ‌و‌ عذابك.
 
(و ‌لا‌ تذرنى ‌فى‌ طغيانى عامها) العمه ‌فى‌ البصيره، ‌و‌ العمى ‌فى‌ البصر، ‌و‌ هذه الجمله اقتباس ‌من‌ قوله تعالى: «من يضلل الله فلا هادى له ‌و‌ يذرهم ‌فى‌ طغيانهم يعمهون 186 الاعراف» ‌و‌ المعنى اشملنى بهدايتك ‌و‌ عنايتك، ‌و‌ ‌لا‌ تتركنى لالحاح الشهوات ‌و‌ تضليل الشبهات. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 8 (و ‌لا‌ ‌فى‌ غمرتى ساهيا حتى حين) الغمره: الشده، ‌و‌ هذا اقتباس ‌من‌ الايه 54 المومنون: «فذرهم ‌فى‌ غمرتهم حتى حين» ‌و‌ المعنى مدنى بحراستك، ‌و‌ ‌لا‌ تدعنى ‌فى‌ شدتى غافلا عن نفسى حتى يباغتنى الموت ‌او‌ العذاب (و ‌لا‌ تجعلنى عظه لمن اتعظ): ‌لا‌ تنزل ‌بى‌ نازله يتعظ بها الاخرون. ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «اتعظوا بمن كان قبلكم قبل ‌ان‌ يتعظ بكم ‌من‌ بعدكم» (و ‌لا‌ نكالا لمن اعتبر) عطف تكرار.
 (و ‌لا‌ فتنه لمن نظر) ‌اى‌ ‌لا‌ تجعلنى ضعيفا فيستخف ‌بى‌ ‌من‌ احب ‌و‌ اراد. ‌و‌ ‌فى‌ الايه 5 ‌من‌ الممتحنه: «ربنا ‌لا‌ تجعلنا فتنه للذين كفروا» ‌اى‌ ‌لا‌ تجعلنا ضعافا ينكل بنا الكفار (و ‌لا‌ تمكر ‌بى‌ فيمن تمكر به) يفتح سبحانه ابواب النعم ‌و‌ الخيرات لمن ‌لا‌ يسمعون ‌و‌ ‌لا‌ يتعظون حتى اذا فرحوا بها اخذهم بغته ‌و‌ ‌هم‌ لايشعرون، ‌و‌ الامام (ع) يدعو الله سبحانه ‌ان‌ ‌لا‌ يكون ‌من‌ هذه الزمره (و ‌لا‌ تستبدل ‌بى‌ غيرى) ايضا يدعو الامام (ع) ‌ان‌ لايكون ‌من‌ الذين خاطبهم الله تعالى بقوله: «و ‌ان‌ تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ‌لا‌ لايكونوا امثالكم- 38 محمد» (و ‌لا‌ تغير لى اسما) فتجعله شقيا بعد ‌ان‌ كان سعيدا (و ‌لا‌ تبدلى جسما) كما تفعل باهل النار: «كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها- 56 النساء».
 (و ‌لا‌ تتخذنى هزوا لخلقك): للجناس (و ‌لا‌ سخريا لك) ‌و‌ معنى سخريته تعالى انزال الخزى ‌و‌ الهوان بمن يستحق، ‌و‌ ‌من‌ هذا الباب: «نسوا الله فنسيهم- 67 التوبه» ‌اى‌ اهملهم (و ‌لا‌ تبعا الا لمرضاتك) ابدا ‌لا‌ اخضع الا لك. ‌و‌ ‌فى‌ دعاء جدهم الرسول (ص): اللهم انى اعوذ ‌من‌ الفقر الا اليك، ‌و‌ ‌من‌ الذل الا لك، ‌و‌ ‌من‌ الخوف الا منك» ‌و‌ ‌لا‌ ممتهنا الا بالانتقام لك) لاينالنى ‌اى‌ مكروه الا ‌فى‌ سبيل الله  
 
(و اوجدنى برد...) اصفح ‌و‌ ارحم ‌و‌ افتح لنا ابواب نعمتك ‌و‌ جنتك، ‌و‌ تقدم مرات ‌و‌ مرات (و اذقنى طعم الفراغ...) اغننى ‌و‌ اوسع على ‌فى‌ رزقى، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 20 ‌و‌ غيره
 
(و الاجتهاد...) ‌فى‌ طاعتك ‌و‌ رضوانك، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 21 ‌و‌ غيره (و اتحفنى بتحفه): بهديه ثمينه.
 
(و اجعل تجارتى رابحه) المراد بالتجاره هنا الطاعه، ‌و‌ بالربح الثواب، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 25 ‌و‌ غيره (و كرتى): رجوعى اليك ‌و‌ الحاحى عليك (و اخفنى مقامك) ‌لا‌ تظهر عند حسابى غدا بهيبتك امامى فيهتز ‌و‌ يرتعش كيانى. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 12 ‌و‌ غيره (و شوقى اليك) واضح، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 21 (و تب على...) تقدم مرات بخاصه ‌فى‌ الدعاء 31.
 
(و انزع الغل ‌من‌ صدرى) الغل: الحقد ‌و‌ البغضاء، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: ‌شر‌ الناس ‌من‌ ابغض الناس ‌و‌ ابغضه الناس. ‌و‌ قال احد فلاسفه اليونان: على الناس ‌ان‌ يبادروا الى ازاله الحقد اكثر ‌من‌ مبادرتهم الى اطفاء الحريق، لان النار تحرق بعض البيوت، ‌و‌ الحقد يثير الحروب التى تدمر البلاد ‌و‌ تهلك العباد (و اعطف بقلبى على الخاشعين) اجعلنى محبا للابرار الطيبين ‌و‌ مناصرا للمستضعفين. ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «فمن احب عبدا ‌فى‌ الله فانما احب الله، ‌و‌ لايحب الله الا ‌من‌ احبه الله» ‌و‌ نجد تفسير الحب ‌فى‌ الله بالايه 29 ‌من‌ الفتح: «اشداء على الكفار (اى اعداء الله) رحماء بينهم» (و ‌كن‌ لى كما تكون للصالحين) الذين يرجى منهم الخير، ‌و‌ ‌لا‌ احد يخشى ‌من‌ شرهم.
 (و حلنى حليه المتقين) الحليه بكسر الحاء: ‌ما‌ يزين ‌به‌ ‌من‌ مصوغ المعادن ‌و‌ الحجاره الكريمه، قال سبحانه: «يحلون فيها ‌من‌ اساور ‌من‌ ذهب ‌و‌ لولو- 33 فاطر» ‌و‌ المعنى البسنى زينه المتقين، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 20 (و اجعل لى لسان صدق ‌فى‌ الغابرين) ‌و‌ ‌فى‌ الايه 84 ‌من‌ الشعراء: «و اجعل لى لسان صدق ‌فى‌ الاخرين) ‌و‌ المعنى: اجعل لى ذكرا جميلا فيمن بقى ‌من‌ خلقك ‌من‌ اليوم الى يوم الدين. (و ذكرا ناميا ‌فى‌ الاخرين) عطف تكرار (و واف ‌بى‌ عرصه الاولين) وافاه: اتاه، ‌و‌ العرصه بفتح العين: البقعه الواسعه، ‌و‌ المعنى احشرنى غدا مع السابقين الاولين الى الخيرات، ‌و‌ كرر الامام (ع) هذا المعنى باسلوب اوضح، ‌و‌ ‌هو‌ قوله بعد لحظه: ‌و‌ جاور ‌بى‌ الاطيبين ‌من‌ اوليائك ‌فى‌ الجنان التى زينتها لاصفيائك.
 
(و تمم سبوغ نعمتك على، ‌و‌ ظاهر كراماتها لدى) تقدم ‌فى‌ هذا الدعاء بالذات ‌ما‌ نصه بالحرف: «و جللنى سوابغ نعمائك، ‌و‌ ظاهر لدى فضلك ‌و‌ طولك» (و املا ‌من‌ فوائدك يدى) كنايه عن العطاء الجزيل ‌و‌ الخير الكثير
 
(و سق كرائم مواهبك الى) الطلب الاول يعود الى الكم، ‌و‌ هذا الى الكيف لان الكرائم هى الغوالى ‌و‌ النفائس (و جللنى شرائف نحلك...) اعددت لمن تحب اجرا كريما ‌و‌ ثوابا عظيما، فتفضل على كما تفضلت عليهم، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ هذا الدعاء بالذات «تجزل لهم بها ‌من‌ نحلك ‌و‌ كرامتك، ‌و‌ تكمل لهم...
 
(و اجعل لى مقيلا) مكانا (آوى اليه) للراحه، ‌و‌ المراد هنا الجنه، قال سبحانه: «اصحاب الجنه يومئذ خير مستقرا ‌و‌ احسن مقيلا- 24 الفرقان» (و مثابه اتبوها، ‌و‌ اقر عينا) مثابه: ثواب، تبوا المكان: ‌حل‌ فيه، ‌و‌ قره العين: السرور.
 
(لا تقايسنى بعظيمات الجرائم): جمع جريمه ‌اى‌ لاتقس عقوبتى بجرمى ‌و‌ جريرتى، ‌و‌ بتعبير الدعاء المكرور المشهور: عاملنى بعفوك ‌لا‌ بعدلك (و ‌لا‌ تهلكنى يوم تبلى السرائر) اقتباس ‌من‌ الايه 9 الطارق: «يوم تبلى السرائر» ‌اى‌ يكشف عن كل ‌سر‌ كان ‌فى‌ القلب خفيا عقيده كان ‌او‌ ظنا ‌او‌ قصدا، ‌و‌ يوضع هذا السر غدا على المحك تمييزا بالاختبار لما خبث ‌و‌ طاب. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 32 (و ازل عنى كل ‌شك‌ ‌و‌ شبهه) الشك: ‌ان‌ تردد ‌و‌ ‌لا‌ تعتقد نفيا ‌او‌ اثباتا، ‌و‌ الشبهه: ‌ان‌ تعتقد خطا ‌من‌ حيث ‌لا‌ تشعر، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 22 بهذا النص: «وهب لى نورا امشى ‌به‌ بين الناس، ‌و‌ اهتدى ‌به‌ ‌فى‌ الظلمات، ‌و‌ استضى ء ‌به‌ ‌من‌ الشك ‌و‌ الشبهات».
 (و اجعل لى ‌فى‌ الحق طريقا ‌من‌ كل رحمه) ‌فى‌ الحق ‌اى‌ ‌فى‌ علمك ‌يا‌ الهى الذى ‌هو‌ عين الحق ‌و‌ الواقع، ‌و‌ ‌من‌ هنا بمعنى الى، ‌و‌ المعنى سهل على الطريق الموصل الى كل نوع ‌و‌ لون ‌من‌ فضلك ‌و‌ رحمتك (و اجزل لى قسم المواهب ‌من‌ نوالك) اجعل حظى ‌من‌ عطاياك كبيرا ‌و‌ كثيرا، ‌و‌ تقدم قبل لحظه هذا المعنى ‌فى‌ قوله: ‌و‌ سق كرائم مواهبك الى (و وفر على حظوظ الاحسان ‌من‌ افضالك) عطف تكرار
 
(و اجعل قلبى واثقا بما عندك) معنى الثقه بالله الغنى ‌به‌ عن كل شى ء، ‌و‌ الرجوع اليه ‌فى‌ كل شى ء، ‌و‌ حدد الامام اميرالمومنين (ع) صدق الايمان بقوله: لايصدق ايمان عبد حتى يكون بما ‌فى‌ يد الله اوثق منه بما ‌فى‌ يده. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 32.
 (و همى مستفرغا لما ‌هو‌ لك) اجعل كل افعالى ‌و‌ اقوالى لوجهك الكريم، ‌و‌ تقدم قبل قليل ‌فى‌ هذا الدعاء: اذقنى طعم الفراغ لما تحب (و استعملنى بما تستعمل ‌به‌ خالصتك) اجعلنى ‌من‌ اهل التقى ‌و‌ الزلفه عندك ‌و‌ اختصصتهم بفضلك، ‌و‌ استعملتهم ‌فى‌ الخيرات ‌و‌ المبرات (و اشرب قلبى عند ذهول العقول طاعتك) اذا تجرات عقول اهل الهوى ‌و‌ العمى على معصيتك فاشغل جوانحى ‌و‌ جوارحى كلها بطاعتك عن كل طاعه. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 11 ‌و‌ 21 ‌و‌ غير ذلك (و اجمع لى...) خير الدنيا ‌و‌ الاخره. ‌و‌ تقدم بصوره اطول ‌و‌ اوسع ‌فى‌ الدعاء 13 ‌و‌ 22 ‌و‌ غير ذلك  
 
(و ‌لا‌ تحبط حسناتى...) ‌لا‌ تجعلنى ‌من‌ الذين يخربون بيوتهم بايديهم، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ هذا الدعاء نفسه مانصه بالحرف: «و طوقنى طوق الاقلاع عما يحبط الحسنات ‌و‌ يذهب البركات.»
 (و ‌لا‌ خلواتى بما يعرض لها ‌من‌ نزغات قنتنك) خلواتى: صلواتى ‌و‌ عبادتى ‌و‌ المراد بالنزغات هنا خطرات الوسواس، ‌و‌ فتنته تعالى: محنته ‌و‌ ابتلاوه، ‌و‌ المعنى لاتبطل اعمالى بتصور اسود يمر بالخاطر ابتلى ‌به‌ ‌و‌ امتحن، ‌و‌ نسبه الامام الى الله، لانه خالق الاشياء كلها. ‌و‌ سبق القول بان الافكار ‌لا‌ اثر لها ‌ما‌ دامت ‌فى‌ ‌طى‌ الكتمان. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 42.
 
(و ذنبى عن التماس ‌ما‌ عند الفاسقين) السوال ‌من‌ حيث ‌هو‌ ذل ‌و‌ هوان الا ‌ان‌ يكون المسوول الخالق الرازق. فكيف اذا كان السائل اشرف ‌و‌ ارفع عن المسئول دينا ‌و‌ خلقا؟ قال الامام اميرالمومنين (ع): «ماء وجهك يقطر عند ‌من‌ تقطره... فوت الحاجه اهون ‌من‌ طلبها الى غير اهلها» ‌و‌ المعنى ‌ان‌ احوجك الدهر فاسال اهل الدين ‌و‌ الايمان ‌و‌ النجده ‌و‌ المروءه، لان سوال الفاسق ‌و‌ الظالم يستدعى السكوت عن الحق ‌و‌ المعروف، ‌و‌ تجاهل الباطل ‌و‌ المنكر ‌و‌ ‌به‌ يذهب ‌من‌ دين السائل اكثر مما ينال ‌من‌ دنيا المسئول، ‌و‌ قول الامام: صن دينى... واضح ‌فى‌ هذا المعنى، ‌و‌ ‌كم‌ قرانا عن اهل الله كيف فروا بدينهم ‌من‌ اهل المال ‌و‌ السلطان. ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 20.
 ‌و‌ فيما روى الرواه ‌ان‌ اثنين ‌من‌ العلماء كانا ‌فى‌ عهد الامويين، ‌و‌ كان احدهما يسكت عن الحق ‌و‌ يمالى ء الظلمه ‌و‌ يركن اليهم لانه يقبل عطاياهم، ‌و‌ الاخر يرفضها، ‌و‌ ينطق بالحق، ‌و‌ يجبههم ‌به‌ غير هياب. ‌و‌ ‌فى‌ ذات يوم التقى الحاكم بالنزيه المخلص، فقال له: ادع لنا، فقال: كيف ادع لكم ‌و‌ الالوف تدعوا عليكم ؟ ايستجاب لو احدو لايستجاب للكثره الكاثره؟ فقال الجائر: ‌و‌ لماذا خلق الله الذباب؟ قال: ليذل ‌به‌ الجبابره. قال الحاكم الظالم: فاين رحمه الله؟ قال: هى للمحسنين ‌لا‌ للمسيئين. ‌و‌ هكذا كل ‌من‌ تجرد عن الاهواء ‌و‌ الاغراض ينطق بالحق، ‌و‌ لايخشى ‌فى‌ الله لومه لائم، اما المرتزقه فيعبثون بدين الله، ‌و‌ يحللون حرامه بالتاويل ‌و‌ التعليل.
 
(و ‌لا‌ تجعلنى للظالمين ظهيرا) انظر شرح الدعاء 14 فقره الظالم كافر (و حطنى حياطه...) احفظنى بعينك الذى ‌لا‌ تنام ‌من‌ كل سوء ‌من‌ حيث ‌لا‌ احس ‌و‌ اشعر، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 6 ‌و‌ غيره (و افتح لى ابوابك توبتك ‌و‌ رحمتك.) ابواب توبته ‌و‌ رحمته مفتوحه لكل تائب ‌و‌ مسترحم، ‌و‌ السبل الى رزقه ‌لا‌ يبلغها الاحصاء تماما كنعمته، ‌و‌ هى بينه واضحه لكل ‌من‌ سعى لها سعيها، ‌و‌ تقدم ‌فى‌ الدعاء 32 ‌و‌ غيره. ‌و‌ الحمد لله رب العالمين ‌و‌ صلى الله على محمد ‌و‌ آله الطيبين الطاهرين، ‌و‌ السلام عليه ‌و‌ عليهم ابد الابدين.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

فى الشكر
فى وداع شهر رمضان
طلب العفو
مكارم الاخلاق
فى یوم عرفه
فى رد كید الاعداء
الملائكه
للاستسقاء
فى استكشاف الهموم
فى التذلل لمقام العزه و الجلال

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^