فارسی
سه شنبه 02 مرداد 1403 - الثلاثاء 15 محرم 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

التحمید فى الصلاه على محمد

التحميد ‌فى‌ الصلاه على محمد


 «1» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ‌من‌ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ‌و‌ آلِهِ دُونَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ ‌و‌ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ ، بِقُدْرَتِهِ الَّتِي ‌لا‌ تَعْجِزُ عَنْ شَيْ ءٍ ‌و‌ إِنْ عَظُمَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَفُوتُهَا شَيْ ءٌ ‌و‌ إِنْ لَطُفَ . «2» فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيعِ ‌من‌ ذَرَأَ ، ‌و‌ جَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى ‌من‌ جَحَدَ ، ‌و‌ كَثَّرَنَا بِمَنِّهِ عَلَى ‌من‌ ‌قل‌ . «3» اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ ، ‌و‌ نَجِيبِكَ ‌من‌ خَلْقِكَ ، ‌و‌ صَفِيِّكَ ‌من‌ عِبَادِكَ ، إِمَامِ الرَّحْمَةِ ، ‌و‌ قَائِدِ الْخَيْرِ ، ‌و‌ مِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ . «4» كَمَا نَصَبَ لِأَمْرِكَ نَفْسَهُ «5» ‌و‌ عَرَّضَ فِيكَ لِلْمَكْرُوهِ بَدَنَهُ «6» ‌و‌ كَاشَفَ فِي الدُّعَاءِ إِلَيْكَ حَامَّتَهُ «7» ‌و‌ حَارَبَ فِي رِضَاكَ أُسْرَتَهُ «8» ‌و‌ قَطَعَ فِي إِحْيَاءِ دِينِكَ رَحِمَهُ . «9» ‌و‌ أَقْصَى الْأَدْنَيْنَ عَلَى جُحُودِهِمْ «10» ‌و‌ قَرَّبَ الْأَقْصَيْنَ عَلَى اسْتِجَابَتِهِمْ لَكَ . «11» ‌و‌ وَالَى فِيكَ الْأَبْعَدِينَ «12» ‌و‌ عَادَى فِيكَ الْأَقْرَبِينَ «13» ‌و‌ أَدْأَبَ نَفْسَهُ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِكَ «14» ‌و‌ أَتْعَبَهَا بِالدُّعَاءِ إِلَى مِلَّتِكَ . «15» ‌و‌ شَغَلَهَا بِالنُّصْحِ لِأَهْلِ دَعْوَتِكَ «16» ‌و‌ هَاجَرَ إِلَى بِلَادِ الْغُربَةِ ، ‌و‌ مَحَلِّ النَّأْيِ عَنْ مَوْطِنِ رَحْلِهِ ، ‌و‌ مَوْضِعِ رِجْلِهِ ، ‌و‌ مَسْقَطِ رَأْسِهِ ، ‌و‌ مَأْنَسِ نَفْسِهِ ، إِرَادَةً مِنْهُ لِإِعْزَازِ دِينِكَ ، ‌و‌ اسْتِنْصَاراً عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ بِكَ . «17» حَتَّى اسْتَتَبَّ لَهُ ‌ما‌ حَاوَلَ فِي أَعْدَائِكَ «18» ‌و‌ اسْتَتَمَّ لَهُ ‌ما‌ دَبَّرَ فِي أَوْلِيَائِكَ . «19» فَنَهَدَ إِلَيْهِمْ مُسْتَفْتِحاً بِعَوْنِكَ ، ‌و‌ مُتَقَوِّياً عَلَى ضَعْفِهِ بِنَصْرِكَ «20» فَغَزَاهُمْ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ . «21» ‌و‌ هَجَمَ عَلَيْهِمْ فِي بُحْبُوحَةِ قَرَارِهِمْ «22» حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُكَ ، ‌و‌ عَلَتْ كَلِمَتُكَ ، ‌و‌ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . «23» اللَّهُمَّ فَارْفَعْهُ بِمَا كَدَحَ فِيكَ إِلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا ‌من‌ جَنَّتِكَ «24» حَتَّى ‌لا‌ يُسَاوَى فِي مَنْزِلَةٍ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُكَافَأَ فِي مَرْتَبَةٍ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُوَازِيَهُ لَدَيْكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ . «25» ‌و‌ عَرِّفْهُ فِي أَهْلِهِ الطَّاهِرِينَ ‌و‌ أُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ ‌من‌ حُسْنِ الشَّفَاعَةِ أَجَلَّ ‌ما‌ وَعَدْتَهُ «26» ‌يا‌ نَافِذَ الْعِدَةِ ، ‌يا‌ وَافِيَ الْقَوْلِ ، ‌يا‌ مُبَدِّلَ السَّيِّئَاتِ بِأَضْعَافِهَا ‌من‌ الْحَسَنَاتِ إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
 
(و الحمد لله الذى ‌من‌ علينا بمحمد صلى الله عليه ‌و‌ آله) الاسلام اصلاح للحياه ‌فى‌ ارشاده ‌و‌ هدايته، ‌و‌ ‌حق‌ ‌و‌ صدق ‌فى‌ مصدره، لانه يخاطب العقل، ‌و‌ يامر باتباع العلم، ‌و‌ ينهى عن الاخذ بالظن ‌و‌ المحاكاه ‌و‌ التقليد، ‌و‌ قال كاتب معاصر: «اذا تتبعنا ‌فى‌ القرآن الكريم لفظ العقل ‌و‌ مشتقاته ‌و‌ مترادفاته، وجدنا ذلك يبلغ 80 مره، اما لفظ العلم ‌و‌ ‌ما‌ يتفرع منه فقد بلغ 880 مره، ‌و‌ كل مدلولات العلم ‌و‌ العقل ‌فى‌ كتاب الله ترتبط بالدين ‌و‌ التشريع ‌و‌ الحياه ‌و‌ آداب السلوك» ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «اصل دينى العقل ‌و‌ ‌فى‌ اصول الكافى: «العقل دليل المومن، ‌و‌ ‌من‌ كان عاقلا كان له دين». ‌و‌ ‌من‌ دان بدين العقل و العلم لايحتاج الى شاهد على دينه ‌و‌ ايمانه ‌و‌ الا تحول الدليل على غيره مدلولا عليه، ‌و‌ انما يطالب بالدليل على انه يدين بهذا الدين القويم، ‌و‌ شاهد الاسلام كتاب الله ‌و‌ سنه نبيه ‌و‌ اقوال العلماء ‌و‌ المفكرين ‌من‌ المسلمين ‌و‌ غير ‌هم‌ المنصفين.
 ‌و‌ لكن هل تثمر الدعوه ‌و‌ تنتشر لمجرد انها سداد ‌و‌ رشاد؟ فقد ارسل سبحانه مئات الانبياء للامم الماضيه قبل محمد (ص) فكذبوا باياته ‌و‌ نكلوا برسله- فريقا كذبوا ‌و‌ فريقا يقتلون- فاهلكهم بالخسف ‌او‌ الطوفان ‌او‌ الصيحه ‌و‌ ‌ما‌ اشبه حيث ‌لا‌ علاج على الاطلاق الا الهلاك، لانه تعالى يكره العذاب لعباده، ‌و‌ ‌من‌ هنا فتح باب التوبه للمذنبين. ‌و‌ ‌فى‌ اصول الكافى عن الامام الصادق (ع): «ان الله ‌جل‌ ‌و‌ ‌عز‌ يفرح بتوبه المومن اذا تاب كما يفرح احدكم بضالته اذا وجدها» ‌لا‌ لشى ء الا لانه نجا ‌من‌ العذاب: «ما يفعل الله بعذابكم ‌ان‌ شكرتم ‌و‌ آمنتم ‌و‌ كان الله شاكرا عليما- 147 النساء».
 ‌و‌ هنا سوال يطرح نفسه: لماذا استجابت النفوس لدعوه الاسلام، ‌و‌ تفاعلت معه حتى انتشر ‌فى‌ شرق الارض ‌و‌ غربها ‌فى‌ امد لايتجاوز نصف قرن، ‌و‌ ‌ما‌ ظفرت ايه دعوه ‌من‌ قبل بمثل هذا الفتح ‌و‌ امده، فما ‌هو‌ السر ‌يا‌ ترى؟ الجواب: السر كل السر يكمن ‌فى‌ عظمه الاسلام ‌و‌ اسراره، ‌و‌ ‌فى‌ شخصيه محمد التى دانت لها الرقاب طوعا، ‌و‌ ادهشت الالباب بذاتيتها الموثره، ‌و‌ بصيرتها النافذه، ‌و‌ حكمتها الرزينه، ‌و‌ سموها على الهوى ‌و‌ الفرديه، ‌و‌ لو جاء بالاسلام غير محمد، ‌او‌ جاء محمد بغير الاسلام ‌ما‌ كان للرساله ‌و‌ ‌لا‌ للرسول هذا الثقل ‌و‌ الاثر الذى عرفه تاريخ الانسانيه للاسلام ‌و‌ نبيه، ‌و‌ ‌لا‌ قال فيه المنصفون الاجانب الذين يهتمون بالدراسات الانسانيه ‌ما‌ قالوه، ‌و‌ ‌من‌ ذلك- على سبيل المثال- قول ديورانت: اذا حكمنا على العظماء بما كان للعظيم ‌من‌ اثر ‌فى‌ الناس، قلنا كان محمد اعظم العظماء. ‌و‌ قول برناردشو:
 
ان رجلا مثل محمد لو تسلم زمام الحكم المطلق اليوم ‌فى‌ العالم كله لتم له النجاح ‌فى‌ حكمه، ‌و‌ قاده الى الخير ‌و‌ ‌حل‌ مشكلاته بوجه يحقق للعالم السلام ‌و‌ السعاده المنشوده.


 لقد ذكر المسلمون لمحمد (ص) الف معجزه- كما ‌فى‌ مجمع البحرين للشيح الطريحى- ‌من‌ يوم ولادته الى يوم انتقاله للرفيق الاعلى، ‌و‌ لمجرد التيمن ‌و‌ التبرك نذكر واحده منها، قالت حليمه السعديه: «ناولت محمدا، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ المهد ‌و‌ للمره الاولى، الثدى اليمنى فاقبل عليها، ثم اعطيته اليسرى فابى ‌و‌ تركها لاخيه، ‌و‌ كان هذا دابه ‌لا‌ ياخذ الا الواحده، ‌و‌ يترك لاخيه الاخرى» ‌اى‌ لاخيه ‌من‌ الرضاع. ‌و‌ علق على ذلك عالم معاصر بقوله: «لله انت ‌يا‌ محمد! هكذا فطرت على القناعه ‌و‌ العدل، ‌و‌ على كراهيه الاستئثار بالفضل، لقد طبت ‌فى‌ المهد صبيا كما طبت رجلا سويا» ‌و‌ بهذا العدل ‌و‌ كل الخلال الفضلى جلب محمد الناس الى الاسلام بشهاده القرآن: «و لو كنت فظا غليظ القلب ‌لا‌ نفظوا ‌من‌ حولك- 159 ‌آل‌ عمران» ‌و‌ لو انفظوا ‌من‌ حوله لكان الاسلام مجرد كلام ‌فى‌ كلام، ‌و‌ ‌من‌ هنا كان محمد رحمه مهداه للعالمين، ‌و‌ نعمه كبرى على المسلمين، ‌و‌ جزءا متمما للاسلام كما ‌ان‌ الاسلام جزء متمم لمحمد.
 (بقدرته التى ‌لا‌ تعجز عن شى ء ‌و‌ ‌ان‌ عظم، ‌و‌ ‌لا‌ يفوتها شى ء ‌و‌ ‌ان‌ لطف) ‌اى‌ دق ‌و‌ صغر. اختلف الفلاسفه ‌و‌ علماء الكلام ‌فى‌ معنى قدرته تعالى، ‌و‌ اطالوا الكلام كما ‌فى‌ اسفار الملاصدرا! علما بان الله سبحانه قد حددها ‌و‌ ‌او‌ ضحها بقوله: «اذا اراد شيئا ‌ان‌ يقول له ‌كن‌ فيكون- 82 يس» خطيرا كان الشى ء ‌ام‌ حقيرا- فخلق الكون بكامله، ‌و‌ خلق الذره سواء ‌فى‌ قدرته تعالى، ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «و ‌ما‌ الجليل ‌و‌ اللطيف، ‌و‌ الثقيل ‌و‌ الخفيف، ‌و‌ القوى ‌و‌ الضعيف ‌فى‌ خلقه الا سواء »
 
(فختم بنا على جميع من ذرا) ‌اى‌ خلق. ختم سبحانه الوحى ‌و‌ النبوه بمحمد (ص) فلا نبى ‌و‌ اهل بيت نبى بعد محمد ‌و‌ ‌آل‌ بيت محمد عليهم افضل الصلوات (و جعلنا شهداء على ‌من‌ جحد) جاء ‌فى‌ اصول الكافى: ‌ان‌ الامام الصادق قال ‌فى‌ تفسير هذه الايه: «فكيف اذا جئنا ‌من‌ كل امه بشهيد ‌و‌ جئنا بك على هولاء شهيدا- 41 النساء»: نزلت هذه الايه ‌فى‌ امه محمد (ص) خاصه، ‌فى‌ كل قرن منهم، امام منا شاهد عليهم، ‌و‌ محمد (ص) شاهد علينا (و كثرنا بمنه على ‌من‌ قل) امه محمد (ص) اكثر الاديان السماويه ائمه ‌و‌ علماء بدين، ‌و‌ يشهد بذلك كتب التفسير ‌و‌ الحديث ‌و‌ العقيده ‌و‌ الفقه ‌و‌ اصوله ‌و‌ الاخلاق ‌و‌ كتب السيره ‌و‌ المناقب، بل ‌و‌ عددا ايضا، لان موسى ‌و‌ عيسى (ع) يبرآن ممن حرف التوراه ‌و‌ الانجيل ‌و‌ ‌فى‌ صحيح مسلم، كتاب الايمان باب ‌فى‌ قول النبى: انا اول الناس يشفع ‌فى‌ الجنه: «ان رسول الله قال: «انا اكثر الانبياء اتباعا... ‌و‌ ‌ان‌ نبيا ‌من‌ الانبياء ‌ما‌ صدقه ‌من‌ قومه الا رجل واحد».
 
(اللهم فصل على امينك على وحيك) اختار سبحانه محمدا لرسالته، ‌لا‌ لذكائه ‌و‌ فطنته، ‌او‌ لنسبه ‌و‌ شجاعته ‌و‌ كفى، بل ‌و‌ لصلابته ‌فى‌ الحق الى ‌حد‌ التضحيه بالنفس ‌من‌ اجله، ‌و‌ لالتزامه بالصدق ‌و‌ ‌ان‌ اضر به، ‌و‌ قيامه بالقسط ‌و‌ لو على نفسه، ‌و‌ لطهره ‌فى‌ السيره ‌و‌ السريره، ‌و‌ حبه للخير ‌و‌ رحمته باعدائه ‌و‌ اوليائه، ‌و‌ حرصه على سعاده الجميع، ‌و‌ هذه الخلال الفضلى ‌و‌ امثالها الزم له ‌من‌ ظله قبل النبوه ‌و‌ بعدها لانها تنبع ‌من‌ نفسه، ‌و‌ ‌من‌ هنا كان اهلا لوحى الله ‌و‌ رسالته، ‌و‌ ايضا ‌من‌ هنا قال الشيعه الاماميه بعصمه النبى عن الخطا ‌و‌ الخطيئه كبارها ‌و‌ صغارها منذ خلقه الله الى ‌ان‌ قبضه اليه.
 ‌و‌ الامانه ‌من‌ حيث هى ‌من‌ امهات الفضائل، فهى توام العفه ‌فى‌ البطن ‌و‌ الفرج، ‌و‌ النزاهه ‌فى‌ اليد ‌و‌ اللسان، ‌و‌ الورع عن جميع المعاصى ‌و‌ المحارم. ‌و‌ ‌فى‌ سفينه البحار ماده (خ. و. ن) عن رسول الله (ص): «من خان امانته ‌فى‌ الدنيا، ‌و‌ لم يردها الى اهلها، ثم ادركه الموت- مات على غير ملتى» ‌و‌ معنى هذا ‌ان‌ ‌من‌ ‌لا‌ وفاء له ‌لا‌ دين له.
 ‌و‌ تجدر الاشاره ‌ان‌ الامانه يجب ردها لمن هى له حتى ‌و‌ لو ‌حل‌ دمه ‌و‌ ماله- غير الامانه- قال الامام الصادق (ع): ‌ان‌ ضارب على بالسيف ‌و‌ قاتله لو ائتمننى، ‌و‌ قبلت ذلك منه لاديت له الامانه. ‌و‌ قال الامام زين العابدين (ع) فو الذى بعث بالحق محمدا نبيا لو ‌ان‌ قاتل ابى الحسين (ع) ائتمننى على السيف الذى قتل ‌به‌ ابى لاديته اليه. ‌و‌ هذا الحكم ‌من‌ الاحكام الشرعيه الالزاميه، ‌لا‌ ‌من‌ الاخلاقيات ‌و‌ المستحبات، على ‌ان‌ كل الاحكام الشرعيه اخلاقيه، ‌و‌ كل الاحكام الاخلاقيه شرعيه (نجيبك) ‌اى‌ صفيك. ‌و‌ ‌ما‌ بعده تفسير له.
 
الرحمه
 (امام الرحمه) العدل ‌هو‌ القصد ‌فى‌ الامور ‌و‌ كل ‌ما‌ يدل على التسويه ‌و‌ المعادله ‌و‌ المماثله ‌فى‌ الحقوق ‌و‌ الواجبات، ‌و‌ العفو: التجاوز عن الذنب، ‌و‌ الرحمه تعم ‌و‌ تشمل الاحسان ‌و‌ العنايه ‌و‌ الاهتمام ‌و‌ التيسير ‌و‌ التسهيل ‌و‌ تخفيف العقوبه عن المذنب ‌او‌ تركها ‌من‌ الاساس، ‌و‌ محمد (ص) رحمه مهداه للعالمين بكل ‌ما‌ لهذه الكلمه ‌من‌ معنى، اجل ‌لا‌ رحمه ‌و‌ ‌لا‌ رافه بالظالمين ‌و‌ المجرمين لانها تتحول جورا على المجتمع، قال سبحانه: «و قاتلوهم حتى لاتكون فتنه ‌و‌ يكون الدين كله لله فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين- 93 البقره... الزانى ‌و‌ الزانيه فاجلدوا كل واحد منهما مئه جلده ‌و‌ ‌لا‌ تاخذكم بهما رافه ‌فى‌ دين الله- 2 النور».
 ثم ‌ان‌ رحمته تعالى على نوعين: عامه ‌و‌ اليها اشار سبحانه بقوله: «و رحمتى ‌و‌ سعت كل شى ء- 156 الاعراف» ‌و‌ تشمل نعمه الوجود ‌و‌ الحياه ‌و‌ العنايه ‌و‌ الرزق ‌و‌ الادراك ‌و‌ ارسال الرسل، ‌و‌ رحمه خاصه ‌و‌ اشار اليها ‌جل‌ ‌و‌ ‌عز‌ بقوله: «و الله يختص برحمته ‌من‌ يشاء- 105 البقره» ‌و‌ هذه يمنحها سبحانه- مضافه الى تلك- للانبياء ‌و‌ الائمه ‌و‌ العلماء العاملين ‌و‌ كل ‌من‌ آمن بالله ‌و‌ اتقى معاصيه، ‌و‌ بكلمه كل ‌من‌ يستحق الثواب.
 (و قائد الخير ‌و‌ مفتاح البركه) كل حاكم يثق ‌به‌ البرى ء، ‌و‌ يخافه المجرم فهو قائد بحق، اما قائد الخير ‌و‌ البركه فهو بالاضافه الى العدل، كبير ‌فى‌ نفسه، عظيم ‌فى‌ همته، سريع ‌فى‌ نجدته، لايهنا بعيش الا ‌ان‌ تمتلى ء الارض عدلا ‌و‌ امنا ‌و‌ برا ‌و‌ خيرا. ‌و‌ لهذه الغايه ارسل سبحانه محمدا للعالمين كما نصت الايه 107 ‌من‌ الانبياء، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: انا رحمه مهداه  
 
(كما نصب لامرك) ‌اى‌ للاسلام ‌و‌ سيطرته حتى اذل الاديان بجهاد محمد ‌و‌ حكمته
 
(و عرض فيك للمكروه بدنه) بعث سبحانه محمدا (ص) الى المشركين ‌و‌ الضالين، ليستاصل الفساد ‌من‌ جذوره، فيقضى على العقائد الفاسده ‌و‌ التقاليد الموروثه، فامتثل، ‌و‌ بدا يعيب عليهم دينهم ‌و‌ عاداتهم، ‌و‌ يتوعدهم بما اعد لهم ‌من‌ عذاب الله، فحاولوا جاهدين ‌ان‌ يثنوه بالحسنى عن عزمه فلم يسمع، فاغروه بالملك ‌و‌ المال فرفض. ‌و‌ عندها صمموا على ايذائه ‌و‌ التنكيل ‌به‌ ‌و‌ بمن اتبعه ‌من‌ الناس، ‌و‌ لكنه صبر ‌و‌ احتمل الكثير ‌من‌ المشقه ‌و‌ المصاعب، ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ احد ناصر الحق بقول ‌او‌ فعل الا ‌و‌ دفع ثمنه غاليا ‌من‌ نفسه ‌و‌ اهله ‌او‌ ‌من‌ ماله ‌و‌ عرضه حتى ‌و‌ لو كان المتكبر على الحق فردا ‌لا‌ فئه ‌او‌ مجتمعا، فكيف اذا ناضل الفرد الاعزل امه ‌او‌ شعبا؟
 
(و كاشف ‌فى‌ الدعاء اليك حامته) ‌و‌ هى الجماعه التى تحميه ‌و‌ تذب عنه  
 
(و حارب ‌فى‌ رضاك اسرته) الذين اصروا على الشرك كعمه ابى لهب  
 
(و اقصى الادنين على جحودهم...) قال الامام على (ع): «ان ولى محمد ‌من‌ اطاع الله ‌و‌ ‌ان‌ بعدت لحمته- ‌اى‌ نسبه- ‌و‌ ‌ان‌ عدو محمد ‌من‌ عصى الله ‌و‌ ‌ان‌ قربت قرابته» ‌و‌ على هذا الاساس قرب محمد الاباعد المطيعين لله، ‌و‌ ابعد الاقارب المتمردين على طاعه الله، ‌و‌ هذا ‌هو‌ شان ‌من‌ اخرج الدنيا ‌من‌ قلبه  
 
(اداب) ‌من‌ الداب بمعنى الجد ‌فى‌ العمل ‌و‌ الاستمرار عليه  
 
(الى ملتك) الى دينك ‌و‌ شريعتك  
 
(لاهل دعوتك) ‌و‌ ‌هم‌ اهل بيته الاطايب ‌و‌ علماء الصحابه الذين حفظوا سنته ‌و‌ اقواله ‌و‌ نشروها ‌من‌ بعده.
 
(و هاجر الى بلاد الغربه...) كان المسلمون ‌فى‌ مكه ضعافا مغلوبين على امرهم، يقاسون المحن الرهيبه ‌من‌ اعداء الدعوه الجديده، فهاجروا الى المدينه، ‌و‌ كانت هذه الهجره فاتحه يمن ‌و‌ خير للمسلمين، بل ‌و‌ للبشريه كلها حيث اصبح لدين العدل ‌و‌ الحريه دوله قويه ‌و‌ رادعه تكفل ‌و‌ تصون لكل انسان حقه ‌و‌ كرامته ‌من‌ ‌اى‌ مله كان ‌و‌ يكون، ‌و‌ ‌لا‌ سبيل عليه لايه سلطه حتى ينتهك حرمه الاخرين، ‌و‌ عندئذ يتسلط عليه الحق لردعه ‌و‌ تاديبه (اراده منه لاعزاز دينك ‌و‌ استنصارا على اهل الكفر بك...) هذا ‌هو‌ الهدف الاول ‌و‌ الاخير ‌من‌ دوله الاسلام: صيانه الحق لاهله، وردع العابث ‌و‌ الناكث  
 
(فنهد اليهم...) اسرع الى جهاد اعداء الله ‌و‌ الانسانيه، ‌و‌ ‌فى‌ نهج البلاغه: «فبلغ رسالات ربه غير ‌و‌ ‌ان‌ ‌و‌ ‌لا‌ مقصر، ‌و‌ جاهد ‌فى‌ الله اعداءه غير واه ‌و‌ ‌لا‌ معذر ‌اى‌ لايعتذر.
 
(اللهم فارفعه بما كدح فيك الى الدرجه العليا...) مقام محمد (ص) عند الله ‌لا‌ يعلوه مقام، بل ‌و‌ ‌لا‌ يدانيه ‌و‌ يساويه، لان الجزاء ‌من‌ جنس الاعمال ‌و‌ الاثار، ‌و‌ آثار محمد (ص) هى عين آثار القرآن ‌و‌ الاسلام، ‌و‌ عليه يكون هذا الدعاء ‌و‌ الطلب تماما كالصلاه على محمد، ‌و‌ تمجيدا لعظمته ‌و‌ خصاله، ‌و‌ تحميدا لجهاده ‌و‌ افعاله، ‌و‌ تسبيحا بفضله ‌و‌ كماله. (يا مبدل السيئات باضعافها ‌من‌ الحسنات) لسبب موجب كالتوبه، ‌و‌ اصلاح ذات البين، ‌و‌ اخراج الناس ‌من‌ الظلمات الى النور ‌و‌ ‌من‌ الضعف ‌و‌ الضلاله الى القوه ‌و‌ الهدايه.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

عند رویه الهلال
فى عید الفطر و الجمعه
بعد صلاه اللیل
فى الاستخاره
مكارم الاخلاق
التحمید لله تعالى
عند البرق و الرعد
عند ختم القرآن
فى استقبال شهر رمضان
فى طلب العفو

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^