و كان من دعائه عليه السلام متفزعا الى الله جل و عز
(اللهم انى اخلصت بانقطاعى اليك) اى: انى مقبل عليك بكلى لا اشرك معك غيرك فى الاقبال و التوجه
(و اقبلت بكلى) اى: كل قلبى (عليك) فى الاستكانه و الضراعه
(و صرفت وجهى عمن يحتاج الى رفدك) اى: عن الخلق الذين يحتاجون الى عطائك، فكيف اصرف وجهى الى المحتاج
(و قلبت) من القلب بمعنى الصرف (مسئلتى) اى: سئوالى (عمن لم يستغن عن فضلك) فما سالت منه شيئا
(و رايت ان طلب المحتاج الى المحتاج سفه من رايه) اذ المسئوول كالسائل فى الاحتياج و انما اللازم ان يسال الانسان غير المحتاج (و ضله) اى: ضلال و انحراف (من عقله) حيث ترك الغنى و سال المحتاج الذى هو مثله
(فكم قد رايت يا الهى من
اناس طلبوا العز بغيرك فذلوا) «كم» للتكثير و «من» بيان «لكم» (و راموا) اى: قصدوا (الثروه) اى: المال (من سواك) من البشر (فافتقروا) و لم يصبهم المال الذى طلبوه (و حاولوا) اى: تصدوا (الارتفاع) فى المنزله، بسبب غيرك (فاتضعوا) اى: نزلوا من الوضع مقابل الرفع
(فصح بمعاينه امثالهم) و النظر اليهم (حازم) يعتبر الاحوال و يدرك نتائج الامور، و معنى صح: استقام على الطريقه الصحيحه حتى لا يطلب من سواك مطلبا (وفقه) من التوفيق (اعتباره) و عبرته من ما راى (و ارشده الى طريق صوابه اختياره) اى: حسن اختياره للامر، بان لا يطلب من احد امرا الا منك
(فانت يا مولاى- دون كل مسئوول- موضع مسالتى) اى: انت المقصد بسئوالى، لاسواك من سائر من يساله الناس (و دون كل مطلوب اليه- ولى حاجتى) اى: المتولى لقضائها، و لا اطلب الحاجه من سواك ممن يطلب بعض الناس حاجتهم منهم
(انت) يا رب (المخصوص- قبل كل مدعو- بدعوتى) فانى ادعوك و لا ادعو سواك (و لا يشركك احد فى رجائى) فانى ارجو
منك لا من غيرك (و لا يتفق احد معك فى دعائى) فان دعائى لك لا لغيرك (و لا ينظمه) اى: لا ينظم احدا (و اياك ندائى) فلا اناديك و انادى غيرك و انما اناديك وحدك.
(لك يا الهى وحدانيه العدد) اى: انت واحد فى ندائى و دعائى و رجائى و سئوالى و قصدى، و المراد المقصود لى واحد لا ان له سبحانه وحده كالوحده العدديه التى لها ثان و ثالث و هكذا (و ملكه القدره) اى: مالكيه القدره (الصمد) القدره التى هى للسيد الشريف، فان الصمد بمعنى ذلك (و فضيله الحول و القوه) فانت ذو الحول تتمكن ان تحول الاشياء كما تريد، و تقوى على كل ذلك (و درجه العلو و الرفعه) فهو المتوحد بالرفعه الكامله و العلو الذى ليس فوقه علو
(و من سواك مرحوم فى عمره) اى: غيرك ترحمه انت فى مده عمره (مغلوب على امره) لا يملك فى قبالك شيئا (مقهور على شانه) اى: ان شوونه ليست بيده
و انما بيدك (مختلف الحالات) من شباب و هرم و ما اشبه (متنقل فى الصفات) من علم و جهل و رضا و غضب و ما اشبه
(فتعاليت) اى: ترفعت انت يا الهى (عن الاشياء و الاضداد) فلا شبه لك و لا ضد مناوى ء (و تكبرت) اى: انت اكبر (عن الامثال) بان يكون لك مثل (و الانداد) اى: الاضداد (لا اله الا انت) وحدك لا شريك له.