فارسی
چهارشنبه 06 تير 1403 - الاربعاء 18 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

و كان من دعائه علیه السلام فى یوم عرفه

و كان ‌من‌ دعائه عليه السلام ‌فى‌ يوم عرفه
 
 
(الحمد لله رب العالمين) مربى جميع العوالم.
 
(اللهم لك الحمد) ‌يا‌ (بديع السموات ‌و‌ الارض) اى: مبدعهما ‌و‌ خالقهما ‌من‌ غير مثال سابق، ‌يا‌ (ذا الجلال) الذى ‌هو‌ اجل ‌من‌ النقائص (و الاكرام) الذى يكرمه الكون ‌و‌ يطيع اوامره، ‌يا‌ (رب الارباب) الرب: يطلق على كل مرب ‌و‌ صاحب، يقال للمعلم: رب، ‌و‌ لصاحب الشى ء: رب الشى ء، ‌و‌ هكذا، ‌و‌ الله تعالى مربى كل اولئك الارباب (و اله كل مالوه) اى: كل ‌ما‌ يعبده الناس كالاصنام ‌و‌ ‌ما‌ اشبه، فان الله تعالى اله كل ذلك، ‌و‌ عباده الناس لها باطله (و خالق كل مخلوق) اذ ليس لسواه مخلوق حقيقى، ‌و‌ ‌ان‌ اطلق الخلق احيانا على سواه فانما يراد الصنع نحو «اخلق لكم ‌من‌ الطين» (و وارث كل شى ء) اذ كل شى ء يفنى فيبقى ‌ما‌ يتعلق ‌به‌ لله تعالى (ليس كمثله شى ء) الكاف اما زائده، ‌او‌ هذا عباره عرفيه، نحو «مثلك ‌لا‌ يبخل» اى: انت ‌لا‌ تبخل، على ‌ما‌ ذكروه
 
فى علم البلاغه (و ‌لا‌ يعزب) اى: ‌لا‌ يغيب (عنه علم شى ء) فهو عالم بكل شى ء (و هو) سبحانه بكل شى ء (محيط) احاطه علم ‌و‌ قدره (و ‌هو‌ على كل شى ء رقيب) يراقبه مراقبه تامه.
 
(انت الله ‌لا‌ اله الا انت الاحد المتوحد) تاكيد الاحد ‌و‌ لعل المراد به: الذى جعل نفسه وحيدا بمعنى عدم اعترافه بغيره (الفرد المتفرد) هذا تاكيد ‌ان‌ للاحد المتوحد، ‌او‌ بينهما خلاف ‌فى‌ المفهوم ‌فى‌ الجمله:
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الكريم المتكرم) اى: الذى تكرم ‌و‌ اعطى فالكريم صفه ‌فى‌ الذات، ‌و‌ المتكرم صفه بعد انيان الفعل ‌و‌ ‌هو‌ الكرم ‌و‌ الاعطاء (العظيم) بذاته (المتعظم) الذى جعل لنفسه العظمه (الكبير) بذاته (المتكبر) الذى جعل لنفسه الكبرياء،
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت العلى) اى: الرفيع بذاته (المتعالى) اى: المترفع، ‌و‌ جاعل الرفعه لنفسه (الشديد المحال) اى: القوى الحول.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الرحمن الرحيم) الرحيم اما تاكيد، ‌او‌ ‌ان‌ الرحمان خاص بالاخره ‌و‌ الرحيم عام للدنيا ‌و‌ الاخره، ‌او‌ غير ذلك ‌من‌
 
الاقوال الكثيره التى قبل ‌فى‌ ذلك (العليم) اى: العالم (الحكيم) ‌هو‌ الذى يضع الاشياء مواضعها، ‌و‌ يعمل بحكمه ‌و‌ تدبير ‌لا‌ اعتباطا ‌و‌ عبثا.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت السميع البصير) فانه سبحانه يسمع كل صوت ‌و‌ يرى كل شى ء لكن ‌لا‌ باله السمع ‌و‌ البصر، فهو سبحانه منزه عن الجسم ‌و‌ عوارضه (القديم) فلا اول له (الخبير) اى: له خبره ‌و‌ اطلاع على الاشياء.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الكريم الاكرم) اى: اكرم ‌من‌ كل كريم (الدائم الادوم) فهو اكثر دواما ‌و‌ بقاءا ‌من‌ كل دائم.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الاول قبل كل احد) فلا احد قبله (و الاخر بعد كل عدد) اى: ‌ما‌ يقبل العد ‌و‌ التعداد فانه يبقى بعد فناء الاشياء.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الدانى ‌فى‌ علوه) اى: انه قريب بالعلم ‌و‌ القدره الى الاشياء مع انه عال ‌فى‌ ذاته رفيع عن الاشياء ‌لا‌ يشبهه شى ء (و العالى ‌فى‌ دنوه) اى: انه عال، مع انه دان قريب، ‌و‌ ‌من‌ المعلوم
 
ان جهه قربه غير جهه علوه ‌و‌ ارتفاعه، فلا تناقض.
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت ذو البهاء) اى: الحسن الذاتى (و المجد) اى: الرفعه (و الكبرياء) اى: العظمه ‌و‌ الكبر (و الحمد) فانه سبحانه يحمده خلقه:
 
(و انت الله ‌لا‌ اله الا انت الذى انشات الاشياء ‌من‌ غير سنخ) اى: ‌من‌ غير اصل ، ‌او‌ ‌من‌ غير مثل (و صورت ‌ما‌ صورت) بان اعطيت الاشياء الصوره (من غير مثال) سبق ‌ان‌ رآه سبحانه فاحتذى بتلك الامثله، كما هى العاده ‌فى‌ البشر (و ابتدعت) الابداع: الخلق ابتداءا بلا مثال (المبدعات بلا احتذاء) اى: بلا اقتداء بشى ء سبق.
 
(انت) ‌يا‌ رب (الذى قدرت كل شى ء تقديرا) بان جعلت لكل شى ء قدرا ‌من‌ الزمان ‌و‌ المكان ‌و‌ الكيفيه ‌و‌ سائر الخصوصيات (و يسرت كل شى ء تيسيرا) بان سهلت خلقه ‌و‌ وجوده ‌و‌ سائر خصوصياته (و دبرت ‌ما‌ دونك) اى: ‌ما‌ سواك (تدبيرا) اى: دبرت امره بنحو الصلاح ‌و‌ الحكمه
 
(و انت الذى لم يعنك على خلقك شريك) بل خلقت كل الخلق وحدك (و لم يوازرك) اى: لم يناصرك ‌و‌ لم يعاونك (فى امرك وزير) اى: معاون ‌و‌ موازر (و لم يكن لك مشاهد) يشاهد ‌و‌ ينظر اليك، اذ ‌هو‌ سبحانه ‌لا‌ يرى ‌لا‌ ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ الاخره، قال تعالى: «لا تدركه الابصار» (و ‌لا‌ نظير) اى: مثيل.
 
(انت الذى اردت) الاشياء (فكان حتما) اى: قطعا (ما اردت) بلا تخلف ارادتك عن المراد (و قضيت فكان عدلا ‌ما‌ قضيت) القضاء ‌فى‌ الاشياء: الخلق ‌و‌ ‌فى‌ التشريعات: الحكم، فانه تعالى خلق بالعدل ‌و‌ شرع بالعدل، ‌و‌ المراد هنا: القضاء ‌فى‌ عالم التكوينات بقرينه الجمله الاتيه (و حكمت) بان امرت ‌و‌ نهيت ‌او‌ فصلت ‌فى‌ القضايا، ‌من‌ الحكم ‌فى‌ المرافعات (فكان نصفا) اى: انصافا (ما حكمت) ‌لا‌ تميل الى طرف ‌من‌ الاطراف، بل تجعل نصفا لهذا ‌و‌ نصفا لذاك.
 
(انت الذى ‌لا‌ يحويك) اى: ‌لا‌ يشملك (مكان) فانه ليس بجسم حتى يكون له مكان (و لم يقم لسلطانك سلطان) اى: لم يقم لمعارضه سلطانك سلطه اخرى اذ ‌لا‌ سلطه ‌فى‌ مقابل سلطته تعالى (و لم
 
يعيك برهان) ‌من‌ اعياه اذا اعجزه، فان برهانه تعالى فوق كل برهان مخالف له (و ‌لا‌ بيان) فقد يكون برهان الشخص صحيحا لكنه يعجز عن بيانه.
 
(انت الذى احصيت كل شى ء عددا) بان علمت اعداد كل شى ء معدود (و جعلت لكل شى ء امدا) اى: مده محدوده (و قدرت كل شى ء تقديرا) فكان لكل شى ء قدر محدود معلوم ‌فى‌ جميع جهاته ‌و‌ خصوصياته.
 
(انت الذى قصرت الاوهام) اى: الاذهان ‌و‌ الظنون (عن) ادراك (ذاتيتك) اى: كنه ذاتك (و عجزت الافهام عن كيفيتك) فلم تعرف كيف انت (و لم تدرك الابصار موضع اينيتك) اى: محلك، ‌و‌ اين انت، ‌و‌ هذا ‌و‌ ‌ما‌ قبله ‌من‌ باب السالبه بانتفاء الموضوع اذ ‌لا‌ كيف ‌و‌ ‌لا‌ اين له تعالى.
 
(انت الذى ‌لا‌ تحد) بحد ذاتى ‌او‌ مكانى ‌او‌ ‌ما‌ اشبه (فتكون محدودا) اذ المحدود ليس برب (و لم تمثل) اى: لست كالموجودات (فتكون موجودا) بعد العدم، اذ كلما له مثال فهو موجود بعد العدم قالوا: «حكم الامثال فيما يجوز ‌و‌ فيما ‌لا‌ يجوز واحد» (و لم تلد) احدا
 
(فتكون مولودا) لاحد اذ كل ولد ‌لا‌ ‌بد‌ له ‌من‌ شى ء ولد منه، حتى آدم (ع) فانه مولود ‌من‌ الطين.
 
(انت الذى ‌لا‌ ‌ضد‌ معك) فان الضدين ذاتان موجودان يحل احدهما محل الاخر، ‌و‌ هذا مستحيل بالنسبه اليه تعالى، ‌و‌ لذا ‌لا‌ صنف له (فيعاندك) اذ الضد يظهره ضده (و ‌لا‌ عدل) اى: معادل ‌و‌ ممائل (لك فيكاثرك) اى: يجمع الجند ‌و‌ الاعوان ليكون اكثر منك عددا (و ‌لا‌ ند) اى: مثل (لك فيعارضك) كما يعارض المثل مثله.
 
(انت الذى ابتداء ‌و‌ اخترع) الاشياء بان صنعها بغير مثال (و استحدث ‌و‌ ابتدع) الاشياء انشاءا ‌من‌ غير ماده ‌او‌ مثال (و احسن صنع ‌ما‌ صنع) فصنعه كله حسن ‌و‌ ‌ان‌ لم يدرك الانسان وجه الحكمه ‌و‌ حسن الصنعه.
 
(سبحانك ‌ما‌ اجل شانك) اى: اعظم امرك (و اسنى) اى: ارفع ‌و‌ اعلى (فى الاماكن مكانك) اى: مكانتك بين المكانات، ‌لا‌ المكان مقابل الزمان فانه سبحانه ‌لا‌ مكان له (و اصدع بالحق) اى: اظهر ‌و‌ اقام بالحق (فرقانك) اى: القرآن ‌او‌ الموازين التى جعلتها للفرق بين الحق ‌و‌ الباطل.
 
(سبحانك) اى: انزهك تنزيها لك (من لطيف ‌ما‌ الطفك) اى: اكثر لطفك، اللطيف: ‌هو‌ العالم بدقائق الامور، ‌و‌ الصانع لغوامض الاشياء (و رءوف) اى: رحيم (ما ارافك) اى: اكثر رحمتك ‌و‌ رافتك (و حكيم ‌ما‌ اعرفك) اى: اكثر علمك بالاشياء ‌و‌ مواضعها اذ الحكمه تتوقف على العلم.
 
(سبحانك ‌من‌ مليك) اى: ملك (ما امنعك) ‌من‌ ‌ان‌ يصل احد اليك (و جواد ‌ما‌ اوسعك) اى: اوسع جودك ‌و‌ عطاءك (و رفيع ‌ما‌ ارفعك) اى: اكثر رفعتك حتى ‌لا‌ يصل اليها احد (ذو البهاء) اى: الحسن (و المجد) اى: العظمه (و الكبرياء) اى: العلو ‌و‌ الرفعه (و الحمد) اى: ذو الحمد الذى يحمده الناس.
 
(سبحانك بسطت بالخيرات يدك) كنايه عن اعطائه الخير، فان المعطى يمد يده نحو المعطى له (و عرفت الهدايه ‌من‌ عندك) فانه تعالى هدى الناس الى ‌ما‌ يوجب سعادتهم (فمن التمسك) اى: طلبك (لدين ‌او‌ دنيا) بان تعطيه (وجدك) كنايه عن اعطائك له ‌ما‌ اراد.
 
(سبحانك خضع لك ‌من‌ جرى ‌فى‌ علمك) اى: كل المخلوقات، فلا شى ء يعلمه الله موجودا الا ‌و‌ ‌هو‌ خاضع لجنابه منقاد بامره (و خشع لعظمتك) اى: خضع لها (ما دون عرشك) ‌اى‌ جميع مخلوقاتك (و انقاد للتسليم لك كل خلقك) فكل مخلوق منقاد لله تعالى تكوينا.
 
(سبحانك ‌لا‌ تحس) اى: ‌لا‌ تدرك بالحواس الخمسه الباصره ‌و‌ الذائقه ‌و‌ الشامه ‌و‌ اللامسه ‌و‌ السامعه (و ‌لا‌ تجس) اى: ‌لا‌ يعلم اخبارك، ‌من‌ التجسس (و ‌لا‌ تمس) ‌من‌ المس ‌و‌ ‌هو‌ الدرك باللامسه فانه تعالى ليس بجسم ‌و‌ ‌لا‌ عرض حتى يدرك بالحواس (و ‌لا‌ تكاد) اى: ‌لا‌ يمكر بك بان يصل الكيد ‌و‌ المكر اليك (و ‌لا‌ تماط) ‌من‌ الاماطه بمعنى الازاله اى: يزال سلطانك ‌و‌ ‌لا‌ تدفع عن الوهيتك (و ‌لا‌ تنازع) فانه ليس ‌فى‌ الوجود ‌من‌ ‌هو‌ قابل لمنازعته تعالى (و ‌لا‌ تجارى) اى: تماثل فانه ‌لا‌ احد يجاريك ‌و‌ يماثلك (و ‌لا‌ تمادى) ‌من‌ الممارات ‌و‌ المراء بمعنى الجدل، اى: ‌لا‌ يجادلك احد (و ‌لا‌ تخادع) فان احدا ‌لا‌ يقدر على خدعه الله تعالى (و ‌لا‌ تماكر) فان احدا ‌لا‌ يقدر على ‌ان‌ يمكر بالله بان يعمل عملا خفيا ضده.
 
(سبحانك) اللهم (سبيلك جدد) اى: مستو واضح (و امرك رشد)
 
اى: هدايه ‌و‌ رشد (و انت حى) ‌لا‌ تموت (صمد) سيد شريف، ‌او‌ ‌لا‌ جوف لك.
 
(سبحانك) اللهم (قولك حكم) اى: حكمه ‌لا‌ عبث (و قضاوك حتم) فما تقضيه ‌فى‌ الكون لابد ‌ان‌ يكون ‌لا‌ خلف فيه (و ارادتك عزم) فلا ترديد لك.
 
(سبحانك) اللهم (لا راد لمشيتك) فاذا شئت شيئا ‌لا‌ يرد ‌ما‌ اردت (و ‌لا‌ مبدل لكلماتك) اى: ‌لا‌ احد يقدر على ‌ان‌ يبدل ‌ما‌ قلت ‌و‌ امرت.
 
(سبحانك) ‌يا‌ (باهر الايات) اى: آياته ظاهره عاليه (فاطر السماوات) اى: خالقها (بارى ء النسمات) جمع نسمه بمعنى الخلق، ‌او‌ بمعنى الالسان ‌و‌ البارى ء بمعنى الخالق:
 
(لك الحمد حمدا يدوم بدوامك) اى: انى احمدك هذا المقدار ‌من‌ الحمد، لكن حيث ‌لا‌ ابقى فانى اشير الى ‌ما‌ انطوى عليه نفسى ‌من‌ كثره حمدك،
 
(و لك الحمد حمدا خالدا) اى: باقيا (بنعمتك) اى: ‌ان‌ نعمتك على ‌فى‌ قبولك حمدى الخالد الباقى، هى سبب حمدى الخالد، ‌او‌ المراد:
 
حمدا بنعمتك، اى: احمدك بسبب نعمتك.
 
(و لك الحمد حمدا يوازى) ‌و‌ يعادل (صنعك) ‌فى‌ الكثره ‌و‌ العظمه.
 
(و لك الحمد حمدا يزيد على رضاك) مثلا يرضى سبحانه بالف حمد فالحامد يقول انى احمدك اكثر ‌من‌ الالف.
 
(و لك الحمد حمدا) مضى (مع حمد كل حامد) فانى احمدك كما يحمدك كل حامد (و شكرا يقصر عنه شكر كل شاكر) فلو شكرك كل الناس الف شكر مثلا فانى اشكرك الفى شكر.
 
(حمدا ‌لا‌ ينبغى الا لك) لانه فوق استحقاق المحمودين (و ‌لا‌ يتقرب به) اى: بذلك الحمد (الا اليك) لانه خالص مخلص ‌لا‌ شائبه ‌و‌ ‌لا‌ رياء فيه.
 
(حمدا يستدام به) الحمد (الاول) الذى حمده الانسان (و يستدعى به) اى: يطلب بذلك الحمد (دوام) الحمد (الاخر) ‌و‌ المراد: حمدا متصلا ‌من‌ الاول الى الاخير بلا انقطاع.
 
(حمدا يتضاعف) ‌و‌ يزداد (على كرور الازمنه) كرور، ‌من‌ ‌كر‌ بمعنى رجع، اى: مرور الزمان (و يتزايد) ذلك الحمد (اضعافا متزايده) ‌لا‌ ضعفا واحدا فقط.
 
(حمدا يعجز ‌من‌ احصائه الحفظه) جمع حافظ: ‌و‌ ‌هم‌ الملائكه الذين يحفظون اعمال العباد ‌و‌ يعدونها (و يزيد على ‌ما‌ احصته ‌فى‌ كتابك الكتبه) اى: الملائكه الكاتبون لذلك الحمد، حتى ‌ان‌ الحمد اكثر مما عده عده الكاتبون
 
(حمدا يوازن) ‌و‌ يساوى (عرشك المجيد) اى: ذو المجد ‌و‌ العظمه بان تكون عظمه الحمد كعظمه العرش (و يعادل كرسيك الرفيع) ‌فى‌ رفعته.
 
(حمدا يكمل لديك ثوابه) بان تثيب الحامد ثوابا كاملا غير منقوص (و يستغرق كل جزاء جزاوه) بان يكون جزاء هذا الحمد اكثر ‌من‌ جميع انواع الجزاء ‌و‌ الثواب الذى يعطى لسائر الناس على سائر الاعمال.
 
(حمدا ظاهره وفق لباطنه) بان احمد لفظا ‌و‌ قلبا، ‌او‌ اريد بلفظ الحمد معناه ‌لا‌ معنى آخر، كما يكون ذلك ‌فى‌ باب المجاز ‌و‌ شبهه (و باطنه وفق لصدق النيه) بان اكون بنيه صادقه ‌فى‌ حمدى فاعرف ‌ان‌ النعمه منك
 
و انها تستحق الحمد.
 
(حمدا لم يحمدك خلق مثله) اى: مثل ذلك الحمد كثره ‌و‌ كيفيه (و ‌لا‌ يعرف احد سواك فضله) لكونه حمدا جليلا عظيما.
 
(حمدا يعان ‌من‌ اجتهد ‌فى‌ تعديده) اى: الذى يجتهد ‌فى‌ تعداد ذلك الحمد ‌و‌ يتعب يويده الله تعالى، لان الحمد مقبول لديه، ‌و‌ ‌من‌ المعلوم ‌ان‌ الشخص اذا قام بمحبوبه تعالى اعانه تعالى عليه (و يويد) اى: ‌و‌ يقوى ‌و‌ يوفق (من اغرق نزعا ‌فى‌ توفيته) الاغراق الاكثار، ‌و‌ الاصل ‌ان‌ الذى يريد ‌ان‌ يرمى يبالغ ‌فى‌ نزع ‌و‌ امتداد الوتر حتى يذهب السهم بعيدا ‌و‌ معنى التوفيه الوفاء، كانه يريد وفاء الحمد بما يلزم عليه ‌من‌ الثناء عليه تعالى.
 
(حمدا يجمع ‌ما‌ خلقت ‌من‌ الحمد) اى: يكون جامعا لجميع افراد الحمد الذى ‌هو‌ مخلوق لك (و ينتظم) اى. يشمل (ما انت خالقه) ‌من‌ انواع الحمد (من بعد) حمدى لك، ‌و‌ المعنى يكون بتلك الكثره حتى يشمل جميع افراد الحمد ‌ما‌ مضى ‌و‌ ‌ما‌ ياتى
 
(حمدا ‌لا‌ اقرب الى قولك) الذى امرت بالحمد (منه) فهو اطاعه لامرك بالحمد مثابه لامرك (و ‌لا‌ احمد ممن يحمدك به) ‌اى‌ بالحمد، اى: ‌لا‌ يكون هناك احد اكثر
 
حمدا ‌من‌ الحامدين، ‌من‌ حمدى لك.
 
(حمدا يوجب- بكرمك- المزيد) اى: الزياده (بوفوره) اى: بسبب كثرته، فان الله تعالى يكثر الشى ء القليل فكيف بالشى ء الكثير (و تصله) اى: تصل ذلك الحمد (بمزيد بعد مزيد) اى: زياده بعد زياده (طولا) ‌و‌ احسانا (منك) حيث يزيد الحمد عن قدره الاصلى.
 
(حمدا يجب لكرم وجهك) اى: لكرم ذاتك، فان الكريم يجب حمده (و يقابل) اى: يكون بقدر (عز جلالك) فان العزيز الجليل يستحق الحمد بقدر عزته ‌و‌ جلاله.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد المنتجب) اى: المختار (المصطفى) ‌من‌ اصطفاه بمعنى اختاره (المكرم) اى: الذى اكرمته (المقرب) الذى قربته الى نفسك قرب شرف ‌و‌ رضى (افضل صلواتك) التى صليتها على احد (و بارك عليه) اى: اجعله مباركا ثابتا (اتم بركاتك) اى: التى اكثر تماما (و ترحم عليه) اى: ارحمه (امتع رحماتك) اى: الرحمه الموجبه للمتعه ‌و‌ اللذه.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ آله صلوه زاكيه) اى: تزكو ‌و‌ تنمو (لا تكون صلوه ازكى منها) فهى اكثر نموا ‌من‌ كل الصلوات.
 (و صل عليه صلوه ناميه ‌لا‌ تكون صلوه انمى منها) ‌و‌ الفرق ‌ان‌ الزكاه نمو مع طهاره، ‌و‌ النماء مطلق.
 (و صل عليه صلوه راضيه) اى: مرضيه (لا تكون صلوه فوقها) ‌فى‌ الرضا.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ آله صلوه ترضيه) اى: توجب رضى الرسول (ص)(و تزيد على رضاه) ‌و‌ المراد بالصلوه: الرحمه ‌و‌ العطف الشامل للقرب المعنوى ‌و‌ اللذائذ الماديه.
 (و صل عليه صلوه ترضيك) بان تكون تلك الصلاه بقدر رضاك، فان المعطى قد ‌لا‌ يرضى بما اعطاه، لانه يرى ‌ان‌ مقام المعطى له فوق قدر ‌ما‌ اعطاه، كما لو اعطى الانسان ‌من‌ يستحق الف دينار «مائه» فان المعطى ‌لا‌ يرضى بالمائه (و تزيد على رضاك له) بان تكون فوق القدر اللازم الذى ترضى انت لمثل الرسول (ص).
 (و صل عليه صلوه ‌لا‌ ترضى له الا بها) هذا كتاكيد لما سبق (و ‌لا‌
 
ترى غيره لها) لتلك الصلاه (اهلا) اى: لانها صلاه كبيره كثيره.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ آله صلوه تجاوز رضوانك) اى: تجاوز القدر الذى ترضى ‌به‌ (و يتصل اتصالها ببقائك) فهى صلاه دائمه ‌لا‌ انقطاع لها (و ‌لا‌ ينفد) اى: ‌لا‌ يتم (كما ‌لا‌ تنفد كلماتك) اى: رحمتك فان رحمته سبحانه ‌لا‌ تنفد بل دائمه.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ آله صلوه تنتظم صلوه ملائكتك) اى: تكون مع تلك الصلوات (و انبيائك ‌و‌ رسلك ‌و‌ اهل طاعتك) فان اجتماع الهدايا الى احد اكثر وقعا ‌من‌ تفرقها ‌و‌ ايتائها كلا بانفرادها (و تشتمل) صلاتك
 (على صلوات عبادك ‌من‌ جنك ‌و‌ انسك ‌و‌ اهل اجابتك) اى: الذين تستجاب صلواتهم، ‌و‌ هذا ‌من‌ باب ذكر الخاص بعد العام للتاكيد (و تجتمع على صلوه كل ‌من‌ ذرات) اى: خلقت (و برات) ‌اى‌ انشات (من اصناف خلقك) فان سائر اجزاء الكون تصلى على محمد ‌و‌ آله) كما ورد
 
بذلك الاحاديث.
 
(رب صل عليه ‌و‌ آله صلوه تحيط بكل صلوه سالفه) اى: ‌ان‌ صلاتى تكون اكثر ‌من‌ كل صلاه سلفت ‌و‌ نقدمت عليه (و مستانفه) اى: جديده.
 (و صل عليه ‌و‌ على آله صلوه مرضيه لك) اى: ترضاها (و لمن دونك) بان تكون صلاه يرضى بها كل احد (و تنشى ء مع ذلك) الذى ذكرت ‌و‌ طلبت ‌من‌ الصلاه عليه (ص) ‌و‌ على آله (صلاه تضاعف معها) اى: مع تلك الصلاه (تلك الصلوات عندها) فان الصلوات الجديده تسبب تضاعف الصلوات القديمه (و تزيدها) بان تكون الصلوات المنشئه اكثر ‌من‌ الصلوات القديمه (على كرور الايام) ‌و‌ مرورها (زياده ‌فى‌ تضاعيف) اى: تلك الزياده تتضاعف (لا يعدها غيرك) لكثرتها.
 
(رب صل على اطايب اهل بيته) اطايب جمع اطيب، ‌و‌ المراد بهذا وصف اهل البيت بالاطيب، ‌لا‌ انه وصف للتقييد ‌و‌ الاخراج، فانه بعيد عن السياق (الذين اخترتهم) ائمه (ل)القيام ب(امرك) ‌و‌ نشر
 
دينك (و جعلتهم خزنه علمك) خزنه جمع خازن، فانهم مركز علم الله تعالى (و حفظه دينك) فان الائمه يحفظون الدين عن الزياده ‌و‌ النقصان (و خلفائك ‌فى‌ ارضك) فانهم يمثلونه سبحانه ‌فى‌ الارض (و حججك على عبادك) الحجه: ‌هو‌ الذى يحتج الله ‌به‌ على الناس (طهرتهم ‌من‌ الرجس) المعاصى (و الدنس) الاقذار (تطهيرا بارادتك) ذلك التطهير اشاره الى قوله سبحانه: «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ‌و‌ يطهركم تطهيرا» ‌و‌ هذه الايه تدل على العصمه اذ الاراده لابد ‌ان‌ تكون اراده تكوينيه اما الاراده التشريعيه فهى بالنسبه الى جميع الناس، ‌و‌ هى اراده ‌لا‌ تنافى الاختيار كالشخص الذى ‌لا‌ يفقاء عين نفسه فانه باراده ‌لا‌ يفعل (و جعلتهم الوسيله اليك) فان الناس اذا ارادوا اخذ الفيض منه سبحانه توسلوا بهم (و المسلك الا جنتك) فان الائمه يرشدون الناس الى الطريق المودى بهم الى الجنه، فكانهم نفس المسلك.
 
(رب صل على محمد ‌و‌ آله صلاه تجزل) اى: تعظم (لهم بها) اى: بتلك الصلاه (من نحلك) جمع نحله بمعنى العطيه (و كرامتك)
 
بان تكرمهم ‌و‌ تشرفهم بها (و تكمل لهم الاشياء) المرغوب فيها (من عطاياك) جمع عطيه (و نوافلك) جمع نافله بمعنى العطيه الفاضله (و توفر عليهم الحظ) اى: تكثر حظهم (من عوائدك ‌و‌ فوائدك) عوائد جمع عائده، اى: العطيه العائده الى الانسان  
 
(رب صل عليه ‌و‌ عليهم صلوه ‌لا‌ امد ‌فى‌ اولها) بان ‌لا‌ تجعل لها اول يدركها الانسان، ‌و‌ الا فلكل ممكن اول، ‌و‌ المراد: ‌ان‌ تكون تلك الصلاه ‌من‌ الكثره بحيث ‌لا‌ اول لها ‌و‌ الا فلا يمكن انشاء صلوه منه تعالى- بعد دعاء الداعى- بلا اول، اذ الصلوه بلا اول ‌لا‌ تكون- حينئذ- معلوله للدعاء (و ‌لا‌ غايه لامدها) اى: ‌لا‌ نهايه لمدتها (و ‌لا‌ نهايه لالخرها) فهى صلاه ممتده ‌من‌ الازل الى الابد.
 
(رب صل عليهم زنه عرشك) اى: بمقدار ثقل عرشك، ‌و‌ هذا ‌من‌ باب تشبيه المعقول بالمحسوس (و ‌ما‌ دونه) اى: ‌ما‌ دون العرش (و ملاء سماواتك) اى: تكون الصلاه بمقدار تملاء السماوات (و ‌ما‌ فوقهن) فان فوق السماوات فضاء ممتد كما كشف ‌فى‌ العلم الحديث (و عدد ارضيك) ‌و‌ هى سبعه ‌او‌ اكثر (و ‌ما‌ تحتهن ‌و‌ ‌ما‌ بينهن) ‌و‌ ‌فى‌ حديث عن
 
الامام الرضا عليه السلام انه جعل كل ارض متوسطه لسماء، فارض ‌و‌ سماء محيطه بها، ثم ارض ‌و‌ سماء محيطه بها، ‌و‌ هكذا (صلوه تقربهم منك) قربا شرفيا، فانه سبحانه منزه ‌من‌ المكان (زلفى) مصدر زلف بمعنى قرب، اى: تقربا (تكون) تلك الصلوه (لك ‌و‌ لهم رضى) بان يرضى المعطى ‌و‌ المعطى له بها (و متصله) تلك الصلاه (بنظائرهن ابدا) بان تتكرر ‌فى‌ الصلاه الى الابد.
 
(اللهم انك ايدت دينك ‌فى‌ كل اوان) جمع ‌آن‌ بمعنى المده (بامام اقمته علما) العلم: اما بمعنى الجبل الذى يهتدى ‌به‌ الناس الى طرقهم، ‌او‌ اللواء الذى يلتف حوله الجيش (لعبادك ‌و‌ منارا) ‌هو‌ الموضع الذى يجعل عليه النور ليلا ليراه الرائى فيعرف الطريق ‌او‌ المقصد (فى بلادك) لهدايه الناس ‌من‌ الضلال الى الرشاد (بعد ‌ان‌ وصلت حبله) اى: حبل ذلك الامام (بحبلك) بان كان له اتصال بك (و جعلته الذريعه) اى: الوسيله (الى رضوانك) اى: رضاك ‌او‌ جنتك (و افترضت طاعته) على الناس (و حذرت معصيته) بان وعدت على معصيته العقاب
 
(و امرت بامتثال) الناس له (اوامره ‌و‌ الانتهاء عند نهيه) هذا تاكيد للجمله السابقه (و) امرت ‌به‌ (ان ‌لا‌ يتقدمه) ‌فى‌ عمل ‌من‌ الاعمال (متقدم) بان يفرط فوق ‌ما‌ يقول، كان يعطى ربعا عوض الخمس المفروض على المال مثلا (و ‌لا‌ يتاخر عنه متاخر) بان يفرط دون ‌ما‌ يقول، كان يعطى السدس عوض الخمس (فهو عصمه اللائذين) ‌من‌ لاذ بمعنى لجاء اى: يوجب حفظهم عن الاخطار (و كهف المومنين) الكهف: الغار ‌فى‌ الجبل يحفظ ‌من‌ ذهب فيه ‌من‌ الاخطار، ‌و‌ شبه ‌به‌ الامام الذى يحفظ الناس عن اخطار الدنيا ‌و‌ الاخره (و عروه المستمسكين) العروه: للكوز ‌و‌ نحوه، كان الانسان اذا اراد النجاه اخذ بهذا الامام الذى ‌هو‌ كالعروه للدين ‌و‌ للسعاده، كما ‌ان‌ عروه الكوز وسيله لشرب مائه البارد العذب (و بهاء العالمين) فان الامام نورهم الذى ‌به‌ يهتدون الى الحقائق.
 
(اللهم فاوزع) اى: اقسم (لوليك) الامام الذى وصف ‌فى‌ الجمل السابقه (شكر ‌ما‌ انعمت ‌به‌ عليه) فان جعله سبحانه له خليفه ‌فى‌ الارض ‌من‌ اعظم النعم عليه (و اوزعنا) اى: اقسمنا ‌و‌ قدر لنا (مثله) اى: مثل ذلك الشكر (فيه): ‌فى‌ الامام بان نشكرك على
 
ان تفضلت علينا بجعل الامام فينا (و آته) اى: اعط الامام (من لدنك سلطانا نصيرا) اى: سلطه ينصر بها على الاعداء، ‌و‌ لعل كلمه «من لدنك» ‌ان‌ ‌لا‌ يكون للسلطه واسطه تمن بها على الامام (و افتح له فتحا يسيرا) الفتح بمعنى نفوذ السلطان، كان الطريق منسد ثم ينفتح امام الغالب ‌من‌ الطرفين، ‌و‌ ليكن الفتح سهلا بلا صعوبه ‌و‌ عسر (و اعنه) ‌من‌ الاعانه (بركنك الاعز) الركن ‌ما‌ يركن الانسان عليه ‌و‌ يعتمد اليه (و اشدد ازره) اى: قوته ‌و‌ عزيمته (و قو عضده) فان العضد حيث كان محل الاعتماد ‌فى‌ اعمال اليد، بسبب القوه اليه (وارعه) ‌من‌ المراعاه (بعينك) اى: حفظك (و احمه بحفظك) حتى ‌لا‌ يوذيه موذ (و انصره بملائكتك) فان الله ينزل الملائكه لنصره اوليائه كما حدث ‌فى‌ قصه بدر (و امدده بجندك) اى: الجند المربوط بك سواء كانوا بشرا ‌او‌ سائر القوى الكونيه (الاغلب) اى: اكثر غلبه على الاعداء
 
(و اقم به) اى: بالامام (كتابك) بان تكون احكامه قائمه ‌فى‌ الناس (و حدودك) ‌و‌ هى الواجبات ‌و‌ المحرمات (و شرائعك) جمع شريعه، ‌و‌ هى احكام الدين (و سنن رسولك) اى: التى جعلها للناس بامرك، ‌و‌ هذه العبادات كالمترادفات ‌و‌ ‌ان‌ امكن ابداء بعض الفروق فيها (صلواتك اللهم عليه ‌و‌ آله) هذا
 
خبر ‌فى‌ معنى الدعاء، اى: اللهم صل عليه (و احى به) اى: بالامام (ما اماته الظالمون ‌من‌ معالم دينك) جمع «معلم» بمعنى موضع العلامه (و اجل) ‌من‌ الجلاء: بمعنى الظهور (به صداء الجور) الصدء ‌ما‌ يتراكم على المراه ‌او‌ الحديد ‌و‌ ‌ما‌ اشبه ‌من‌ الوساخه، فكان الجور صدء على وجه الحق ‌و‌ الامام يمحوه ‌و‌ يظهر صفاء الحق (عن طريقتك) اى: عن دينك (و ابن) ‌اى‌ ابعد، ‌من‌ الابانه (به الضراء) نقيض السراء (من سبيلك) حتى ‌لا‌ يكون ‌فى‌ سبيل دينك ضر لمن اراد سلوكه (و ازل ‌به‌ الناكبين عن صراطك) يقال: نكب عن الطريق، اذا انحرف ‌و‌ حاد الى غير الجاده (و امحق ‌به‌ بغاه قصدك عوجا) اى: الذين يطلبون اعوجاج دينك، فان بغاه جمع باغى بمعنى الطالب ‌و‌ المحق المحو ‌و‌ الازاله  
 
(و الن جانبه لاوليائك) حتى يكون لينا معهم، كما قال تعالى: «رحماء بينهم» (و ابسط يده على اعدائك) بان يقتلهم ‌و‌ يشتتهم (وهب لنا رافته ‌و‌ رحمته ‌و‌ تعطفه) اى: عطفه ‌و‌ ميله، بان يعطف علينا ‌و‌ يرحمنا (و تحننه) ‌من‌ الحنان بمعنى العطف (و اجعلنا له سامعين مطيعين) مثل هذه الادعيه عن الامام عليه السلام يراد بها السمع ‌و‌ الاطاعه عن الامام الذى قبله، اما
 
كونها لمحض التعليم كما ربما يقال فهو بعيد، ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يوول ذلك عند ظهور الائمه ‌فى‌ الرجعه، ‌او‌ نحو ذلك (و ‌فى‌ رضاه ساعين) اى: نسعو فيما يوجب رضاه (و الى نصرته ‌و‌ المدافعه عنه مكنفين) اى: محيطين بان نحيط ‌به‌ للدفاع ‌و‌ النصره على اعداء الحق (و اليك ‌و‌ الى رسولك- صلواتك اللهم عليه ‌و‌ آله- بذلك) الدفاع ‌و‌ النصره للامام (متقربين) فان ‌من‌ يدفع عن الامام يتقرب الى الله ‌و‌ الى الرسول (ص).
 
(اللهم ‌و‌ صل على اوليائهم) اى: اولياء الائمه ‌و‌ انصارهم (المعترفين بمقامهم) ‌و‌ ‌هو‌ مقام الامامه (المتبعين منهجهم) اى: طريقتهم (المقتفين آثارهم) اقتفاء الاثر: اتباعه (المستمسكين بعروتهم) اى: الاخذين باقوالهم (المتمسكين بولايتهم) اى: محبتهم ‌و‌ نصرتهم (الموتمين) ‌من‌ ائتم بمعنى اقتدى (بامامتهم) بان يجعلونهم ائمه لهم يسيرون ‌و‌ رائهم (المسلمين لامرهم) فلا يخالفون اوامرهم (المجتهدين ‌فى‌ طاعتهم) الاجتهاد تحمل الجهد ‌و‌ المشقه (المنتظرين ايامهم) التى يظهرون فيها ‌و‌ يحكمون ‌و‌ هى
 
فى الرجعه (المادين اليهم اعينهم) ‌هو‌ كنايه عن الانتظار ‌و‌ الاتباع فان الانسان يمد عينه نحو ‌من‌ ينتظره ‌او‌ ‌من‌ يريد اتباعه (الصلوات) مفعول «صل» (المباركات) اى: ذات بركه ‌و‌ ثبات (الزاكيات) اى: ذات زكاه ‌و‌ طهاره (الناميات) بان تنمو الصلوات ‌و‌ تزداد (الغاديات) اى: التى تغدو ‌فى‌ الصباح (الرائحات) اى: التى تروح ‌فى‌ الرواح ‌و‌ ‌هو‌ العصر، اى: صل عليهم ‌فى‌ هذين الوقتين، بتلك الاقسام ‌من‌ الصلوات ‌و‌ هى المباركات الخ  
 
(و سلم عليهم ‌و‌ على ارواحهم) تخصيص الروح ‌من‌ باب ذكر الخاص بعد العام (و اجمع على التقوى امرهم) بان يكون اولياء الائمه مجتمعين ‌فى‌ العمل بالتقوى ‌و‌ الخوف ‌من‌ الله تعالى (و اصلح لهم شوونهم) جمع شان بمعنى الامر المرتبط بالانسان (و تب عليهم) تاب بمعنى مال، فتوبه العبد ميله الى الله ‌و‌ توبه الله ميله الى عبده بعد الاعراض عنه (انك انت التواب الرحيم) اى: كثير التوبه على عبيدك الرحيم بهم (و خير الغافرين) فانه تعالى خير ‌من‌ كل غافر يغفر الذنب (و اجعلنا معهم ‌فى‌ دار السلام) ‌و‌ هى الجنه، سميت بها لانه ‌لا‌ خراب ‌و‌ ‌لا‌ صعوبات فيها (برحمتك ‌يا‌ ارحم الراحمين) ‌او‌ اكثر رحما ‌من‌
 
كل راحم.
 
(اللهم ‌و‌ هذا يوم عرفه) سمى يوم التاسع ‌من‌ ذى الحجه بهذا الاسم لتعارف آدم ‌و‌ حواء عليهماالسلام بعد مفارقتهما حين هبوطهما ‌من‌ الجنه ‌او‌ لغير ذلك (يوم شرفته) اى: جعلته شريفا (و كرمته ‌و‌ عظمته) ‌و‌ شرافه اليوم انما هى للذى كان فيه ‌او‌ يكون ‌من‌ الرحمه ‌و‌ الخير ‌و‌ ‌ما‌ اشبه (نشرت فيه رحمتك) اى: فرقت الرحمه على الناس (و مننت فيه بعفوك) بان عفوت عن الخاطئين (و اجزلت فيه) اى: اعظمت ‌من‌ الجزيل بمعنى العظيم ‌و‌ الكثير (عطيتك) اى: عطاياك للناس (و تفضلت به) اى: بهذا اليوم (على عبادك) بان اعطيتهم هذا اليوم:
 
(اللهم ‌و‌ انا عبدك الذى انعمت عليه قبل خلقك له) انسانا، فان الانسان قبل خلق بدنه يكون ترابا ‌و‌ نباتا ‌و‌ ‌ما‌ اشبه ‌و‌ كلها ‌لا‌ يكون الا بانعام الله تعالى (و بعد خلقك اياه) فان نعم الله تعالى على الانسان ‌لا‌ تحصى كثره (فجعلته ممن هديته لدينك) الاسلام، ‌و‌ الاتيان بالضمير الغائب، باعتبار ‌ان‌ المرجع اسم ظاهر- كما حقق ‌فى‌ البلاغه ‌من‌ ‌ان‌ الاسم الظاهر بمنزله الغائب، ‌و‌ ‌ان‌ اريد ‌به‌ المتكلم- (و وفقته لحقك) اى:
 
للقيام بحقك بالايمان ‌و‌ العمل (و عصمته) اى: حفظته عن الزله (بحبلك) اى: بواسطه ‌ان‌ ربطت ‌به‌ حبلا لئلا يزل، ‌و‌ الحبل ‌هو‌ الايمان ‌و‌ القرآن (و ادخلته ‌فى‌ حزبك) قال سبحانه: «الا ‌ان‌ حزب الله ‌هم‌ المفلحون» ‌و‌ الحزب الجماعه ‌من‌ الناس المتجهين اتجاها واحدا مع التزام الوحده ‌فى‌ الاتجاه (و ارشدته لموالاه اوليائك) اى: اتباعهم ‌و‌ نصرتهم (و معاداه اعدائك) بان يعاديهم ‌و‌ يخالفهم  
 
(ثم امرته) باوامرك (فلم ياتمر) ‌و‌ لم يطع (و زجرته) اى: نهيته عن المحرمات (فلم ينزجر) اى: لم ينقه (و نهيته عن معصيتك) ‌و‌ لعل الزجر اخص ‌من‌ النهى، لانه نهى مع توبيخ (فخالف امرك الى نهيك) بان خرج ‌من‌ امرك ‌و‌ دخل ‌فى‌ نهيك فترك الاول ‌و‌ ارتكب الثانى (لا معانده لك) فان المومن العاصى ‌لا‌ يعاند (و ‌لا‌ استكبارا عليك) بان راى نفسه فوق اطاعتك كما ‌هو‌ شان المتكبر (بل دعاه هواه) اى: ميله النفسى (الى ‌ما‌ زيلته) اى: بعدته عنه ‌من‌ زيله اذا ازاله ‌و‌ ابعده (و الى ‌ما‌ حذرته) ‌و‌ خوفته ‌من‌ معاصيك (و اعانه على ذلك) الخلاف (عدوك ‌و‌ عدوه) الشيطان الرجيم (فاقدم عليه) اى:
 
على المنهى المحذور (عارفا بوعيدك) اى: ‌فى‌ حال كونه عارفا بوعدك العذاب على ‌من‌ اقدم على النهى (راجيا لعفوك) عن زلته (واثقا بتجاوزك) التجاوز عن المذنب: التغاضى عنه ‌و‌ عدم عقابه (و كان احق عبادك- مع ‌ما‌ مننت عليه- الا يفعل) اى: كان احق الناس بعدم الفعل، بعد ‌ما‌ مننت عليه باعطائه النعم الكثيره، ‌و‌ المراد المال.
 
(و ‌ها‌ انا ذا) ‌ها‌ للتنبيه، ‌و‌ ذا اشاره الى النفس، بعد فرضه انسانا غير المتكلم، حتى يصح الاعتذار عنه (بين يديك) اى: امامك ‌فى‌ حال كونى (صاغرا) ‌من‌ الصغر بمعنى الذله (ذليلا خاضعا خاشعا خائفا) ‌من‌ ذنوبى (معترفا بعظيم ‌من‌ الذنوب تحملته) اى: اقترفتها ‌و‌ ارتكبتها (و جليل) اى: كبير (من الخطايا اجترمته) ‌من‌ الجرم بمعنى الذنب (مستجيرا بصفحك) ‌و‌ عفوك (لائذا برحمتك) اللائذ المتمسك (موقنا انه ‌لا‌ يجيرنى) ‌و‌ ‌لا‌ يعطينى الامن (منك مجير) بان يدفع عذابك عنى (و ‌لا‌ يمنعنى منك مانع) اذ ‌لا‌ قدره لاحد ‌ان‌ يحول بين الانسان
 
و بين عذاب الله تعالى  
 
(فعد على) ‌من‌ عاد يعود، بمعنى اقبل، بعد الاعتراض، ‌و‌ المراد طلب العفو (بما تعود ‌به‌ على ‌من‌ اقترف) ‌و‌ ارتكب الذنب (من تغمدك) بيان «ما» اى: عفوك، كانه يستر الذنب ‌و‌ يغمده كما يغمد السيف ‌فى‌ قرابه (وجد على) ‌من‌ جاد يجود بمعنى اعطى (بما تجود به) اى: بما تعطيه (على ‌من‌ القى بيده اليك) ‌هو‌ كنايه عن الاستسلام، اذ المستسلم يشير بيده (من عفوك) بيان «ما تجود» (و امنن على) ‌من‌ المنه بمعنى الاحسان (بمالا يتعاظمك) اى: ‌لا‌ يعظم عندك (ان تمن ‌به‌ على ‌من‌ املك) ‌و‌ رجاك (من غفرانك) بيان «فلا يتعاظم» فان غفران الذنب ليس عظيما لديه تعالى  
 
(و اجعل لى ‌فى‌ هذا اليوم نصيبا انال ‌به‌ حظا ‌من‌ رضوانك) اى، رضاك (و ‌لا‌ تردنى صفرا) اى: خاليا بدون اجر ‌و‌ ثواب، ‌و‌ الصفر علامه عدم العدد، يقال صفرت كفه اذا خلت ‌من‌ المال (مما ينقلب ‌به‌ المتعبدون لك) فان ‌من‌ عبده سبحانه ‌و‌ اطاعه ‌فى‌ هذا اليوم يرجع الى محله ‌و‌ قد ملئت كفاه ‌من‌ الثواب ‌و‌ الجزاء (من
 
عبادك) بيان «المتعبدون»
 
(و انى ‌و‌ ‌ان‌ لم اقدم) اليك (ما قدموه) اى: ‌ما‌ قدمه المتعبدون (من الصالحات) بيان «ما» (فقد قدمت توحيدك) فان الانسان الموحد غير المشرك يقدم اليه تعالى توحيده (و نفى الاضداد ‌و‌ الانداد) جمع ند بمعنى المثل (و الاشباه) بان لم اجعل لك شبها، كما يشبه بعض الناس الاله بالخلق (عنك ‌و‌ اتيتك ‌من‌ الابواب التى امرت ‌ان‌ توتى منها) فانه تعالى امر عباده ‌ان‌ ياتوه ‌من‌ باب الدعاء، ‌او‌ المراد بالابواب الرسول ‌و‌ الائمه عليهم السلام (و تقربت اليك بمالا يقرب احد منك الا بالتقرب به) فان الله سبحانه ‌لا‌ يقبل التقرب ‌به‌ الا ‌من‌ طريق الانبياء ‌و‌ الائمه كما وردت بذلك متواتر الروايات  
 
(ثم اتبعت ذلك) التقرب ‌و‌ الاتيان اليك ‌من‌ الباب (بالانابه اليك) اى: الرجوع عن المعصيه (و التذلل اى. اظهار الذله (و الاستكانه) اى: التضرع (لك ‌و‌ حسن الظن بك) فان ظنى بك حسن ‌و‌ ‌هو‌ انك تعفو ‌و‌ ‌لا‌ تعاقب (و الثقه بما عندك) ‌لا‌ كما يتوهم الجاهلون ‌من‌ انه ‌لا‌ ثقه بالله ‌و‌ بما عنده (و شفعته برجائك الذى
 
قل ‌ما‌ يخيب عليه راجيك) فانه سبحانه قرر ‌ان‌ ‌لا‌ يرجوه احد الا اعطاه رجاه اذا لم يكن هناك مانع  
 
(و سالتك مسئله الحقير الذليل البائس) ‌من‌ البوس بمعنى الفقر (الفقير الخائف) ‌من‌ ذنوبه (المستجير) اى: اللائذ بك عما يخاف (و مع ذلك) لعله راجع الى ‌ما‌ تقدم، اى: اخافك خيفه، مع رجائى ‌و‌ سائر اسباب الشفاعه (خيفه) لتاكيد الخوف (و تضرعا ‌و‌ تعوذا) ‌من‌ عاذ بمعنى استجار ‌و‌ لاذ (و تلوذا) ‌من‌ لاذ بمعنى التجاء (لا مستطيلا بتكبر المتكبرين) اى: ‌لا‌ اتكبر عليك بمثل ‌ما‌ يفعل المتكبرون (و ‌لا‌ متعاليا) اعلو نفسى عن المسئله (بداله المطيعين) اى: بمثل دلال المطيع الذى يعجب بعمله ‌و‌ يمن ‌به‌ على الله تعالى (و ‌لا‌ مستطيلا بشفاعه الشافعين) اى: ‌لا‌ استعلى كما يستعلى ذو الشفيع  
 
(و انا بعد) اى: بعد ذلك كله (اقل الاقلين) اى: اقل كل قليل (و اذل الاذلين) اى: اكثر ذله ‌من‌ ذل كل ذليل، ‌و‌ هذه حكايه عما ‌فى‌ نفس الانسان ‌من‌ التواضع، فهو انشاء ‌لا‌ اخبار حتى يقال انه كذب (و مثل الذره) اى: النمل، ‌فى‌
 
الصغر ‌و‌ الذله (او دونها) ‌فى‌ الصغر.
 (فيا ‌من‌ لم يعاجل المسيئين) بعقابهم على ‌ما‌ اجرموه (و ‌لا‌ ينده) اى: يمنع (المترفين) ‌من‌ اترف اذا اسرف ‌فى‌ التمتع بملاذ الحياه، فانه سبحانه ‌لا‌ يمنعهم نعمته ‌و‌ لطفه.
 (و ‌يا‌ ‌من‌ يمن باقاله العاثرين) فان ‌من‌ عثر اى: سقط ‌فى‌ العصيان يقيله تعالى ‌و‌ يقبل عذره اذا طلب العذر ‌و‌ استقال (و يتفضل بانظار الخاطئين) اى: امهالهم فلا يعاملهم بالعقوبه.
 
(انا المسى ء المعترف) باسائتى (الخاطى ء) اى: الذى اخطاء ‌و‌ اثم (العاثر) اى: عثر ‌و‌ وقع ‌فى‌ المعصيه.
 
(انا الذى اقدم عليك مجترئا) اى: ‌فى‌ حال كونه جريئا متجريا بالذنب.
 
(انا الذى عصاك متعمدا) بدون سهو ‌او‌ نسيان ‌او‌ ‌ما‌ اشبه.
 
(انا الذى استخفى ‌من‌ عبادك) حين اراد المعصيه (و بارزك) اى: ظاهرك فلم يخف منك عصيانه، قال سبحانه: «يستخفون ‌من‌
 
الناس ‌و‌ ‌لا‌ يستخفون ‌من‌ الله».
 
(انا الذى هاب) اى: خاف (عبادك) فلم يعص امامهم (و امنك بان لم يخف منك.
 
(انا الذى لم يرهب) اى: لم يخف (سطوتك) اى: اخذك ‌و‌ عذابك (و لم يخف باسك) اى: عقابك.
 
(انا الجانى على نفسه) ‌من‌ جنى بمعنى اقترف الجنايه، ‌و‌ ‌من‌ المعلوم ‌ان‌ العصيان يعود بالخسران على نفس العاصى  
 
(انا المرتهن ببليته) اى: بلائه فان الانسان رهين اعماله.
 
(انا القليل الحياء) حيث ‌ان‌ ‌من‌ قله الحياء عصيان المنعم.
 
(انا الطويل العناء) اى: التعب، فان تعب العاصى ‌فى‌ الاخره  
 
(بحق ‌من‌ انتجبت) اى: اخترت (من خلقك) ‌و‌ المراد الرسول (ص) ‌و‌ آله (ع) ‌او‌ مطلق الاخيار ‌و‌ الاولياء (و ‌من‌ اصطفيته) اى: اخترته (لنفسك) بان يكون عبدا مطيعا لك يبلغ رسالتك ‌و‌ دينك.
 (بحق ‌من‌ اخترت ‌من‌ بريتك) اى: ‌من‌ خلقك (و ‌من‌ اجتبيت)
 
الاجتباء: الاصطفاء ‌و‌ الاختيار (لشانك) اى: لدينك.
 (بحق ‌من‌ وصلت طاعته بطاعتك) قال سبحانه: «من يطع الرسول فقد اطاع الله» (و ‌من‌ جعلت معصيته كمعصيتك) فان الله سبحانه جعل النبى ‌و‌ الائمه خلفاءه ‌و‌ جعل طاعتهم ‌و‌ عصيانهم بمنزله طاعته ‌و‌ عصيانه.
 (بحق ‌من‌ قرنت موالاته) اى: حبه ‌و‌ نصرته (بموالاتك) فمن تولاهم تولاك لاقتران الولايتين (و ‌من‌ نطت) ‌من‌ ناط بمعنى علق (معاداته بمعاداتك) فمن عاداه عاداك للارتباط بين المعاداتين (تغمدنى) اى: ادخلنى ‌و‌ اصله ادخال السيف غمده ‌و‌ قرابه (فى يومى هذا) ‌و‌ ‌هو‌ يوم عرفه (بما تتغمد ‌به‌ ‌من‌ جار اليك) اى: تضرع (متنصلا) اى: متبرءا ‌من‌ ذنوبه ‌من‌ تنصل بمعنى تبراء (و عاذ) اى: لاذ ‌و‌ التجاء ‌من‌ ذنوبه (باستغفارك) بان طلب غفرانك ‌فى‌ حال كونه (تائبا) عن ذنوبه  
 
(و تولنى) اى: ‌كن‌ وليى ‌و‌ ناصرى (بما تتولى ‌به‌ اهل طاعتك و) اهل
 
(الزلفى) ‌و‌ القرب (لديك و) اهل (المكانه) ‌و‌ المنزله (منك) ‌و‌ المراد المكانه ‌و‌ القرب شرفا ‌لا‌ مكانا فانه سبحانه منزه عن الجسم ‌و‌ لوازمه  
 
(و توحدنى) اى: اعصمنى، يقال توحده الله اذا عصمه (بما تتوحد ‌به‌ ‌من‌ وفى بعهدك) فانه سبحانه يلطف لطفا خاصا بمن ‌و‌ ‌فى‌ بعهده ‌فى‌ عدم اطاعه الشيطان، كما قال: «الم اعهد اليكم ‌يا‌ بنى آدم ‌ان‌ ‌لا‌ تعبدوا الشيطان» ‌و‌ العهد ‌ما‌ جاء على لسان الانبياء ‌و‌ اودع ‌فى‌ فطره الانسان (و اتعب نفسه ‌فى‌ ذاتك) ‌اى‌ ‌من‌ اجلك (و اجهدها ‌فى‌ مرضاتك) الاجهاد: الاتعاب ‌و‌ اتعاب النفس ‌فى‌ مرضاته تعالى بالقيام باوامره ‌و‌ نواهيه ‌و‌ ارشاد الناس الى الحق ‌و‌ ‌ما‌ الى ذلك  
 
(و ‌لا‌ تواخذنى) اى: ‌لا‌ تعاقبنى ‌يا‌ رب (بتفريطى ‌فى‌ جنبك) التفريط: التقصير ‌فى‌ الحقوق. ‌و‌ المراد بالجنب: القرب، ‌و‌ كان الانسان حين بلغ ‌و‌ لم يعمل، انه فرط ‌فى‌ قرب الله، حيث عرف احكامه ‌و‌ ‌من‌ المعلوم ‌ان‌ العصيان ‌فى‌ القرب اوجب للعقاب، قال تعالى: «يا حسرتا على ‌ما‌ فرطت ‌فى‌ جنب الله» (و تعدى طورى) اى: ‌ما‌ ‌هو‌ لائق ‌بى‌ فان العبد يليق ‌به‌ الطاعه (فى حدودك) اى: احكامك (و مجاوزه احكامك) اى: التجاوز منها الى العصيان ‌و‌ عدم الوقوف عليها بالاطاعه  
 
(و ‌لا‌ تستدرجنى) الاستدراج: التحريك درجه درجه، ‌و‌ المراد بالاستدراج
 
هنا ‌و‌ ‌فى‌ قوله: «سنستدرجهم ‌من‌ حيث ‌لا‌ يعلمون» ايكال العبد الى نفسه ليقدم نحو العصيان درجه درجه حتى يموت ‌و‌ قد هلك ‌و‌ استحق العقاب لتماديه ‌فى‌ العصيان (باملائك لى) الاملاء: القاء الكلام الى الطرف ‌و‌ المراد هنا املاء معاصى العبد حتى يكمل عصيانه ‌و‌ تنتهى مدته (و استدراج) اى: مثل استدراج (من منعنى خير ‌ما‌ عنده) بان ‌لا‌ يعطينى الخير (و لم يشركك ‌فى‌ حلول نعمته بى) اى: ‌و‌ لم يكن ذلك المانع مثلك حيث ‌ان‌ تعطينى نعمتك ‌و‌ تستدرجنى ‌و‌ هولا يعطينى النعم، ‌و‌ هذا الكلام كالاستعطاف ‌و‌ التذكر بان الاله تعالى يعطى النعمه للانسان فكيف يستدرجه ‌و‌ ‌هو‌ المنعم عليه، ‌و‌ انما يحق الاستدراج بالنسبه الى ‌من‌ يمنع خيره عن الانسان، فان المانع خيره لو كان محلا لان يستدرج الانسان فان معطى الخير يبعد منه ‌ان‌ يستدرج الانسان المنعم عليه، هذا ‌ما‌ نستفيده ‌من‌ ظاهر اللفظ، ‌و‌ قيل ‌فى‌ معناه غير ذلك  
 
(و نبهنى) اى: ايقظنى (من رقده الغافلين) اى: نومهم فكان الغافل نائم، لاشتراكهما ‌فى‌ عدم تطلبهما مصالحهما (و سنه) اول النوم (المسرفين) فان ‌من‌ اسرف كالانسان الذى اخذه النعاس ‌لا‌ يدرك مصالحه (و نعسه المخذولين) النعاس: النوم، ‌و‌ المخذول ‌هو‌ الذى تركه سبحانه يفعل ‌ما‌ يشاء ‌و‌ لم ينصره على الانسان
 
(و خذ بقلبى) اى: وجهه (الى ‌ما‌ استعملت ‌به‌ القانتين) اى: الخاضعين لاوامرك (و استعبدت
 
به المتعبدين) الاستعباد: طلب العباده ‌و‌ الطاعه، ‌و‌ المتعبد ‌هو‌ القائم بالعباده (و استنقذت ‌به‌ المتهاونين) اى: الذين تهاونوا ‌فى‌ طاعتك ‌و‌ ضعفوا عن القيام بحقوقك، فانقذتهم عن الهلكه الى الطاعه  
 
(و اعذنى) اى: احفظنى (مما يباعدنى عنك) فان العصيان يوجب بعد الانسان عن رضاه تعالى (و يحول بينى ‌و‌ بين حظى منك) فان المطيع له نعم ‌من‌ الله تعالى بخلاف العاصى (و يصدنى) اى: يمنعنى (عما احاول لديك) محاوله الامر تطلبه بشتى الوسائل، اى: اطلبه ‌من‌ عندك  
 
(و سهل لى مسلك الخيرات) اى: سلوك الطرق الموجبه للخير (اليك) بان اسلك تلك الطرق حتى اصل الى رضاك (و المسابقه اليها) بان اسابق سائر الناس كما قال تعالى: «فاستبقوا الى الخيرات» (من حيث امرت) اى: مسابقه ‌من‌ الطرق التى امرت بها ‌لا‌ مسابقه ‌من‌ غير وجهها (و المشاحه فيها) التشاح: التنازع ‌و‌ المراد هنا التنافس كما قال تعالى: «و ‌فى‌ ذلك فليتنافس المتنافسون» ‌و‌ قد ثبت انه ‌لا‌ ايثار ‌فى‌ الطاعه فمثلا ‌من‌ اراد السبق الى المسجد يسبق هذا قبله ‌و‌ هكذا ‌و‌ ضمير «فيها» راجع الى الخيرات (على ‌ما‌ اردت) اى: كما اردت  
 
(و ‌لا‌ تمحقنى) اى: ‌لا‌ تهلكنى ‌من‌ المحق بمعنى البطلان (فيمن تمحق
 
من المستخفين بما اوعدت) فان ‌من‌ استخف بعذاب الله تعالى فلم يطعه هلك  
 
(و ‌لا‌ تهلكنى) المراد بالهلاك: العقاب ‌و‌ العذاب (مع ‌من‌ تهلك) ‌و‌ تعذب (من المتعرضين لمقتك) اى: غضبك ‌و‌ التعرض لمقته انما يكون بالعصيان  
 
(و ‌لا‌ تتبرنى) اى: ‌لا‌ تهلكنى فان التتبير بمعنى الاهلاك قال تعالى: «و ليتبروا ‌ما‌ علوا تتبيرا» (فيمن تتبر) اى: ‌فى‌ جمله الهالكين (من المنحرفين عن سبيلك) اى: دينك  
 
(و نجنى) ‌يا‌ رب (من غمرات الفتنه) جمع غمره، ‌و‌ هى الشده التى تشتمل على الانسان ‌و‌ تغمره ‌من‌ راسه الى رجله (و خلصنى ‌من‌ لهوات البلوى) البلوى بمعنى الابتلاء، ‌و‌ لهوات جمع لهات ‌و‌ ‌هو‌ اللحمه المتدليه ‌فى‌ الحلق، اى: ‌لا‌ تجعلنى ‌فى‌ حلوق الابتلاء حتى يشملنى البلاء ‌من‌ كل جوانبى (و اجرنى) ‌من‌ الاجاره بمعنى احفظنى (من اخذ الاملاء) ‌من‌ الاخذ الذى ‌هو‌ بنحو الاملاء بمعنى كتابه العصيان حتى تنتهى مده الانسان ‌و‌ يواخذ بذنبه  
 
(و حل) ‌من‌ حال يحول بمعنى صار فاصله (بينى ‌و‌ بين عدو يضلنى) المراد بالعدو
 
اعم ‌من‌ الشيطان ‌و‌ سائر الاصدقاء الذين يضلون الانسان (و هوى) اى: ميل النفس نحو الباطل الذى (يوبقنى) اى: يهلكنى، يقال: اوبقه بمعنى اهلكه (و منقصه) اى: نقص ‌فى‌ دين ‌او‌ دنيا (ترهقنى) اى: يوجب العسر على، قال تعالى: «و ‌لا‌ ترهقنى ‌من‌ امرى عسرا»
 
(و ‌لا‌ تعرض عنى اعراض ‌من‌ ‌لا‌ ترضى عنه بعد غضبك) فانه ربما يعصى الشخص معصيه ‌لا‌ يستحق بعدها رضى الله تعالى ابدا ‌و‌ ربما يعصى ‌ما‌ يوجب غضبه لكنه غضب يرضى بعده، ‌و‌ المعنى: اذا اردت الغضب على فلا تغضب بالقسم الاول ‌من‌ الغضب الذى ‌لا‌ ترضى بعد غضبك عنى  
 
(و ‌لا‌ تويسنى ‌من‌ الامل) ‌و‌ الرجاء (فيك) فان الانسان ربما يذنب ذنبا يوجب ياسه عن رحمته تعالى، ‌و‌ الياس ‌من‌ رحمته معصيه كبيره فانه ‌لا‌ يياس ‌من‌ روح الله الا القوم الكافرون (فيغلب على) عوض الرجاء (القنوط ‌من‌ رحمتك) ‌و‌ ‌من‌ يقنط ‌من‌ رحمه ربه الا الضالون؟
 
(و ‌لا‌ تمنحنى) ‌من‌ المنحه بمعنى العطاء فان النعم ربما كانت موجبه للطغيان كما قال تعالى: «ان الانسان ليطغى ‌ان‌ رآه استغنى» اى: ‌لا‌ تطنى (بما ‌لا‌ طاقه لى به) فيسبب ذلك العطاء طغيانى (فتبهظنى) اى: تثقلنى (مما تحملنيه) اى: تجعله حملا على (من فضل محبتك) اى: نعمتك التى هى فضل منك
 
و حب لى  
 
(و ‌لا‌ ترسلنى ‌من‌ يدك) كما يرسل الانسان عبده ‌او‌ دابته ‌او‌ طيره اذا لم يرجع فيه نفعا (ارسال ‌من‌ ‌لا‌ خير فيه ‌و‌ ‌لا‌ حاجه بك اليه) ‌و‌ الارسال هنا كنايه عن الخذلان ‌و‌ الترك بلا رعايه زائده ‌و‌ لطف (و ‌لا‌ انابه له) اى: ‌لا‌ رجوع له الى الطاعه  
 
(و ‌لا‌ ترم بى) يقال: رماه، اذا لفظه ‌و‌ اقصاه (رمى ‌من‌ سقط ‌من‌ عين رعايتك) بان ‌لا‌ تريد ‌ان‌ ترعاه ‌و‌ تلطف ‌به‌ فترميه ‌و‌ تتركه (و ‌من‌ اشتمل عليه الخزى) ‌و‌ الخذلان (من عندك) بان تركته ‌و‌ شانه (بل خذ بيدى) كنايه ‌من‌ الحفظ عن العصيان (من سقطه المتردين) اى: سقوط الذى يرتد عن طريقك (و وهله) بمعنى الغفله ‌و‌ الغلطه (المتعسفين) ‌من‌ تعسف بمعنى خبط ‌و‌ خلط على غير هدايه (و زله المغرورين) اى: سقوطهم فان المغرور المخدوع ‌لا‌ يهتم بشانه ‌و‌ لذا يسقط (و ورطه الهالكين) الورطه: الهلاكه  
 
(و عافنى مما ابتليت ‌به‌ طبقات عبيدك ‌و‌ امائك) جمع امه بمعنى الوصيفه، اى. مختلف صنوف الرجال ‌و‌ النساء، ‌و‌ المراد بالعافيه الاعم ‌من‌ الدنيويه ‌و‌ الاخرويه
 
(و بلغنى مبالغ ‌من‌ عنيت به) اى: وصلنى الى الدرجات العاليه التى اوصلت اليها ‌من‌ اعتنيت بشانه (و انعمت عليه) بنعمتك (و رضيت عنه) لعمله الصالح (فاعشته حميدا) اى: جعلت له عيشا حميدا محمودا (و توفيته سعيدا) اى: امته ‌فى‌ حال كونه مع السعاده ينال الجنه ‌و‌ الرضوان  
 
(و طوقنى) اى: اجعل الطوق ‌فى‌ عنقى (طوق الاقلاع عما يحبط الحسنات) بان ‌لا‌ اعمل عملا يوجب حبط حسناتى ‌و‌ بطلانها (و يذهب بالبركات) بان يكون عدم السيئه الموجبه لذين الامرين، كالطوق ‌فى‌ عنقى اعرف ‌به‌ لدى الناس ‌و‌ الملائكه، كما يعرف الانسان ذو الطوق بالطوق الذى ‌فى‌ عنقه  
 
(و اشعر قلبى الازدجار) اى: ادخل ‌فى‌ قلبى الشعور بان يزدجر ‌و‌ ينتهى (عن قبائح السيئات) ‌من‌ اضافه الصفه الى الموصوف اى: السيئات القبيحه (و فواضح الحوبات) الحوبه بمعنى المعصيه اى: المعاصى الموجبه للفضيحه لدى الناس ‌و‌ الملائكه  
 
(و ‌لا‌ تشغلنى بما ‌لا‌ ادركه الا بك) كالرزق ‌و‌ نحوه فانه ‌لا‌ يدركه الانسان ‌و‌ ‌لا‌ يصل اليه الا بسببه تعالى (عمالا يرضيك عنى غيره) اى: العمل الصالح فان الله تعالى ‌لا‌ يرضيه عن الانسان الا
 
ان يعمل الصالحات، ‌و‌ المعنى ‌لا‌ تشغلنى بطلب الرزق عن الاعمال الصالحه بل اكفنى الرزق حتى اشتغل بالاعمال الصالحه  
 
(و انزع ‌من‌ قلبى حب دنيا دنيه) ‌من‌ الدنائه: بمعنى عدم القيمه ‌و‌ الوضاعه (تنهى) تلك الدنيا (عما عندك) ‌من‌ المثوبات (و تصد) اى: تمنع (عن ابتغاء الوسيله اليك) اى: طلب الشى ء الموجب للقرب الى رضاك (و تذهل) اى: توجب الذهول ‌و‌ الغفله (عن التقرب منك) قرب الرضى ‌و‌ الشرف، ‌لا‌ قرب الزمان ‌و‌ المكان لتنزهه سبحانه عنهما
 
(و زين لى التفرد بمناجاتك) ‌ان‌ اخلو بنفسى ‌لا‌ ناجيك (بالليل ‌و‌ النهار) فان المفاجاه بالانفراد لها حلاوه زائده ‌و‌ مثوبه عظيمه  
 
(وهب لى عصمه تدنينى ‌من‌ خشيتك) فان الانسان الذى عصمه الله ‌و‌ حفظه ‌من‌ الاثام يقترب ‌من‌ خشيه الله تعالى (و تقطعنى عن ركوب محارمك) اى: توجب ‌ان‌ انقطع عن المعاصى، ‌و‌ المحارم جمع محرم بمعنى الشى ء المحظور الممنوع (و تفكنى ‌من‌ اسر العظائم) اى: ‌لا‌ اكون اسير لعظائم الذنوب، كالذى اعتادها فانه اسير لها
 
(وهب لى التطهير ‌من‌ دنس العصيان) فان للمعصيه قذاره نفسيه، فاذا محى الله الذنب طهر الانسان
 
 
عن تلك القذاره (و اذهب عنى درن الخطايا) الدرن: القذاره ‌و‌ النجاسه فان للاخطاء قذاره على النفس (و سربلنى بسربال عافيتك) السربال: القميص، كان العافيه حيث تشتمل على الجسد كله قميص يلبسه الانسان (و ردنى رداء معافاتك) اى: اجعل عفوك عنى بمنزله الرداء لى (و جللنى) اى: اغمرنى (سوابغ نعمائك) اى: نعمائك السابغه الواسعه (و ظاهر لدى) اى: تابع على (فضلك ‌و‌ طولك) الطول: النعمه ‌و‌ الاحسان  
 
(و ايدنى) اى: قونى ‌من‌ التاييد بمعنى التقويه ‌و‌ التوفيق (بتوفيقك ‌و‌ تسديدك) بان توفقنى للاعمال الصالحه ‌و‌ تسددنى اى: تحفظنى عن الخطاء (و اعنى على صالح النيه) بان تكون نواياى صالحه ‌لا‌ اريد عصيانا ‌و‌ ‌لا‌ فسادا (و مرضى القول) اى: القول المرضى لك (و مستحسن العمل) اى: العمل الحسن لديك (و ‌لا‌ تكلنى) اى: ‌لا‌ تذرنى، ‌من‌ ‌و‌ كله (الى حولى) اى: ارادتى (و قوتى دون حولك ‌و‌ قوتك) بان تقطعهما عنى  
 
(و ‌لا‌ تخزنى) اى: ‌لا‌ تهزلنى ‌و‌ ‌لا‌ تفضحنى (يوم تبعثنى للقائك) اى:
 
لقاء احسانك ‌و‌ جزائك ‌و‌ المراد ‌فى‌ القيامه (و ‌لا‌ تفضحنى بين يدى اوليائك) ‌و‌ الفضيحه كشف ستر الانسان حتى يظهر باطنه السى ء ‌و‌ اعماله التى كان يخفيها عن الناس (و ‌لا‌ تنسنى ذكرك) حتى ‌لا‌ اذكرك (و ‌لا‌ تذهب) اى: ‌لا‌ تبعد (عنى شكرك) حتى ‌لا‌ اشكرك (بل الزمنيه) اى: الذكر ‌و‌ الشكر، ‌و‌ المراد كل واحد منهما نحو قوله سبحانه: «فانظر الى طعامك ‌و‌ شرابك لم يتسنه» (فى احوال السهو) الذى يعتاد الانسان على السهو ‌فى‌ تلك الاحوال (عند غفلات الجاهلين لالائك) اى: عندما يغفل لنعمك، فالاء جمع «الى» بمعنى النعمه (و اوزعنى) اى: اقسم لى (ان اثنى بما ‌او‌ ليتنيه) اى: امدحك بما اعطيتنيه ‌من‌ النعم، يقال: «اولاه» اذا اعطاه (و اعترف بما اسديته) الاسداء: ايصال العطاء الى الانسان (الى) ‌من‌ الاحسان  
 
(و اجعل رغبتى اليك فوق رغبه الراغبين) بان اكون راغبا الى ثوابك ‌و‌ رضاك اكثر ‌من‌ رغبه غيرى (و حمدى اياك فوق حمد الحامدين) بان احمدك اكثر ‌من‌ حمد غيرى لك  
 
(و ‌لا‌ تخذلنى عند فاقتى) ‌و‌ حاجتى (اليك ‌و‌ ‌لا‌ تهلكنى بما اسديته اليك) الاسداء
 
بمعنى الاعطاء، كان المذنب يعطى ذنبه الى الله تعالى، ‌و‌ سمى اسداءا ‌من‌ باب المقابله، ‌و‌ الا فالاصل ‌فى‌ الاسداء الاحسان (و ‌لا‌ تجبهنى) اى: ‌لا‌ تضرب بجبهتى لردى (بما جبهت ‌به‌ المعاندين لك) اى: الذين يخالفونك عن عمد ‌و‌ عناد.
 (فانى لك) ‌يا‌ رب (مسلم) امرى (اعلم ‌ان‌ الحجه لك) على (و انك اولى بالفضل) ‌من‌ كل احد (و اعود بالاحسان) اى: اكثر عودا ‌و‌ اعاده (و اهل التقوى) اى: اهل لان يتقى منك ‌و‌ يخشى الانسان عقابك (و اهل المغفره) اى: اهل لان تغفر ذنب المذنبين.
 (و انك بان تعفو اولى منك بان تعاقب) ‌و‌ وجه الاولويه ‌ان‌ العقاب تبعى بخلاف العفو فانه اصلى مع انه تعالى سبقت رحمته غضبه كما ‌فى‌ الاحاديث (و انك بان تستر) على المذنبين ذنوبهم (اقرب منك الى ‌ان‌ تشهر) اى: تشهرهم ‌و‌ تفضحهم.
 
(فاحينى) ‌يا‌ رب (حياه طيبه) فيه طيب الدنيا ‌و‌ سعاده الاخره (تنتظم بما اريد) تلك الحياه ‌من‌ الامور النافعه (و تبلغ ‌ما‌ احب ‌من‌ حيث ‌لا‌ اتى ‌ما‌ تكره) اى: تسبب تلك الحياه نظم ارادتى ‌و‌ بلوغ آمالى التى ‌لا‌
 
تكون مكروهه لك (و ‌لا‌ ارتكب ‌ما‌ نهيت عنه) ‌من‌ انواع المعاصى ‌و‌ الاثام (و امتنى) وقت موتى (ميته ‌من‌ يسعى نوره بين يديه ‌و‌ عن يمينه) فان المحشر مظلم ‌و‌ كل انسان صالح ينور امامه بسبب جبهته ‌و‌ ينور يمينه بسبب كتابه الذى بيمناه، كما قال سبحانه: «يسعى نورهم بين ايديهم ‌و‌ بايمانهم» ‌و‌ لفظه السعى، باعتبار ‌ان‌ الانسان اذا حشر تقدم النور كالساعى.
 
(و ذللنى) ‌يا‌ رب (بين يديك) اى: امامك، ‌و‌ المراد حين اقف لعبادتك ‌و‌ مناجاتك، ‌و‌ حين اتوجه بقلبى اليك، ‌و‌ الا فليس له سبحانه امام ‌و‌ خلف (و اعزنى) اى: اجعلنى عزيزا (عند خلقك) ليحترمونى (وضعنى) ‌من‌ الوضع بمعنى الذله، بان ارى وضيعا ذليلا (اذا خلوت بك) للطاعه ‌و‌ المناجاه.
 (و ارفعنى بين عبادك) حتى يرونى رفيعا عظيما (و اغننى عمن ‌هو‌ غنى عنى) اى: عن الخلق فان الخلق محتاجون الى الله تعالى ‌لا‌ الى مخلوق مثلهم، ‌او‌ المراد الغنى عن الشخص الذى ‌فى‌ غنى عن الراعى فان الاحتياج اذا كان الى غنى عنك كان اصعب ‌من‌ الاحتياج الى محتاج اليك.
 (و زدنى اليك فاقه ‌و‌ فقرا) الفاقه اشد الفقر، ‌و‌ المعنى اشعر قلبى
 
الاحتياج الشديد اليك فان الانسان ‌لا‌ يدرك قدر احتياجه الى الله تعالى  
 
(و اعذنى) اى: احفظنى (من شماته الاعداء) بان تبلنى ببلاء يوجب شماتتهم (و ‌من‌ حلول البلاء) اى: تحل ‌بى‌ البلاء (و ‌من‌ الذل ‌و‌ العناء) اى: التعب (تغمدنى) اى: اشملنى برحمتك (فيما اطلعت عليه منى) ‌من‌ المعاصى، بان تغفرها لى غفرانا يشتمل على (بما يتغمد ‌به‌ القادر على البطش لو ‌لا‌ حلمه) فان القادر على البطش- لو ‌لا‌ حلمه- يتغمد المذنب بالعفو. فتغمدنى ‌يا‌ رب بالمغفره، مثل تغميدى الباطش بالعقاب ‌و‌ النكال (و الاخذ على الجريره) اى: الجرم (لو ‌لا‌ اناته) ‌و‌ صبره  
 
(و اذا اردت) ‌يا‌ رب (بقوم فتنه ‌او‌ سوءا) لعل المراد بالفتنه: الضلال، ‌و‌ ارادته سبحانه بعد الارشاد، كما قال سبحانه: «و اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له» (فنجنى منها) اى: ‌من‌ تلك الفتنه (لواذا بك) اى: التجاءا بك، اى: التجى ء بك التجاءا ‌ان‌ تنجنى ‌من‌ تلك الفتنه ‌و‌ السوء.
 (و اذ لم تقمنى مقام فضيحه ‌فى‌ دنياك) بان تفضلت على بعدم فضيحتى ‌و‌ انا ‌فى‌ الدنيا (فلا تقمنى مثله ‌فى‌ آخرتك) فلا تفضحنى بكشف
 
ذنوبى هناك.
 
(و اشفع لى اوائل مننك باواخرها) اى: اجعل اوائل النعم شفعا ‌و‌ مقترنه باواخرها، كنايه عن عدم انقطاع النعمه بل دوامها (و قديم فوائدك بحوادثها) حتى ‌لا‌ تنقطع الفوائد بل تتلو حادثاتها ‌ما‌ تقدم منها (و ‌لا‌ تمدد لى) ‌فى‌ نعمك (مدا يقسو معه قلبى) فان الانسان ليطغى ‌ان‌ رآه استغنى.
 
(و ‌لا‌ تقرعنى قارعه) القارعه: هى المصيبه الشديده التى تقرع الانسان ‌و‌ تدقه (يذهب لها بهائى) اى. جمالى ‌و‌ رونقى (و ‌لا‌ تسمنى خسيسه) سامه الخسف: اذا اذله، ‌و‌ اورد الذل عليه، ‌و‌ المراد بالخسيسه الصفه الدنيئه (يصغر لها) اى: لتلك الخسيسه (قدرى) عند الناس (و ‌لا‌ نقيصه يجهل ‌من‌ اجلها مكانى) اى: يجهل الناس قدرى ‌و‌ مكانتى لاجل تلك الصفه المنقصه لى (و ‌لا‌ ترعنى) اى: ‌و‌ ‌لا‌ تخفنى يقال: راعه، اذا اخافه (روعه ابلس بها) الابلاس: الاياس، اى: اكون آيسا بسببها ‌من‌ رحمتك فان الانسان اذا احتف ‌به‌ الخوف يقنط منه تعالى (و ‌لا‌ خيفه) اى: ‌لا‌ تخفنى خيفه (اوجس) اى: يشتد خوفى (دونها) اى:
 
عندها، قال تعالى: «فاوجس منه خيفه».
 (اجعل) اللهم (هيبتى ‌فى‌ وعيدك) بان اخاف ‌من‌ عقابك ‌و‌ عذابك فاعمل صالحا (و حذرى) اى: خوفى (من اعذارك ‌و‌ انذارك) الاعذار: تقديم العذر الى الغير حتى اذا خالف كان مستحقا للعقاب، ‌و‌ الانذار: تخويفه بانه ‌ان‌ خالف عوقب (و رهبتى) اى: خوفى (عند تلاوه آياتك) بان اخاف حين اقراء القرآن.
 
(و اعمر ليلى بايقاظى فيه) اى: بان توقظنى ‌من‌ النوم (لعبادتك) فان العباده ‌فى‌ الليل لها ثواب عظيم (و تفردى بالتهجد لك) التهجد: العباده ليلا (و تجردى بسكونى اليك) بان اتجرد عن الناس ‌و‌ عن سائر ‌ما‌ ‌فى‌ الكون ‌و‌ اسكن عند بابك.
 (و انزال حوائجى بك) فلا اطلبها ‌من‌ الناس (و منازلتى اياك) يقال: نازلته، اذا راجعته (فى فكاك رقبتى ‌من‌ نارك) اى: اراجعك حتى تعفو عنى (و اجارتى) بان تجيرنى ‌و‌ تومننى (مما فيه) اى: ‌من‌ الشى ء الذى ‌فى‌ ذلك الشى ء (اهلها) اى: اهل النار (من عذابك) بيان «ما».
 
(و ‌لا‌ تذرنى) اى: ‌لا‌ تخلنى (فى طغيانى عامها) العمه: اشد العمى (و ‌لا‌ ‌فى‌ غمرتى) الغمره: ‌ما‌ يغمر الانسان ‌من‌ الشده، ‌و‌ المراد هنا الغفله (ساهيا) اى: اسهو عنك (حتى حين) اى: حين حلول المنيه اشاره الى قوله تعالى: «فذرهم ‌فى‌ غمرتهم حتى حين».
 (و ‌لا‌ تجعلنى عظه) اى: موعظه (لمن اتعظ) بان تحل على العقوبه حتى يتعظ ‌بى‌ غيرى (و ‌لا‌ نكالا) ‌و‌ عقابا (لمن اعتبر) بان تنكل ‌بى‌ حتى يعتبر غيرى (و ‌لا‌ فتنه لمن نظر) بان يفتتن ‌من‌ نظر الى فان الناس اذا راوا المسرفين ‌و‌ اهل الدنيا افتتنوا بهم.
 (و ‌لا‌ تمكر ‌بى‌ فيمن تمكر به) بان تعالج معالجه خفيه ‌لا‌ لقائى ‌فى‌ الهلكه.
 (و ‌لا‌ تستبدل ‌بى‌ غيرى) بان تجعل غيرى مكانى.
 (و ‌لا‌ تغير لى اسما) بان تمحوه ‌من‌ ديوان السعداء ‌و‌ تثبته ‌فى‌ ديوان الاشقياء (و ‌لا‌ تبدل لى جسما) بان تحل على عقوبتك حتى يصير منظرى كريها.
 (و ‌لا‌ تتخذنى هزوا) اى: ماده استهزاء (لخلقك) بان يستهزءوا
 
بى (و ‌لا‌ سخريا لك) بان تعاملنى معامله المتمسخر كما ورد ‌فى‌ قوله تعالى: «الله يستهزء بهم» (و ‌لا‌ تبعا الا لمرضاتك) بان ‌لا‌ اتبع ‌ما‌ يوجب سخطك (و ‌لا‌ ممتهنا) اى: حقيرا ذليلا ‌او‌ بمعنى مبتذلا ‌فى‌ الخدمه (الا بالانتقام لك) اى: الا بسبب الانتقام لك ‌من‌ اعدائك، فالانتقام يوجب ذله المنتقم، ‌او‌ المراد: ‌لا‌ ابذل نفسى الا بالانتقام.
 
(و اوجدنى برد عفوك) فان العفو يوجب بردا على قلب الانسان بخلاف الانتقام الذى يوجب الخوف الموجب لغليان الدم الموجب للحراره (و حلاوه رحمتك) المراد: الحلاوه النفسيه (و روحك) الروح: الهواء الطيب (و ريحانك) الريحان: النبت ذو الرائحه الطيبه (و جنه نعيمك) اى: الجنه ذات النعيم ‌و‌ النعمه (و اذقنى طعم الفراغ لما تحب) بان اكون فارغا حتى اعمل فيه ‌ما‌ تحب (بسعه ‌من‌ سعتك) اى: يكون الفراغ بان تهبنى سعه ‌من‌ الوقت (و الاجتهاد) بان توفقنى لان اجتهد ‌و‌ اتعب (فيما يزلف) اى: يقرب (لديك) قرب الشرف ‌و‌ الرضا (و عندك) «لدى» احضر ‌من‌ «عند» فاذا كان مال زيد غائبا، يقال: عنده مال، ‌و‌ ‌لا‌ يقال: لديه مال، ‌و‌ كان المراد هنا: الاقتراب الى رحمته القريبه
 
و البعيده.
 (و اتحفنى) اى: اعطنى التحفه ‌و‌ هى الشى ء الثمين الذى يهدى الى الانسان (بتحفه ‌من‌ تحفاتك) ‌و‌ المراد بالتحفه: الجنس، نحو ربنا آتنا ‌فى‌ الدنيا حسنه.
 
(و اجعل تجارتى) المراد تجاره الاخره كما قال تعالى: «تجاره لن تبور» (رابحه) اى: ذات ربح (و كرتى) اى: رجوعى اليك (غير خاسره) فلا اخسر بالعقاب بل انال الثواب.
 (و اخفنى مقامك) ‌من‌ الاخافه اى: اجعلنى اخاف ‌من‌ مقامك ‌و‌ المراد الحساب كما قال تعالى: «لمن خاف مقام ربه جنتان» ‌و‌ الاصل فيه مقام الحاكم للمحاكمه.
 (و شوقنى لقائك) بان اشتاق الى الاخره التى فيها لقاء ثوابك:
 (وتب على توبه نصوحا) اى: عد على ‌يا‌ رب عودا خالصا ‌من‌ الانتقام، فان التوبه بمعنى الرجوع (لا تبق معها) اى: مع تلك التوبه (ذنوبا صغيره ‌و‌ ‌لا‌ كبيره) الا محوتها ‌و‌ غفرتها (و ‌لا‌ تذر معها) اى: ‌لا‌ تبق مع تلك التوبه معصيه (علانيه ‌و‌ ‌لا‌ سريره) اى: تمحو ‌ما‌ اعلنت ‌و‌ اخفيت ‌من‌ عصيانك.
 
(و انزع الغل) اى: الحقد ‌و‌ الحسد (من صدرى للمومنين) اشاره لقوله تعالى: «لا تجعل ‌فى‌ قلوبنا غلا للذين امنوا».
 (و اعطف بقلبى على الخاشعين) اى: امل قلبى نحو الذين يخافونك حتى احبهم.
 (و ‌كن‌ لى) ‌يا‌ رب (كما تكون للصالحين) ‌من‌ عبادك ‌من‌ اللطف ‌و‌ الاحسان ‌و‌ سائر اقسام الافضال (و حلنى حليه المتقين) اى: اجعلنى متحليا بما يتحلى ‌به‌ المتقون ‌من‌ الطاعه ‌و‌ العباده.
 (و اجعل لى لسان صدق ‌فى‌ الغابرين) اى: الاتين ‌من‌ بعدى اى: ثناءا حسنا، فان المراد باللسان: الكلام بعلاقه الحال ‌و‌ المحل، ‌و‌ المراد بالصدق: الجوده، فان كل شى ء ردى ء ‌هو‌ انحراف عن الجوده فالجيد صدق ‌و‌ الردى ء كذب (و ذكرا ناميا) اى: ينمو مدى الاجيال (فى الاخرين) ‌فى‌ مقابل الاولين، ‌و‌ المراد الذين ياتون ‌من‌ بعدى (و واف بى) اى: انتقل ‌بى‌ (عرصه الاولين) اى: ساحتهم، ‌و‌ هذا كنايه عن الالحاق بهم ‌فى‌ منزلتهم بان اكون على درجتهم.
 
(و تمم سبوغ نعمتك على) اى: سعه النعمه ‌و‌ تمامها الانتهاء ‌فى‌
 
السعه (و ظاهر) اى: واتر، فان المظاهره كون البعض ظهر بعض (كراماتها لدى) اى: كرامات النعم بان تاتى كرامه اثر كرامه (املاء ‌من‌ فوائدك يدى) كنايه عن اعطاء النعم (وسق) ‌من‌ ساق يسوق (كرائم مواهبك) اى: مواهبك الكريمه (الى) اى: نحوى.
 (و جاور بى) اى: اجعلنى جارا الى (الاطيبين ‌من‌ اوليائك) اى: الاكثر طيبا ‌من‌ الاولياء، ‌و‌ المراد: اقربهم اليه تعالى (فى الجنان التى زينتها لاصفيائك) جمع صفى ‌و‌ ‌هو‌ الذى اصطفاه سبحانه (و جللنى) اى: اسبغ على، يقال: جلله اذا غمره بالعطاء ‌و‌ نحوه (شرائف نحلك) النحله: العطيه، ‌و‌ شريف العطيه ‌ما‌ يوجب شرف المعطى له (فى المقامات المعده لاحبائك) بان تعطينى النحله ‌فى‌ تلك المقامات ‌و‌ ‌لا‌ يكون ذلك الا بان يكون الانسان ‌من‌ اهل تلك المقامات.
 
(و اجعل لى عندك مقيلا) اى: محل القيلوله، ‌و‌ هى الاستراحه (آوى اليه) اى: انزل اليه ‌و‌ اتخذه ماوى ‌و‌ محلا ‌فى‌ حال كونى (مطمئنا) ‌لا‌ اخاف التحول ‌و‌ الاضطراب (و مثابه) اى: محل ثواب ‌و‌ رجوع اليه (اتبووها) اى: اتخذها محلا، يقال: تبوا الدار: اذا اتخذها مسكنا
 
(و اقر عينا) بان تستقر عينى بذلك المنزل، ‌لا‌ ‌ان‌ تضطرب كما تضطرب عين الخائف هنا ‌و‌ هناك ليجد النجاه ‌و‌ الملجاء (و ‌لا‌ تقايسنى) اى: ‌لا‌ تواخذنى (بعظيمات الجرائر) اى: الجرائر العظيمه التى ارتكبتها، ‌و‌ الجريره بمعنى الجريمه (و ‌لا‌ تهلكنى يوم تبلى) اى: تظهر ‌و‌ تختبر (السرائر) جمع سريره اى: ‌ما‌ اسرته الناس ‌من‌ الحسنات ‌و‌ السيئات (و ازل عنى كل ‌شك‌ ‌و‌ شبهه) حتى ‌لا‌ اشك ‌فى‌ دينك ‌و‌ ‌لا‌ يشتبه على الحق بالباطل (و اجعل لى ‌فى‌ الحق طريقا ‌من‌ كل رحمه) بان انال كل رحمه ‌من‌ طريق الحق، ‌لا‌ كالذين ينالون المال ‌و‌ ‌ما‌ اشبه ‌من‌ طريق الباطل (و اجزل) اى: اعظم (لى قسم المواهب ‌من‌ نوالك) اى: الهبات التى تقسمها ‌من‌ عطائك (و وفر) اى: كثر (على حظوظ الاحسان ‌من‌ افضالك) اى: احسانك ‌و‌ اعطائك  
 
(و اجعل قلبى واثقا بما عندك) حتى اتيقن بثوابك (و همى مستفرغا) اى: فارغا ‌من‌ كل شغل (لما ‌هو‌ لك) ‌من‌ الطاعه ‌و‌ العباده بان يفرغ همى لعبادتك (و استعملنى بما تستعمل ‌به‌ خالصتك)
 
اى: اجعل لى عمل خلصاثك ‌و‌ ‌هو‌ الطاعه فاعمل كما يعملون.
 (و اشرب قلبى) اى: اجعله كانه شرب ‌و‌ صار جزءا منه، ‌من‌ قوله: «و اشربوا العجل ‌فى‌ قلوبهم» (عند ذهول العقول) ‌و‌ غفلتها (طاعتك) مفعول «اشرب».
 (و اجعل لى الغنى ‌و‌ العفاف) ‌و‌ ‌هو‌ التوسط ‌فى‌ البذل ‌و‌ تناول المشتهيات اذ ‌من‌ الغالب ‌ان‌ يفرط الغنى ‌و‌ يسرف (و الدعه) السعه ‌فى‌ العيش (و المعافات) عن الاثام اذ السعه غالبا توجب اقتراف الاثام (و الصحه ‌و‌ السعه) فان السعه غالبا تلازم الامراض (و الطمانينه ‌و‌ العافيه) فان المعافى غالبا قلق ‌لا‌ يطمئن.
 
(و ‌لا‌ تحبط) اى: تمحق ‌و‌ تذهب (حسناتى بما يشوبها ‌من‌ معصيتك) فان المعصيه توجب احباط الحسنات (و ‌لا‌ خلواتى) اى: حالات خلوتى (بما يعرض لى ‌من‌ نزغات فتنتك) نزغات: جمع نزغه ‌و‌ هى نخسه الشيطان فان الانسان اذا خلى غلبت عليه النزغات غالبا، ‌و‌ هذه الوساوس توجب الفتنه ‌و‌ البليه.
 (وصن) اى: احفظ (وجهى عن الطلب الى احد ‌من‌ العالمين)
 
حتى ‌لا‌ اطلب احدا (و ذبنى) ‌من‌ الذب بمعنى الدفع (عن التماس ‌ما‌ عند الفاسقين) حتى اطلب ‌ما‌ عندهم.
 
(و ‌لا‌ تجعلنى للظالمين ظهيرا) اى: معاونا ‌و‌ نصيرا (و ‌لا‌ لهم على محو كتابك) فان اجراء سائر الاحكام يوجب محو احكام الكتاب (يدا ‌و‌ نصيرا) فلا انصرهم على ذلك (و حطنى) ‌من‌ حاطه اذا حفظه (من حيث ‌لا‌ اعلم) اى: ‌من‌ الافات ‌و‌ المكاره التى ‌لا‌ اعلمها (حياطه تقينى) ‌و‌ تحفظنى ‌من‌ الوقايه (بها) ‌من‌ كل مكروه:
 (و افتح لى ابواب توبتك ‌و‌ رحمتك) حتى اوفق للتوبه ‌و‌ تصلنى الرحمه (و رافتك ‌و‌ رزقك الواسع) لعل الرافه اخص ‌من‌ الرحمه (انى اليك) ‌يا‌ رب (من الراغبين) الطالبين لما لديك.
 (و اتمم لى انعامك) فلا تكون نعمه لدى ناقصه (انك خير المنعمين) الذين ينعمون على الانسان.
 
(و اجعل باقى عمرى ‌فى‌ الحج ‌و‌ العمره) بان آتى بهما، ‌و‌ ليس المعنى دوامهما (ابتغاء وجهك) اى: آتى بهما لاجلك.
 
(يا رب العالمين ‌و‌ صلى الله على محمد ‌و‌ آله الطيبين الطاهرين) الجمله الخبريه ‌فى‌ معنى الانشاء اى: اللهم صل عليهم.
 (و السلام عليه ‌و‌ عليهم ابد الابدين) اى: الى ابد الابد فان آبد تاكيد للابد، كما ‌ان‌ اليل تاكيد لليل، ‌و‌ المعنى: ‌ان‌ تكون السلامه ‌و‌ التحيه مستمره لهم الى ‌ما‌ ‌لا‌ نهايه له.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

و كان من دعائه علیه السلام فى یوم عرفه
و كان من دعائه علیه السلام فى التذلل لله عز و ...
و كان من دعائه علیه السلام اذا اعترف بالتقصیر عن ...
و كان من دعائه علیه السلام بعد الفراغ من صلوه ...
و كان من دعائه علیه السلام اذا دخل شهر رمضان
و كان من دعائه علیه السلام فى الالحاح على الله ...
و كان من دعائه علیه السلام فى استكشاف الهموم
و كان من دعائه علیه السلام فى التضرع و ...
و كان من دعائه علیه السلام فى الزهد
و كان من دعائه علیه السلام فى دفاع كید الاعداء ...

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^