و كان من دعائه عليه السلام اذا قتر عليه الرزق
(اللهم انك ابتليتنا فى ارزاقنا بسوء الظن) اى: القنوط من رحمتك فان الانسان اذا قتر عليه رزقه ظن سوءا بالاقدار و قنط من رحمه الله تعالى و الابتلاء بمعنى الامتحان (و فى آجالنا بطول الامل) فان الانسان يامل ان يبقى فى الدنيا كثيرا (حتى التمسنا) اى: طلبنا (ارزاقك) التى انت تعطيها (من عند المرزوقين) حيث قنطنا من اعطائك (و طمعنا بامالنا) اى: بسبب املنا فى البقاء (فى اعمار المعمرين) بان نعمر كعمرهم.
(فصل على محمد و آله وهب لنا يقينا صادقا) من اعماق القلب، لا يقينا سطحيا لم يدخل القلب (تكفينا به) اى: بسبب ذلك اليقين (من موونه الطلب) فان المتيقن بان الارزاق من قسمته سبحانه، لا يطلب اكثر مما اقر الله سبحانه (و الهمنا) الالهام: الالقاء فى القلب (ثقه خالصه)
بك، بحيث لا يشوبها شك (تعفينا بها من شده النصب) اى: التعب الشديد وراء الرزق
(و اجعل) يا رب (ما صرحت به من عدتك) اى: وعدك (فى وحيك) على الرسول ثم (و اتبعته) اى: اتبعت ذلك التصريح (من قسمك) و حلفك (فى كتابك) القرآن الحكيم (قاطعا لاهتمامنا بالرزق) حتى لا نهتم به فوق القدر الذى قررت من الطلب و الاكتساب، و المراد بهذه الجمل قطع الحرص فى الطلب، لا اصل الطلب كما لا يخفى فقد امر سبحانه بذلك حيث قال: «فانتشروا فى الارض و ابتغوا من فضل الله» و اشباه ذلك (الذى تكلفت به) اى: تعهدت ان تتفضل به على عبادك (و حسما) اى: قطعا (للاشتغال) بان نشتغل (بما ضمنت الكفايه له) حتى لا نشتغل بطلب انت ضامن بان تكفيه
(فقلت) فى القرآن الحكيم (و قولك الحق الاصدق) الذى لا صدق فوقه (و اقسمت و قسمك الابر الاوفى) البر فى القسم الاتيان بمتعلقها فى الخارج و الاوفى بمعنى الاكثر وفاءا (و فى السماء رزقكم) اى: انه يقدر فى الجهات العاليه او المراد المطر الذى هو سبب كل رزق (و ما توعدون) اى: كل ما يوعد الانسان به من خير و شر فانما يقدر و ينزل من طرف السماء
(ثم قلت) فى القرآن الحكيم فى صدد الحلف على هذا الامر (فورب السماء و الارض) الفاء للتفريع، و الواو للعطف (انه) الذى ذكرنا من ان فى السماء رزقكم و ما توعدون (لحق مثل ما انكم تنطقون) اى: كما ان تكلمكم شى ء قطعى و لا يمكن لاحد ان يقول ان الناس لا يتكلمون كذلك كون الرزق و الوعد ياتى من جانب السماء حتى لا يتمكن احد ان ينكره.