عند الكرب و الشده
«1» يا من تُحَلُّ به عُقَدُ الْمَكَارِهِ ، و يا من يَفْثَأُ به حد الشَّدَائِدِ ، و يا من يُلْتَمَسُ مِنْهُ الَْمخْرَجُ إِلَى رَوْحِ الْفَرَجِ . «2» ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعَابُ ، و تَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الْأَسْبَابُ ، و جَرَى بِقُدرَتِكَ الْقَضَاءُ ، و مَضَتْ عَلَى إِرَادَتِكَ الْأَشْيَاءُ . «3» فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ ، و بِإِرَادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ . «4» أَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ ، و أَنْتَ الْمَفْزَعُ فِي الْمُلِمَّاتِ ، لا يَنْدَفِعُ مِنْهَا إِلَّا ما دَفَعْتَ ، و لا يَنْكَشِفُ مِنْهَا إِلَّا ما كَشَفْتَ «5» و قَدْ نَزَلَ بِي يا رَبِّ ما قَدْ تَكَأَّدَنِي ثِقْلُهُ ، و أَلَمَّ بِي ما قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ . «6» و بِقُدْرَتِكَ أَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ و بِسُلْطَانِكَ وَجَّهْتَهُ إِلَيَّ . «7» فَلَا مُصْدِرَ لِمَا أَوْرَدْتَ ، و لا صَارِفَ لِمَا وَجَّهْتَ ، و لا فَاتِحَ لِمَا أَغْلَقْتَ ، و لا مُغْلِقَ لِمَا فَتَحْتَ ، و لا مُيَسِّرَ لِمَا عَسَّرْتَ ، و لا نَاصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ . «8» فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و افْتَحْ لِي يا رَبِّ بَابَ الْفَرَجِ بِطَوْلِكَ ، و اكْسِرْ عَنِّي سُلْطَانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ ، و أَنِلْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيما شَكَوْتُ ، و أَذِقْنِي حَلَاوَةَ الصُّنْعِ فِيما سَأَلْتُ ، و هَبْ لِي من لَدُنْكَ رَحْمَةً و فَرَجاً هَنِيئاً ، و اجْعَلْ لِي من عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً . «9» و لا تَشْغَلْنِي بِالاِهْتَِمامِ عَنْ تَعَاهُدِ فُرُوضِكَ ، و اسْتِعْمَالِ سُنَّتِكَ . «10» فَقَدْ ضِقْتُ لِمَا نَزَلَ بِي يا رَبِّ ذَرْعاً ، و امْتَلَأْتُ بِحَمْلِ ما حَدَثَ عَلَيَّ هَمّاً ، و أَنْتَ الْقَادِرُ عَلَى كَشْفِ ما مُنِيتُ به ، و دَفْعِ ما وَقَعْتُ فِيهِ ، فَافْعَلْ بِي ذَلِكَ و إِنْ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ ، يا ذَا الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
(يا من تحل به عقد المكاره، و يا من يفثا...) اى يسكن به (و مضت على ارادتك الاشياء فهى بمشيئتك دون قولك موتمره) ممتثله (و بارادتك دون نهيك منزجره) ممتنعه، و معنى هذه الجمله و التى قبلها: ما شاء الله كان، و ما لم يشا لم يكن بلا امر و نهى، بل بمجرد الاراده و المشيئه.
المومن لا يياس
يوجه الامام (ع) بدعائه هذا كل من آمن بالله، الى حسن الظن به تعالى و بقدرته، و عدم الياس و القنوط من روحه تعالى و رحمته مهما اشتدت الازمات و ضاقت الحلقات، و هذا شى ء جليل و خطير، لانه من صميم الحياه... و من وحى هذا الدعاء او هذا التوجيه نسجل الكلمه التاليه، عسى ان تسهم بشى ء مما يهدف اليه الامام (ع).
بين المومن و الملحد فوارق شتى، يطول فيها الكلام، و نشير هنا الى فارق يتصل بالدعاء من قريب، و هو ان الملحد اذا تناهت به الشده، و اغلقت دونه الابواب يياس و يستسلم للامر الواقع، لانه يحمل نفسا واهيه خاليه من الايمان بقدره الهيه تخرق نظام الطبيعه، و تفعل المعجزات، اما المومن فلا يياس، و لايعترف بحتميه اى شى ء من اشياء الطبيعه على الاطلاق، لانه يومن بقدره قادر يقول للشى ء كن فيكون، و لا يعزب عن علمه مثقال ذره فى الارض و لا فى السماء، و يجيب المضطر اذا دعاه و يكشف السوء، فيلجا اليه، و يساله النجاه و الخلاص، و يرجو الاجابه حتى و لو كان تحت اطباق الثرى او هاويا من السماء الى الارض. قال الامام اميرالمومنين (ع): لو ان السموات و الارض كانتا على عبد رتقا- اى سدا- ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا. و هذا من وحى قوله تعالى: «و لاتياسوا من روح الله انه لايياس من روح الله الا القوم الكافرون 87- يوسف».