دعوه المظلوم
«1» يا من لا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنْبَاءُ الْمُتَظَلِّمِينَ «2» و يا من لا يَحْتَاجُ فِي قَصَصِهِمْ إِلَى شَهَادَاتِ الشَّاهِدِينَ . «3» و يا من قَرُبَتْ نُصْرَتُهُ من الْمَظْلُومِينَ «4» و يا من بَعُدَ عَوْنُهُ عَنِ الظَّالِمِينَ «5» قَدْ عَلِمْتَ ، يا إِلَهِي ، ما نَالَنِي من فُلَانِ بن فُلَانٍ مِمَّا حَظَرْتَ و انْتَهَكَهُ مِنِّي مِمَّا حَجَزْتَ عَلَيْهِ ، بَطَراً فِي نِعْمَتِكَ عِنْدَهُ ، و اغْتِرَاراً بِنَكِيرِکَ عَلَيْهِ . «6» اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و خُذْ ظَالِمِي و عَدُوِّي عَنْ ظُلْمِي بِقُوَّتِكَ ، و افْلُلْ حَدَّهُ عَنِّي بِقُدْرَتِكَ ، و اجْعَلْ لَهُ شُغْلًا فِيما يَلِيهِ ، و عَجْزاً عَمَّا يُنَاوِيهِ «7» اللَّهُمَّ و صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و لا تُسَوِّغْ لَهُ ظُلْمِي ، و أَحْسِنْ عَلَيْهِ عَوْنِي ، و اعْصِمْنِي من مِثْلِ أَفْعَالِهِ ، و لا تَجْعَلْنِي فِي مِثْلِ حَالِهِ «8» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ و أَعْدِنِي عَلَيْهِ عَدْوَى حَاضِرَةً ، تَكُونُ من غَيْظِي به شِفَاءً ، و من حَنَقِي عَلَيْهِ وَفَاءً . «9» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و عَوِّضْنِي من ظُلْمِهِ لِي عَفْوَكَ ، و أَبْدِلْنِي بِسُوءِ صَنِيعِهِ بِي رَحْمَتَكَ ، فَكُلُّ مَكْرُوهٍ جَلَلٌ دُونَ سَخَطِكَ ، و كُلُّ مَرْزِئَةٍ سَوَاءٌ مَعَ مَوْجِدَتِکَ . «10» اللَّهُمَّ فَكَمَا كَرَّهْتَ إِلَيَّ أَنْ أُظْلَمَ فَقِنِي من أَنْ أَظْلِمَ . «11» اللَّهُمَّ لا أَشْكُو إِلَى أَحَدٍ سِوَاكَ ، و لا أَسْتَعِينُ بِحَاكِمٍ غَيْرِكَ ، حَاشَاكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و صِلْ دُعَائِي بِالْإِجَابَةِ ، و اقْرِنْ شِكَايَتِي بِالتَّغْيِيرِ . «12» اللَّهُمَّ لا تَفْتِنِّي بِالْقُنُوطِ من إِنْصَافِكَ ، و لا تَفْتِنْهُ بِالْأَمْنِ من إِنْكَارِكَ ، فَيُصِرَّ عَلَى ظُلْمِي ، و يُحَاضِرَنِي بِحَقِّي ، و عَرِّفْهُ عَمَّا قَلِيلٍ ما أَوْعَدْتَ الظَّالِمِينَ ، و عَرِّفْنِي ما وَعَدْتَ من إِجَابَةِ الْمُضْطَرِّينَ . «13» اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و وَفِّقْنِي لِقَبُولِ ما قَضَيْتَ لِي و عَلَيَّ و رَضِّنِي بِمَا أَخَذْتَ لِي و مِنِّي ، و اهْدِنِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ، و اسْتَعْمِلْنِي بِمَا هو أَسْلَمُ . «14» اللَّهُمَّ و إِنْ كَانَتِ الْخِيَرَةُ لِي عِنْدَكَ فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ لِي و تَرْكِ الِانْتِقَامِ مِمَّنْ ظَلَمَنِي إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ و مَجْمَعِ الْخَصْمِ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ و آلِهِ ، و أَيِّدْنِي مِنْكَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ و صَبْرٍ دَائِمٍ «15» و أَعِذْنِي من سُوءِ الرَّغْبَةِ و هَلَعِ أَهْلِ الْحِرْصِ ، و صَوِّرْ فِي قَلْبِي مِثَالَ ما ادَّخَرْتَ لِي من ثَوَابِكَ ، و أَعْدَدْتَ لِخَصْمِي من جَزَائِكَ و عِقَابِكَ ، و اجْعَلْ ذَلِكَ سَبَباً لِقَنَاعَتِي بِمَا قَضَيْتَ ، و ثِقَتِي بِمَا تَخَيَّرْتَ «16» آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، و أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ
(يا من لايخفى عليه انباء المتظلمين) اى اخبار الذين يعانون الظلم، و يشتكون منه،
(و يا من لايحتاج فى قصصهم الى شهاده الشاهدين) لانه بكل شى ء عليم، بل فى العديد من الايات «و الله عليم بالظالمين... و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون». و فى اصول الكافى عن الامام الصادق (ع): «اوحى الله الى نبى من انبيائه انى لا ادع ظلامه المظلومين و ان كانوا كفارا» لان الظلم قبيح بالذات تماما كنتانه الجيفه و قذارتها. و فى حديث آخر: «من اذنب غير معتد على الناس كان للعفو اهلا» لانه اساء الى نفسه دون سواها. و فى حديث ثالث عن النبى (ص): «و الله لا يومنون و الله لا يومنون، و الله لا يومنون. فقيل: من هم يا رسول الله؟ قال: من لا يامن جاره بوائقه» اى يبيح لنفسه الاساءه الى جاره، و لا يبيح لجاره ان يسى ء اليه. و فى رابع: «من اعان ظالما، و هو يعلم انه ظالم فقد برى ء من الاسلام» حيث شاركه فى الظلم و العدوان، و فى الايه 254 من البقره: «و الكافرون هم الظالمون» و لنا ان نقول- استنادا الى هذه الادله و غيرها- ان من يتعمد الظلم يعامل معامله الكافر فى الاخره، و معامله المسلم فى الدنيا ان نطق بالشهادتين.
و قال عالم متمكن فى تفسير قوله تعالى: «و ليست التوبه للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال انى تبت الان و لا الذين يموتون و هم كفار- 18 النساء قال هذا العالم: المراد ب«الذين يموتون و هم كفار» الظلمه من المسلمين، لان الكلام فى التوبه، و الذى يموت على الكفر لم يتب كما هو الفرض. و عليه يكون معنى الايه ان الله لايقبل التوبه ممن حضره الموت، و لا من الذين ينطقون بالشهادتين و هم يظلمون عباد الله و عياله، بل هولاء يموتون على الكفر اللهم الا ان يودوا الى المظلومين حقوقهم بالكامل.
(و يا من قربت نصرته من المظلومين) فى الامثال: ظلم المرء يصرعه و يا ظالم لك يوم. و فى نهج البلاغه: «يوم العدل على الظالم اشد من يوم الجور على المظلوم». و يوم العدل آت لا محاله عاجلا او آجلا
(و يا من بعد عونه عن الظالمين) فى الايه 13 من ابراهيم «لنهلكن الظالمين» و 18 من هود «الا لعنه الله على الظالمين» و هل من شى ء اكثر خزيا و خذلانا من عذابه تعالى و لعنته؟.
(قد علمت يا الهى ما نالنى من فلان...) لايريد الامام (ع) بدعائه هذا ان يلجا المظلوم توا الى الله دون ان يبذل اى جهد فى مقاومه الظالم و الدفاع عن نفسه، كيف؟ و قد خاض النبى (ص) و المسلمون فى عهده و من بعده اقسى الحروب و اشد المعارك، و هل من بلد تحرر من الرق و الاستغلال الا بالجهاد و النضال؟ و الايات القرآنيه و الروايات النبويه تنص بكل وضوح على ان الاسلام هو دين الكفاح و الجهاد و التضحيه بالنفس و النفيس ضد الظلم و الشر و الفساد فى الارض، و قلنا فيما سبق: من نام على الظلم بلا عذر مشروع فقد ظلم نفسه، و ان الظالم لو علم روح الاستماته من المظلوم دفاعا عن كرامته لتحاماه.
و اذن فمراد الامام من هذا الدعاء ان على المظلوم اولا و قبل شى ء ان يغضب لحقه، و يذود عنه بكل ما يملك من جهد و قوه و حكمه و خبره مستمدا من الله العون و التوفيق، فان عجز اى كان دفاعه هلاكا و انتحارا بلا جدوى بل قوه للباغين و اغراء له فى العتو و التمادى- رفع شكواه الى القوه العليا و تربص حتى ياتى امر الله.
(و خذ ظالمى عن ظلمى بقدرتك) اكفنى شره، ورد عنى كيده، انك على كل شى ء قدير (و افلل) اكسر، وحد السيف: مقطعه، و المعنى جرده من كل سلاح يشهره على عبادك و عيالك (و اجعل له شغلا فيما يليه) اى هيى ء له عملا يتولاه و يقوم به و يشغله عن اذى الناس و الاساءه اليهم (و عجزا عما يناويه) من المناواه بمعنى المعاداه و المشاغبات
(و لا تسوغ) لا تسهل (و احسن عليه عونى) اعنى عليه بفضلك و احسانك (و اعصمنى من مثل افعاله) اعوذ بك ان اسى ء الى احد من خلقك كما يفعل السفهاء و الاشقياء
(واعدنى عليه عدوى حاضره، تكون من غيظى به شفاء، و من حنقى عليه وفاء) اعدنى: انصرنى تقول: استعديت فلانا على خصمى فاعدانى اى طلبت منه النصر فنصرنى، و العدوى: النصره، و حاضره: عاجله، و الغيظ: اشد الغضب، و الحنق: اشد الغيظ... و حاشا العتره الطاهره الزاكيه من الحقد و التشفى... انهم الكاظمون العافون المحسنون. قال الامام اميرالمومنين (ع) فى وصيته لولده الامام الحسن (ع): تجرع الغيظ فانى لم ار جرعه احلى منها عاقبه، و لا الذ مغبه، و قال: متى اشفى غيظى اذا غضبت؟ احين اعجز عن الانتقام فيقال لى لو صبرت ام حين اقدر عليه فيقال لى لو عفوت؟ و سيره العتره اقوى حجه و اصدق دليل على انهم امتداد لجدهم الرسول الاعظم (ص) الذى بعث ليتم مكارم الاخلاق، و من اجل هذا تدين الملايين بامامتهم و عصمتهم، و قال الامام السجاد (ع) صاحب هذا الدعاء فيما ياتى: «اللهم و ايما عبد نال منى ما حظرت عليه و انتهاك ما حجرت عليه، فمضى بظلامتى ميتا فاغفر له ما الم به منى».
و غير بعيد ان يكون المقصود بهذا الدعاء قتله الامام الحسين (ع) و غيره من الذريه و القربى المحمديه الذين امر الله بمودتهم فى الايه من الشورى، و قال سبحانه: «من قتل نفسا بغير نفس او فساد فى الارض فكانما قتل الناس جميعا- 32 المائده» و فى الحديث الشريف: «لو ان اهل السموات السبع و اهل الارضين السبع اشتركوا فى دم مومن- بغير نفس او فساد فى الارض- لاكبهم الله جميعا فى النار» بل ان رسول الله (ص) قتل اسيرين من اسرى بدر لقسوتهما فى اذائه و اذاء الصحابه، و لم يقبل الفديه منهما كما فعل مع سائر الاسرى.
(و عوضنى من ظلمه عفوك) اجعل عفوك عنى عوضا عما لاقيت و عانيت من ظلم من اعتدى على (و ابدلنى بسوء صنيعه بى رحمتك) عطف تكرار (فكل مكروه جلل دون سخطك) تطلق كلمه جلل على الخطير و اليسير، و المراد هنا المعنى الثانى، و غضب الله سبحانه: ناره و عقابه، و رضاه: جنته و ثوابه. و كل نعيم دون الجنه فهو محقور، و كل بلاء دون النار عافيه. كما قال الامام اميرالمومنين (ع). و فى الاشعار «و الجرح يسكنه الذى آلم» (و كل مرزئه سواء مع موجدتك) المرزئه بكسر الزاى: المصيبه و الموجده: الغضب، و المعنى لا ابالى ضاقت الدنيا على او اتسعت، ان سلمت من غضب الله و عذابه، و مثله قول الرسول الاعظم (ص): «ان لم يكن بك غضب على فلا ابالى».
(اللهم فكما كرهت الى ان اظلم فقنى من ان اظلم) الظلم ظلمات و اشد المحرمات فى حكم الله و شريعته بل و العرف و العقل و بديهته سواء اكان المظلوم نبيا ام شقيا، و لكن بعض الناس يحرم الظلم ان كان على نفسه، و يستبيحه ان كان منها و لها، و الامام (ع) يسال الله سبحانه ان لايجعله من الذين يعظون و لايتعظون، و ينهون و لاينتهون
(اللهم لا اشكو الى سواك...) بل انت موضع شكواى، و بك وحدك استعين على ما عجزت عنه، و فى نهج البلاغه: من شكا الحاجه الى مومن فكانه شكا الى الله، و من شكاها الى كافر فكانما شكا الله (حاشاك) كلمه تنزيه تتضمن هنا معنى التعجب ممن يستعين بغير الله، و يرفع شكواه الى سواه.
(و صل دعائى بالاجابه) ارحم من دعاك، و لاتقطع رجاء من رجاك (و اقرن شكايتى بالتغيير) اكشف كربتى، و ازل ما اشكو منه
(اللهم لاتفتنى بالقنوط من انصافك) الفتنه: الابتلاء، و القنوط: الياس، و المعنى اخشى على نفسى ان تبتلى بالياس من عدلك ان سلم المعتدى من عقابك. و هذه صوره من حياه العديد من الناس اذا اشتدت عليهم الازمات و ضاقت الحلقات، و اسنغاثوا بلا مغيث حيث يغلبهم الياس فيتفوهون بكلمه الكفر لا جاحدين بل بدافع الضغوط القاسيه و الانهيار العصبى (و لا تفتنه بالامن من انكارك) اى من غضبك و عذابك، و المعنى لا تمد الباغى فيزداد بغيا و يصر (على ظلمى) و يحاضرنى اى يغالبنى و ينازعنى حقى (و عرفه) اذقه عقوبه الظالمين (و عرفنى) اذقنى حلاوه الخلاص من الكرب و الهم.
(و وفقنى لقبول ما قضيت لى و على) الفرق بين القضاء و القدر ان القدر تصميم و تخطيط يتضمن الاسس التى ينبغى مراعاتها عند العمل و التنفيذ تماما كهندسه البناء، و القضاء انتقال من المشروع و التخطيط الى التجهيز و التنفيذ الذى لا معقب له و لا مرد «اذا قضى الله امرا فانما يقول له كن فيكون- 47 آل عمران» و قد يقضى سبحانه لعبده بما يجب، فيرزقه- مثلا- امراه صالحه و ولدا بارا، او يقضى له بما يكره، فيبتليه بمراه سوء و ولد عاق، و القضاء الاول للعبد و الثانى عليه، فان كان و لا بد مما ليس منه بد فليرض المبتلى بقضاء الله و يصبر على بلائه. و لا اعرف حكمه اصدق و ابلغ من قول الامام على (ع): من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها، و قد شاهدت ذلك بالحس و العيان مرات.
فى الحياه خير و شر
(و استعملنى بما هو اسلم) لى دنيا و آخره، و فى الدعاء رقم 20 «استفرغ ايامى فيما خلقتنى له». و ما من شك ان الله سبحانه خلق الانسان للعلم و العمل لحياه افضل، و زوده بكل ما يحقق و يومن له هذه الغايه من عقل و غرائز و حواس و اعضاء، و الامام (ع) يدعو الله سبحانه ان يوفقه للعمل فى هذه السبيل.
و تسال: لقد اكتشف الانسان و اخترع و فعل الكثير... سخر السماء و اجواءها، و سبر البحار و اعماقها، و استغل الارض و خيراتها، و لكن كيف استغلت هذه الخيرات و المخترعات؟ و الى اى شى ء تحولت؟ الى الشرور و الاثام و الحروب و ادواتها الجهنميه! و هذا هو تاريخ الانسان من لدن قابيل و هابيل حتى الان، كله دماء و جرائم، و ارهاب و مظالم، و عليه فان اراد الامام (ع) بدعائه هذا نفسه بالخصوص فلا كلام، و ان اراد كل النفوس- كما هو شانه- فقد رغب فى غير مطمع.
الجواب: ما من شى ء- ما عدا خالق الاشياء و مالكها- الا و فيه جانبان: سلب و ايجاب، و من يركز على جانب السلب فقط او جانب الشر فقط فقد انحاز الى جانب و تجاهل الاخر، و معنى هذا ان الحياه فيها خير و شر، و انهما فى صراع دائم، فتاره تكون لانصار الخير، و تاره لانصار الشر، و حينا لا غالب و لا مغلوب. و هكذا دو اليك، و ليس لاحدهما غلبه دائمه و الا كانت الحياه لذه بغير الم او الما بغير لذه. و الامام (ع) يسال الله سبحانه ان يجعله و كل الناس من اعوان الخير و انصاره.
(اللهم ان كانت الخيره لى عندك فى تاخير الاخذ...) جواب «ان» محذوف، و المعنى الذى يريده الامام (ع) انه بعد ان رفع شكواه الى الله تعالى من ظالمه راغبا اليه فى عقابه على ظلمه- قال له: ان كان لى ان اختار تاخير عقابه الى يوم تجمع فيه الخصوم للحساب و الجزاء، فذاك ما ابغى، على ان تمدنى بنيه خالصه لوجهك الكريم و صبر على طاعتك (و اعذنى من سوء الرغبه) احفظنى و اصرفنى عن كل هوى و ميل لايرضيك عنى (و هلع اهل الحرص) الهلع: الجزع، و اهل الحرص هم ابناء الدنيا الذين يجزعون و ياسفون على ما فاتهم من حطامها و طعامها، و الامام (ع) يستجير بالله ان يكون من هذه الزمره.
(و صور فى قلبى...) انت يا الهى تثيب غدا المظلوم، و تنتقم من الظالم، فهل تلهمنى الان ما اعددت لى من الثواب و لظالمى من العقاب، و ترسم ذلك فى عقلى حتى كانى اراه بالحس و العيان؟ و الامام (ع) يومن بالله و انه منجز وعده، و لكن ليطمئن قلبه كما قال خليل الرحمن (ع)، و الى هذا اشار الامام بقوله بلا فاصل: (و اجعل ذلك سببا لقناعتى...) مهد لى الاسباب الموجبه للرضا بما حكمت و اعطيت
(آمين) اسم فعل بمعنى استجب.