مدارج العرفان في الصحيفة السجادية
نجاوه شعريه مستمرة من معارف و سلوک الامام السجاد عليه السلام
بسم الله تبدأ المعرفة و العرفان:
أقبل الليل و أرخي فوق جفني الستائر
و صحا القلب قد طوي زيته طاق السرائر
و هم عطر عجيب لم تزوده المعاطر
فتشذي الطوق حلما رائع البهجة ناظر
هل هو النوم أم اليقظة نادت فلتسافر
و اطرق الأبواب حتي ترد الحظرة حاضر
حبک الباکي يناديک فاسرج کل خاطر
و املأ الکاس نجاوي خير بکاء و شاکر
هي زاد الدرب و الدرب ملي ء بالمخاطر
أيقظتني تبارک من حلمي و قالت:
قد سجلي الليل
و راق الطلب
و نفرت من سجادة الليل عصافير النور
و أذاعت بلابل الأرواح علي غصون الراح سکر التقوي فيها نصطبح کاس الصباح
قلت يا تبارک:
اني رأيت فيما يري النائم اني مسرج قلبي
الي طاق الحبيب
و نثارات نحيب
قد أضاءت لي مسراي الي الحظرة
قالت: فلتبادر هذا النداء
مثلما بادر صنعان أميرته الرومية
ان تحقيق المنام هو نهج السالکين
و خيار العاشقين
ثم سارت بتبارک من طيبة الطيوب
الي کربلاء القلوب
و طرقت باب الصحة
ففتح الباب فتي کالنبلاجة الفجر أثقله الداء
برز من خيمة الطاعة و هو يحمد الله في الصحة و المرض و هو يقول:
(اللهم لک الحمد علي ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني، و لک الحمد علي ما أحدثت بي من علة في جسدي، فما أدري يا الهي أي الحالين أحق بالشکر لک، و أي الوقتين أولي بالحمد لک).
(دعاء/ 15 / من الصحيفة السجادية)
ثم دعانا للدخول فدخلنا
و أحضر لنا متکأ فجلسنا
و تناهي الينا صوت معرکة
و صهيل فرس
و بکاء أطفال
و نحيب نسوة مطفلات
و تراءي لنا فم مشرف ارتوي بسلافة سبحانک
و ما ارتوي من الماء
و نهر تحدرت مياهه دما و دموعا
و هي تعرج للسماء
قلت لا نبلاجة الفجر ما تقول في هذا المنام
تهاطلت کلماته زنابق نور
علي روضة عصفت بها رياح الفرقة و الشرور
(اللهم... و ألبس قلبي الوحشة من شرار خلقک، وهب لي الأنس بک و بأوليائک و أهل طاعتک، و لا تعجل لفاجر أو کافر علي منة، و لا له عندي يدا، و لا بي اليهم حاجة، بل اجعل سکون قلبي، و أنس نفسي، و استغنائي بک و بخيار خلقک) (دعاء رقم / 21).
قلت يا انبلاجة الفجر
الهواء يتنفسها المؤمن و الکافر
و الشمس يستضي ء بها الظالم و المظلوم
و الماء يشربه العادل و الفاجر
و الحرف يتسمنه الحارف و المنحرف
فيکف لحرفي ألا ينحرف عن الحق؟
کيف للساني ألا ينصرف عن الصدق؟
قال: بالنور، ثم رفع يديه داعيا:
(اللهم هب لي نورا أمشي به، و أهتدي به في الظلمات، و أستضي ء به من الشک و الشبهات) (من دعاء رقم / 22)
قلت يا انبلاجة الفجر:
کيف لي أن أميز ألفا مظلمة من ألف منيرة؟
و يحمل النص نصاص يتصرفون به حسب أهوائهم
قال: بالنور.
(و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور) (النور / 40)
فالأحرف الثمانية و العشرون لا تضي ء الا بنور نور الأنوار الم تر أن ما أنزل الله علي أنبيائه أمران
نص و نور
فقال: (قد جاءکم من الله نور و کتاب مبين) (المائدة / 15).
(و اتيناه الانجيل فيه هدي و نور) (المائدة / 47)
و أکبر الهموم و البلوي أن يخلو القلب من النور و الدنيا
أيها السالک
اذا سدت بحاجاتها نوافذ القلب
لم تنفذ اليه الأنوار النازلة من (ألف لام ميم) (البقرة / 1)
ثم رفع يديه داعيا:
(يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد و لم يولد و لم يکن له کفوا أحد، اعصمني و طهرني و اذهب ببليتي) (من الدعاء / 54)
قال: هذا ثم جاء جنود غلاظ شداد
و استاقوا مع الرکب النوراني انبلاجة الفجر
و ساروا علي شاطي الفرات
و ما دروا أن النور لا يقيد
و أن القلب لا يقتاد
و أن الفجر اذا انبلج فلا بد للصبح أن يطلع
قالت تبارک:
لا تحزن فهذه نهضة الاسلام
و حبيبک انبلاجة الفجر و صيد الملاح
هو فجر ثقافته
فالأحداث لا تقاس بالآن
و انما تقاس بالأوان
فکحل عينيک بأنوار الصباح
و أرجع البصر و البصيرة
فأرجعت کلي في کلي
و أرسلت سمعي أمام بصري
فرأيت أجواقا من الملائکة ما بين السماء و الأرض
تظلل الرکب المخزون
بأجنحتها تلتقط دموع الفجر قبل أن تلامس خديه فتتحول کل دمعة الي عرفان
ثم هبط جوق منها حتي لامس بأجنحته مياه النهر
و هو ينشد أحد أحد
في هدأة الوجود
نادي النور حي علي الفلاح
فاستيقظت هواجع الطير
و غنت للأقاح
و هتف الجدول بالنرجس
يا سيد الملاح
فکحل المولود عينيه بأنوار الصباح
ثم هبط جوق ثان
فدار حول الرکب المفارق الفرات دورتين
و سبح أحد أحد
کل ما في الکون في توق يغني و يدور
التسابيح نواميس هبوط و صدور
و الذي يحکم أجزاء الوجود المستطير
قوة العشق و معشوق حبيب لا يدور
ذلک النور المجلي في الضلال الأحدية
زاده الحب يصلي لسلام البشرية
يا امام العارفين
علمک المکنون ضوئي في السلوک
أنت يا من
من تقي تغضي حياء
و اذا الهيبة صالت في محياک
فقد أغضي الملوک
من نجاواک أصوغ اليوم زين العابدين
و امام الساجدين
هذه النجوي،
و نجواي ذنوب و سجود و رکوع
و ابتهال و اشتياق و دموع
مبتداها.. يا حبيبي
يا حبيبي، أيها النور الذي يزکوا بعيدا في قلوب السالکين
عاشق جاءک يسعي صله بالحق اليقين
حائر ناداک في کل مقام يا دليل الحائرين
سائل يصرخ من أعماق نون
قد دعاک في اضطرار يا مجيب السائلين
يا حبيبي کل حب بعد هذا العشق من سقط المتاع
و أنا أرمي عصا عشقي أمامک
أنت بالقدرة تحييها فتسعي تتلفف ما صنعت من ضلال السيئات
أنت من تسمع نوحي في غيوب الظلمات
أنت من قلت ادعني
ان مسک الضر تجدني عند حسن الظن يا عبدي تجاهک
أنت من أوجبت بالرحمن نفسک
و أنا جئتک داعيا.. يا حبيبي
عاريا الا من الذنب أتيتک
معدما الا من العشق قصدتک
يائسا الا من الشوق سألتک
حافيا أدمي طريق العشق جسمي
و أنا أمشي علي شوق السنين
فاکسني بالعفو و القرب و بالأمن
فاني و دني العشق أمام العاشقين
يا حبيبي قد مضي العمر، و لم يبق سوي شعري شعاعا
و أنا المدلج في الغربة شريدا و مضاعا
واقفا بالباب زادي مولد النور
و نجاو خطها جدي أمام العارفين
أنت من قلت حبيبي: قل هو الله أحد
أنت من أقرأتني الله الصمد
و أنا العائذ في تيهي و اغترابي بجدار الصمدية
يا حبيبي انني أطرق بابک
و شفيعي ذلک النور المجلي في ضلال الأحدية
زاده الحب يصلي لسلام البشرية.
عبدالفتاح قلعه جي
