و كان من دعائه عليه السلام اذا نظر الى الهلال
(ايها الخلق) اى: المخلوق (المطيع) لله سبحانه، و الخطاب اما مجازى، نحو «ايا شجر الخابور مالك مورقا» فقد جرت عاده البلغاء بخطاب ما لا يعقل لاظهار مطلب كامن فى انفسهم، و اما حقيقى فان كل شى ء له مرتبه من الادراك، قال سبحانه: «و ان من شى ء الا يسبح بحمده، و لكن لا تفقهون تسبيحهم» (الدائب) اى: المستمر فى عمله (السريع) السير و العمل (المتردد) بالمجى ء و الذهاب (و منازل التقدير) اى: المنازل التى قدرها الله لك (المتصرف فى فلك التدبير) اى: فى الفلك الذى دبر لك و القول بانه اشاره الى افلاك القمر و هى اربعه كما قيل «المائل الحامل ثم الجوزهر» «و هكذا التدوير افلاك القمر» بعيد
(امنت بمن نور بك الظلم) اى: محلات الظلم، و هى جمع ظلمه (و اوضح بك البهم) جمع بهمه، و هى ما يصعب على الحاسه ادراكه و ايضاحه لها بانارته فان فى الظلمه لا يرى الانسان شيئا، فاذا جاء النور
و ضحت (و جعلك آيه من آيات ملكه) اى: علامه و دليلا على انه مالك للكون فان الاثر يدل على الموثر (و علامه من علامات سلطانه) اى: انه تعالى سلطان للكون و متصرف فيه (و امتهنك) اى: استعملك فى المهنه اى: الحرفه (بالزياده) تاره فى اول الشهر (و النقصان) اخرى فى آخر الشهر (و الطلوع) اول الليل (و الافول) اى: الغروب آخر الليل و فى بعض الليالى فى النهار، او فى اول الليل (و الاناره و الكسوف) فيما اذا حالت الارض بينه و بين نور الشمس (فى كل ذلك) الذى ذكرت من الاحوال المختلفه (انت له) تعالى (مطيع والى ارادته) فيما يريد منك (سريع) غير بطى ء
(سبحانه ما اعجب ما دبر فى امرك ) اى: انه منزه فى ما فعل بالنسبه اليك (و الطف ما صنع فى شانك) فان ما يفعله سبحانه بالكون لطف بالنسبه الى الخلق.
(جعلك) الله، ايها القمر (مفتاح شهر حادث) اى: ابتداء (لامر حادث) جديد يريده، اذ هو سبحانه يريد فى كل شهر امور جديده من الحياه و الموت و الرزق و ما اشبه
(فاسئل الله ربى و ربك و خالقى
و خالقك) الخالق لابتداء الخلق، و الرب للتربيه بعد الخلق (و مقدرى و مقدرك اى: هو قدر امورنا (و مصورى و مصورك) بان جعلنا على هذه الصوره التى نراها (ان يصلى على محمد و آله و ان يجعلك هلال بركه) اى: يبارك لنا فى هذا الشهر الجديد (لا تمحقها) اى: لا تبطل تلك البركه (الايام) بان تكون بركه قليله تنتهى بل بركه طويله تدوم (و) هلال (طهاره) بان اكون طاهرا فى الشهر القادم من المعاصى (لا تدنسها) اى: لا تقذر طهارتى (الاثام) و الذنوب
(هلال امن من الافات) جمع آفه: و هى ما يصيب الانسان مما يكره (و سلامه من السيئات) لا اعصى الله فى هذا الشهر (هلال سعد) لى بان اسعد (لا نحس فيه) فلا اشقى (و يمن) اى: اقبال (لا نكد) و مشقه (معه) اى: مع ذلك اليمن (و يسر) و سهوله فى امورى (لا يمازجه) و لا يخالطه (عسر) و شده (و خير لا يشوبه) اى: لا يخلطه (شر) و بلاء (هلال امن) من المخاوف (و ايمان) بالله و بما جاء به الرسل (و نعمه و احسان) من الله
علينا (و سلامه) عن الامراض و ما اشبه (و اسلام) فلا اخالف طريقته
(اللهم صل على محمد و آله و اجعلنا من ارضى من طلع عليه) اى: ارضى الناس بقسمتك او ارضى الناس عندك بان يكون رضاك عنا احسن من رضاك عن سائر الناس (و ازكى) اى: اطهر (من نظر) الهلال (اليه) اى: طلع عليه (و اسعد من تعبد لك) اى: عبدك بانواع العباده و الطاعه (فيه) اى: فى هذا الشهر (و وفقنا فيه) اى: فى هذا الشهر (للتوبه) عن المعاصى (و اعصمنا) اى: احفظنا (فيه من الحوبه) اى: الخطيئه (و احفظنا فيه من مباشره معصيتك) حتى لا نعصيك
(و اوزعنا) اى: اقسم لنا (فيه) اى: فى هذا الشهر (شكر نعمتك) بان نشكرك على ما انعمت علينا (و البسنا فيه جنن العافيه) جمع جنه بمعنى الوقايه، فكان العافيه وقايه للانسان عن المكاره و الافات (و اتمم علينا باستكمال طاعتك) اى: بان ناتى بطاعتك كاملا (فيه) اى: فى هذا الشهر (المنه) مفعول «و اتمم» اى: اتمم منتك علينا، و ذلك
بان توفقنا للطاعه (انك) يا رب (المنان) اى: كثير المنه و النعمه (الحميد) المحمود فى افعاله (و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين) فلا خبث فيهم و لا قذاره كما هى فى اعدائهم و مناوئيهم.