عقل: محرم راز ملكوت، ص: 371

[معهم و إلا نزل بك العذاب، فاستهان به و استهزأ بقوله، فخرج موسی من عنده مغتما فجلس فی فناء قصره و عليه جبة شعر، و نعلان من جلد حمار شراكهما من خيوط شعر، بيده العصا، فأمر قارون أن يصب عليه رماد قد خلط بالماء، فصب عليه، فغضب موسی غضبا شديدا، و كان فی كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه و قطر منها الدم، فقال موسی: يا رب إن لم تغضب لی فلست لك بنبی! فأوحی اللّه إليه قد أمرت السماوات و الارض أن تطعك فمرهما بما شئت، و قد كان قارون أمر أن يغلق باب القصر، فأقبل موسی فأومأ إلی الابواب فانفرجت و دخل عليه، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتی بالعذاب، فقال: يا موسی أسألك بالرحم التی بينی و بينك، فقال له موسی: يا ابن لاوی لا تردنی من كلامك، يا أرض خذيه، فدخل القصر بما فيه فی الارض، و دخل قارون فی الارض إلی الركبة فبكی و حلفه بالرحم، فقال له موسی: يا ابن لاوی لا تردنی من كلامك، يا أرض خذيه، فابتلعته بقصره و خزائنه، و هذا ما قال موسی لقارون يوم أهلكه اللّه، فعيره اللّه بما قاله لقارون، فلعم موسی أن اللّه قد عيره بذلك، فقال: يا رب إی قارون دعانی بغيرك، و لو دعانی بك لاجبته، فقال اللّه: با ابن لاوی لا تردنی من كلامك، فقال موسی: يا رب لو علمت أن ذلك لك رضی لا جبته، فقال اللّه تعالی: يا موسی و عزتی و جلالی و جودی و مجدی و علو مكانی لو أن قارون كما دعاك دعانی لاجبته، و لكنه لما دعاك و كلته إليك.

- «و كان أول طغيانه أنه تكبر و استطال علی الناس بكثرة الاموال، فكان يخرج فی زينته و يختال كما قال تعالی: فخرج علی قومه فی زينته قال مجاهد: خرج علی براذين بيض عليها سروج الارجوان، و عليهم المعصفرات. و قال عبد الرحمن: خرج فی سبعين ألفا عليهم المعصفرات و قال مقاتل: علی بغلة شهباء عليها سرج من الذهب عليها الارجون و معه أربعة آلاف فارس عليهم و علی دوابهم الارجوان، و معه ثلاثة آلاف جارية بيض عليهن الحلی و الثياب الحمر علی البغال الشهب، فتمنی أهل الجهالة مثل الذی اوتيه، كما حكی اللّه، فوعظهم أهل العلم باللّه أن اتقوا اللّه فإن ثواب اللّه خير لمن آمن و عمل صالحا. قال: ثم إن اللّه أوحی إلی نبيه موسی أن يأمر قومه أن يعلقوا فی أرديتهم خيوطا أربعة فی كل طرف خيطا أخضر، لونه لون السماء. فدعا موسی ]