عقل: محرم راز ملكوت، ص: 150

[لعنة اللّه عليه، فأدخل عليه، فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند علی عليه السلام.

قال: و يحكم هذا الاعجمی؟ قيل له: نعم، قال له عبيد اللّه: أين ربك؟ قال: لبالمرصاد لكل ظالم، و أنت أحد الظلمة، قال: إنك علی عجمتك لتبلغ الذی تريد، ما أخبرك صاحبك إنی فاعل بك. قال: أخبرنی أنك تصلبنی عاشر عشرة، أنا أقصرهم خشبة، و أقربهم إلی المطهرة، قال: لنخالفنه، قال: كيف تخالفه؟ فو اللّه ما أخبرنی إلا عن النبی صلی اللّه عليه و آله، عن جبرئيل، عن اللّه تعالی، فكيف تخالف هؤلاء، و لقد عرفت الموضع الذی أصلب عليه أين هو من الكوفة، و أنا أول خلق اللّه ألجم فی الاسلام، فحبسه و حبس معه المختار بن أبی عبيدة، قال له ميثم: إنك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين عليه السلام، فتقتل هذا الذی يقتلنا، فلما دعا عبيد اللّه بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلی عبيد اللّه يأمره بتخلية سبيله، فخلی و أمر بيمثم أن يصلب، فأخرج، فقال له رجل لقيه: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم، فتبسم و قال و هو يومی إلی النخلة: لها خلقت، ولی غذيت. فلما رفع علی الخشبة اجتمع الناس حوله علی باب عمرو بن حريث، قال عمرو: و لقد كان و اللّه يقول إنی مجاورك، فلما صلب، أمر جاريته بكنس تحت خشبته، ورشه و تجميره، فجعل ميثم يحدث بفضائل بنی هاشم، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، و كان أول خلق اللّه ألجم فی الاسلام. و كان قتل ميثم (رحمه اللّه) قبل قدوم الحسين بن علی عليهما السلام العراق بعشرة أيام، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة، فكبر، ثم انبعث فی آخر النهار فمه و أنفه دما (إنتهی).

بقی هنا شئ، و هو أن الذی يظهر من هذه الروايات، و من غيرها، أن جماعة من أصحاب أمير المؤمنين، و أصحاب الحسين عليهما السلام كانوا مجاهرين فی حب أهل البيت، و بيان فضائلهم، و البراءة من أعدائهم، و سبب ذلك انتهاء أمرهم إلی الحبس و القتل، و لا شك فی أن ما ارتكبوه من ترك التقية كان وظيفة خاصة لهم، و بذلك تمكنوا من إتما الحجة علی الاعداء، من نشر فضائل الائمة سلام اللّه عليهم، و إن عملهم هذا يشابه عمل سيدهم و مولاهم الحسين بن علی عليهما السلام، حيث فدی بنفسه فی سبيل الدين و نشر أحكام سيد المرسلين، هذا. و يظهر مما رواه محمد]