عقل: محرم راز ملكوت، ص: 372

[بنی إسرائيل و قال لهم: إن اللّه تعالی يأمركم أن تعلقوا فی أرديتكم خيوطا خضراء كلون السماء لكی تذكروا ربكم إذا رأيتموها و أنه تعالی ينزل من السماء كلامه عليكم.

فاستكبر قارون و قال: إنما تفعل هذه الارباب بعبيدهم لكی يتميزوا من غيرهم، و لما قطع موسی عليه السلام ببنی إسرائيل البحر جعل الحبورة و هی رئاسة المذبح و بيت القربان لهارون، فكان بنو إسرائيل يأتون بهديتهم و يدفعونه إلی هارون فيضعه علی المذبح فتنزل نار من السماء فتأكله فوجد قارون فی نفسه من ذلك، و أتی موسی و قال: يا موسی لك الرسالة، و لهارون الحبورة و لست فی شئ من ذلك و أنا أقرء للتوراة منكما لاصبر لی علی هذا، فقال موسی: و اللّه ما أنا جعلتها فی هارون بل اللّه تعالی جعلها له: فقال قارون: و اللّه لا اصدقك فی ذلك حتی ترينی بيانه، قال: فجمع موسی عليه السلام رؤساء بنی إسرائيل و قال: هاتوا عصيكم، فجاؤوا بها فحزمها و ألقاها فی قبته التی كان يعبد اللّه تعالی فيها، و جعلوا يحرسون عصيهم حتی أصبحوا، فأصبحت عصا هارون عليه السلام قد اهتزلها ورق أخضر، و كانت من ورق شجر اللوز، فقال موسی: يا قارون تری هذا؟ فقال قارون: و اللّه ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر، فذهب قارون مغاضبا، و اعتزل موسی بأتباعه، و جعل موسی يداريه للقرابة التی بينهما، و هو يؤذيه فی كل وقت، و لا يزيد كل يوم إلا كبرا و مخالفة و معاداة لموسی عليه السلام حتی بنی دارا و جعل بابها من الذهب، و ضرب علی جدرانها صفائح الذهب و كان الملا من بنی إسرائيل يغدون إليه و يروحون فيطعمهم الطعام و يحدثونه و يضاحكونه. قال ابن عباس: ثم إن اللّه سبحانه و تعالی أنزل الزكاة علی موسی عليه السلام فلما أوجب اللّه سبحانه الزكاة عليهم أبی قارون فصالحه عن كل ألف دينار علی دينار، و عن كل ألف درهم علی درهم، و عن كل ألف شاة علی شاة، و عن كل ألف شئ شيئا، ثم رجع إلی بيته فحسبه فوجده كثيرا فلم تسمح بذلك نفسه فجمع بنی إسرائيل و قال لهم: يا بنی إسرائيل إن موسی قد أمركم بكل شئ فاطعتموه، و هو الآن يريد أن يأخذ أموالكم فقالوا له: أنت كبيرنا و سيدنا فمرنا بما شئت، فقال:

آمركم أن تجيؤوا بفلانة البغی فنجعل لها جعلا علی أن تقذفه بنفسها، فإذا فعلت ذلك خرج عليه بنو إسرائيل و رفضوه فاسترحنا منه، فأتوا بها فجعل لها قارون ألف درهم،]