عقل: محرم راز ملكوت، ص: 147

[كان اليوم الرابع ابتدر منخرای دما عبيطا، و كان ميثم يمر بنخلة فی سبخة، فيضرب بيده عليها و يقول: يا نخلة ما غذيت إلا لی، و ما غذيت إلا لك، و كان يمر بعمرو بن حريث و يقول: يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواری، و كان عمرو يری أنه يشتری دارا، أو ضيعة لزيق ضيعته، فكان يقول له عمرو: ليتك قد فعلت. ثم خرج ميثم النهروانی إلی مكة، فأرسل الطاغية عدو اللّه ابن زياد إلی عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة، فقال له: لئن لم تأتنی به لاقتلنك، فأجله أجلا، و خرج العريف إلی القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم، قال له: أنت ميثم؟ قال: نعم، أنا ميثم، قال: تبرأ من أبی تراب، قال: لا أعرف أبا تراب. قال: تبرأ من علی بن أبی طالب. فقال له: فإن أنا لم أفعل؟ قال: إذا و اللّه لا قتلنك. قال: أما لقد كان يقول لی إنك ستقتلنی و تصلبنی علی باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان يوم الرابع ابتدر منخرای دما عبيطا، فأمر به فصلب علی باب دار عمرو ابن حريث، فقال للناس: سلونی و هو مصلوب قبل أن أقتل، فو اللّه لا خبرنكم بعلم ما يكون إلی أن تقوم الساعة، و ما تكون من الفتن، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد، فألجمه بلجام من شرايط، و هو أول من ألجم بلجام و هو مصلوب. و روی عن أبی الحسن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه صلوات اللّه عليهم قال: أتی ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له: إنه نائم، فنادی بأعلی صوته انتبه أيها النائم فو اللّه لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أدخلوا ميثما. فقال:

صدقت، و أنت و اللّه لتقطعن يداك و رجلاك و لسانك و ليقطعن من النخلة التی بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت علی ربعها، و حجر بن عدی علی ربعها، و محمد بن أكثم علی ربعها، و خالد بن مسعود علی ربعها، قال ميثم: فشككت فی نفسی و قلت إن عليا ليخبرنا بالغيب. فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إی و رب الكعبة، كذا عهده إلی النبی صلی اللّه عليه و آله. قال: فقلت: و من يفعل ذلك بی يا أمير المؤمنين؟

فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيد اللّه بن زياد. قال: و كان يخرج إلی الجبانة و أنا معه، فيمر بالنخلة فيقول لی: يا ميثم إن لك و لها شأنا من الشأن. قال:

فلما ولی عبيد اللّه بن زياد الكوفة و دخلها نعلق علمه بالنخلة التی بالكناسة، فتخرق ]