عقل: محرم راز ملكوت، ص: 148

[فتطير من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع. قال ميثم:

فقلت لصالح ابنی فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمی و اسم أبی، و دقه فی بعض تلك الاجذاع. قال: فلما مضی بعد ذلك أيام، أتی قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلی الامير، نشكو إليه عامل السوق و نسأله أن يعزله عنا و يولی علينا غيره، و قال: و كنت خطيب القوم فنصت لی، أعجبه منطقی، فقال له عمرو بن حريث:

أصلح اللّه الامير تعرف هذا المتكلم؟ قال: و من هو؟ قال: هذا ميثم التمار الكذاب، مولی الكذاب علی بن أبی طالب. قال: فاستوی جالسا فقال لی: ما يقول؟ فقلت:

كذب أصلح اللّه الامير، بل أنا الصادق مولی الصادق علی بن أبی طالب أمير المؤمنين حقا، فقال لی: لتبرأن من علی و لتذكرن مساويه و تتولی عثمان، و تذكر محاسنه، أو لا قطعن يديك و رجليك، و لا صلبنك، فبكيت، فقال لی: بكيت من القول دون الفعل؟

فقلت: و اللّه ما بكيت من القول و لا من الفعل، و لكنی بكيت من شك كان دخلنی يوم خبرنی سيدی و مولای، فقال لی: و ما قال لك (مولاك)؟ قال: فقلت: أتيت الباب فقيل لی إنه نائم، فناديت: انتبه أيها النائم فو اللّه لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال:

صدقت، و أنت و اللّه لتقطعن يداك و رجلاك و لسانك و لتصلبن. فقلت: و من يفعل ذلك بی يا أمير المؤمنين، فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة، عبيد اللّه بن زياد.

قال: فامتلا غيظا ثم قال لی: و اللّه لا قطعن يديك و رجليك و لا دعن لسانك حتی أكذبك، و أكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه و رجلاه، ثم أخرج و أمر به أن يصلب، فنادی بأعلی صوته: أيها الناس، من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علی بن أبی طالب عليه السلام؟ قال: فاجتمع الناس و أقبل يحدثهم بالعجائب. قال: و خرج عمرو بن حريث و هو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمار يحدث الناس عن علی بن أبی طالب. قال: فانصرف مسرعا فقال: أصلح اللّه الامير، بادر و ابعث إلی هذا من يقطع لسانه، فإنی لست آمن أن تتغير قلوب أهل كوفة فيخرجوا عليك، قال، فالتفت إلی حرسی فوق رأسه، فقال: إذهب فاقطع لسانه. قال، فأتاه الحرسی فقال له: يا ميثم. قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرنی الامير بقطعه. قال ميثم:

ألا زغم ابن الامة الفاجرة أنه يكذبنی، و يكذب مولای، هاك لسانی، قال: فقطع لسانه ]